--------------------
--------------------
1 - من المقرر أن قرار حفظ التحقيق النهائي مفاده أن من أصدره قد
انتهى إلى عدم الرغبة في السير في الدعوى بالنسبة للمتهم أو وقف التحقيق لأسباب
موضوعية أو قانونية على النحو الوارد بالمادتين 102، 103 من قانون الإجراءات
والمحاكمات الجزائية، فلا يؤخذ بالاستنتاج أو الظن ولا يثبت بأدلة أخرى إلا في
حالة أن يستفاد من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه
حتما – وبطريق اللزوم العقلي – ذلك القرار، فمتى كانت النيابة العامة لم تصدر
قرارا صريحا بحفظ التحقيق بالنسبة إلى متهم في جناية بل كل ما صدر منها هو حفظ
التحقيق بالنسبة لمتهمين ذكرتهم تحديدا بأسمائهم، فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع
واللزوم أنها حفظت الدعوى بالنسبة إلى الآخر بما يمنعها من رفع الدعوى عليه بعد
ذلك، إذ أن قرار الحفظ لا تكون له حجية بالنسبة لجميع المتهمين في الفعل إلا إذا
كان مبنيا على أسباب عينية كثبوت أن الجريمة لم تقع أصلا أو أن الواقعة غير معاقب
عليها قانونا، أما إذا كان قرار الحفظ مبنيا على أحوال خاصة بأحد المتهمين دون
الآخرين، فإنه لا يحوز حجية إلا في حق من صدر لصالحه. لما كان ذلك، وكان الحكم
الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول
الدعوى الجزائية وأطرحه في قوله "لما كان الثابت من مطالعة قرار النيابة
العامة بحفظ التحقيق لمتهمين آخرين لانتفاء القصد الجنائي بالنسبة لهم، ومن ثم فإن
قرار الحفظ بالنسبة لهم لم ينته إلى انتفاء الجريمة أو أنها ليست من الأفعال
المعاقب عليها، ومن ثم فذلك القرار خاص بهؤلاء المتهمين فقط ولا يحوز حجية بالنسبة
للمتهم الثالث (الطاعن) لكون النيابة العامة خلصت في ذات القرار إلى توجيه الاتهام
إليه، ومن ثم يكون الدفع قد أقيم على غير سند من الواقع والقانون وتقضي المحكمة
برفضه" وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فيما تقدم ردا على دفاع الطاعن
يتفق وصحيح القانون هذا فضلا عن أن الواقعة المسندة إلى الطاعن بتزوير الشيك رقم
(.....) تختلف عن الواقعة المسندة إلى المتهمين الذين انتهت النيابة العامة إلى
حفظ التحقيق بالنسبة لهم من تزوير شيكات أخرى تختلف عن الشيك المار ذكره، ومن ثم
فإن الواقعة ليست واحدة كما ذهب الطاعن بأسباب نعيه، ومن ثم فإن منعاه على الحكم
في هذا الصدد يكون غير صائب.
2 - من المقرر أن جريمة التزوير في ورقة من
أوراق البنوك – وهي من المحررات العرفية – تتحقق بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في
هذه الأوراق بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون بصرف النظر عن الباعث على
ارتكابها، بنية استعمالها فيما غيرت من أجله الحقيقة، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا
لا يشترط أن يقع بالفعل، بل يكفي احتمال وقوعه في الوقت الذي تم فيه تغيير الحقيقة
بغير التفات إلى ما يطرأ من بعد، ولا يلزم لصحة الحكم بالإدانة في هذه الجريمة أن
يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن توافر أركانها ما دام مؤدى ما أورده في بيانه لواقعة
الدعوى وما استعرضه من أدلتها يدل على قيامها، كما لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة
عن ركن الضرر بل يكفي أن يكون قيامه مستفادا من عموم عبارات الحكم. لما كان ذلك،
وكان فيما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى – على النحو المار ذكره – وما
استعرضه من أدلتها ما يدل على توافر أركان جريمة التزوير التي دان بها الطاعن وفيه
الرد الكافي على ما يثيره من عدم تحقق القصد الجنائي لديه أو بيان الحكم له، ولا
يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من انتفاء ركن الضرر لقيامه بسداد قيمة الشيك إذ أن
الضرر قد تحقق بالفعل وقت التقدم بالشيك المزور إلى البنك لصرف قيمته دون الالتفات
لما يطرأ من بعد – وذلك كما سبق البيان – فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون
غير قويم.
3 - من المقرر أن الاستجواب المحظور قانونا
على غير سلطة التحقيق، هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة
تفصيلية، كيما يفندها إن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف. لما كان
ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد عرض لدفع الطاعن ببطلان محضر الضبط والتفتيش وأطرحه
في قوله "لما كان الثابت من مطالعة محضر ضبط وتفتيش المتهم الثالث المؤرخ في
18/ 3/ 2010 أنه تم ضبط المتهم بمعرفة ضابط الواقعة وأن ما تم هو مواجهته بما أسفرت
عنه تحريات ضابط الواقعة وعرض المتهم عليه مضمون الواقعة وذلك دون حدوث استجواب له
أو مواجهته بأقوال شهود آخرين أو وقائع بالدعوى، وعليه تكون إجراءات القبض
والتفتيش قد تمت صحيحة .." وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم كافيا لطرح
دفع الطاعن في هذا الصدد، ولا يعيب الحكم المطعون فيه عدم معاودة التصدي للرد على
ذلك الدفع ما دام أن المحكمة الاستئنافية قد أخذت بأسباب الحكم المستأنف، لما هو
مقرر من أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بنى
عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب بل يكفي أن تحيل عليها إذ
الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة
منها، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب، والإخلال
بحق الدفاع في هذا الشأن يكون غير سديد.
4 - إذ كانت المادة 240 من قانون الإجراءات
والمحاكمات الجزائية قد بينت على سبيل الحصر الجرائم التي يجوز فيها للمجني عليه
العفو عن المتهم أو يتصالح معه، وكانت الجرائم المسندة إلى الطاعن (تزوير في أوراق
البنوك وغسل أموال
والاستيلاء عليها)، ليست من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجزائية فيها على
تقديم الشكوى، كما أنها لا تدخل في عداد سائر الجرائم المنصوص عليها في المادة
سالفة الذكر، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم إعمال الحكم أثر العفو – بفرض صدوره –
يكون غير قويم.
5 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون
فيه أنه لم يتساند في قضائه إلى تحريات المباحث ولا تعدو العبارات التي نقلها
الحكم عن ضابط المباحث في هذا الخصوص إلا جزءا من شهادته – التي أفصحت المحكمة عن
الاطمئنان إليها – ولا تنهض التحريات بذاتها دليلا مستقلا ولم يعول عليها الحكم
بهذا الحسبان، ومن ثم فليس على المحكمة إن هي لم تعرض لدفاع الطاعن بعدم جدية
التحريات لتعلقه بدليل لم تعول عليه في الإدانة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد
يكون في غير محله.
6 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن
يكون واضحا محددا، كاشفا عن المقصود منه، نافيا عنه الغموض والجهالة، بحيث يتيح
لمن يطالعه الوقوف على ماهية العيب المعزو إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه، وكان
الطاعن قد اكتفى في تعييبه للحكم المطعون فيه أنه عول على أقوال ضابط الواقعة رغم
تناقضها في مواطن أبداها في مذكرته المقدمة أمام محكمة الموضوع، دون تحديد لأوجه
التناقض وما قصده منها، حتى تتبين هذه المحكمة – محكمة التمييز – أثر ذلك التناقض
في الحكم المطعون فيه – إن كان له وجه – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون
غير مقبول.
7 - إذ كانت محكمة الموضوع قد عاقبت الطاعن
بجرائم غسيل الأموال والتزوير في ورقة من أوراق البنوك ومحرر عرفي وغسل أموال والاستيلاء، بعد أن انتهت إلى أن تلك الجرائم التي ارتكبها
الطاعن مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة طبقا لنص المادة 84 من قانون
الجزاء، فإن مؤدى ذلك الحكم على المتهم بعقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لأشد
الجرائم وهي جريمة غسيل الأموال – المرتبطة بجناية وجنح أخرى – والمعاقب عليها
بموجب نص المادة السادسة من القانون رقم 35 لسنة 2002 في شأن مكافحة عمليات غسيل
الأموال. ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من القانون المار ذكره قد
نصت على أنه لا يجوز تطبيق أحكام المادتين 81 الخاصة بالتقرير بالامتناع عن النطق
بالعقاب، 82 التي تجيز للمحكمة وقف تنفيذ الحكم من قانون الجزاء في شأن هذه
الجرائم وهي الجرائم المنصوص عليها بالمادة الثانية من ذات القانون – ومنها
الجريمة الأولى المسندة إلى الطاعن – غسيل الأموال – وكانت المحكمة قد انتهت إلى
التقرير بالامتناع عن النطاق بعقاب الطاعن استنادا إلى نص المادة 81 من قانون
الجزاء المار بيانها وذلك بالمخالفة لنص الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من
قانون مكافحة عمليات غسيل الأموال سالف البيان، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق
القانون، مما كان يؤذن لمحكمة التمييز بتصحيح الحكم المطعون فيه، إلا أنه لما كان
الطاعن هو الذي قرر بالاستئناف والطعن بطريق التمييز وحده – دون النيابة العامة
فإنه لا يجوز تصحيح الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه.
------------
الوقائع
--------------
المحكمة