الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 11646 لسنة 61 ق جلسة 9 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ق 32 ص 246


جلسة 9 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة وبدر الدين السيد.
------------
(32)
الطعن رقم 11646 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق محكمة الموضوع. ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه.
 (2)إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الضبط". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
بطلان الضبط. لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها.
(3) جريمة "أركانها". قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
(4  مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. قبض. قتل عمد.
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقضي المادة 29 إجراءات. نطاقه؟.
الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي للمتهم لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور. ولا يتضمن تعرضاً مادياً. ليس قبضاً.
 (5)إثبات "اعتراف". استجواب. دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". بطلان. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاستجواب. لا جدوى منه. ما دام الحكم أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة والمستقل عن الإجراء المدعي ببطلانه.
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
 (7)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها. ما دام استخلاصها سائغاً.
عدم التزامها بالأخذ بالأدلة المباشرة وحدها. حقها في استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. علة ذلك.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(9) إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام. ماهيتها؟ 
 (10)دعوى مدنية "الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية" "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض.
رفع الدعوى المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية. وجوب الفصل فيهما معاً. المادة 309 إجراءات.
إغفال الفصل في أيهما. للمدعى بها الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيما أغفلته. المادة 193 مرافعات
 (11)نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع.
 (12)نيابة عامة. إعدام. قتل عمد. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالقضية المقضي فيها حضورياً بالإعدام متى عرضتها النيابة العامة ولو تجاوزت في ذلك الميعاد المقرر بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام النقض.
(13) محكمة النقض "سلطتها". قتل عمد. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب للإقرار به.

------------
1 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
2 - لما كان الحكم قد عول ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة، وكان بطلان الضبط - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من بطلان الضبط تكون منتفية.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 -  من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة - أن مأمور الضبط القضائي أبلغ بالعثور على جثتي المجني عليهما بمزرعة فانتقل إليهما وعاين مكان الحادث وأسفرت تحرياته عن أن الطاعن كان قد سبق له التعدي بالضرب على المجني عليهما في تاريخ سابق على الحادث وعليه استدعاه وناقشه فأنكر بادئ الأمر ثم عاد فاعترف بما ارتكبه، فإن استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن كان بسبب اتهامه بسابقه تعديه على المجني عليهما لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعى يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس.
5 - لما كان الحكم لم يأخذ في أي موضع منه بما جاء بمحضر جمع الاستدلالات فإنه لا جدوى من تعييب الحكم في خصوص عدم الرد على الدفع ببطلان الاستجواب طالما أن الحكم قد أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة وهو من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه.
6 - لما كان ما ينعاه الطاعن من عدم تحقيق أوجه الدفاع المبداة منه أمام النيابة العامة بما يدمغ إجراءات التحقيق بالقصور والبطلان إذ لم يحضر معه محامٍ ولم تواجه المتهم الآخر بما ساقه الطاعن من أدلة ولم تسأل محرر المحضر في الاعتراضات المبداة منه - فإن ذلك جميعه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
8 - لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده، وكان الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعدي الطاعن على أياً من المجني عليهما وأنه لم يستعمل أية أداة إنما استخدم يديه وأن روايته التي أدلى بها تخالف ما اعتنقته المحكمة فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديات الدعوى وظروفها - لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل أمام محكمة النقض.
9 - إن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان غير مقيده في ذلك بحدود أوجه الطعن أن مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام.
10 - لما كانت المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف" وإذ كان من المقرر أو ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة، فإنه يتعين الفصل في هذه الدعوى وفى موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعى بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات وهى قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات الجنائية
11 - لما كان الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع فإن الطعن المطروح على هذه المحكمة لا ينال منه عدم صدور حكم منها في خصوص الدعوى المدنية.
12 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة بما يستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعون يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخر قضى ببراءته بأنهما: أولاً: قتل...... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أمسك به وطرحه أرضاً وجثم فوقه وأطبق بكلتا يديه على عنقه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة في تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: قتلا....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أمسك المتهم الآخر بساقيها وأطبق هو على عنقها بكلتا يديه قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد تقدمت هذه الجناية موضوع التهمة الأولى وتلتها جناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وضعا النار عمداً في الخص المملوك لـ....... وبداخله جثني المجني عليهما سالفي الذكر وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى والد المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات الجيزة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية وحددت جلسة ....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها....... إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه بتحقيقات النيابة لأنه وليد إكراه إلا أن الحكم أطرح دفعه بما لا يسوغه، كما عول في إدانته على ذلك الاعتراف على حين أنه كان وليد إجراء ضبط باطل إلا أن الحكم اطرح دفعه ببطلان الضبط وأخذ بالاعتراف على أنه دليل مستقل عنه رغم اتصاله به، إلى جانب أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقي منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح أياً من المجني عليهما، وأغفلت المحكمة دفعه ببطلان استجوابه إذ استدعاه الضابط وألقى القبض على الطاعن في غير حالات التلبس، وشاب تحقيقات النيابة العامة البطلان لعدم حضور محام مع الطاعن عند سماع أقواله ولم تحقق ما ساقه من أدلة تدين المتهم الآخر وتقاعست عن مواجهة محرر المحضر بما أبداه من اعتراضات على إجراءاته، وأخيراً اقتنعت المحكمة بصورة الواقعة كما رواها الشهود رغم عدم رؤية أحدهم أو معاصرته واقعات الحادث فجاءت على خلاف ماديات الدعوى، هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم - الطاعن - يعمل بمزرعة مملوكة لآخرين ظن أصحابها دخول غرباء إليها يستولون على ثمارها فنبه إلى ذلك، وفى يوم الحادث شاهد المجني عليه الأول فقام بمطاردته منتوياً قتله ظناً منه بأنه يستولى على ثمار البرتقال وما أن تمكن منه حتى لطمه على وجهه بيده وأسقطه أرضاً وجثم فوقه مطبقاً بكلتا يده على رقبته وفمه حتى فاضت روحه ثم حمل جثته إلى (خص) ألقاها داخله وعقب خروجه من (الخص) شاهد المجني عليها فباغتها وانقض عليها وأطبق على رقبتها بيديه حتى فاضت روحها فنقل جثتها إلى ذات الخص وألقى بها بجوار الجثة الأولى وعمد لإخفاء ما ارتكبه فأضرم الحريق بالخص هذا وقد تم ضبطه فاعترف بتحقيقات النيابة بما ارتكبه وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... و...... و...... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية. وبعد أن حصل الحكم مؤدى أقوال الشهود واعتراف الطاعن بالتحقيقات ومضمون تقرير الصفة التشريحية، عرض لما أبداه الطاعن من بطلان اعترافه لأنه وليد إكراه وأطرحه في قوله: "ذلك أن الاعتراف الذي أدلى به المتهم قد أتى مفصلاً في أكثر من موضع من تحقيقات النيابة العامة وظل مصراً عليه مع علمه بعاقبة الأمر فيه وبإرادة حرة دون شائبة من إكراه وقع عليه أو خشية خوف دفعه إليه، ومن ثم فإن المحكمة تطرح الدفع ببطلان اعتراف المتهم بمقولة أنه كان وليد إكراه. حيث جاء قولاً مرسلاً لم يسانده دليل في الأوراق بل جاءت أقوال المتهم متساندة مترابطة متوافقة تماماً مع سائر أدلة الدعوى وكان اعترافه قد صدر عنه بإرادة حرة عن اختيار وإدراك صحيحين وجاء واضحاً صريحاً جازماً بارتكابه الأفعال المسندة إليه سواء فيما أدلى به المقدم........ أو ما قرره لوكيل النيابة المحقق ولم يثبت طوال هذه المراحل أنه كان تحت تأثير أي إكراه مادي أو معنوي أو لوحظ أية آثار تبين وقوع فعل الإكراه عليه، مما تطمئن معه المحكمة كل الاطمئنان إلى أن هذا الاعتراف قد صدر من المتهم بغير إكراه ومن صحة هذا الاعتراف جاء موافقاً لماديات الدعوى ووقائعها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية في العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه، ومتى كانت محكمة الموضوع قد عرضت لما أبداه الطاعن وأفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافه بتحقيق النيابة فهذا يكفي ويكون منعاه بهذا المنعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات ضبطه وأطرحه في قوله: "فإنه فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن محرر محضر ضبط الواقعة قد أثبت أنه أرسل في استدعاء المتهم الذي مثل أمامه باختياره وعندما سأله عن الحادث اعترف له باختياره دون إكراه بارتكابه له الأمر الذي يكون معه الدفع ببطلان إجراءات الضبط على غير سند من الواقع أو القانون هذا بالإضافة إلى أن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة قد صدر عن المتهم مستقلاً عن الإجراء السابق عليه من مضي زمن يؤدي إلى صدور اعتراف المتهم دون أن يكون للإجراء السابق عليه بفرض حدوثه جدلاً دون ثمة تأثير عليه مما يعدو معه اعتراف المتهم مستقل بذاته عن الإجراء السابق عليه". فإن الحكم يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات الضبط. ولما كان الحكم قد عول ضمن ما عول عليه من أدلة الثبوت على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة، وكان بطلان الضبط - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الضبط ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بما ارتكبه، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من بطلان الضبط تكون منتفية ويكون منعى الطاعن على الحكم بأخذه بالاعتراف المستقل عن الضبط واللاحق له غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه نية قتل الطفلين المجني عليهما ثابتة في حق المتهم ثبوتاً قاطعاً مما سبق بيانه من ظروف الدعوى ووقائعهما ومما أكده المتهم في اعترافه المفصل وما بان وتحقق إذ باغت الطفلين المجني عليهما وبادر إلى الإطباق على عنق كل منهما بضراوة وعنف وضغط عليهما بقسوة تفوق قوتهما وبما لا تتحمله طاقتهما وواصل هذا الفعل والذي من شأنه موتهما بكتم أنفاسهما ولم يتركهما أو يتخل عنهما إلا جثتين هامدتين موقناً أنهما فارقا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم يكفي في استظهار نية القتل فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان. من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقدموا بأنفسهم أو بواسطة مرءوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة - أن مأمور الضبط القضائي أبلغ بالعثور على جثتي المجني عليهما بمزرعة فانتقل إليهما وعاين مكان الحادث وأسفرت تحرياته عن أن الطاعن كان قد سبق له التعدي بالضرب على المجني عليهما في تاريخ سابق على الحادث وعليه استدعاه وناقشه فأنكر بادئ الأمر ثم عاد فاعترف بما ارتكبه، فإن استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن كان بسبب اتهامه بسابقة تعديه على المجني عليهما لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يأخذ في أي موضع منه بما جاء بمحضر جمع الاستدلالات فإنه لا جدوى من تعييب الحكم في خصوص عدم الرد على الدفع ببطلان الاستجواب طالما أن الحكم قد أخذ الطاعن باعترافه بتحقيقات النيابة وهو من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من عدم تحقيق أوجه الدفاع المبداة منه أمام النيابة العامة بما يدمغ إجراءات التحقيق بالقصور والبطلان إذ لم يحضر معه محام ولم تواجه المتهم الآخر بما ساقه الطاعن من أدلة ولم تسأل محرر المحضر في الاعتراضات المبداة منه - فإن ذلك جميعه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل يعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعدي الطاعن على أياً من المجني عليهما وأنه لم يستعمل أية أداة إنما استخدم يديه وأن روايته التي أدلى بها تخالف ما اعتنقته المحكمة فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديات الدعوى وظروفها - لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. ومن حيث إن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أن مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يقض في الدعوى المدنية التي أقامها والد المجني عليها ضد المحكوم عليه لتعويض الضرر الذي لحقه من جراء ما ارتكبه المتهم. فإنه لما كانت المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف" وإذ كان من المقرر أن ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة، فإنه يتعين الفصل في هذه الدعوى وفى موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعي بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات وهى قاعدة واجبة الأعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة 29 من إبريل سنة 1991 حضر محامي المدعي بالحقوق المدنية - وهو والد المجني عليهما وادعى مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية، فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها. مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في هذا الدعوى ولم تفصل فيها فإن الطريق السوي أمام المدعي بالحقوق المدنية هو أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وطالما أنها لم تفصل في هذه الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة لها. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع فإن الطعن المطروح على هذه المحكمة لا ينال منه عدم صدور حكم منها في خصوص الدعوى المدنية.
ومن حيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة بما يستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الأربعون يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والحريق العمد التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام، كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 14807 لسنة 60 ق جلسة 29 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 197 ص 1285


جلسة 29 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم فرج وبهيج حسن القصبجي نائبي رئيس المحكمة ومصطفى محمد صادق وأحمد عبد القوي خليل.
--------------
(197)
الطعن رقم 14807 لسنة 60 القضائية

معارضة "نظرها والحكم فيها". استئناف "نظره والحكم فيه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب الفصل في شكل الاستئناف قبل الانتقال لموضوع الدعوى. انتهاء المحكمة إلى أن التقرير به بعد الميعاد. يوجب الوقوف عند هذا الحد. دون التعرض للموضوع.
تعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن ومستنداته. ثم انتهائه إلى تأييد الحكم الغيابي بعدم قبول الاستئناف شكلاً. يصم الحكم بالخطأ والاضطراب. يوجب نقضه.

--------------
إن البين من الأوراق أن الطاعن استأنف الحكم الصادر في معارضته الابتدائية، وقضت محكمة ثاني درجة غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، فعارض الطاعن في هذا الحكم وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الاستئنافي المعارض فيه لم يقض إلا بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يتعرض إلى الموضوع فإن المحكمة يكون متعيناً عليها عند المعارضة أن تفصل أولاً في صحة الحكم المعارض فيه من ناحية الشكل الاستئناف فإن رأت قضاءه صحيح وقفت عند هذا الحد وإن رأت أنه خاطئ ألغته ثم انتقلت على موضوع الدعوى وفي هذه الحالة فقط يكون لها أن تتعرض لدفاع المتهم ومستنداته. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه أنه يؤيد الحكم المعارض فيه - القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد أخذاً بأسبابه، مما كان لازماً ألا يتعرض لموضوع الدعوى إلا أنه تخطى إليه بالتعرض لدفاع الطاعن والترخيص الذي قدمه ثم انتهى في منطوقه إلى تأييد الحكم المعارض فيه، وإزاء هذا الخطأ والاضطراب البادي في الحكم لا تستطيع هذه المحكمة - محكمة النقض - مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بغير ترخيص وطلبت عقابه بالمادتين 152، 156/ 1، 2 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 ومحكمة جنح قسم قنا قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وبتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة على نفقته عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه استأنف ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ذلك أنه على الرغم من قضائه بتأييد الحكم المعارض فيه - القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد - أخذاً بأسبابه، تعرض لموضوع الدعوى وعرض للترخيص الذي قدمه الطاعن فقرر أنه غير خاص بالعقار موضوع الدعوى. الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الطاعن استأنف الحكم الصادر في معارضته الابتدائية، وقضت محكمة ثاني درجة غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، فعارض الطاعن في هذا الحكم وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الاستئنافي المعارض فيه لم يقض إلا بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يتعرض إلى الموضوع فإن المحكمة يكون متعيناً عليها عند المعارضة أن تفصل أولاً في صحة الحكم المعارض فيه من ناحية شكل الاستئناف فإن رأت أن قضاءه صحيح وقفت عند هذا الحد وإن رأت أنه خاطئ ألغته ثم انتقلت إلى موضوع الدعوى وفي هذه الحالة فقط يكون لها أن تتعرض لدفاع المتهم ومستنداته. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه أنه يؤيد الحكم المعارض فيه - القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد أخذاً بأسبابه - مما كان لازماً ألا يتعرض لموضوع الدعوى إلا أن تخطى إليه بالتعرض لدفاع الطاعن والترخيص الذي قدمه ثم انتهى في منطوقه إلى تأييد الحكم المعارض فيه، وإزاء هذا الخطأ والاضطراب البادي في الحكم لا تستطيع هذه المحكمة - محكمة النقض - مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 13121 لسنة 60 ق جلسة 29 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 195 ص 1275


جلسة 29 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة ومصطفى محمد صادق وأحمد عبد القوي خليل.
------------------
(195)
الطعن رقم 13121 لسنة 60 القضائية

 (1)حكم "بيانات حكم الإدانة".
بيانات حكم الإدانة؟
(2) إصابة خطأ. جريمة "أركانها". خطأ. رابطة سببية.
ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية.
سلامة القضاء بالإدانة في جريمة الإصابة الخطأ مشروطة ببيان كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والإصابة.
 (3)إصابة خطأ. خطأ. رابطة السببية. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتبار عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة خطأً مستقلاً بذاته في جريمة الإصابة الخطأ. رهن بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث.
إغفال الحكم بيان وقائع الحادث وموقف المجني عليهم ومسلك قائد السيارة وخلوه من بيان إصابات المجني عليهم ومؤدى التقارير الطبية الموقعة عليهم. قصور.

----------------
1 - من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة، حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها.
2- من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة الإصابة الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 244 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم - ورابطة السببية بين الخطأ والإصابة بحيث لا يتصور وقوع الإصابة بغير هذا الخطأ.
3 - لما كان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأً مستقلاً بذاته في جريمة الإصابة الخطأ إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من مجرد ما قال به من قيادة الطاعن السيارة عكس اتجاه الطريق واصطدامه بسيارة أخرى ما يوفر الخطأ في جانبه، دون أن يبين وقائع الحادث، وموقف المجني عليهم ومسلكهم أثناء وقوعه، ومسلك قائد السيارة الأخرى إبان ذلك، ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرة الطاعن في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي إصابة المجني عليهم، وأثر ذلك على قيام ركني الخطأ ورابطة السببية أو انتفائهما، فضلاً عن أنه خلا من الإشارة إلى بيان إصابات المجني عليهم، وفاته أن يورد مؤدى التقارير الطبية الموقعة عليهم، فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر بأنه أولاً: تسبب خطأ في إصابة ...... و...... و....... و....... و...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته بأن قاد سيارته بحالة مسرعة فأصطدم بالسيارة رقم........ أتوبيس عام الجيزة فأحدث إصابات المجني عليهم سالفي الذكر الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ثانياً: قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل ومحكمة جنح قسم المعادي قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله: "الواقعة تخلص فيما أثبته محرر محضر الضبط أثبت به أقوال المتهم الثاني من أنه كان في طريقه متجهاً من المعصرة إلى القاهرة، وأنه ترك الطريق وسار في الطريق المعاكس لوجود مياه بالطريق وإنه فوجئ بالسيارة قيادة المتهم الأول تصطدم به، كما أيد ذلك أقوال المصابين، أما عن الركن الأول فهو ثابت من مطالعة أوراق الدعوى من أقوال المجني عليهم من قيام المتهم الثاني بالسير في الطريق المعاكس واصطدامه بسيارة المتهم الأول، وأن كل منهما لم يتبصر الطريق أمامه، وعن ركن الضرر فهو قائم وذلك لما جاء بالتقارير الطبية والتي حملت إصابات المجني عليهم، ولولا الخطأ لما وقع الضرر". لما كان ذلك وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة، حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية، وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة الإصابة الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 244 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والإصابة بحيث لا يتصور وقوع الإصابة بغير هذا الخطأ وكان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأً مستقلاً بذاته في جريمة الإصابة الخطأ إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها، فإن الحكم المطعون فيه إذا اتخذ من مجرد ما قال به من قيادة الطاعن السيارة عكس اتجاه الطريق واصطدامه بسيارة أخرى ما يوفر الخطأ في جانبه، دون أن يبين وقائع الحادث، وموقف المجني عليهم ومسلكهم أثناء وقوعه، ومسلك قائد السيارة الأخرى إبان ذلك، ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرة الطاعن في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي إصابة المجني عليهم، وأثر ذلك على قيام ركني الخطأ ورابطة السببية أو انتفائهما، فضلاً عن أنه خلا من الإشارة إلى بيان إصابات المجني عليهم، وفاته أن يورد مؤدى التقارير الطبية الموقعة عليهم، فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.

الطعن 21264 لسنة 60 ق جلسة 16 / 9 / 1993 مكتب فني 44 ق 112 ص 721


جلسة 16 من سبتمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي وفتحي الصباغ نائبي رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي وإبراهيم الهنيدي.
------------
(112)
الطعن رقم 21264 لسنة 60 القضائية

 (1)حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة.
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه". بطلان.
تحرير الحكم على نموذج مطبوع. لا يبطله طالما استوفى مقوماته.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تبديد.
إحالة الحكم في بيان الدليل إلى محاضر الشرطة في جريمة تبديد منقولات محجوز عليها إدارياً. خطأ مادي. لا يؤثر في سلامته ولا يغير من حقيقة الواقع في الدعوى وفهم المحكمة لها. علة ذلك؟
(4) تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. دفوع "الدفع بعدم العلم بيوم البيع". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بعدم العلم بيوم البيع. محله أن تكون المحجوزات موجودة لم تبدد.
عدم التزام المحكمة بالرد على دفع قانوني ظاهر البطلان.
 (5)محكمة ثاني درجة. استئناف "نظره والحكم فيه". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. عدم التزامها بسماع الشهود إلا من كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة.
عدم تمسك الطاعن بسماع محرر المحضر أمام محكمة أول درجة. أثره: اعتباره متنازلاً عنه.
 (6)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قرار المحكمة بتأجيل الدعوى لإعلان محرر المحضر لمناقشته. تحضيري لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه.

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم - في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون.
3 - لما كان ما ورد بمدونات الحكم من إحالة إلى محضر الشرطة في شأن بيان الدليل - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم - إذ أنه لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينم عن عدم استيعاب المحكمة لعناصر الدعوى وفهمها لها على أنها جريمة تبديد منقولات محجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصرية ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير صحيح.
4 - من المقرر أنه وإن كان الدفع بعدم العلم بيوم البيع من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد، وإلا كان حكمها قاصراً إلا أن محل هذا الدفع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة ولم تبدد، ولما كان الطاعن لم يسجل في محاضر جلسات المحاكمة أن المحجوزات موجودة ولم تبدد، فإن دفاعه يكون ظاهر البطلان، ولا وجه للنعي على الحكم عدم الرد عليه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع ظاهر البطلان.
5 - من المقرر أن محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، وهي لا تجرى من التحقيقات - إلا ما رأت لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، وإذ كان البين من محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب استدعاء محرر المحضر لمناقشته، فإنه وإن أبدى طلب مناقشته أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة.
6 - لما كانت المحكمة الاستئنافية قد قامت بتأجيل الدعوى لإعلان محرر المحضر لمناقشته فإن ذلك لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتسليمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز قويسنا قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى ودلل على ثبوتها في حق الطاعن في قوله "إن وقائع الدعوى تتحصل في أنه بتاريخ..... توقع حجز على الأشياء المبينة بالمحضر وفاء لمبلغ..... وعين المتهم حارساً بتاريخ 16/8/1989 وعندما انتقل محرر المحضر إلى مكان المحجوزات فلم يجدها كما امتنع المتهم عن تقديمها. وبسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه ولم يقم بالسداد وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً أخذاً بالثابت في محضر الشرطة المرفق. وحيث إن المتهم لم يدفع الاتهام بدفع أو دفاع مقبول ومن ثم يتعين معاقبته طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم - في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما ورد بمدونات الحكم من إحالة إلى محضر الشرطة في شأن بيان الدليل - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم - إذ أنه لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينم عن عدم استيعاب المحكمة لعناصر الدعوى وفهمها لهما على أنها جريمة تبديد منقولات محجوز عليها إدارياً لصالح هيئة الأوقاف المصرية ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير صحيح. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان الدفع بعدم العلم بيوم البيع من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد، وإلا كان حكمها قاصراً إلا أن محل هذا الدفع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة ولم تبدد، ولما كان الطاعن لم يسجل في محاضر جلسات المحاكمة أن المحجوزات موجودة ولم تبدد، فإن دفاعه يكون ظاهر البطلان، ولا وجه للنعي على الحكم عدم الرد عليه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما رأت لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، وإذ كان البين من محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب استدعاء محرر المحضر لمناقشته، فإنه وإن أبدى طلب مناقشته أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة وإذ كانت المحكمة الاستئنافية قد قامت بتأجيل الدعوى لإعلان محرر المحضر لمناقشته فإن ذلك لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة فيكون النعي على الحكم الإخلال بحق الدفاع في هذا الشأن في غير محله لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله.

الطعن 19257 لسنة 60 ق جلسة 12 / 9 / 1993 مكتب فني 44 ق 109 ص 698

جلسة 12 من سبتمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.
-------------
(109)
الطعن رقم 19257 لسنة 60 القضائية
(1) استئناف "نطاقه" "نظره والحكم فيه". دعوى جنائية. دعوى مدنية. نيابة عامة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
استئناف النيابة العامة مقصور على الدعوى الجنائية. تناول المحكمة الاستئنافية الدعوى المدنية في هذه الحالة. خطأ في القانون يوجب نقض الحكم.
 (2)دعوى جنائية "انقضاؤها". قوة الشيء المحكوم فيه. حكم "حجيته". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "سلطة محكمة النقض".
قضاء محكمة أول درجة بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. يمنعها من السير فيها. إلغاء هذا القضاء من المحكمة الاستئنافية. وجوب إعادتها الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. مخالفة ذلك والتصدي لموضوع الدعوى. خطأ في القانون. علة ذلك؟ 
حق محكمة النقض في نقض الحكم. لمصلحة المتهم في هذه الحالة من تلقاء نفسها وإحالة الدعوى الجنائية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها.
-------------
1 - من المقرر أن نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعه، فإن استئناف النيابة العامة - وهي لا صفة لها في التحدث إلا عن الدعوى الجنائية ولا شأن لها بالدعوى المدنية - لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا في خصوص الدعوى الجنائية دون غيرها طبقاً لقاعدة الأثر النسبي للطعن. وإذ تصدت المحكمة الاستئنافية للدعوى المدنية وقضت للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت، فإنها تكون قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه، وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها، ويكون حكمها معيباً بمخالفة القانون من هذه الناحية بما يتعين نقضه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية.
2 - لما كان مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حكمت محكمة أول درجة بقبول دفع سابق على الفصل في الموضوع ينبني عليه منع السير في الدعوى، كالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وحكمت المحكمة الاستئنافية برفض هذا الدفع وبنظر الدعوى، وجب عليها أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة للحكم في موضوعها، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم من قضائه برفض الدفع بعدم جواز الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلغاء الحكم المستأنف، إلا أنه لم يقض بإعادة الدعوى الجنائية لمحكمة أول درجة للفصل فيها، بل قضى في موضوعها، وفوت بذلك على المحكوم عليه إحدى درجتي التقاضي، فإنه يكون قد خالف القانون مرة ثانية. لما كان ذلك، وكان لهذه المحكمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى الجنائية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها.

الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مصر الجديدة ضد الطاعن بوصف أنه: أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. استأنفت النيابة العامة. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تصدى للدعوى المدنية على الرغم من أنها لم تكن مطروحة على المحكمة الاستئنافية، إذ جاء الطعن بالاستئناف من النيابة العامة دون المدعي بالحقوق المدنية، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بالطريق المباشر قبل الطاعن بوصف أنه أصدر له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم دون المدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة ثاني درجة قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر وإلزامه بأن يؤدى إلى المدعي بالحقوق المدنية واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض المحكوم عليه، فقضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف - وهو في حقيقته حكم بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعه، فإن استئناف النيابة العامة - وهي لا صفة لها في التحدث إلا عن الدعوى الجنائية ولا شأن لها بالدعوى المدنية - لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا في خصوص الدعوى الجنائية دون غيرها طبقاً لقاعدة الأثر النسبي للطعن. وإذ تصدت المحكمة الاستئنافية للدعوى المدنية وقضت للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت، فإنها تكون قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه، وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها، ويكون حكمها معيباً بمخالفة القانون من هذه الناحية بما يتعين نقضه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية. ومن ناحية أخرى، فإنه لما كان مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حكمت محكمة أول درجة بقبول دفع سابق على الفصل في الموضوع ينبني عليه منع السير في الدعوى، كالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وحكمت المحكمة الاستئنافية برفض هذا الدفع وبنظر الدعوى، وجب عليها أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة للحكم في موضوعها، وكان الحكم المطعون فيه على الرغم من قضائه برفض الدفع بعدم جواز الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلغاء الحكم المستأنف، إلا أنه لم يقض بإعادة الدعوى الجنائية لمحكمة أول درجة للفصل فيها، بل قضى في موضوعها، وفوت بذلك على المحكوم عليه إحدى درجتي التقاضي، فإنه يكون قد خالف القانون مرة ثانية. لما كان ذلك، وكان لهذه المحكمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى الجنائية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها.