الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 أغسطس 2014

(الطعن 1958 لسنة 30 جلسة 6/ 2/ 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 28 ص 181)

برياسة محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة, وحضور محمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس, وعبد الحسيب عدي, وحسن خالد.
----------------------
1 - يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية والقوانين المعدلة لها ومما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات في خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل " البحر المالح " والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبلاد المجاورة له تعتبر خطأ للجمارك، أما منطقة المراقبة فهي دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة، وهي دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمطارات والمواني الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف.
 
2 - أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وعمالها أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم، وبقيت لهم هذه الصفة إعمالاً لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 243 لسنة 1953، كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي هذه الصفة بالنسبة إلى موظفي الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من " وزير المالية والاقتصاد "، وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد.
 
3 - أخضع الشارع الدائرة الجمركية - نظراً إلى طبيعة التهريب الجمركي - لإجراءات وقيود معلومة - منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به.
 
4 - تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إلى الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب أستهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه - الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم - لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في هذا القانون, وقد أفصح الشارع عن مراده بما نص عليه في المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيراً بالقانون رقم 65 لسنة 1959 والمادتين 7 و 35 في بنودها الرابعة والخامسة والسادسة والثامنة والمادة 41 من اللائحة المذكورة المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1933, ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه في الكشف والتفتيش في حدود دائرة المراقبة الجمركية أمر يقره القانون - على أن هذا الحق في خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقاً بل يجب أن يمارسه المخاطبون به في نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها قانوناً طبقاً لما نص عليه أخيراً القانون رقم 623 لسنة1955 بأحكام التهريب الجمركي - ولا يقدح في هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب في ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملاً بالقانون رقم 623 لسنة 1955 وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش, ذلك بأن أفعال التهريب الجمركي وإن أدخلت في زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل في طياتها طابعاً خاصاً مميزاً لها عن سائر الجرائم - وهو ما أشار إليه الشارع في المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955, وتمشياً مع هذا الاتجاه أختط الشارع خطة التوسيع في تجريم أفعال التهريب الجمركي إلى ما يسبق نطاق الشروع في الجريمة, وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب - وهي مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ - يدل بذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم, ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باق الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها.
 
5 - الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها في ذلك.
---------------------
     اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب إلى الجمهورية المصرية أفيونا بغير إذن من وزارة الصحة العمومية وفي غير الأحوال المنصوص عليها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1, 2, 33 ج وأخيرة, 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول 1 الملحق بهذا المرسوم, فقررت بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات, والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام ما عدا المادة 33 ج وأخيرة وبدلا عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... الخ.
---------------------
   حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على قصور في التسبيب وفساد وخطأ في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله حين دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي ذلك أن المدافع عنه تمسك بعدم علمه بالمخدر الذي ضبط بداخل علبة السجاير التي عثر عليها في جيب ردائه الخارجي وبأنه مدسوس عليه ولكن الحكم أطرح هذا الدفاع تأسيسا على أن محاولة الطاعن الخروج من الجمرك قبل التفتيش تقطع بأنه كان يحاول تهريب أشياء محظور إحرازها وافترض الحكم أن علبة السجاير مملوكة للطاعن ورتب على هذا الفرض الذي لا تسانده الأوراق استحالة نزعها من جيبه وردها إليه ثانية بعد وضع المخدر بها. وهذا الذي ذهب إليه الحكم لا يصلح ردا لقيامه على فروض احتمالية ينفيها ما ورد على لسان الشهود الذين حصل الحكم أقوالهم من أن الطاعن كانت معه مهربات جمركية مما يجعل الأقرب إلى الظن اتجاه قصده إلى محاولة الخروج بهذه المواد -التي لا تعد حيازتها في ذاتها جريمة- من دائرة الجمرك لأن المحظور هو عدم أداء الرسوم المقررة عليها, فضلا عن أن الطاعن أنكر ملكيته لعلبة السجاير المضبوطة والتفت الحكم عن الاستيثاق من ملكيته لها. كما أنه بعد أن استبعد الحكم عن الطاعن جلب المخدر إلى أراضي الجمهورية كما ذهب الاتهام في وصف التهمة افترض اتصال الطاعن بشخص ما في داخل الدائرة الجمركية وحصوله منه على هذا المخدر, وهذا الفرض، فضلا عن أنه لا مأخذ له من الأوراق فإنه لا يصلح دليلا على ركن العلم بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط أو سندا للإدانة التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الفروض الاحتمالية. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام موجبهما وعدم توافر حالة الاشتباه في حق الطاعن التي تسوغ ذلك ورد الحكم بأن لائحة الجمارك والمرسوم الصادر في 27/12/1938 صريحان في تخويل موظفي الجمارك ورجال خفر السواحل الحق في تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية وبصحة الاستدلال بما يكشف عنه هذا التفتيش من جرائم غير جمركية يعاقب عليها القانون العام. وما ذكره الحكم من ذلك يجافي التأويل الصحيح للقانون إذ أن حق رجال الجمارك في التفتيش ليس مطلقا بل إنه مقيد بالقواعد العامة التي تنظم القبض والتفتيش ولما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على شخص إلا إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جريمة في الأحوال التي نصت عليها المادة المذكورة فقد تمسك المدافع عن الطاعن بأنه لم يكن ثمة ما يدعو إلى الاشتباه في أمره مما ينفي عنه قيام الدلائل التي ينبئ ظاهرها عن احتمال ارتكابه جريمة مما تسوغ القبض عليه ولم يتصد الحكم لبيان توافر تلك الحالة في شأنه, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إنه "في مساء يوم 22/7/1958 وأثناء مرور الأمباشي ........ من قوة مخابرات السواحل بدائرة جمرك بورسعيد شاهد المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية في طريقه إلى الباب رقم 20 جمرك بورسعيد ودون مروره على حجرة معاون الجمرك فاشتبه في أمره واقتاده للضابط النوبتجي الملازم أول ...... من قوة حرس جمرك بورسعيد الذي أمره بتفتيشه أمامه ففعل وقد عثر في جيب سترته الأيمن الخارجي على علبة سجاير بها سجاير وأربع لفافات من الأفيون زنتها 17.80 جراما كما عثر معه على مهربات جمركية" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة الشاهدين سالفي البيان ومما ثبت من تقرير المعامل بمصلحة الطب الشرعي عند تحليل المادة المضبوطة مع الطاعن ومما قرره الأخير في جميع أدوار التحقيقات من ضبط المادة المخدرة معه معللا ذلك بأن أحدا من البحارة قد دسها له, وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الموضوعي القائم على دس المخدر له من أحد زملائه البحارة ورد عليه بما يفنده ثم تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش فرد عليه في قوله "وبما أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله إذ لا جدال في ضبط المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية ولائحة الجمارك والمرسوم الصادر في 27/12/1938 صريحان في تخويل موظفي الجمارك وحرسه رجال خفر السواحل الحق في تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية فإذا عثر أحدهم أثناء التفتيش الذي يجريه عن دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصحح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجرائم لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع خولته اللوائح والقوانين ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة" وخلص الحكم من ذلك إلى رفض الدفع وانتهى إلى أن الطاعن قد أحرز الأفيون المضبوط وهو عالم بكنهه وذلك بقصد التعاطي مستبعدا ما جاء بوصف التهمة من أن الإحراز كان بغرض جلبه إلى أراضي الجمهورية العربية, واستدل على ذلك بأنه ضبط بداخل الدائرة الجمركية ولا يوجد ما ينفي اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله على المخدر بقصد التعاطي. لما كان ذلك, وكان الدفاع بأن التهمة ملفقة على المتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا إذ يكفي للرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت السائغة, ومع ذلك فإن ما أورده الحكم وهو في معرض التصدي لتفنيد هذا الدفع يصلح للرد عليه. لما كان ذلك, وكان ما ذكره الحكم ردا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش صحيحا في القانون ذلك أنه يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية الصادرة بالأمر العالي في 2 من أبريل سنة 1884 والقوانين المعدلة لها ومما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات في خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل "البحر المالح" والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبلاد المجاورة له تعتبر خطا للجمارك أما منطقة المراقبة فهي دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة -وهي دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمواني والمطارات الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف- وقد أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وعمالها في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم وبقيت لهم هذه الصفة إعمالا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 243 لسنة 1953 كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي هذه الصفة بالنسبة إلى موظفي الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من "وزير المالية والاقتصاد" وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد. ومفاد هذه النصوص أن الشارع أخضع دائرة المراقبة الجمركية نظرا إلى طبيعة التهريب الجمركي - لإجراءات وقيود معلومة منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به. وهذا الإجراء هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه ممن سلف بيانهم لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في هذا القانون. وقد أفصح الشارع عن مراده حين نص في المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيرا بالقانون رقم 65 لسنة 1959 على أن تخزين ونقل البضائع التي قطعت خط الجمارك في حدود دائرة المراقبة - يكونان تحت "مراقبة" عمال الجمارك وأن للجمرك حق "الكشف" "والتفتيش" على القوافل المارة في الصحراء متى اشتبه بأنها تزاول تجارة يمنعها القانون, وحين نص في المادة السابعة من اللائحة المذكورة على حق الجمرك في "الكشف" على جميع الطرود, وحين نص في البند الرابع من المادة 35 على اعتبار البضائع الأجنبية الموجودة مع أفراد الناس أو بين عفشهم أو في القوارب أو في العربات والبضائع المخفاة داخل طرود المفروشات أو طرود بضائع من جنس آخر - مهربة متى كان وضعها بطريقة تحمل على الظن بتعمد تهريبها من رسوم الجمرك, وحين نص في البنود "خامسا" و"سادسا" و"ثامنا" من المادة المذكورة على اعتبار البضائع الأجنبية المأخوذة من الجمرك بدون إذن إفراج والمودعة الصحراء خارج خط الجمارك في حالة توجب "الشبهة" من قبيل البضائع المهربة, وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع البضائع المقرر عليها رسوم صادر التي تخرج أو يشرع في إخراجها بدون إحضارها إلى الجمرك, وحين نص في المادة 41 المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1937 على أنه في حالة وجود "شبهة احتيال" يجوز للمستخدمين الكشف والتفتيش داخل المساكن والمخازن حتى حدود المراقبة ولا يكون ذلك إلا بقصد البحث عن البضائع الممنوعة أو المهربة من دفع الرسوم وضبطها إذا دعت الحال ونظمت المادة المذكورة وإجراءات هذا الكشف والتفتيش. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه سالفي البيان في الكشف والتفتيش في حدود دائرة المراقبة الجمركية أمر يقره القانون على أن هذا الحق في خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقا بل يجب أن يمارسه المخاطبون به في نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها -في الحدود المعرف بها قانونا طبقا لما نص عليه أخيرا القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي- لما كان ذلك, وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية - ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش -في حدود دائرة المراقبة الجمركية- على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها في ذلك. ولا يقدح في هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب في ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملا بالقانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي الذي ألغى أحكام التهريب التي كان منصوصا عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالفه من أحكام ونقل اختصاص الفصل فيها من اللجان الجمركية إلى المحاكمة الجنائية, وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش, ذلك بأن أفعال التهريب الجمركي وإن أدخلت في زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل في طياتها طابعا خاصا مميزا لها عن سائر الجرائم وهو ما أشار إليه الشارع في المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955 إذ قال تبريرا لإصدار هذا القانون. "ونظرا إلى تقادم العهد على صدور اللائحة الجمركية في 2 أبريل سنة 1884 فقد رؤى سن قانون بتنظيم أحكام التهريب يتمشى مع ما بلغته البلاد في نهضتها الحاضرة ويكفل المحافظة على موارد الخزانة العامة من الرسوم والعوائد الجمركية ويحمل التجارة على احترام القيود المفروضة على الاستيراد أو التصدير". وتمشيا مع هذا الاتجاه إختط الشارع خطة التوسع في تحريم أفعال التهريب الجمركي إلى ما يسبق نطاق الشروع في الجريمة -إذ نص هذا القانون في مادته الثانية على تجريم التهريب والشروع فيه أو محاولة ذلك وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب- وهي مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ بذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باقي الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها طبقا لما سلف بيانه. لما كان ذلك, فإن التفتيش الذي وقع على الطاعن في نطاق دائرة المراقبة الجمركية من أمباشي خفر السواحل -وهو من ضباط الصف- بحضور الملازم أول ....... من قوة حرس جمرك بورسعيد, وكليهما من مأموري الضبط القضائي, يكون قد وقع صحيحا لما أثبته الحكم من اشتباه الجندي المذكور في أمر الطاعن بعد أن شاهده بداخل الدائرة الجمركية يسير مساء في طريقه إلى باب الجمرك دون مروره على حجرة معاون الجمرك دون انتظار تفتيش أمتعته مما يبرر تفتيشه لقيام مظنة التهريب في حقه. وإذ أنتج هذا التفتيش دليلا يكشف عن جريمة إحراز جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو بشهود بذواتهم ولو كان ذلك بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق, فلا يضير الحكم أن يستنتج إحراز الطاعن للمخدر المضبوط من اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله عليه بقصد التعاطي ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا تنفيه ظروف الواقعة وملابساتها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إحراز الطاعن للجوهر المخدر المضبوط وعلمه بحقيقته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو الجدل في سلطة محكمة الموضوع وتقدير الأدلة مما لا معقب عليها فيه. لما كان ما تقدم, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 8993 لسنة 63 ق جلسة 8 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 102 ص 623

جلسة 8 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، محمد ناجى دربالة وهشام البسطويسي نواب رئيس المحكمة.

--------------

(102)
الطعن رقم 8993 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "نطاق الطعن" "أثر الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إحالة الحكم المطعون فيه إلى حكم سبق نقضه في بيان وقائع الدعوى أو أسبابه. يعيبه. علة ذلك؟
عدم امتداد أثر الطعن لمن صدر الحكم عليه حضورياً اعتبارياً. علة ذلك؟
(2) نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظره والحكم فيه".
كون الطعن للمرة الثانية. وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب ومنطوق الحكم المنقوض على الرغم من قصوره. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم يترتب عليه إلغاؤه ويعتبر بالتالي معدوم الأثر فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له قانوناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال - سواء في تحصيله وقائع الدعوى أو في أسبابه - على ما أورده الحكم الابتدائي الصادر من محكمة ...... الجزئية بجلسة.... والمؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي الصادر بجلسة...... والسابق القضاء بنقضه - يكون قد أحال على حكم ملغى عديم الأثر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وحده دون أن يمتد أثره إلى المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم في حقه حضورياً اعتبارياً ومن ثم يكون قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة ولا يكون له أصلاً الحق في الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم اتصال وجه النعي به.
2 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من..... بأنهم: أولاً: تسببوا خطأ في موت .... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم بأن تركوا المجني عليه يصعد على برج التوزيع دون أن يخبروه بمكان الدائرة الأولى أو الدائرة الثانية فصعد على الدائرة الأولى باعتبارها على اليمين وأنه فصل عنها التيار كما اعتاد العمل بالمحطة في حين أن الدائرة الأولى على اليسار بخلاف ما جرى عليه العمل بالمحطة فصعقه التيار وحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. ثانياً: تسببوا خطأ في إصابة كلاً من..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم ومراعاتهم للقوانين واللوائح بأن تركوا المجني عليهما ليصعدا على برج التوزيع دون أن يبينوا لهما مكان الدائرة الأولى المفصول عنها التيار والثانية المتصل بها التيار فصعدا على الدائرة الثانية على اعتبار أنها الدائرة الأولى طبقاً لما جرى عليه العمل بالمحطة فصعقهما التيار وحدثت إصابتهما الموصوفة بالتقرير الطبي. وطلبت عقابهم بالمادتين 238/ 1 - 3، 244/ 1 - 3 من قانون العقوبات.
وادعى كل من أرملة ووالد المجنى عليه الأول مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم أن يؤدوا لهما مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح مركز...... قضت حضورياً...... بتغريم كل متهم مائتي جنيه عما نسب إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامهم أن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
استأنفوا، ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً....... بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة بالنسبة للمتهم الثالث وتأييد الحكم بالنسبة للأول والثاني.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض ..... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة ..... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً الثاني.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه برغم أن هذا الحكم لم يستظهر ركن الخطأ بما يوفره في حق الطاعن مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبّين من الأوراق أن هذه المحكمة - محكمة النقض - قضت بجلسة ..... في الطعن المقام من المحكوم عليه - الطاعن - وآخر - في الحكم الصادر ضدهما من محكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية - بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية على محكمة .... الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. والمحكمة المذكورة قضت بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب ومنطوق الحكم المنقوض على الرغم من قصوره. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم يترتب عليه إلغاؤه ويعتبر بالتالي معدوم الأثر فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له قانوناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال - سواء في تحصيله وقائع الدعوى أو في أسبابه - على ما أورده الحكم الابتدائي الصادر من محكمة ...... الجزئية بجلسة...... والمؤيد أسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي الصادر بجلسة ...... والسابق القضاء بنقضه - يكون قد أحال على حكم ملغى عديم الأثر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وحده دون أن يمتد أثره إلى المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم في حقه حضورياً اعتبارياً ومن ثم يكون قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة ولا يكون له أصلاً الحق في الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم اتصال وجه النعي به. لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 34419 لسنة 69 ق جلسة 16 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 108 ص 652

جلسة 16 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، سلامة أحمد عبد المجيد، فؤاد حسن ومحمد سامى إبراهيم نواب رئيس المحكمة.

--------------

(108)
الطعن رقم 34419 لسنة 69 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم، كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) اغتصاب مستندات بالقوة. إكراه. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء سند. تحققه بكافة صور انعدام الرضا لدى المجنى عليه. تمامه بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص من شأنها تعطيل الاختيار أو المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة.
الإكراه. كما يكون مادياً باستعمال القوة قد يكون أدبياً بطريق التهديد.
التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال أو بنشر فضيحة أو بإنشاء أمور ماسة بالشرف. إكراه أدبي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(4) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معين لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه، غير مقبول.

-----------------
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان كاف إقدامه على ارتكاب الجريمة متوخياً تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديده بالتشهير به بما كان من شأنه ترويع المجنى عليه بحيث حمله كرها عنه، على إمضاء الشيك الذي طلب منه إمضاءه، وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة المجني عليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن منازعة في صورة الواقعة بقالة أن المجني عليه كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف لا يكون له محل
5 - لما كان يبّين من محضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن أشار في مرافعته إلى خلو الأوراق من محضر معاينة الواقعة، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن..... بأنه أكره.... بالتهديد بالإمضاء على سند شيك بوجود الدين وكان ذلك بأن هدده بارتكابه لوقائع من شأنها المساس بسمعته وأسرته على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناء على ذلك التهديد. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالةٍ. وأدعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 325 من قانون العقوبات و163 من القانون المدني مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اغتصاب السندات بالتهديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استند إليها في الإدانة، ولم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر ركن الإكراه في الواقعة وما إذا كان هذا لاحقاً أو معاصراً أو سابقاً على الاستحصال على توقيع المجني عليه على السند موضوع الاتهام خاصة وأن تصوير المجني عليه للواقعة غير مقبول إذا كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف كما قعدت المحكمة عن إجراء معاينة مكان الحادث بمعرفتها رغم تمسك الطاعن بخلو الأوراق من تلك المعاينة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبّين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ما أثبته في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها لمحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان كاف إقدامه على ارتكاب الجريمة متوخياً تعطيل إرادة المجنى عليه عن طريق تهديده بالتشهير به بما كان من شأنه ترويع المجنى عليه بحيث حمله كرها عنه، على إمضاء الشيك الذي طلب منه إمضاءه، وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف، فإنه منعى الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة المجنى عليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن منازعة في صورة الواقعة بقالة أن المجني عليه كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبّين من محضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن أشار في مرافعته إلى خلو الأوراق من محضر معاينة الواقعة، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعي عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 32929 لسنة 69 ق جلسة 16 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 107 ص 643

جلسة 16 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد، طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم نواب رئيس المحكمة ويحيى عبد العزيز ماضي.

----------------

(107)
الطعن رقم 32929 لسنة 69 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
إدانة المحكمة الطاعنين بجريمتي حيازة العملة الورقية المقلدة وترويجها. لا يوجبها التحدث عن جريمة تقليدها.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تقليد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ترويج عمله. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة حيازة عملة مقلدة بقصد الترويج. تستلزم قصداً خاصاً. هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول. على المحكمة استظهاره. عدم التزامها بإثباته في حكمها على استقلال طالما ما أوردته عن تحقق الفعل المادي ما ينبئ عن توافره. ما لم يكن محل منازعة من الجاني.
مثال.
(3) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" تلبس. قبض. تقليد.
إقرار الطاعنين للضابط بحيازة الأول لأوراق نقد مزيفة ودسها للشاهد وأن الثاني هو مصدر تلك الأوراق المزيفة وتقديمه أوراق نقد أخرى مزيفة. طواعية واختياراً. تتوافر به حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش.
(4) تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة التلبس. موضوعي.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تقليد. ترويج عملة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
تبرئة متهم منم تهمة حيازة وترويج أوراق مالية مقلدة. لا يتعارض مع توافر أركان تلك الجريمة التي دين بها الطاعنين. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(6) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سكوت الضابط عن الإدلاء باسم ضابط آخر كان بصحبته. لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفوع "الدفع بالإعفاء من العقاب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها. إلا إذا دفع بذلك أمامها.
إثارة الحق في الإعفاء من العقوبة لأول مرة أمام النقض. غير جائز.

---------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج وإن استلزمت فضلاً عن القصد الجنائي العام، قاصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول مما يتعين معه على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في حكمها على استقلال متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادي يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة التي يتطلبها القانون وذلك ما لم تكن محل منازعة من الجاني، فإنه يكون متعيناً حينئذ على الحكم بيانها صراحة وإيراد الدليل على توافرها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهما حازا بقصد الترويج العملة الورقية المقلدة المضبوطة وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان الطاعن الثاني لا يدعى أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازته للعملة المضبوطة، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن الثاني أقر بأنه مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وقدم أوراق نقد أخرى مزيفة، وكان ذلك منهما طواعية واختياراً وقبل أن يقبض على كل منهما الضابط، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون ضبط هذه الأوراق المالية المقلدة وما تلاه من قبض وتفتيش صحيحاً في القانون.
4 - لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنان من انتفائها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضه ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين بجريمتي حيازة وترويج أوراق مالية مقلدة، لا يتعارض البتة - على فرض صحة ما يقرره الطاعن الثاني - مع سبق قضاء المحكمة ببراءة المتهم ..... من ذات التهمتين في ذات الدعوى، ذلك لأنه من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهم ......، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول فيما أخذت به المحكمة وما أطرحته من أقوال شاهدي الإثبات واعتمادها على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين دون المتهم سالف الذكر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - سكوت الضابط عن الإدلاء باسم ضابط آخر كان مصاحباً لها - بفرض صحته - لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى.
7 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الثاني، فإن ما يثيره الطاعن الأول من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعض أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه وإذ كان الثابت أن الطاعن الثاني لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً لنص المادة سالفة الذكر فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول:.... 1 - حاز بقصد الترويج أوراقاً مالية مقلدة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - روج أوراقاً مالية مقلدة بأن قدمها للمتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني:... 1 - حاز بقصد الترويج أوراقاً مالية مقلدة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - روج الأوراق المالية المقلدة محل التهمة الأولى بأن دسها للمجنى عليه...... مستبدلاً إياها بأوراق مالية صحيحة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 202/ 1، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة الأوراق المزيفة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي حيازة أوراق مالية مقلدة وترويجها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه - كما يقول الطاعن الثاني - لم يبين أركان جريمة تزييف العملة، ولم يدلل على أن حيازة أوراق العملة المضبوطة كان بقصد ترويجها. ويضيف الطاعن المذكور أن الحكم قضى بإدانته رغم ما قام عليه دفاعه من بطلان القبض والتفتيش. ويقول الطاعن الأول أن الحكم أطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأنها من اختلاق الضابط بما لا يسوغ رفضه دون أن يفطن إلى القرائن التي سبقت للتدليل على ذلك. بل قضت المحكمة - في حكم سابق لها - ببراءة المتهم.... عن ذات الاتهام في ذات الدعوى تأسيساً على بطلان القبض عليه مما ينبئ عن اختلال فكرة الدعوى في عقيدة المحكمة وعدم استقرارها لديها. ويضيف الطاعن الأول أن الحكم عول في إدانته على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم صدقها وحجبه ضابط آخر - رافقه في عملية الضبط - عن الشهادة. وأخيراً يضيف الطاعن الثاني أن الحكم المطعون فيه لم يعمل في حقه الإعفاء المقرر بالمادة 205 من قانون العقوبات رغم توافر موجبه إذ أن إقراره بعد ضبطه يعد إخباراً بالواقعة أدى إلى ضبطه باقي الجناة. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما يجمل في أنه حال وجود..... رفقة الطاعن الأول في حجرته الكائنة بمسكن يقيم هو في إحدى حجراته، طلب منه الطاعن الأول أن يشاركه في نشاط تجارى مما دعاه إلى اطلاعه على مبلغ نقدي مكون من عدة أوراق مالية، إلا أن الطاعن المذكور غافله واستبدل بعض أوراق النقد بأوراق أخرى شك في أن تكون مزيفة، وإذ حاول مواجهته بادر إلى الهرب مما دعاه إلى إبلاغ الملازم أول ..... الذي توجه معه إلى مكان إقامة الطاعن الأول بزعم أنه أحد أصدقائه تبادل ثلاثتهم الحديث، ثم إذ تبين للضابط من أقوال الطاعن المذكور صحة ما أبلغه به المجني عليه فقد أفصح له عن شخصيته فقام الطاعن سالف الذكر بإبلاغه بأنه تلقى تلك الأوراق المالية المزيفة من الطاعن الثاني فتوجه إليه صحبة الطاعن الأول منتحلاً صفة صديق هذا الأخير ودار حوار أمامه تبين منه الضابط أن الطاعن الثاني هو مصدر تلك الأوراق المالية المزيفة محل البلاغ وأخرج أوراقاً مالية أخرى مزيفة وعرضها على الطاعن الأول فقام الضابط بالقبض عليه. ثم أورد الحكم مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي انتهى إلى أن الأوراق المضبوطة مزيفة بطريق التصوير الإلكتروني مع تلوينها بأسلوب يدوى وبدرجة يمكن أن تجوز على بعض الأشخاص من الناس فيقبلونها على أنها أوراق مالية صحيحة. وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن بما ينتجها من وجود الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوار به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تدن الطاعنين بجريمة تقليد العملة وإنما اقتصر الاتهام والإدانة على جريمتي حيازة العملة الورقية المقلدة وتروجيها، فلم تكن المحكمة بحاجة إذن إلى التحدث عن جريمة تقليد العملة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون وإذ كان الحكم فيما سبق قد بيّن أركان الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما على النحو الذي يقتضيه القانون فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج وإن استلزمت فضلاً عن القصد الجنائي العام، قاصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول مما يتعين معه على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في حكمها على استقلال متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادي ما يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة التي يتطلبها القانون وذلك ما لم تكن محل منازعة من الجاني، فإنه يكون متعيناً حينئذ على الحكم بيانها صراحة وإيراد الدليل على توافرها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهما حازا بقصد الترويج العملة الورقية المقلدة المضبوطة وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان الطاعن الثاني لا يدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازته للعملة المضبوطة، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه في قوله (وحيث إن المحكمة تطمئن إلى شهادة شاهدي الإثبات وتعول عليها في قضائها ومفادها أن ضبط المتهم..... إنما كان فور إقراره للضابط بحيازته لأوراق النقد المزيفة ودسها للشاهد الأول. كما أن ضبط المتهم الثاني كان فور إقراره للضابط المذكور فإن مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وتقديمه بالفعل أوراق نقد أخرى مزيفة ومن ثم فإن القبض عليهما وهما على تلك الحالة لا يستلزم استصدار إذن من النيابة بضبطهما لوجود كل منهما في حالة تبيح للضابط أن يقبض عليه عملاً بالمادة 34 أ. ج بما تنحسر معه إلى البطلان عما تم إجراءات). لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن الأول أقر للضابط بحيازته لأوراق النقد المزيفة ودسها للشاهد الأول، وأن الطاعن الثاني أقر بأنه مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وقدم أوراق نقد أخرى مزيفة، وكان ذلك منهما طواعية واختياراً وقبل أن يقبض على كل منهما الضابط، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون ضبط هذه الأوراق المالية المقلدة وما تلاه من قبض وتفتيش صحيحاً في القانون، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفائها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضه ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين بجريمتي حيازة وترويج أوراق مالية مقلدة، لا يتعارض البتة - على فرض صحة ما يقرره الطاعن الثاني - مع سبق قضاء المحكمة ببراءة المتهم.... من ذات التهمتين في ذات الدعوى، ذلك لأنه من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهم .....، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول فيما أخذت به المحكمة وما أطرحته من أقوال شاهدي الإثبات واعتمادها على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين دون المتهم سالف الذكر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء باسم ضابط آخر كان مصاحباً له - بفرض صحته - لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الثاني، فإن ما يثيره الطاعن الأول من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعض أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه وإذ كان الثابت أن الطاعن الثاني لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً لنص المادة سالفة الذكر فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 25048 لسنة 64 ق جلسة 16 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 106 ص 638

جلسة 16 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم، عمر بريك، عبد التواب أبو طالب وفؤاد نبوي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(106)
الطعن رقم 25048 لسنة 64 القضائية

(1) محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
خضوع أحكام محكمة الجنايات في الجنح المقدمة لها للأحكام المقررة للحضور والغياب أمام محكمة الجنح. المادة 397 إجراءات.
وجوب حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذى يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. أساس ذلك؟

(2)
حكم "وصفه". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان.
العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه.
مناط اعتبار الحكم حضورياً هو حضور المتهم جلسات المرافعة سواء صدر فيها الحكم أو صدر في جلسة أخرى. أساس ذلك؟
حضور الطاعن إحدى جلسات المرافعة في جنحة يوجب القانون تنفيذ الحكم فيها فور صدوره. ثم تغيبه بالجلسة التي حجزت فيها الدعوى للحكم. عدم الاعتداد بحضور محام عنه جلسة المرافعة الأخيرة. أثره: اعتبار الحكم حضورياً اعتبارياً في حقه.
قابلية هذا الحكم للطعن بالمعارضة. شرطه؟
ميعاد المعارضة فيه، بدؤه من تاريخ إعلانه به
.
 (3)
نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". معارضة.
عدم جواز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 ثبوت أن الحكم لم يعلن للطاعن وقابل للطعن بالمعارضة. أثره: عدم جواز الطعن بالنقض.

---------------
1 - لما كان الشارع قد نص في المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية على "أنه إذ غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة، فدل بذلك على أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات في مواد الجنح المقدمة إليها تخضع للأحكام العامة المقررة للحضور والغياب أمام محكمة الجنح ومن بينها ما نصت عليه المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى من أنه "يجب على المتهم في الجنحة المعاقب عليها بالحبس الذى يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه.
2 - لما كانت المادة 239 من ذات القانون قد قضت على أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها بدون أن يقوم عذراً مقبولاً. ولما كانت العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه وكان مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور الجلسات التي تمت فيها هذه الدعوى - على النحو المار بيانه - أن الطاعن - وهو متهم بجنحة سب مقدمة إلى محكمة الجنايات ويجوز الحكم فيها بالحبس الذى يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - لم يحضر بنفسه جلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم مع سبق حضوره في إحدى الجلسات السابقة عليها - ولا يعتد بحضور المحامي في هذه الحالة - فأن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً بالنسبة له طبقاً لنص المادتين 237، 239 من قانون الإجراءات الجنائية سالفتي الذكر، وإن وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وإذ كان الحكم صدر حضورياً اعتبارياً فإنه بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه - الطاعن - قيام عذر منعه عن الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفقاً لنص المادة 241 من القانون المذكور، ولا يبدأ ميعاد المعارضة إلا من تاريخ إعلانه بها.
3 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، وكانت المادة 32 من تقضى منه تقضى بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، ولما كان الثابت من كتابة نيابة النقض - المرفق بملف الطعن - أن الحكم المطعون فيه لم يعلن للطاعن وأنه أقام عنه معارضته في.... وتحدد لنظرها جلسة....، وكان الإعلان هو الذى يبدأ به سريان الميعاد المحدد للمعارضة في القانون ولأن العبرة في قبول الطعن هو بوقت التقرير به. وإذ كان الثابت - على النحو المتقدم - أن الحكم المطعون فيه كان ما زال قابلاً للطعن بالمعارضة وقد طعن عليه فعلاً ولم يفصل فيه وقت التقرير بالطعن بطريق النقض، فإن الطعن فيه بطرق النقض يكون غير جائز ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية بصفته دعواه بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن إنه سبه علانية بطريق الكتابة بأن نسب إليه عبارات تضمنت خدشاً لشرفه واعتباره وكرامته على النحو المبين بالأوراق، وطلب عقابه بالمادتين 171، 306 عقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 302/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية بصفته مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت بطريق الادعاء المباشر على الطاعن بوصف أنه سب علانية المدعى بالحقوق المدنية بطريق الكتابة لمعاقبته طبقاً للمواد 302، 303، 306 من قانون العقوبات، ونظرت الدعوى أمام محكمة الجنايات عملاً بالمادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية، وبعد أن حضر الطاعن بجلسة..... ومعه المدافع عنه وتم تأجيل نظر الدعوى في مواجهته لجلسة...... التي تخلف عن حضورها والجلسات التالية لها وحتى صدر الحكم المطعون فيه بجلسة..... وحضر عنه محام بتوكيل ووصفته المحكمة بأنه حضوري بالنسبة للطاعن. لما كان ذلك، وكان الشارع قد نص في المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية على "أنه إذ غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة، فدل بذلك على أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات في مواد الجنح المقدمة إليها تخضع للأحكام العامة المقررة للحضور والغياب أمام محكمة الجنح ومن بينها ما نصت عليه المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى من أنه "يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذى يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه" وما نصت عليه المادة 239 من ذات القانون قد قضت من أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها بدون أن يقوم عذراً مقبولاً. ولما كانت العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه وكان مناط اعتبار الحكم حضورياً هو بحضور الجلسات التي تمت فيها هذه الدعوى - على النحو المار بيانه - أن الطاعن - وهو متهم بجنحة سب مقدمة إلى محكمة الجنايات ويجوز الحكم فيها بالحبس الذى يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - لم يحضر بنفسه جلسة المرافعة التي حجزت فيها الدعوى للحكم مع سبق حضوره في إحدى الجلسات السابقة عليها - ولا يعتد بحضور المحامي في هذه الحالة - فأن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً بالنسبة له طبقاً لنص المادتين 237، 239 من قانون الإجراءات الجنائية سالفتي الذكر، وإن وصفته المحكمة خطأ بأنه حضوري، وإذ كان الحكم صدر حضورياً اعتبارياً فإنه بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه - الطاعن - قيام عذر منعه عن الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم وفقاً لنص المادة 241 من القانون المذكور، ولا يبدأ ميعاد المعارضة إلا من تاريخ إعلانه بها. لما كان ذلك وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، وكانت المادة 32 منه تقضى بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً، ولما كان الثابت من كتابة نيابة النقض - المرفق بملف الطعن - أن الحكم المطعون فيه لم يعلن للطاعن وأنه أقام عنه معارضته في..... وتحدد لنظرها جلسة.....، وكان الإعلان هو الذى يبدأ به سريان الميعاد المحدد للمعارضة في القانون ولأن العبرة في قبول الطعن هو بوقف التقرير به. وإذ كان الثابت - على النحو المتقدم - أن الحكم المطعون فيه كان ما زال قابلاً للطعن بالمعارضة وقد طعن عليه فعلاً ولم يفصل فيه وقت التقرير بالطعن بطريق النقض، فإن الطعن فيه بطرق النقض يكون غير جائز ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 818 لسنة 63 ق جلسة 16 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 105 ص 634

جلسة 16 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم، عمر بريك، عبد التواب أبو طالب وفؤاد نبوي نواب رئيس المحكمة.

-------------

(105)
الطعن رقم 818 لسنة 63 القضائية

دعوى مدنية "قيود تحريكها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إقامة المدعى المدني الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر بعد لجوئه للقضاء المدني. شرطه: أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت من النيابة العامة.
القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة بطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن تبديد منقولات تأسيساً على إقامة المدعي بالحق المدني دعوى مدنية بتسليمه ذات المنقولات رغم اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً. خطأ في القانون. يوجب نقضه.

----------------
لما كان المستفاد بمفهوم المخالفة من نص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه أمام القضاء المدني بالمطالبة بالتعويض أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت من النيابة العامة فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعى بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر ويشترط لسقوط حق المدعى بالحقوق المدنية في تحريك الدعوى الجنائية في هذه الحالة اتحاد الدعويين في السبب والخصوم والموضوع. لما كان ذلك، وكانت الدعوى التي رفعتها المدعية بالحقوق المدنية أمام القضاء المدني هي دعوى تسليم منقولاتها عيناً أما الدعوى المباشرة الماثلة فهي بطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن تبديد هذه المنقولات ومن ثم فإنهما يختلفان موضوعاً وسبباً. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى صحة الدفع بسقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى الطريق الجنائي لسلوكها الطريق المدني وقضى تبعاً لذلك بعدم قبول الادعاء المباشر بشقيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بأنه بدد المنقولات المبنية الوصف والقيمة والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال فاختلسها لنفسه أضراراً بها وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات مع إلزامه بأن يؤدي لها مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
استأنف، ومحكمة...... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت غيابياً.... بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته...... بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبعدم قبول الادعاء المباشر بشقيه الجنائي والمدني. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في..... كما طعن الأستاذ ..... المحامي عن الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم في..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن كلاً من النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المعارض فيه وبعدم قبول الادعاء المباشر بشقيه المدني والجنائي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون إذ تساند في قضائه إلى سقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى القضاء الجنائي لسابقة اللجوء إلى القضاء المدني رغم اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في مدوناته أخذاً بالمستندات المقدمة سابقة حصول المدعية بالحقوق المدنية على الحكم الصادر في الدعوى رقم ...... أحوال نفس والذي قضى بإلزام المتهم بتسليم زوجته - المدعية بالحقوق المدنية - منقولات الزوجية ثم قيام المدعية بالحقوق المدنية بتحريك الجنحة المباشرة عن جريمة تبديد هذه المنقولات ضد المتهم وبعد أن أورد بعض المبادئ والتقريرات القانونية عرض لدفع المتهم بسقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى القضاء الجنائي بعد اللجوء إلى القضاء المدني ورد عليه في قوله "وهديا على ما سلف وقد دفع المتهم بسقوط حق المدعى المدني في اللجوء إلى القضاء الجنائي بطريق الادعاء المباشر وقد التجأ إلى القضاء المدني في الدعوى رقم.... أحوال نفس عن ذلك الموضوع وذات الخصوم وقد دفع به قبل الخوض في موضوع الدعوى ويكون متفقاً وصحيح الواقع والقانون وإذ خالف الحكم المستأنف هذه الوجهة من النظر مما يتعين القضاء بإلغائه ويتعين القضاء بعدم قبول الادعاء المباشر بشقيه الجنائي والمدني". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المستفاد بمفهوم المخالفة من نص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه أمام القضاء المدني بالمطالبة بالتعويض أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت من النيابة العامة فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعى بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر ويشترط لسقوط حق المدعى بالحقوق المدنية في تحريك الدعوى الجنائية في هذه الحالة اتحاد الدعويين في السبب والخصوم والموضوع. لما كان ذلك، وكانت الدعوى التي رفعتها المدعية بالحقوق المدنية أمام محكمة القضاء المدني هي دعوى تسليم منقولاتها عيناً أما الدعوى المباشرة الماثلة فهي بطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن تبديد هذه المنقولات ومن ثم فإنهما يختلفان موضوعاً وسبباً فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى صحة الدفع بسقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى الطريق الجنائي لسلوكها الطريق المدني وقضى تبعاً لذلك بعدم قبول الادعاء المباشر بشقيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين.

الطعن 804 لسنة 63 ق جلسة 16 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 104 ص 630

جلسة 16 من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم، عمر بريك، عبد التواب أبو طالب وفؤاد نبوي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(104)
الطعن رقم 804 لسنة 63 القضائية
(1) علامة تجارية. تقليد. تزوير "تزوير العلامات التجارية".
اعتبار من قام بتسجيل العلامات التجارية مالكاً لها دون سواه. عدم جواز منازعته متى استعملها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ تسجيلها دون رفع دعوى عليه بشأنها. أساس ذلك؟
 (2)علامة تجارية. تقليد. تزوير "تزوير العلامات التجارية". جريمة "أركانها". قانون تفسيره".
تسجيل العلامة التجارية. هو مناط حمايتها. تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها مؤثم. المراد بالتزوير أو التقليد هو المحاكاة بين أوجه الشبه بين العلامتين بما يدعو إلى تضليل الجمهور.
(3) حكم "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". علامة تجارية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
عدم بيان الحكم ما إذا كانت العلامة مسجلة في جريمة تزويرها. قصور.
----------------------
1 - من حيث إن القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل الصادر في شأن العلامات التجارية قد عرف العلامة التجارية في المادة الأولى منه، ونص في المادة الثالثة على أن يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكا لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها.

2 - من المقرر أن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة التجارية بتأثيم تزويرها أو تقليدها وأن المقصود بالتزوير أو التقليد هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور لما بين العلامتين الصحيحة والمزورة أو المقلدة من أوجه التشابه.
3 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر ما إذا كانت العلامة المؤثم تقليدها قد سجلت فإنه يكون معيبا بالقصور، الذي يعجز محكمة النقض عن التقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه طعنه.
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قلد علامة شركة .... التي تم تسجيلها طبقا للقانون بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور بأن حاكى الاسم التجاري لصابون .....على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 15، 16، 33/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل في شأن العلامات التجارية ومحكمة جنح ..... قضت حضوريا بحبسه شهرا مع الشغل وكفالة مائتي جنيه وغرامة مائتي جنيه.
استأنف، ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بتغريم المتهم مائتي جنيه.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ.
-----------------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد علامة تجارية قد شابه القصور في التسبيب ذلك أنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن الشركة المدعية بالحقوق المدنية لم تكن قد سجلت العلامة المدعى تقليدها حتى تاريخ رفع الدعوى غير أن الحكم لم يرد على هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل الصادر في شأن العلامات التجارية قد عرف العلامة التجارية في المادة الأولى منه، ونص في المادة الثالثة على أن يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها ثم نظم في المادة السادسة وما بعدها إجراءات التسجيل وأفرد المادة 33 منه لبيان العقوبة التي يتعين تطبيقها على من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك. لما كان ذلك، فإن الشارع يكون قد أفصح عن مراده بأن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة التجارية بتأثيم تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو بتسجيلها والذي يعتبر ركناً من أركان جريمة تزويرها أو تقليدها وأن المقصود بالتزوير أو التقليد هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور لما بين العلامتين الصحيحة والمزورة أو المقلدة من أوجه التشابه، وعلى هدي ما تقدم، فإنه إذ كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيناناً تتحقق به أركان الجريمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر ما إذا كانت العلامة المؤثم تقليدها قد سجلت, فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن التقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه طعنه بما يستوجب نقضه والإعادة.

الطعن 26675 لسنة 69 ق جلسة 18 /4 / 2002 مكتب فني 53 ق 111 ص 670

جلسة 18 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوي أيوب، أبو بكر البسيوني أبو زيد نواب رئيس المحكمة وأحمد مصطفى.

----------------

(111)
الطعن رقم 26675 لسنة 69 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد محل إقامة الطاعن ومهنته. غير قادح في جدية التحريات.
(2) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(3) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر. موضوعي. ما دام سائغاً. المجادلة في ذلك. غير جائزة أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بعدم علمه بكنه المادة المضبوطة.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المحاكمات الجنائية. قيامها على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحاكمة بجلسة المحاكمة وتسمع فيه الشهود. جواز تلاوة أقوال الشهود. حد ذلك.
مثال.

----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة على ما سلف بيانه - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته. وأطرحت المستندات المقدمة من الطاعن بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن أو عدم إيراد مهنته بمحضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات.
2 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أن تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. إذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم - علم الطاعن بوجود النبات المخدر بعلبتي الحلوى داخل الكيس المضبوط فضلاً عن أن تفتيشه أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر، وردت بذلك على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعليا. فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - لما كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً. إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في..... وهي الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تنازل صراحة عن سماع أقوال شاهد الضبط الثالث وأمرت المحكمة بتلاوتها ثم اختتم مرافعته طالباً البراءة ولم يعاود التمسك بسماع أقوال الشاهد المذكور، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى من دون أن تسمع شهادته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 29، 38/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر المضبوط - باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع . ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لم يحدد مجريها عنوان الطاعن الصحيح ومهنته بيد أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً وبما يخالف المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل بها على صحته، كما جاء رده على دفاع الطاعن بانتفاء علمه بتحقيقه النبات المخدر المضبوط قاصراً وغير سائغ. وعول الحكم على أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول رغم عدم معقوليتها وانفراده دون مرافقيه بالشهادة. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن أصر على طلب سماع أقوال شاهد الضبط الثالث إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال رئيس مباحث قسم.... ومعاونه ومفتش مباحث القسم وما أوراه تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وانعدامها لخلوها من عمل المتهم وأنه يقيم بدائرة..... وليست بدائرة...... - فمن المقرر أن تقدير جدية التحريات متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدى المتهم نفيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها - فيما انتهت إليه ولما كان الثابت من مطالعة محضر التحريات المؤرخ..... والذي تطمئن إليه المحكمة أنه قد تضمن بيانات ومعلومات كافية عن شخص المتهم باسمه رباعياً واسم الشهرة وسنه ومحل إقامته وقد تأكدت هذه التحريات بمراقبة النقيب... والملازم أول.... والمقدم.... في تاريخ سابق على صدور الإذن من أنه يحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ومن ثم تكون هذه التحريات قد اتسمت بالجدية والكفاية التي تسوغ للنيابة العامة إصدار الإذن بالضبط والتفتيش ومن ثم يضحى الدفع المبدى قائماً على غير سند من صحيح الواقعة والقانون وهو ما يتعين رفضه وأن ما قدمه المتهم من مستندات لا تنهض دليلاً على أنه لا يقيم بالعنوان الوارد بمحضر التحريات ولاسيما أن الشاهد الأول قرر بجلسة المحاكمة أن المتهم يتردد على صهره بدائرة قسم.... كما أن جهة صدور بطاقته العائلية مركز.....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصرار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة - على ما سلف بيانه - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته. وأطرحت المستندات المقدمة من الطاعن بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق. وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن أو عدم إيراد مهنته بمحضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن بانتفاء علمه بكنه المادة المضبوطة ورد عليه بقوله: إن المتهم قد حاول التخلص من الكيس الذي بداخله المخدر المضبوط بداخل علبتي الحلوى ومحاولته الفرار عند رؤيته لضابطي الواقعة فضلاً عن أن تفتيشه قد أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر وأن ما ضبط معه كمية كبيرة من نبات الحشيش المخدر (البانجو) وقد أكدت التحريات السابقة على عملية الضبط من إحرازه لمواد مخدرة فإن ذلك كافياً للدلالة على اتصاله بالمخدر المضبوط عن علم وإرادة بكنه المادة المخدرة ويضحى الدفع قائماً على غير سند متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم - علم الطاعن بوجود النبات المخدر بعلبتي الحلوى داخل الكيس المضبوط فضلاً عن أن تفتيشه أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر، وردت بذلك على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً. فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً. إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في .... وهي الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تنازل صراحة عن سماع أقوال شاهد الضبط الثالث وأمرت المحكمة بتلاوتها ثم اختتم مرافعته طالباً البراءة ولم يعاود التمسك بسماع أقوال الشاهد المذكور، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى من دون أن تسمع شهادته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 15853 لسنة 69 ق جلسة 18 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 110 ص 665

جلسة 18 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوى أيوب، رضا القاضي نواب رئيس المحكمة وعبد الرسوم طنطاوي.

---------------

(110)
الطعن رقم 15853 لسنة 69 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إقرار الطاعنة الشفوي لضابط الواقعة بارتكاب الجريمة. مجرد قول للشاهد يخضع لتقدير المحكمة.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة إيراد أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاؤها.
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء وما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لاتخاذه غير مقبول.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول.
مثال.

---------------
1 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعنة إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقرارها الشفوي للشاهد الثاني وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه. بعد أن أطرحت في منطق سائغ ما آثاره الدفاع عن الطاعنة في هذا الشأن. ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
2 - لما كان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن في عدم تعرض المحكمة لما أدلى به المجنى عليه بمحضر الشرطة من أنه تناول طعام الرقاق مع زوجته الثانية قبل ذهابه إلى مسكن الطاعنة - على فرض صحة ذلك - ما يفيد إطراحها له اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي أوردتها وعولت عليها فى حكمها، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص.
3 - لما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أن إصابة المجنى عليه والأعراض التي ظهرت عليه كانت نتيجة تناوله الطعام المحتوى على المادة السامة الذي قدمته له الطاعنة فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البّين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة لم يطلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في شأن أي طعام تناوله المجنى عليه يحتوى على المادة السامة فليس للطاعنة من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه، ومن ثم فإن كل ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.
5 - لما كان ما تثيره في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال بائعي الحلوى والمادة السامة فهو لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم ولا يعيبه أنه أغفل الرد عليه، وكان لا يبّين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجراءه بعد اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهدان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة أنها شرعت في قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتت النية وعقدت العزم على قتله وأعدت لذلك جوهراً ساماً "فسفور عضوي" ووضعته بطعام قدمته إليه وتناوله المجني عليه فأحدث ما به من إصابات الواردة بالتقرير الطبي إلا أنه خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتها فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالأوراق. وأحالتها إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 231، 233 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 عقوبات بمعاقبة المتهمة بالسجن مدة ثلاث سنوات عما أسند إليها من اتهام.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الشروع في القتل بالسم مع سبق الإصرار قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه اتخذ مما أقرت به الطاعنة للشاهد الثاني - ضابط الواقعة - دليلاً للإدانة رغم أنه لا يعدو قولاً للشاهد أنكرته الطاعنة بالتحقيقات وخلت الأوراق من دليل على صحته. وأغفل الحكم ما قرره المجنى عليه بمحضر الشرطة من أنه تناول طعام الرقاق مع زوجته الأخرى قبل ذهابه لمسكن الطاعنة مما يدل على عدم إلمام المحكمة بوقائع الدعوى وظروفها. كما عول الحكم على التقرير الطبي الشرعي رغم قصوره لإغفاله بيان ما إذا كانت المادة السامة كانت تحتويها قطعة الحلوى التي تناولها المجني عليه لدى الطاعنة من عدمه ولم تناقش المحكمة الطبيب الشرعي في ذلك. هذا إلى أن التحقيقات جاءت قاصرة لعدم سؤال بائعي الحلوى والمادة السامة، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعنة فى هذا الشأن. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأقام عليها في حقها أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه ورئيس مباحث قسم..... ومما ورد بتقريري الطبيب الشرعي ومستشفى....... وهي أدلة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لا تمارى الطاعنة في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق. لما كان ذلك، وكان البّين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعنة إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقرارها الشفوي للشاهد الثاني وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه. بعد أن أطرحت في منطق سائغ ما آثاره الدفاع عن الطاعنة في هذا الشأن. ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن في عدم تعرض المحكمة لما أدلى به المجنى عليه بمحضر الشرطة من أنه تناول طعام الرقاق مع زوجته الثانية قبل ذهابه إلى مسكن الطاعنة - على فرض صحة ذلك - ما يفيد إطراحها له اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي أوردتها وعولت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من أن إصابة المجنى عليه والأعراض التي ظهرت عليه كانت نتيجة تناوله الطعام المحتوى على المادة السامة الذي قدمته له الطاعنة فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البّين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة لم يطلب إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في شأن أي طعام تناوله المجنى عليه يحتوى على المادة السامة فليس للطاعنة من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه، ومن ثم فإن كل ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. أما ما تثيره في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال بائعي الحلوى والمادة السامة فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم ولا يعيبه أنه أغفل الرد عليه، وكان لا يبّين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجراءه بعد اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهدان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.