الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 مايو 2013

الطعن رقم 4298 لسنــة 61 قضائية النقض الجنائي



برئاسة السيد المستشار /  مجدي منتصر  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن حمزة وفتحي حجاب وشبل حسن  نواب رئيس المحكمة وعلى فرجاني .

------------------------


1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة امن الدولة العليا بعدم قبول الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها وإن كان حكماً صادراً قبل الفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه يعد مانعاً من السير فيها، لما يترتب على قيامه من عدم إمكان محاكمة المتهم بعد أن استنفدت النيابة العامة سلطتها في إجراء التحقيق الابتدائي على الوجه الذي يتطلبه القانون، وما دامت محكمة امن الدولة العليا قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين يديها. من ثم، فغث الطعن في الحكم المطعون فيه بطريق النقض يكون جائزاً عملاً بالمادة 31 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شان حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

2 - البين من نص المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع قد أوجب أن يستصحب قاضي التحقيق في جميع إجراءاته كتاباً من كتاب لمحكمة يوقع معه على المحاضر، إلا انه لم يرتب على عدم توقيع لكاتب على محاضر التحقيق بطلانها وتحويلها إلى مجرد محضر جميع استدلالات، إذ لو أن الشارع أراد أن يرتب البطلان على عدم التوقيع لما فاته أن ينص على ذلك صراحة، وإذ كان المطعون ضده لا ينازع في أن التحقيق الابتدائي تم بمعرفة النيابة العامة، وإن عضو النيابة اصطحب معه كاتب فان بتدوين التحقيق، فإن التحقيق يكون قد تم وفقا لصحيح القانون، ويظل له قوامه القانوني ولو لم يوقع الكاتب صفحاته، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى استناداً إلى بطلان التحقيق الابتدائي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع نقض الحكم فيه إعادة الدعوى إلى محكمة امن الدولة العليا المختصة لمحاكمة المتهم من جديد.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه بصفته موظفاً عمومياً "سكرتير وأمين خزينة الوحدة المحلية بقرية ......... مركز بني سويف" اختلس دفتر التحصيل والأموال المبينة بالتحقيقات والبالغ قدرها 16178.812 جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة البيان والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل والأمناء على الودائع. وأحالته إلى محكمة امن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم قبول الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ.

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شؤونها فيها قد أخطا في تطبيق القانون, ذلك أن الحكم أقام قضائه على أساس بطلان التحقيق الابتدائي لعدم توقيع الطالب عليه, على الرغم من أن إغفال توقيع الكاتب على محضر التحقيق لا يستتبع بطلانه, وعلى فرض صحة ذلك, فإنه لا ينسحب إلى باقي إجراءات التحقيق الأخرى والتي لا تستلزم  تدوين كاتب التحقيق لها أو توقيعه عليها, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيعه الصادر من محكمة أمن الدولة العليا بعدم قبول الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة  لاتخاذ شؤونها فيها وإن كان حكما صادرا قبل الفصل في موضوع الدعوى, إلا أنه يعد مانعا من السير فيها لما يترتب على قيامه من عدم إمكان محاكمة المتهم بعد أن استنفدت النيابة العامة سلطتها في إجراء التحقيق الابتدائي على الوجه الذي يتطلبه القانون, وما دامت محكمة أمن الدولة العليا قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين يديها. ومن ثم فإن الطعن على الحكم المطعون فيه بطريق النقض يكون جائزا عملا بالمادة 131 من القانون رقم 57 لسنة  1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض, وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون. وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أفصح في مدوناته عن يبطلان تحقيق النيابة العامة  لعدم توقيع الكاتب على محاضر التحقيق, خلص إلى أن الدعوى الجنائية رفعت بهذه المثابة إلى محكمة الجنايات, دون أن يسبقها تحقيق ابتدائي عملا بنص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية, وقضى - تأسيسا  على ذلك - بعدم قبول الدعوى الجنائية وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. لما كان ذلك, وكان يبين من نص المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع أراد أن  يستصحب قاضي التحقيق في جميع إجراءاته  كاتبا من كتاب المحكمة يوقع معه على المحاضر, إلا أنه لم يرتب على عدم توقيع الكاتب على محاضر التحقيقات بطلانها وتحولها إلى مجرد محضر جمع استدلالات ,إذ لو أن المشرع أراد أن يرتب البطلان على عدم التوقيع, لما فاته أن ينص على ذلك صراحة, وإن  كان المطعون ضده لا ينازع في أن التحقيق الابتدائي تم بمعرفة النيابة العامة وأن عضو النيابة اصطحب معه كاتب قام بتدوين التحقيق, فإن التحقيق يكون قد تم وفق صحيح القانون, ويظل له قوامه القانوني ولو لم يوقع له الكاتب صفحاته. لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى استنادا إلى بطلان التحقيق الابتدائي, يكون قد أخطـأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. ولما كان  هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى, فإنه يتعين أن يكون مع نقض الحكم المطعون فيه إعادة الدعوة إلى محكمة أمن الدولة العليا المختصة لمحاكمة المتهم من جديد.

الطعن رقم 4263 لسنــة 61 قضائية النقض الجنائي

12/9/1420  : التاريخ


برئاسة السيد المستشار /  محمود إبراهيم  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سمير أنيس وعبد المنعم منصور وفتحي جودة  نواب رئيس المحكمة وإيهاب عبد المطلب.

------------------------


1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.

2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم، فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن، لا يعدو أن يكون جدلا موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى.

4 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها.

5 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على لملاءة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم عن المجني عليه ........ أن الطاعن الأول ضربه بعصا ضربتين على ساعده الأيسر فأحدث إصابتها، وكان ذلك لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله الحكم عن التقرير الطبي الشرعي من ن إصابة المجني عليه الأول في ساعده الأيسر، وأن إصابة المجني عليها الثانية ساعدها الأيسر، فغث دعوى التعارض بين الدليلين القولي والفني تكون على غير أساس.

6 - لما كان قول الطاعن الثاني بأنه كان قاصراً نعياً منه على إلزامه بالتعويض فمردود بما هو ثابت من محاضر جلسات المحاكمة من انه لم يدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد، وإذ كان هذا الدفع من الدفوع القانونية التي يخالطها الواقع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

7 - لما كان البين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة ضم قضايا كما يقرران بأسباب طعنهما، ومن ثم فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضي ببراءته بأن المتهم الأول: ضرب .......... بعصا على ساعده الأيسر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة لحوالي نصف مدى حركتي كلاً من كب وبطح الساعد مع إعاقة في نهاية مدى حركة بسط المرفق بما يقلل من كفاءته بنحو 15% خمسة عشر في المائة. المتهم الثاني : ضرب .......... على ساعدها الأيسر فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة لحوالي نصف مدى حركة كب الساعد وكذا إعاقة لحوالي ثلث مدى حركة "بطح الساعد مع إعاقة في الجزء الأخير من مدى حركة ثني المرفق مع إعاقة في نهاية مدى حركة بسط المرفق مما يقلل من كفاءته بنحو 20% عشرين في المائة. وادعى المجني عليه الأول قبل المتهم الأول والمجني عليها الثانية قبل المتهم الثاني مدنياً قبل منهما بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة وبإلزام كل منهما بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ............ المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ.

المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحداث عاهة قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع, ذلك أنه عول على أقوال المجني عليهم , على الرغم من أنها لا تصلح وحدها دليلا, كما أن التحريات لا تعدو وحدها أن تكون رأي لصاحبها, وأخذ الحكم بها دليلا بالنسبة للطاعنين وأطرحها بالنسبة للمتهم الثالث الذي قضي ببراءته, كما أخذ بأقوال شهود النفي وبالنسبة له وأطرحها بالنسبة لهما, كما تناقضت أقوال المجني عليهما مع ما جاء بالتقرير الطبي بشأن عدد الضربات والإصابات مما يقطع بكذبها, والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن الثاني بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لرفعها على غير ذي صفة لعدم بلوغه السن القانونية, وأخيرا فإن المحكمة لم تستجب لطلب الطاعنين بضم قضايا سبق للمجني عليه 0000 اتهام آخرين فيها بإحداث نفس إصاباته التداعي, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها' ودلل على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما وما جاء بتحريات الشرطة, وما أسفر عنه التقرير الطبي الشرعي, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة  من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهما مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل في الدعوى, لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.لما كان ذلك, وكان من حق محكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة, ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى, فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر, كما لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها, ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكل إلى تقديرها وحدها, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني, تناقضا يستعصي على المواءمة والتوفيق, وكان مؤدى ما حصله الحكم عن المجني عليه ...... أن الطاعن الأول  ضربه بعصا ضربتين على ساعده الأيسر فأحدث به إصابته, كما قررت المجني عليها .... أن الطاعن الثاني ضربها بعصا على ذراعها الأيسر فأحدث إصابتها, وكان ذلك لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله الحكم عن تقرير الطبيب الشرعي من أن إصابة المجني عليه الأول في ساعدها الأيسر, وأن إصابة المجني عليها الثانية في ساعدها الأيسر, فإن دعوى التعارض بين الدليلين القولي والفني تكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان قول الطاعن الثاني بأنه كان قاصرا - نعيا منه على إلزامه بالتعويض - فمردود بما هو ثابت من محاضر جلسات المحاكمة من أنه لم يدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد, وإذ كان هذا الدفع من الدفوع القانونية التي يخالطها الواقع, فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان البين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة ضم قضايا - كما يقرران بأسباب طعنهما - ومن ثم فليس لهما من بعد ينعيا على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن رقم 2986 لسنــة 64 قضائية النقض الجنائي

17/9/1420  : التاريخ



برئاسة السيد المستشار /  رجب فراج  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الفتاح حبيب ووجيه أديب وممدوح يوسف  نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العال .

------------------------


1 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعن قد عارض في حكم حضوري اعتباري استئنافي ما لا تقبل المعارضة فيه، وفقا لنص المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري، ولما كان الطاعن قد مثل بالجلسة التي نظرت معارضته هذه ولم يقدم عند تخلفه عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المعارض فيه، فإن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بقبول المعارضة شكلاً وبرفضها موضوعاً وتأييد لحكم المعارض فيه وبوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمقضي بها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أنه قد تصدى لموضوع الدعوى فيما قضى به من وقف تنفيذ عقوبة الحبس وهو ـ في هذه الحالة ـ ممتنع عليه لأنه لا يسار على النظر في موضوع الدعوى، إلا إذا كانت المعارضة مقبولة، وهو ما كان يؤذن لمحكمة النقض ـ بحسب الأصل ـ أن تصحح هذا الخطأ بإلغاء ما قضى به الحكم من وقف التنفيذ، إلا انه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه وحده، فغث محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لما في ذلك من الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملا بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

2 - لما كان الطعن وارداً على الحكم الصادر في المعارضة المرفوعة عن حكم حضوري اعتباري فحسب، دون الحكم الحضوري الاعتباري الذي لم يقرر الطاعن بالطعن فيه، فإنه لا يقبل منه أن يتعرض في طعنه لهذا الحكم الأخير أو للحكم الابتدائي المؤيد به ولا يكون لما يثيره في طعنه في هذا الخصوص محل.

3 - لما كان الحكم المطعون فيه وهو في حقيقة حكماً بعدم قبول المعارضة الاستئنافية من الأحكام الشكلية، فلا عليه إن هو لم يورد واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التي دين بها الطاعن ومادة العقاب الواجب إعمالها، و باقي ما يثيره الطاعن بطعنه خاصاً بموضوعها لأن ذلك لا يكون لازماً إلا بالنسبة للحكام الصادرة في الموضوع بالإدانة.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناءً على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة, وطلبت عقابه بمواد القانون 116 لسنة 1983, ومحكمة جنح أشمون قضت غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وغرامة عشرة آلاف جنيه والإزالة عارض. وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف, ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض, وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس. فطعن الأستاذ/ ............ المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ........... إلخ.

المحكمة

حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن قد عارض في حكم حضوري اعتباري استئنافي مما لا تقبل المعارضة فيه, وفقا لنص المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية, إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري, ولما كان الطاعن قد مثل بالجلسة التي نظرت معارضته هذه ولم يقدم عذر تخلفه عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المعارض فيه, فإن الحكم المعارض المطعون فيه يكون وفق صحيح القانون حكما بعدم قبول المعارضة, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بقبول المعارضة شكلا وبرفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه وبوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, هذا إلى أنه قد تصدى لموضوع الدعوى بما قضى به من وقف تنفيذ عقوبة الحبس وهو في هذه الحالة - ممتنع عليه لأنه لا يسار إلى النظر في موضوع الدعوى, إلا إذا كانت المعارضة مقبولة, وهو ما كان يؤذن لمحكمة النقض - بحسب الأصل - أن تصحح هذا الخطأ بإلغاء ما قضى به الحكم من وقف التنفيذ, إلا أنه لما كان الطعن مرفوعا من المحكوم عليه وحده, فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لما في ذلك من الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملا بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الطعن واردا على الحكم الصادر في المعارضة المرفوعة عن حكم  حضوري اعتباري فحسب دون الحكم الحضوري الاعتباري الذي لم يقرر الطاعن بالطعن فيه, لأنه لا يقبل منه أن يتعرض في طعنه لهذا الحكم الأخير أو للحكم الابتدائي المؤيد به فلا يكون لما يثيره في طعنه في هذا الخصوص محل. كما أن الحكم المطعون فيه وهو في حقيقته حكما بعدم وقبول المعارضة الاستئنافية من الأحكام الشكلية, فلا عليه إن هو لم يورد واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التي دين بها الطاعن ومادة العقاب الواجب إعمالها, أو باقي ما يثيره الطاعن بطعنه خاصة بموضوعها, لأن ذلك لا يكون لازما إلا بالنسبة للأحكام الصادرة في الموضوع بالإدانة. لما كان ما تقدم, فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحا عن عدم قبوله موضوعا.

الطعن رقم 6104 لسنــة 64 قضائية النقض الجنائي

21/9/1420  : التاريخ



برئاسة السيد المستشار عبد اللطيف على أبو النيل  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد على رجب  نائب رئيس المحكمة وإبراهيم العربي ومنصور القاضي وعثمان متولي.

------------------------


1 - لما كان القانون رقم 48 لسنة 1982 في شان حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث قد نص في مادته الخامسة على أن (يلتزم ملاك العائمات السكنية والسياحية وغيرها الموجودة في مجرى النيل وفرعية بإيجاد وسيلة لعلاج مخلفاتها أو تجميعها في أماكن محددة ونزحها وإلقائها في مجاري أو مجمعات الصرف الصحي، ولا يجوز صرف الوحدات النهرية المتحركة المستخدمة للنقل أو السياحة أو غيرها السماح بتسرب الوقود المستخدم لتشغيلها في مجاري المياه،وتسري على هذه الوحدات أحكام المادة (5) من هذا القانون، ونص في المادة 16 منه على العقوبات المقررة لمخالفة أحكام المادتين 5، 7 سالفتي البيان، وكان مفاد ذلك أن الالتزام بإيجاد وسيلة لعلاج المخلفات أو تجميعها وإلقائها في مجاري الصرف الصحي إنما يقع على عاتق مالك الوحدة النهرية المتحركة أو العائمة الموجودة في مجرى النيل وفرعية دون غيره، أما صرف مخلفات الوحدات النهرية والعائمات على النيل أو غيره من مجاري المياه فهو محظور على الكافة سواء كانوا ملاكاً لها أو غير ذلك فيشترط للإدانة في جريمة عدم إيجاد وسيلة لعلاج لمخلفات أو تجميعها وإلقائها في مجاري الصرف الصحي أن تتحقق في الجاني صفة المالك للعائمة أو الوحدة النهرية المتحركةـ أما جريمة صرف المخالفات على النيل أو غيره من مجاري لمياه فيشترط فيها وقوع الصرف فعلاً في مجاري المياه.

2 - لما كانت المادة 310 من قانون لإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان لواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة وإلا كان قاصرا، وكان الحكم لمطعون فيه لم يستظهر صفة الطاعن وما إذا كان مالكاً للوحدة النهرية من عدمه، ولم يثبت في حقه قيامه بصرف المخلفات فعلاً على النيل أو غيره من المجاري المائية، ومن ثم فإنه يكون قاصراً في استظهار توافر أركان الجريمة في حق الطاعن على أي من الصورتين سالفتي الذكر، بما يعيبه ويوجب نقضه.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: صرف مخلفات في مجرى النيل وطلبت عقابه بالمواد 1, 2, 16 من القانون رقم 48 لسنة 1982. ومحكمة جنح نجع حمادي قضت حضورياً بتغريمه خمسمائة جنيه. استأنف, ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. 
فطعن الأستاذ/ ........... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .............. إلخ.

المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة صرف مخلفات في مجرى النيل, قد شابه القصور في التسبيب, ذلك أنه جاء مبهما مجملا ولم يشتمل على الأسباب التي تكفي لحمل قضاءه, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة صرف مخلفات في مجرى النيل وبنى قضاءه بإدانته على قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل  فيما جاء بالمحضر المؤرخ 18/11/1992 بمعرفة شرطة المسطحات المائية أثناء مروره بدائرة مركز أبو قرقاص شاهد الوحدة النهرية المسماه000 وباستيقافها وبسؤال قائدها عن وجود محطة صرف المخلفات بالوحدة نفى أضاف أنه غير مسئول عن وجود محطة للصرف الصحي وأن شركة السكر هي المسئولة فقط, وحيث إن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة قبله ثبوتا كافيا لإدانته لمخالفته القانون رقم 48 لسنة 1982 ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف". لما كان ذلك وكان القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث قد نص في مادته الخامسة على أن" يلتزم ملاك العائمات السكنية والسياحية وغيرها الموجودة في مجرى النيل وفي ريعه بإيجاد وسيلة لعلاج مخلفاتها أو تجميعها في أماكن محددة ونزحها وإلقائها في مجاري أو مجمعات الصرف الصحي, ولا يجوز صرف أي من مخلفاتها على النيل أو مجاري المياه" وفي المادة السابعة على أن "يحظر على والوحدات النهرية المتحركة المستخدمة للنقل أو السياحة أو غيرها لاسماح بتسريب الوقود لاستخدام لتشغيلها في مجاري المياه" وتسري على هذه الوحدات أحكام المادة"5" من هذا القانون, ونص في المادة 16 منه على  العقوبات المقررة لمخالفة أحكام المادتين 5, 7 سالفتي البيان, وكان مفاد ذلك أن الالتزام بإيجاد وسيلة لعلاج المخلفات بتجميعها وإلقائها في مجاري الصرف الصحي, إنما يقع على عاتق مالك الوحدة النهرية المتحركة أو العائمة الموجودة في مجرى النيل وفرعيه دون غيره, أما صرف مخلفات الوحدات النهرية والعائمات على النيل وغيره, من مجاري المياه فهو محظور على الكافة, سواء كانوا ملاكا لها أو غير ذلك, فيشترط  للإدانة في جريمة عدم إيجاد وسيلة لعلاج المخلفات أو تجميعها وإلقائها في مجاري الصرف الصحي, أن تتحقق في الجاني صفة المالك للعائمة أو الوحدة النهرية المتحركة, أما جريمة صرف المخلفات على النيل او غيره من مجاري المياه, فيشترط فيها وقوع الصرف فعلا في مجاري المياه,  لما كان ذلك, وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصتها منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مضمون هذه الأدلة وإلا كان قاصرا, وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر صفة الطاعن وما إذا كان مالكا للوحدة النهرية من عدمه, ولم يثبت في حقه قيامه بصرف المخلفات فعلا على النيل أو غيره من المجاري المائية, ومن ثم فإنه يكون قاصرا في استظهار توافر أركان الجريمة في حق الطاعن على أي من الصورتين سالفي البيان, بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن رقم 915 لسنــة 64 قضائية النقض الجنائي

21/9/1420  : التاريخ



برئاسة السيد المستشار /  إبراهيم عبد المطلب  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا وعبد الرؤوف عبد الظاهر  نواب رئيس المحكمة وعمر الفهمي.

------------------------


1 - إن نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعة، فغث الاستئناف النيابة العامة ـ وهي لا صفة لها في التحدث إلا عن الدعوى الجنائية ولا شأن لها بالدعوى المدنية ـ لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية، إلا في خصوص الدعوى الجنائية دون غيرها طبقاً لقاعدة الأثر النسبي للطعن، وإذا تصدت المحكمة الاستئنافية للدعوى المدنية وقضت للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت،فإنها تكون قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها ويكون حكمها معيباً بمخالفة لقانون من هذه الناحية، بما كان يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً ـ عملاً بنص لفقرة الأولى من لمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ـ وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية، إلا انه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق أسباب الحكم المستأنف الصادر من محكمة أول درجة والذي قضى ببراءة الطاعنين ورفض الدعوى المدنية في وله: (وحيث إن الحكم أول درجة والذي قضى ببراءة الطاعنين ورفض الدعوى المدنية في قوله " ( وحيث إن الحكم المستأنف في محله لأسباب الواردة به والتي تأخذ به هذه المحكمة فيتعين تأييده .....) ثم انتهى الحكم المطعون فيه في منطوقه إلى القضاء بإلغاء الحكم لمستأنف وإدانة الطاعنين وإلزامها بالتعويض، فإن ما انتهى إليه الحكم في منطوقه مناقضاً لأسبابه التي بنى عليها يعيبه بالتناقض والتخاذل ويكون الأمر ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادي بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة وعلى محكمة الموضوع عند الإعادة تطبيق صحيح القانون بشان الدعوى المدنية، لأنه ليس بوسع هذه المحكمة ان تصحح منطوق حكم قضت بنقضه.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا عمداً .......... فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستعمال أداة وطلبت عقابهما بالمادة 242/1-3 من قانون العقوبات. 
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز شبين القناطر قضت حضورياً ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية. استأنفت النيابة العامة. ومحكمة ....... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإجماع الآراء بحبس كل متهم ثمانية وأربعين ساعة مع الشغل لكل منهما وإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ......... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .......... إلخ.

المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين  ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانتهما عن جريمة الضرب وبإلزامهما بالتعويض المدني المؤقت قد شابه البطلان وأخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن المحكمة الاستئنافية تصدت حال نظرها استئناف النيابة العامة للدعوى المدنية وقضت بالتعويض المؤقت رغم انها لم تكن مطروحة على المحكمة لعدم طعن المدعية بالحقوق المدنية بالاستئناف, وان محكمة أول درجة أقامت قضائها بالبراءة على ما وضح لها من تناقض الدليلين القولي والفني وهو ما يتفق وصحيح القانون, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت ببراءة الطاعنين ورفض الدعوى المدنية قبلهما, فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم دون المدعية بالحقوق المدنية. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعه, فإن استئناف النيابة العامة - وهي لا صفة لها بالتحدث إلا عن الدعوى الجنائية ولا شأن لها بالدعوى المدنية - لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا في خصوص الدعوى الجنائية, دون غيرها طبقا لقاعدة الأثر النسبي للطعن, وإذ تصدت المحكمة الاستئنافية  للدعوى المدنية وقضت للمدعية بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت .,فإنها قد تصدت لما لا تملك القضاء فيه وفصلت فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها ويكون حكمها معيبا  بمخالفة القانون من هذه الناحية, بما كان يتعين معه نقضه نقضا جزئيا,- عملا بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون  حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في الدعوى المدنية. إلا أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق أسباب الحكم المستأنف الصادر من محكمة أول درجة والذي قضى ببراءة الطاعنين ورفض الدعوى المدنية في قوله "وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ به هذه المحكمة فيتعين تأييده000" ثم انتهى الحكم المطعون فيه  في منطوقه إلى القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وإدانة الطاعنين وإلزامهما بالتعويض, فإن ما انتهى إليه الحكم - في منطوقه مناقضا لأسبابه التي بني عليها- يعيبه بالتناقض والتخاذل ويكون الأمر ليس مقصورا على مجرد خطأ ماديا, بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة, مما يعيبه ويوجب نقضه ع والإعادة, وعلى محكمة الموضوع عند الإعادة تطبيق صحيح القانون بشأن الدعوى المدنية, لأنه ليس بوسع هذه المحكمة أن تصحح في منطوق حكم قضت بنقضه, وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعنان.

الطعن رقم 12640 لسنــة 64 قضائية النقض الجنائي

22/9/1420  : التاريخ


برئاسة السيد المستشار /  وفيق الدهشان  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / بهيج حسن القصبجي وأحمد عبد القوي أيوب ورضا القاضي ومحمد عيد محجوب  نواب رئيس المحكمة

------------------------


1 -  إن المادة 116 مكرراً/أ من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن (كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل به بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهودة بها إلى تلك الجهة بأن كان ناشئا عن إهماله في أداء وظيفته أو عن إخلال بوجباتها أو عن إساءة السلطة ...........) والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف على توافر أركان ثلاثة هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركن الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ ثلاث صور هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بوجباتها وإساءة استعمال السلطة. والخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائد العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية، وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول والسلوك العادي والمعقول للموظف الذي تحكمه لحياة لاجتماعية والبيئية والعرف ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهمتهم وظروفها. أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيما وقد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضي لموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعاً لاعتبارات مادية عديدة، كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققا وأن يكون ماديا بحيث يلحق بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو أموال أو مصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة، أما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلاً. سواء كان السلوك إيجابياً أو سلبياً. ولما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأقوال رئيس اللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة لمراجعة ملفات المقترضين من البنك وبيان أوجه الخطأ والضرر المترتب عليه بقوله (بان البنك لم يكن يتطلب لصرف قروض المعدات ضمانات معينة في الفترة السابقة على 7/8/1989 اكتفاء بنظام تملك البنك للمعدات حتى سداد كامل الأقساط أو التوقيع على شيكات) ثم انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت مسئولية الطاعن والمحكوم عليه والآخر بعناصرها من خطا وضر جسيم وعلاقة سببية في قوله ( وكان الثابت من الوراق أن المتهمين موظفين ببنك ناصر الاجتماعي وهو إحدى الجهات المنصوص على اعتبار أموالها أمولا عامة وقد ثبت في حقهما الركن المادي والمتمثل في الخطأ الذي أدى إلى ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملان بها وهي جملة القروض التي لم يتم سدادها والركن المعنوي المتمثل في الخطأ غير العمدي والمتوافر في حق المتهم الأول في عدم اتباعه التعليمات الخاصة باستيفاء الضمانات الخاصة بالقروض المنصرفة للعملاء والذي شملهم الفحص وعدم إجراء المعاينات على الطبيعة والتاشير بالاعتماد دون التأكد من سلامتها ووجودها على الطبيعة ومن ثم يكون المتهمان قد أخلا بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها عليهما القانون بالنظر لظروف الواقعة.............) فإن ما انتهى إليه الحكم من مسئولية الطاعن والمحكوم عليه الآخر ـ على النحو المار ذكره ـ من توافر الخطأ والضرر الجسيم وعلاقة السببية بينهما، ذلك لعدم قيام المتهمين بإجراء المعاينات اللازمة والتأكد من صحة البيانات من واقع معاينة المحلات الخاصة بالنشاط، لا تتوافر به أركان الجريمة التي دين بها الطاعن والمحكوم عليه الآخر ذلك أن القروض وقد تم صرفها خلال عامي 1988، 1989 لم يكن حسبما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ـ على النحو سالف العرض ـ يتطلب البنك لصرفها خلال تلك المدة،ضمانات معينة اكتفاء بنظام تملك المعدات للبنك حتى يتم سداد الأقساط. وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان الطاعن والمحكوم عليه قد تقاعسا عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة باحتفاظ البنك بملكية المعدات التي تم شرائها مقابل تلك القروض حتى يتم سداد تلك القروض من عدمه وهو ما يعد في زمان صرف القروض الضمان الأساسي لاسترداد تلك القروض. لما كان ما تقدم،فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

2 - إذ كان الحكم المطعون فيه معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الوقائع : اتهمت النيابة العامة كل من 1- ................ 2- ................. "طاعن" - بوصف أنهما:- بصفتهما موظفين فرع البنك تسببا بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال البنك اللذان يعملان به وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما في أداء وظيفتهما بمنحهما قروض لعملاء الفرع دون اتخاذ الضمانات الكافية مما يترتب عليه إلحاق ضرر بأموال الفرع هو عدم تمكنه من استرداد مستحقاته لدى هؤلاء العملاء والتي بلغت تسعة وأربعين ألف وثمانمائة وستة وثلاثين جنيه وطلبت معاقبتهما بالمواد 166 مكرراً, 118, 118 مكرراً, 119, 119 مكرراً من قانون العقوبات ومحكمة جنح العطارين قضت حضورياً بتغريم كل متهم خمسمائة جنيه. استأنفا, ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل متهم مائة جنيه.
فطعن الأستاذ/ ............. المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض ............... إلخ.

     من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه إذ دانه والمحكوم عليه الآخر بجريمة التسبب بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال البنك الذي يعملان به, قد شابه قصور في التسبيب, ذلك أنه لم يستظهر ركن الخطأ فيما اقترفه وأطلق القول بأنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة للتأكد من سلامة الضمانات  المقدمة  من العملاء رغم أن الثابت من أقوال رئيس اللجنة أن البنك خلال الفترة التي  تم منح القروض محل الواقعة فيها لم يكن يطلب ضمانات معينة, بل كان يكتفي بملكية البنك لما يتم شرائه بقيمة القرض حتى يتم السداد هذا فضلا عن أنه لم يكن مسئولا عن اعتماد القروض أو الموافقة على صرفها. بل كان يتم ذلك عن طريق فرعه الرئيسي, كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن المادة 116 مكررا /أ من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن "كل موظف عام تتسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الهيئة أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل به بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهودة بها إلى تلك الجهة بأن كان ناشئا عن إهماله في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة استعمال السلطة000" والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف تحققها على توافر أركان ثلاثة هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركن الخطأ والضرر الجسيم وقد حدد المشرع للخطأ ثلاث صور هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة, والخطأ الذي يقع من الأفراد عموما في الجرائم العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفا لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة بالظروف التي أحاطت بالمسئول والسلوك العادي والمعقول الذي تحكمه ظروف الحياة الاجتماعية والبيئة ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهمتهم وظروفها. أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيما وقد ترك المشرع تقدير مدى جسامته لقاضي الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعا لاعتبارات مادية عديدة, كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققا أو أن يكون ماديا بحيث يلحق بأموال الجهة التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو مصالح الغير المعهودة بها إلى تلك الجهة, أما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلا سواء كان السلوك إيجابيا أو سلبيا. ولما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لأقوال رئيس اللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة لمراجعة ملفات المقترضين من البنك وبيان أوجه الخطأ والضرر المترتب عليه بقوله "بأن البنك لم يكن يتطلب لصرف قروض المعدات ضمانات معينة في الفترة السابقة على 7/8/1989 اكتفاء بنظام تملك البنك للمعدات حتى سداد كامل الأقساط أو التوقيع على شيكات" ثم انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت مسئولية الطاعن والمحكوم عليه الآخر بعناصرها من خطأ وضرر جسيم وعلاقة سببية في قوله "وكان الثابت من الأوراق أن المتهمين موظفين ببنك ناصر الاجتماعي وهو إحدى الجهات المنصوص عليها على اعتبار أموالها أموال عامة وقد ثبت في حكما الركن المادي والمتمثل في الخطأ المادى إلى ضرر جسيم بأموال لجهة التي يعملان بها وهي جملة القروض التي لم يتم سدادها والركن المعنوي والمتمثل في الخطأ غير العمدي والمتوافر في حق المتهم الأول في عدم إتباعه التعليمات الخاصة باستيفاء الضمانات الخاصة بالقروض المنصرفة  للعملاء والذين شملهم الفحص وعدم إجراء المعاينات على الطبيعة والتأشير بالاعتماد دون التأكد من سلامتها ووجودها على الطبيعة ومن ثم يكون المتهمان قد أخلا بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها عليهما القانون بالنظر لظروف الواقعة 000000" فإن ما انتهى إليه الحكم من مسئولية الطاعن والمحكوم عليه الآخر- على النحو المار - من توافر الخطأ والضرر الجسيم وعلاقة السببية بينهما, ذلك بعدم قيام المتهمين بإجراء المعاينات اللازمة والتأكد في صحة البيانات من واقع معاينة المحلات الخاصة بالنشاط لا تتوافر به أركان الجريمة التي دين الطاعن والمحكوم عليه الآخر, ذلك أو أن القروض وقد تم صرفها  خلال عامي 1988, 1989 لم يكن حسبما هو ثابت من الحكم المطعون فيه - على النحو السالف العرض- يتطلب البنك لصرفها خلال تلك المدة ضمانات معينة اكتفاء بنظام تملك المعدات للبنك حتى يتم سداد الأقساط, وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان الطاعن والمحكوم عليه قد  تقاعسا عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة باحتفاظ البنك بملكية المعدات التي تم شرائها مقابل تلك القروض حتى يتم سداد تلك القروض من عدمه وهو ما يعد في صرف القروض الضمان الأساسي لاسترداد تلك القروض. لما كان ما تقدم, فإن الحكم  المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الأربعاء، 1 مايو 2013

الطعن 4123 لسنة 57 ق جلسة 10/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 59 ص 397

جلسة 10 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعمار إبراهيم.

-----------------

(59)
الطعن رقم 4123 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن. وإيداع الأسباب".
عدم تقديم أسباب للطعن. أثره عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. جلب.
كون التحريات أسفرت عن أن المتهم وآخرين قد جلبوا المواد المخدرة لترويجها بداخل البلاد. إصدار الإذن بضبط المواد المخدرة المجلوبة على المركب المتواجدة بالمياه الإقليمية. مؤداه: صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد.
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. جلب.
عدم اشتراط أن يكون الدليل قاطعاً في كل جزئية من جزئيات الدعوى. كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ولو عن طريق الاستنتاج.
(5) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". جمارك "إقليم جمركي" "خط جمركي".
جريمة جلب الجواهر المخدرة. مناط تحققها؟
الإقليم الجمركي والخط الجمركي. ماهية كل منهما في مفهوم المواد الثلاث الأولى من القانون 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنة المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
الجلب في حكم القانون 182 لسنة 1960. معناه؟
(8) حكم "بيانات التسبيب".
صياغة الأحكام. لم يرسم لها القانون شكلاً خاصاً.
(9) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
اختلاف أقوال شهود الإثبات في غير ما هو مؤثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة لا عيب.
الإحالة في بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم. لا عيب. ما دامت تتفق في جملتها مع أقوال الأخير.
(10) ارتباط "عقوبة الجرائم المرتبطة" عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة الأشد".
مناط تطبيق كل من فقرتي المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟
(11) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي. جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها".
الجواهر المخدرة من البضائع الممنوعة. مجرد إدخالها إلى البلاد قبل الحصول على ترخيص. يتحقق به الركن المادي لجريمتي الجلب والتهريب الجمركي. وجوب الاعتداد بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد دون عقوبة الجريمة الثانية. أصلية كانت أو تكميلية. أساس ذلك؟
(12) مواد مخدرة. إثبات "قرائن" "بوجه عام". جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة. القصد الجنائي في جريمة جلب الجواهر المخدرة. استخلاصه موضوعي. متى كان سائغاً.

---------------
1 - حيث إن الطاعن الثاني...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي جلب المخدرات وتهريبها اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولا تخضع للقانون الجنائي المصري ورد عليه في قوله "بأن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته في سبيل كشف اتصاله بالجريمة وإذ كان الثابت من مطالعة محضر التحريات المحرر بمعرفة العميد...... رئيس قسم النشاط الخارجي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في الساعة التاسعة من صباح يوم...... أن الباخرة..... المطلوب الإذن بتفتيشها وضبط ما عليها متواجدة بالفعل بالمياه الإقليمية المصرية وقد صدر إذن النيابة العامة بناء على التحريات المسطرة بمحضره في ذات اليوم الساعة العاشرة والربع صباحاً ومفاد ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تخضع للقانون المصري وتحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة لا تخضع للقانون الجنائي المصري ولا يغير من قناعة المحكمة في هذا الخصوص كون عملية الضبط قد تمت فجر يوم....... حال تراكي الباخرة بميناء بور سعيد إذ أن ذلك لا ينفي تواجدها بالمياه الإقليمية المصرية وعلى ظهرها شحنة المواد المخدرة المجلوبة من لبنان وقت صدور الإذن بالضبط والتفتيش حسبما جاء بالتحريات أو على لسان العميد/....... محرر محضر التحريات والقائم بالضبط والتفتيش والعميد/....... الذي شاركه في ذلك والتي تطمئن إليها المحكمة في هذا الخصوص وتأخذ بها في هذا الشأن سيما وأن الثابت من أقوال...... أن المركب قد وصلت بعد ظهر يوم..... إلى ساحل طرابلس وتم وضع شحنة المخدرات بها وفي اليوم التالي أي....... أبحرت المركب على الفور مما لا ينفي إمكان تواجدها بالمياه الإقليمية المصرية صبيحة يوم....... الصادر فيه الإذن بالضبط والتفتيش وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي أسفرت عن أن الطاعن وآخرين قد جلبوا كمية كبيرة من المواد المخدرة لترويجها بالداخل، وأن الأمر بالتفتيش صدر لضبط المواد المخدرة المجلوبة على المركب المتواجدة بالمياه الإقليمية المصرية بما مفهومه أن الأمر صدر بضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة. ومن ثم فإن ما أثبته الحكم يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادر لضبط جريمة واقعة بالفعل ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد".
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وأنه لا يشترط في شهادة كل شاهد أن تكون دالة بذاتها على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها، وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها. ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
5 - الجلب في حكم القانون رقم 182 سنة 1960 ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً بل أنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى 6 إذ يتبين من استقراء هذه النصوص أن الشارع اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من جهة الإدارة المختصة لا يمنح إلا للفئات المبينة بالمادة الرابعة ولا تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 أنه يقصد بالإقليم الجمركي الأراضي والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادة الدولة وأن الخط الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين الجمهورية والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية وتعتبر خطاً جمركياً ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرية من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في المياه المحيطة به، ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعد جلباً محظوراً ويضحى النعي في هذا الخصوص غير سديد وإذ كان الحكم قد أثبت أن المركب اجتازت بالمخدرات الخط الجمركي ودخلت المياه الإقليمية المصرية فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
6 - لما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج من موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها علم الطاعن بكنة الجوهر المخدر المضبوط وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورد لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقديره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له ويدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
8 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم. بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين المسندتين إليه وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
9 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال...... إلى ما حصله من أقوال...... كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهما متفقة في جملتها ولم تختلف أقوالهما إلا في نفي..... سماعه الحديث الذي جرى بين الطاعن الأول والأشخاص المسلحين الذين نقلوا شحنة المخدرات إلى المركب. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم في أقوال....... إلى أقوال....... رغم الخلاف في تلك الجزئية غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكانت أقوال شهود الإثبات والمتهمين التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن الأول فاعل أصلي في جريمتي جلب المخدرات وتهريبها اللتين دين بهما ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال أفراد طاقم المركب ترتد إلى أصول ثابتة في تحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
10 - لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها فقد دلت بصريح عباراتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف والتكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب إلا هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها يؤكد هذا النظر تباين صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" لعبارة ودون غيرها في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتها بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت حاجة إلى أفراد فقرة لكليهما.
11 - لما كان الفعل الذي قارفه الطاعن بتداوله وصفان قانونيان: جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وتهريب هذا المخدر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة عليه، مما يقتضي - إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد - وهي جريمة الجلب - والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1980 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
12 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة لأن المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أنه ألم بعناصر الدعوى وأحاط بأدلتها عن بصر وبصيرة. لما كان ذلك، وكان الفصل في ثبوت أو تخلف القصد الجنائي في جريمة جلب الجواهر المخدرة هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام يقيم قضاءه بذلك على ما يسوغه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ..... (طاعن) 2 - .... (طاعن) 3 - ..... 4 - ..... 5 - .... 6 - ..... 7 -..... 8 - .... 9 - ..... 10 - .....
وهذه المحكمة - محكمة النقض - قضت في..... بعدم قبول الطعن المقدم من..... (الطاعن الثاني) شكلاً وبقبول الطعن المقدم من..... (الطاعن الأول) و..... و..... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إليهم وإلى الطاعن الثاني وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بور سعيد لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين.
ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت غيابياً لـ........ (المتهم التاسع) وحضورياً لـ...... و..... (الطاعنين) و...... (المتهم الثالث): أولاً: بمعاقبة الطاعنين والتاسع...... بالأشغال الشاقة المؤيدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وألزمتهم المصروفات الجنائية. ثانياً: ببراءة المتهم...... (الثالث) مما أسند إليه.
فطعن كل من..... و...... المحكوم عليهما وهيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطعن المقدم من كل من المحكوم عليه الأول ووزير المالية بصفته (المدعي بالحقوق المدنية) والنيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون. بأنهم أولاً: جلبوا إلى جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيش" دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هربوا المواد المخدرة موضوع التهمة الأولى والمبينة وصفاً ووزناً وقيمة بالتحقيقات بإدخالها إلى المياه الإقليمية لجمهورية مصر العربية بطريقة غير مشروعة وبالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وكان ذلك بقصد الاتجار. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بور سعيد لمعاقبتهم بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121/ 1، 124/ 1 مكرراً من القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 والمحكمة المذكورة قضت حضورياً: أولاً: بمعاقبة كل من...... و...... (الطاعنين) و...... و ....... المتهمين الثالث والتاسع عما أسند إليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدرات والسفينة المضبوطة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إلى مصلحة جمارك بور سعيد مبلغ 92713742.420 جنيهاً مثلي الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة. ثانياً: ببراءة كل من الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والعاشر..... و..... و.... و.... و..... و..... مما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم .... لسنة 54 القضائية.
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
وحيث إن مبنى أوجه الطعن التي وردت بتقريري الأسباب المقدمين من المحكوم عليه..... هو إن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي جلب المخدرات والتهريب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولا تخضع للقانون الجنائي المصري إلا أن الحكم رد على هذا الدفع برد غير سائغ ولا يتفق والقانون. كما دفع الطاعن بانتفاء علمه بحقيقة الجوهر المخدر وبعدم توافر القصد الجنائي لديه عن جلب المخدر وتمسك بانتفاء الجريمة في حقه استناداً إلى أن المركب كانت عابرة قناة السويس قاصدة ميناء العقبة الأردني وأنه لم يكن متواجداً بها وقت الضبط ولكن الحكم رد على ذلك برد قاصر ويخالف القانون. هذا إلى أن الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أن أفراد طاقم السفينة قد ذكروا أن الطاعن كان يتحدث باللاسلكي للنداء على أشخاص آخرين. وجاء له الرد بأن هناك أشخاص سيحضرون إليه دون أن يكون للحكم في هذا سند من أوراق الدعوى هذا فضلاً عن أنه أورد مضمون شهادة...... - أحد أفراد طاقم المركب - وأحال في بيان شهادة بقية أفراد الطاقم إلى مضمون ما شهد به الأول مع خلاف جوهري بين الشهادتين في شأن ما إذا كان حديثاً قد دار بين الطاعن والمسلحين الذين أحضروا المخدر إلى المركب قبل شحنه بالمركب أم لا كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي جلب المخدرات وتهريبها للعقبة اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولا تخضع للقانون الجنائي المصري ورد عليه في قوله "بأن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته في سبيل كشف اتصاله بالجريمة وإذ كان الثابت من مطالعة محضر التحريات المحرر بمعرفة العميد/....... رئيس قسم النشاط الخارجي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في الساعة التاسعة من صباح........ أن الباخرة ....... المطلوب الإذن بتفتيشها وضبط من عليها متواجدة بالفعل بالمياه الإقليمية المصرية وقد صدر إذن النيابة العامة بناء على التحريات المسطرة بمحضره في ذات اليوم الساعة العاشرة والربع صباحاً ومفاد ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تخضع للقانون المصري وتحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة لا تخضع للقانون الجنائي ولا يغير من قناعة المحكمة في هذا الخصوص كون عملية الضبط قد تمت فجر يوم....... حال تراكي الباخرة بميناء بور سعيد إذ أن ذلك لا ينفي تواجدها بالمياه الإقليمية المصرية وعلى ظهرها شحنة المواد المخدرة المجلوبة من لبنان- وقت صدور الإذن بالضبط والتفتيش حسبما جاء بالتحريات أو على لسان العميد/....... محرر محضر التحريات والقائم بالضبط والتفتيش والعميد/ ........ الذي شاركه في ذلك والتي تطمئن إليها المحكمة في هذا الخصوص وتأخذ بها في هذا الشأن سيما وأن الثابت من أقوال....... أن المركب قد وصلت بعد ظهر يوم...... إلى ساحل طرابلس وتم وضع شحنة المخدرات بها وفي اليوم التالي أي....... أبحرت المركب على الفور مما لا ينفي إمكان تواجدها بالمياه الإقليمية المصرية صبيحة يوم........ الصادر فيه الإذن بالضبط والتفتيش وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي أسفرت عن أن الطاعن وآخرين قد جلبوا كمية كبيرة من المواد المخدرة لترويجها بالداخل، وأن الأمر بالتفتيش صدر لضبط المواد المخدرة المجلوبة على المركب المتواجدة بالمياه الإقليمية المصرية بما مفهومه أن الأمر صدر بضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة. ومن ثم فإن ما أثبته الحكم يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادر لضبط جريمة واقعة بالفعل ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد". لما كان ذلك وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال العميد/...... والعميد/..... من أن المركب التي عليها المخدرات المجلوبة كانت داخل المياه الإقليمية المصرية وقت صدور الإذن بتفتيشها له أصوله الثابتة فيما قرراه بتحقيقات النيابة ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ولا ينال من ذلك أن يكون للعميد/ ...... قول آخر جاء به أن المركب قد وصلت المياه الإقليمية المصرية يوم...... لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وأنه لا يشترط في شهادة كل شاهد أن تكون دالة بذاتها على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها، وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها. ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. وأنه لا ينال من الحكم كذلك استخلاصه مما قرره...... من أن المركب قد وصلت إلى طرابلس ظهر يوم....... وتم شحنها بالمخدرات المجلوبة وإبحارها في اليوم التالي وأنها كانت في المياه الإقليمية المصرية صباح يوم...... لما هو مقرر من أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من أن الواقعة لا تشكل جريمة جلب الجواهر المخدرة استناداً إلى أن المركب كانت عابرة قناة السويس له قاصدة ميناء العقبة الأردني وأطرحه بقوله "إنه بفرض صحة هذا الزعم فمردود عليه بأن الجلب في حكم القانون رقم 182 سنة 1960 ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً بل أنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى 6 إذ يتبين من استقراء هذه النصوص أن الشارع اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من جهة الإدارة المختصة لا يمنح إلا للفئات المبينة بالمادة الرابعة ولا تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 أنه يقصد بالإقليم الجمركي الأراضي والمياه الإقليمية الخاضعة لسيادة الدولة وأن الخط الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين الجمهورية والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية وتعتبر خطاً جمركياً ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحرية من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في المياه المحيطة به، ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعد جلباً محظوراً ويضحى النعي في هذا الخصوص غير سديد". وإذ كان الحكم قد أثبت أن المركب اجتازت بالمخدرات الخط الجمركي ودخلت المياه الإقليمية المصرية فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة وعدم ضبطه على المركب وعدم علمه بحقيقة الجوهر المخدر ورد عليه بقوله "بأنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوط عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قَصَدَ قصْد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها وإذ ما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهمين الثلاثة الأولى والثاني والرابع قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن كل منهم أسهم تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة وأن دور المتهم الأول هو إعداد السفينة المملوكة لنجله لنقل المخدر عليها واستقلاله إياها مع قبطانها المتهم الثاني من ميناء ليما سول إلى ساحل طرابلس اللبناني وقيامه بالنداء على من سيحضر شحنة المواد المخدرة وتقابله معهم بعد حضورهم وإشرافه على وضع الشحنة بداخل الكونيتر على ظهر السفينة ثم مغادرة المركب بذات اللنش الذي أحضر المخدرات للحضور إلى البلاد لانتظار الحمولة والإعداد لاستلامها يقطع بجلاء بأن المتهم الأول ضالع في جريمة الجلب المسندة إليه وأنه يعلم كنة المادة المخدرة المضبوطة التي تم تحميلها على ظهر المركب وإخفائها بداخل الكونيتر"، لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج من موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بكنة الجوهر المضبوط وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورد لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقديره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له ويدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه. - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 85 جـ/ 4 ك/ 8 ط من جوهر الحشيش جلبها الطاعن وآخرون في مركب من لبنان ودخل بها المياه الإقليمية لجمهورية مصر العربية ببور سعيد، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون وانتفت عنه قالة القصور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين المسندتين إليه وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أحال في إيراد أقوال...... إلى ما حصله من أقوال....... كما يبين من المفردات المضمومة أن أقوالهما متفقة في جملتها ولم تختلف أقوالهما إلا في نفي....... سماعه الحديث الذي جرى بين الطاعن الأول والأشخاص المسلحين الذين نقلوا شحنة المخدرات إلى المركب. لما كان ذلك، وكانت إحالة الحكم في أقوال....... إلى أقوال....... رغم الخلاف في تلك الجزئية غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكانت أقوال شهود الإثبات والمتهمين التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على أن الطاعن الأول فاعل أصلي في جريمتي جلب المخدرات وتهريبها اللتين دين بهما ومن ثم فلا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال أفراد طاقم المركب ترتد إلى أصول ثابتة في تحقيقات النيابة ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فإن الحكم يكون قد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً عن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته:
وحيث إن وزير المالية بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه دان المطعون ضدهما الثلاثة الأول بجريمتي جلب المخدرات وتهريبها وأغفل القضاء بالتعويض المنصوص عليه في المادة 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 كما قضى بتبرئة المطعون ضده الرابع استناداً إلى عدم ثبوت التهمة في حقه رغم أن الثابت من أقوال وتحريات الشرطة أنه كان على علم بالخطة الموضوعة لجلب المخدر وساعد في نقله من اللنش إلى المركب وتقاضى نظير ذلك مبلغ خمسة آلاف دولار وقام بتوزيع خمسة آلاف دولار آخرين على بقية أفراد طاقم السفينة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها فقد دلت بصريح عباراتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحدة عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف والتكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب إلا هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها يؤكد هذا النظر تباين صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" لعبارة ودون غيرها في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتها بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت حاجة إلى أفراد فقرة لكليهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه الطاعن بتداوله وصفان قانونيان: جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وتهريب هذا المخدر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة عليه، مما يقتضي - إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد - وهي جريمة الجلب - والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين الأول والثاني والمحكوم عليه الآخر بهما وأورد الأدلة على ذلك انتهى إلى تبرئة المطعون ضده الرابع....... بقوله "أما بشأن المتهم الثالث....... الذي نسبت له النيابة العامة مع باقي المتهمين جريمة الجلب والتهريب وتساندت في ذلك إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني العميد/...... والعميد/...... - من أن تحرياتهما قد دلت على علمه بالواقعة واشتراكه فيها وإلى إقراره لمشاهدته لوضع المخدر بالسفينة واشتراكه في نقلها بوصفه ميكانيكي المركب وأخذه لمبلغ من الدولارات لتوزيعه على البحارة فإن المحكمة ترى أن نسبة مثل هذا الاتهام للمتهم المذكور يحوطه الشك ولا تطمئن المحكمة إلى أنه ضالع في تلك الجريمة موضوع الدعوى المطروحة إذ أنه لا يعدو أن يكون مجرد عامل على المركب (ميكانيكي) ومجرد إلحاقه للعمل عليها قبيل الواقعة بأيام كمثل باقي البحارة لا ينهض دليلاً على توافر علمه بجريمة جلب المخدر كما وأن نقل المخدر من اللنش إلى المركب في حضوره وباشتراكه لا يقطع بأنه ضالع في مثل تلك الجريمة إذ ورد على لسان جميع أفراد طاقم الباخرة أن ذلك قد تم بواسطة رجال مسلحين الأمر الذي ترى معه المحكمة بأن اشتراك المتهم المذكور في نقل المخدر للمركب مع باقي أفراد الطاقم كان تنفيذاً لما أوهم به الرجال المدججين بالسلاح المرافقين لشحنة المواد المخدرة أي أنه وباقي أفراد الطاقم كانوا مكرهين مسلوبي الإرادة في هذا الفعل ألجأتهم إلى ارتكابه ضرورة وقاية أنفسهم وأرواحهم من خطر إطلاق الرصاص عليهم في حالة امتناعهم ولا يغير من هذا النظر القول بأنه كان في إمكان المذكور التخلص من المخدر أو الإبلاغ عقب مغادرة الرجال المسلحين للسفينة وإبحارها في اتجاه بور سعيد إذ أن المخدر قد تم وضعه بداخل أحد الكونتيرات وأغلق بإحكام واحتفظ المتهم الثاني قبطان السفينة بالمفتاح في حوزته. كما وأن المتهم المذكور بوصفه رباناً للسفينة هو المسيطر والمهيمن على كل أمورها وهي متراكية بالميناء ولم تكن هناك فسحة من الوقت يمكن معها القول بتوافر إمكانية الإبلاغ عن وجود المخدر من المتهم الثالث......، كما وأن إقرار المتهم بتقاضيه لخمسة آلاف دولار وتوزيع مثلها على باقي البحارة لا يقطع في حد ذاته باشتراكه في الجلب ولا يكفي للقول بأن إرادته قد انصرفت إلى إتمام جريمة الجلب والاشتراك فيها لكل ما تقدم وإزاء الشك الذي يحوط الاتهام الذي نسبته النيابة العامة للمتهم المذكور قد تعين براءته مما نسب إليه عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة لأن المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أنه ألم بعناصر الدعوى وأحاط بأدلتها عن بصر وبصيرة. لما كان ذلك، وكان الفصل في ثبوت أو تخلف القصد الجنائي في جريمة جلب الجواهر المخدرة هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام يقيم قضاءه بذلك على ما يسوغه، وكانت المحكمة قد خلصت بعد تمحيصها للواقعة استناداً إلى الأسباب السائغة التي أوردتها إلى تخلف أركان جريمتي جلب المخدرات وتهريبها في حق هذا المتهم وهو تدليل سائغ يستقيم به قضاء الحكم، وله صداه في الأوراق على ما يبين من المفردات. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثالثاً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المحكوم عليه بجريمتي جلب جوهر مخدر وتهريبه وأعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات قد أغفل القضاء بالتعويض المنصوص عليه في المادة 122 من القانون رقم 66 لسنة 1963 مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سبق الرد عليه عند بحث أوجه الطعن المقدمة من المدعي بالحقوق المدنية ومن ثم فإن تعييب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد يكون في غير محله ويكون الطعن كسابقه على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 6075 لسنة 56 ق جلسة 10/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 58 ص 394

جلسة 10 من مارس سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.
-----------------
(58)
الطعن رقم 6075 لسنة 56 القضائية
 (1)دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
متى يعتبر المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه؟ المادة 261 إجراءات جنائية
 (2)إعلان. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". بطلان. 
لا يجوز الحكم في غياب المدعي المدني باعتباره تاركاً لدعواه المدنية دون إعلانه لشخصه. مخالفة هذا النظر. بطلان الإجراءات.
------------------
1 - من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز الحكم من محكمة ثاني درجة بتأييد حكم أول درجة القاضي برفض الدعوى المدنية إذا تخلف المدعي بالحق المدني عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول، إذ أنه في صحيح القانون كان يتعين القضاء باعتباره تاركاً لدعواه المدنية بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه - والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى.
2 - من المقرر أنه لا يجوز الحكم في الدعوى المدنية في غياب المدعي بالحق المدني بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والتي لم يكن قد أعلن بها لشخصه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد ابتنى على إجراءات باطلة، مما يتعين معه نقضه بالنسبة إلى ما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه.... لم يقم بدفع أجرة يوم الراحة الأسبوعية للعاملين لديه المبين أسماؤهم بالأوراق. وطلبت عقابه بالمواد 34، 35، 137، 170، 173 من القانون رقم 137 سنة 1981 وادعى ....... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم اللبان قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة غرب الإسكندرية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحق المدني - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى برفض دعواه المدنية قد شابه بطلان في الإجراءات ذلك بأنه صدر في جلسة لم يعلن بالحضور بها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان البين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه النعي - أن المدعي بالحق المدني - الطاعن - لم يحضر بجلسة 1/ 6/ 1983 أمام محكمة ثاني درجة - وهي الجلسة الأولى التي حددت لنظر الاستئناف - وأجلت لجلسة 2/ 11/ 1983 وفيها لم يحضر الطاعن أيضاً، ثم أجلت لجلسة 15/ 2/ 1984 لإعلانه حيث صدر الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف القاضي ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن المدعي بالحق المدني - الطاعن - قد أعلن لشخصه للحضور بجلسة 15/ 2/ 1984 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز الحكم من محكمة ثاني درجة بتأييد حكم أول درجة القاضي برفض الدعوى المدنية إذا تخلف المدعي بالحق المدني عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول، إذ أنه في صحيح القانون كما يتعين القضاء باعتباره تاركاً لدعواه المدنية بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه - والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى. لما كان ذلك، فإنه ما كان يجوز الحكم في الدعوى المدنية في غياب المدعي بالحق المدني بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والتي لم يكن قد أعلن بها لشخصه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد ابتنى على إجراءات باطلة، مما يتعين معه نقضه بالنسبة إلى ما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة، بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير في الطعن.