الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 20 يوليو 2025

الطعن 3 لسنة 2017 ق جلسة 13 / 2 / 2017 جزائي دبي مكتب فني 28 ق 7 ص 46

جلسة الاثنين 13 فبراير 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
----------------
(7)
الطعن رقم 3 لسنة 2017 "جزاء"
(1) استئناف "سقوط الاستئناف".
سقوط الاستئناف. ماهيته وأثره. تعرض محكمة الاستئناف للقضاء في موضوع الدعوى بحكم نهائي بعد أن فات عليها عند نظر استئناف المتهم الحكم بسقوط الاستئناف. مؤداه. عدم جواز القضاء بسقوط الاستئناف لأول مرة عند نظر معارضة المتهم في الحكم الغيابي الاستئنافي. علة ذلك. م 238 إجراءات.
(2) حكم "ماهيته".
ماهية الحكم. تحديدها بحقيقة الواقع في الدعوى. لا بما يرد في أسبابه ومنطوقة سهوا.
(3 ، 4) جريمة "أركانها". خيانة الأمانة. وكالة.
(3) عدم نص قانون العقوبات حين عرض جريمة خيانة الأمانة على أن تكون الوكالة باعتبارها سببا من الأسباب الواردة على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم وليد عقد. كفاية أن يكون تسليم المال قد حصل إلى الوكيل بصفته وكيلا بأجره أو مجانا مؤدي ذلك. تساوي ما يكون مصدره. التعاقد أو القانون. تعدد الأسانيد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلا. تخلف أحدها. لا يسقط الوكالة. شرط ذلك. تحديد نوع العقد القائم بين الطرفين. العبرة فيه بحقيقة الواقع وليس بعبارة الأوراق وألفاظها. ثبوت عقد من عقود الائتمان. لازمه. لإثبات واقعة الاختلاس التي تتحقق بمجرد تغير النية. م 404 عقوبات.
(4) جريمة الاختلاس. مناط تحقق أركانها. وجود علاقة تعاقدية. غير لازم. كفاية وجود سند قانوني من شأنه تسلم شخص مالا لحساب آخر يلتزم برده أو القيام بعمل معين في شأنه. جريمة الاختلاس. مناط قيامها.
(5 ، 6) إثبات "شهود" "مبدأ ثبوت بالكتابة". خيانة أمانة. محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في تقدير مبدأ الثبوت بالكتابة".
(5) الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة. جائز إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة. ماهية مبدأ الثبوت بالكتابة. لا يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن يستمد من ورقة واحدة. جواز أن يستمد من جملة أوراق. ولو كانت كل منها لا تكفي بمفردها. تضمن مضمون الأوراق مباشرة على نفس الواقعة المراد إثباتها. غير لازم. كفاية أن تقتصر دلالتها على إمكان اتخاذها مبدأ يسلك منها القاضي سبيله. م 37/1 إثبات.
(6) إثبات ما يخالف العقد بالبينة في جريمة خيانة الأمانة. جائز متى وجد مبدأ ثبوت بالكتابة. تقدير وجود مبدأ ثبوت بالكتابة في الورقة. من سلطة محكمة الموضوع.
(7) دفوع "الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة". إثبات "الأدلة في المواد ,الجزائية".
الأدلة في المواد الجزائية. إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها. علة ذلك. عدم دفع الطاعن بعدم جواز الإثبات بالبينة. أثره.
(8) إثبات "مسائل عامة". نظام عام "المسائل غير المتعلقة بالنظام العام".
القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية. لصالح الخصوم وليست من النظام العام. السكوت عنها. اعتباره تنازلا عن التمسك بوجوب الإثبات بالكتابة ويمتنع معه على المتهم عندئذ العدول عن هذا التنازل.
(9) خيانة الأمانة. محكمة الموضوع "سلطتها في الجرائم: في خيانة الأمانة".
حصول الاختلاس والاستدلال عليه بأي عنصر من عناصر الدعوى واستنباط الوقائع المؤدية إليه. من سلطة محكمة الموضوع.
---------------
1 - المقرر وفق نص المادة 238 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه ((يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف)) فقد دلت على أن سقوط الاستئناف هو جزاء وجوبي يقضى به على المتهم الهارب من تنفيذ العقوبة إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر استئنافه ويترتب عليه حرمان المتهم من نظر استئنافه وهذا لا يكون إلا عند نظر استئناف المتهم لحكم محكمة أول درجة فإذا فات على محكمة الاستئناف عند نظر استئناف المتهم أن تحكم بسقوط الاستئناف وتعرضت في حكمها للقضاء في موضوع الدعوى وأصبح حكمها نهائيا بعدم الطعن عليه من النيابة العامة فلا يجوز لها أن تقضي بسقوط الاستئناف لأول مرة عند نظر معارضة المتهم في الحكم الغيابي الاستئنافي لأنه يكون قد اكتسب حقا في نظر موضوع الدعوى لا يجوز حرمانه منه بسبب خطأ وقع من المحكمة.
2 - المقرر أن العبرة في تحديد ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في أسبابه ومنطوقة سهوا.
3 - المقرر أن القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة 404 من قانون العقوبات لم ينص على أن تكون الوكالة باعتبارها سببا من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم وليد عقد بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة هي أن يكون تسليم المال قد حصل إلى الوكيل بصفته كونه وكيلا بأجره أو مجانا مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون منشؤه التعاقد وما يكون مصدره القانون وأنه إذا تعددت الأسانيد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلا فإن تخلف أحدها لا ينهض لإسقاط الوكالة ما دام المال قد بقي تحت يده بموجب أي سند منها وما دام هو لم يقم من جانبه بما توجبه الوكالة الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود إليه والعبرة في تحديد نوع العقد القائم بين الطرفين هو بحقيقة الواقع وليس بعبارة الأوراق وألفاظها ومتى ثبت عقد من عقود الائتمان لا يكون باقيا إلا إثبات واقعة الاختلاس التي تتحقق بمجرد تغيير النية.
4 - المقرر أن كل عمل يقوم به شخص نيابة عن آخر يسلم إليه المال لتكون يده عليه يد حائز حيازة مؤقتة ولذمة صاحبه بعد ما صدر منه من أعمال قد تم بوصفه وكيلا ولكنه وجه إرادته إلى تغير نوع الحيازة إلى حيازة كاملة فجحد حقوق المجني عليه وأنكر عليه وقرر الاحتفاظ بالمال لنفسه بما تتحقق به أركان جريمة الاختلاس في حقه كما أن القانون لا يفترض بالضرورة علاقة تعاقد وإنما يكتفي بوجود سند قانوني أساسه الثقة ومن شأنه تسلم شخص مالا لحساب الآخر بحيث يلتزم برده أو القيام بعمل معين في شأنه وجريمة الاختلاس تقوم إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يقوم بخيانة هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي أؤتمن عليه.
5 - المقرر وفق المادة 1/37 من قانون الإثبات قد نصت على أنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذ أوجد مبدأ ثبوت بالكتابة ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابه تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال وكل كتابة تصلح لأن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة أيا كان شكلها كما أنه لا يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن يستمد من ورقة واحدة بل يجوز أن يستمد من جملة أوراق مجتمعة ولو كانت كل منها لا تكفي بمفردها كما أنه لا يشترط أن يتضمن مضمون الأوراق مباشرة على نفس الواقعة المراد إثباتها بل يجوز أن تقتصر دلالتها على إمكان اتخاذها مبدأ يسلك منها القاضي سبيله وليست العبرة بما هو مدون في الكتابة بل ما يمكن استنباطه من ذلك مراعاة للظروف الخارجية المحيطة به هذا فضلا عن أن القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية هي قواعد مقررة لصالح الخصوم وليست من النظام العام.
6 - المقرر أنه يجوز في جريمة خيانة الأمانة إثبات ما يخالف العقد بالبينة إذ أوجد مبدأ ثبوت بالكتابة وتقدير وجود مبدأ ثبوت بالكتابة في الورقة مما تستقل به محكمة الموضوع.
7 - الأدلة في المواد الجزائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها إذ ليس من شأنه الحد من سلطة المحكمة الجنائية التي مأموريتها السعي للكشف عن الحقائق كما هي في الواقع الذي اطمأنت إليه لا بما تقدره جهات أخرى مقيدة بقيود لا يعرفها قانون الإجراءات الجزائية هذا فضلا عن أن البين من مطالعة محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن لم يدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ومن ثم فإن الحكم الابتدائي إذ اعتبر سكوته تنازلا ضمنيا عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة يكون في محله.
8 - القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية هي قواعد مقررة لصالح الخصوم وليست من النظام العام والسكوت عنه يعتبر تنازلا ابتداءً عن التمسك بوجوب الإثبات بالكتابة ويمتنع معه على المتهم عندئذ العدول عن هذا التنازل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن تكييف العلاقة بين المتهم والمجني عليها هي علاقة وكالة جائز إثباتها بالبينة مع وجود مبدأ الثبوت بالكتابة كما سلف البيان يكون دفاع المتهم في هذا الشأن غير مقبول.
9 - المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول الاختلاس وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى وأن تستنبط من الوقائع ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ......لأنه في غضون عامي 2012 وحتى 2013م بدائرة مركز شرطة بردبي.
اختلس مبلغا ماليا وقدره (7082220) درهما والعائد للمجني عليها ---- والمسلم إليه على وجه الوكالة إضرارا بصاحب الحق عليه. وطلبت معاقبته بالمادتين (121/1 - 404/1) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1987م وتعديلاته.
وبتاريخ 1/8/2016م حكمت محكمة أول درجة حضوريا بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات وإبعاده عن الدولة.
لم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 5230/ 2016م.
وبتاريخ 29/9/2016م حكمت المحكمة غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف ومصادرة مبلغ التأمين.
وإذ عارض المحكوم عليه في هذا الحكم.
وبتاريخ 8/12/2016م حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ في 3/1/2017م مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ...... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق لإدانته الطاعن بجريمة خيانة الأمانة دون إيراد الدليل على وجود عقد من عقود الأمانة لخلو الأوراق من أي دليل يثبت أن المبالغ المحولة تم استلامها الشركة المحول إليها (------) وأن المبالغ الأخرى المحولة لحسابه قد استلمها بغرض تسليمها إلى تلك الشركة أو غيرها وأن الطاعن مكلف بتحويل تلك الأموال التي حولت لحسابه أو إلى حساب شركة ------ أو القيام بأي عمل آخر لم يبين الحكم عقد الأمانة الذي دان به الطاعن مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر وفق نص المادة 238 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه ((يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف)) فقد دلت على أن سقوط الاستئناف هو جزاء وجوبي يقضى به على المتهم الهارب من تنفيذ العقوبة إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر استئنافه ويترتب عليه حرمان المتهم من نظر استئنافه وهذا لا يكون إلا عند نظر استئناف المتهم لحكم محكمة أول درجة فإذا فات على محكمة الاستئناف عند نظر استئناف المتهم أن تحكم بسقوط الاستئناف وتعرضت في حكمها للقضاء في موضوع الدعوى وأصبح حكمها نهائيا بعدم الطعن عليه من النيابة العامة فلا يجوز لها أن تقضي بسقوط الاستئناف لأول مرة عند نظر معارضة المتهم في الحكم الغيابي الاستئنافي لأنه يكون قد اكتسب حقا في نظر موضوع الدعوى لا يجوز حرمانه منه بسبب خطأ وقع من المحكمة وكان من المقرر أن العبرة في تحديد ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في أسبابه ومنطوقة سهوا. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد استأنف حكم محكمة أول درجة عن طريق وكيله وفق ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 236 من القانون المشار إليه أعلاه الذي قضى بتاريخ 1/8/2016م بمعاقبته بالحبس لمدة ثلاث سنوات وإبعاده عن الدولة فقضت المحكمة الاستئنافية بتاريخ 29/9/2016م غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فعارض الطاعن فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بتاريخ 8/12/2016م بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه فإنه وإن كان الحكم الصادر بتاريخ 29/9/2016م قد صدر غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فإن حقيقة الأمر أنه قد صدر غيابيا بسقوط الاستئناف مما كان لازمه القضاء على مقتضى المادة 238 من قانون الإجراءات الجزائية بسقوط استئناف المتهم إلا أنه لما كان ذلك وكانت النيابة العامة لم تطعن عليه بطريق التمييز في الحكم لما وقع فيه من خطأ قانوني وطعن فيه المحكوم عليه وحدة بالمعارضة بعد أن اكتسب حقا في نظر الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في معارضة الطاعن الاستئنافية- في حكم غيابي بسقوط الاستئناف- بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه دون أن يثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور في الجلسة التي صدر فيها الحكم في استئنافه مما كان لازمه أيضا القضاء على مقتضى الفقرة الثانية من المادة 229 من قانون الإجراءات الجزائية باعتبار المعارضة كأن لم تكن إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قضى في شكل المعارضة بقبولها وفصل في موضوع الدعوى ولم تطعن أيضا عليه النيابة العامة بطريق التمييز في الحكم لما وقع فيه من خطأ قانوني أيضا وطعن فيه المحكوم عليه وحده بعد أن اكتسب حقا في نظر الموضوع فإن ذلك القضاء في شكل المعارضة بقبولها يجب احترامه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي.
وحيث إن الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح بأوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما شهد به -------- بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الأوراق المثبتة للتحويلات المالية وما أقر به المتهم بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة 404 من قانون العقوبات لم ينص على أن تكون الوكالة باعتبارها سببا من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم وليد عقد بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة هي أن يكون تسليم المال قد حصل إلى الوكيل بصفته كونه وكيلا بأجره أو مجانا مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون منشؤه التعاقد وما يكون مصدره القانون وأنه إذا تعددت الأسانيد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلا فإن تخلف أحدها لا ينهض لإسقاط الوكالة ما دام المال قد بقي تحت يده بموجب أي سند منها وما دام هو لم يقم من جانبه بما توجبه الوكالة الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود إليه والعبرة في تحديد نوع العقد القائم بين الطرفين هو بحقيقة الواقع وليس بعبارة الأوراق وألفاظها ومتى ثبت عقد من عقود الائتمان لا يكون باقيا إلا إثبات واقعة الاختلاس التي تتحقق بمجرد تغيير النية كما أنه من المقرر أن كل عمل يقوم به شخص نيابة عن آخر يسلم إليه المال لتكون يده عليه يد حائز حيازة مؤقتة ولذمة صاحبه بعد ما صدر منه من أعمال قد تم بوصفه وكيلا ولكنه وجه إرادته إلى تغير نوع الحيازة إلى حيازة كاملة فجحد حقوق المجني عليه وأنكر عليه وقرر الاحتفاظ بالمال لنفسه بما تتحقق به أركان جريمة الاختلاس في حقه كما أن القانون لا يفترض بالضرورة علاقة تعاقد وإنما يكتفي بوجود سند قانوني أساسه الثقة ومن شأنه تسلم شخص مالا لحساب الآخر بحيث يلتزم برده أو القيام بعمل معين في شأنه وجريمة الاختلاس تقوم إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يقوم بخيانة هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي أؤتمن عليه ومن المقرر وفق المادة 1/37 من قانون الإثبات قد نصت على أنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذ أوجد مبدأ ثبوت بالكتابة ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابه تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال وكل كتابة تصلح لأن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة أيا كان شكلها كما أنه لا يشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن يستمد من ورقة واحدة بل يجوز أن يستمد من جملة أوراق مجتمعة ولو كانت كل منها لا تكفي بمفردها كما أنه لا يشترط أن يتضمن مضمون الأوراق مباشرة على نفس الواقعة المراد إثباتها بل يجوز أن تقتصر دلالتها على إمكان اتخاذها مبدأ يسلك منها القاضي سبيله وليست العبرة بما هو مدون في الكتابة بل ما يمكن استنباطه من ذلك مراعاة للظروف الخارجية المحيطة به هذا فضلا عن أن القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية هي قواعد مقررة لصالح الخصوم وليست من النظام العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجوز في جريمة خيانة الأمانة إثبات ما يخالف العقد بالبينة إذ أوجد مبدأ ثبوت بالكتابة وتقدير وجود مبدأ ثبوت بالكتابة في الورقة مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت في الأوراق المثبتة للتحويلات المالية من المجني عليها لحساب المتهم ببنك -------- وما أقره به المتهم من استلامه مبلغ (2.019.500) درهم و(92.000) دولار أمريكي توافر مبدأ الثبوت بالكتابة الذي يجيز إثبات العقد بالبينة وخلصت من جماع ذلك أن حقيقة العلاقة بين المتهم- الطاعن- والمجني عليها أنه وكيل عنها ومن ثم فإن المحكمة لا تكون قد خالفت القانون ذلك أن الأدلة في المواد الجزائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها إذ ليس من شأنه الحد من سلطة المحكمة الجنائية التي مأموريتها السعي للكشف عن الحقائق كما هي في الواقع الذي اطمأنت إليه لا بما تقدره جهات أخرى مقيدة بقيود لا يعرفها قانون الإجراءات الجزائية هذا فضلا عن أن البين من مطالعة محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن لم يدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ومن ثم فإن الحكم الابتدائي إذ اعتبر سكوته تنازلا ضمنيا عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة يكون في محله لأنه كما سلف البيان فإن القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية هي قواعد مقررة لصالح الخصوم وليست من النظام العام والسكوت عنه يعتبر تنازل ابتداءا عن التمسك بوجوب الإثبات بالكتابة ويمتنع معه على المتهم عندئذ العدول عن هذا التنازل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن تكييف العلاقة بين المتهم والمجني عليها هي علاقة وكالة جائز إثباتها بالبينة مع وجود مبدأ الثبوت بالكتابة كما سلف البيان يكون دفاع المتهم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول الاختلاس وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى وأن تستنبط من الوقائع ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها وإذ كان جماع ما أورده الحكم الابتدائي المكمل والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وما سردته تصويرا لوقائع الدعوى حسبما استقر عليه وجدانها أخذت من عناصر الإثبات المطروحة عليها يسوغ ما رتبته عليه ويصح استدلال الحكم به على أن الطاعن قد تسلم المبلغ من المجني عليها ليقوم نيابة عنها باستثماره لصالحها وحصولها من وراء ذلك على ربح سنوي بنسبة 12% من المال المستثمر به إلا أنه لم يفعل ذلك واستبقى مالها في ذمته ولم يرده إليها حيث طلبت منه ومن ثم تكون جريمة خيانة الأمانة قد توافرت أركانها في حق الطاعن كما هي معرفة به في القانون ولا يقدح في ذلك ما أورده الطاعن في أسباب طعنه من قرائن على أن المبالغ عبارة عن سداد لقرض قيمته خمسة مليون درهم أقرضه لزوج المجني عليها في عام 2005م فضلا عن أنه جاء مرسلا قصد بها إثارة الشبهة في توافر القصد الجنائي طالما أن المحكمة قد اطمأنت في ثبوته إلى ما أخذت به ما أدلة استمدتها مما قدمته المجني عليها وما شهد به شاهد الإثبات وما قرره المتهم بالتحقيقات ومن ثم لا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الصدد أن يكون جدلا موضوعيا في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة التمييز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق