الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 فبراير 2024

الطعن 436 لسنة 21 ق جلسة 27/ 11 / 1951 مكتب فني 3 ج 1 ق 85 ص 225

جلسة 27 نوفمبر سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

---------------

(85)

القضية رقم 436 سنة 21 القضائية

أ - إثبات. 
القرائن. جواز الاعتماد عليها وحدها في إثبات جريمة القتل.
ب - شهود. 

طلب شاهد لم يسبق إعلانه وسماعه في الجلسة. جائز.

--------------
1 - إن القانون لم يشترط لثبوت جريمة القتل قيام دليل بعينه بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه، فإذا هي أخذت في إثبات القتل بما تكشف لها من الظروف والقرائن فلا تثريب عليها في ذلك، إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها ما دام الرأي الذي يستخلصه منها مستساغاً.
2 - للمحكمة في أثناء نظر الدعوى أن تستدعي أي شخص لم يكن سبق إعلانه لتسمعه شاهداً في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بناحية الخزقانية مركز قليوب مديرية القليوبية قتلوا عواطف عبد المعطي علي حسن عمداً مع سبق الإصرار بان بيتوا النية على قتلها فأعطوها كمية من مادة سامة زرنيخ أصفر كافية بنفسها لإحداث الوفاة قاصدين من ذلك قتلها ثم خنقوها بعد ذلك بجسم شريطي بقصد تنفيذ القتل نشأ من ذلك الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين عبد المعطي علي حسن وعطية أحمد عمر وفاطمة أحمد عمر بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

...حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بالقتل العمد جاء معيباً لقصوره وقيامه على ما لا سند له بالأوراق بجانب أنه بني على مجرد الشك والاحتمال وعلى أقوال لا يمكن أن تؤدي إلى ما استخلص منها، هذا فضلاً عما شاب الحكم من بطلان بسبب عدم ختمه في الميعاد. وفي بيان ذلك يقول الطاعن الأول إن المحكمة قد أسندت إليه أنه اعترف بأنه دفن الجثة دون تشريح ورغم سابق التنبيه عليه بعدم الدفن مع أن مثل هذا الاعتراف لم يصدر عنه كما أن ما ذكرته من أنه أعد لابنته القتيلة وزوجها حجرة بمنزله ليقيما فيها بقصد محاولة التوفيق وأنه لما لم تنجح هذه المحاولة عمل على قتلها لا تؤيده التحقيقات التي يفهم منها أن الزوجين كانا يعيشان بالمنزل المتهم حياة هادئة، وكذلك ما أوردته المحكمة من أن الطعام (الخبيزة) قدم إلى القتيلة ليلة الوفاة يخالف ما شهد به ضابط المباحث بالجلسة فضلاً عن أقوال شقيقة القتيلة من أنها إنما قدمت قبلها بأيام كما أنه لا يمكن أن يتفق وما ورد بتقرير الطبيب الشرعي من أن الفترة بين تناول السم والقتل بالخنق لم تكن تتعدى أمداً قصيراً لا يتجاوز الساعات ثم أن السم وجد بالجثة على شكل حبات وبكميات كبيرة وبصورة غير طبيعية مما يحتمل معه تصور أن المجني عليها قد انتحرت كما أن أقوال شقيقة المجني عليها وغيرها من الشهود من أن القئ كان قبل الوفاة بثلاثة أيام يتناقض مع ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي عن السم وحالته وأثره. ويضيف الطاعن أن المحكمة أغفلت الرد على ما دافع به عما تكشف من أقوال أحد الشهود من أنه أراد طلاق ابنته القتيلة وأن زوجها كان يضربها ضرباً مبرحاً ترتب عليه كسر ضلع لها مما لا يمكن معه القول بحصول القتل منه، ذلك بجانب أن علاقة الأبوة لا تسمح له بارتكاب الجريمة وبخاصة وقد شهد الشهود بأن القتيلة كانت حسنة السير حميدة الأخلاق وأنه كان خارج المنزل ليلة الوفاة. ولما أن عاد إلى المنزل لم ينفرد بابنته بل قصد إلى مخدعه، كما لم ترد المحكمة على ما أثاره في شأن تناقض أخت القتيلة وما ذكرته أختها الأخرى من أنها كانت تلازمها ليلة الوفاة. وأن ما وجد به من إصابات إنما يرجع إلى مشاجرة بينه وبين آخرين بسبب دفن الجثة وأن التقرير الطبي لا يتعارض مع قوله، ثم إن المحكمة قد أخطأت في الإجراءات حين سمعت أخت القتيلة على سبيل الاستدلال بمناسبة وجودها بالجلسة، وذلك دون أن يوافق المتهمون أو المدافعون عنهم، ويقول الطاعنان الآخران إن المحكمة لم تبين الأدلة المثبتة لكل واقعة وإنما أخذت بقرائن واستنتاجات أرجعتها إلى أقوال الشهود مما لا يمكن معه قانوناً اعتبارها دليلاً كما أنهما لم يتدخلا في أمر دفن الجثة ولم يوجد بها آثار لمقاومة وما قالته شقيقة القتيلة عن الطعام وتقديمه غير صحيح يكذبه ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي من أن السم أعطى قبل الوفاة بساعات وأن المعدة كانت خالية من الطعام فضلاً عما ثبت في التحقيقات من أن المجني عليها كانت ممتنعة عن تناول الأكل وأنها إنما كانت تتناول السوائل وحدها ومن يد أختها دون سواها، ثم إن المحكمة لم تتعرض لاحتمال الانتحار بسبب ما ظهر من كره المجني عليها لعشرة الزوج كما لم تتعرض لاحتمال حصول الخنق من يد الطاعن الأول وحده وأنها إذا اعتبرت الجميع فاعلين بارتكاب الجريمة بالسم والخنق لم تبين ما ساهم به كل من أفعال ولم تورد الأدلة على حصول الاتفاق والتآمر الذي قالت به. ويضيف الطاعنان أن الحكم لم يختم ويحصل إيداعه في ظرف الثمانية الأيام كما تدل على ذلك الشهادة الرسمية المقدمة، كما أنه قد مضى على يوم صدوره نحو شهرين دون أن تكتب أسبابه أو يخطرا بإيداعه بصفة رسمية وأنه ما دام قد مضى عليه أكثر من ثلاثين يوماً فإنه يكون باطلاً متعينًا نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وتعرض لدفاع الطاعنين واطرحه للاعتبارات التي قالها. ولما كان الأمر كذلك، وكان ما أورده الحكم له سنده كما تبين من الملف الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن، وكان من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون في غير محله إذ لا يخرج عن الجدل في تقدير الأدلة ومبلغ الاطمئنان إليها مما يختص به قاضي الموضوع ولا معقب عليه فيه، هذا ولا جناح على المحكمة إن هي أخذت في الإثبات بما يتكشف لها من الظروف والقرائن إذ أن القانون لم يشترط لثبوت جريمة القتل قيام دليل بعينه، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه والقرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية، وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها ولا يصح الاعتراض على الرأي المستخلص منها ما دام سائغاً مقبولاً، كما أنه لا جناح على المحكمة إن هي استمعت إلى أخت القتيلة إذ الثابت بمحضر الجلسة أنها أمرت باستدعائها عقب سماع شهادة ضابط المباحث وكان ذلك بناء على طلب المدافع عن الطاعن الأول، هذا فضلاً عما للمحكمة أثناء نظر الدعوى من حق في أن تستدعي وتسمع أقوال أي شخص لم يكن قد سبق إعلانه قبل الجلسة بالحضور أمامها، أما ما يقوله الطاعنون وينعونه على شهادة أخت القتيلة التي عينت نوع الطعام الذي تناولته أختها فمردود بأن الحكم لم يؤسس على شهادتها في هذا الشأن بل إن السم قد أعطى لها في طعامها دون تعيين هذا الطعام ما انتهى إليه الحكم في ذلك يستند إلى ما يبرره مما لا يصح معه النعي عليه لهذا السبب، وأما عن القصور في الرد على الدفاع فلا وجه له، إذ ليس من الواجب على المحكمة وهي تتحرى الواقع في الدعوى أن تتبع الدفاع في كل شبهة يقيمها أو استنتاج يستنتجه من ظروف الواقعة أو أقوال الشهود وترد عليه شبهة شبهة، بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت المبينة في الحكم. وأما ما يقوله الطاعنان الأخيران من بطلان الحكم فمردود بأن عدم ختم الحكم في ميعاد الثمانية الأيام المقررة في القانون لا يترتب عليه بطلانه، كما أنهما لم يتقدما بشهادة مستخرجة من قلم الكتاب تثبت أن الحكم قد انقضى على صدوره ثلاثون يوماً دون أن يكتب أو يوقع عليه حتى يصح لهما طلب نقض الحكم لهذا السبب، إذ يجب أن يدعم الطلب بهذه الشهادة الأخرى وهذا الإيجاب لم يكن إلا بقصد أن يثبت الطاعن أنه حين دعته حاجته إلى الاطلاع على الحكم لم يجده في متناوله بسبب عدم التوقيع عليه من رئيس المحكمة التي أصدرته فإذا كان الطاعن لم يقدم هذه الشهادة الأخرى وكان لم يقم في الحكم ولا في أوراق الدعوى ما يثبت قوله فإن طلب نقض الحكم لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق