الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يناير 2024

الطعن 19 لسنة 44 ق جلسة 24/ 3 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 149 ص 770

جلسة 24 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجوري.

---------------

(149)
الطعن رقم 19 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1 و2) إثبات "الشهادة" محكمة الموضوع. أحوال شخصية.
(1) الشهادة في الفقه الحنفي. شرط قبولها.
(2) الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين. م 6 ق 25 لسنة 1929 معياره شخصي. لقاضي الموضوع تقدير مداه.

----------------
1 - من المقرر في الفقه الحنفي أن الشهادة على ما يثبت حكمه بنفسه من قول أو فعل تكون مقبولة ممن عاينه سمعاً أو مشاهدة متى وافقت الدعوى. فإذا كان ما أورده الحكم يقطع في أن شهادة شاهدي المطعون عليها قد انصبت على وقائع حدثت في حضرتهما وعايناها سمعاً ومشاهدة واتفقت أقوالهما في جوهرها مع الوقائع المشهود بها فتكون شهادتهما قد استوفت شروط صحتها شرعاً.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال شهود الطرفين وقطع في اطمئنانه إلى أقوال شاهدي المطعون عليها دون أقوال شاهدي الطاعن وأبان أن معيار الضرر المنصوص عليه في المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 والذي لا يستطيع معه دوام العشرة بين الزوجين معيار شخصي وأن تقدير مداه يدخل في سلطة قاضي الموضوع، خلص مما أورده في مقام التدليل على تحقيق هذا الضرر بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها إلى تحقق الضرر المدعى به وعدم إمكان استمرار المعاشرة الزوجية بين الطرفين. وكان ما أورده الحكم في هذا الصدد يكفي لحمل قضائه فإنه لا يعيبه استطراده تزيداً في تقريره احتدام الخلف بين الزوجين بعد رفع دعوى الطلاق نتيجة تعدد نواحي الخصومة، كما لا يعيبه عدم تعقبه ما أورده الطاعن من حجة مناهضة أخذ بها الحكم الابتدائي لأن قيام الحقيقة التي استخلصها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 785 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن، طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة، وقالت بياناً لها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ولا تزال على عصمته وفي طاعته وأنه أساء إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة وألحق بها صنوفاً من الإيذاء ثم هجرها وطردها من منزل الزوجية، وإذ كانت شابه يلحق الهجر بها ضرراً بليغاً فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 14/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن أضر بها وأساء إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 11/ 3/ 1973 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 56 لسنة 90 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 20/ 5/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رجح بينة المطعون عليها على بينته رغم أن شهادة شاهديه استوفت شروط صحتها شرعاً وفي حين أن شهادة شاهديها قامت في الجزء الأكبر منها على السماع نقلاً عنها وتناقضت في تحديد العبارات النابية المدعي توجيهها إليها والوقت الذي حصلت فيه مما يفقدها شروط الصحة وفقاً للراجح من مذهب أبي حنيفة، الأمر المخالف للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في الفقه الحنفي أن الشهادة على ما يثبت حكمه بنفسه من قول أو فعل تكون مقبولة ممن عاينه سمعاً أو مشاهدة، متى وافقت الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص، "وحيث إن شاهدي المستأنفة - المطعون عليها - شهدا بأنه في يوم من أيام شهر إبريل وأثناء وجودهما في منزل خالة المستأنفة ووالدة زوجتيهما لتناول الغذاء على مائدتها حضرت المستأنفة ثائرة وذكرت أن زوجها المستأنف عليه - الطاعن - وضع قفلاً على باب منزل الزوجية ليمنعها من الدخول فذهبا معها إلى هناك وشاهدا القفل وحاولت المستأنفة فتح الباب فلم تستطع وبعد أيام اصطحبها مرة ثانية إلى هناك بغية الإصلاح بينهما وبعد أن دق جرس الباب فتح المستأنف عليه وما أن وقع نظره على زوجته حتى بادرها بقوله (أنت أقذر إنسانة) وذكر أنه لا يريدها وطلب منها أن تبرئه ولم يسمح لها بالدخول وكان ذلك على مسمع ومرأى من الشاهدين.... وحيث إن هذه المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنفة وترجحها على أقوال شاهدي المستأنف عليه ولا يقدح في شهادتهما عدم تحديد التاريخ بالضبط والاختلاف في بعض الألفاظ طالما قد اتفقا على جوهر الشهادة وشهدا بأنهما شاهدا قفلاً على الباب في المرة الأولى كما شاهدا المستأنف عليه في المرة الثانية عندما منعها من الدخول وسمعاه وهو يوجه إليها عبارة (أنت أقذر إنسانة)"، وكان هذا الذي أورده الحكم يقطع في أن شهادة شاهدي المطعون عليها قد انصبت على وقائع حدثت في حضرتهما وعايناها سمعاً ومشاهدة واتفقت أقوالهما في جوهرها مع الوقائع المشهود بها مما تكون معه شهادتهما قد استوفت شروط صحتها شرعاً، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها فإنه لا تثريب على محكمة الاستئناف إن هي رجحت أقوال هذين الشاهدين على أقوال شاهدي الطاعن ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه استخلص تحقق الضرر المدعى به واستحالة استمرار الحياة بين الزوجين من تعدد الدعاوى بينهما ومن إقامة دعوى التطليق والنفقة حالة أن التداعي وإن بدأته المطعون عليها لا يتحقق به الضرر الموجب للطلاق ولا يؤدي إلى استحالة دوام العشرة بينهما وبذلك يجئ الحكم خلواً من الأسباب المثبتة لحصول الضرر، كما أنه لم يعن بالرد على ما أثاره من دفاع مبناه أن الخلف في الحقيقة لم ينشأ بينه وبين زوجته المطعون عليها وإنما قام بين والدتها وبينه لسبب رفضه الإقامة معها في معيشة واحدة رغم أن محكمة أول درجة قد أخذت بهذا الدفاع وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال شهود الطرفين وقطع في اطمئنانه إلى أقوال شاهدي المطعون عليها دون أقوال شاهدي الطاعن وأبان أن معيار الضرر المنصوص عليه في المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 والذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين معيار شخصي وأن تقدير مداه يدخل في سلطة قاضي الموضوع، أورد في مقام التدليل على تحقق هذا الضرر قوله، وحيث إن البين من أوراق الدعوى أن كلا الزوجين من أسرة كريمة وعلى درجة كبيرة من الثقافة ومستواها الاجتماعي مرتفع وبيئتها طيبة وهما من طبقة محترمة لم يتعود أفرادها هذا النوع من التأديب فلذلك فإن منع الزوجة من دخول مسكن الزوجية بوضع قفل على بابه للحيلولة بينها وبين الدخول ثم وصفها بأنها أقذر إنسانة وعدم السماح لها بالدخول وطردها أمام رجلين أجنبيين عنها يعتبر خدشاً لكرامتها وإساءة بالغة لها بما لا يليق بأمثالها ويكون المستأنف عليه قد أضر بالمستأنفة ضرراً يبيح لها شرعاً أن تطلب الطلاق.... ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه خلص بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها إلى تحقق الضرر المدعى به وعدم إمكان استمرار المعاشرة الزوجية بسببه بين الطرفين. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في هذا الصدد يكفي لحمل قضائه فإنه لا يعيبه استطراده تزيداً في تقريره احتدام الحلف بين الزوجين بعد رفع دعوى الطلاق نتيجة تعدد نواحي الخصومة، كما لا يعيبه عدم تعقبه ما أورده الطاعن من حجة مناهضة أخذ بها الحكم الابتدائي لأن قيام الحقيقة التي استخلصها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إنه لما يتقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق