جلسة 6 من يوليو سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.
---------------
(115)
الطعن رقم 1886 لسنة 59 القضائية
(1) وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تصحيح الحكم لبيان تاريخ التهمة. لا يعد تعديلاً لها. مما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(4) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم لأول مرة أمام النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بقبضة يده على عينه اليمنى فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي فقد إبصار العين. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة وألزمه بالتعويض قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والبطلان. ذلك بأن المحكمة أجرت تعديلاً في تاريخ الواقعة دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل ودون أن يكون له أصل في الأوراق واستندت المحكمة في ذلك إلى أقوال المجني عليه والشاهدين بتحقيقات النيابة العامة في حين أن أقوالهم بها خلت من تحديد هذا التاريخ، كما خلا منه أيضاً بلاغ الحادث، كما أن تقرير الطب الشرعي - الذي أعد نفاذاً لقرار المحكمة - تضمن وقوع الحادث في التاريخ المعطى له بالقيد والوصف الذي أعدته النيابة العامة وقرار الاتهام، وأغفل الحكم ما جاء بتقرير قسم الرمد من حدوث الإصابة نتيجة الاصطدام بجسم صلب، ولم يسأل المتهم في محضر جمع الاستدلالات أو في تحقيقات النيابة العامة لوجوده خارج البلاد وقت الحادث وذلك على النحو الثابت من جواز سفره الذي قدم للمحكمة بيد أنها التفتت عنه. وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، خلص إلى أن الجريمة حدثت قبل ثلاثة أسابيع سابقة على يوم 31/ 7/ 1986. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الجريمة فيه مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصه من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي، فإن ذلك لا يعد في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما خلص إليه الحكم في تحديد تاريخ وقوع الجريمة له صداه في أقوال المجني عليه في محضر جمع الاستدلالات وفي التحقيقات الإدارية التي أجرتها جهة العمل التي يعمل لديها المجني عليه والطاعن والشاهدان، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب تلك الأقوال للمجني عليه والشاهدين بتحقيقات النيابة ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى، إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بدعوى إغفال الحكم لما تضمنه تقرير قسم الرمد من تصوير لكيفية حدوث إصابة المجني عليه وإنها من جراء الاصطدام بجسم صلب، فإنه فضلاً عن أن الحكم قد أورد ما تضمنه ذلك التقرير في هذا الخصوص فإنه - أيضاً - مردود بما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه والشاهدين وصحة تصويرهم للواقعة من أن الطاعن ضرب المجني عليه بقبضة يده على عينه اليمنى، ولما أثبته التقرير الطبي من تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه من جراء هذه الإصابة، وكان هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - يكون غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من عدم سؤاله بمحضر الاستدلالات أو بالتحقيقات ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. ولا يقدح في ذلك النظر أو يؤثر في سلامته ما ذهب إليه الطاعن من وجوده خارج البلاد وقت الحادث - على النحو الذي حدده في أسباب طعنه - وتقديمه الدليل على ذلك والتفات المحكمة عنه ذلك أنها اطمأنت إلى وقوع الحادث في وقت سابق على التاريخ الذي ذكر المدافع عن الطاعن أنه كان موجوداً أبانه في المملكة السعودية - وهو على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة، اليوم التاسع من ذي القعدة سنة 1406 هجرية الذي يوافق السادس عشر من يوليو سنة 1986 ميلادية، ومن ثم يكون دفاع الطاعن في هذا الشأن غير منتج في نفي وجوده في البلاد وقت الحادث حسبما تناهت إليه المحكمة وهو ثلاثة الأسابيع السابقة على يوم 31 من يوليه سنة 1986، وبالتالي فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاعه هذا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق