جلسة 18 من مايو سنة 1963
برئاسة السيد/ الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.
---------------
(113)
القضية رقم 1591 لسنة 8 القضائية
(أ) طعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا
- ميعاده - فواته يسقط الحق في الطعن - وقفه في حالة المحكوم عليه على الوجه المنصوص عليه في المادة 382 مرافعات.
(ب) انقطاع الخصومة
- أسبابه المنصوص عليها في المادة 294 مرافعات - من بينها فقد الخصم أهلية الخصومة - قيام هذا السبب وتحقق أثره يستلزم ثبوته فعلاً بحكم من القضاء كتوقيع الحجر، أو بدليل قاطع من تقرير طبيب شرعي أو قومسيون طبي أو قرار من مجلس مراقبة الأمراض العقلية بوزارة الصحة وفقاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية يثبت قيام حالة المرض العقلي المفقدة للأهلية بخصائصها المحدثة لهذا الأثر - وجوب توافر هذا الدليل في حينه لا في تاريخ لاحق - مثال.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 3 من سبتمبر سنة 1962 أودع الدكتور محمد عصفور المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا عن الدكتور السيد صبري المحامي المنتدب عن السيد/ إمام خليل عبد المجيد بموجب قرار المعافاة الصادر في 7 من يوليه سنة 1962 في طلب الإعفاء رقم 330 لسنة 8 القضائية "عليا" سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1591 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات وهيئة السكك الحديدية بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 737 لسنة 8 القضائية المقامة من السيد/ إمام خليل عبد المجيد ضد الهيئة العامة للبريد، القاضي "بعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المدعي المصروفات" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه أصلياً: الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الإداري رقم 145 لسنة 1960 الصادر بتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1960 بفصل المدعي من عمله وما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطياً إحالة الطاعن للطبيب الشرعي لتقدير حالته العقلية للتحقق من قيام أو عدم قيام حالة المرض العقلي به وتاريخ هذه الإصابة وأثرها على أهلية المدعي وإدراكه على ضوء ما هو ثابت من أوراق ملف خدمته والشهادتين الطبيتين المقدمتين مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي". وقد أعلن هذا الطعن إلى الهيئة العامة للبريد في 6 من سبتمبر سنة 1962 فردت عليه بمذكرة طلبت فيها "عدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد" وعقبت عليه هيئة مفوضي الدولة بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته من أسباب إلى أنها ترى الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم الطاعن مذكرة ما بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 30 من مارس سنة 1963 التي أبلغ بها الطرفان في 18 من فبراير سنة 1963. وقد قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا حيث عين لنظره أمام الدائرة الأولى بها جلسة 20 من إبريل سنة 1963 التي أبلغ بها الطرفان في 6 من إبريل سنة 1963 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن هيئة البريد دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1961 في حين أن المدعي لم يتقدم بطلب الإعفاء من رسوم الطعن إلا في 26 من يونيه سنة 1962.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 737 لسنة 8 القضائية ضد وزارة المواصلات أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات وهيئة السكك الحديدية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 2 من مايو سنة 1961 ذكر فيها أنه عين بهيئة البريد في أول مارس سنة 1954 واستمر يؤدي عمله إلى أن فوجئ في 17 من يوليه سنة 1960 بفصله من العمل فصلاً تعسفياً مع أن تقاريره السنوية في المدة من سنة 1954 حتى سنة 1960 بدرجة جيد وقد سببت الوزارة فصله بأنه انقطع عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن وعلى هذا الأساس يعتبر مستقيلاً. ولكن هذا السبب ينهار من الناحية الواقعية والقانونية والإنسانية لأنه كان مريضاً ومصاباً بانهيار عصبي عولج منه بالعيادات الخاصة المسجلة بوزارة الصحة على يد أخصائيين في المدة من 14 من يوليه سنة 1960 حتى نهاية شهر أكتوبر سنة 1960 وقد شفي تماماً من مرضه ويحق له أن يطالب بإلغاء القرار الصادر في 17 من يوليه سنة 1960 بفصله مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد تظلم من هذا القرار في 28 من مارس سنة 1961 طالباً إعادته إلى عمله وقدم شهادة مرضية عن فترة غيابه ولكنه لم يتلق رداً ولذا فإنه يطلب "إلغاء القرار الصادر بفصله في 17 من يوليه سنة 1960 لأنه جاء مجحفاً بحقوق الطالب ويتعين إلغاؤه مع كل ما يترتب على ذلك من آثار وخاصة صرف مرتب الطالب عن المدة من 17 من يوليه سنة 1960 حتى تاريخ الفصل في الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد دفعت هيئة البريد بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة فضلاً عن عدم قبولها لتقديمها بعد الميعاد إذ أن المدعي علم بالقرار المطعون فيه وتقدم في 16 من ديسمبر سنة 1960 بتظلم يطلب فيه إلغاءه ومع ذلك لم يرفع دعواه إلا في 2 من مايو سنة 1961 أي بعد فوات الميعاد القانوني المقرر. وقالت في الموضوع أن المدعي كان يشغل وظيفة من المرتبة الخامسة المتوسطة وقد انقطع عن عمله بدون إذن أو إخطار اعتباراً من 17 من يوليه سنة 1960 لمدة جاوزت خمسة عشر يوماً، وطبقاً للمادة 59 من القرار الجمهوري رقم 2191 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي هيئة البريد اعتبر مستقيلاً من الخدمة وصدر بذلك القرار الإداري رقم 145 في 26 من سبتمبر سنة 1960 ممن يملكه قانوناً، ومن ثم فإنه يتعين رفض الدعوى موضوعاً.
وقد قام المدعي بتصحيح شكل الدعوى بتوجيهها إلى هيئة البريد بصحيفة أعلنت إلى السيد مدير عام هيئة البريد في 28 من أغسطس سنة 1961 لسماع الحكم عليه بذات الطلبات السابق إبداؤها في صحيفة افتتاح الدعوى مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى أصلياً "الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام المدعي بالمصروفات. واحتياطياً: إحالة المدعي إلى الطبيب الشرعي لتقرير حالته العقلية لبيان ما إذا كانت به إحدى العوارض التي تؤثر في قوة تمييزه أو حسن تدبيره للأمور وما إذا كان هذا العارض إن وجد له أثر في الحد من أهليته للتقاضي وتحديد تاريخ مرضه على ضوء ما هو ثابت بملف خدمته من سوابق".
وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية "بعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المدعي المصروفات". وأقامت قضاءها على أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة أصبح لا محل له بعد إذ قام المدعي بتصحيح شكل الدعوى أثناء تحضيرها وتوجيهها إلى هيئة البريد التي أعلن مديرها بطلباته السابق تضمينها صحيفة دعواه. وقالت عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1960 من السيد مدير عام هيئة البريد بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 17 من يوليه سنة 1960 على أساس اعتباره مستقيلاً من الخدمة لانقطاعه عن العمل بدون إذن مدة زادت على خمسة عشر يوماً قد علم به المذكور علماً يقيناً في 19 من ديسمبر سنة 1960 إذ تقدم في هذا التاريخ بشكوى طالباً فيها إعادته إلى الخدمة وصرف مرتبه كاملاً ومن ثم يتعين حساب مواعيد الطعن من التاريخ المشار إليه وإذ كانت الإدارة لم ترد عليه خلال الستين يوماً التالية فإنه كان يتعين عليه إقامة دعواه في ميعاد الستين يوماً التي تلت انقضاءها ولما كان لم يرفعها إلا في 2 من مايو سنة 1961 فإنه يكون قد فوت على نفسه المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء وتكون دعواه غير مقبولة شكلاً.
وفي 26 من يونيه سنة 1962 أودع المدعي سكرتيرية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا طلباً قيد برقم 330 لسنة 8 عليا لإعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم وبجلسة 7 من يوليه سنة 1962 صدر قرار اللجنة بقبول طلبه.
وبعريضة مودعة سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا في 3 من سبتمبر سنة 1962 وبناء على قرار الإعفاء آنف الذكر طعن المدعي في حكم المحكمة الإدارية طالباً أصلياً "الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الإداري رقم 145 لسنة 1960 الصادر بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1960 بفصل المدعي من عمله وما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطياً إحالة الطاعن للطبيب الشرعي لتقرير حالته العقلية للتحقق من قيام أو عدم قيام حالة المرض الفعلي به وتاريخ هذه الإصابة وأثرها على أهلية المدعي وإدراكه على ضوء ما هو ثابت من أوراق ملف خدمته والشهادتين الطبيتين المقدمتين. مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي". واستند في أسباب طعنه إلى أن رفعه لدعوى الإلغاء بعد الميعاد إنما يرجع إلى أنه كان غير مالك لوعيه وتمييزه بحيث لا يمكن مساءلته عن تصرفاته التي أتاها أو امتناعه عن عمل كان يجب عليه القيام به للمحافظة على حقوقه كما سجل ذلك بحق السيد مفوض الدولة أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في تقريره عن حالته. وما دام من الثابت أنه مصاب بمرض عقلي فلا يمكن محاسبته على المواعيد التي حددها القانون سواء بالنسبة إلى التظلم أو إلى ميعاد رفع الدعوى، مع ذلك فقد أغفلت المحكمة هذا البحث أو الرد عليه على الرغم من أهميته القصوى في تحديد الوقت الذي تحسب منه المواعيد وبالتالي في الحكم بقبول الدعوى من الناحية الشكلية أو عدم قبولها هذا إلى أن هيئة البريد قد فصلته على أساس أنه انقطع عن عمله بدون عذر مقبول أكثر من خمسة عشر يوماً في حين أن جميع المستندات والأوراق المرفقة لملف خدمته تدل على أنه مصاب بمرض عقلي وهذا يكفي عذراً لانقطاعه عن عمله إذ أن هذا المرض يفقد صاحبه القدرة على التحكم في تصرفاته أو تقدير الأمور وهذا العذر يشفع في انقطاعه عن العمل كما ينسحب على عدم رفعه الدعوى في الميعاد الذي نص عليه القانون حيث كان لا يزال مريضاً.
وقد دفعت هيئة البريد بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1961 في حين أن المدعي لم يتقدم بطلب الإعفاء من رسوم الطعن إلا في 26 من يونيه سنة 1962.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى "الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً" وأسست رأيها على أن المادة 381 من قانون المرافعات تنص على أنه يترتب على عدم مراعاة مواعيد الطعن في الأحكام سقوط الحق في الطعن، وتقضي المحكمة بالسقوط من تلقاء نفسها. كما تنص المادة 372 من القانون ذاته على أن ميعاد الطعن يقف بموت المحكوم عليه ولا يزول الوقف إلا بعد إعلان الحكم إلى الورثة في آخر موطن كان لمورثهم وعلى الرغم من أن النص يقضي بوقف الميعاد في حالة موت المحكوم عليه فقط إلا أن الميعاد يقف إذا قام أي سبب من أسباب انقطاع الخصومة الواردة بالمادة 294 من قانون المرافعات فلا يتخذ أي إجراء فيها في مواجهة خصم قد قام به سبب من أسباب الانقطاع وإلا كان باطلاً، ومن ثم فإنه إذا فقد المحكوم عليه أهلية الخصومة وقف ميعاد الطعن في حقه. ولما كانت أسباب انقطاع الخصومة قد وردت في المادة 294 مرافعات على سبيل الحصر فإنه لا يقاس عليها لذلك فإنه دون حاجة إلى البحث في صحة ما ذهب إليه الطاعن في عريضة طعنه من إصابته بمرض عقلي فإن هذا الأمر - لو صح - لا ينهض بذاته مبرراً لانقطاع الخصومة وبالتالي لوقف سريان ميعاد الطعن في الحكم حيث لم يثبت فقد الطاعن لأهلية الخصومة بحكم وعلى هذا يكون الطعن قد قدم بعد الميعاد القانوني ويتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن حكم المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات وهيئة السكك الحديدية المطعون فيه وهو الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد قد صدر بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1961 وأن المدعي تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا بطلب أودعه سكرتيريتها في 26 من يونيه سنة 1962 قيد بجدولها تحت رقم 330 لسنة 8 عليا ملتمساً فيه إعفاءه من رسوم الطعن في حكم المحكمة الإدارية آنف الذكر، وقد قررت هيئة مفوضي الدولة بجلسة 7 من يوليه سنة 1962 قبول هذا الطلب وبناء عليه رفع المدعي طعنه الحالي بإيداع عريضته سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا في 3 من سبتمبر سنة 1962.
ومن حيث إن المادة 15 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة تنص على أن لذوي الشأن أن يطعنوا أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم وعلى هذا فإن تقديم المدعي لطلب المساعدة القضائية بوصفه إجراء قاطعاً لسريان ميعاد الطعن على ما سبق أن جرى به قضاء هذه المحكمة يكون قد تم بعد انقضاء ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن في حكم المحكمة الإدارية الذي قدم الطلب للإعفاء من رسوم الطعن فيه إذ لم يودع هذا الطلب سكرتيرية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا إلا بعد مضي زهاء ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم.
ومن حيث إن المادة 381 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يترتب على عدم مراعاة مواعيد الطعن في الأحكام سقوط الحق في الطعن وتقضي المحكمة بالسقوط من تلقاء نفسها". كما تنص المادة 382 من القانون ذاته على أن "يقف ميعاد الطعن بموت المحكوم عليه ولا يزول الوقف إلا بعد إعلان الحكم إلى الورثة في آخر موطن كان لمورثهم وانقضاء المواعيد التي يحددها قانون بلد المتوفى لاتخاذ صفة الوارث إن كان". ومفاد هذا أنه ينبني على فوات ميعاد الطعن سقوط الحق فيه لأن مراعاة هذا الميعاد أمر يقتضيه النظام العام والأصل أن مواعيد الطعن تسري بالنسبة إلى جميع الأشخاص وإنما لنص قانون المرافعات على حالة يقف فيها جريان الميعاد بعد بدئه وهي حالة إذا توفى المحكوم عليه في أثناء الميعاد ففي هذه الحالة يقف الميعاد ويظل موقوفاً إلى أن يعلن الحكم إلى الورثة في آخر موطن كان لمورثهم قبل الوفاة فيزول الوقف ويستأنف الميعاد جريانه حتى نهاية المدة الباقية منه لا لمدة جديدة لكون أثر الوفاة هو وقف الميعاد لا قطعه وإذا صح أنه على الرغم من قصر النص وقف الميعاد على حالة موت المحكوم عليه فقط فإن هذا الميعاد يقف إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المبينة في المادة 294 من قانون المرافعات بمقولة أن قواعد انقطاع الخصومة هي قواعد عامة تطبق في أية حالة تكون عليها الخصومة حتى يصدر فيها الحكم البات الذي تنتهي به وأن من بين أسباب الانقطاع هذه فقد الخصم أهلية الخصومة فإن قيام هذا السبب وتحقق الأثر المترتب عليه يستلزم ثبوته فعلاً بحكم من القضاء كتوقيع الحجز على الخصم الذي يدعيه لجنون أو عته أو عاهة في العقل أو بدليل قاطع من تقرير طبيب شرعي أو قومسيون طبي أو طبيب أخصائي أو مستشفى معد للمصابين بأمراض عقلية حكومي أو خصوصي مرخص به أو قرار من مجلس مراقبة الأمراض العقلية بوزارة الصحة العمومية وفقاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية يثبت قيام حالة المرض العقلي المفقدة للأهلية بخصائصها المحدثة لهذا الأثر في الفترة المراد التمسك فيها بوقف ميعاد الطعن ولما كانت هذه مسألة واقع منوط بظروف غير مستقرة بطبيعتها وقابلة للتغير من حيث قيامها ومداها تحققاً وزوالاً وشدة وخفة بما يؤثر تبعاً لذلك في سبب الوقف وجوداً وعدماً فإنه لا يصلح لإثباتها دليل لم يتوافر في حينه وإنما يراد إنشاؤه متأخراً في تاريخ لاحق بغية إثبات أمر فات الأوان المناسب لإثباته، ومن ثم فإن ما يزعمه المدعي في عريضة طعنه من إصابته بمرض عصبي نفسي أفقده السيطرة على وعيه لتبرير انقطاعه عن عمله الذي اعتبر بسببه مستقبلاً من خدمة هيئة البريد وما يريد التدليل عليه بتقارير طبية من إصابته باضطرابات نفسية كانت تتحسن أحياناً ويتماثل بعدها للشفاء للتحلل من جريان المواعيد في حقه سواء ميعاد التظلم من قرار اعتباره مستقيلاً من الخدمة لتغيبه عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن سابق أو عذر مقبول أو ميعاد رفع دعوى الإلغاء طعناً في هذا القرار أن ما يذهب إليه المدعي من دفاع في هذا الشأن إذا صح دليلاً على معافاته في بعض الأوقات من حالة نفسية ليست صعبة على البرء ولا مانعة من لياقته للاستمرار في عمله على نحو ما وصفها الأخصائيون فإنه لا ينهض بذاته دليلاً على إصابته بمرض عقلي مؤد إلى انعدام أهليته للخصومة إلى الحد الذي يعفيه من التقيد بميعاد تقديم التظلم الإداري أو ميعاد رفع دعوى الإلغاء أو ميعاد الطعن في الحكم الصادر في هذه الدعوى إذ ليس كل مرض نفسي أو اضطراب عصبي بمعدم لأهلية الخصومة وليس في الأوراق ما يقطع بإصابة المدعي على وجه التحديد في وقت معاصر لمدة جريان ميعاد الطعن في الحكم الصادر ضده من المحكمة الإدارية بعدم قبول دعواه شكلاً لرفعها بعد الميعاد بعاهة في العقل أعدمته أهلية الخصومة ولازمته طوال تلك المدة حتى تاريخ تقديمه طلب المساعدة القضائية بل إنه هو نفسه قد سكت عن ذلك ولم يدع شيئاً منه في دفاعه الذي ضمنه عريضة طعنه وأن زعمه بالنسبة إلى الفترة ما بين انقطاعه عن العمل الذي أدى إلى فصله من الخدمة وبين رفعه دعواه بطلب إلغاء القرار الصادر بذلك وليس من المفترض إزاء هذا وإزاء ما يستخلص من الأوراق من عدم استمرار حالة المرض المتذرع به انسحاب العذر القائم على هذا المرض إلى ميعاد الطعن في الحكم كما أنه غير مجد بعد فوات الأوان طلب المدعي بصفة احتياطية أحالته إلى الطبيب الشرعي لفحصه وتقدير حالته العقلية للتحقق من قيام أو عدم قيام حالة المرض العقلي به ومدى تأثيره على أهليته وإدراكه في الماضي الذي يرجع إلى بضع سنوات في ضوء الشهادتين الطبيتين المقدمتين منه ولا سيما أن هاتين الشهادتين وهما أدلة مرضه لم تتناولا حالته بعد أكتوبر سنة 1961 وأنهما قد خلتا من أي وصف أو تشخيص علمي لمرضه فيما عدا أنه كان يعالج "من حالة توتر عصبي" أو أنه كان مصاباً "بحالة انهيار عصبي نفسي". وهذا الإبهام في ذاته له دلالته فضلاً عن تهاترهما وعن صدور إحداهما من طبيب جراح والأخرى من طبيب باطني لا من أخصائيين في الأمراض العقلية أو العصبية، وإذا كان قد سبق للقومسيون الطبي العام أن فحص حالته مراراً وقرر منحه أجازات مرضية بعضها بسبب اضطرابات نفسية أو عصبية متحسنة لا تفقده اللياقة حسبما ارتآه القومسيون المذكور والبعض الآخر بسبب أمراض باطنية لا علاقة لها بهذه الحالة فإن آخر قرار للمجلس الطبي لهيئة السكك الحديدية بجلسته المنعقدة في أول نوفمبر سنة 1960 قاطع في أنه بفحصه في هذا التاريخ "لم يوجد عنده أعراض عقلية أو نفسية ولا يوجد عنده أعراض أي مرض باطني أو جراحي". كما أن قرار المجلس ذاته السابق على ذلك بجلسته المنعقدة في 12 من يونيه سنة 1960 جاء به أنه بفحصه "لا يوجد عنده أعراض مرض عقلي ويستمر في عمله" ولم يرد بأي من قرارات الأخصائيين بملف خدمته أنه مصاب بمرضه عقلي مفقد للإرادة والوعي أو معدم للأهلية، بل أنها على النقيض من ذلك لا تنفي صلاحيته للاستمرار في العمل ولا ترفع عنه التكليف أو المسئولية يؤيد ذلك تقارير رؤسائه بأنه يقوم بأداء عمله بكل جهد بحالة مرضية.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم ولأن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه قد صدر بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1961 ومع ذلك لم يتقدم المدعي إلى لجنة المساعدة القضائية بطلب إعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم إلا في 26 من يونيه سنة 1962 أي بعد فوات الميعاد القانوني المقرر للطعن فيه فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً لرفعه بعد الميعاد ويتعين القضاء بذلك وبإلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق