الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 يناير 2024

الطعن 1201 لسنة 59 ق جلسة 1 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 101 ص 602

جلسة 1 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

--------------

(101)
الطعن رقم 1201 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى جنائية "قيود تحريكها". موظفون عموميون.
الحماية المقررة في الفقرة الثالثة من المادة 63 إجراءات. مقصورة على الموظفين والمستخدمين العامين بالنسبة لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
(2) موظفون عموميون. قانون "تفسيره" دعوى جنائية "قيود تحريكها".
ما هو الموظف العام؟
اعتبار الشخص في حكم الموظف العام في مجال معين. عدم اعتباره كذلك فيما يخرج عن هذا المجال.
(3) قانون "تفسيره". موظفون عموميون. قطاع عام. دعوى جنائية. "قيود تحريكها".
الحماية التي تسبغها الفقرة الثالثة من المادة 63 إجراءات على الموظف العام عدم سريانها على رئيس مجلس إدارة شركة القطاع العام والعاملين بها.
علاقة رئيس مجلس إدارة شركة القطاع العام بالشركة المعين بها. تعاقدية. يحكمها قانون العمل ونظم العاملين بالقطاع العام. لا يغير من ذلك صدور قرار تعيينه من رئيس مجلس الوزراء.
أداة التعيين لا تسبغ على الشخص صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه.
(4) دعوى جنائية "قيود تحريكها". دعوى مدنية. موظفون عموميون. مسئولية مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
القيد الوارد في المادة 63 إجراءات. مقصور على رفع الدعوى الجنائية. قبل الموظف العام دون الدعوى المدنية التابعة. مؤدى ذلك؟
مثال.
(5) نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
جواز الطعن بالنقض في الحكم المنهي للخصومة على خلاف ظاهره.
(6) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". "الحكم في الطعن".
متى يتعين أن يكون مع نقض الحكم للخطأ في القانون. الإعادة.
(7) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى جنائية. دعوى مدنية.
صدور حكم في موضوع الدعوى منه للخصومة أو مانع من السير فيها. شرط لانفتاح الطعن بالنقض.
صدور حكم بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية بعد الحكم بعدم قبول هذه الأخيرة. لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير فيها متى اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً. مؤدى ذلك؟

----------------
1 - إن الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من رئيس نيابة أو من يعلوه إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين، دون غيرهم، فيما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
2 - من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان الشارع كلما ارتأى اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما، أورد به نصاً، كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بالأموال وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات حين أورد في الفقرة الخامسة من المادة 119 مكرراً منه، أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة وهي المادة 119 من القانون ذاته والتي نصت الفقرة السابعة منها على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام الباب المشار إليه ما يكون كله أو بعضه مملوكاً للشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة، فجعل هؤلاء في حكم الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية على الموظف أو المستخدم العام.
3 - لما كان الثابت من الأوراق أن المتهم - المطعون ضده الأول - يعمل رئيساً لمجلس إدارة الشركة العامة...... - إحدى شركات القطاع العام - فإن ما تسيغه الفقرة الثالثة من المادة 63 سالفة الذكر من حماية الموظف العام أو المستخدم العام، من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضده لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته أو بسببها إلا من رئيس نيابة أو من يعلوه لا تنطبق عليه، لما هو مقرر من أنها لا تنطبق على العاملين بشركات القطاع العام ومنهم رئيس مجلس الإدارة لأنهم لا يعدون في حكم الموظفين العامين في معنى هذه المادة، ذلك أن علاقة رؤساء مجالس إدارة شركات القطاع العام بهذه الشركات في ظل النظم المتعاقبة للعاملين بها هي علاقة تعاقدية يتوافر فيها عنصر التبعية المميز لعقد العمل فيعتبر رئيس مجلس إدارة الشركة في عداد العاملين بها ويعد عمله وظيفة من وظائفها يتقاضى عنها أجراً مقابل انصرافه لهذا العمل وتفرغه لشئونها شأنه في ذلك شأن سائر العاملين بالشركة، ومن ثم فإن تلك العلاقة التعاقدية تنظمها أحكام قانون العمل ونظم العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - الذي يحكم واقعة الدعوى - باعتباره متمماً لعقد العمل، ولا يغير من طبيعة تلك العلاقات ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون المشار إليه من أن تعيين رئيس مجلس إدارة الشركة يكون بقرار من رئيس مجلس الوزراء لأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين رئيس مجلس الإدارة وبين الشركة التي يعمل بها بالإضافة إلى أن أداة التعيين لا تسبغ عليه صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه، وهي أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بأسلوب الاستغلال المباشر عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، مما مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة - المطعون ضده الأول - لا يعدو موظفاً عاماً في مفهوم الموظف العام.
4 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام درجتي التقاضي أن المدعيين بالحقوق المدنية قد اختصما في الدعوى المدنية المطعون ضده الثاني وزير التموين والتجارة الخارجية - بصفته متضامناً مع المتهم تابعه - المطعون ضده الأول - بطلب الحكم عليهما بأن يدفعا لهما مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار التي لحقت بهما من جراء جريمة القذف المسند إلى المطعون ضده الأول ارتكابها، ومن ثم فإن وزير التموين بصفته لم يختصم في الدعوى الجنائية وإذ كانت المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة قد أسبغت الحماية على الموظف العام الذي يرتكب جريمة أثناء تأديته وظيفته أو بسببها بأن أوجبت رفع الدعوى الجنائية قبله من رئيس نيابة أو من يعلوه، فقد دلت بصريح لفظها وواضح معناها على أن القيد الوارد بها مقصور على رفع الدعوى الجنائية قبل الموظف العام دون الدعوى المدنية التي ترفع تبعاً لها، ومن ثم فإن اختصام المطعون ضده الثاني بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية في الدعوى المدنية لا يخضع إلى القيد سالف الذكر خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر الصحيح - على السياق المتقدم - واستجاب للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - في صورة الدعوى الجنائية - على الرغم من أنه غير فاصل في موضوع الدعوى إلا أنه عد منهياً للخصومة - على خلاف ظاهره - لأن المحكمة الجزئية إذا ما عرضت عليها الدعوى من جديد سوف تحكم حتماً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها لاستنفاد ولايتها بنظرها بالحكم الصادر منها في موضوعها. ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم - في خصوص ما قضى به في الدعوى الجنائية - يكون جائزاً.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون على النحو السابق إيراده فإنه يتعين نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
7 - لما كان من المقرر طبقاً لنص المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة أو مانعاً من السير فيها، وكان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية بعد إذ قضى في الدعوى الأخيرة بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفة - على ما سلف بيانه - لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير فيها إذا اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً وهي المحكمة المدنية صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية، ومن ثم فإن الطعن يكون غير جائز.


الوقائع

أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعواهما بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح عابدين ضد المطعون ضده الأول بوصف أنه: وجه لهما عبارات القذف وأبلغ ضدهما كذباً وذلك على النحو المبين بالصحيفة وطلبا عقابهما بالمواد 302، 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه ووزير التموين بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن فيما بينهما بأن يدفعا لهما مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم....... مائتي جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. استأنف المحكوم عليه والمدعيان بالحقوق المدنية، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً: ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
فطعنت النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية الأول عن نفسه وبصفته نائباً عن الأستاذ........ المحامي عن المدعية بالحقوق المدنية الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً - عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان حكم محكمة أول درجة وبعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني. قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده الأول موظف عام، مما كان يتعين معه طبقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية أن ترفع الدعوى عليه من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة، في حين أنه لا يعد في صحيح القانون موظفاً عاماً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول يعمل رئيساً لمجلس إدارة الشركة العامة........ - إحدى شركات القطاع العام - وأن الجريمة المرفوعة بها الدعوى قد أسند إليه ارتكابها أثناء تأديته وظيفته وبسببها، وأن المطعون ضده الثاني - وزير التموين والتجارة الداخلية - قد اختصم في الدعوى المدنية باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية، ومحكمة أول درجة قضت في الدعوى الجنائية بتغريم المطعون ضده الأول مائتي جنيه، ومحكمة ثاني درجة قضت ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني استناداً إلى أن المطعون ضدهما من الموظفين العامين مما كان لازمه إعمالاً لنص المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية رفع الدعوى الجنائية قبلهما من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة، أما وقد رفعت عليهما بطريق الادعاء المباشر فإن ذلك مخالفة لنص المادة سالفة الإشارة ثم انتهى الحكم في القضاء ببطلان الحكم المستأنف القاضي بإدانة المطعون ضده الأول وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من رئيس نيابة أو من يعلوه إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين، دون غيرهم فيما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، وكان من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان الشارع كلما ارتأى اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما، أورد به نصاً، كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بالأموال وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات حين أورد في الفقرة الخامسة من المادة 119 مكرراً منه، أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة وهي المادة 119 من القانون ذاته والتي نصت الفقرة السابعة منها على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام الباب المشار إليه ما يكون كله أو بعضه مملوكاً للشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة، فجعل هؤلاء في حكم الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية على الموظف أو المستخدم العام. لما كان ذلك وكان
الثابت من الأوراق أن المتهم - المطعون ضده الأول - يعمل رئيساً لمجلس إدارة الشركة العامة...... - إحدى شركات القطاع العام - فإن ما تسيغه الفقرة الثالثة من المادة 63 سالفة الذكر من حماية الموظف العام أو المستخدم العام، من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضده لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته أو بسببها إلا من رئيس نيابة أو من يعلوه لا تنطبق عليه، لما هو مقرر من أنها لا تنطبق على العاملين بشركات القطاع العام ومنهم رئيس مجلس الإدارة لأنهم لا يعدون في حكم الموظفين العامين في معنى هذه المادة، ذلك أن علاقة رؤساء مجالس إدارة شركات القطاع العام بهذه الشركات في ظل النظم المتعاقبة للعاملين بها هي علاقة تعاقدية يتوافر فيها عنصر التبعية المميز لعقد العمل فيعتبر رئيس مجلس إدارة الشركة في عداد العاملين بها ويعد عمله وظيفة من وظائفها يتقاضى عنها أجراً مقابل انصرافه لهذا العمل وتفرغه لشئونها شأنه في ذلك شأن سائر العاملين بالشركة، ومن ثم فإن تلك العلاقة التعاقدية تنظمها أحكام قانون العمل ونظم العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - الذي يحكم واقعة الدعوى - باعتباره متمماً لعقد العمل، ولا يغير من طبيعة تلك العلاقات ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون المشار إليه من أن تعيين رئيس مجلس إدارة الشركة يكون بقرار من رئيس مجلس الوزراء لأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين رئيس مجلس الإدارة وبين الشركة التي يعمل بها بالإضافة إلى أن أداة التعيين لا تسبغ عليه صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه، وهي أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بأسلوب الاستغلال المباشر عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، مما مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة - المطعون ضده الأول - لا يعدو موظفاً عاماً في مفهوم الموظف العام. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام درجتي التقاضي أن المدعيين بالحقوق المدنية قد اختصما في الدعوى المدنية المطعون ضده الثاني وزير التموين والتجارة الخارجية - بصفته متضامناً مع المتهم تابعه - المطعون ضده الأول - بطلب الحكم عليهما بأن يدفعا لهما مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار التي لحقت بهما من جراء جريمة القذف المسند إلى المطعون ضده الأول ارتكابها، ومن ثم فإن وزير التموين بصفته لم يختصم في الدعوى الجنائية وإذ كانت المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة قد أسبغت الحماية على الموظف العام الذي يرتكب جريمة أثناء تأديته وظيفته أو بسببها بأن أوجبت رفع الدعوى الجنائية قبله من رئيس نيابة أو من يعلوه، فقد دلت بصريح لفظها وواضح معناها على أن القيد الوارد بها مقصور على رفع الدعوى الجنائية قبل الموظف العام دون الدعوى المدنية التي ترفع تبعاً لها، ومن ثم فإن اختصام المطعون ضده الثاني بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية في الدعوى المدنية لا يخضع إلى القيد سالف الذكر خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر الصحيح - على السياق المتقدم - واستجاب للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. وكان الحكم المطعون فيه - في صورة الدعوى الجنائية - على الرغم من أنه غير فاصل في موضوع الدعوى إلا أنه عد منهياً للخصومة - على خلاف ظاهره - لأن المحكمة الجزئية إذا ما عرضت عليها الدعوى من جديد سوف تحكم حتماً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها لاستنفاد ولايتها بنظرها بالحكم الصادر منها في موضوعها. ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم - في خصوص ما قضى به في الدعوى الجنائية - يكون جائزاً. ومن حيث إن طعن النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون فمن ثم تعين قبوله شكلاً.
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون على النحو السابق إيراده فإنه يتعين نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.


ثانياً - عن الطعن المقدم من المدعيين بالحقوق المدنية:
لما كان من المقرر طبقاً لنص المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة أو مانعاً من السير فيها، وكان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية بعد إذ قضى في الدعوى الأخيرة بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفة - على ما سلف بيانه - لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير فيها إذا اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً وهي المحكمة المدنية صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية، ومن ثم فإن الطعن يكون غير جائز ويتعين من ثم القضاء بعدم جوازه ومصادرة الكفالة مع إلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق