الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 يناير 2024

الطعن 1090 لسنة 7 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 108 ص 1150

جلسة 11 من مايو سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(108)

القضية رقم 1090 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - تأديب 

- واجبات الوظيفة - من أهمها أن يصدع الموظف للأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته، وأن ينفذه فور إبلاغه به، لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به - سند ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على موظفي الجهة الإدارية الواحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري، وهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة التي يرأسها - ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال ويقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب القيام به يؤدي إلى الإخلال بالنظام الوظيفي ويعرض المصلحة العامة للخطر.
(ب) موظف - تأديب 

- واجبات الوظيفة - حق الموظف في الشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل - وجوب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل، وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعريض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد إخلالاً بالواجب الوظيفي - رفض تظلم مكتوب قدمه الموظف لا يجيز تعرضه لرئيسه عند خروجه من مكتبه لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية الواجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة.

-----------------
1 - إذا كان الثابت أن أمراً قد صدر للمطعون عليه ممن يملكه ليقوم بعمل أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي وهو من الأعمال الكتابية التي كان يمارسها المطعون عليه منذ عام 1957 ولا تختلف في طبيعتها عما كان يقوم به بالذات قبل ندبه مباشرة إلى هذه الوظيفة، ومن أهم واجبات الموظف العام أن يصدع بالأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته وينفذه فور إبلاغه به لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على الموظفين التابعين لجهة إدارية واحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري فهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة الإدارية التي يرأسها فإذا ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال يقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب عليه القيام به لاختل النظام الوظيفي وتعرضت المصلحة العامة للخطر.
2 - إذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه رفض تنفيذ الأمر أولاً بحجة عدم درايته بأعمال المخازن ثم تقدم بتظلم مكتوب نظر ورفض ومن ثم فإن الأمر كان يجب أن ينتهي عند هذا الحد لا أن يثار بعد ذلك فيستوقف المطعون عليه رئيسه عند خروجه من المكتب لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية التي يجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة وقد أحس الموظفون الذين تواجدوا وقتذاك بحرج الموقف الذي ترتب على تصرف المطعون عليه ونصحوه بالاعتذار عما بدر منه.. وهو وإن كان يجوز لكل موظف شأنه شأن أي مواطن آخر أن يتقدم بالشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل إلا أن ذلك يجب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعرض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد معه إخلال بالواجب الوظيفي.


إجراءات الطعن

في 15 من إبريل سنة 1961 أودع السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد/ مدير جامعة الإسكندرية سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 13/ 2/ 1961 في الدعوى رقم 852 لسنة 7 القضائية المرفوعة من السيد/ مصطفى الجرف ضد جامعة الإسكندرية والقاضي (بإلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مستشفيات جامعة الإسكندرية في 21/ 11/ 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من راتب المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات". وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن الطعن لذوي الشأن. ونظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 852 لسنة 7 القضائية ضد جامعة الإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 12 من يوليه سنة 1960 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار التأديبي الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وإلغاء كل أثر قانوني له مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 6/ 6/ 1959 نقل من منطقة شبين الكوم التعليمية إلى الإدارة العامة للمستشفيات الجامعية واستمر يعمل في قسم الشطب بها نحو ثلاثة أشهر. وفي شهر سبتمبر سنة 1959 أصدر السيد الدكتور محمد نظيم المدير العام للمستشفيات الجامعية أمراً بنقل الطالب للعمل بوظيفة أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي. فقدم الطالب التماساً لإلغاء هذا النقل لعدم درايته بأعمال المخازن وما تتصل به من عهد وأموال فرفض السيد المدير التماسه، حاول الطالب أن يقابله ليعرض عليه الأمر بنفسه ويبين له ما تتعرض له المصلحة العامة من وضعه في عمل لا يدري عنه شيئاً فوجد بابه مغلقاً والوصول إليه صعباً والعوائق في طريقه جمة، فوجئ الطالب بالسيد المدير العام خارجاً من مكتبه فوجدها الطالب فرصة ليعاود رجاءه فنهره السيد المدير العام أمام الموجودين وأمر بإجراء تحقيق معه ثم وقع عليه جزاء بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه بمقتضى القرار التأديبي الصادر في 21/ 11/ 1959، وهذا الجزاء لا مبرر له إلا إذا اعتبر السيد المدير العام أنه لا يجوز لإخوته في الوطن ومرؤوسيه في العمل أن يقربوا ساحته أو ينبسوا أمامه ببنت شفة، وهو وضع غير معروف في أفق القانون ولا في مجال الذوق والخلق خصوصاً وقد رفع الشعب رأسه بزوال زمن الاستعباد فجر يوم 23 من يوليه سنة 1952 إذ انحسر ظل الاستعمار عن كاهل المواطنين وقالها بحق السيد رئيس الجمهورية "ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستبداد".
أجابت الجامعة على الدعوى بأن المدعي ندب للقيام بعمل أمين مخزن بمستشفى الحضرة الجامعي اقتضاء للصالح العام بيد أنه حين أبلغ بهذا القرار عقب عليه باعتذاره عن تنفيذه بحجة افتقاره إلى الخبرة في أعمال المخازن وتقدم بمذكرة في هذا المعنى تقرر رفضها وعندما طلب السيد المساعد الإداري القائم بعمل رئيس الإدارة حينذاك التوقيع بالعلم وتنفيذ قرار الندب بادره الطالب بتعليق غير مناسب ولم يكتف بذلك بل أنه في نفس اليوم اعترض طريق السيد المدير العام في الردهة حين شاهده خارجاً من مكتبه وخاطب سيادته بطريقة خرج فيها على حدود الواجب وتحدث إليه، بأسلوب ينافي الأصول المرعية بين رئيس المصلحة واحد مرؤوسيه من الموظفين وذلك على النحو الذي ثبت من التحقيق الذي أجرى في هذا الصدد ولهذه الأسباب مجتمعة تقرر مجازاته بعقوبة الخصم خمسة عشر يوماً من المرتب، وأن ما أسند إلى الطالب وأسفر عنه التحقيق ينطوي على إخلال بمقتضيات الوظيفة وحسن السلوك الذي ينبغي للموظف أن يتصف به مما يسوغ مؤاخذته عنه. ومن ثم فإن القرار التأديبي المطعون فيه يكون قد قام على سببه..."
وبتاريخ 13/ 2/ 1961 قضت المحكمة الإدارية المذكورة "بإلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مستشفيات جامعة الإسكندرية في 21/ 11/ 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من راتب المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن القرار التأديبي كأي قرار إداري آخر ينبغي أن يقوم على سبب يبرر إصداره وسبب القرار التأديبي بوجه عام طبقاً للمادتين 73 و83 مكرر من قانون الموظفين هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه أو امتناعه عن تنفيذ أمر صادر إليه في حدود القانون أو مخالفة - أثناء قيامه بعمل - القواعد القانونية أو الأصول المرعية أو عدم احترام الرؤساء أو خروجه على مقتضيات وظيفته، وبالجملة كل تصرف من شأنه أن يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الموظف العام، وعندئذ يحق للإدارة أن توقع عليه الجزاء التأديبي الذي تراه مناسباً للجرم المقترف بعد سماع أقوال الموظف المتهم وتحقيق دفاعه، والقضاء الإداري وهو بسبيل رقابته على القرار الإداري لمراقبة مدى مشروعيته وقيامه متوافراً على أركانه، أن يتحقق من قيام ركن السبب في القرار التأديبي، فله في هذا السبيل أن يراقب سلامة التكييف القانوني للوقائع المنسوبة إلى الموظف المتهم، أو مدى انطوائها على إحدى المخالفات التأديبية، ويراقب النتيجة التي وصل إليها التحقيق وما إذا كانت قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدي إليه... والثابت من الاطلاع على التحقيق الذي أجرى مع المدعي في 8/ 10/ 1959 أنه اعتذر فور إبلاغه بقرار ندبه إلى عمل المخازن عن قيامه بهذا العمل لعدم مرانه عليه وانعدام خبرته به، وتظلم من ذلك الأمر بالطريق القانوني السليم مؤيداً بالمبررات التي رآها وعرضها على المساعد الإداري الذي عرضها بدوره على المدير العام للمستشفيات، فرأى أخذ رأي مدير المخازن ثم أمر بتنفيذ الأمر فوراً وأخذ الموافقة الكتابية من المدعي على ذلك فاستدعى المساعد الإداري ليطلعه على نتيجة تظلمه فحضر إليه واطلع على الأوراق وانتهى به الأمر إلى التوقيع بالموافقة في ذات اليوم، وهذا الذي أتاه المدعي لا يعد امتناعاً منه عن تنفيذ أمر النقل بل هو تظلم طبيعي وقانوني سلك فيه المدعي المسلك السليم من حيث التسلسل الإداري وانتهى إلى الموافقة على تنفيذه على أثر تيقنه من إصرار المدير العام على التنفيذ، فلم يكن هناك إصرار من المدعي على الامتناع عن تنفيذ الأوامر الصادرة إليه، والتظلم هو حق مشروع لكل موظف في إبداء رأيه فيما يناط به، فإن أخذ بوجهة نظره كان بها، وإلا امتثل للأمر ورضي بما عهد إليه في حدود القانون، ويكون التحقيق إذا انتهى إلى إدانة المدعي بجريمة الامتناع عن تنفيذ أمر نقله إلى المخازن من واقع ما قام به المدعي من تصرفات، قد أخطأ التكييف السليم ويتعين طرح تلك النتيجة.... وأما عن تصرفات المدعي إزاء المساعد الإداري وما نسب إليه فيها من تعليقه تعليقاً غير لائق، فإن الأمر كما صوره المساعد - أن المدعي هم بالجلوس ليتمكن من الاطلاع على ما عرضه عليه المساعد من أوراق، إلا إن ذلك الأخير نهاه عن الجلوس على المقعد الخاص بزوار المدير العام فامتثل المدعي ولم يجلس، وإن كان ثمة عدم لياقة فأولى بها المساعد الذي ينكر على موظف أن يحاول الجلوس في مكتبه بحجة عدم إضاعة الوقت، مع أنه لم ينسب إلى المدعي أنه تلكأ أمامه أو أنه جلس فأطال الجلوس، ولكن حقيقة الأمر كما جاء على لسان المساعد الإداري أن الطاعن تأهب للجلوس على مقاعد زوار المدير العام. فإذا قارن المدعي بين موقف المساعد منه وإنكاره حق الجلوس عليه وبين موقف أحد المتهمين أمام هيئة المحكمة بطلب الجلوس وإجابة المحكمة هذا الطلب فلا إثم عندئذ ولا جريرة.. وأخيراً وعن موقف المدعي من المدير العام. فإن المدعي حين رآه خارجاً من مكتبه وجد في ذلك الفرصة لكي يشكو إليه أمره بنفسه ويخاطبه في أمر نقله، إلا أن المدير العام رفض التحدث معه في أمر مصلحي في غير مكتبه ومع ذلك فقد جارى المدير العام المدعي وتحدث معه... ومن حق الموظف أن يبلغ صوته إلى رؤسائه بالشكاية والتظلم ما دام قد التزم حدود الأدب واللياقة، ولم يشهد أحد ممن سئلوا في التحقيق أن ارتفاع صوت المدعي كان عن غير تأدب، بل أن المهندس إسماعيل مختار لم يشهد بأن المدعي في حديثه مع المدير العام جاوز حدود الأدب واللياقة، وقد يكون ارتفاع الصوت هو ارتفاع صوت المشتكي وليس صوت المعتدي... ولكل ما تقدم يكون القرار المطعون فيه فاقداً ركن سببه، فوقع حينئذ باطلاً ويتعين إلغاءه.
ومن حيث إن أسباب الطعن تقوم على أنه حين أبلغ المطعون ضده برفض اعتذاره وبضرورة تنفيذ أمر الندب علق على ذلك بتعليق غير مناسب ثم اعترض في ذات اليوم طريق مدير عام المستشفيات في الردهة حين شاهده خارجاً من مكتبه وخاطبه بطريقة خرج فيها عن حدود الواجب وتحدث إليه بأسلوب ينافي الأصول الشرعية بين رئيس ومرءوسيه، وأجرى مع المطعون ضده تحقيق أسفر عن ثبوت امتناعه عن تنفيذ أمر النقل مع تعليقات غير مناسبة للمساعد الإداري ومخاطبته للمدير العام بطريقة غير لائقة وهذا كله يعد خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي وبناء على هذه النتيجة صدر قرار المطعون فيه قائماً على سببه وهو الامتناع عن تنفيذ أمر صادر إلى المطعون ضده في حدود القانون وعدم احترامه للرؤساء وإتيانه تصرفات تتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الموظف العام.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده حاصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم خاص عام 1950 وعين بوظيفة مدرس بإحدى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم اعتباراً من 14/ 10/ 1954 ثم نقل إلى الكادر الكتابي في سنة 1957 بمنطقة شبين الكوم التعليمية وفي سنة 1959 نقل إلى وظيفة كاتب بمستشفيات جامعة إسكندرية ويشغل الدرجة الثامنة، وفي 4/ 10/ 1959 قدمت مذكرة للسيد المدير العام تتضمن وجود نقص في أمناء المخازن... ويمكن النظر في ترشيح السيد/ مصطفى الجرف الذي يعمل حالياً بقلم الشطب بدلاً من السيد/ المغاوري لتسلم مخزن مستشفى الحضرة الجامعي حيث أورى السيد الدكتور مغازي بعدم إمكان تدبير أعمال السيد الحصافي محلياً. "ثم ووفق على هذا الندب على أن يحل محل السيد/ عبد السلام على أثر عودته من الخدمة العسكرية في أوائل شهر نوفمبر سنة 1959" وجاء بالمذكرة التي أعدت لعرض الأمر على السيد المدير العام والمؤرخة 5/ 10/ 1959 "أن ندب السيد الجرف قد يزيد إنتاجه عن الوقت الحاضر عندما يشعر بالمسئولية على أن يحل محله أول موظف أو مستخدم خارج الهيئة يمكن تدريبه لحين حلول موظف" وقد وافق السيد المدير العام على هذا الندب في 15/ 10/ 1959 وقد حدث حين أخطر المطعون ضده بهذا الأمر أن أشر عليه باعتذاره عن التنفيذ، وعلى أثر ذلك استدعاه المساعد الإداري لاستيضاحه عن عدم التنفيذ فحضر وقدم طلباً للسيد المدير العام، وبعرض هذا الطلب على سيادته أمر بضرورة التنفيذ فوراً - وبتصفح الطلب المقدم من المطعون عليه إلى السيد المدير العام بتظلمه من ندبه للعمل بالمخازن يبين أنه بناه على عدم خبرته بأعمال المخازن وأنه لا يجوز لكل موظف أن يحمل هذه الأمانة إذ أنه يجب أن يسبق القيام بها تدريب لفترة معقولة، وهذه النظرية أخذت بها الإدارة العامة مما يؤيد وجهة نظره ويسند ظلمته - فقد أعدت برنامجاً لتدريب عدد من قدامى الموظفين في الخدمة ومحدثيهم فيها ومنهم الطالب - فما بال المشيرين الذين رشحوه لهذه المهمة يتناسون هذه الحقيقة ويدفعونه في طريق لا يعلم عنه سوى اسمه.. أهذا تصرف أو هذه مشورة قصد بها الصالح العام أم أن مجرد سد الخانة".. وهو واثق بأن السادة الذين سألهم سيادة المدير العام عمن يصلح لشغل وظيفة أمين المخازن الفرعية بالحضرة لو صدقوا النصيحة لكان هو آخر اسم يمكن أن يرد في هذا المجال.. ولكن لم يتقدم أحد الغيورين على المصلحة العامة لحمل هذه الأمانة.. ولمصلحة من تضيع شهور عرف فيها كيف يؤدي عمله بمكتب الشطب... وأنكم يا سيادة المدير ستأمرون بإحقاق الحق ووضع الموظف في المكان الذي يملأه لا في الفوهة التي تقضي عليه، والله وكيله. ثم اختتم طلبه بالعبارة الآتية: "مقدمه الحريص على المصلحة العامة" وقد أمضى المطعون عليه بما يفيد عمله بأمر سيادة المدير من وجوب التنفيذ فوراً وكان ذلك في 8/ 10/ 1959.. وتلا ذلك بعض التصرفات من المطعون عليه رأت الجامعة التحقيق فيها لتحديد مسئوليته منها.. وبالرجوع إلى هذا التحقيق الذي بدئ فيه في يوم 8/ 10/ 1959 يبين أنه سئل فيه المساعد الإداري فقرر أنه تنفيذاً لقرار السيد المدير العام بندب السيد مصطفى الجرف (المطعون ضده) للقيام بأعمال المخازن فقد قرر الأمر الإداري رقم 199 في 6/ 10/ 1959 وعند إخطار الموظف المذكور بذلك كتب على نفس الأمر "بأنه يعتذر عن تنفيذ الأمر بكل أسف والتفصيلات في مذكرة سيتشرف بإرسالها إلى سيادة المدير العام" وعلى أثر اطلاع المساعد الإداري على هذا التعليق استدعاه إلى مكتبه فحضر بعد فترة وجيزة وبعد استعجال حضوره والاتصال به تليفونياً وقال أنه لا يمكنه تنفيذ هذا الأمر لعدم خبرته بأعمال المخازن فأفهمه المساعد الإداري المذكور أن صالح العمل قد اقتضى إصدار الأمر المذكور وأن عمله في الشطب يماثل العمل الجديد ولكنه أصر على موقفه وسلمه الطلب السابق الإشارة إليه والذي أشر عليه سيادة المدير أولاً بقيام السيد رئيس التوريدات والمشرف على المخازن بالتعليق على ما جاء بهذا الطلب وبعد أن تم ذلك أعيد العرض على سيادته فأشر عليه بالعبارة السابق ذكرها ولما استدعاه الشاهد لإبلاغه بتأشيرة السيد المدير العام حضر وأراد الجلوس فلفت الشاهد نظره إلى التوقيع بالعلم والعودة إلى العمل بدلاً من إضاعة الوقت في الجلوس على مقاعد الزوار فما كان منه إلا أن قال أن طبقجلي في العراق طلب من المحكمة أثناء محاكمته كرسياً ليجلس عليه فأجابته إلى طلبه وبعد ربع ساعة من هذا الحديث خرج الموظف المذكور بصحبة السيد المهندس وكان السيد المدير العام يغادر مكتبه فاعترض طريقه هذا الموظف وأخذ يتحدث معه في موضوع نقله إلى مخزن مستشفى الحضرة فطلب منه السيد المدير أن يكون الحديث في المكتب لا في الطرقة فأجابه الموظف بأنه لا يستطيع الوصول إليه في المكتب فقال له السيد المدير بأن باب مكتبه مفتوحاً فلم يقتنع الموظف بذلك وأخذ برفع من صوته بشكل غريب مما جعل سيادة المدير يلفت نظره إلى ذلك فما كان منه إلا أن قال بأنه يتكلم بأدب فدهش سيادة المدير من هذه اللهجة وطلب منه بأن يتكلم في حدود القانون فكان رده عليه أنه لا يعرف القانون. ولما طلب سيادة المدير إخلاء طرفه من العهد أشاح بيده مردداً قوله بأنه ليس لديه عهدة وترك السيد المدير العام وانصرف.. وردف هذا الشاهد بقوله أن ما ورد في الطلب المقدم من السيد/ الجرف (المطعون ضده) فيه مساس بشخصيته بوصفه القائم بأعمال مدير الإدارة... وبسؤال الشاهد الثاني السيد/ سعيد محمد شوشان الموظف بالحسابات لم تخرج أقواله عن مضمون أقوال الشاهد الأول وأضاف بأنه سمع من السيد المدير العام يقول للسيد/ الجرف "تكلم في حدود القانون، وما دمت تعمل في الحكومة فكل ما تكلف به واجب عليك تنفيذه" فرد عليه هذا الموظف بأنه لا يعمل في عزبة ويعلم أنه يعمل في الحكومة ولما رأى السيد المدير العام إصراره على عدم التنفيذ أمر المساعد الإداري بإخلاء طرفه من العهدة فأخذ الموظف المذكور ينصرف مسرعاً قائلاً ليس لديه عهدة. وقد لاحظ هذا الشاهد أن الموظف المتهم يتكلم بلهجة غير لائقة وما كان يتصور أن موظفاً مسئولاً يتصرف بمثل ذلك التصرف المنافي للأصول... وبسؤال الشاهد الثالث السيد/ عبد المتجلي عامر رئيس التوريدات أجاب بأن السيد/ الجرف كان يتكلم بصوت عال وأن السيد المدير لفت نظره إلى ذلك وأن يكون حديثه في حدود القانون فرد عليه بأنه يتكلم بأدب وأنه لا يعرف القانون. فقال له السيد المدير العام بأنه موظف ومفروض أنه ملم بقانون التوظف، وعقب الموظف المذكور على ذلك بأنه يتكلم بهذه الطريقة أمام السيد رئيس الجمهورية رائد الحرية...
وبسؤال الشاهد الرابع السيد/ المهندس محمد إسماعيل مختار قرر بأنه سمع السيد المدير العام يقول للسيد/ الجرف بأن مثل هذا الكلام لا يكون في الطرقات وإنما في المكتب وهو مفتوح للجميع فرد عليه بأنه ليس لديه مانع من استلام عمله بالمخزن وإنما خبرته السابقة قد لا تمكنه من ذلك. كما سمع من السيد المدير العام يقول لهذا الموظف أن يتكلم قانونياً وأنه لا يعمل في عزبة فرد عليه الموظف المذكور بأنه لو كان عنده عزبة ما حضر للعمل هنا وأنه على استعداد ترديد هذا القول أمام السيد/ رئيس الجمهورية وأنه على علم بأنه يخاطب السيد/ محمد نظيم إبراهيم المدير العام وبعد أن انصرف السيد المدير العام أفهم هذا الشاهد وكان معه بعض الموظفين السيد/ الجرف بضرورة تنفيذ الأمر مع الاعتذار للسيد المدير العام عما بدر منه...
وبسؤال السيد/ الجرف (المطعون عليه) أبدى أقوالاً لا تخرج عما سطره في الطلب المقدم منه والسالف الإشارة إليه. وأضاف إلى ذلك أن تصرف المساعد الإداري نحوه عندما هم بالجلوس قد أساءه - وأما عن محادثة السيد المدير العام في الطرقة فكانت وليدة الصدفة وكان غرضه من ذلك عرض شكواه عليه شخصياً وإعادة النظر في القرار الذي اتخذ بشأنها - ثم قال أن السيد المدير العام كان يوجه إليه عبارات فيها التأنيب لعدم معرفته بالتقليد الساري في المستشفيات وهو عدم مقابلة السيد/ المدير العام وأنه قصد حين قال للسيد المدير العام بأنه يتكلم بأدب إلى أن يؤكد لسيادته عظيم احترامه له. وقال أن السيد المدير العام هو الذي أقحم اسم السيد/ رئيس الجمهورية حين قال أن السيد/ الرئيس يقابل كل من يرغب في مقابلته وأنه أي السيد المدير العام يسير على هذا النهج كما أنه - أي المطعون عليه - قال أن السيد رئيس الجمهورية يفعل ذلك وهو الذي علم الجميع الحرية والكرامة وبطبيعة الحال السيد المدير العام يسلك هذا السبيل.. وقال هذا الموظف أيضاً عن قصده من العبارات التي أوردها في طلبه والتي أشار إليها المساعد الإداري في أقواله بأنه هدف من ذكرها إلى بيان أن القصد من اختياره كان لإبعاده بالذات ولمجرد إبداء الرأي وليس للمصلحة العامة - وقرر بأنه ليس بينه وبين رؤسائه أي عداء.. وأنهى أقواله باستعداده لتنفيذ أمر الندب وأن مخاطبته للسيد المدير العام كانت بكل لباقة وأنه يكن لسيادته كل الاحترام.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن أمراً قد صدر للمطعون عليه ممن يملكه ليقوم بعمل أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي وهو من الأعمال الكتابية التي كان يمارسها المطعون عليه منذ عام 1957 ولا تختلف في طبيعتها عما كان يقوم به بالذات من قبل ندبه مباشرة إلى هذه الوظيفة، ومن أهم واجبات الموظف العام أن يصدع بالأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته وينفذه فور إبلاغه به لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على الموظفين التابعين لجهة إدارية واحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري فهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة الإدارية التي يرأسها، فإذا ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال يقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب عليه القيام به لاختل النظام الوظيفي وتعرضت المصلحة العامة للخطر.
والثابت من الأوراق أن المطعون عليه رفض تنفيذ الأمر أولاً بحجة عدم درايته بأعمال المخازن ثم تقدم بتظلم مكتوباً نظر ورفض، ومن ثم فإن الأمر كان يجب أن ينتهي عند هذا الحد لا أن يثار بعد ذلك فيستوقف المطعون عليه رئيسه عند خروجه من المكتب لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية التي يجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة وقد أحس الموظفون الذين تواجدوا وقتذاك بحرج الموقف الذي ترتب على تصرف المطعون عليه ونصحوه بالاعتذار عما بدر منه.. وهو وإن كان يجوز لكل موظف شأنه شأن أي مواطن آخر أن يتقدم بالشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل إلا أن ذلك يجب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعرض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد معه إخلال بالواجب الوظيفي. وقد تضمنت شكوى المطعون عليه من هذا الندب ألفاظاً فيها تجريح ومساس برؤسائه المباشرين دون مقتض..
ومن حيث إنه لذلك إذ استخلصت الجهة الإدارية من الوقائع التي كانت موضوع التحقيق أن المطعون عليه قد قارف من الأعمال ما يكون ذنباً إدارياً في نظر القانون ثم أوقعت عليه الجزاء المطعون فيه في الحدود المرسومة في هذا القانون فإن قرارها يكون بمنأى عن الطعن ما دام قد بني على استخلاص سائغ للوقائع الثابتة في الأوراق يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وبالتالي يكون القرار المطعون فيه قد قام على سببه المسوغ لإصداره، ويكون الحكم المطعون فيه إذ نحا غير هذا النحو فقد خالف القانون متعين الإلغاء والدعوى متعينة الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق