جلسة 24 من يونيو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ سمير عبد المنعم نائب رئيس المحكمة"،
وعضوية السادة القضاة/ سمير سعد، الدسوقي الخولي، محمد الأتربي وطارق تميرك
"نواب رئيس المحكمة".
------------------
(76)
الطعن 1101 لسنة 81 ق
(1 - 3) عمل " أجر : استحقاق الأجر
".
(1) حضور العامل إلى مقر عمله في الوقت
المحدد واستعداده لمباشرة العمل. منعه من العمل بسبب يرجع إلى صاحب العمل. أثره.
استحقاقه أجره كاملا. أما إذا كان المنع بسبب أجنبي عن صاحب العمل نتيجة قوة قاهرة
أو خطأ الغير أو أي سبب أخر خارج عن إرادته لا يمكن توقعه ولا دفع نتائجه. أثره.
التزام صاحب العمل بدفع نصف الأجر. م 36 ق 137 لسنة 1981.
(2) الأجر. ماهيته. كل ما يحصل عليه العامل
لقاء عمله من أجور ثابتة ومتغيرة. م 1 ق 137 لسنة 1981.
(3) قرار المطعون ضدها بتخفيض أجر الطاعنة
استنادا لعدم توافر حجم العمل والسيولة اللازمة لتغطية المصاريف المباشرة واستخدام
التسهيلات البنكية المسموح بها للسحب المكشوف إلى حدها الأقصى. لا يعتبر سببا
أجنبياً نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير لا يمكن توقعه ولا دفع نتائجه. مؤداه. عدم
صلاحيته سببا لعدم الوفاء للطاعنة بكامل أجرها. علة ذلك. حضور الطاعنة للعمل
وإبداء استعدادها لمباشرة العمل وانتفاء الدليل على امتناعها عن أدائه أثناء هذه
المدة بإرادتها. لازمه. أن منعها من أدائه سببه راجع للمطعون ضدها. قضاء الحكم
المطعون فيه برفض طلب الطاعنة بفروق الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/8/2001 ولم
يقض لها بكامل أجرها عن المدة 1/5/2002 حتي 23/6/2002. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وقصور في التسبيب.
(4 ، 5) عمل "إنهاء الخدمة: إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة:
إنهاء الخدمة بإرادة رب العمل"
(4) اضطرار العامل إلى تقديم استقالته بسبب
تعمد صاحب العمل اتخاذ إجراءات جائرة حياله بقصد دفعه إلى تقديم استقالته. مؤداه.
اعتباره فصلا تعسفيا بطريق غير مباشر. أثره. استحقاقه تعويض عن الأضرار الناجمة
عنه وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار. م 695، 696 القانون المدني.
(5) عدم تمكين المطعون
ضدها الطاعنة من مباشرة مهام عملها وخفض أجرها وامتناعها عن الوفاء لها بكامل
الأجر اعتبارا من 1/5/2002 رغم ثبوت تحقيقها أرباحا في ذات العام. تقديم الطاعنة
استقالتها في 23/6/2002. مؤداه. الاستقالة ناتجة عن معاملة المطعون ضدها الجائرة.
لازمه. اعتبار ذلك فصلا تعسفية بطريق غير مباشر. أثره. استحقاق الطاعنة تعويضا عن
الأضرار الناجمة عنه وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار. قضاء الحكم المطعون فيه برفض
طلب الطاعنة بالتعويض عن الفصل وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار. مخالفة للقانون وخطأ
في تطبيقه.
----------------
1 - مؤدى نص المادة 36 من القانون. 137 لسنة 1981 أن العامل إذا حضر
إلى مقر عمله في الوقت المحدد وكان مستعدة لمباشرته ومنعه من أدائه سبب راجع إلى
صاحب العمل اعتبر كأنه أدى العمل فعلا وأستحق أجره كاملا ما لم يكن المنع بسبب
أجنبي عن صاحب العمل نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير أو أي سبب آخر خارج عن إرادة
صاحب العمل لا يمكن توقعه ولا دفع نتائجه فلا يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة إلا
بدفع نصف الأجر.
2 - المقرر أن الأجر وفقا للمادة الأولى من
قانون العمل 137 لسنة 1981 هو كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله من أجور ثابتة
ومتغيرة.
3 - إذ كانت المطعون ضدها قد استندت في
استقطاعها لجزء من أجر الطاعنة عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002، وعدم صرفها
كامل الأجر عن المدة من 1/5/2002 حتى تاريخ استقالتها في 23/6/2002، وعلى النحو
الذي سجله الحكم بمدوناته إلى "عدم توافر حجم العمل والسيولة اللازمة لتغطية
المصاريف المباشرة، واستخدام التسهيلات البنكية المسموح بها للسحب على المكشوف إلى
حدها الأقصى"، لا يعتبر سببا أجنبيا نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير لا يمكن
توقعه أو دفع نتائجه، ولا يصلح سببا لعدم الوفاء للطاعنة بكامل أجرها لأنها حضرت
للعمل وأبدت استعدادها المباشرة العمل، وإذ لم تقدم المطعون ضدها دليلا على أن
الطاعنة امتنعت عن القيام بالعمل المسند إليها بإرادتها المنفردة في المدة السابقة
على تقديم استقالتها، فإنه يكون من حقها اقتضاء أجرها بالكامل وكأنها أدت عملها
فعلا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعتد بقرار المطعون ضدها بتخفيض أجر
الطاعنة، وقضى برفض طلب الطاعنة بفروق الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002،
ولم يقض لها بكامل أجرها عن المدة 1/5/2002 حتى 23/6/2002 رغم انتفاء الدليل على
امتناعها عن أداء عملها أثناء هذه المدة بإرادتها ورغم أن منعها من أداء عملها كان
بسبب يرجع للمطعون ضدها على نحو ما سلف، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه، وإذ حجبه هذا الخطأ عن استظهار قيمة الأجر الشامل الذي كانت تتقاضاه
الطاعنة وفقا للثابت بسجلات المطعون ضدها قبل صدور قرارها في 5/6/2001، وما تم
صرفه من هذا الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى
30/4/2002، وقيمة المتبقي لها منه، وأيضا قيمة الأجر
المستحق لها عن المدة من 1/5/2002 حتى تقديم استقالتها في 23/6/2002، فإنه يكون
مشوبة بالقصور في التسبيب أيضا بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
4 - مؤدي نص المادة 696 من القانون المدني أن
صاحب العمل إذا تعمد اتخاذ إجراءات جائرة حيال العامل بقصد دفعه إلى تقديم
استقالته، واضطر العامل بسبب هذه الإجراءات إلى تقديم استقالته، فإن ذلك يعد فصلا
تعسفيا بطريق غير مباشر يستحق عنه تعويض عن الأضرار الناجمة عنه فضلا عن التعويض
المستحق عن عدم مراعاة مهلة الإخطار وفقا لما تقضي به المادة 695 من ذات القانون.
5 - إذ كانت الشركة المطعون ضدها لا تماري -
وعلى نحو ما سلف بيانه - في أنها لم تمكن الطاعنة من مباشرة مهام عملها بعد قرار
مجلس إدارتها الصادر في 5/6/2001، ووفقا لهذا القرار أيضا قامت بتخفيض أجرها المدة
من 1/8/2001 حتى 30/4/2001، وامتنعت عن الوفاء لها بكامل الأجر اعتبارا من
5/1/2002 رغم ثبوت تحقيقها أرباحا في سنة 2002 على النحو الثابت بتقرير الخبير
المقدم في الدعوى، وإذ قدمت الطاعنة استقالتها بتاريخ 23/6/2002 فإن هذه الاستقالة
تكون ناتجة عن هذه المعاملة الجائرة التي اتخذتها المطعون ضدها حيال الطاعنة،
وتعتبر في هذه الحالة فصلا تعسفية بطريق غير مباشر تستحق عنه الطاعنة بالإضافة إلى
التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار تعويضا عن الأضرار الناجمة عنه إن وجدت، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض طلب الطاعنة بالتعويض عن هذا الفصل،
وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار بمقولة أن إنهاء خدمتها كان بسبب استقالتها التي
قدمتها بإرادتها المنفردة دون إكراه، فإن يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه،
وإذ حجبه هذا الخطأ عن التحقق مما إذا كانت الطاعنة قد أصابها ثمة ضرر من هذا
الفصل وقيمة التعويض الجابر لهذا الضرر فضلا عن قيمة ما تستحقه عن عدم مراعاة مهلة
الإخطار، فإنه يكون مشوبة أيضأ بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع
النقض الإحالة.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2003 عمال الجيزة الابتدائية على
المطعون ضدها - شركة ... – انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضدها أن تؤدي
إليها مبلغ 32304،25 جنيه قيمة ما تستحقه من أجر عن المدة من 1/5/2002 حتى
23/6/2002، وباقي أجرها عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002، ومقابل مهلة الإخطار،
ومنحة العيدين الفطر والأضحى ، والأرباح عن السنوات من 1998 حتى 2002، ومبلغ مليون
جنيه تعويض عن الفصل، وتسليمها مسوغات التعيين، وقالت بيانا لها إنها كانت من
العاملين لدى الشركة المطعون ضدها التي طلبت منها القيام بإجازة بدون راتب أو
تقديم استقالتها نفاذا لقرار مجلس إدارتها الصادر بتاريخ 5/6/2001 بادعاء أن
الشركة تمر بظروف اقتصادية صعبة، ولرفضها هذا الطلب تعمدت المطعون ضدها عدم
تمكينها من مباشرة العمل المسند إليها، ومنعت إثبات حضورها وانصرافها في السجلات
المعدة لذلك ثم خفضت أجرها اعتبارا من 1/8/2001 من 2919.50 جنيه إلى 562.250 جنيه،
وامتنعت اعتبارا من 1/5/2002 عن الوفاء لها بكامل الأجر مما اضطرت معه إلى تقديم
استقالتها في 23/6/2002، ولما كانت المطعون ضدها
قد أعلنت في 16/6/2002، عن حاجتها لشغل وظائف لديها بما يثبت عدم صحة ما تدعيه من
تعرضها لظروف اقتصادية صعبة، وكانت هذه الاستقالة ناتجة عن التصرفات الجائرة
للمطعون ضدها حيالها، وأصابها من ذلك أضرار مادية وأدبية تقدر التعويض الجابر لها
بالمبلغ المطالب به، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان، ندبت المحكمة
خبيرة وبعد أن قدم تقريريه حكمت بتاريخ 26/1/2010 بإلزام المطعون ضدها أن تؤدي
للطاعنة مبلغ 1237 جنيه قيمة الأجر المستحق لها عن المدة من 1/5/2002 حتى
23/6/2002، ومبلغ
54.64 جنيه قيمة ما تستحقه من أرباح عن سنة 2002، وتسليمها مسوغات تعينها، ورفضت
ما عدا ذلك من طلبات، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 127 ق
القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة"، وبتاريخ 24/11/2010 حكمت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف بشأن ما قضى به من تسليم مسوغات التعيين لإقرار الطاعنة
باستلامها وتأييده فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، غرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب
الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ
اعتد بقرار المطعون ضدها بتخفيض أجرها على نحو ما ورد بتقرير الخبير المقدم في
الدعوى من مبلغ (2650 جنيه) شهريا قبل التخفيض إلى مبلغ (700 جنيه) شهريا بعد
التخفيض تأسيسا على أن التخفيض كان قاصرة على البدلات، وما تم تخفيضه من الأجر كان
بسبب نسبة حضورها وأن تقاضيها للأجر بعد تخفيضه يعتبر قبولا منها لهذا التخفيض،
ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبها بفروق الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002،
واحتساب ما تستحقه من أجر عن المدة من 1/5/2002 حتى 23/6/2002 تاريخ تقديمها
الاستقالة بمبلغ 1237 جنيه، رغم أن المطعون ضدها هي التي تعمدت منعها من أداء
عملها وتركها بلا عمل، وأن البدلات التي تم خصمها هي جزء من أجرها الشامل لا تملك
المطعون ضدها استقطاعها من الأجر أو تعديل الأجر بإرادتها المنفردة حيث قيد المشرع
الخصم من الأجر بحد أقصى مقداره خمسة أيام في الشهر، كما أن تغيبها بعض الوقت وإن
كان يمنح المطعون ضدها حق مجازاتها تأديبية عن هذا التغيب إلا أنها لا تملك تخفيض
الأجر في هذه الحالة فضلا عن انتفاء الدليل على قبولها أو موافقتها على تخفيض
أجرها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النص في المادة (36) من قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة
1981 – المنطبق على واقعة النزاع - على أنه "إذا حضر العامل إلى مقر عمله في
الوقت المحدد للعمل، وكان مستعدة لمباشرة العمل وحالت دون ذلك أسباب ترجع إلى صاحب
العمل اعتبر كأنه أدى عمله فعلا واستحق أجره كاملا، أما إذا حضر وحالت بينه وبين
مباشرة عمله أسباب قهرية خارجة عن إرادة صاحب العمل استحق نصف أجره" يدل على
أن العامل إذا حضر إلى مقر عمله في الوقت المحدد وكان مستعدة لمباشرته ومنعه من
أدائه سبب راجع إلى صاحب العمل اعتبر كأنه أدى العمل فعلا واستحق أجره كاملا ما لم
يكن المنع بسبب أجنبي عن صاحب العمل نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير أو أي سبب آخر
خارج عن إرادة صاحب العمل لا يمكن توقعه ولا دفع نتائجه فلا يلتزم صاحب العمل في
هذه الحالة إلا بدفع نصف الأجر. هذا، ومن المقرر أيضا أن الأجر وفقا للمادة الأولى
من قانون العمل المشار إليه آنفا هو كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله من أجور
ثابتة ومتغيرة. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد استندت في استقطاعها لجزء من
أجر الطاعنة عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002، وعدم صرفها كامل الأجر عن المدة
من 1/5/2002 حتى تاريخ استقالتها في 23/6/2006، وعلى النحو الذي سجله الحكم
بمدوناته إلى "عدم توافر حجم العمل والسيولة اللازمة التغطية المصاريف
المباشرة، واستخدام التسهيلات البنكية المسموح بها للسحب على المكشوف إلى حدها
الأقصى"، لا يعتبر سببا أجنبيا نتيجة قوة قاهرة أو خطأ الغير لا يمكن توقعه
أو دفع نتائجه، ولا يصلح سببا لعدم الوفاء للطاعنة بكامل أجرها لأنها حضرت للعمل
وأبدت استعدادها لمباشرة العمل، وإذ لم تقدم المطعون ضدها دليلا على أن الطاعنة
امتنعت عن القيام بالعمل المسند إليها بإرادتها المنفردة في المدة السابقة على
تقديم استقالتها، فإنه يكون من حقها اقتضاء أجرها بالكامل وكأنها أدت عملها فعلا،
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعتد بقرار المطعون ضدها بتخفيض أجر
الطاعنة، وقضى برفض طلب الطاعنة بفروق الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002،
ولم يقض لها بكامل أجرها عن المدة 1/5/2002 حتى 23/6/2002 رغم انتفاء الدليل على
امتناعها عن أداء عملها أثناء هذه المدة بإرادتها ورغم أن منعها من أداء عملها كان
بسبب يرجع للمطعون ضدها على نحو ما سلف، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه، وإذ حجبه هذا الخطأ عن استظهار قيمة الأجر الشامل الذي كانت تتقاضاه
الطاعنة وفقا الثابت بسجلات المطعون ضدها قبل صدور قرارها في 5/6/2001، وما تم
صرفه من هذا الأجر عن المدة من 1/8/2001 حتى 30/4/2002، وقيمة المتبقي لها منه،
وأيضا قيمة الأجر المستحق لها عن المدة من 1/5/2002 حتى تقديم استقالتها في
23/6/2002، فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب أيضا بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على
الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان
ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلبها بالتعويض عن فصلها عسفا من العمل،
وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار بمقولة إن خدمتها انتهت بالاستقالة وبدون إكراه رغم
أن استقالتها من العمل كانت بسبب عدم تمكينها من ممارسة مهام عملها، وتخفيض أجرها
اعتبارا من 1/8/2001 حتى 30/4/2002، والامتناع عن صرف كامل الأجر المستحق لها
اعتبارا من 5/1/2002 مما اضطرها إلى تقديم استقالتها في 23/6/2002، وهو ما يعتبر
فصلا تعسفية بطريق غير مباشر تستحق عنه تعويضا بالإضافة إلى التعويض عن عدم مراعاة
مهلة الإخطار، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة
696 من القانون المدني على أنه "يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر
هذا الفصل من رب العمل إذا كان هذا الأخير قد دفع العامل بتصرفاته، وعلى الأخص
بمعاملته الجائرة أو مخالفة شروط العقد إلى أن يكون هو في الظاهر الذي أنهى العقد"،
يدل على أن صاحب العمل إذا تعمد اتخاذ إجراءات جائرة حيال العامل بقصد دفعه إلى
تقديم استقالته، واضطر العامل بسبب هذه الإجراءات إلى تقديم استقالته، فإن ذلك يعد
فصلا تعسفية بطريق غير مباشر يستحق عنه تعويض عن الأضرار الناجمة عنه فضلا عن
التعويض المستحق عن عدم مراعاة مهلة الإخطار وفقا لما تقضي به المادة 695 من ذات
القانون. لما كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها لا تماري - وعلى نحو ما سلف
بيانه - في أنها لم تمكن الطاعنة من مباشرة مهام عملها بعد قرار مجلس إدارتها
الصادر في 5/6/2001، ووفقا لهذا القرار أيضا قامت بتخفيض أجرها المدة من 1/8/2001
حتى 30/4/2001، وامتنعت عن الوفاء لها بكامل الأجر اعتبارا من 1/5/2002 رغم ثبوت
تحقيقها أرباحا في سنة 2002 على النحو الثابت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى، وإذ
قدمت الطاعنة استقالتها بتاريخ 23/6/2002 فإن هذه الاستقالة تكون ناتجة عن هذه المعاملة الجائرة التي اتخذتها
المطعون ضدها حيال الطاعنة، وتعتبر في هذه الحالة فصلا تعسفية بطريق غير مباشر
تستحق عنه الطاعنة بالإضافة إلى التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار تعويض عن
الأضرار الناجمة عنه إن وجدت، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض طلب
الطاعنة بالتعويض عن هذا الفصل، وعن عدم مراعاة مهلة الإخطار بمقولة إن إنهاء
خدمتها كان بسبب استقالتها التي قدمتها بإرادتها المنفردة دون إكراه، فإنه يكون قد
خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وإذ حجبه هذا الخطأ عن التحقق مما إذا كانت الطاعنة
قد أصابها ثمة ضرر من هذا الفصل وقيمة التعويض الجابر لهذا الضرر فضلا عن قيمة ما
تستحقه عن عدم مراعاة مهلة الإخطار، فإنه يكون مشوبة أيضأ بالقصور في التسبيب بما
يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق