جلسة 25 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، سامح حامد ، محمد فريد وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة .
------------------
(109)
الطعن 8212 لسنة 4 ق
(1) مسئولية جنائية . رابطة السببية . خطأ . ضرر . قتل خطأ . إصابة خطأ .
جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
تقدير سرعة السيارة كعنصر من عناصر الخطأ . موضوعي.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو
مدنياً . موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير مقبولة.
تقدير توافر رابطة السببية
بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
ما يكفي لتوافر رابطة السببية
بين خطأ المتهم والضرر ؟
الخطأ المشترك . لا ينفي المسئولية الجنائية .
شرط ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة
قتل وإصابة خطأ .
(2) أسباب الإباحة وموانع
العقاب " أسباب الإباحة " " القوة القاهرة " . خطأ . مسئولية
جنائية . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الحادث القهري . ما يشترط لتوافره ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت
التي أوردها الحكم .
مثال .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها
ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة بشأن إجراء لم يطلب منها . لا
يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(5) قتل خطأ . عقوبة " تطبيقها " . محكمة
النقض " سلطتها " . نقض " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه "
" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
نزول الحكم الصادر بالإدانة بجريمة القتل الخطأ
المؤثمة بالمادة 238/1 عقوبات عن الحد الأدنى
المقرر للعقوبة بها . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه .
ما دامت النيابة العامة لم تطعن على الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحُكْم المَطْعون
فِيه والذي أنشأ لِنَفسه أسْبَاباً جَدِيدة ، بَيَّن واقعة الدعوى بِما تَتَوافر بِه
كَافة العَناصِر القَانونِيَّة لِلجَرِيمَة التي دَان بها الطَاعِن ، وأورد على ثُبوتِها
في حَقِه أدِلَّة سَائِغَة مِنْ شَأنِها أن تُؤَدي إلى ما رَتَبَهُ الحُكْم عَليها
. لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الحُكْم قد اسْتَظَهر خَطأ الطَاعِن وتَوَافُر رَابِطَة
السَبَبِيَّة بَيِنَه وبَيْن إصَابَة المَجْني عَليه ومَوت الآخر من انطِلاقِه بِالسَيَّارَةِ
قِيَادَتَهُ بسُرْعَة كَبِيرَة مِمْا أدى إلى عَدَم إمْكَانِه السَيَّطَرَة عَليِها
وتَهْدِئَة سُرْعَتِها فاِنْحَرَّفَت مُخْتَرقَة الجَزِيرَة الوسْطى مُنْدَفِعة إلى
الطَريق العَكْسي فَصَدَمَت السَيَّارَة التي كان يَسْتَقِلها المَجْني عَليهِما وقَد
تَصادَف قُدومِها في المُواجَهَة ، فَحَدَثَت إصْابَة أحدَهُما وَوفْاة الآخْر والثَابِتْة
في تَقريرين طِبْيين أورَدَ الحُكْم مُؤدَاهُما ، واِسْتَدَل الحُكْم على السُرْعَة
التي كان يَقْود بِها الطَاعِن سَيَّارَتِه ، مِمْا أورده من مُعَايَنَة الشُرْطَة
لِمْكَانِ الحَادِث والتي أظَهَرت وجُود أثَار فَرامِل في اِتْجَاهي الطَرق بِطولِ
سَبْعَة أمْتَار ، وأنَ الطَاعِن لو كَان يَسْير
بسُرْعَة مَقْبُولَة لأمْكَنَهُ السَيطَرة على السَيَّارَة وتَجَنُب وقُوع الحَادْث
. لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الطَاعِن
لا يُمْاري في أن ما استَخْلَّصَهُ وأورده الحُكْم له أصْلَّه الثَابِت بالأوراق ،
وكان تَقْدِير مَا إذا كانت سُرْعَة السَيَّارَة
في ظُروفِ مُعَيَّنَة تُعَد عُنْصُراً مِنْ
َناصِر الخَطأ أو لا تُعَد ، وكَذَلِك تَقدِير الخَطأ المُسْتَوجِب لمَسْئُولِيَةِ
مُرْتَكِبَهُ جِنْائِياً أو مَدَنِياً ، هو مما يتعلق بموضوع الدَعوى ولا يُقْبَل
المجادلة فِيهِ أمَام مَحْكَمَة النَقْض ، وكَان تَقدِير رَابِطَّة السَبَبِيَة بَيْن
الخَطأ والضَرر أو عَدم تَوافُرَها ، هو أيضاً
مِنْ المَسْائِل المَوضُوعِيَة التي تَفصل فيها مَحْكمَة الموضُوع بِغَير مُعَقِب عليها
، مَا دام تقديرها سَائِغاً مُسْتَنِداً إلى أدِلَّة مَقْبُولَة ولها أصْلها
في الأوراق ، وأن يكفي لتوافُر رابطة السَبَبِيَّة بَيْن خطأ المتهم والضرر الواقع
أن تَسْتَخْلِص المَحْكَمَة مَنْ وقائع الدعوى أنه لَولا الخطأ المُرْتَكَب لَما وَقَع
الضَرر ، فإن ما سَاقه الحُكْم المَطْعون فيه فيما سَلف يتوافر به الخطأ في حق الطَاعِن
ويتحقق به رابِطَة السَبَبِيَّة بَيْن هذا الخطأ وبين النَتِيجَة وهي وَفْاة المَجْني
عَلْيه وإصابة آخر ويكون معهُ النَعي عَلى الحُكْمِ في خُصْوصِ القُصْور في بَيان الواقعة
وفي استخلاص أركان الجَريمة غَير سَديد ، ولا يَنال مِنْ الحُكْم - ومِنْ بَعْد - ما
يُثِيرَه الطَاعِن مِنْ أن خَطأ الغير المُتَمَثِل في ظُهور إحدى السَيَّارَات فجأة في مُواجَهَتِهِ قَاطِعَة عليه الطريق ، هو
المُتَسَبِب في وقُوعِ الحَادِث ، إذ إنَ هَذا الخَطأ - بِفَرضِ وقُوعِه - لا
يَنفي مَسْئُولِيَة الطَاعِن الجِنائِية عَنْ جَرِيمَةِ القَتل والإصَابة الخطأ التي
أثبت الحُكْم قِيامها في حَقْهِ ، لما هو مُقَرَر مِنْ أن الخَطأ المُشْتَرك في مجال
المَسْئُولِية الجنائية - بِفَرْضِ قِيامَهُ - في جانب المَجْني عَليه أو الغير - لا
يخلي المُتَهَم من المسئولية ، مَا دام أن هذا الخطأ لا يَتَرَتَب عليه عَدم توافر
أحد أركان الجريمة ، هذا فضلاً عن أن الحُكْم المطعون فيه قد اطرح الدِفاع المَار بَيانه
من الطَاعِن بِرَدِ سَائغ وشَكك في صِحْةِ وقوعه تأسيساً على أن دِفاع الطَاعِن المُبْدَى
أمام المَحْكَمَة اِنَصَب على أن الحادث يرجع إلى انفجار إحدى إطارات السَيَّارَة قِيادَة
الطَاعِن مما أفقده السيطرة عليها ووقوع الحادث وذلك على نَقيض ما ذَهَب إليه الطَاعِن
بأقواله في مَحْضر الضَبط والتي أرجَع فِيها فقده السيطرة على السَيَّارَة إلى قَطع
إحدى السيارات الثقيلة الطريق عليه فجأة .
2- لَمَّا كَانَ يُشْتَرَط
لتَوافُر حالة الحادث القهري ، ألا يكون للجاني يد في حُصولِ الضَرر أو في قُدْرَتِه
مَنْعِه ، فإذا ما اطمأنت المَحْكَمَة إلى توافر الخطأ في حق المُتَهَم بما يترتب عليه
مسئوليته - كالحال في هذه الدعوى - فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن
حادث قهري ، ويكون معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ولا محل له ، ومن ناحية
أخرى لما كانت المَحْكَمَة لا تلتزم بِمُتَابَعة المُتَهَم في مَناحي دفاعه الموضُوعي
وفي كل شُبْهَة يُثِيرها والرد على ذلك ، ما دام
الرد يُسْتَفاد ضِمْناً من القَضاء بالإدانة اِستناداً إلى أدِلَّة الثُبوت
السَائغة التي أوردها الحُكْم ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المَطْعون فيه إغفاله
تحقيق دفاعه القائِم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ الغير أو نتيجة الحادث المفاجئ لا
يعدو دفاعاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المَحْكَمَة
تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها .
3- لَمَّا كَانَ الثابت
من مُطَالَعة مَحاضِر جلسات المُحاكَمَة أن الطَاعِن لم يَطلب إلى المَحْكَمَة إجراء
ثِمة تحقيق في الدعوى ، فلا يصح له - مِنْ بَعْد - النعي على المَحْكَمَة قُعُودَها
عَنْ القِيامِ بإجراء لم يُطْلَب مِنْها ولم تَرْ هي حَاجَة لإجرائه ، فإن ما ينعاه
الطَاعِن على الحُكْم المطعون فيه في هذا الخُصوص يَكون ولا مَحَل لهُ .
4- لَمَّا كَانَ الطَاعِن
لم يطلب إلى المَحْكَمَة سؤال المجني عليه ، بِما لا يَصِح أن يَكون سَبَباً للطَعْنِ
على الحُكْم ، إذ العِبْرَة في الأحْكَامِ هي بإجراءات المُحْاكَمَة وبالتحقيقات التي
تَحْصُل أمام المَحْكَمَة ، ومن ثم فإن دعوى الإخْلال بِحَقِ المُتَهَم في الدفاع تكون
غير قائمة .
5- لَمَّا كانت الفَقرة
الأولى من المَادة 238 من قانون العُقُوبَات - والتي دين بِمُقْتَضَاها الطَاعِن -
قد جعلت الحَد الأدنى لِعُقُوبَةِ الحَبسِ في جَريمة القتل الخطأ هي ستة أشهر ، بَيْد
أن الحُكْم المَطْعون فيه قَد قَضى بعُقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر ، مِمَا كان يُؤْذَن
مَعَهُ لِهذه المَحْكَمَة - مَحْكَمَة النقض - تصحيح ذلك الخطأ وإعمال صحيح القانون
، بإنزال الحَد الأدنى للعقوبة على المُتَهَم ، بَيْد أنه لَمَّا كان المُتَهَم هو
وحده الطَاعِن على الحُكْم دون النيابة العَامة ، فَمِن ثم لا تَملك مَحْكَمَة النقض
سوى الإبقاء على تِلك العُقوبة المَقْضي بها وحتى لا يُضَار بِطَعْنِه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حَيث إن الحُكْم
المَطْعون فِيه والذي أنشأ لِنَفسه أسْبَاباً جَدِيدة ، بَيَّن واقعة الدعوى بِما
تَتَوافَر بِه كَافة العَناصِر القَانونِيَّة لِلجَرِيمَة التي دَان بها الطَاعِن
، وأورد على ثُبوتِها في حَقِه أدِلَّة سَائِغَة مِنْ شَأنِها أن تُؤَدي إلى ما
رَتَبَهُ الحُكْم عَليها . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الحُكْم قد اسْتَظَهر
خَطأ الطَاعِن وتَوَافُر رَابِطَة السَبَبِيَّة بَيِنَه وبَيْن إصَابَة المَجْني
عَليه ومَوت الآخر من انطِلاقِه بِالسَيَّارَةِ قِيَادَتهُ بسُرْعَة كَبِيرَة
مِمْا أدى إلى عَدَم إمْكَانِه السَيَّطَرَة عَليِها وتَهْدِئَة سُرْعَتِها فاِنْحَرَّفَت
مُخْتَرِقَة الجَزيرَة الوسْطى مُنْدَفِعة إلى الطَريق العَكْسي فَصَدَمَت
السَيَّارَة التي كان يَسْتَقِلها المَجْني عَليهِــما وقَد تَصادَف قُدومِها في
المُواجَهَة ، فَحَدَثَت إصْابَة أحدَهُما وَوفْاة الآخْر والثَابِتْة في تَقريرين
طِبْيين أورَدَ الحُكْم مُؤدَاهُما ، واِسْتَدَل الحُكْم على السُرْعَة التي كان
يَقْود بِها الطَاعِن سَيَّارَتِه ، مِمْا أورده من مُعَايَنَة الشُرْطَة
لِمْكَانِ الحَادِث والتي أظَهَرت وجُود أثَار فَرامِل في اِتْجَاهي الطَريق
بِطولِ سَبْعَة أمْتَار ، وأنَ الطَاعِن لو
كَان يَسْير بسُرْعَة مَقْبُولَة لأمْكَنَهُ السَيطَرة على السَيَّارَة وتَجَنُب
وقُوع الحَادْث ، لَمَّا كَانَ ذَلِك ،
وَكَانَ الطَاعِن لا يُمْاري في أن ما استَخْلَّصَهُ وأورده الحُكْم له أصْلَّه
الثَابِت بالأوراق ، وكان تَقْدِير مَا
إذا كانت سُرْعَة السَيَّارَة في ظُروفِ مُعَيَّنَة تُعَد عُنْصُراً مِنْ عَناصِر
الخَطأ أو لا تُعَد ، وكَذَلِك تَقدِير الخَطأ المُسْتَوجِب لمَسْئُولِيَةِ
مُرْتَكِبَهُ جِنْائِياً أو مَدَنِياً ، هو مما يتعلق بموضوع الدَعوى ولا يُقْبَل المجادلة
فِيهِ أمَام مَحْكَمَة النَقْض ، وكَان تَقدِير رَابِطَّة السَبَبِيَّة بَيْن
الخَطأ والضَرر أو عَدم تَوافُرَها ، هو أيضاً
مِنْ المَسْائِل المَوضُوعِيَة التي تَفصل فيها مَحْكَمَة الموضُوع بِغَير مُعَقِب عليها ، مَا دام تقديرها
سَائِغاً مُسْتَنِداً إلى أدِلَّة مَقْبُولَة ولها أصْلها في الأوراق ، وأن
يكفي لتوافُر رابطة السَبَبِيَّة بَيْن خطأ المتهم والضرر الواقع أن تَسْتَخْلِص
المَحْكَمَة مَنْ وقائع الدعوى أنه لَولا الخطأ المُرْتَكَب لَما وَقَع الضَرر ،
فإن ما سَاقه الحُكْم المَطْعون فيه فيما سَلف يتوافر به الخطأ في حق الطَاعِن
ويتحقق به رابِطَة السَبَبِيَّة بَيْن هذا الخطأ وبين النَتِيجَة وهي وَفْاة
المَجْني عَلْيه وإصابة آخر ويكون معهُ النَعي عَلى الحُكْمِ في خُصْوصِ القُصْور
في بَيان الواقعة وفي استخلاص أركان الجَريمة غَير سَديد ، ولا يَنال مِنْ الحُكْم
- ومِنْ بَعْد - ما يُثِيرَه الطَاعِن مِنْ أن خَطأ الغير المُتَمَثِل في ظُهور إحدى السَيَّارَات فجأة في مُواجَهَتِهِ
قَاطِعَة عليه الطريق ، هو المُتَسَبِب في وقُوعِ الحَادِث ، إذ إنَ هَذا
الخَطأ - بِفَرضِ وقُوعِه - لا يَنفي مَسْئُولِيَة الطَاعِن الجِنائِية عَنْ
جَرِيمَةِ القَتل والإصَابة الخطأ التي أثبت الحُكْم قِيامها في حَقْهِ ، لما هو مُقَرَر مِنْ أن الخَطأ المُشْتَرك في
مجال المَسْئُولِية الجنائية - بِفَرْضِ قِيامَهُ - في جانب المَجْني عَليه أو
الغير - لا يخلي المُتَهَم من المسئولية ، مَا دام أن هذا الخطأ لا يَتَرَتَب عليه
عَدم توافر أحد أركان الجريمة ، هذا فضلاً عن أن الحُكْم المطعون فيه قد اطرح
الدِفاع المَار بَيانه من الطَاعِن بِرَدِ سَائغ وشَكك في صِحْةِ وقوعه تأسيساً
على أن دِفاع الطَاعِن المُبْدَى أمام المَحْكَمَة اِنَصَب على أن الحادث يرجع إلى
انفجار إحدى إطارات السَيَّارَة قِيادَة الطَاعِن مما أفقده السيطرة عليها ووقوع
الحادث وذلك على نَقيض ما ذَهَب إليه الطَاعِن بأقواله في مَحْضر الضَبط والتي أرجَع
فِيها فقده السيطرة على السَيَّارَة إلى قَطع إحدى السيارات الثقيلة الطريق عليه
فجأة . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ يُشْتَرَط لتَوافُر حالة الحادث القهري ، ألا
يكون للجاني يد في حُصولِ الضَرر أو في قُدْرَتِه مَنْعِه ، فإذا ما اطمأنت
المَحْكَمَة إلى توافر الخطأ في حق المُتَهَم بما يترتب عليه مسئوليته - كالحال في
هذه الدعوى - فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ، ويكون
معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ولا محل له ، ومن ناحية أخرى لما كانت
المَحْكَمَة لا تلتزم بِمُتَابَعة المُتَهَم في مَناحي دفاعه الموضُوعي وفي كل
شُبْهَة يُثِيرها والرد على ذلك ، ما دام الرد يُسْتَفاد ضِمْناً من القَضاء
بالإدانة اِستناداً إلى أدِلَّة الثُبوت السَائغة التي أوردها الحُكْم ، فإن ما
ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المَطْعون فيه إغفاله تحقيق دفاعه القائِم على أن
الحادث وقع نتيجة خطأ الغير أو نتيجة الحادث المفاجئ لا يعدو دفاعاً موضوعياً في
شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما
أوردته المَحْكَمَة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها .
لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الثابت من مُطَالَعة مَحاضِر جلسات
المُحاكَمَة أن الطَاعِن لم يَطلب إلى المَحْكَمَة إجراء ثِمة تحقيق في الدعوى ،
فلا يصح له - مِنْ بَعْد - النعي على المَحْكَمَة قُعُودَها عَنْ القِيامِ بإجراء
لم يُطْلَب مِنْها ولم تَرْ هي حَاجَة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على
الحُكْم المطعون فيه في هذا الخصوص يَكون ولا مَحَل لهُ . لَمَّا كَانَ ذَلِك ،
وَكَانَ الطَاعِن لم يطلب إلى المَحْكَمَة سؤال المجني عليه ، بِما لا يَصِح أن يَكون
سَبَباً للطَعْنِ على الحُكْم ، إذ العِبْرَة في الأحْكَامِ هي بإجراءات
المُحْاكَمَة وبالتحقيقات التي تَحْصُل أمام المَحْكَمَة ، ومن ثم فإن دعوى
الإخْلال بِحَقِ المُتَهَم في الدفاع تكون غير قائمة . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وكانت
الفَقرة الأولى من المَادة 238 من قانون العُقُوبَات - والتي دين بِمُقْتَضَاها
الطَاعِن - قد جعلت الحَد الأدنى لِعُقُوبَةِ الحَبسِ في جَريمة القتل الخطأ هي
ستة أشهر ، بَيْد أن الحُكْم المَطْعون فيه قَد قَضى بعُقوبة الحبس لمدة ثلاثة
أشهر ، مِمَا كان يُؤْذَن مَعَهُ لِهذه المَحكَمَة - مَحْكَمَة النقض - تصحيح ذلك
الخطأ وإعمال صحيح القانون ، بإنزال الحَد الأدنى للعقوبة على المُتَهَم ، بَيْد
أنه لَمَّا كان المُتَهَم هو وحده الطَاعِن على الحُكْم دون النيابة العَامة ، فَمِن
ثم لا تَملك مَحْكَمَة النقض سوى الإبقاء على تِلك العُقوبة المَقْضي بها وحتى لا
يُضَار بِطَعْنِه . لَمَّا كَانَ مَا تَقَدَم ، فإن الطَعْن بِرُمَتِه يَكون على
غير أساس خَليقاً بالتقرير بِرَفْضِهِ مَوضُوعَاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق