جلسة 17 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي /محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عاصم عبـد الجبار، هاني عبـد الجابر ، عصام عباس ومعتـز زايـد نواب رئيس المحكمة .
---------
(48)
الطعن 6425 لسنة 81 ق
(1)
إثبات " بوجه عام " . تربح . جريمة " أركانها " . قانون
" تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . غسل أموال . نقض
" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
جريمة التربح . ما
يشترط لتوافرها ؟
تكليف الطاعن مرؤوسيه
بأمر في شأن خاص لا صلة له بأعمال وظيفته أو وظائفهم ومقتضياتها . لا يوفر في حقه
جريمة التربح . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . علة
وأساس ذلك ؟
اختصاص الطاعن باعتماد
المناقصات التي أسندت للشاهد الأول مشتري الأرض المخصصة للطاعن . غير مجد . مادام
الحكم لم يستند في قضائه إلى ممارسة الطاعن لهذا الاختصاص لتحقيق المنفعة .
مثال لتسبيب معيب لحكم
صادر بالإدانة في جريمتي التربح وغسيل الأموال .
(2) تربح . حكم "
تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . غسل
أموال .
عدم قيام جريمة غسل
الأموال في حق الطاعن . متى كانت نتيجة لجريمة التربح التي لم تثبت في حقه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل
واقعة الدعوى في قوله: " إن المتهم ..... بصفته موظفاً عاماً ـ مدير .......ـ
قد خصصت له جمعية ..... للبناء والإسكان لـ ..... العاملين بأكاديمية ...... قطعة
الأرض رقم ... بمساحة ألف وخمسمائة متر تحت العجز والزيادة، وذلك بتاريخ ......
وحررت له عقداً بذلك بتاريخ ..... بمنطقة ..... ب....، وقام المتهم بدفع ثمنها وهو
126000 جنيه على عدة أقساط غير أنه لم يدفع قيمة توصيل المرافق لهذه القطعة وهو
مبلغ خمسون جنيهاً عن المتر الواحد، وبتاريخ ... عين وزيراً ...... حتى أقيلت
الوزارة بتاريخ .....، وبتاريخ ... أصدرت اللجنة العقارية التابعة لهيئة المجتمعات
العمرانية الجديدة قرارها رقم .. بمنح الجمعية المشار إليها مهلة ستة أشهر تنتهي
في .... لاستخراج باقي التراخيص واستكمال تنفيذ المشروع للأراضي المخصصة للجمعية
وإلَّا ألغى التخصيص ومن بينها قطعة الأرض المخصصة للمتهم. وإذ علم الأخير بهذا
القرار ولعدم رغبته في إقامة مبنى على الأرض المخصصة له قام باستغلال وظيفته في
الحصول على منفعة ببيع قطعة الأرض المذكورة بأن أصدر تكليفاً لمرؤوسيه ببيعها في
أسرع وقت بألَّا يقل سعر المتر الواحد عن ثلاثة آلاف جنيه وأن يتحمل المشترى قيمة
توصيل المرافق، ودفع قيمة الزيادة في مساحتها للجمعية وذلك درءاً لسحب هذه الأرض
منه إن لم يتم البناء عليها خلال الفترة الزمنية التي حددها القرار آنف البيان.
فقام بتكليف اللواء .... مدير مكتبه بسرعة بيع قطعة الأرض المخصصة له وبالسعر الذي
حـدده وهو ثلاثة آلاف جنيه للمتر الواحد. فقام اللـواء..... مساعد وزير ... رئيس ...
ورئيس جمعية ... بتنفيذ أمر المتهم في أسرع وقت، فقام الأخير بتكليف .... الضابط
ب..... ومدير الشئون الإدارية بالجمعية بتنفيذ أمر المتهم، فقام المقدم المذكور
بعرض الأمر على صديقه .... صاحب ومدير شركة .... للتسويق العقاري الذي بادر
بنقل رغبة المتهم إلى .... نائب رئيس شركة .... للمقاولات والتجارة فوافق على شراء
الأرض وبالسعر الذي حدده المتهم ودفع مبلغ مائتان وخمسين ألف جنيه عربوناً أوصلها
للمتهم ... عن طريق ... ضابط .... المنتدب بمكتب وزير ... ولرغبة المتهم في
إخفاء ثمن قطعة الأرض المذكورة والمتحصلة من جريمة التربح آنفة البيان طلب من
مشتريها إيداعه في حسابه رقم .... ببنك .... فرع ....، فتوجه .... برفقة مشترى
الأرض وتقابل مع ..... ببنك .... فرع ... حيث قام المشترى بإيداع مبلغ 4513100
جنيه فقط أربعة ملايين وخمسمائة وثلاثة عشر ألفا ومائة جنيه في حساب المتهم سالف الذكر، ثم قام المشترى بإيداع
مبلغ 89927 جنيه للجمعية وذلك قيمة المرافق بواقع خمسين جنيهاً عن كل متر
ومبلغ 95200 جنيه رسوم التنازل عن قطعة الأرض المذكورة " وبعد أن أشار الحكم
إلى الأدلة التي استند إليها في قضائه والمستمدة من أقوال الشهود ...، ...، ....، ....، ...، ...، ...
وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة وإخطار وحدة غسل الأموال بالبنك المركزي، عرض
لأوجه الدفاع المبداة من الطاعن ـ ومن بينها الدفاع المشار إليه بوجه النعي ـ
واطرحها ثم انتهى إلى ثبوت مسئوليته عن جريمة التربح على سند من القول حاصله أن
الطاعن استغل نفوذه كوزير ..... وأصدر تكليفاً لمرؤوسيه وهم شهود الإثبات من
الثالث حتى السادس وهم من ......الذين يعملون تحت رئاسته بسرعة البحث عن مشتر
لمساحة الأرض المخصصة له حتى لا تكون عرضة لسحب تخصيصها له وأن ما يطلبه الطاعن من
هؤلاء يُعد تكليفاً لهم سواء كان ذلك كتابة أو شفاهة وهو ما يعتبرونه أمراً
يسارعون إلى تنفيذه لأن مصير بقائهم في مناصبهم مرتبط بمدى انصياعهم لأوامره وما
يكلفون به وإلَّا فقدوا هذه المناصب أو تعرضوا للاضطهاد من قبل الطاعن , وأن صفته
كوزير ... وما له من سلطات رئاسية عليهم تظل قائمة ولا يمكن التفرقة بين عمل هؤلاء
...... تحت رئاسته وعمل الجمعية المخصصة لرجال..... أصلاً فهم في أي وضع تحت
السلطة الرئاسية للطاعن وهي سلطة شبه عسكرية ما يصدر عنها واجب التنفيذ ولو كان في
شأن خاص ببيع الأرض، وأنه ترتب على ذلك تحقيق منفعة للطاعن من أعمال وظيفته هي بيع
المساحة المخصصة له قبل الموعد المحدد وعدم تعرضها للسحب، وثبوت جريمة التربح في
حقه ورتب الحكم على ذلك ثبوت جريمة غسل الأموال أيضاً لإيداع الثمن المتحصل من
البيع في حسابه بالبنك ، لما كان ذلك وكانت المادة 115 من قانون العقوبات تنص على
أن " كل موظف عام حصل أو حاول الحصول لنفسه أو حاول أن يحصل لغيره دون وجه حق
على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد " فإنه يجب
لتوافر هذه الجريمة إلى جانب أن يكون الجاني موظفاً عاماً وفقاً للمادة 119 من
القانون ذاته ـ على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 بتعديل
بعض أحكام قانون العقوبات ـ أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من
عمل من أعمال الوظيفة سواء في مرحلة تقرير العمل الذى يستغله الموظف أو في مرحلة
المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو
إبطاله أو إلغائه ، ويجب كذلك أن يكون العمل الذى تربح منه الموظف داخلاً في حدود
اختصاصه ، ولا يشترط أن يكون الجاني مكلفاً بكل العمل الذى تربح منه بل يكفى أن
يكون مختصاً بجزء منه ولو كان يسيـراً ، ومن ثم فإن المشرع يستلزم لقيام الجريمة
أن يكون التربح وتحقيق المنفعة ناشئاً عن مباشرة الموظف لعمل من أعمال وظيفته وفى
حدود اختصاصه ، فإذا تحقق التربح من عمل ليس من اختصاصه الوظيفي فـلا تقوم الجريمة
، فلا يكفى لقيامها مجرد استغلال الموظف لنفوذه وسلطان وظيفته أو الانحراف بها
بعيداً عما يختص به من أعمال ، وإلَّا لاكتفى المشرع بالنص على ذلك صراحة ولما ربط
بين تحقيق المنفعة ووجوب أن تكون نتيجة قيام الموظف بعمل من أعمال وظيفته . لما
كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التربح تأسيساً على أنه
أصدر تكليفاً لمرؤوسيه بالبحث عن مشتر للمساحة المخصصة له وسرعة بيعها بما له من
سلطة عليهم ، وهو تكليف بأمر في شأن خاص لا صله له بأعمال وظيفته ولا وظيفة مرؤوسيه
وليس من مقتضياتها ، ولا يغير من ذلك ما أشار إليه الحكم من أن مثل هذا التكليف
واجب التنفيذ من قبل مرؤوسي الطاعن لأن بيده ناصية أمرهم بما له من سلطات عليهم
وأن بقاءهم في مناصبهم مرهون بإرادته ، وعدم
انصياعهم لأوامره يعرضهم لفقدها أو الاضطهاد من قبله ، وهو أمر بمجرده لا
يتحقق به حكم القانون الذى استوجب توافر رابطة السببية بين تحقيق المنفعة وبين العمل الذى يمارسه الطاعن بمقتضى وظيفته في
حدود الاختصاص المخول له في شأنهم ، لأنه على فرض التسليم بصحة ما أشار
إليه الحكم في هذا الشأن ، فإنه لا يصح القول به في توافر أركان الجريمة إلا إذا
كان الطاعن قد لوح باستخدام سلطاته في هذا الشأن بترغيب أو ترهيب أو وعد أو وعيد
ليحمِلَ مرؤوسيه على تنفيذ ما كلفهم به بما ينطوي على إساءة استعمال السلطة أو
الانحراف بها ، وهو ما خلا الحكم من بيانه أو التدليل عليه بسند صحيح ، ومن ثم فإن
الحكم يكون قد خلط بين السلطات المخولة للطاعن بمقتضى وظيفته وأعمال الوظيفة
ذاتها. أو بمعنى آخر أنه خلط بين سلطة إصدار الأمر وفحواه ووجوب أن يكون هذا الأمر
متعلقاً بأعمال الوظيفة وفى حدود الاختصاصات المخولة له ، متوسعاً بذلك في تفسير
المادة 115 من قانون العقوبات ومخالفاً بذلك قاعدة أصولية هي عدم التوسع في تفسير
القوانين أو النصوص العقابية ووجوب الالتزام في تفسيرها بقواعد التفسير الضيق وقد
أسلمته هذه المخالفة إلى الخطأ في تطبيق القانون والقصور في بيان أركان جريمة
التربح كما هي معرفة في القانون بما يوجب نقضه ، ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم قد
نقل عن أقوال الشاهد السابع .... أن للطاعن اختصاصاً في شأن اعتماد المناقصات التي
أسندت إلى الشاهد الأول - مشتري الأرض المخصصة للطاعن - مادام الحكم لم يستند في
قضائه إلى ممارسة الطاعن لهذا الاختصاص لتحقيق المنفعة .
3 - لما كانت جريمة التربح هي الأساس الذي
قامت عليه جريمة غسل الأموال المنسوبة إلى الطاعن، فلا تقوم الجريمة الأخيرة إلا
بقيام الجريمة الأولى باعتبارها نتيجة لها، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب
نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً: بصفته موظفاً عاماً " ..... " حصل لنفسه على منفعة من أعمال
وظيفته بأن أصدر تكليفاً إلى مرؤوسيه بوزارة .... المسئولين عن إدارة جمعية ....
للبناء والسكان لـ..... العاملين بأكاديمية ..... بسرعة إيجاد مشترى لقطعة أرض
مخصصة له بمنتجع ..... بمنطقة التجمع الأول بأعلى سعر توقياً لمخالفة تجاوز المدة
الممنوحة لإصدار ترخيص بناء عليها ونفاذاً لهذا التكليف تم بيعها إلى .... نائب
رئيس مجلس إدارة شركة .... للمقاولات والتجارة والمسند إليها تنفيذ مشروعات لصالح
وزارة ..... فحقق المتهم بذلك منفعة لنفسه بلغت أربعة ملايين وثمانمائة وثلاثة
وخمسين ألفا وسبعة وعشرين جنيهاً على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً:
ارتكب جريمة غسل أموال قيمتها مبلغ أربعة ملايين وخمسمائة وثلاثة عشر ألف جنيه متحصلة
من جريمة التربح موضوع التهمة أولاً بأن تم إيداع هذا المبلغ بحسابه الشخصي ببنك
.... فرع ..... وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال على النحو
المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 115 ، 118 ، 119
مكرراً (أ) من قانون العقوبات والمواد 1/ب ، أ ، 2 ، 142 من القانون رقم 8 لسنة
2002 بإصدار قانون غسل الأموال المعدل بمعاقبته أولاً: بالسجن المشدد لمدة سبع
سنوات وبعزله من وظيفته وتغريمه مبلغ 4853,027 جنيهاً (أربعة ملايين وثمانمائة
وثلاثة وخمسين ألفا وسبعة وعشرين جنيهاً) وبرد مثله وذلك عما أسند إليه من التهمة
الأولى وبمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه 9026200 جنيهاً (تسعة ملايين وستة
وعشرين ألف ومائتي جنيه) المضبوطة وذلك عما أسند إليه من التهمة الثانية . ثانياً:
بعدم قبول جميع الدعاوى المدنية المرفوعة بالجلسات.
فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
ومن حيث إنه مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التربح وغسل الأموال قد أخطأ في
تطبيق القانون ذلك بأن ما حققه من منفعة كانت من عمل مشروع لا صلة له بأعمال وظيفته،
مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم
المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله: " إن المتهم ..... بصفته موظفاً
عاماً ـ مدير .......ـ قد خصصت له جمعية ...... للبناء والإسكان لـ ..... العاملين بأكاديمية ...... قطعة الأرض رقم ...
بمساحة ألف وخمسمائة متر تحت العجز والزيادة ، وذلك بتاريخ ...... وحررت له
عقداً بذلك بتاريخ ...... بمنطقة ...... ، وقام المتهم بدفع ثمنها وهو 126000 جنيه
على عدة أقساط غير أنه لم يدفع قيمة توصيل المرافق لهذه القطعة وهو مبلغ خمسون
جنيهاً عن المتر الواحد، وبتاريخ ... عين وزيراً ....... حتى أقيلت الوزارة بتاريخ
......، وبتاريخ ... أصدرت اللجنة العقارية التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة قرارها رقم ... بمنح الجمعية المشار إليها مهلة ستة أشهر تنتهي في ...
لاستخراج باقي التراخيص واستكمال تنفيذ المشروع للأراضي المخصصة للجمعية وإلَّا
ألغى التخصيص ومن بينها قطعة الأرض المخصصة للمتهم. وإذ علم الأخير بهذا القرار
ولعدم رغبته في إقامة مبنى على الأرض المخصصة له قام باستغلال وظيفته في الحصول
على منفعة ببيع قطعة الأرض المذكورة بأن أصدر تكليفاً لمرؤوسيه ببيعها في أسرع وقت
بألَّا يقل سعر المتر الواحد عن ثلاثة آلاف جنيه وأن يتحمل المشترى قيمة توصيل المرافق،
ودفع قيمة الزيادة في مساحتها للجمعية وذلك درءاً لسحب هذه الأرض منه إن لم يتم البناء عليها خلال الفترة الزمنية التي حددها
القرار آنف البيان . فقام بتكليف ... ..... مدير مكتبه بسرعة بيع قطعة
الأرض المخصصة له وبالسعر الذي حـدده وهو ثلاثة آلاف جنيه للمتر الواحد. فقام
اللـواء..... مساعد وزير..... رئيس ..... ورئيس جمعية ..... بتنفيذ أمر المتهم في
أسرع وقت، فقام الأخير بتكليف ....... الضابط بـ...... ومدير الشئون الإدارية
بالجمعية بتنفيذ أمر المتهم، فقام المقدم المذكور بعرض الأمر على صديقه ...... صاحب ومدير شركة ...... للتسويق العقاري الذي
بادر بنقل رغبة المتهم إلى ..... نائب رئيس شركة ..... للمقاولات والتجارة
فوافق على شراء الأرض وبالسعر الذي حدده المتهم ودفع مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه
عربوناً أوصلها للمتهم ...... عن طريق ..... ضابط ..... المنتدب بمكتب وزير ....
ولرغبة المتهم في إخفاء ثمن قطعة الأرض المذكورة والمتحصلة من جريمة التربح آنفة
البيان طلب من مشتريها إيداعه في حسابه رقم ...... ببنك .... فرع ....، فتوجه ....
برفقة مشترى الأرض وتقابل مع ..... ببنك .... فرع ... حيث قام المشترى بإيداع مبلغ
4513100 جنيه فقط أربعة ملايين وخمسمائة وثلاثة عشر ألفا ومائة جنيه في حساب
المتهم سالف الذكر، ثم قام المشترى بإيداع مبلغ 89927 جنيه للجمعية وذلك قيمة المرافق
بواقع خمسين جنيهاً عن كل متر ومبلغ 95200 جنيه رسوم التنازل عن قطعة الأرض
المذكورة " وبعد أن أشار الحكم إلى الأدلة التي استند إليها في قضائه
والمستمدة من أقوال الشهود .... ، .... ، ..... ، ..... ، .... ، .... ، ....
وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة وإخطار وحدة غسل الأموال بالبنك المركزي، عرض
لأوجه الدفاع المبداة من الطاعن ـ ومن بينها الدفاع المشار إليه بوجه النعي ـ
واطرحها ثم انتهى إلى ثبوت مسئوليته عن جريمة التربح على سند من القول حاصله أن
الطاعن استغل نفوذه كوزير ..... وأصدر تكليفاً لمرؤوسيه وهم شهود الإثبات من
الثالث حتى السادس وهم من ......الذين يعملون تحت رئاسته بسرعة البحث عن مشتر
لمساحة الأرض المخصصة له حتى لا تكون عرضة لسحب تخصيصها له وأن ما يطلبه الطاعن من
هؤلاء يُعد تكليفاً لهم سواء كان ذلك كتابة أو شفاهة وهو ما يعتبرونه أمراً
يسارعون إلى تنفيذه لأن مصير بقائهم في مناصبهم مرتبط بمدى انصياعهم لأوامره وما
يكلفون به وإلَّا فقدوا هذه المناصب أو تعرضوا للاضطهاد من قبل الطاعن , وأن صفته
كوزير ... وما له من سلطات رئاسية عليهم تظل قائمة ولا يمكن التفرقة بين عمل هؤلاء
...... تحت رئاسته وعمل الجمعية المخصصة لرجال..... أصلاً فهم في أي وضع تحت
السلطة الرئاسية للطاعن وهي سلطة شبه عسكرية ما يصدر عنها واجب التنفيذ ولو كان في
شأن خاص ببيع الأرض، وأنه ترتب على ذلك تحقيق منفعة للطاعن من أعمال وظيفته هي بيع
المساحة المخصصة له قبل الموعد المحدد وعدم تعرضها للسحب، وثبوت جريمة التربح في
حقه ورتب الحكم على ذلك ثبوت جريمة غسل الأموال أيضاً لإيداع الثمن المتحصل من
البيع في حسابه بالبنك. لما كان ذلك ، وكانت المادة 115 من قانون العقوبات إذ نصت
على أن " كل موظف عام حصل أو حاول الحصول لنفسه أو حاول أن يحصل لغيره دون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من
أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد " فإنه يجب لتوافر هذه الجريمة إلى
جانب أن يكون الجاني موظفاً عاماً وفقاً للمادة 119 من القانون ذاته ـ على ما ورد
بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات ـ
أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال الوظيفة سواء في
مرحلة تقرير العمل الذى يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند
التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه ، ويجب كذلك
أن يكون العمل الذى تربح منه الموظف داخلاً في حدود اختصاصه ، ولا يشترط أن يكون الجاني
مكلفاً بكل العمل الذى تربح منه بل يكفى أن يكون مختصاً بجزء منه ولو كان يسيراً ،
ومن ثم فإن المشرع يستلزم لقيام الجريمة أن يكون التربح وتحقيق المنفعة ناشئاً عن
مباشرة الموظف لعمل من أعمال وظيفته وفى حدود اختصاصه ، فإذا تحقق التربح من عمل
ليس من اختصاصه الوظيفي فـلا تقوم الجريمة ، فلا يكفى لقيامها مجرداً استغلال الموظف
لنفوذه وسلطان وظيفته أو الانحراف بها بعيداً عما يختص به من أعمال ، وإلَّا اكتفى
المشرع بالنص على ذلك صراحة ولما ربط بين تحقيق المنفعة ووجوب أن تكون نتيجة قيام
الموظف بعمل من أعمال وظيفته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان
الطاعن بجريمة التربح تأسيساً على أنه أصدر تكليفاً لمرؤوسيه بالبحث عن مشتر
للمساحة المخصصة له وسرعة بيعها بما له من سلطة عليهم ، وهو تكليف بأمر في شأن خاص
لا صله له بأعمال وظيفته ولا وظيفة مرؤوسيه وليس من مقتضياتها ، ولا يغير من ذلك
ما أشار إليه الحكم من أن مثل هذا التكليف واجب التنفيذ من قبل مرؤوسي الطاعن لأن
بيده ناصية أمرهم بما له من سلطات عليهم وأن بقاءهم في مناصبهم مرهون بإرادته ،
وعدم انصياعهم لأوامره يعرضهم لفقدها أو الاضطهاد من قبله ، وهو أمر بمجرده لا
يتحقق به حكم القانون الذى استوجب توافر رابطة السببية بين تحقيق المنفعة وبين العمل الذى يمارسه الطاعن بمقتضى وظيفته في
حدود الاختصاص المخول له في شأنهم ، لأنه على فرض التسليم بصحة ما أشار
إليه الحكم في هذا الشأن ، فإنه لا يصح القول به في توافر أركان الجريمة إلا إذا
كان الطاعن قد لوح باستخدام سلطاته في هذا الشأن بترغيب أو ترهيب أو وعد أو وعيد
ليحمِلَ مرؤوسيه على تنفيذ ما كلفهم به بما ينطوي على إساءة استعمال السلطة أو
الانحراف بها ، وهو ما خلا الحكم من بيانه أو التدليل عليه بسند صحيح ، ومن ثم فإن
الحكم يكون قد خلط بين السلطات المخولة للطاعن بمقتضى وظيفته وأعمال الوظيفة
ذاتها. أو بمعنى آخر أنه خلط بين سلطة إصدار
الأمر وفحواه ووجوب أن يكون هذا الأمر متعلقاً بأعمال الوظيفة وفي حدود
الاختصاصات المخولة له ، متوسعاً بذلك في تفسير المادة 115 من قانون العقوبات
ومخالفاً بذلك قاعدة أصولية هي عدم التوسع في تفسير القوانين أو النصوص العقابية
ووجوب الالتزام في تفسيرها بقواعد التفسير الضيق وقد أسلمته هذه المخالفة إلى
الخطأ في تطبيق القانون والقصور في بيان أركان جريمة التربح كما هي معرفة في
القانون بما يوجب نقضه ، ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم قد نقل عن أقوال الشاهد
السابع .... أن للطاعن اختصاصاً في شأن اعتماد المناقصات التي أسندت إلى الشاهد
الأول - مشتري الأرض المخصصة للطاعن - مادام الحكم لم يستند في قضائه إلى ممارسة
الطاعن لهذا الاختصاص لتحقيق المنفعة . لما كان ذلك، وكانت جريمة التربح هي الأساس
الذي قامت عليه جريمة غسل الأموال المنسوبة إلى الطاعن، فلا تقوم الجريمة الأخيرة
إلا بقيام الجريمة الأولى باعتبارها نتيجة لها، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما
يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق