جلسة 4 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع فرج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د. صلاح البرعي وعلاء مدكور نائبي رئيس المحكمة ومفتاح سليم وحسـن علي كفافي .
-------------
(80)
الطعن 5826 لسنة 82 ق
(1) استدلالات .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . مأمورو الضبط
القضائي " اختصاصاتهم " . تفتيش" إذن التفتيش . إصداره " . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها
لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
عدم إيراد صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو محل إقامته تحديداً أو بيان
سوابقه في محضر الاستدلال . غير قادح في جدية
التحريات . ما دام أنه المقصود بالإذن .
تولى رجل
الضبط القضائي بنفسه مراقبة المتحرى عنه أو إمضاء وقتاً طويلاً في التحريات . غير
لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة وغيرهم . حد ذلك ؟
(2)
سلاح . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم اتخاذ الحكم من واقعة
ضبط الأسلحة مع الطاعن دليلاً على جدية التحريات . لا قصور .
(3) دفوع " الدفع
بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بحصول الضبط
والتفتيش قبل صدور الإذن . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على
الإذن رداً عليه .
(4) تفتيش " إذن التفتيش
. تنفيذه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مأمورو الضبط
القضائي " سلطاتهم " .
لرجل الضبط القضائي المنتدب
لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف والوقت المناسبين لتنفيذه . شرط ذلك ؟
(5)
إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود
" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي
. مادام سائغاً .
سكوت
الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له .لا ينال من سلامة أقواله .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال شاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة
الدعوى . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة
قعودها عن سماع شهادة أقوال القوة المرافقة تحقيقاً
لدفاعه بشأن ميقات ضبطه . غير جائز . علة ذلك ؟
(7)
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
.
من يقوم بإجراء باطل .
لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم في الإدانة
على أقوال ضابطي الواقعة . جائز . مادام انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
عدم
التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . مادام الرد عليها مستفاد ضمناً من
الحكم بالإدانة .
نعي الطاعن على المحكمة التفاتها عما قدمه من
مستندات بجلسة المحاكمة وما شهد به شاهده بالتحقيقات . غير مقبول .
(9)
سلاح . قصد جنائي . جريمة
" أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
حيازة أسلحة نارية مما
لا يجوز الترخيص بها بقصد الإتجار . واقعة مادية . يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها
طالما أنه يقيمها على ما ينتجها .
استخلاص الحكم توافر قصد الإتجار في الأسلحة
النارية لدى الطاعن من التحريات التي دلت على أنه يقوم بنقل الأسلحة النارية وضبطه
بناءً على الإذن حائزاً لها في سيارته ومن إقراره بذلك لضابط الواقعة . سائغ .
(10)
عقوبة " العقوبة المبررة " . سلاح . قصد جنائي . نقض " المصلحة في
الطعن " .
نعى
الطاعن على الحكم بشأن إثباته توافر قصد الإتجار في الأسلحة النارية . غير مجد. ما دام قد قضى عليه بعقوبة داخلة في حدود العقوبة
المقررة لإحراز سلاح آلي بغير قصد الإتجار.
(11) سلاح . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
مثال لتسبيب
سائغ في الرد على دفاع الطاعن بعدم سيطرته على السيارة المضبوط بها الأسلحة
النارية .
(12)
سلاح . قصد جنائي . جريمة
" أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". استدلالات
. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الأسلحة
النارية . توافره بقيام الدليل على علمه بأن ما يحوزه أو يحرزه لا يجوز الترخيص به
. للقاضي استظهار هذا
العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه . حد ذلك ؟
استدلال
الحكم من وقائع الدعوى وملابساتها علم الطاعن بوجود الأسلحة المضبوطة بالسيارة
التي يقودها بنفسه والتدليل على توافر هذا العلم بأدلة سائغة في العقل والمنطق . لا قصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن ،
وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - تنحصر في شهادة
الرائد ... والنقيب ... وأمين الشرطة ... وفى تقرير المعمل الجنائي - عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم
جدية التحريات واطرحه على نحو يتفق وصحيح القانون ، ذلك أنه من المقرر أن
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي
يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره
- كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته
لتعلقه بالموضوع لا بالقانون , وكان عدم إيراد صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو
محل إقامته تحديداً أو بيان سوابقه في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما
تضمنه من تحريات طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، كما أن القانون لا يوجب حتما أن
يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين
فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال
السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم
مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات بدون تحديد
فترة زمنية لإجراء التحريات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
2- لما كان البين
من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من واقعة ضبط الأسلحة مع الطاعن دليلاً
على جدية التحريات - خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه - فإن منعاه في هذا
الصدد يكون غير سديد .
3- من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل
صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط
والتفتيش بناء على الإذن ، أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب
لتنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة في الوقت
الذى يراه مناسباً مادام أن ذلك يتم خلال الفترة المحددة بالإذن ، ولما كان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر في معرض رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش فإنه
يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق،
وكان سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة
أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن
ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها
ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن
الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن منازعة الطاعن في القوة
التدليلية لشهادتهم على النحو الذى أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فلا
محل لما يثيره الطاعن من شواهد للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبات ومن منازعة في صورة
الواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
6- لما كان البيِّن
من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة سماع شهادة أقوال القوة
المرافقة تحقيقاً لدفاعه بشأن ميقات ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة
قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
7- من المقرر أن الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه
الشهادة عليه ، إلَّا أن ذلك لا يكون إلَّا عند قيام البطلان وثبوته وإذ كان الحكم
المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه
إن هو عوَّل في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن
غير قويم .
8- من المقرر أن
المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي تقدم لها مادام الرد عليها
مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عما قدمه من مستندات بجلسة المحاكمة وما
شهد به شاهده بالتحقيقات يكون غير مقبول .
9- من المقرر أن حيازة أسلحة نارية - مما لا يجوز
الترخيص بها - بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما
أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن
التحريات دلت على أن المتهم يقوم بنقل الأسلحة النارية من محافظة ... لترويجها
بمدينة ... وأنه قد تم ضبطه بناءً على إذن النيابة حائزاً لعدد سبع بنادق آلية
داخل شنطة سيارة يقودها بنفسه وأقر لضابط
الواقعة بحيازته لها بقصد الاتجار، فإنه إذا استدل على ثبوت قصد الإتجار
لدى الطاعن من تلك الظروف يكون محمولاً وكافياً في استخلاص القصد في حق الطاعن .
10- لما كان الحكم
المطعون فيه قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة لإحراز سلاح آلي
بغير قصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
11 - لما كان الحكم قد
عرض لدفاع الطاعن بعدم سيطرته على السيارة ورد عليه في قوله " وحيث إنه عن
الدفع بعدم سيطرة المتهم المادية والفعلية على السيارة فمردود باطمئنان المحكمة
إلى انبساط سلطان المتهم على السيارة وما بداخلها من مضبوطات وأن كون السيارة
مستأجرة لا تنفي انبساط السيطرة عليها وهو يستقلها تلك المسافة الطويلة من محافظة ...
حتى محافظة ... " وكان هذا الرد كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعن ،
فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً .
12- من المقرر أن القصد
الجنائي في جريمة إحراز سلاح ناري أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني
بأن ما يحرزه أو يحوزه من أسلحة نارية لا يجوز الترخيص بها ، ولا حرج على القاضي
في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه مادام أنه يتضح
من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً ، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع
الدعوى وملابساتها وبرر اقتناعه بعلم الطاعن بوجود الأسلحة المضبوطة بالسيارة التي
يقودها بنفسه ، كافياً في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً في العقل والمنطق ،
فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم علمه بالأسلحة المضبوطة ونعيه على الحكم بالفساد
في الاستدلال أو القصور في التسبيب يكون غير سديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أتجر
في أسلحة نارية مششخنة - سبع بنادق آلية - مما لا يجوز الترخيص فيه .
وأحالته
إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 12 /1، 28 /4 ، 30 /1 من القانون رقم 394
لسنة 1954 المعدل والمستبدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981،
97 لسنة 1992 مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد
لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...
إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــــــة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ
دانه بجريمة الإتجار في أسلحة نارية مششخنة - بنادق آلية - مما لا يجوز الترخيص
بحيازتها أو إحرازها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع ، ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات
التي بني عليها - بدلالة أن محررها إرتكن إلى مصدر سري لم يفصح عنه ولم يتوصل
لعمل المتهم ومحل إقامته تحديداً وبيان سوابقه ولم يبين كيفية إجرائها ورد الحكم
على كل ذلك بما لا يسوغ واتخذ من ضبط الأسلحة دليلاً على جديتها - كما رد بما
لا يصلح رداً على الدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن
النيابة بذلك ، واعتنق الحكم المطعون فيه تصويراً للواقعة قوامه أقوال شهود
الإثبات برغم عدم صدقها واستمدادها من الإجراءات الباطلة فضلاً عن انفرادهم
بالشهادة ولم تجر المحكمة تحقيقاً بسماع أفراد القوة المرافقة ، والتفت الحكم عن
أقوال شاهد النفي بالتحقيقات وما قدم من مستندات بجلسة المحاكمة وعوَّل على إقرار
الطاعن للقائمين بالضبط لإثبات قصد الإتجار رغم الدفع بانتفاء سيطرته على مكان
الضبط ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن وعلمه بتواجد تلك الأسلحة داخل
السيارة ، ذلك ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن ، وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - تنحصر في شهادة
الرائد ... والنقيب ... وأمين الشرطة ... وفى تقرير المعمل الجنائي - عرض
للدفع ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم جدية التحريات واطرحه على نحو
يتفق وصحيح القانون ، ذلك أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار
الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ
إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته
لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان عدم إيراد صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته أو
محل إقامته تحديداً أو بيان سوابقه في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما
تضمنه من تحريات طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، كما أن القانون لا يوجب حتما أن
يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين
فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال
السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم
مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات بدون تحديد
فترة زمنية لإجراء التحريات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من واقعة ضبط
الأسلحة مع الطاعن دليلاً على جدية التحريات -
خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور
الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط
والتفتيش بناء على الإذن ، أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لرجل
الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش تخير الظرف المناسب
لإجرائه بطريقة مثمرة في الوقت الذى يراه مناسباً مادام أن ذلك يتم خلال الفترة
المحددة بالإذن ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في معرض رده على
الدفع ببطلان القبض والتفتيش فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا
الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة
في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء
بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وكان
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة
الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط
كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية
لشهادتهم على النحو الذي أثاره في أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن
من شواهد للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبات ومن منازعة في صورة الواقعة فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن إنه يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة سماع شهادة أقوال القوة المرافقة تحقيقاً
لدفاعه بشأن ميقات ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام
بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم
المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه
الشهادة عليه ، إلَّا أن ذلك لا يكون
إلَّا عند قيام البطلان وثبوته وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة
إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عوَّل في الإدانة على أقوال ضابطي
الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة
غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي تقدم لها مادام الرد عليها مستفاداً
ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن من التفات المحكمة عما قدمه من مستندات بجلسة المحاكمة وما شهد به شاهده
بالتحقيقات يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حيازة أسلحة نارية
- مما لا يجوز الترخيص بها - بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع
بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته
أن التحريات دلت على أن المتهم يقوم بنقل الأسلحة النارية من محافظة .... لترويجها
بمدينة ... وأنه قد تم ضبطه بناءً على إذن النيابة حائزاً لعدد سبع بنادق آلية
داخل شنطة سيارة يقودها بنفسه وأقر لضابط الواقعة بحيازته لها بقصد الإتجار، فإنه
إذا استدل على ثبوت قصد الإتجار لدى الطاعن من تلك الظروف يكون محمولاً وكافياً في
استخلاص القصد في حق الطاعن ، هذا فضلاً أن الحكم المطعون فيه قضى على الطاعن
بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة لإحراز سلاح آلي بغير قصد الإتجار فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع
الطاعن بعدم سيطرته على السيارة ورد عليه في قوله " وحيث إنه عن الدفع بعدم
سيطرة المتهم المادية والفعلية على السيارة
فمردود باطمئنان المحكمة إلى انبساط سلطان المتهم على السيارة وما بداخلها من مضبوطات
وأن كون السيارة مستأجرة لا تنفى انبساط السيطرة عليها وهو يستقلها تلك المسافة
الطويلة من محافظة ... حتى محافظة ... " وكان هذا الرد كافياً وسائغاً في الرد
على دفاع الطاعن - فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز سلاح ناري أو حيازته يتوافر متى
قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من أسلحة نارية لا يجوز الترخيص
بها ، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أى
نحو يراه مادام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً ، وكان ما ساقه
الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر اقتناعه بعلم الطاعن بوجود
الأسلحة المضبوطة بالسيارة التي يقودها بنفسه ، كافياً في الدلالة على توافر هذا
العلم وسائغاً في العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم علمه بالأسلحة
المضبوطة ونعيه على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب يكون غير
سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق