الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 يناير 2019

الطعن 27237 لسنة 76 ق جلسة 9 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 83 ص 586

جلسة 9 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / حسام عـبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / على فرجاني ، محمد رضا حسين ومحمد عبدالوهاب نواب رئيس المحكمة وعبد النبي عز الرجال. 
---------
(83)
الطعن 27237 لسنة 76 ق
(1) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
 مثال لرد سائغ على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(2) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . نيابة عامة . استيراد وتصدير . ارتباط . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني " . تقليد . تزوير " استعمال أوراق مزورة " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
   اختصاص النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها . مطلق . تقييده استثناءً بموجب قانون . أساس ذلك ؟
   إقامة النيابة العامة الدعوى الجنائية ومباشرتها التحقيق عن جرائم التزوير في محرر إحدى الشركات المساهمة واستعماله وتقليد الأختام . لا يتوقف على صدور إذن من وزارة التجارة ولو ارتبطت بها جريمة من جرائم الاستيراد والتصدير . علة ذلك ؟
   موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على تحريك الدعوى العمومية قبل الطاعن . كفايته رداً على دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تحديد تاريخ الجريمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
    الجدل في تاريخ الواقعة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز. علة ذلك ؟
    خطأ الحكم في تاريخ الواقعة . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " . تزوير " أوراق رسمية " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم وجود المحرر المزور. لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير . للمحكمة الأخذ بالصورة الضوئية . متى اطمأنت إلى صحتها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ومبلغ اقتناع المحكمة به . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5) إثبات " بوجه عام " " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
    الأصل في المحاكمات الجنائية . هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بدليل معين .
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً .
    تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
    الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
    مثال .
(6) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
   النعي على المحكمة قعودها عن إجراء استكتاب موظفي البنك للمضاهاة دون طلبه منها . غير جائز .
(7) حكم " بيانات الديباجة " . محضر الجلسة .
    خلو الحكم المطعون فيه من بيان المحافظة التي حدثت الواقعة في دائرتها وتاريخ انعقاد الجلسات . لا يعيبه . متى استوفى محضر الجلسة تلك البيانات . علة ذلك ؟
محضر الجلسة . يكمل الحكم في خصوص بيانات الديباجة عدا التاريخ . ورود تاريخ إصدار الحكم في عجزه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
المنازعة في الصورة التي استقرت في يقين المحكمة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(9) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . استيراد وتصدير . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . مصادرة .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
     القضاء بمصادرة السلع موضوع جريمة الاستيراد . صحيح . أساس ذلك ؟
(10) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(11) دفوع " الدفع بكيدية التهمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
     الدفع بكيدية الاتهام . موضوعي . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(12) نقض " أسباب الطعن .ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
   النعي على الحكم الصادر من محكمة القاهرة للجرائم المالية بالخطأ . غير مقبول . ما دام غير متعلق بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم التزوير والاستعمال وتقليد الأختام واستيراد سلع بالمخالفة للقانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وقد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم ... بقوله " بأن الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي أي الحكم النهائي البات هو الذى يحول دون إعادة رفع الدعوى الجنائية ونظرها من جديد وذلك بانقضاء الدعوى بذلك الحكم ، كما يشترط للدفع بقوة الشيء المقضي به أن تكون الواقعة التي فصل فيها الحكم البات هي ذات الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية من جديد ؛ ذلك أن قوة الأحكام تقف فقط عند حدود الواقعة التي فصلت فيها سواء صراحة أو ضمناً فإذا اختلفت الواقعتان في أي عنصر من عناصرها تخلف الشرط الذى نحن بصدده وجاز رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة التي لم يفصل فيها ، وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الحكم الصادر في الجنحة والمدفوع به بسابقة الفصل فيها هو حكم غيابي لا تنقضي به الدعوى الجنائية وموضوعه لم يصبح نهائي وبات ، فضلاً عن أن الدعوى الجنائية الماثلة وقائعها تزوير الخطاب المؤرخ 5/12/1999 والمنسوب صدوره للبنك ... فرع ... واستعماله للاعتداد بما ورد به وهى مختلفة في عناصرها عن الواقعة محل الحكم في الدعوى رقم ... ، ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع على غير أساس سليم " ، وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكافٍ في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن .
2- لما كانت النيابة العامة طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، وإذا أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق معه لارتكاب جرائم التزوير في محرر إحدى الشركات المساهمة واستعماله وتقليد خاتم هذه الجهة واستيراد سلع بالمخالفة للقانون وإعطاء بيانات غير صحيحة عن هذه الرسالة للجهة المختصة ، وكان القانون قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الجرائم الثلاث الأول وهى جرائم مستقلة متميزة بعناصرها القانونية عن الجريمتين الأخيرتين المنصوص عليهما في القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير ، فإن قيام النيابة بتحقيق وقائع التزوير واستعمالها وتقليد الأختام موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من وزارة التجارة ولو ارتبطت بهذه الجرائم جريمة من جرائم الاستيراد والتصدير - كما هو الحال في الدعوى - ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستلزم بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف باقي الجرائم وهى ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشــــد هي الواجبة التطبيق وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند . فضلاً عما أورده الحكم في رده على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من أن الثابت من الأوراق أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قد وافقت على تحريك الدعوى العمومية كاف في الرد على دفع الطاعن .
3- لما كان البيِّن من الاطلاع على محاضر الجلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يثيره في طعنه أن تاريخ الواقعة يختلف مع التاريخ الثابت بمذكرة الرقابة الإدارية وتحقيقات النيابة ، وكانت هذه الأمور التي ينازع فيها لا تعدو أن تكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع ؛ لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، فضلاً أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة - بفرض حصوله - لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة .
4- لما كان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتمًا عدم ثبوت جريمة التزوير ؛ إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير ، وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ما دام أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعوى التزوير ، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى وإذ ما اطمأنت إلى صحتها ، وكان الحكم قد أوضح أن المستند المزور منسوب صدوره إلى البنك ... فرع ... وخلت مدونات الحكم من تعويله على الصورة الضوئية من هذا المستند ، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من تعويل الحكم على صورة ضوئية من هذا المستند ، فإن ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الحالية - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ، إذ إنه جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب استكتابه وموظفي البنك ذوي الشأن للمضاهاة ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلبه منها.
7- لما كان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه إنه وإن خلت ديباجته من تاريخ إصداره إلا أن منطوقه قد ذيل بما يفيد صدوره في السادس عشر من فبراير سنة 2006 ، وإن هذا الحكم وإن خلا من بيان اسم المحافظة التي حدثت الواقعة بدائرتها ومن بيان تاريخ انعقاد جلسات المحاكمة إلا أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنها استوفت تلك البيانات. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيانات الديباجة عدا التاريخ ، وكان لا يعيب الحكم ورود تاريخ إصداره في عجزه ، ذلك أن القانون لم يشترط إثبات هذا البيان في مكان معين من الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- لما كان من المقرر أن الأصل من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهود الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ومنازعته في الصورة التي استقرت في يقين المحكمة للواقعة وقوله أن لها صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
9- لما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الواضح من عبارة نص المادة الخامسة عشر من القانون رقم 18 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير أن المشرع أوجب الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة ، ولما كانت " رسالة معاصر الزيوت المضبوطة هي السلعة موضوع جريمة استيراد سلع من الخارج بالمخالفة للقانون " فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب حين قضى بمصادرتها .
10- لما كان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة ، كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .
11- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من كيدية الاتهام ، وكان هذا الدفع لا يعدو دفاعًا موضوعياً كان يتعين عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع ؛ لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
12- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم الصادر من محكمة القاهرة للجرائم المالية غير متعلق بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : 1- ارتكب تزويراً في محرر رسمي لإحدى الشركات المساهمة وهو الخطاب المؤرخ 5/12/1999 المنسوب صدوره للبنك ... فرع ... ش . م . م وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن أنشأه على غرار المحررات الصحيحة وأثبت به بيانات على خلاف الحقيقة وهى أن شركة .... التي يمثلها قامت بتحويل مبالغ بالدولار في تاريخ سابق على شهر نوفمبر لسنة 1998 من خلال مصرف البنك بغرض استرداد مشمول الفاتورة رقم 7/98 وبصم عليها بخاتم مقلد منسوب للجهة سالفة الذكر ووقع بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بالبنك . 2- قلد الخاتم الخاص بالبنك .... فرع .... إحدى الشركات المساهمة بأن أنشأه على غرار الأختام الصحيحة واستعمله بأن بصم به على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى . 3- استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى بأن قدمه لقطاع التجارة الخارجية بوزارة التجارة والتموين للاعتداد بما ورد به مع علمه بذلك . 4- بصفته المدير المسئول عن شركة .... للاستيراد والتصدير استورد رسالة معاصر مشمول الشهادة الجمركية رقم ... وذلك بالمخالفة للقواعد الخاصة بالاستيراد . 5 - بصفته آنفة البيان أعطى بيانات غير صحيحة عن الرسالة موضوع التهمة السابقة لقطاع التجارة بغية عدم سريان أحكام القرار الوزاري 619 في 21/11/98 بما ترتب عليه أنه تم الإفراج عن مشمول تلك الرسالة بالمخالفة للقوانين الاستيرادية المنظمة لذلك .
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمـر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 206 /3 ، 206 مكرر/ب ، 214 مكرر من قانون العقوبات ، والمواد 1/1، 9 ، 11 ، 15 ، 16/ب ، 17 ، 18 من القانون 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير وقرار وزير التجارة والتموين رقم 619 لسنة 1998 ، مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر ومصادرة السلع المستوردة والمحرر المزور .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقـض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم التزوير في محرر لإحدى الشركات المساهمة ... واستعماله وتقليد خاتم البنك المذكور واستيراد سلع بالمخالفة للقانون قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه رد على دفعي الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم .... ، والدفع بعدم قبول الدعوى لإجرائها قبل الحصول على إذن بتحريك الدعوى الجنائية برد غير سائغ ، كما أنه أثبت أن تاريخ الواقعة 5/12/1999 وهذا يختلف مع التاريخ الثابت بمذكرة الرقابة الإدارية وتحقيقات النيابة في 17/12/1998 ، كما خلت ديباجة الحكم من تاريخ إصداره . ودانه بجريمة التزوير رغم عدم وجود أصل المحرر المزور ، وأن التقرير الفني لم يحدد القائم بالتزوير ولم يجر استكتاباً للطاعن والموظفين المختصين بالبنك ، ولم يعرض لأقوال / ... بالتحقيقات من أن الإفراج عن رسالة " معاصر الزيوت " محل الواقعة تمت بإجراءات صحيحة والتفت عن المستندات الرسمية المؤيدة لذلك ، كما قضى بمصادرة السلع المفرج عنها دون تحديد تلك السلع ولم يعرض لدفاعه بإنكار الاتهام وانتفاء صلته بالمحرر المزور لشواهد عددها تنبئ عن كيدية الاتهام ، وأخيراً خلا الحكم الغيابي الصادر في30/5/2005 من الأسباب ، ودانته محكمة القاهرة عن الجرائم المالية رغم سداد الغرامة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم التزوير والاستعمال وتقليد الأختام واستيراد سلع بالمخالفة للقانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وقد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم ... بقوله " بأن الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي أي الحكم النهائي البات هو الذى يحول دون إعادة رفع الدعوى الجنائية ونظرها من جديد وذلك بانقضاء الدعوى بذلك الحكم ، كما يشترط للدفع بقوة الشيء المقضي به أن تكون الواقعة التي فصل فيها الحكم البات هي ذات الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية من جديد ؛ ذلك أن قوة الأحكام تقف فقط عند حدود الواقعة التي فصلت فيها سواء صراحة أو ضمناً فإذا اختلفت الواقعتان في أي عنصر من عناصرها تخلف الشرط الذى نحن بصدده وجاز رفع الدعوى الجنائية عن الواقعة التي لم يفصل فيها ، وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الحكم الصادر في الجنحة والمدفوع به بسابقة الفصل فيها هو حكم غيابي لا تنقضي به الدعوى الجنائية وموضوعه لم يصبح نهائي وبات ، فضلاً عن أن الدعوى الجنائية الماثلة وقائعها تزوير الخطاب المؤرخ 5/12/1999 والمنسوب صدوره للبنك ... فرع ... واستعماله للاعتداد بما ورد به وهى مختلفة في عناصرها عن الواقعة محل الحكم في الدعوى رقم ... ، ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع على غير أساس سليم " وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكافٍ في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكانت النيابة العامة طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، وإذا أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق معه لارتكاب جرائم التزوير في محرر إحدى الشركات المساهمة واستعماله وتقليد خاتم هذه الجهة واستيراد سلع بالمخالفة للقانون وإعطاء بيانات غير صحيحة عن هذه الرسالة للجهة المختصة ، وكان القانون قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الجرائم الثلاث الأول وهى جرائم مستقلة متميزة بعناصرها القانونية عن الجريمتين الأخيرتين المنصوص عليهما في القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير ، فإن قيام النيابة بتحقيق وقائع التزوير واستعمالها وتقليد الأختام موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من وزارة التجارة ولو ارتبطت بهذه الجرائم جريمة من جرائم الاستيراد والتصدير - كما هو الحال في الدعوى - ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستلزم بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف باقي الجرائم وهي ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشد هي الواجبة التطبيق وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند . فضلاً عما أورده الحكم في رده على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون من أن الثابت من الأوراق أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قد وافقت على تحريك الدعوى العمومية كاف في الرد على دفع الطاعن . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يثيره في طعنه أن تاريخ الواقعة يختلف مع التاريخ الثابت بمذكرة الرقابة الإدارية وتحقيقات النيابة ، وكانت هذه الأمور التي ينازع فيها لا تعدو أن تكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع ؛ لأنها تتطلب تحقيقاً ولا يسوغ الجدل في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، فضلاً أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة - بفرض حصوله - لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة . لما كان ذلك ، وكان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتمًا عدم ثبوت جريمة التزوير ؛ إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير ، وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ما دام أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعوى التزوير ، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى وإذ ما اطمأنت إلى صحتها ، وكان الحكم قد أوضح أن المستند المزور منسوب صدوره إلى البنك ... فرع ... وخلت مدونات الحكم من تعويله على الصورة الضوئية من هذا المستند ، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من تعويل الحكم على صورة ضوئية من هذا المستند ، فإن ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الحالية - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ، إذ إنه جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب استكتابه وموظفي البنك ذوي الشأن للمضاهاة ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلبه منها . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه إنه وإن خلت ديباجته من تاريخ إصداره إلا أن منطوقه قد ذيل بما يفيد صدوره في السادس عشر من فبراير سنة 2006 ، وإن هذا الحكم وإن خلا من بيان اسم المحافظة التي حدثت الواقعة بدائرتها ومن بيان تاريخ انعقاد جلسات المحاكمة إلا أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنها استوفت تلك البيانات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في خصوص بيانات الديباجة عدا التاريخ ، وكان لا يعيب الحكم ورود تاريخ إصداره في عجزه ، ذلك أن القانون لم يشترط إثبات هذا البيان في مكان معين من الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهود الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ومنازعته في الصورة التي استقرت في يقين المحكمة للواقعة وقوله أن لها صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الواضح من عبارة نص المادة الخامسة عشر من القانون رقم 18 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير أن المشرع أوجب الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة ، ولما كانت " رسالة معاصر الزيوت المضبوطة هي السلعة موضوع جريمة استيراد سلع من الخارج بالمخالفة للقانون " فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب حين قضى بمصادرتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة ، كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من كيدية الاتهام ، وكان هذا الدفع لا يعدو دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع ؛ لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم الصادر من محكمة القاهرة للجرائم المالية غير متعلق بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق