جلسة 17 فبراير سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عبد العال السمان، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نواب رئيس
المحكمة وعلي شلتوت.
------------
(81)
الطعن 31 لسنة 60 ق
(1) إيجار " التزامات المؤجر: ضمان التعرض".
ضمان المؤجر للتعرض القانوني الحاصل من الغير مناطه ادعاء اجنبي حقا
يتعلق بالعين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجرة في
استعماله لها بالطريقة المشروطة في
عقد الإيجار . تعرض الغير المبني على مخالفة المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة
بالطريقة المنصوص عليها في عقد الإيجار خروجه عن هذا الضمان م 572 / 1 مدنى .
(4 - 2) تعويض. تقادم " التقادم المسقط ". مسئولية . حكم . محكمة الموضوع .
(2) علم المضرور بالضرر وبالشخص المسئول عنه الذى يبدا به سريان التقادم الثلاثي
المنصوص عليه في المادة 172 مدنى هو العلم
الحقيقي الذى يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه لا العلم الظني علة ذلك .
(3) استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه استقلال محكمة
الموضوع به متى كان تحصيلها سائغا اعتداد الحكم في بدء سريان التقادم الثلاثي بتاريخ رفع دعوى إثبات
الحالة باعتباره تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر والمسئول عنه لا خطأ.
(4) محكمة الموضوع سلطتها في استخلاص
الفعل للخطأ المكون للخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر مادام استخلاصها سائغا .
(5) تعويض.
محكمة الموضوع .
محكمة الموضوع سلطتها في تقدير
التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون
نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه شرط
ذلك .
--------------
1 - النص في المادة 572 /1 من القانون المدني على أن "إذا ادعى أجنبي حقاً يتعارض مع ما للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد الإيجار، وجب على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بذلك، وكان له أن يخرج من الدعوى وفي هذه الحالة لا توجه الإجراءات إلا إلى المؤجر" يدل على مناط ضمان المؤجر للتعرض الصادر من الغير المبني على سبب قانوني يكون بادعاء أجنبي حقاً يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر في استعماله لها بالطريقة المنصوص عليها في عقد الإيجار أما إذا كان التعرض الصادر من الغير مبنياً على مخالفة المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بالطريقة المشروطة في عقد الإيجار فإن المؤجر لا يضمن هذا التعرض.
2 - إذ تجري عبارة الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني بأن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه..." فإن المراد بالعلم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لبدء سريان التقادم الثلاثي في هذه الحالة هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن القضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
3 - استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغاً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد اعتد في بدء سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة سنة 1984 باعتباره تاريخ العلم الحقيقي الذي أحاط به المطعون ضده الأول بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه فتكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى سنة 1986 كان هذا الاستخلاص سائغاً ويكفي لحمله.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه.
5 - تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان تقديره سائغا وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة في شأن تقدير التعويض كافيا لحمل قضائها.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3051 لسنة 1986 مدني طنطا
الابتدائية على الشركة الطاعنة ومورث المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما
متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 7500 جنيه وقال بيانا لذلك إن الشركة الطاعنة استأجرت
من مورث المطعون ضده الثاني قطعة أرض زراعية لتشوين معداتها إلا أنها أقامت عليها
محطة خلط مواد الرصف مما نشأ عنه إلحاق ضرر بأرضه الزراعية المجاورة قدر عنه
الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 150 لسنة 1984 مستعجل تعويضا مقداره 7500
جنيه وإذ امتنعت الطاعنة عن دفع هذا التعويض رغم توافر أركان المسئولية التقصيرية
قبلها فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. حكمت المحكمة بتاريخ 24/6/1987 بإلزام
الطاعنة بدفع التعويض المطالب به ورفض الدعوى قبل مورث المطعون ضده الثاني.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 1027 لسنة 37 ق
وبتاريخ 8/11/1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم
بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الثاني من
السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها وفقا
لحكم المادة 572/1 من القانون المدني فقد أدخلت المؤجر في الدعوى وطلبت إخراجها
منها إلا أن المحكمة رفضت ذلك وقصرت المسئولية على الطاعنة وحدها دون مراعاة لنص
المادة سالفة الذكر الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 572/1 من القانون
المدني على أن "إذا ادعى أجنبي حقا يتعارض مع ما للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد
الإيجار, وجب على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بذلك, وكان له أن يخرج من
الدعوى وفي هذه الحالة لا توجه الإجراءات إلا إلى المؤجر" يدل على أن مناط
ضمان المؤجر للتعرض الصادر من الغير المبني على سبب قانوني يكون بادعاء أجنبي حقا
يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر في استعماله لها بالطريقة المنصوص
عليها في عقد الإيجار أما إذا كان التعرض الصادر من الغير مبنيا على مخالفة
المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بالطريقة المشروطة في عقد الإيجار فإن المؤجر لا
يضمن هذا التعرض, لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول أقام الدعوى على الشركة
الطاعنة ومورث المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بتعويض عن
الأضرار التي لحقت بزراعته تأسيسا عن أن الأخير أجر للشركة الطاعنة أرضا زراعية
تجاوز أرضه لتشوين معدات الرصف عليها إلا أنها خالفت شروط عقد الإيجار وأقامت عليها
محطة خلط مواد الرصف وأن الغبار الناجم عن عملية الخلط أضر بزراعته وكان الحكم
المطعون فيه قد خلص - على النحو الذي سيجئ- إلى أن الشركة الطاعنة هي المسئولة
وحدها عن الضرر لمخالفتها شروط عقد الإيجار بإقامتها محطة خلط مواد الرصف
بالمخالفة للغرض الذي من أجله أجرت العين فإنه لا مجال لإعمال أحكام ضمان المؤجر
المنصوص عليه في المادة 572/1 من القانون المدني وإذ كان دفاع الشركة الطاعنة لا
يستند إلى أساس قانوني سليم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على الدفاع المشار
إليه بوجه النعي لا يكون مشوبا بالقصور ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون وتقول بيانا لذلك إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع
المبدي منها بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في
المادة 172 من القانون المدني على سند من أن التقادم بدأ من تاريخ رفع دعوى إثبات
الحالة سنة 1984 وهو تاريخ علم المطعون ضده اليقيني بالضرر ومحدثه في حين أن
الواقعة المنشئة للضرر حدثت منذ إنشاء محطة خلط مواد الرصف في عام سنة 1967 فإن
الحكم المطعون فيه إذ اعتد بتاريخ رفع دعوى إثبات الحالة لبدء سريان التقادم
الثلاثي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 172 من القانون المدني إذ تجرى
عبارة الفقرة الأولى منها بأن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل
غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر
وبالشخص المسئول عنه...", فإن المراد بالعلم - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - لبدء سريان التقادم الثلاثي في هذه الحالة هو العلم الحقيقي الذي يحيط
بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي
على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط
دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور
وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول
عنه وكان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل
المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغا. لما كان
ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد اعتد في بدء سريان التقادم
الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني من تاريخ رفع دعوى إثبات
الحالة سنة 1984 باعتباره تاريخ العلم الحقيقي الذي أحاط به المطعون ضده الأول
بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه فتكون مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل عند رفع الدعوى
سنة 1986 وكان هذا الاستخلاص سائغا ويكفي لحمله فإن ما يثيره الطاعن في هذا السبب
لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية, وهو
مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني
وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان
ذلك تقول إنها استأجرت الأرض لاستعمالها في أعمال الرصف وهو ما يبيح لها إقامة
محطة لخلط مواد الرصف عليها وأن مورث المطعون ضده الثاني هو الذي أخطأ بتأجيره أرض
زراعية لأعمال الرصف كما أن وجود الخلاطة أو تطاير الأتربة ليس العامل الأساسي
لإتلاف زراعة المطعون ضده الأول ومن ثم لا تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذي حاق به
أو على الأقل لا تكون مسئولة وحدها عنه هذا فضلا عن أن المحكمة أخطأت بتقدير
التعويض تقديرا جزافيا.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص علاقة
السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام
هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون
فيه أقام قضاءه على قوله "أن الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى وأمام
هذه المحكمة أن الشركة المستأنفة هي التي تستأجر الأطيان المملوكة للمستأنف ضده
الثالث والمجاورة للأطيان المملوكة للمستأنف ضده الأول وأن الشركة المستأنفة هي
التي أقامت محطة خلط تقوم بتكسير الحجارة مما أدى إلى إتلاف المزروعات في الأرض
المملوكة للمستأنف ضده الأول وهو المدعي أمام محكمة أول درجة كما ثبت ذلك من دعوى
إثبات الحالة المنضمة رقم 150 لسنة 1984 مدني مستعجل طنطا أن المحطة المذكورة التي
أنشأتها الشركة المستأنفة بالمخالفة لعقد الإيجار المحرر بينها وبين المستأنف ضده الثاني
مالك الأرض المؤجرة لها حيث أن الغرض من الإيجار هو استعمال الأرض المؤجرة مخزن
لمتابعة عمليات التنفيذ وتشوين المعدات والمواد اللازمة لذلك ومن ثم فتقع
المسئولية على الشركة المستأنفة دون المستأنف ضده الثاني المؤجر لها الأرض المقام
عليها المحطة" مما مفاده أن الحكم المطعون فيه استخلص من مستندات الدعوى وقوع
الفعل المكون للخطأ من الطاعنة وحدها وأن هذا الخطأ هو الذي نتج عنه تلف زراعة
المطعون ضده الأول وكان هذا الذي استخلصه الحكم سائغا ومستمدا من أوراق الدعوى
وكان تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير
معينة في خصوصه من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك متى كان
تقديره سائغا وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة في شأن تقدير التعويض كافية لحمل
قضائها فإن ما تنعاه الطاعنة في شأن هذا التقدير لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما
لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق