برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية
السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ومحمد نور الدين عويس, ومحمد أبو
الفضل حفني, وأنور أحمد خلف.
-------------
تأمين. "التأمين الإجباري على السيارات". مسئولية جنائية.
"مسئولية شخصية. مسئولية مفترضة".
مسئولية عضو مجلس إدارة شركة التأمين أو مديرها - طبقا للمادة 28 من
القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن
حوادث السيارات - عن عقد عمليات تأمين بغير الأسعار أو الشروط المقررة. مسئولية
شخصية.
إن المستفاد من عبارة المادة 28 من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن
التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات - في وضوح وجلاء
- أن مناط مسئولية كل من عضو مجلس الإدارة أو مدير الهيئة عند مخالفة حكم المادة
14 من القانون آنف البيان هو "إذا قام بعقد عمليات تأمين بغير الأسعار أو
الشروط المقررة" مما مفاده أن المسئولية هنا مسئولية شخصية وليست مسئولية
مفترضة وبالتالي فإنه لا يسأل إلا عن التعاقد الذي يثبت أنه أبرمه بنفسه أو أجازه
صراحة أو ضمناً، ومن ثم لا يكون مسئولاً عن تعاقد غيره من الوكلاء أو المندوبين
إذا تجاوز حدود وكالته في عقد عمليات التأمين إلى إبرام عقود هذه العمليات بصورة مخالفة
للقانون.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في خلال عام 1956 بدائرة
قسم قصر النيل. بصفتهم مديرين عامين بشركة التأمين "شركة التأمينات
التجارية" تعاقدوا علي عمليات تأمين بغير الأسعار والشروط المقررة قانونا ولم
يلتزم تعريفة الأسعار الموضحة بالجدول على الوجه المبين بالمحضر وطلبت معاقبتهم
بالمادتين 14 و18 من القانون رقم 154 لسنة 1955. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت في
الدعوى غيابيا عملا بمادتي الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الثاني (الطاعن) والثالث
(أولا) بتغريم كل منهما مائتي جنيه. (وثانيا) براءة المتهم الأول مما نسب إليه.
فعارض المحكوم عليهما وقضي في معارضتهما بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد
الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة القاهرة
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقضي فيه
بقبوله شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن والمحكوم عليه
الآخر وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة
استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا بالنسبة إلى
المتهم الأول وغيابيا بالنسبة إلى المتهم الثاني بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم للمرة الثانية. وبتاريخ 18
نوفمبر سنة 1968 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وتحديد جلسة لنظر الموضوع.
------------
المحكمة
حيث إن واقعة الدعوى مفصلة في الحكم المستأنف، وحاصلها فيما أبلغت به
مصلحة التأمين ضد مدير عام شركة التأمينات التجارية لمخالفته حكم المادة 14 من
القانون 652 لسنة 1955 على الوجه المبين بالمحضر المرفق بالبلاغ، وهو مؤرخ
27/5/1959 بمعرفة مفتش مصلحة التأمين ويتضمن أن الشركة لم تلتزم تعريفة الأسعار
المقررة قانوناً لوثائق التأمين المبينة به، وإذ سئل مدير عام الشركة -.......- في
ذلك قرر أن مندوبي الشركة ووكلاءها بالأقاليم هم الذين أبرموا تلك الوثائق وأنهم
لم يكونوا على دراية تامة بالأسعار الصحيحة الواجبة التطبيق خاصة وأن عمليات
التأمين كانت وقتئذ في بداية عهدها، وقد طلبت إليه النيابة العامة بيان أسماء
ومحال إقامة هؤلاء المندوبين والوكلاء فأوضحها بالمحضر المؤرخ 6/8/1959، ثم قدمته
النيابة العامة للمحاكمة بوصف أنه في خلال سنة 1956 - بصفته مدير عام لشركة تأمين
"شركة التأمينات التجارية" تعاقد على عمليات تأمين بغير الأسعار والشروط
المقررة قانوناً ولم يلتزم تعريفة الأسعار الموضحة بالجدول على الوجه المبين
بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 14 و28 من القانون رقم 652 لسنة 1955، ولدى نظرها
بالجلسة قرر المتهم أنه لم يكن مديراً للشركة في فترة وقوع المخالفات موضوع
المحاكمة وأورى أن المديرين حينئذ هما السيدان/........ و.......، وقد أدخلتهما
النيابة العامة متهمين في الدعوى. وبتاريخ 18/12/1960 حكمت المحكمة غيابياً
(أولاً) بتغريم كل من المتهمين ..... و...... مائتي جنيه بلا مصاريف. (ثانياً)
ببراءة المتهم .... مما نسب إليه بلا مصاريف وإذ عارض المحكوم عليهما في هذا الحكم
وقضت المحكمة برفض معارضتهما وتأييد الحكم المعارض فيه فقد استأنف ... هذا الحكم
وطلب إلغاءه والحكم ببراءته من التهمة المسندة إليه.
وحيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين
الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات يبين أن المادة 14/1 منه
قد نصت على أنه "يجب على المؤمن أن يلتزم بتعريفة الأسعار الموضحة بالجدول
المرافق ولا يجوز له أن يجاوزها أو ينزل عنها" كما نصت المادة 28 منه على أنه
"يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على
خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل عضو مجلس إدارة أو مدير هيئة أو وكيل
عام مسئول لهيئة أجنبية إذا عقدت عمليات تأمين بغير الأسعار أو الشروط
المقررة". لما كان ذلك، وكان من المستفاد من عبارة المادة 28 آنفة البيان -
في وضوح وجلاء - أن مناط مسئولية كل من عضو مجلس الإدارة أو مدير الهيئة عند
مخالفة حكم المادة 14 من القانون هو "إذا قام بعقد عمليات تأمين بغير الأسعار
أو الشروط المقررة مما مفاده أن المسئولية هنا مسئولية شخصية وليست مسئولية مفترضة
وبالتالي فإنه لا يسأل إلا عن التعاقد الذي يثبت أنه أبرمه بنفسه أو أجازه صراحة
أو ضمناً، ومن ثم لا يكون مسئولاً عن تعاقد غيره من الوكلاء أو المندوبين إذا
تجاوز حدود وكالته في عقد عمليات التأمين إلى إبرام عقود هذه العمليات بصورة
مخالفة للقانون. لما كان ذلك، وكان الثابت من الدعوى خلو أوراقها من أي دليل على
أن المستأنف أبرم بنفسه عمليات التأمين موضوع المحاكمة أو أنه أجازها صراحة أو
ضمناً فقد حق القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم المستأنف مما أسند إليه
عملاً بالمادتين 304/1 و417/3 من قانون الإجراءات الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق