الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 2 أبريل 2018

الطعن 5292 لسنة 63 ق جلسة 4 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 124 ص 822

جلسة 4 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(124)
الطعن رقم 5292 لسنة 63 القضائية

 (1)حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)اتفاق. إثبات "بوجه عام" "قرائن". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها". فاعل أصلي. مسئولية جنائية.
الاتفاق. تحققه. باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليها بالاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه.
استخلاص المحكمة اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وإن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها. مع وحدة الحق المعتدى عليه. أثره: اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم تضامناً في المسئولية ولو لم يعرف محدث الضربة التي أحدثت الوفاة.
(3) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. جريمة "أركانها". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار. غير مجد. متى كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة.
 (4)مصادرة. نقض "المصلحة في الطعن". إثبات "بوجه عام".
النعي على الحكم قضائه بمصادرة المضبوطات. غير مجد. طالما أنكر الطاعنان ملكيتهما لها.
 (5)إثبات "بوجه عام". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الساطورين المضبوطين من أي أثار للدماء. غير قادح. في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بمثليهما على المجني عليه. تحدث المحكمة عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما. غير لازم. سكوتها. مفاده. أنه لم يكن له أثر في تكوين عقيدتها.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (7)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (8)إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
 (9)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
مثال.
 (10)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفي التدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها. بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي أسهمت في الوفاة أو لم يعرف فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - لما كانت المحكمة لم تورد ذكراً للمحاضر التي أوردها الطاعنون في أسباب طعنهم إلا بصدد تسبيب قضائها بتوافر ظرف سبق الإصرار في حقهم وكانت العقوبة الموقعة عليهم وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة، فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من قصور الحكم أو فساده في استظهار ظرف سبق الإصرار.
4 - لما كان الطاعنان الأول والثالث قد أنكرا ملكيتهما للمضبوطات في التحقيقات وهو ما لا يماريان في أسباب طعنهما فليس لهما من بعد أن ينعيا على الحكم في شأن قضائه بمصادرتها.
5 - من المقرر أن خلو الساطورين المضبوطين من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هاتين الأداتين أياً كانتا، وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما إذ أن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
9 - لما كانت أقوال شاهد الإثبات كما رواها الحكم والتي لا ينازع الطاعنون في أن لها سندها في الأوراق - ولا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الطبيب الشرعي في شأن إصابات المجني عليه وكيفية حدوثها وزمن الوفاة وكان الطاعنون لم يطلبوا إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق ما في شأن تلك الأمور، فليس لهم من بعد النعي عليها عدم قيامها بإجراء لم يطلب منها، فإن منعاهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
10 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
11 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج ما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أ - قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا لعزم المصمم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "سكين وبلطة" وترصدوه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ب - أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء "سكين وبلطة" مما لا يسوغ إحرازها أو حملها بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى نجل المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 251 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً فقرة أولى، 31/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم واحد الملحق. مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة ومصادرة المضبوطات وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ومخالفة للثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة لم تبين واقعة الدعوى وظروفها والأدلة التي استخلصت منها قيام الاتفاق بين الطاعنين، ولم تشر إلى مضمون المحاضر التي استدلت منها على توافر خصومة ثأرية بين الطاعنين والمجني عليه متخذة من واقعة إطلاق النار على منزل المجني عليه وشقيق زوجته بتاريخ.... قرينة على توافر الاتفاق بينهم وظرف سبق الإصرار لديهم رغم أن هذه الواقعة لاحقة لتاريخ الحادث محل الاتهام والذي وقع اليوم السابق ودون أن تستظهر صلة الطاعنين بالمحضرين رقمي.... جنايات القوصية و.... مركز القوصية مثبتة بما لا أصل له في الأوراق أن الطاعنين هم الذين أطلقوا النار على منزل المجني عليه وشقيق زوجته، ولم تورد في أسباب حكمها ما يحمل قضاءها بمصادرة الساطورين المضبوطين بمنزل كل من الطاعنين الأول والثالث من حيث ضبطها وظروفه وأنها استعملت في الحادث كما لم تشر إلى ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي من خلوهما من آثار الدماء، كما لم ترد على ما أثاره الدفاع من كذب شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى.... في أقواله وتناقضها مع تقرير الصفة التشريحية وماديات الدعوى من حيث تحديد كيفية حدوث إصابات المجني عليه وزمن الوفاة ومكانها لعدم وجود آثار دماء بمكان الحادث ولم تحققه عن طريق المختص فنياً، وأخيراً فقد استخلصت توافر نية القتل بما لا يسوغ به ذلك ولا أصل له في الأوراق إذ لم يقل شاهد الإثبات ما أثبته الحكم من أن الطاعنين لم يتركوا المجني عليه إلا جثة هامدة. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وكان من المقرر أيضاً أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفي التدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها. بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي أسهمت في الوفاة أو لم يعرف فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تورد ذكراً للمحاضر التي أوردها الطاعنون في أسباب طعنهم إلا بصدد تسبيب قضائها بتوافر ظرف سبق الإصرار في حقهم وكانت العقوبة الموقعة عليهم وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة، فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من قصور الحكم أو فساده في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان الطاعنان الأول والثالث قد أنكرا ملكيتهما للمضبوطات في التحقيقات - وهو ما لا يماريان في أسباب طعنهما - فليس لهما من بعد أن ينعيا على الحكم في شأن قضائه بمصادرتها، هذا إلى أن خلو الساطورين المضبوطين من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هاتين الأداتين أياً كانتا، وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكون بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما إذ أن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. ولما كانت أقوال شاهد الإثبات كما رواها الحكم والتي لا ينازع الطاعنون في أن لها سندها في الأوراق - ولا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الطبيب الشرعي في شأن إصابات المجني عليه وكيفية حدوثها وزمن الوفاة وكان الطاعنون لم يطلبوا إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق ما في شأن تلك الأمور، فليس لهم من بعد النعي عليها عدم قيامها بإجراء لم يطلب منها، فإن منعاهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج ما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. وإذ كان الحكم قد دلل على توافر هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون له وجه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق