جلسة 8 من ديسمبر 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد محمود الباجوري, وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، ومحمود حسن رمضان، وجلال الدين أنسي، واصل علاء الدين.
---------------
(16)
الطلب رقم 45 لسنة 50 القضائية "رجال القضاء"
(1، 2) قضاة. صلاحية. تأديب.
عمل مجلس الصلاحية. ماهيته. مجرد تقييم لحالة القاضي في مجموعها من حيث صالحيته للاستمرار في وظيفته القضائية. لا يعتبر من قبل المحاكمة التأديبية.
ثبوت فقد القاضي لأسباب الصلاحية لولاية القضاء. مؤداه. وجوب إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة غير قضائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 24 يونيه سنة 1979 طلب وزير العدل من المجلس المنصوص عليه في المادة 98 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 النظر في أمر صلاحية الطالب لولاية القضاء إعمالاً لحكم المادة 111 من هذا القانون لأنه في المدة من 1 إلى 27 أغسطس سنة 1978 إبان عمله وكيلاً لنيابة غرب الإسكندرية الكلية أخل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته ومقتضياتها بأن تواطأ مع شريك في عقار بالإسكندرية للإضرار بشريك آخر وسلب حيازته للوحدة السكنية التي اختص بها في هذا العقار، وقد تمكن من تحقيق مأربه هذا بما اتخذه من إجراءات قضائية معيبة استغل فيها سلطة وظيفته، مما ينال من الأمانة والنزاهة التي ينبغي أن يتحلى بها القاضي ويفقده أسباب الصلاحية لتولي منصب القضاء. وفي 1 أبريل سنة 1980 أصدر المجلس قراراً بقبول الطلب ونقل القاضي المدعى عليه إلى وظيفة أخرى غير قضائية تعادل وظيفته الحالية. فتقدم بهذا الطلب في 30 أبريل سنة 1980 للحكم بإلغاء قرار المجلس ورفض طلب وزير العدل النظر في صلاحيته لولاية القضاء. ونعى الطالب على هذا القرار الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وإساءة استعمال السلطة. وفي بيان ذلك يقول إنه بالرغم من أن شهوده في التحقيق الذي أجرته إدارة التفتيش القضائي ومنهم المؤجر نفسه قد أيدوه في أنه عندما استأجر الوحدة السكنية لم يكن يعلم بأنها مخصصة للشاكي وفي حيازته، إلا أن القرار المطعون به طرح شهادتهم دون مبرر وعول في ثبوت علمه بذلك على ما قرره شهود الشاكي في هذا الخصوص مع أن لهم من صلة القربى به والمصاهرة ما يدعوهم إلى مجاملته فضلاً عما شاب أقوالهم من تضارب وتناقض، كما استند القرار في ثبوت تواطئه مع المؤجر لسلب حيازة الشاكي للوحدة السكنية وسلوكه في التقاضي بشأنها مسلكاً غير لائق استغل فيه سلطة وظيفته إلى ما ورد في هذا الخصوص بأسباب الحكم الصادر في الدعوى المستعجلة بعدم الاعتداد بإجراءات التنفيذ الخاصة بتمكينه من العين المؤجرة وما شهد به في التحقيق موظفو محكمة الإسكندرية ممن باشروا بحكم عملهم إجراءات التقاضي في هذا النزاع، في حين أن ما جاء بأسباب ذلك الحكم ليست له حجية الأمر المقضي لصدوره في دعوى مستعجلة وأن ما شهد به موظفو المحكمة لا يفيد استغلاله وظيفته فيما سلكه من إجراءات قضائية تمت جميعها في حدود القانون وهو ما يعيب القرار المطعون فيه بالخطأ في القانون والفساد في الاستدلال فضلاً عما لحقه من عيب إساءة استعمال السلطة لعدم ملاءمة الجزاء الموقع لما نسب إليه.
طلب الحاضر عن الحكومة رفض الطلب، وأبدت النيابة الرأي برفضه كذلك.
وحيث إن عمل المجلس المخصوص المنصوص عليه في المادة 98 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 في دعوى الصلاحية لا يعتبر من قبيل المحاكمة التأديبية بل هو - وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة - مجرد تقييم لحالة القاضي في مجموعها من حيث صلاحيته للاستمرار في وظيفته القضائية. ولما كان القرار المطعون فيه قد حصل وقائع الدعوى مما له أصل ثابت بالأوراق وأقام الدليل عليها من أقوال شهود الشاكي وموظفي محكمة الإسكندرية الذين باشروا بحكم عملهم إجراءات التقاضي بخصوص العين موضوع النزاع ومن القرائن السائغة التي أوردها ومنها ما استظهره الحكم بعدم الاعتداد بتمكين الطالب من العين - والذي تأيد استئنافياً فيما بعد - من شواهد على مسلك الطالب في النزاع، وهو ما يعززه ما أثبت في التحقيقات على لسان المؤجر نفسه من أنه أخبر الطالب عند استئجار الشقة بأن مفتاحها في حوزة الشريك، كل ذلك مما يكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها القرار من أن الطالب تواطأ مع المؤجر لسلب حيازة الشريك وأن تصرفاته لا تتفق مع ما يتعين أن يكون عليه مسلك رجل القضاء من البعد بنفسه وبوظيفته عن كل ما يشينها أو ينال من قدسيتها الأمر الذي يفقده أسباب الصلاحية لولاية القضاء، فإن القرار لا يكون قد خالف القانون أو شابه الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكانت المادة 111 من قانون السلطة القضائية قد أوجبت على المجلس المختص في حالة ثبوت دعوى الصلاحية أن يقرر إحالة القاضي إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، وهما تدبيران يقتضيهما فقد القاضي لأسباب الصلاحية لولاية القضاء، إذ متى انتفت صلاحيته لها فقد تعين إبعاده عن تولي المناصب القضائية وذلك إما بإحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخري بعيداً عن السلك القضائي. وإذ لم يقض القرار المطعون فيه بإحالة الطالب إلى المعاش وهو أشد التدبيرين واكتفى بنقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية. فإنه لا مجال للنعي عليه بإساءة استعمال السلطة أو الغلو في الجزاء المناسب، ومن ثم يكون الطلب قد أقيم على غير أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق