جلسة 22 من نوفمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
----------------
(34)
الطعن رقم 2951 لسنة 29 القضائية
موظف - ترقية - ترقية بالاختيار - مناطها - الأقدمية والكفاية.
إن عدم إسناد أعمال فعلية للعامل دون أن تقوم به أسباب خاصة تبرر قانوناً هذا السلوك من جانب الإدارة لا يعد بذاته سبباً لإهدار كفاية العامل والحيلولة دون ترقيته - أساس ذلك: أن العامل سواء كان في عمله الأصلي أو المنتدب إليه إنما يضع نفسه تحت تصرف الإدارة ويعمل طبقاً لأوامرها وتوجيهاتها متوخياً في ذلك الصالح العام طبقاً لما تقضي به القوانين واللوائح المعمول بها فإذا ما قصر أو تراخى في أداء العمل الموكل إليه فإن ذلك يؤثر على تقدير كفايته - لا يجوز أن تهدر الإدارة كفاية العامل بحجة أنها لم تسند إليه أعمالاً تكشف عن كفاءته - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 24/ 7/ 1983 أودع الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2951 لسنة 29 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 26/ 5/ 1983 في الدعوى رقم 459 لسنة 2 ق المقامة من........ ضد 1 - نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الحكم المحلي. 2 - محافظ الشرقية والذي قضى بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 1980 فيما تضمنه من ترقيات إلى درجة وكيل وزارة بالأمانة العامة للحكم المحلي ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام طرف الدعوى المصروفات مناصفة. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبترقية المدعي إلى درجة وكيل وزارة من تاريخ صدور قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 104 و105 لسنة 1980 مع وضع المدعي في أقدميته في هذه الترقية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارة المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة بالأمانة العامة للحكم المحلي وما يترتب على ذلك من آثار.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 13/ 4/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وتحدد لنظره أمامها جلسة 3/ 5/ 1987 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 25/ 5/ 1980 أقام السيد/ ........ الدعوى رقم 459 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد 1 - نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الحكم المحلي. 2 - محافظ الشرقية طالباً الحكم بترقيته إلى درجة وكيل وزارة اعتباراً من تاريخ صدور قراري مجلس الوزراء رقمي 104 و105 لسنة 1980 مع وضعه في أقدميته في هذه الترقية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وقال شرحاً للدعوى أنه صدر قرارا رئيس الوزراء رقما 104 و105 لسنة 1980 وقد تضمنا تخطي المدعي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة وترقية من هم أحدث منه في الخدمة وفي مجموعة الوظائف القيادية، وقد جاء ذلك مخالفاً للقانون لأن المدعي كان يشغل رتبة عميد بالقوات المسلحة واشترك في حرب سنة 1973 وبعد إحالته للتقاعد عين بدرجة مدير عام بالإدارة العامة للحكم المحلي بالقرار الجمهوري رقم 388 لسنة 1974 حيث تسلم العمل في 2/ 4/ 1974 وتولى رئاسة مجلس مدينة ههيا شرقية في المدة من 7/ 9/ 1974 حتى 3/ 7/ 1976 وقد تمتع كما هو ثابت بالتقارير بحسن السمعة والخلق وكان على علاقة طيبة بجميع الأجهزة الشعبية والسياسية والتنفيذية بالمركز كما أصدر محافظ الشرقية قراراً بتعيينه مستشاراً له، وكما أصدر المحافظ أيضاً قراراً بتعيينه رئيساً لمركز ديرب نجم وأنه لا توجد لديه أية أخطاء تبرر تخطيه في الترقية وأضاف المدعي قائلاً بأنه تظلم من القرارين المطعون فيهما إلى المدعى عليهم بتاريخ 4/ 3/ 1980 ولم يبت في هذا التظلم مما حدا به إلى إقامة الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وفي مجال الرد على الدعوى قدمت جهة الإدارة حافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت في ختامها رفض الدعوى، وقدم المدعي مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته.
وبجلسة 26/ 5/ 1983 قضت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 1980 فيما تضمنه من ترقيات إلى درجة وكيل وزارة بالأمانة العامة للحكم المحلي ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام طرفي الدعوى المصروفات مناصفة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن جهة الإدارة تقاعست عن تقديم القواعد والضوابط التي تمت على أساسها المفاضلة بين المرشحين للترقية واختيار الأصلح رغم تكرار مطالبتها بذلك واكتفت بتقديم مذكرة أوضحت فيها أنه لا معقب عليها في حالة الترقية بالاختيار وأنها اختارت الأصلح وأضافت المحكمة بأن مثل هذا القول لا يؤخذ على إطلاقه ذلك أن الاختيار لا بد وأن يتم على أساس الكفاية مع التقيد بالأقدمية، وحيث إنه تمت ترقية السيد/ ........ الأحدث من المدعي في أقدميته إلى درجة مدير عام بالأمانة العامة للحكم المحلي دون أن تتم المفاضلة بينهما لاختيار الأصلح تفسد الاختيار وتبطل القرار رقم 104 لسنة 1980 مما يوجب الحكم بإلغائه إلغاءاً مجرداً حتى تستعيد الجهة الإدارية سلطتها في إجراء المفاضلة بين المرشحين المستوفيين لشروط الترقية، وحيث لم يثبت من الأوراق أن المدعي يندرج مع المرقين بالقرار رقم 105 لسنة 1980 في أقدمية العاملين بمجموعة قيادات الحكم المحلي الذين تنظمهم أقدمية مستقلة عن أقدمية العاملين بديوان عام الأمانة العامة وبالتالي فلا أحقية له في الترقيات التي أجريت بمقتضى القرار المذكور.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون والسوابق التي استقر عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا فلم يتناول المركز القانوني للمدعي الذي أصبح مستحقاً له بعد ما أثبتت أنه صاحب الحق في الترقية بالقرارين 104 و105 لسنة 1980.
ومن حيث إن المادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كانت تقضي قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه مع مراعاة حكم المادة 16 من هذا القانون تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدي في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما يرد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز.." وقد جرى قضاء هذه المحكمة بأن الترقية إلى الوظائف العليا تتم بالاختيار ويستهدي في تقدير الكفاية بملف خدمة العامل وبما يبديه الرؤساء عنه، وأنه إذا كانت الترقية باختيار من الأمور التي تترخص فيها جهة الإدارة فإن مناط ذلك أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين العاملين للتعرف على مدى كفايتهم وعند التساوي في الكفاية تكون الأولوية للأقدم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية وتدرج في الترقي حتى وصل إلى رتبة العميد وأحيل للتقاعد ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 388 لسنة 1974 بتاريخ 2/ 4/ 1974 بتعيين المدعي بالأمانة العامة للحكم المحلي في الفئة المعادلة لرتبته العسكرية السابقة وبذات أقدميته فيها حيث شغل درجة مدير عام بأقدمية ترجع إلى 1/ 4/ 1974 تاريخ ترقيته إلى رتبة عميد، وقد تم تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل وزارة بالقرار رقم 104 لسنة 1980 حيث كان ترتيبه الأول بين شاغلي درجة مدير عام بديوان الأمانة العامة بينما كان ترتيب أحدث المرقين بهذا القرار وهو السيد/ ...... الثالث بين شاغلي هذه الدرجة وترجع أقدميته فيها إلى 1/ 2/ 1976.
ومن حيث إن الثابت من خلاصة تقارير الصلاحية التي أجرتها الإدارة عن المرشحين للترقية لدرجة وكيل وزارة من ديوان الأمانة العامة أنها أوردت بشأن المدعي لم يسمع عنه ما يسيء لسمعته هادئ، طيب، أمين، لم يسند له أعمال منذ ندبه لمحافظة الشرقية، ويترك لتقدير السيد الوزير - بعيد عن الأعمال الفعلية مما لا يؤهله للترقي.
ومن حيث إن من المقرر أن عدم إسناد أعمال فعلية للعامل دون أن تقوم به أسباب خاصة تبرر قانوناً هذا السلوك من جانب الإدارة لا يعد بذاته سبباً لإهدار كفاية العامل مما يحول دون ترقيته، إذ العامل سواء كان في عمله الأصلي أو المنتدب إليه إنما يضع نفسه تحت تصرف الإدارة ويعمل طبقاً لأوامرها وتوجيهاتها متوخياً في ذلك الصالح العام وطبقاً لما تقضي به القوانين واللوائح والنظم المعمول بها، فإذا ما قصر أو تراخى في أداء العمل الموكول إليه كان له الأثر في تقدير كفايته، إما أن تهدر الإدارة كفاية العامل دون أن تسند إليه أعمالاً تكشف عن كفاءته في أدائها فهو ما تأباه أحكام القانون.
ومن حيث إنه لم يقم دليل بالأوراق على أن ثمة أسباباً قامت بالمدعي تحول دون إسناد أعمال فعلية إليه، ولم ينسب إليه ما يمسه في شرفه أو كرامته أو يشكك في نزاهته وأمانته، كما لم يؤخذ عليه عدم تعاونه مع زملائه أو رؤسائه أو الظهور بمظهر غير لائق وأن أياً من رؤسائه لم يبد عنه ما يهون من كفاءته وقدراته وكل ذلك من العناصر والصفات التي تكون محل اعتبار في تقدير كفاية العامل وإثبات صلاحيته للترقي وأن تقرير الصلاحية عنه أثبت أنه لم يسمع عنه ما يسيء لسمعته وأنه هادئ وطيب وأمين، ومن ثم فإنه لا ينهض دليل من الأوراق يهون من كفاية المدعي أو يجعله في مرتبة أقل أو دون السيد/ ........ أحدث المرقين بالقرار رقم 104 لسنة 1980 وإذ كان المدعي هو الأقدم فإن تخطيه في الترقية بالقرار سالف الذكر يكون غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة وما يترتب على ذلك من آثار، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فاكتفى بالوقوف عند حد الإلغاء المجرد فإنه يكون قد خالف القانون الأمر الذي يتعين تعديله في هذا الشق منه ليكون بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 105 لسنة 1980 فإن الثابت من الأوراق أنه صادر بترقيات من مجموعة قيادات الحكم المحلي وهؤلاء تنظمهم أقدمية مستقلة عن أقدمية العاملين بديوان الأمانة العامة ومن بينهم المدعي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض دعوى المدعي بطلب إلغاء هذا القرار قد صادف هذا الشق منه صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام طرفي الدعوى المصروفات مناصفة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي في الترقية إلى درجة وكيل وزارة وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الدعوى المصروفات مناصفة.