الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 سبتمبر 2020

الطعن 445 لسنة 50 ق جلسة 12 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 24 ص 98

جلسة 12 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعد حسين بدر، الدكتور علي فاضل، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

----------------

(24)
الطعن رقم 445 لسنة 50 القضائية

( 1، 2  ) عمل "العاملون بشركات القطاع العام: العلاقة التعاقدية" التزام تنفيذ الالتزام: الالتزامات المتقابلة"
 (1)العاملون بشركات القطاع العام. علاقتهم بها التعاقدية.
 (2)العلاقة التعاقدية للعاملين بشركات القطاع العام. فحواها. التزامات مقابلة. امتناع أي من الطرفين عن الوفاء بالتزامه. أثره. امتناع الطرف الآخر عن تنفيذ ما التزم به. شرطه. أن تكون الالتزامات مستحقة الوفاء. تحديد تلك الالتزامات، مرده أحكام نظام العاملين بالقطاع العام ولوائح الشركة (مثال بشأن حالة عامل إنتاج وشركة تأمين).

----------------
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام به هي علاقة تعاقدية.
2 - العلاقة التعاقدية للعاملين بشركات القطاع العام تتضمن بالتالي التزامات متقابلة ومن ثم يجوز طبقاً لنص المادة 161 من القانون المدني لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به بشرط أن تكون الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، إلا أن تحديد تلك الالتزامات وكونها مستحقة الوفاء من عدمه بالنسبة للعاملين بشركات القطاع العام يرجع بشأنه إلى أحكام النظام الخاص وإلى لوائح الشركة التي لا تتعارض مع هذه الأحكام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1320 لسنة 1976 عمال كلي جنوب القاهرة على الشركة المطعون ضدها طالبه الحكم بإلغاء قرار صرف راتبها اعتباراً من 1/ 6/ 1976 وكافة ما يترتب على ذلك من آثار وقالت بياناً لدعواها أنها عينت بالشركة في 1/ 3/ 1973 بوظيفة منتجة بالفئة العاشرة وفوجئت في 1/ 6/ 1976 بوقف صرف راتبها بمقولة أنها لم تحقق القدر المطلوب من الإنتاج السنوي ومقداره 12 ألف جنيه - قيمة تأمينات على الحياة. وإذ اتخذت الشركة ضدها هذا الإجراء التعسفي رغم أنها مريضة ولديها تقرير من طبيب الشركة بأن حالتها الصحية تستلزم عدم الإكثار من المشي فقد أقامت الدعوى بالطلبات سالفة البيان. ندبت محكمة أول درجة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت ببطلان قرار إيقاف صرف راتب الطاعنة واعتباره كأن لم يكن. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 781 لسنة 96 ق القاهرة. وبتاريخ 22/ 12/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى استناداً إلى نص المادة 161 من القانون المدني التي تجيز لكل من المتعاقدين الامتناع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر تنفيذ ما التزم به في حين أنه يشترط لتطبيق حكم هذه المادة أن تكون هناك التزامات متقابلة مستحقة الوفاء، والثابت من الاطلاع على عقد العمل المبرم بين الطرفين ولائحة العاملين بالإنتاج بالشركة أن البند الثالث من العقد يفرض على الشركة التزاماً بأداء أجر شهري وعمولة عن الأقساط المسددة عن الإنتاج، ويلزم الطاعنة في نفس الوقت بأداء حجم معين من الإنتاج وحددت هذه اللائحة لمحاسبة العامل بإنتاج عنه وحدة زمنية هي سنتين متتاليتين ذلك أن لائحة العاملين بالإنتاج بالشركة نصت في البند 18 منها على أنه "وإذ لم يف العامل بالإنتاج بالتزام وظيفته ولم يغط تكلفة مرتبه لمدة سنتين متتاليتين يجوز للشركة تنزيله إلى الوظيفة الأقل مع تخفيض مرتبه بما لا يجاوز الربع اعتباراً من قرار التنزيل ومن ثم فإن التزام الطاعنة وفقاً لذلك لم يكن مستحق الوفاء في نهاية الشهور الثلاثة الأولى من سنة 1976 فلا يحق بالتالي للشركة أن تستفيد من الدفع بعدم التنفيذ المنصوص عليه في المادة 161 من القانون المدني سالفة البيان، ويكون قرار إيقاف صرف راتبها قد جاء مخالفاً للجزاء الوارد بهذا البند، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواها قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة علاقة العاملين بشركات القطاع العام بها هي علاقة تعاقدية وتتضمن بالتالي التزامات متقابلة ومن ثم يجوز طبقاً لنص المادة 161 من القانون المدني لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزاماته إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به لشرط أن تكون الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، إلا أن تحديد تلك الالتزامات وكونها مستحقة الوفاء من عدمه بالنسبة للعاملين بشركات القطاع العام يرجع بشأنه إلى أحكام النظام الخاص وإلى لوائح الشركة التي لا تتعارض مع هذه الأحكام لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة بعد أن اجتازت فترة الاختبار عينت بالشركة بالفئة العاشرة في وظيفة من وظائف الإنتاج بها وفقاً لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 بمرتب ثابت وعمولة عن الأقساط المسددة عن الإنتاج المقدم منها، وأن لائحة العاملين بالإنتاج بالشركة تنص في البند 18 منها على أنه "إذا لم يف العامل بالإنتاج بالتزام وظيفته ولم يغط تكلفة مرتب سنتين متتاليتين يجوز للشركة تنزيله إلى الوظيفة الأقل مع تخفيض مرتبه بما لا يجاوز الربع اعتباراً من قرار التنزيل" فإن مفاد ذلك أنه حتى يمكن القول بأن العامل بالإنتاج قد أخل بالتزامه المستحق الوفاء بما يجيز للشركة أن توقع عليه الجزاء المحدد بلائحتها فإنه يتعين ألا يغطي تكلفة مرتبه لمدة سنتين متتاليتين وفي هذه الحالة يكون الجزاء هو تنزيله مع تخفيض مرتبه بما لا يجاوز الربع، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الشركة المطعون ضدها أوقفت جزاء على الطاعنة قبل أن تنقضي فترة سنتين متتاليتين دون أن تغطي تكلفة مرتبها فيهما حسبما ما نص عليه البند 18 من لائحتها، كما أن الجزاء الذي أوقعته جاء مخالفاً لما يقضي به هذا البند فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 781 لسنة 96 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.


دستورية المغايرة بين القاضي وغيره من الموظفين في عدم الإنذار كتابة قبل قبول الاستقالة الضمنية

القضية رقم 139 لسنة 21 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

           بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 ه .

برئاسة السيد المستشار / حمدي محمد على       نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : محمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهاني محمد الجبالى

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما        رئيس هيئة   المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

           في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 139 لسنة 21 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / .......

ضد

1 السيد رئيس الجمهورية

2 السيد رئيس مجلس الوزراء

3 السيد وزير العدل

4 السيد رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى

5 السيد مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائي

 

" الإجراءات  "

بتاريخ الأول من أغسطس سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

" المحكمة   "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الطلب رقم 164 لسنة 62 قضائية أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم 255 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 20/1/1986 باعتباره مستقيلاً من وظيفته اعتباراً من 1/8/1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لطلبه انه بتاريخ 1/8/1979 أعير للعمل بدولة قطر وتجددت إعارته لمدة ست سنوات، ولدى تجديد إعارته للسنة السابعة أخطرته وزارة العدل بعدم الموافقة على هذا التجديد، وإذ لم يتلق رداً على طلبه إرجاء عودته حتى انتهاء العام الدراسي ، فقد قرّ في نفسه أن إعارته قد جددت أسوة بزملاء له، غير أنه علم فيما بعد بصدور القرار المطعون فيه، فتظلم منه أمام مجلس القضاء الأعلى فرفض تظلمه، فأقام طلبه للحكم له بطلباته سالفة الذكر. وأثناء نظر الطلب دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 تنص على أنه "لا يجوز للقاضي أن يتغيب عن مقر عمله قبل إخطار رئيس المحكمة .

ولا أن ينقطع عن عمله لغير سبب مفاجئ قبل أن يرخص له في ذلك كتابة ، فإذا أخل القاضي بهذا الواجب نبهه رئيس المحكمة إلى ذلك كتابة .

وفضلاً عن ذلك فإنه إذا زادت مدة الانقطاع بدون ترخيص كتابي عن سبعة أيام في السنة اعتبرت المدة الزائدة إجازة عادية لمدة تحسب من تاريخ اليوم التالي لآخر جلسة حضرها القاضي وتنتهي بعودته إلى حضور جلساته. فإذا استمر القاضي في مخالفة حكم هذه المادة وجب رفع الأمر إلى مجلس التأديب.

ويعتبر القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن ولو كان ذلك بعد انتهاء مدة أجازته أو إعارته أو ندبه لغير عمله.

فإذا عاد وقدم أعذاراً عرضها الوزير على مجلس القضاء الأعلى ، فإن تبين له جديتها اعتبر غير مستقيل، وفى هذه الحالة تحسب مدة الغياب إجازة من نوع الإجازة السابقة أو إجازة عادية بحسب الأحوال".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية ، ولما كان جوهر النزاع الموضوعي ينحصر في طلب المدعى إلغاء قرار وزير العدل باعتباره مستقيلاً من عمله إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (77)، فإن حسم المسألة الدستورية المثارة من شأنه أن يكون كافلاً لمصلحة المدعى في الدعوى الموضوعية ، مما تتحقق معه مصلحته الشخصية في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة .

وحيث إن حاصل مناعي المدعى على النص الطعين، الإخلال بمبدأ استقلال القضاء الذى يمثل ركيزة أساسية لنظام الحكم في الدولة القانونية ، ولا يقوم هذا المبدأ إلا إذا أحيط القاضي بسياج من الحصانات والضمانات أهمها عدم قابليته للعزل، ولا استثناء لهذا المبدأ الأخير إلا عند مساءلة القاضي تأديبياً وفقاً للضمانات الدستورية المقررة وأهمها كفالة حق الدفاع، بيد أن النص الطعين يجيز عزل القاضي -حتى دون أن تتجه إرادته إلى ذلك- ودون تمكينه من استخدام حقه في الدفاع مما يجعله عرضة للجزاء التأديبي دون ضمانات فعلية ، رغم أن القاضي يحاط بهذه الضمانات عند ارتكابه المخالفة الأقل وهى انقطاعه عن العمل لمدة سبعة أيام فقط، هذا بالإضافة إلى أن النص الطعين يخل بمبدأ أصل البراءة وضمان المحاكمة المنصفة ، كما يهدر الحق في التقاضي إذ لا سبيل للطعن على القرار الصادر برفض التظلم من اعتبار القاضي مستقيلاً، ومن ناحية أخرى فإنه يخالف مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، إذ يضع القاضي -رغم عدم قابليته للعزل- في وضع أسوأ من العاملين المدنيين بالدولة ، الذين لا يجوز اعتبارهم مستقيلين من عملهم بمجرد انقطاعهم عن العمل قبل إنذارهم كتابة ، ومن ثم يكون النص الطعين قد خالف أحكام المواد (40، 64، 65، 66، 67، 165، 166، 168) من الدستور .

وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في اختصاص المشرع بسلطة تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدوداً لها وفواصل لا يجوز له تجاوزها، وأن الدولة القانونية -وفقاً لنص المادتين (64، 65) من الدستور - هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها. وأن استقلال السلطة القضائية أمر لازم لضمان الخضوع للقانون، وقد كفل الدستور للسلطة القضائية استقلالها وجعل هذا الاستقلال عاصماً من التدخل في أعمالها أو التأثير في مجرياتها باعتبار أن القرار النهائي في شأن حقوق الأفراد وواجباتهم وحرياتهم هو بيد أعضائها. واطرد قضاء هذه المحكمة –كذلك- على أن عدم قابلية القضاة للعزل حصانة قررها الدستور والمشرع حماية للوظيفة القضائية وكضمانة لاستقلال السلطة القضائية ، وهى تلازمهم دوماً طالما ظل سلوكهم موافقاً لواجباتهم الوظيفية مستجيباَ لمتطلباتها معتصماً بالاستقامة والبعد عما يشينها. لما كان ذلك، وكان عمل القاضي لا يقاس بغيره من الموظفين العامين، ولا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها في شأن واجباتهم الوظيفية ، وإنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة وأشد حزماً، لأن المغايرة في هذا الخصوص تقوم على أساس موضوعي مرده إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن المركز القانوني لسواه، فضلاً عما هو مفترض في القاضي من ضرورة إلمامه إلماماً تاماً بما يرد في القوانين المختلفة التي يدعى إلى تطبيقها، خاصة تلك القوانين التي تحكم سلوكه وأداءه الوظيفي . لما كان ذلك، وكان المشرع -في حدود سلطته التقديرية - قد قدر أن انقطاع القاضي عن عمله مدة طويلة ، وتخليه عن النهوض بما هو منوط به من مسئوليات جسام في إقامة العدل وإرساء دعائم القانون، إنما هو قرينة على رغبته في الاستقالة ، فإن بان أن انقطاعه عن العمل فيما بعد كان لأسباب قهرية ، جاز لمجلس القضاء الأعلى المهيمن على شئون رجال القضاء، إن ارتأى جدية هذه الأسباب عند نظره في تظلم القاضي ، أن يعيده إلى عمله، فإن رفض تظلمه، كان له أن يلجأ إلى الدائرة المختصة بنظر طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض. وكان هذا التنظيم الذى ارتآه المشرع إنما يقوم على أسس موضوعية راعت في جوهرها طبيعة وقدسية عمل القاضي ، وما يستلزمه ذلك من ضرورة انتظام سير العمل بالمحاكم، وكان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة أن الاستقالة الحكمية هي تعبير عن الإرادة الضمنية للعامل، إعراباً منه عن عزوفه عن العمل وإعراضه عن أدائه، فلا يجوز إجباره عليه، وكلتاهما- الاستقالة وما في حكمها- يأتي تقنيناً لمبدأ حرية العمل الذى قننته المادة (13 فقرة ثانية ) من الدستور، ومن ثم لا يكون النص الطعين قد تضمن في حقيقته أي عقوبة تأديبية ، كما أن قالة الإخلال بمبدأ استقلال القضاء، أو إهدار مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل، أو الإخلال بالحق في التقاضي ، أو الحق في الدفاع، أو الحق في المحاكمة المنصفة ، تكون قائمة على أساس غير صحيح، كما أن الإخلال بمبدأ أصل البراءة -كما ذهب المدعى - يكون مقحماً في دائرة لا تتعلق به، ولا تتصل بأبعاده .

وحيث إن ما ينعاه المدعى من إخلال النص المطعون فيه بحكم المادة (40) من الدستور، مردود بأن مبدأ المساواة في الحقوق بين المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) المشار إليها، بما مؤداه: أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً، لما كان ذلك، وكان المشرع تقديراً منه لطبيعة عمل القاضي وطبيعة تكوينه القانوني قد ارتأى أنه لا ضرورة لإنذاره كتابة إذا انقطع عن العمل مدة ثلاثين يوماً متصلة قبل اعتباره مستقيلاً من عمله، بينما اشترط ذلك بالنسبة لمن سواه من الخاضعين لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، تبصيراً لهم بأحكامه حتى يكونوا على بينة من أمرهم، فإن هذه المغايرة قد تقررت بالنظر إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن غيره من العاملين المدنيين، وتوكيداًٍ لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة ، ومن ثم فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون تكون فاقدة لأساسها حرية بالرفض .

وحيث أن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أى حكم آخر من أحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة


دستورية قرينة اعتبار مسجل العلامة التجارية مالكا لها

القضية رقم 209 لسنة 23 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 هـ  .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى                       رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما                رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن           أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 209 لسنة 23 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / مجدى محمود أحمد محمود

ضد

1 -  السيد رئيس مجلس الوزراء

2 - السيد وزير التموين والتجارة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة العلامات والبيانات التجارية

3 - السيد / أحمد سيد أحمد مصطفى

الإجراءات

بتاريخ  الواحد والثلاثين من يوليو سنة 2001 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً : بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 1092 لسنة 99 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة ضد المدعى ، طالباً الحكم بتثبيت ملكية العلامة التجارية ( الأريزونا ) باسمه ( أحمد سيد أحمد مصطفى ) تأسيساً على استعماله لهذه العلامة اعتباراً من 2/4/1975 في مجال صناعة الحلوى ؛ وأنه عند تقدمه في 21/10/1997 بطلب تسجيل علامته التجارية المذكورة فوجئ برفض الجهة المختصة لتعارض طلبه مع الطلب المقدم من المدعو / مجدى محمود أحمد المدعى في الدعوى الماثلة بتاريخ 1/10/1997 ، وبجلسة 28/2/2001 قضت تلك المحكمة بإجابته لطلباته ، وحيث لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء المدعى في الدعوى الراهنة فقد أقام الاستئناف رقم 692 لسنة 118 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المدعى يطعن بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية ، وإذ صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 المنشور بالجريدة الرسمية العدد (22 مكرر) في 2/6/2002 بتنظيم جديد للعلامات والبيانات التجارية في الباب الأول من الكتاب الثاني منه بما يحمله من إلغاء لنصوص القانون رقم 57 لسنة 1939 ومن بينها المادة الثالثة الطعينة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها ، وترتبت بمقتضاها أثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية .

وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي .

ولما كان نص المادة الثالثة المطعون عليها سالفة الذكر قد جرى على أن :- " يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون ان ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها " ، وهو النص الذى استند إليه المدعى عليه الثالث في الدعوى الموضوعية التي قضى له فيها في مواجهة المدعى بتثبيت ملكيته للعلامة التجارية المتنازع عليها ؛ ومن ثم تتوافر للمدعى والحال كذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على تلك المادة .

ومن حيث إن المدعى ينعى على نص المادة الثالثة المشار إليه منافاته للعدل وعدم الاستغلال ، ويؤدي للقضاء على الكثير من فرص العمل وزيادة حجم البطالة ، وتعارضه مع الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية وضرورة استخدامها لتحقيق الخير العام للشعب ، حيث أعطى الأفضلية في تملك العلامة التجارية لمن لم يقم بتسجيل العلامة أصلاً واستطاع إثبات استعماله لها في تاريخ سابق على تسجيلها ، وبالتالي يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد ( 4 ، 23 ، 32 ، 49 ) من الدستور .

وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية يتمثل جوهرها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة في المفاضلة بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد ، فلا يختار من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها ، وكلما كان التنظيم التشريعي مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض وبافتراض مشروعيتها كان هذا التنظيم موافقاً للدستور ، وإذ كان الثابت أن المشرع قد ضمن النص الطعين قرينة قانونية ، مؤداها الاعتداد بتسجيل العلامة التجارية لمن سلك سبيل تسجيلها على النحو الذى بينه القانون ، واعتبره مالكاً لها دون سواه ، شريطة استعما له لها بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل ، دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها ، وعلى ذلك فليس ثمة إهدار البتة للأسبقية في تسجيل العلامة ، وإنما عمد المشرع من خلال هذا النص إلى إقامة توازن مبرر وسائغ بين مصلحة من بادر بتسجيل العلامة التجارية ومصلحة من قام باستعمالها في تاريخ سابق على تسجيلها ، جاعلاً حسم هذا الأمر حال وجود تنازع بيد القضاء لتكون له الكلمة النهائية .

وحيث إن التنظيم الذى تبناه المشرع في القانون الطعين لتسجيل العلامات التجارية ، يهدف إلى تحقيق غاية مشروعة باعتبارها وسيلة لتمييز المنتجات والسلع بهدف المغايرة بينها رفعاً لأى لبس ؛ وقد التزم المشرع باختيار النسق التشريعي الذى رآه مرتبطاً منطقياً بالأغراض التي توخاها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


دستورية إجراءات الحجز الإداري لتحصيل إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، ومقابل الانتفاع بأملاكها العامة

القضية رقم 335 لسنة 23 ق " دستورية " جلسة 7 /3 /2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

        بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 هـ  .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى                       رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوى والسيد عبد المنعم حشيش

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما           رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن               أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

     في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 335 لسنة 23 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / طه عيد طه حسن

ضد

1 -  السيد رئيس الجمهورية

2 -  السيد رئيس مجلس الوزراء

3 - محافظ بنى سويف

4 - مدير عام هيئة أملاك الدولة بمحافظة بنى سويف

" الإجراءات "

بتاريخ الثامن والعشرين من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري .

وقدمت هيئة قضايا الدولة ثلاث مذكرات انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى ومصلحته، واحتياطياً: بعدم قبولها في شأن المادة الثانية المطعون عليها لانتفاء المصلحة ، ورفض الدعوى بالنسبة للنص الآخر.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد اتخذ إجراءات الحجز الإداري ضد عيد طه حسن في مواجهة المدعى ، وذلك لعدم سداده إيجار أطيان مملوكة للدولة ملكية خاصة ، وإذ تخلف المدعى بصفته حارساً على المال المحجوز عليه عن تقديمه في اليوم المحدد للبيع، فقد تحرر ضده محضر أُتهم فيه بتبديد ذلك المال، مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 395 لسنة 2001 مدنى ببا الجزئية ضد المدعى عليهما الأخيرين، بطلب الحكم بعدم الاعتداد بمحضر الحجز المؤرخ 13/2/2000 وما يترتب عليه من آثار، وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة الأولى وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى ، فهو مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد عين حارساً على المال المحجوز عليه إدارياً ثم وجه إليه اتهام بتبديد ذلك المال لعدم تقديمه في اليوم المحدد للبيع، وكان الفصل في المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة له أثر جوهري على مدى صحة إجراءات الحجز الإداري - محل الدعوى الموضوعية - بما من شأنه أن ينعكس على ما سيؤول إليه التصرف في جريمة التبديد المتهم بها المدعى مما تتحقق به مصلحته في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة ، ويضحى الدفع تبعاً لذلك غير قائم على أساس ويتعين القضاء بعدم قبوله .

وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري ، فهو سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع الذى أثير أمام محكمة الموضوع وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية قد اقتصر على نص البند (ه) من المادة رقم (1) من قانون الحجز الإداري ، فإن نطاق الدعوى ينحصر في ذلك النص فيما تضمنه من جواز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات أملاك الدولة الخاصة ، وتغدو الدعوى فيما جاوز نطاقها المتقدم غير مقبولة لعدم اتصالها بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها القانون.

وحيث إن المادة (1) من قانون الحجز الإداري المشار إليه تنص على أنه "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون: ...ه. إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، ومقابل الانتفاع بأملاكها العامة سواء في ذلك ما كان بعقد أو مستغلاً بطريق الخفية ".

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين -محدداً نطاقاً على النحو المتقدم- أنه إذ أجاز للدولة اتخاذ إجراءات الحجز الإداري في حالة عدم الوفاء بقيمة الأجرة المستحقة عن أملاكها الخاصة ، فإنه يكون قد جعل منها خصماً وحكماً ومنفذاً في نطاق علاقة قانونية مدنية ، هي بحسب طبيعتها تخضع لأحكام القانون الخاص، وتتساوى فيها الدولة كشخص عام مع سائر أشخاص القانون الخاص في وجوب الالتجاء إلى القضاء لتقرير الحقوق واستدائها طبقاً لقواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وإذ لم يتقيد النص الطعين بذلك فإنه يكون قد انطوى على المساس بالحماية المقررة لحق الملكية ، وأخل بحق التقاضي ، وأهدر مبدأي المساواة وسيادة القانون وخضوع الدولة له بالمخالفة للمواد (34، 40، 64، 65، 68) من الدستور.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان الأصل المقرر في قانون المرافعات المدنية والتجارية أن اقتضاء الحقوق عن طريق التنفيذ جبراً على أموال المدين، لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنه قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها. إلا أن المشرع قد خرج على هذا الأصل في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، بأن أجاز في المادة (2) منه لفئات معينة تمثل أشخاص القانون العام، إصدار أمر كتابي باتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالمستحقات المالية المشار إليها في المادة (1) من ذلك القانون، ومن بينها ما تضمنه النص الطعين بشأن إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، من أن الأمر الصادر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي الذى يجوز التنفيذ به وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهو استثناء يهدف المشرع من تقريره أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها بما من شأنه أن يساهم في وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه المواطنين. ومن ثم فهو تنظيم تشريعي يتغيا بلوغ أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها هذا التنظيم .

وحرصاً من المشرع على أن يقيم توازناً بين حق الدولة في اقتضاء حقوقها على النحو المتقدم، وبين حق المدين المحجوز عليه أو الغير ممن تتأثر مصالحه بذلك الحجز، أجاز المنازعة أمام القضاء في أصل الدين، أو في صحة إجراءات الحجز، أو في ملكية الأشياء المحجوز عليها، فرتب بنص المادة (27) من ذات القانون على مجرد إقامة الدعوى في هذا الشأن وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع .

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص الطعين لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، فإنه مردود بأن تخويل الشخص العام اقتضاء حقوقه الناشئة عن إيجار أملاكه الخاصة عن طريق الحجز الإداري ، باعتباره طريقاً ميسراً لاقتضاء تلك الحقوق، وذلك على خلاف القواعد المقررة في قانون المرافعات بشأن التنفيذ الجبري الواجب اتباعها لاقتضاء حقوق سائر الدائنين، فإنه ولئن كان ذلك يتضمن تمييزاً للشخص العام في هذا الصدد، إلا أن هذا التمييز مرده تمكين الشخص العام من استئداء حقوقه من مدينيه للوفاء بالتزاماته في إشباع الحاجات العامة ، ومن ثم يقوم هذا التنظيم على أسس موضوعية تبرره ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لمبدأ المساواة .

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص الطعين للحماية المقررة لحق الملكية ومخالفته مبدأ سيادة القانون، فإنه مردود بأن قانون الحجز الإداري قد كفل للمحجوز عليه الحق في المنازعة في أصل الدين وفى صحة إجراءات الحجز، وقضى بوقفها وجوباً وبقوة القانون إلى أن يفصل نهائياً في تلك المنازعة ، الأمر الذى يمثل تأكيداً لمبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة له، كما أن الدين باعتباره يمثل الجانب السلبى للذمة المالية للشخص فأن اقتضاءه طبقاً لقواعد الحجز الإداري بعد الامتناع عن الوفاء به اختياراً لا ينطوي على مساس بالحماية المقررة لحق الملكية .

وحيث إن النص الطعين لا يخالف أى حكم آخر من أحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


عدم دستورية حظر فتح أكثر من دفتر توفير بريدي لأنه اعتداء على حرية الاستثمار إحدى مكونات الحرية الشخصية

القضية رقم 105 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 ه

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى              رئيس المحكمة

وبحضور السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي والدكتور عادل عمر شريف .

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما            رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 105 لسنة 24 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / ناصر محمد الليثى

ضد

1  السيد رئيس جمهورية مصر العربية

2  السيد رئيس مجلس الوزراء

3  السيد وزير الاتصالات والمعلومات

4  السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد

5  السيد مدير عام صندوق التوفير

6  السيد مدير عام منطقة بريد أسوان

7  السيد وكيل مكتب بريد كوم امبو

" الإجراءات "

بتاريخ الحادي والعشرين من مارس سنة 2002، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد .

وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للبريد مذكرتين طلبتا فيهما الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 2 لسنة 2000 مدنى كوم أمبو ضد المدعى عليهم من الثالث حتى الأخير (في الدعوى الماثلة ) بطلب الحكم بالتصريح له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وإلزام المدعى عليهم بأداء مبلغ (280ر10681 جنيه) قيمة ما تم خصمه منه والعائد المستحق عليه، وإلزامهم متضامنين فيما بينهم بأن يؤدوا إليه(15000 جنيه) تعويضاً أدبياً ومادياً عن الأضرار التي أصابته. وقال بياناً لدعواه أنه أودع أمواله في دفتر توفير برقم 9748/372 لدى مكتب بريد كوم امبو، وأصبح رصيده فيه بتاريخ 30/6/1999 مبلغ (280ر31666 جنيه)، وكان قد سبق لوالده بصفته ولياً طبيعياً عليه أن فتح له دفتر توفير باسمه يحمل رقم 2533/372 بذات مكتب البريد وبرصيد مائة مليم، وبقى هذا الدفتر دون تعامل فيه منذ عام 1989، وعند ما تقدم بالدفترين للمراجعة في 22/11/1999، قامت الإدارة العامة بصندوق التوفير بإلغاء الدفتر الجديد وكان رصيده فيه (230ر28500 جنيه) وخصم منه مبلغ (280ر10681 جنيه) قيمة العائد المستحق له، مع توحيد الدفترين، وأصبح رصيده بذلك في الدفتر الأول (830ر18247 جنيه) فقط، وقد تقدم بشكوى من هذا الإجراء، تم رفضها، مما حدا به إلى إقامة دعواه. قضت المحكمة بجلسة 19/8/2000 بإلزام المدعى عليه الرابع (في الدعوى الماثلة ) بصفته وفى مواجهة المدعى عليهم من الخامس إلى السابع بصفاتهم برد مبلغ (280ر10681 جنيه) إلى رصيد المدعى القائم لدى مكتب بريد كوم امبو مضافاً إليه العائد عن الفترة من 28/12/1999، وإلزام المدعى عليه المذكور بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ ألف جنيه تعويضاً أدبياً. وإذ لم يرتض المدعى عليه الرابع بصفته هذا الحكم، فلقد أقام الاستئناف رقم 1092 لسنة 19 قضائية أمام محكمة استئناف قنا. ولدى تداول الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وبعد تقدير المحكمة لجدية دفعه وتصريحها له بإقامة دعواه الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد وبإلغاء القانون رقم 86 لسنة 1954 بشأن صندوق توفير البريد والقانون رقم 107 لسنة 1963 في شأن البريد تنص على أنه "لكل شخص طبيعي أو اعتباري الحق في التعامل مع الصندوق، ولمجلس إدارة الهيئة تحديد أنواع الحسابات والحدين الأول والأقصى للوديعة في نطاق السياسة العامة للادخار .

ولا يجوز أن يكون للشخص الواحد أكثر من دفتر توفير، فإذا ظهر في أي وقت أن له أكثر من دفتر فإن المبالغ المودعة في غير الدفتر الأول لا يحسب عليها عائد ولا تسري عليها أحكام المادة (18)".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة -وهى شرط قبول الدعوى الدستورية - مناطها توافر ارتباط مباشر بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل فيما يرتبط بها من طلبات في الدعوى الموضوعية ، وإذ كان مبنى النزاع الموضوعي يدور حول مطالبة المدعى برد المبلغ الذى خصم من رصيده بدفتر توفير البريد بناء على نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 سالف الذكر، مع تعويضه عن الأضرار التي حاقت به، فإن القضاء بعدم دستورية هذا النص سيؤدى إلى إجابة طلبات المدعى الموضوعية ، ومن ثم تكون له مصلحة شخصية في الطعن عليه، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين الإخلال بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة ، ومصادرة أمواله بلا مقتض ودون حكم قضائي بذلك، فضلاً عن إهداره على نحو بين مبدأ الادخار الذى تحميه الدولة وتحث عليه، بما يشكل مخالفة للمواد (34، 36، 39) من الدستور .

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة ، أن الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة تمتد إلى كل أشكالها، وتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها، والقيود التي يجوز فرضها عليها، فلا ترهق هذه القيود تلك الحقوق بما ينال من محتواها أو يقلص من دائرتها، ولذا لم يجز الدستور المساس بالملكية إلا استثناءً، باعتبارها في الأغلب الأعم من الحالات ثمرة جهد صاحبها، حرص على إنمائها وصونها، آملاً أن يتفيأ ثمارها، متطلعاً أن تكون ردءاً له وذويه في يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بغلتها، ولذا كان لزاماً أن توفر الحماية بوجه عام للأموال بما يعينها على أداء دورها، ويكفل حصد نتاجها، ويقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها، فلم يعد جائزاً أن ينال المشرع من عناصرها ولا أن يغير من طبيعتها، أو يتدخل بتنظيم أوضاع أموال معينة على نحو يودى ببعض أجزائها، أو يقيد مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ، ويكون العدوان عليها غصباً أدخل إلى مصادرتها. وإذا كان الدستور -إمعاناً في حماية الملكية الخاصة وصونها من الاعتداء عليها بغير حق- حظر المصادرة العامة حظراً مطلقاً، وأوجب أن تكون المصادرة الخاصة بحكم قضائي وليس قرار إداري ، وذلك كي تتوافر لصاحب الحق إجراءات التقاضي وضماناته التي تنتفى بها مظنة العسف والافتئات، ولذا جاء نص المادة (36) من الدستور -الذى حظر المصادرة الخاصة للأموال إلا بحكم قضائي - مطلقاً من كل قيد حتى يعمم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة في صورها كافة ، وفضلاً عن ذلك، فإذا كان الدستور قد عهد للدولة بحماية الادخار -إدراكاً لأهميته القصوى - ونص على الحث عليه، فليس من الجائز أن يخالف المشرع هذه السيرة ، ويغلو في النيل من الادخار بهدم أطره واغتيال حقوق المودعين .

وحيث إن نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام التوفير -المطعون عليه- ينتقص دون مقتضى من أموال المخاطبين بحكمه، ويوقع بهم جزاء باهظاً لقاء قيامهم بفتح أكثر من دفتر توفير بريدي ، وهو ما يتنافى مع الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة كلما كان مصدرها مشروعاً، ذلك أن ضمان الدستور للحق في الملكية لا يقتصر على صون ما يكون قائماً منها فعلاً، وإنما تمتد حمايته إلى فرص كسبها، والأصل فيها الإطلاق، فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة ، وإذ كان نماء الأموال التي استولت عليها الهيئة القومية للبريد نتج عن مشاق تكبدها أصحابها مع صبرهم على لأواء العيش، وبالتالي فإنه يتمحض عدواناً جلياً على ملكيتهم الخاصة ومصادرة لها ومساساً بحريتهم في اختيار الطريق الأفضل -وفق تقديرهم- لاستثمار أموالهم، وهو ما يناقض إحدى مكونات الحرية الشخصية التي اعتبرها الدستور حقاً طبيعياً لا يقبل التنازل، كما يمثل انصرافاً عن مفهوم الادخار الذى اعتبره الدستور تكليفاً وطنياً يستوجب الحماية والتشجيع، ويحول بذلك دون تراكم رؤوس الأموال رغم مسيس الحاجة إليها لبناء القاعدة النقدية اللازمة للتطور الاقتصادي المنشود .

وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه قد خالف أحكام المواد (34، 36، 39) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .