الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

الطعن 52 لسنة 3 ق جلسة 7 / 12 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 151 ص 284

جلسة 7 ديسمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

---------------

(151)
القضية رقم 52 سنة 3 القضائية

إثبات.

سبب الدين. غموض السند. سلطة محكمة الموضوع في التفسير. اعتبار السند مع أوراق أخرى مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات السبب الصحيح. جوازه. (المادة 215 مدنى(

-----------------
إن محكمة الموضوع إذ تفسر غامض السند موضوع النزاع طبقا لمقاصد العاقدين، مسترشدة في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها، وإذ تأخذ بما ترجحه من وجوه التفسير، معتمدة على اعتبارات معقولة مقبولة، لا تخضع لرقابة محكمة النقض على ما يجرى به قضاؤها.
فاذا اختلف طرفا الدعوى على تفسير ورقة: قال المدّعى إن المبلغ الوارد بها هو قرض واجب الأداء، وقال المدّعى عليه إنه لم يكن قرضا اقترضه من المدّعى وإنما هو جزء من ثمن قطن تسلمه المدّعى من زراعته بصفته وكيلا عنه وباعه وقبض ثمنه، ورشح المدّعى عليه لهذا الادّعاء بعبارة الورقة المطالب بقيمتها وبأوراق أخرى قدّمها، فحكمت محكمة الاستئناف تمهيديا باستجواب الخصمين وحققت ما ادّعاه كل منهما، وحصّلت مما استظهرته من القرائن ومن جميع ظروف الدعوى أن دعوى المدّعى عليه أرجح من دعوى المدّعى، أو أن هذه القرائن - على أقل تقدير - موجبة للشك في سبب الدين المدّعى به، فرفضت الدعوى، فهذا الحكم صحيح ولا مخالفة فيه لا لحكم المادة 215 ولا لحكم المادة 194 من القانون المدني. لا مخالفة فيه لحكم المادة 215 لأن المحكمة، باعتمادها على عبارة الورقة المطالب بقيمتها وعلى قول المدّعى في محضر استجوابه وعلى الخطابات التي أرسلها هو للمدّعى عليه دالة على أنه كان يقوم له بإدارة أطيانه وتسليم قطنه، قد اعتمدت على ما يصح اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز لها أن تستكمله بالقرائن الأخرى. ولا مخالفة لنص المادة 194 مدنى، لأن المحكمة لم تقض بمقاصة مّا، وإنما هي قضت برفض دعوى المطالبة بعد أن ثبت لها أن المبلغ المطالب به لم يتسلمه المدّعى عليه إلا على اعتباره جزءا من ثمن قطنه الذى باعه المدّعى حين كان وكيلا عنه.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - على ما جاء بالحكم المطعون فيه والأوراق الملحقة به المقدّمة من الطرفين لمحكمة الاستئناف ولهذه المحكمة - في أن إسماعيل نوّار أفندي ادّعى أن بسطوروس بك صليب اقترض منه مائتين وخمسين جنيها مصريا يدفعها وقت الطلب بالسند المؤرّخ في 7 ديسمبر سنة 1922 وطلب من محكمة مصر الابتدائية الأهلية في الدعوى التي رفعها أمامها في 20 ديسمبر سنة 1930 الحكم بالزام مدينه بدفع المبلغ المذكور مع المصاريف والفوائد باعتبار الماية خمسة من تاريخ المطالبة فحكمت له محكمة أوّل درجة بهذه الطلبات في 7 فبراير سنة 1931.
فاستأنف بسطوروس بك صليب هذا الحكم وبيّن بصحيفة استئنافه أنه لم يأخذ هذا المبلغ قرضا وإنما أخذه من أصل ثمن قطنه الذى تسلمه المستأنف عليه (الطاعن) وتولى بيعه وقبض ثمنه الذى يربو على مبلغ السند بكثير. وقد استند في ذلك على نفس السند المطالب به الذى جاء به ما نصه "وقد سبق تحرير جواب منا عن المبلغ المذكور لحضرة أحمد بك خيرى نوّار ولم يقبض المبلغ وصار لاغي لأن المبلغ الذى دفع من أصله صار ردّه ثانيا لحضرة إسماعيل بك" كما استند إلى خطابات وأوراق أخرى صادرة من خصمه. وبعد أن سمعت محكمة الاستئناف المرافعة قضت بتاريخ 29 مارس سنة 1932 بمناقشة الخصوم شخصيا لتفسير ما انبهم عليها من عبارة سند المديونية وتحقيق سبب الدين لمعرفة ما إذا كانت قيمته جزءا من ثمن القطن كما يقول المستأنف أو قرضا كما يقول خصمه، ثم حكمت في 31 ديسمبر سنة 1932 بالانتقال إلى محلج محمد باشا الوكيل للاطلاع على دفاتره الوارد بها شراء عملية القطن المشار إليها في الأسباب، ثم حكمت بتاريخ 19 مارس سنة 1933 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه وإلزامه بالمصاريف والأتعاب معتمدة في ذلك على سند المداينة ومحضر الاستجواب وباقي القرائن التي بينتها بالحكم.
أعلن هذا الحكم لإسماعيل عبد الحميد نوّار أفندي في 8 مايو سنة 1933 فطعن فيه بطريق النقض والإبرام في 7 يونيه سنة 1933 وطلب قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغائه والحكم في الدعوى لأنها صالحة لصدور قرار المحكمة في موضوعها واحتياطيا الإحالة على دائرة أخرى للفصل فيها من جديد.
وقد قدّم طرفا الخصومة مذكرتيهما الكتابيتين في الميعاد القانوني وقدّمت النيابة مذكرتها في 9 نوفمبر سنة 1933.
وبجلسة يوم الخميس 30 نوفمبر سنة 1933 المحدّدة لنظر هذا الطعن صمم كل من الحاضرين عن طرفي الخصومة والنيابة على ما جاء بمذكرته، ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن وجوه الطعن تتلخص في أن محكمة الاستئناف قد خالفت أحكام المادتين 215 و194 من القانون المدني إذ أخذت بقرائن الأحوال في إثبات ما ادّعاه بسطوروس بك صليب من أن لسند الدين سببا غير السبب الواضح به ثم في إثبات وفائه هذا الدين وإذ قضت بالمقاصة بين دين الطاعن الخالي عن النزاع وبين دين خصمه المتنازع فيه.
ومن حيث إن الثابت بالحكم المطعون فيه أن طرفي الخصومة قد اختلفا في تفسير عبارة السند المطالب به: فزعم الطاعن أن المبلغ الوارد به هو دين عادى سببه القرض فهو لذلك واجب الأداء، وادّعى المدّعى عليه أنه لم يكن قرضا وإنما كان جزءا من ثمن قطنه الذى تسلمه الطاعن وباعه وقبض ثمنه. ولما قدّم المدّعى عليه ما يرشح لهذا الادّعاء من الأوراق والمستندات أصدرت المحكمة حكمها التمهيدي باستجواب الخصمين لتفسير غموض سند الدين ثم انتقلت إلى محلج محمد باشا الوكيل لتحقيق ما ادّعاه الطاعن من أن خصمه هو الذى باع قطنه بنفسه لهذا المحلج ثم حصلت من جميع ظروف الدعوى ما اعتقدت أنه الحق فحكمت به واختتمت حكمها بقولها "وحيث إن كل هذه القرائن كافية لترجيح قول المستأنف من أن المبلغ الذى حرّر به سند 7 ديسمبر سنة 1922 لم يكن قرضا وإنما كان من أصل ثمن القطن الذى استلمه المستأنف عليه والذى تبين أن ثمنه يربو على ضعف هذا المبلغ، أو تكون هذه القرائن على أقل تقدير موجبة للشك في سبب هذا الدين، ومن المقرّر أن الشك يؤول دائما لمصلحة المدين وهو المستأنف، ولذلك يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه وإلزامه بمصاريف الدرجتين".
ومن حيث إن محكمة الموضوع - إذ تفسر غامض السند موضوع النزاع طبقا لمقاصد العاقدين مسترشدة في ذلك بأحوال الدعوى وملابساتها ومستنداتها وإذ تأخذ بما ترجحه من وجوه التفسير معتمدة على اعتبارات معقولة مقبولة - لا تخضع لرقابة محكمة النقض على ما جرى به قضاؤها.
ومن حيث إن محكمة الموضوع فوق ما تقدّم ذكره - باعتمادها على عبارة السند المطالب بقيمته وعلى قول الطاعن في محضر استجوابه وعلى الخطابات التي أرسلها هو لخصمه دالة على أنه كان يقوم له بإدارة أطيانه ويستلم قطنه - لم تخالف نص المادة 215 من القانون المدني لأن كل ما اعتمدت عليه من ذلك يصح اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز للمحكمة أن تستكمله بالقرائن الأخرى، ولا نص المادة 194 من القانون المدني لأنها لم تقض بمقاصة ما بين دينين أحدهما خال من النزاع والآخر متنازع فيه، وإنما قضت برفض دعوى المطالبة بالسند بعد أن ثبت لها أن المدّعى عليه لم يستلم قيمته إلا على اعتبارها جزءا من ثمن قطنه الذى باعه صاحب السند حين كان وكيلا للمدّعى عليه من نوفمبر سنة 1922 لغاية يوليه سنة 1923.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن وإلزام رافعه بالمصاريف.

الطعن 39 لسنة 3 ق جلسة 30 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 146 ص 269

جلسة 23 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

--------------

(146)
القضية رقم 39 سنة 3 القضائية

الأشياء المثلية والأشياء القيمية.

تعريف كل من النوعين. 

(المادة 291 مدنى(

--------------
الأشياء المثلية هي التي يعتبر المتعاقدان أن الوفاء بها يتم بتقديم ما يماثلها بدلا منها، والأشياء القيمية هي التي يعتبر المتعاقدان أن الوفاء بها لا يتم إلا بتقديمها هي عينها. وقد يكون الشيء بعينه مثليا في أحوال وقيميا في أحوال أخرى. والفصل في كونه هذا أو ذاك يرجع إلى طبيعة هذا الشيء ونية ذوى الشأن وظروف الأحوال، فعلى أى وجه اعتبره قاضى الموضوع وبنى اعتباره على أسباب منتجة لوجهة رأيه فلا رقابة لمحكمة النقض عليه.

الطعن 27 لسنة 3 ق جلسة 23 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 143 ص 260

جلسة 23 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

--------------

(143)
القضية رقم 27 سنة 3 القضائية

(أ) طعن بطريق النقض.

التمسك بتطبيق قاعدة قانونية. جواز إبدائه لأوّل مرة لدى محكمة النقض.

(المادة 15 من القانون رقم 68 لسنة 1931(
(ب) إثبات.

اعتراف الخصم بالدعوى. إعفاء المدّعى من إقامة الدليل عليها.
(حـ) تقادم.

وجوب بيان عناصره في الحكم.

(المادتان 44 و76 من القانون المدني(

----------------
1 - التمسك بتطبيق قاعدة قانونية هو سبب قانوني محض فيجوز إبداؤه لأوّل مرة أمام محكمة النقض. وهو لا يعتبر سببا جديدا مما تنطبق عليه المادة 15 من قانون محكمة النقض، لأن الخصوم بطرحهم موضوع دعواهم أمام القضاء إنما يطلبون الفصل فيه طبقا لأحكام القانون، فمن الواجب على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينزل هذا الحكم عليها.
2 - إن القانون إنما يكلف المدّعى إقامة الدليل على دعواه، إلا إذا سلم له خصمه بها أو ببعضها فانه يعفيه من إقامة الدليل على اعترف به. فاذا اعترف شخص بأن الأرض موضوع النزاع أصلها من أملاك الحكومة الخاصة، ولكنه تملكها بالتقادم، ثم بحثت المحكمة مع ذلك مستندات ملكية الحكومة لهذه الأرض، وقضت بعدم كفايتها لإثبات الملكية، فقد خالفت القانون باقتضائها دليلا على أمر معترف به.
3 - الحكم القاضي بالتمليك بالتقادم يجب أن يبين فيه مظهر وضع اليد ومدّته ومبدؤه حتى يعلم إن كانت العناصر القانونية للتملك بالتقادم متوافرة أم لا. فاذا هو خلا من بيان هذه العناصر كان حكما ناقصا متعينا نقضه.

الطعن 31 لسنة 3 ق جلسة 23 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 144 ص 261

جلسة 23 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

-----------------

(144)
القضية رقم 31 سنة 3 القضائية

حكم. تسبيبه.

متى يكون عدم كفاية الأسباب مفسدا للحكم؟
(المادة 103 مرافعات(

--------------
إذا كان الحكم وافى الأسباب الواقعية صحيح النتيجة قانونا فلا يفسده مجرّد القصور في أسبابه القانونية، بل لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها به. إنما الذى يفسد الحكم هو قصوره عن إيراد الأسباب الموضوعية قصورا يعجز محكمة النقض عن قيامها بمراقبته لتتبين ما إذا كان قد وقعت فيه مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله. فاذا باع أحد شريكين نصيبه مفرزا محدّدا بعد قسمته مع شريكه وأقرّ في عقد البيع أن البيع خال من الرهون والاختصاصات والحقوق العينية، وأنه إذا اتضح وجود حق عيني من أي نوع كان على المبيع يكون للمشترى الحق في اعتبار البيع مفسوخا، ثم ظهر أن الشريك الآخر كان قد رهن نصيبه شائعا قبل عقد القسمة، ورضى المرتهن أن يخصص رهنه على ما أفرز للراهن، وتم تسجيل عقد القسمة وعقد تخصيص الرهن أثناء قيام دعوى الفسخ التي رفعها المشترى على بائعه وقبيل النطق بالحكم فيها، فان محكمة الموضوع إذا قضت برفض دعوى الفسخ بناء على أن تسجيل عقد القسمة بعد الأجل المضروب لم يضر بالمشترى، وبرفض دعوى الضمان بناء على أنه حتى لو تبين أن نصيب البائع هو الذى ظهر أنه هو المرهون فان دعوى الضمان لا تكون مقبولة - إن محكمة الموضوع إذا حكمت بذلك فلا يكون حكمها مخالفا للقانون لأن نتيجة حكمها صحيحة قانونا.

الطعن 38 لسنة 3 ق جلسة 23 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 145 ص 262

جلسة 23 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى بك وحامد فهمى بك ومحمد نور بك المستشارين.

-------------

(145)
القضية رقم 38 سنة 3 القضائية

(أ ) نزع الملكية للمنفعة العامة. 
إجراءاته. وجوب اتباع أحكام القانون الذى نظمه. متى يرجع إلى أحكام القانون المدني فيه؟
(ب) نزع الملكية. 
معناه. فوائد مقابل العقار المنزوعة ملكيته مع إيداع هذا المقابل بالخزانة. لا إلزام. 
(ج) المعارضة في تقرير الخبير 
الذي قدّر المقابل. متى تكون موجبة للفوائد التعويضية؟
(القانون رقم 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل)
(في 18 يونيه سنة 1931 والمادتان 330 مدني و115 مرافعات(

---------------
1 - إن المشرع المصري قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بقانون خاص هو القانون رقم 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931وهذا القانون واجب الاتباع فيما نص عليه فيه. فاذا خلا من النص على مسألة من مسائل نزع الملكية فيرجع في حلها إلى نصوص القانون المدني التي لا تتعارض مع نصوص قانون نزع الملكية.
2 - نزع الملكية في نظر الشارع معناه حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل تعويضه عما ناله من الضرر بسبب هذا الحرمان، أو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل ثمنه الذى يشمل أحيانا شيئا آخر زيادة على قيمة العقار. فعلى المعنى الأوّل لا يكون نزع الملكية بيعا ولا شبه بيع، وعلى المعنى الثاني يكون أشبه بالبيعوعلى كلا المعنيين متى أودعت الحكومة المقابل الذى قدّره الخبير للأرض المطلوب نزع ملكيتها للمنفعة العامة قبل استيلائها على هذه الأرض فإنها لا تكون ملزمة - لا بمقتضى قانون نزع الملكية ولا بمقتضى القانون المدني - بدفع فوائد هذا المقابل لمجرّد معارضتها أمام المحكمة في تقرير الخبير الذى قدّره حتى ولو أنذرها رب العقار بالدفع، لأن الفوائد إنما يقضى بها في الديون الحالّة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق طرفي العقد على ذلك. والمعارضة في تقدير ثمن العقار أو تعويضه تجعل هذا التقدير مؤجلا إلى أن يحصل الفصل فيه نهائيا، فهو لا يعتبر حالا قبل الفصل نهائيا في المعارضة، ولا تجوز المطالبة بهولا يصح في هذا الصدد التمسك بالمادة 330 مدني، لأن طالب نزع الملكية لم يجمع في يده بين الثمن والمبيع، فشروط استحقاق الفائدة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من هذه المادة غير متوافرة.
3 - إن استعمال الحق المخوّل قانونا في المعارضة في تقرير الخبير الذى قدّر ثمن العقارات المنزوعة ملكيتها أو التعويض عنها لا يترتب عليه عند عدم النجاح إلزام رافعها بفوائد تعويضية إلا إذا كانت تلك المعارضة حصلت بطريق المكيدة كما تقضي بذلك المادة 115 مرافعات.


الوقائع

بما أن وقائع الدعوى تتلخص، حسب الوارد في الحكم المطعون فيه والأوراق والمستندات المودعة في ملف الطعن، في أنه بتاريخ 18 يناير سنة 1928 صدر مرسوم بنزع ملكية الأرض اللازمة لإنشاء منتزه على ضفة النيل الغربية ببندر المنيا، وبناء عليه نزع مجلس ببلدي المنيا ملكية 4 أفدنة و13 قيراطا و8 أسهم من الدكتور نصيف منقريوس و6 قراريط و7 أسهم من ملك فهيم أفندي سدره و7 قراريط و7 أسهم من ملك نخله بك مرقس و11 قيراطا و8 أسهم من وقف سلطان باشا. ولعدم اتفاق المجلس البلدي أمام المدير على الثمن مع ملاك هذه المقادير أحيلت الأوراق على رياسة المحكمة فانتدبت خبيرا قدّر قيمة الأرض جميعا بمبلغ 11418 جنيها و680 مليما مع أن لجنة التثمين كانت قدّرت قيمتها بمبلغ 2277 جنيها و814 مليما. ولما كان الفرق بين التقديرين جسيما أودع المجلس البلدي المبلغ الذى قدّره الخبير في قلم كتاب المحكمة بتاريخ 20 يناير سنة 1929 طبقا للمادتين 8 و17 من القانون رقم 5 لسنة 1907 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامّة، واشترط في محضر الإيداع أن يكون صرف مبلغ 2277 جنيها و814 مليما، الذى لا يعارض فيه، إلى الملاك بعد تقديمهم شهادة خلو العقارات من الرهن كنص المادة الثامنة، وأن لا يصرف ما زاد على هذا المبلغ حتى يفصل نهائيا في المعارضة التي يرفعها عن تقرير الخبير. ثم عارض في تقرير الخبير طالبا اعتماد الثمن الذى قدّرته لجنة التثمين، وعارض ملاك العقارات المنزوع ملكيتها طالبين اعتبار ثمن المتر 2 جنيه. ضمت المحكمة المعارضات إلى بعضها وقرّرت الانتقال إلى نقطة النزاع لمعاينتها. وفى أثناء قيام المعارضات أمام المحكمة أنذر المدّعى عليهم في الطعن المجلس البلدي بتاريخ 31 مايو سنة 1930 بالموافقة على صرف المبلغ المودع جميعه أو الجزء الذى قدّرته لجنة التثمين وهو مبلغ 2277 جنيها و814 مليما وإلا يلزم المجلس بالفوائد الماية تسعة من تاريخ صدور المرسوم بنزع الملكية أو من 30 أبريل سنة 1928 لغاية السداد.
وبعد المعاينة حكمت المحكمة بقبول المعارضات شكلا وفى الموضوع بتعديل تقرير الخبير وجعل ثمن الأطيان المملوكة للدكتور نصيف منقريوس مبلغ 4048 جنيها و78 مليما وثمن القدر المملوك لنخله بك مرقس 182 جنيها و280 مليما وثمن أطيان فهيم أفندي سدره 129 جنيها و34 مليما وثمن أطيان الوقف 283 جنيها و333 مليما مع إلزام كل معارض بمصاريف معارضته والمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المجلس الحكم في 19 و25 أغسطس سنة 1931 طالبا الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف واعتبار ثمن الـ 5 أفدنة و14 قيراطا و6 أسهم المنزوع ملكيتها مبلغ 2277 جنيها و814 مليما مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين مع عدم صرف الثمن إلا بعد تقديم الشهادات العقارية الدالة على خلو العين من جميع التصرفات طبقا للمادة 8 من قانون نزع الملكية. كما استأنفه الدكتور نصيف منقريوس ومن معه بتاريخ 5 سبتمبر سنة 1931 طالبين قبول الاستئناف وتعديل الحكم المستأنف واعتبار ثمن المتر الواحد جنيهين مصريين مع الفوائد من يوم الإيداع حتى السداد بواقع الماية 9 وإلزام المستأنف عليه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. ضمت المحكمة الاستئنافات إلى بعضها ثم قرّرت الانتقال إلى الأرض موضوع النزاع لمعاينتها مع الخصوم والخبير الذى سبق تعيينه من محكمة أوّل درجة. وبعد تمام المعاينة، وبعد تعيين خبير جديد لمعاينة الأرض وإثبات حالتها وتقديم تقريره، حكم في 2 مارس سنة 1932 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المجلس البلدي بأن يدفع أيضا لكل من الدكتور نصيف منقريوس وفهيم سدره ونخله بك مرقس فوائد المبلغ المحكوم به بواقع الماية خمسة سنويا اعتبارا من 25 يوليه سنة 1929 تاريخ المعارضة وهى المطالبة الرسمية حتى السداد، وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه مؤسسة الحكم بالفوائد على أن المجلس البلدي لم ينازع في استحقاقهم للفوائد. أعلن هذا الحكم للمجلس البلدي في 2 أبريل سنة 1933، فطعن فيه بطريق النقض والإبرام بتاريخ 30 أبريل سنة 1933، ثم أعلن الطعن للمدّعى عليهم في 6 و9 مايو سنة 1933 وقدّم طرفا الخصومة المذكرات والمستندات في المواعيد القانونية وقدّمت النيابة مذكراتها في 18 أكتوبر سنة 1933.
وبجلسة يوم الخميس 9 نوفمبر سنة 1933 صمم كل من طرفي الخصومة على طلباته وأصرت النيابة على ما تدوّن بمذكرتها ثم أجل الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
بما أن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وبما أن مبنى الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطاء في تطبيقه إذ قضى بالزام المجلس البلدي بأن يدفع لكل من الدكتور نصيف منقريوس وفهيم سدره ونخله بك مرقس فوائد المبلغ المحكوم به بواقع الماية خمسة سنويا اعتبارا من 25 يوليه سنة 1929 حتى السداد مع أن المجلس البلدي قد أودع الثمن حسب تقرير الخبير على ذمة المنزوع ملكيتهم وفقا لأحكام قانون نزع الملكية. لذا يكون الحكم بالفوائد في هذه الحالة مخالفا للقانون المدني الذى يقضى بأن الفوائد لا تستحق إلا على المبالغ الحالة الواجبة الدفع فورا عند التأخير في دفعها، ولأحكام قانون نزع الملكية المدوّنة في المواد 8 و17 و21، 28.
وبما أن المشرع المصري قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بقانون خاص هو قانون نمرة 5 الصادر في 14 أبريل سنة 1907 المعدّل في 18 يونيه سنة 1931 فيجب اتباعه وتطبيقه فيما نص عليه؛ وإذا خلا عن النص على مسألة من مسائل نزع الملكية يرجع في حلها إلى القانون المدني لتطبيق النصوص التي لا تتعارض مع نصوص قانون نزع الملكية.
وبما أن قانون 14 أبريل سنة 1907 عبر عن مقابل العقارات المنزوع ملكيتها تارة بالثمن وتارة أخرى بالتعويض كما جاء في المادة السابعة منه، فيكون نزع الملكية في نظر الشارع هو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل تعويضه عما ناله من الضرر بسبب هذا الحرمان، أو هو حرمان مالك العقار من ملكه جبرا عنه للمنفعة العامة مقابل ثمنه الذى يشمل أحيانا شيئا آخر زيادة عن قيمة العقار. فعلى الاعتبار الأوّل لا يكون نزع الملكية بيعا ولا شبه بيع، وعلى الاعتبار الثاني قد يكون أشبه بالبيع.
وبما أن قانون نزع الملكية يلزم طالب نزع الملكية - في حالة عدم اتفاق ودّيا مع ملاك العقارات المطلوب أخذها للمنفعة العامة على الثمن أو التعويض وبعد تعيين خبير بمعرفة رئيس المحكمة المختصة لتقدير الثمن أو التعويض عن تلك العقارات وبعد تقدير الثمن أو التعويض بواسطة الخبير - بأن يودع في خزينة المحكمة المقابل الذى قدّره الخبير قبل استيلائه على العقار، ويمنح كلا من طالب نزع الملكية ومالك العقار حق المعارضة في تقرير الخبير أمام المحكمة إذا لم يرضه تقديره، ويرتب على معارضة طالب نزع الملكية في تقرير الخبير منع ملاك العقارات من صرف القدر المعارض فيه ولكنه يجيز لهم صرف ما لا معارضة فيه من قبل طالب نزع الملكية بعد تقديم شهادات عقارية بخلو الأعيان المنزوع ملكيتها من الرهن والحقوق العينية.
وبما أنه ثابت من محضر إيداع المجلس البلدي للمبلغ الذى قدّره الخبير ثمنا للعقارات المنزوع ملكيتها المحرّر في 20 يناير سنة 1929 أن المجلس لم يعارض في صرف المدّعى عليهم في الطعن لمبلغ 2277 جنيها و814 مليما بعد القيام بما أوجبته المادة 8 من قانون نزع الملكية من تقديم شهادات عقارية بخلو المنزوع ملكيته من الرهن والحقوق العينية وبعد قيام وقف سلطان باشا بإجراءات الوقف بخصوص 11 قيراطا و8 أسهم المأخوذة من الوقف، وعارض فقط في صرف الباقي مما قدّره الخبير حتى يحكم نهائيا في أمر تقرير الخبير.
وبما أن القضاء بفوائد بالنسبة لمبلغ 2277 جنيها و814 مليما المودع في خزينة المحكمة من المجلس البلدي ضمن ما قدّره الخبير على ذمة الملاك للعقارات المنزوع ملكيتها والمعلوم لهم إيداعه من الإعلان الإداري بقرار الاستيلاء الحاصل في 9 ديسمبر سنة 1929 مخالف للقانون، لأن عدم صرفه إلى المدّعى عليهم ناشئ عن إهمالهم القيام بتقديم شهادات بخلو العقار من الرهن والحقوق العينية الواجب تقديمها بمقتضى المادتين 8 و21 من قانون نزع الملكية، ولم يكن ناشئا عن تقصير المجلس في شيء أو عن اشتراطه شروطا للصرف لم يأمر بها القانون. والإجراءات الخاصة بالوقف لا تعوق المدّعى عليهم من صرف ما يخصهم لأن أرضهم ملك، ولا رابطة بينها وبين الوقف.
وبما أنه بالنسبة للمبلغ الزائد عن 2277 جنيها و814 مليما من القدر المودع في خزينة المحكمة حسب تقرير الخبير فمعارضة المجلس البلدي في صرفه حتى يقضى نهائيا في المعارضة الحاصلة في تقرير الخبير هي حق خوّله له القانون في المادة 20 منه، ويترتب عليها طبقا للمادة 21 عدم جواز صرفه أو تأجيل الصرف إلى أن يقضى في المعارضة نهائيا. وسواء أكان مقابل العقار تعويضا أو ثمنا فان المعارضة جعلت تقديره مؤجلا إلى الوقت الذى يفصل فيه في المعارضة نهائيا، فهو لا يعتبر حالا قبل الفصل النهائي في المعارضة، ولا تجوز المطالبة به ولا صرفه. وعليه لا يلزم طالب نزع الملكية بفوائد ثمن أو تعويض معلق تقديره على حكم المحكمة أو مؤجل إلى ذلك الحكم ولو أنذره المنزوع ملكيته بالدفع، لأن الفوائد يقضى بها في الديون الحالة التي يحصل التأخير في سدادها بلا حق أو في الديون المؤجلة إذا حصل اتفاق طرفي العقد على ذلك.
وبما أنه لا يمكن التمسك بالمادة 330 من القانون المدني على كلا الاعتبارين السابقين، حتى على اعتبار أن نزع الملكية أشبه شيء بالبيع، لأن هذه المادة تلزم المشترى بفائدة الثمن إذا استلم المبيع المثمر ولم يدفع الثمن للبائع حتى لا يجمع بين ثمرة المبيع وفائدة الثمن. والحال هنا غير ذلك لأن طالب نزع الملكية استولى على العقار بعد أن أودع الثمن الذى قدّره الخبير له فلم يجمع بين الثمن والمبيع. وعليه لا تتحقق شروط استحقاق الفائدة المبينة في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة.
وبما أنه فوق ما تقدّم فان استعمال الحق المخوّل قانونا في المعارضة في تقرير الخبير لا يترتب عليه عند عدم النجاح إلزام رافعها بفوائد تعويضية إلا إذا كانت قد حصلت بقصد المكيدة كما تقضى بذلك المادة 115 من قانون المرافعات، ولم يثبت أن معارضة المجلس البلدي في تقرير الخبير كانت بقصد المكيدة، بل قد قام الدليل في هذه القضية على أن طالب نزع الملكية كان محقا في معارضته في تقرير الخبير من نفس الحكم المطعون فيه الدال على أن المحكمة قد أنقصت قيمة العقارات المنزوع ملكيتها عما قدّره الخبير إلى النصف تقريبا.
وبما أنه مما تقدّم يكون وجه النقض مقبولا ويتعين نقض الحكم المطعون فيه.

الطعن 47 لسنة 3 ق جلسة 9 / 11 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 141 ص 255

جلسة 9 نوفمبر سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وزكى برزى بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك المستشارين.

------------

(141)
القضية رقم 47 سنة 3 القضائية

دعوى:
)أ) إنكارها. حق المدّعى عليه في ذلك. إساءة استعمال هذا الحق. جواز الحكم على المنكر بالتعويضات.
)ب) الإنكار الكيدي. معناه.

(المادتان 114 و115 مرافعات)

----------
1 - إن الإجابة على الدعوى بإنكارها هي في الأصل حق مشروع لكل مدعى عليه يقتضى به إلزام خصمه بإثبات مدّعاه. فان سعى بإنكاره في دفع الدعوى وخاب سعيه فحسب الحكم عليه بالمصاريف بالتطبيق لنص المادة 114 من قانون المرافعات. أما إذا أساء استعمال هذا الحق بالتمادي في الإنكار أو بالتغالي فيه أو بالتحيل به ابتغاء مضارة خصمه، فان هذا الحق ينقلب مخبثة تجيز للمحكمة، طبقا للمادة 115 من قانون المرافعات، الحكم عليه بالتعويضات مقابل المصاريف التي تحملها خصمه بسوء فعله هو.
2 - الإنكار الكيدي هو حقيقة قانونية تقوم على أركان ثلاثة: أوّلها خروج المنكر بإنكاره عن حدوده المشروعة بقصد مضارة خصمه، وثانيها كون هذا الإنكار ضارّا فعلا، وثالثها كون الضرر الواقع قد ترتب فعلا على هذا الإنكار وبينهما علاقة السببية. فالحكم الذي يقضي بمسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن إنكاره، إذا اقتصر على التقرير بصدق مزاعم المدّعى في ادّعائه بأن الإنكار كيدي، ولم يوازن بينها وبين دفاع المدّعى عليه، ولم يعن بإيراد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التي يصح استخلاص الكيدية منها بمعناها القانوني، يكون حكما معيبا متعينا نقضه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن السيدة خدوجة على عبد المحسن عمة الطاعنات طلبت من محكمة مصر الابتدائية الأهلية الحكم بالزام بنات أخيها بأن يدفعن لها 800 جنيه قيمة مصاريف وأتعاب المحاماة التي اضطرّت لصرفها في القضايا الكيدية والإجراءات التعسفية التي اتخذت أمام المحاكم الأهلية والشرعية والمختلطة بسبب إنكارهن وراثتها لمورّثهن، فحكمت بتاريخ 18 يونيه سنة 1932 بإلزامهن بأن يدفعن لها هذا المبلغ من المصاريف والأتعاب. ومحكمة استئناف مصر حكمت بتاريخ 18 مارس سنة 1933 بتعديل الحكم المستأنف وجعل المبلغ المحكوم به 666 جنيها فقط مع المصاريف وأتعاب المحاماة. وتدّعى الطاعنات أن بهذين الحكمين قصورا عن بيان الأسباب التي يجب اشتمال كل منهما عليها، وأن هذا القصور يستوجب قانونا نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد.
وحيث إن الإجابة على الدعوى بإنكارها هي في الأصل حق مشروع لكل مدّعى عليه يقتضى بها إلزام خصمه بإثبات مدّعاه، فان سعى بإنكاره في دفع الدعوى وخاب سعيه فحسب الحكم عليه بالمصاريف بالتطبيق لنص المادة 114 من قانون المرافعات. أما إذا أساء المدّعى عليه استعمال هذا الحق بالتمادي في الإنكار أو بالتغالي فيه أو بالتحيل به ابتغاء مضارة خصمه فان هذا الحق ينقلب عندئذ مخبثة تجيز للمحكمة الحكم عليه بالتعويضات في مقابلة المصاريف الناشئة عنه والمترتبة عليه بالتطبيق للمادة 115 من قانون المرافعات.
وحيث إن الإنكار الكيدي هو حقيقة قانونية تقوم على أركان ثلاثة: (أوّلها) خروج المنكر بإنكاره عن حدوده المشروعة بقصد مضارة خصمه. (وثانيها) كون هذا الإنكار ضارّا فعلا. (وثالثها) كون الضرر الواقع قد ترتب فعلا على هذا الإنكار وبينهما علاقة السببية.
وحيث إنه لا سبيل لمحكمة النقض إلى مراقبة تكييف ما حصّله قاضي الموضوع من فهم الواقع في الدعوى بحكم ما جاء بالقانون تعريفا للكيد في إجراءات المرافعة (المادة 115 من قانون المرافعات) إلا إذا كان الحكم المطعون فيه قد عنى بإيراد العناصر الواقعية اللازمة على التفصيل الواجب قانونا بنص المادة 103 من قانون المرافعات.
وحيث إن كلا الحكمين قد اقتصر في الواقع على التقرير بصدق مزاعم المدّعى عليها في الدعوى، فقد جاء بالحكم المستأنف "أن المحكمة ترى أن الضرر الذى وقع حقيقة إنما كان لسبب الإجراءات التعسفية بسبب إنكار صفة المدّعى عليها مما اضطرّها هي وأختيها إلى الالتجاء إلى المحاكم الأهلية والشرعية والمختلطة، كما اضطرّها إلى التعاقد مع الأستاذ فلان لمباشرة هذه الدعاوى على حسابه الخاص مقابل دفعهنّ له ألفى جنيه عند استلام نصيبهنّ في التركة نهائيا. وقد قام هذا الأستاذ بتعهده وباشر جملة قضايا بنفسه وبتوكيل آخرين بالمحاكم المختلطة، وكان المدّعى عليهنّ في مختلف هذه الأدوار يحاولن تعطيل وصول حق المدّعية وأخواتها إليهنّ أو إنقاصه بقدر المستطاع". وجاء بالحكم الاستئنافي "أن المحكمة ترى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من مسئولية المستأنفات عن الأضرار التي نشأت عن إنكارهنّ وراثة المستأنف عليها وما تلا ذلك من إجراءات كيدية من جانب المستأنفات لعرقلة سير الدعوى حتى اضطرّت المستأنف عليها وأختها إلى الالتجاء إلى المسيو فلان والاتفاق معه على مبلغ ألفى جنيه ليتخذ ما يلزم لإثبات حقوقهن والمحافظة عليها. وفى سبيل ذلك رفعت قضايا حراسة أمام المحاكم المختلطة والأهلية وقضايا قسمة وتثبيت ملكية الخ".
وحيث إن هذه الأسباب قد شارفت الغاية من القصور والإبهام، وأصبحت هذه المحكمة إزاءها لا تعرف ما هي تلك القضايا المختلفة التي قامت أمام المحاكم الشرعية والأهلية والمختلطة، وما كان موقف كل خصم من خصمه فيها ومن الذي أنكر صفة المدّعى عليها، وما هي ظروف هذا الإنكار، وكيف كان، وهل بلغ أن يصير كيديا، وما هي تلك الإجراءات التعسفية التي مر عليها الحكمان بغير بيان، وما إلى ذلك من جميع العناصر الواقعية التي يصح استخلاص الكيدية منها بمعناها القانوني. وقد كان حقا على محكمة الموضوع أن تبين هذه الظروف المتقدّمة الذكر في صورة الدعوى الحالية التي شرح الطاعنات فيها موضوعات هذه القضايا وموقفهنّ في كل منها وما حكم فيه منها لصالح المدّعى عليها وما حكم فيه لغير صالحها وقدّمن بعض الأحكام الصادرة في هذه القضايا واستدللن بها على أن المدّعى عليها هي التي اشتطت في الادّعاء فرفعت بعضا من الدعاوى حكم برفضها وبالغت في دعاوى أخرى حكم فيها على مقتضى دفاع الطاعنات. ثم قلن أن ما نسب إليهنّ من إنكار صفة المدّعى عليها في الإرث فلا وجه له، لأن عمتهنّ لم تكن هي التي رفعت دعوى الإرث، ولم تكن خصما فيها، وإن من رفعتها هي امرأة أجنبية كانت ادّعت الزوجية من مورّثهن فأنكرن دعواها معتقدات بأن والدهن قد كتب جميع أمواله إيثارا لهن على أخواته، وإن لذلك أوراقا تحت يد هذه المرأة، ثم صالحن هذه المرأة إلى آخر تلك التفصيلات الموضحة في المذكرات. فكان على محكمة الموضوع أن تحقق هذا الدفاع وتوازن بينه وبين ما تكون قد أبدته المدّعى عليها هي الأخرى من وجوه الدفاع، ثم تحصل من هذه الموازنة ما تطمئن إليه، ثم تطابق حاصل فهمها في ذلك على ما جاء بالقانون من أحكام الكيدية في التقاضي ليخرج حكمها مسببا مقنعا.
وحيث إنه لذلك يتعين الحكم بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى والخصوم إلى محكمة استئناف مصر للحكم فيها بينهم من جديد.

الاثنين، 17 أغسطس 2020

الطعن 14 لسنة 3 ق جلسة 22 / 06 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 136 ص 245

جلسة 22 يونيه سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

-------------

(136)
القضية رقم 14 سنة 3 القضائية

موظف.

مأمور قنصلية. حق وزير الخارجية في عزله بقرار منه.
(المرسوم بقانون الصادر في 5 أغسطس سنة 1925 الخاص بالنظام القنصلي(

--------------
لوزير الخارجية - بمقتضى المادتين 2 و4 من المرسوم بقانون الصادر في 5 أغسطس سنة 1925 الخاص بالنظام القنصلي - حق عزل مأمور القنصلية العزل الذى هو بمعنى الفصل المجرّد عن العقوبة دون الالتجاء في ذلك إلى مجلس الوزراء أو إلى مجلس التأديب.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى حسب الوارد بالحكم المطعون فيه وبالأوراق والمستندات المودعة بملف الطعن في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 1663 سنة 1930 إلى محكمة مصر الابتدائية الأهلية ضدّ المدّعى عليها في الطعن قال فيها إنه كان في خدمة وزارة الخارجية بصفته مأمور قنصلية القدس إلى أن أحيل إلى المعاش بقرار وزاري صادر من وزير الخارجية في 18 ديسمبر سنة 1928 خلافا لما تسمح به القوانين واللوائح والأوامر العالية وعلى الأخص القانون الصادر في 5 أغسطس سنة 1925 المتعلق بالنظام القنصلي، وإن هذا الإجراء ألحق به ضررا بليغا يستحق معه تعويضا قدره عشرون ألف جنيه، لأن سنه لا تتجاوز الثلاثين سنة. وفضلا عن ذلك فان الوزارة لم تسلمه إعلان خلوّ طرفه رغم مطالبته مرارا به، الأمر الذى يلزمها بمرتبه من تاريخ الإحالة على المعاش إلى أن يستلم إعلان خلوّ الطرف، وإنه لذلك يطلب الحكم بالزام الوزارة (المدّعى عليها في الطعن) بأن تدفع له الماهية المتأخرة حتى يوم تسليمه إعلان خلوّ الطرف وإلزامها أيضا بدفع مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة.
ومحكمة مصر الأهلية قضت بتاريخ 29 نوفمبر سنة 1931 برفض دعوى المدعى مع إلزامه بالمصاريف. فاستأنف هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بالاستئناف رقم 496 سنة 49 قضائية طالبا قبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع الحكم له بالطلبات السابق طلبها أمام محكمة أوّل درجة مع إلزام الوزارة بمصاريف الدرجتين والأتعاب. ومحكمة الاستئناف حكمت في 30 مايو سنة 1932 بتأييد الحكم المستأنف.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 2 يناير سنة 1933 فطعن فيه بطريق النقض والإبرام في أوّل فبراير سنة 1933 وأعلن تقرير الطعن للوزارة في 13 منه. وقدّم طرفا الخصومة المذكرات الكتابية في المواعيد وقدّمت النيابة مذكرتها في 15 مايو سنة 1933.
وبجلسة 15 يونيه سنة 1933 المحدّدة لنظر هذا الطعن صمم كل من الحاضرين عن طرفي الخصومة والنيابة على ما تدوّن بالمذكرات ثم أجل الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن محصل الطعن هو: (أوّلا) أن الحكم المطعون فيه قد فسر القانون تفسيرا غير صحيح، وطبقه تطبيقا خاطئا إذ اعتبر قرار وزير الخارجية الصادر بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1928 بعزل الطاعن من وظيفة مأمور قنصلية القدس التى كان يشغلها وإحالته إلى المعاش قرارا صحيحا مع أن العزل في القوانين المصرية عقوبة لا يملك الوزير حق توقيعها، ولأن فصل الموظف وإحالته إلى المعاش لا يكون، في غير حالة التأديب، إلا بأمر ملكي أو بقرار من مجلس الوزراء بحسب الأحوال. وقد استند الطاعن في ذلك إلى المادة الرابعة من قانون النظام القنصلي الصادر في 5 أغسطس سنة 1925 قائلا إنه مع تسليمه بأن الحكومة تملك حق إحالة الموظف إلى المعاش بدون أن تلجأ إلى قرار من مجلس التأديب إلا أنه يجب عليها أن تحصل قبل ذلك على قرار من مجلس الوزراء طبقا للقواعد العامة المقرّرة بالقوانين واللوائح ومنها قانون المعاشات الأخير الصادر في سنة 1929 في مادته العشرين أو على أمر ملكي كما هو الحال بالنسبة للقناصل طبقا للمادة الثانية فقرة 2 من قانون النظام القنصلي، وبذا تكون الضمانة الواجبة قانونا قد توفرت في كلتا الحالتين للموظف الدائم الذى حرم من الضمانة التي كان ينتظرها من مجلس التأديب فيما لو قدّم إليه. وقد استدل على صحة رأيه هذا بأمرين: أوّلهما أن قانون المعاشات الجديد الصادر في 28 مايو سنة 1929 راعى في المادة 20 (الخاصة بحق الموظف أو المستخدم الدائم في المعاش عند رفته بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر أو بأمر ملكي أو بقرار خاص من مجلس الوزراء) ما سبقه من تشريع استثنائي فنص على حالة الموظفين الذين يرفتون بأمر ملكي، ولم ينص على حالة الفصل بقرار من وزير الخارجية. ولو كان الشارع قد أراد عند إصدار قانون النظام القنصلي أن يكون لقرار وزير الخارجية ما للأمر الملكي من أثر لنص على ذلك صراحة في قانون المعاشات، وقد صدر هذا القانون بعد قانون النظام القنصلي. الأمر الثاني أن الحكومة لجأت في عزلها أحد أمناء المحفوظات ببعض القنصليات إلى مجلس الوزراء، فاستصدرت قرارا بهذا العزل مع أن هذا الموظف أقل مرتبة من مأمور القنصلية. وقد ذهب الطاعن في تفسير المادة الثانية من قانون النظام القنصلي تفسيرا يتلاءم مع وجهة نظره فقال إن نصها القاضي بأن "يكون تعيين مأموري القنصليات وعزلهم بقرار من وزير الخارجية" ليس له من معنى سوى تنظيم شكل التعيين أو العزل بما يتفق مع القوانين المصرية. ذلك بأن يصدر مجلس الوزراء أو مجلس التأديب قرارا بالعزل ثم ينفذه وزير الخارجية بقرار يصدر منه.
ثانيا - أن الحكم المطعون فيه قد خالف المادة 103 من قانون المرافعات لأن الأسباب التي اشتمل عليها جاءت خالية من الردّ على رفض أحد الطلبات وهو صرف مرتب الطاعن من يوم فصله حتى تسلمه شهادة خلو الطرف، وكذا على ما تمسك به الطاعن من الأدلة والبراهين القاطعة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رأى أن قرار وزير الخارجية الصادر بعزل الطاعن صحيح قانونا لصدوره من الوزير في حدود سلطته القانونية. وقد استند في ذلك إلى اعتبارات تتلخص فيما يأتي:
(أوّلا) أنه وإن كان يستفاد حقيقة من التشريع المصري المؤيد بقانون المعاشات رقم 5 الصادر في 15 أبريل سنة 1909 بالمادة 12 وبقانون المعاشات الأخير رقم 37 الصادر في 28 مايو سنة 1929 بالمادة 20 أن عزل الموظف في غير حالة التأديب يكون بقرار من مجلس الوزراء إلا أنه يجب أن تراعى مع ذلك نصوص القوانين الأخرى المتعلقة بذلك، ومنها قانون النظام القنصلي الذى جعل بمقتضى المادة الثانية منه تعيين مأمور القنصلية وعزله بقرار يصدر من وزير الخارجية دون حاجة إلى الالتجاء لمجلس الوزراء واستصدار قرار العزل منه. (ثانيا) أن المادة 2 آنفة الذكر إنما أرادت تقرير قاعدة عامة من حيث تعيين وعزل القناصل ومأموري القنصليات، فجعلت ما يخص الطائفة الأولى بأمر ملكي، وما يخص الثانية بقرار وزاري، وبذلك خرجت الطائفتان بهذا النص من حكم القوانين السابقة التي جعلت أمر العزل بمعرفة مجلس الوزراء عند عدم الإحالة إلى مجلس التأديب. وهذا الاستثناء من القوانين واللوائح هو ما نصت عليه من طريق آخر المادة 4 من قانون النظام القنصلي. (ثالثا) أن العزل بأمر ملكي وبقرار من وزير الخارجية دون الحاجة إلى إجراءات التأديب المنوّه عنها بالمادة 28 وما يليها من القانون المتقدّم ذكره إنما أريد به المصلحة العامة لما يحف بموظفي القنصليات من الاعتبارات الخاصة والملابسات التي قد ترى الحكومة معها من المصلحة عدم الجهر بها من طريق المؤاخذة التأديبية. (رابعا) أن العزل المنصوص عليه في المادة 2 من قانون النظام القنصلي هو الفصل من الوظيفة بأمر ملكي أو بقرار من وزير الخارجية، وهو خلاف العزل التأديبي الآتي من طريق المحاكمة والوارد ذكره في المادة 33 من القانون ذاته. وإذا كانت النسخة العربية قد استعملت لفظا واحدا للفصل في الحالتين فان النسخة الفرنسية استعملت لكل نوع منهما اللفظ المناسب له لغة، فعبرت عن الفصل غير التأديبي بفعل (Liceneier)  ومعناه التسريح، وعن الفصل التأديبي بفعل (revoquer) ومعناه الإبعاد كعقوبة لأمر فيه مؤاخذة. ومتى كان مراد الشارع من استعمال لفظ العزل في المادة 2 هكذا ظاهرا فلا يؤثر فيه أن يكون هذا اللفظ هو ذاته الذى استعمله في المعنى الذى نصت عليه المادة 33، ومن جهة أخرى فانه لا يصح القول بجواز العزل على المعنى المتقدّم، معنى التسريح بأمر ملكي للقنصل، وعدم جوازه على هذا المعنى نفسه بقرار وزاري لمأمور القنصلية. إذ التفسير القويم للمادة 2 هو أن ينصرف حكمها العام - وهو عدم الالتجاء لمجلس الوزراء - إلى الفصل بكلتي الطريقتين. وسياق النص ينبئ بأن لكلتي الطريقتين، عزل القنصل بأمر ملكي وعزل مأمور القنصلية بقرار وزاري، اعتبارا واحدا (خامسا) أن الخروج في أمر عزل القناصل ومأموري القنصليات عن قاعدة الرجوع إلى مجلس الوزراء إنما اقتضته الظروف والملابسات المحيطة بالأنظمة القنصلية والتي رأى الشارع المصري مراعاتها عند وضعه النظام القنصلي للدولة.
وحيث إن هذه المحكمة تقرّ ما رأته محكمة الموضوع في تفسيرها نصوص قانون النظام القنصلي التي عرضت لها، وترى ما رأته في أن لوزير الخارجية بمقتضى المادتين 2 و4 من هذا القانون حق عزل مأمور القنصلية ذلك العزل الذى هو بمعنى الفصل المجرّد عن العقوبة دون الالتجاء في ذلك إلى مجلس الوزراء أو مجلس التأديب لما أوردته من الاعتبارات العديدة التي سبق ذكرها ملخصة من أسباب الحكم المطعون فيه. أما ما يقوله الطاعن من أن قانون المعاشات الجديد لم يشر في مادته العشرين إلى حق وزير الخارجية في العزل، كما أشار إليه الأمر الملكي، فلا تأثير له في نفاذ مفعول أحكام قانون النظام القنصلي باعتباره قانونا مستقلا صادرا بأحكام خاصة لطائفة من الموظفين يجب أن يعاملوا بمقتضاه. أما ما يقوله الطاعن من أن أمين المحفوظات بإحدى القنصليات قد عزل بقرار من مجلس الوزراء، وأنه، وهو أرقى من هذا الأمين مرتبة، يجب أن ينال نفس المعاملة فهو استشهاد في غير محله، لأن الأمر هنا متعلق بمأمور قنصلية لا بأمين محفوظات، والمادة 2 من قانون النظام القنصلي تشمل المأمور بصريح النص.
وحيث إنه بالنسبة لما يزعمه الطاعن من عدم تسبيب الحكم المطعون فيه في خصوص رفض محكمة الموضوع طلب المرتب من يوم الفصل حتى تسليم شهادة خلوّ الطرف فإن الحكم المطعون لم يقتصر على ما أورده هو من أسباب، بل استند أيضا إلى أسباب الحكم الابتدائي المؤيد به، وهذا الحكم لم تقدّم صورته حتى كان يتسنى الوقوف على ما يكون قد ذكره من أسباب عن رفض طلب المرتب إذ هو لم يكن طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف، بل كان من ضمن طلبات الطاعن التي طرحت للبحث لدى محكمة أوّل درجة وقضت برفضها. أما ما يزعمه الطاعن من خلو الحكم المطعون فيه من الردّ على حججه القاطعة، فإن كل ما ورد بمذكرته الشارحة لأوجه الطعن متعلقا بذلك لا يخرج عن الجدل في تفسير النصوص.
وبما أن محكمة الموضوع قد فسرت القانون التفسير الصحيح فقد قامت بما يجب عليها قانونا، وكان لها، والحالة هذه، أن تضرب صفحا عن كل ما أدلى به الطاعن تأييدا لوجهة نظره الخاطئة. وعلى أن الواقع هو أن محكمة الموضوع، بافاضتها في التفسير وإشارتها إلى النصوص المتعلقة بالعزل قديمها وحديثها واستطرادها إلى ذكر العوامل التي حدت بالشارع إلى معاملته بعض موظفي القنصليات في ذلك معاملة خاصة، قد ردّت على كل ما تمسك به الطاعن من حجج وقدّم من اعتراضات.

الطعن 20 لسنة 3 ق جلسة 1 / 6 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 129 ص 229

جلسة أوّل يونيه سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

-------------------

(129)
القضية رقم 20 سنة 3 القضائية

تسبيب الأحكام.

القضاء للمدّعى بطلباته. دفع المدّعى عليه الدعوى. إغفال بحثه كلية. نقص في تسبيب الحكم.

(المادة 103 مرافعات(

--------------
قضاء المحكمة بطلبات المدّعى مع إغفالها بحث ما يمسك به المدّعى عليه لدفع الدعوى يجعل حكمها معيبا عيبا جوهريا مبطلا له طبقا للمادة 103 مرافعات.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى، بحسب ما هو مدوّن بالحكم المطعون فيه وغيره من الأوراق المقدّمة فيها، في أن محمود بك سالم (المدّعى عليه في الطعن) رفع دعوى أمام محكمة مصر الأهلية قيدت برقم 5 سنة 1930 قال فيها إن ولده سالم توفى مخلفا وارثين هما والده (محمود بك سالم المذكور) وزوجته حسنة دون غيرهما، ثم توفيت الزوجة عن والدتها وإخوتها فرفع هؤلاء الورثة عدّة دعاوى على محمود سالم بك يطالبونه فيها بنصيبه في ديون لهم على ابنه قالوا إن أساسها كشف مكتوب باللغة الفرنسية منسوب إلى المورّث قدّموه إلى محكمة العطارين الجزئية فأخذت به وقضت لهم بطلباتهم بالأحكام الثلاثة الصادرة في 21 و28 يوليه سنة 1925 وأوّل فبراير سنة 1926 على التوالي. وقد أعلن الورثة هذه الأحكام بتاريخ 30 مارس سنة 1926 إلى المحكوم عليه في وجه النيابة على اعتبار أنه ليس له محل إقامة معلوم بالقطر المصري فاستأنفها وسلم عرائض الاستئناف إلى قلم كتاب محكمة الإسكندرية الأهلية في 29 أبريل سنة 1926 وكان هذا اليوم آخر يوم في ميعاد الاستئناف فيما لو اعتبر الإعلان قانونيا. وبعد أن تقدّرت عليها الرسوم سلمت إلى قلم المحضرين لإجراء الإعلان إلى المستأنف ضدّهم في محلهم المختار وهو مكتب محاميهم، وأشر رئيس المحضرين على عريضة الاستئناف بإعلانها في نفس اليوم، وفعلا قام بها المحضر محمد عبد المنعم أفندي فألقى مكتب المحامي مغلقا فلم يعلنها للمحافظة في نفس اليوم بل أبقاها ولم يعلنها إلا في يوم 2 مايو سنة 1926 نظرا لأن اليوم التالي كان يوم جمعة، وترتب على ذلك أن قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا. لذلك طلب محمود بك سالم الحكم على وزارة الحقانية ومحمد عبد المنعم أفندي متضامنين بأن يدفعا له: (أوّلا) مبلغ 39831 قرشا قيمة المبالغ التي أصبح الحكم فيها نهائيا بعد أن حكم بعدم قبول الاستئناف شكلا بإهمال المحضر في عمل الإعلان في الموعد القانوني. (ثانيا) 150 جنيها تعويضا نظير ما تكلفه من المصاريف والأتعاب والأسفار وغير ذلك مع المصاريف والأتعاب والنفاذ.
وقد وجهت وزارة الحقانية من جهتها دعوى الضمان للمحضر محمد عبد المنعم أفندي وأعلنته بتاريخ أوّل فبراير سنة 1930 للحكم عليه من باب الاحتياط بما عساه أن يحكم به عليها.
وبتاريخ أوّل نوفمبر سنة 1931 حكمت المحكمة حضوريا: (أوّلا) في الدعوى الأصلية بالزام الوزارة والمحضر متضامنين بأن يدفعا إلى محمود سالم بك مبلغ 346 جنيها و310 مليمات قيمة ما حكم به وملحقاته عليه لورثة الست حسنة كريمة المرحوم خليل حماده باشا وخمسين جنيها على سبيل التعويض مع المصاريف المناسبة لهذين المبلغين و300 قرش أتعاب محاماة. (ثانيا) في الدعوى الفرعية بالزام محمد عبد المنعم أفندي بأن يدفع للوزارة المبالغ المحكوم بها آنفا في الدعوى الأصلية. (ثالثا) برفض ما عدا ذلك من الطلبات.
فاستأنفت الوزارة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية الاستئناف رقم 387 سنة 49 قضائية طالبة إلغائه بكامل أجزائه ورفض دعوى محمود سالم بك مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وبتاريخ 21 نوفمبر سنة 1932 قضت محكمة استئناف مصر بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الوزارة بالمصاريف وثلثمائة قرش أتعابا للمحاماة.
أعلن هذا الحكم للوزارة بتاريخ 25 يناير سنة 1933 فقرّرت الطعن فيه بطريق النقض والإبرام في 23 فبراير سنة 1933 وأعلن تقرير الطعن في 2 مارس سنة 1933 وقدّم طرفا الخصومة المذكرات الكتابية في المواعيد، وقدّمت النيابة مذكرتها في أوّل مايو سنة 1933.
وبجلسة 25 مايو سنة 1933 المحدّدة لنظر هذا الطعن صمم كل من الحاضرين عن طرفي الخصومة والنيابة على ما تدوّن بالمذكرات، ثم أجل الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الوجهين الأوّل والثاني من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفا للمادة 103 من قانون المرافعات إذ هو لم يردّ على ما تمسكت به الوزارة من دفاع من شأنه أن يؤدّى إلى إخلائها من كل مسئولية بسبب إعلان عرائض الاستئناف الحاصل من محضرها بعد أكثر من ثلاثين يوما من إعلان الأحكام الجزئية للمحكوم عليه. وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت دعوى المسئولية التي وجهها إليها المدّعى عليه، وكانت مؤسسة على إهمال المحضر في إعلان عرائض الاستئناف يوم تقديمها بالذات لأنه كان آخر ميعاد للاستئناف، بأن ما يتضرر منه المدّعى عليه المذكور وهو صدور أحام بعدم قبول هذه الاستئنافات المرفوعة إنما كان بسبب إهماله وتقصيره هو في إبداء ما تقتضيه مصلحته من أوجه الدفاع للمحكمة التي أصدرت تلك الأحكام. فقد كان في مكنته التمسك بأن استئنافاته مقبولة شكلا رغم حصول إعلانها بعد فوات أكثر من ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الأحكام الجزئية الصادرة ضدّه إليه في وجه النيابة. ذلك لأن حصول الإعلان في النيابة قد جاء باطلا، إذ لا يصح إعلان الحكم للنيابة بحجة عدم معرفة المحل الأصلي للشخص المطلوب إعلانه متى كان للمدّعى عليه محل مختار معلوم لخصومه. وقد أجاز القانون الإعلان به، بل هو الذى يجب أن يحصل الإعلان به دون النيابة في حالة عدم وجود محل أصلى كما هو مستفاد من نص المادة 353 من قانون المرافعات. وتزيد الطاعنة على ذلك أنه كان من مقتضى الأخذ بهذا الوجه من الدفاع إخلاء الوزارة من كل مسئولية عن الضرر الذى وقع فيه المدّعى عليه بإهماله وتقصيره.
وحيث إنه ثابت من صورة المذكرة التي تقدّمت من الطاعنة في الاستئناف الصادر فيه الحكم المطعون فيه أن الوزارة دفعت فعلا دعوى المسئولية التي كانت موجهة إليها وإلى محضرها بما بدا من تقصير محمود سالم بك في الدفاع، وكان من ضمن ما ذكرته في هذا الصدد ما يأتي: "على أن المستأنف عليه (أي محمود سالم بك) لم يقف في تقصيره عند حدّ تأخيره في تقديم عرائض الاستئناف للإعلان، بل هو قد استسلم لدفوع خصمه أمام محكمة الإسكندرية عند نظر هذه الاستئنافات فلم يبد على هذه الدفوع ردّا ولم يحاول لها تفنيدا، بل لم يكلف نفسه مؤونة الرجوع إلى أوراق الدعوى واستخلاص الدفاع منها، فقد كانت أمامه أوجه متعدّدة لو أنها طرحت أمام المحكمة لأفادته......... كذلك لم يتمسك ببطلان إعلان الأحكام إذ أعلنت إليه في النيابة بدعوى عدم وجود محل إقامة له في القطر المصري مع أن الإعلان بهذه الصورة، كما يقول في مذكرته الأخيرة، قصد به إخفاء هذه الأحكام عنه وتجهيلها عليه. وهذا طبعا مما يبطل الإعلان، ويجعل ميعاد تحديد نهاية ميعاد الاستئناف ليوم 29 أبريل سنة 1926 تحديدا في غير محله، وبالتالي يجعل الاستئنافات التي رفعت صحيحة ومقبولة ولا غبار عليها".
وحيث إنه بالرجوع من جهة أخرى إلى الأحكام الصادرة من محكمة الإسكندرية بهيئة استئنافية بتاريخ 19 أبريل سنة 1927 بعدم قبول الاستئنافات شكلا وإلى محاضر جلسات هذه الاستئنافات المحرّرة في 22 مارس سنة 1927 المقدّمة ضمن أوراق الطعن يبين منها أن محامى محمود سالم بك لم يشر بكلمة مّا إلى بطلان إعلان الأحكام ردّا على ما تمسك به خصومه من جهة عدم قبول استئنافاته شكلا لإعلانها بعد الميعاد القانوني، كما أن ما قدمته الطاعنة من صور الأحكام الجزئية وهى التي حصلت فيها هذه الاستئنافات يشتمل على أن محمود سالم بك كان متخذا محلا مختارا له مكتب على عاصم بك المحامي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما استندت إليه الطاعنة من عدم مسئوليتها لتقصير محمود سالم بك نفسه في التمسك ببطلان إعلان الأحكام للنيابة، وما ذكرته بهذا الصدد من أن هذا البطلان كان يستتبع حتما اعتبار الاستئنافات صحيحة، وأن سكوت المدّعى عليه في الطعن عن إبداء هذا الدفاع للمحكمة التي فصلت في الاستئنافات إنما هو تقصير منه يتحمل هو وزره دون الوزارة. ولم يكن فيما اشتمل عليه حكم محكمة أوّل درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ما يمكن أن يعدّ ردّا على شيء من ذلك، كما لا يمكن أن يكون فيما ذكره كلا الحكمين، خاصا بإهمال المحضر إعلان الاستئنافات يوم تقديمها بالذات، ما يغنى عن الردّ على هذا الدفاع أو يعدّ ضمنا رفضا له، إذ أن ما ورد بهما كان عن إعلان الاستئنافات ليس إلا بينما الأمر فيما دفعت به الوزارة الدعوى ولم ترد بشأنه أسباب مّا متعلق بإعلان الأحكام لكى يكون هذا الإعلان مبدأ صحيحا لميعاد الاستئنافات التي حصلت فيها.
وحيث إن إغفال محكمة الموضوع البحث فيما أرادت الطاعنة به دفع دعوى المدّعى عليه لمعرفة ما قد يكون له من قيمة قانونية وأثر في مصير الدعوى يعيب الحكم المطعون فيه ويبطله عملا بالمادة 103 من قانون المرافعات.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة للبحث في باقي أوجه الطعن.

الطعن 15 لسنة 3 ق جلسة 25 / 5 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 127 ص 228

جلسة 25 مايو سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

--------------

(127)
القضية رقم 15 سنة 3 القضائية

تسبيب الأحكام.

حكم استئنافي. تأييده حكما ابتدائيا لأسبابه. كفاية الأسباب الابتدائية بذاتها لرفض طلبات المستأنفين الاحتياطية. اعتبار الحكم الاستئنافي مسببا. (المادة 103 مرافعات(

-----------------
إذا رأت محكمة الاستئناف - عند تأييدها الحكم المستأنف - أن الأسباب التي حمل عليها هذا الحكم وافية صالحة لرفض طلبات المستأنفين الاحتياطية، المتعلقة بأدلة الإثبات والنفي، السابق طلبها أمام محكمة الدرجة الأولى فلا تثريب عليها إذا هي اكتفت بما جاء بالحكم المستأنف من أسباب.