الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 سبتمبر 2014

الطعن 8845 لسنة 61 ق جلسة 5 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 135 ص 992

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة. ومحمد ناجي وهشام البسطويسي.

--------------

(135)
الطعن رقم 8845 لسنة 61 القضائية

تبديد. خيانة أمانة. دعوى جنائية "قيود تحريكها". انقضاؤها". دعوى مدنية "انقضاؤها بالتنازل".
سريان حكم المادة 312 عقوبات على جريمة تبديد أحد الزوجين مال الآخر.
تنازل الزوجة المجني عليها في جريمة التبديد عن دعواها. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية قبل الزوج المتهم. لا يغير من ذلك انفصام العلاقة الزوجية بين المجني عليها والطاعن بالطلاق. علة ذلك؟
إفصاح المدعية بالحقوق المدنية عن اقتضائها كل حقوقها من الطاعن. أثره: اعتبار دعواها المدنية غير ذات موضوع. أثر ذلك؟

----------------
لما كان المادة 312 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا يجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجني عليه. وللمجني عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها. كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء". وكانت هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفاً على طلب المجني عليه، كما تضع حداً لتنفيذها الحكم النهائي على الجاني بتخويل المجني عليه وقف تنفيذ الحكم في أي وقت شاء، وإذ كانت الغاية من هذا الحد وذلك القيد الواردين في باب السرقة هي الحفاظ على الأواصر العائلية التي تربط بين المجني عليها والجاني، فلزم أن ينبسط أثرهما إلى جريمة التبديد - مثار الطعن - لوقوعها كالسرقة إضراراً بمال من ورد ذكرهم بذلك النص. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق والمفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه صدر في..... بإدانة الطاعن بجريمة تبديد منقولات زوجته، وقد استشكل في هذا الحكم وقدم بجلسة..... إقراراً موثقاً بالشهر العقاري من المجني عليها بتخالصها وتنازلها عن القضيتين موضوع الاتهام الصادر فيهما الحكم المطعون فيه، فقضى في الإشكال بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ريثما يقضى في هذا الطعن بناء على نزول المجني عليها عن دعواها ضد الطاعن وكان هذا النزول - الذي أثارته النيابة العامة - يتسع له ذلك الوجه من الطعن، قد ترتب عليه أثر قانوني هو انقضاء الدعوى الجنائية عملاً بحكم المادة 312 سالفة الذكر. ولا ينال من ذلك ما أفصحت عنه المفردات من انفصام العلاقة الزوجية بين المجني عليها والطاعن بالطلاق لأن تخويل المجني عليه حق التنازل جاء صريحاً وغير مقيد ببقاء الزوجية وقت التنازل - وهو ما يتمشى مع الحكمة التي تغياها الشارع وأشير إليها في تقرير لجنة الشئون التشريعية والمذكرة التفسيرية - وهي التستر على أسرار العائلات صوناً لسمعتها وحفظاً لكيان الأسرة وهو معنى يفيد منه باقي أفرادها بعد وقوع الطلاق. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عقوبة والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية في القضيتين. لما كان ما تقدم وكان ما أفصحت عنه المجني عليها من اقتضائها من زوجها الطاعن كل حقوقها، يعني نزولها عن ادعائها بالحقوق المدنية. مما يصبح معه الحكم في الدعوى المدنية غير ذي موضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ.... والمسلمة إليه على سبيل الوديعة وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وحكمة جنح مركز ميت غمر قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل. ورفض الدعوى المدنية. عارض وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه كما أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعوى بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز ميت غمر قيدت بجدولها برقم.... لسنة.... بوصف أن الطاعن بدد أعيان الجهاز المطالب به والمبين بالقائمة وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات ومحكمة جنح مركز ميت غمر قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة خمسين جنيهاً وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
استأنف المحكوم عليه الدعويين ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد منقولات الزوجية وألزمه بتعويض قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحقه في الدفاع ذلك بأنه قدم للمحكمة إقراراً عرفياً صادراً من المدعية بالحقوق المدنية باستلامها منقولاتها وتنازلها عن دعواها بيد أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع إيراداً ورداً. هذا وقد أثارت النيابة العامة في مذكرتها انقضاء الدعوى الجنائية بتنازل المجني عليها عن دعواها - بموجب إقرار موثق بالشهر العقاري - بعد صدور الحكم المطعون فيه الذي أوقف تنفيذه.
وحيث إنه لما كانت المادة 312 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا يجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجني عليه. وللمجني عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها. كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء". وكانت هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفاً على طلب المجني عليه، كما تضع حداً لتنفيذها الحكم النهائي على الجاني بتخويل المجني عليه وقف تنفيذ الحكم في أي وقت شاء، وإذ كانت الغاية من هذا الحد وذلك القيد الواردين في باب السرقة هي الحفاظ على الأواصر العائلية التي تربط بين المجني عليها والجاني، فلزم أن ينبسط أثرهما إلى جريمة التبديد - مثار الطعن - لوقوعها كالسرقة إضراراً بمال من ورد ذكرهم بذلك النص. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق والمفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه صدر في.... بإدانة الطاعن بجريمة تبديد منقولات زوجته، وقد استشكل في هذا الحكم وقدم بجلسة..... إقراراً موثقاً بالشهر العقاري من المجني عليها بتخالصها وتنازلها عن القضيتين موضوع الاتهام الصادر فيهما الحكم المطعون فيه، فقضى في الإشكال بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ريثما يقضى في هذا الطعن بناء على نزول المجني عليها عن دعواها ضد الطاعن وكان هذا النزول - الذي أثارته النيابة العامة يتسع له ذلك الوجه من الطعن، قد ترتب عليه أثر قانوني هو انقضاء الدعوى الجنائية عملاً بحكم المادة 312 سالفة الذكر. ولا ينال من ذلك ما أفصحت عنه المفردات من انفصام العلاقة الزوجية بين المجني عليها والطاعن بالطلاق لأن تخويل المجني عليه حق التنازل جاء صريحاً وغير مقيد ببقاء الزوجية وقت التنازل - وهو ما يتمشى مع الحكمة التي تغياها الشارع وأشير إليها في تقرير لجنة الشئون التشريعية والمذكرة التفسيرية - وهي التستر على أسرار العائلات صوناً لسمعتها وحفظاً لكيان الأسرة وهو معنى يفيد منه باقي أفرادها بعد وقوع الطلاق. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عقوبة والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية في القضيتين. لما كان ما تقدم وكان ما أفصحت عنه المجني عليها من اقتضائها من زوجها الطاعن كل حقوقها، يعني نزولها عن ادعائها بالحقوق المدنية. مما يصبح معه الحكم في الدعوى المدنية غير ذي موضوع.

الطعن 2198 لسنة 61 ق جلسة 5 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 134 ص 988

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزه وحامد عبد الله وشبل حسن نواب رئيس المحكمة. وهاني حنا.

-------------

(134)
الطعن رقم 2198 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
(2) إعلام وراثة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الإدلاء بأقوال غير صحيحة لضبط إعلام وراثة واستعماله. المنصوص عليهما في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 226 عقوبات. عمدية. مناط تحققها؟
إغفال الحكم المطعون فيه بيان أن المتهم قد عمد إلى تقرير أقوال عن الوقائع المطلوب إثباتها والتي ضبط الإعلام على أساسها وإن كان يعلم بأنه لا يدري حقيقة الأمر فيها وأنه استعمل ذلك الإعلام مع علمه بعدم صحته. قصور.

-----------------
1 - إن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها من الأوراق تمكيناً لمحكمة النقض من أعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.
2 - إن القانون إذ نص في المادة 226 من قانون العقوبات على معاقبة من يقرر في إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساسها. كما نص على معاقبة من يستعمل الإعلام الذي ضبط على النحو السالف بيانه مع علمه بذلك، فقد دل بوضوح على أن الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من تلك المادة عمدية في جميع الصور المذكورة فيها، فهي لا تتحقق إلا إذا كان الجاني قد قرر أقوالاً غير صحيحة أو هو عالم بأنه لا يدري حقيقة الأمر فيها، كما أن جريمة الاستعمال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة تتحقق متى استعمل الجاني الإعلام الذي ضبط على الوجه المبين في الفقرة الأولى وهو عالم بذلك. وإذ كان هذا الذي حصله الحكم المطعون فيه فيما تقدم لا يكفي بياناً لواقعة الدعوى على الوجه الذي يتطلبه القانون، إذ أنه لم يكشف عن الظروف التي وقعت فيها، وخلا من بيان مضمون الأدلة التي استخلصت منها ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانته بها، كما لم يبين أن المتهم قد عمد إلى تقرير أقوال عن الوقائع المطلوب إثباتها والتي ضبط الإعلام على أساسها أو أنه كان يعلم بأنه لا يدرى حقيقة الأمر فيها، كما لم يبين أن المتهم استعمل ذلك الإعلام مع علمه بعدم صحته، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أبدى أمام إحدى الجهات المختصة أقوالاً غير صحيحة مخالفة للوقائع الثابتة بالأوراق مع علمه بعدم صحتها وترتب على هذه الأقوال ضبط الإعلامات الشرعية المنوه عنها بالأوراق. 2 - استعمل الإعلامات الشرعية المشار إليها بالتهمة الأولى بأن قدمها للجهات المختصة مع علمه بعدم صحتها. وطلبت عقابه بالمادة 226 من قانون العقوبات.
وادعي كل من.... و.... و.... و.... و.... و.... و... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم أول طنطا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه لكل تهمة وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/.... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمتي إقراره أمام السلطة المختصة أقوالاً غير صحيحة في إجراءات تتعلق بتحقيق الوراثة مع علمه بعدم صحتها، واستعماله إعلام الوراثة المضبوط على أساس تلك الأقوال مع علمه بذلك، قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ولم يورد مضمون أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب تقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى وصف التهمتين اللتين نسبتهما النيابة العامة إلى الطاعن وإلى طلبها معاقبته وفق نص المادة 226 من قانون العقوبات، وبنى قضاءه على قوله "وحيث إن التهمة ثابتة في حق المتهم من محضر ضبط الواقعة متضمناً ما جاء بوصف النيابة العامة، وحيث إن المتهم لم يدفع التهمة بدفاع مقبول ينال من ثبوتها في حقه، ومن ثم يتعين عقابه بمواد الاتهام عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها من الأوراق تمكيناً لمحكمة النقض من أعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً. وكان القانون إذ نص في المادة 226 من قانون العقوبات على معاقبة من يقرر في إجراءات تحقيق الوفاة والوراثة أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساسها. كما نص على معاقبة من يستعمل الإعلام الذي ضبط على النحو السالف بيانه مع علمه بذلك، فقد دل بوضوح على أن الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من تلك المادة عمدية في جميع الصور المذكورة فيها، فهي لا تتحقق إلا إذا كان الجاني قد قرر أقوالاً غير صحيحة أو هو عالم بأنه لا يدرى حقيقة الأمر فيها، كما أن جريمة الاستعمال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة تتحقق متى استعمل الجاني الإعلام الذي ضبط على الوجه المبين في الفقرة الأولى وهو عالم بذلك. وإذ كان هذا الذي حصله الحكم المطعون فيه فيما تقدم لا يكفي بياناً لواقعة الدعوى على الوجه الذي يتطلبه القانون، إذ أنه لم يكشف عن الظروف التي وقعت فيها، وخلا من بيان مضمون الأدلة التي استخلصت منها ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانته بها، كما لم يبين أن المتهم قد عمد إلى تقرير أقوال عن الوقائع المطلوب إثباتها والتي ضبط الإعلام على أساسها أو أنه كان يعلم بأنه لا يدري حقيقة الأمر فيها، كما لم يبين أن المتهم استعمل ذلك لإعلام مع علمه بعدم صحته، فإنه يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 20999 لسنة 66 ق جلسة 8 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 140 ص 1039

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج نائبي رئيس المحكمة. وأحمد عبد القوي ومحمد عبد الله حمودة.

----------------

(140)
الطعن رقم 20999 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "سقوط الطعن".
عدم تقديم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه. أثره. سقوط الطعن. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات الديباجة". محكمة أمن الدولة.
خطأ الحكم في إثبات أن الحكم صدور من محكمة جنايات القاهرة على خلاف الثابت برول الجلسة وأنها أحيلت إلى محكمة أمن الدولة. خطأ مادي. وزلة قلم لا تخفى. لا يعيبه. أساس ذلك؟
(3) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(4) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. جريمة "أركانها".
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات. مناط تحققها؟
(5) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها" موظفون عموميون".
جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 عقوبات. متى تتحقق أركانها؟
(6) اختلاس. أموال أميرية. على حوالة أميرية. محكمة الموضوع: سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
إثبات جريمة الاختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع عقوبات. لا يلزم فيه طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة. للمحكمة الاقتناع بوقوع الفعل المكون للحرية من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
(7) اختلاس أموال أميرية استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي جريمة. أركانها".
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة غير لزم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل عليه.
(8) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟ استخلاصه. موضوعي. تحدث الحكم استقلالاً عن توافره. غير لازم.
(9) تزوير "أوراق رسمية". فاعل أصلي. اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك بالاتفاق يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه. النية. من مخبآت الصدور ودفائن النفس التي لا تقع تحت الحس. وليس لها أمارات ظاهرة. للقاضي الجنائي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن إذا لم يقم دليل مباشر عليه. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(10) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم عدم إيراده مفردات المبلغ المستولى عليه مجزأ. غير مجد. ما دام لم ينازع في المبلغ الذي دين بالاستيلاء عليه والوارد بأمر الإحالة.
(11) إثبات "بوجه عام". استدلالات". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
(13) إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقرير أدلة الدعوى غير جائز أمام النقض.
(14) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة أو بعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الإقرار". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإقرار من المتهم نتيجة إكراه وتهديد. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(16) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم توقيع المحكوم عليه غيابياً على محضر جمع الاستدلالات. لا يهدر قيمته كله. تقدير ما يعتريه من نقص أو عيب. موضوعي. علة ذلك؟
التفات المحكمة عن دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا عيب.
(17) إثبات "بوجه عام". شهود. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة والأعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
الجدل في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(18) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تمسك الطاعن بوجود متهمين آخرين في الدعوى عدم جدواه. طالما أنه لا يحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها.
(19) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع. الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
(20) إثبات. خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي.
(21) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع الطاعن بطلب ندب خبير آخر أو لجنة أخرى. غير مقبول. ما دامت اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقريري لجنة النيابة العامة وقسم أبحاث التزييف والتزوير.
(22) تزوير. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
فض المحكمة إحراز المستندات المزورة في حضور الطاعن والمدافع عنه. نعيه بعدم الاطلاع عليها. لا جدوى منه.
(23) إثبات "خبرة" "أسباب الإباحة. موانع العقاب" "الجنون والعاهة العقلية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بندب خبير فني في الدعوى لتحديد مدى تأثير ما يدعيه الطاعن من مرض على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لديها الدعوى. أساس ذلك؟

-----------------
1 - لما كانت المادة 41 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على سقوط الطعن المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة. ولما كانت العقوبة المحكوم بها على الطاعن ..... من العقوبات المقيدة للحرية، ولم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة طبقاً للثابت من الأوراق فإنه يتعين الحكم بسقوط طعنه.
2 - لما كان البين من رول جلستي....، .... الموقع عليه من رئيس الهيئة أنه مستهل باسم محكمة أمن الدولة العليا، وهي المختصة بنظر الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه. فإن تصدير محاضر الجلسات والحكم باسم محكمة جنايات القاهرة لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي في الكتابة وزلة قلم لا تخفى، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهمها واقع الدعوى. ولما كانت العبرة في الكشف عن ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع الذي يبين يقيناً من رول جلسة الحكم الموقع عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في الواقع من محكمة أمن الدولة العليا المختصة بنظر الدعوى المطروحة وفق القانون رقم 105 لسنة 1980 وليست باعتبارها محكمة جنايات. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون.
4 - من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت مادياً، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته.
5 - من المقرر أن جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات، تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من ذات القانون، ولو لم يكن هذا المال في حيازته، أو لم يكن من العاملين بالجهة التي تم له الاستيلاء على مالها، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه.
6 - من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة.
7 - لما كان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعن للأوراق التي أشار إليها الحكم في مدوناته، وعلى توافر جريمتي اختلاس تلك الأوراق والاستيلاء بغير حق على المال العام في حق الطاعن، بأركانهما المادية والمعنوية، وإذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً على توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين، بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق من تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه.
9 - لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس أمارات ظاهرة، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. ومن المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن الأول مع المتهمين الآخرين على ارتكاب جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على مال عام بغير حق، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. ويضحى النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن غير قويم.
10 - لما كان الثابت من الحكم أن المبلغ الذي دين المتهم الأول بالاستيلاء عليه هو بذاته المبلغ الذي ورد بأمر الإحالة بغير إضافة مبالغ أخرى تخرج مع مجموعه، وكان الطاعن لا ينازع في مقدار هذا المبلغ فإنه لا جدوى مما يثيره من أن الحكم يورد مفرداته مجزأة.
11 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدله ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
13 - لما كان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما في الدعوى الراهنة - فإن ما يثيره الطاعن في شأن تحريات الشرطة وأقوال ضابطي الواقعة وشهود الإثبات يكون محض جدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14 - لما كان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال الشهود وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة، ودفاعه بعدم ارتكاب ما نسب إليه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
15 - لما كان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يدل على أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفع أي منهما بأن الإقرار المنسوب إلى المتهم الثالث قد صدر منه نتيجة إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
16 - لما كان عدم توقيع المحكوم عليه غيابياً على محضر الضبط ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة أن التفتت عنه ولم ترد عنه.
17 - لما كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنها لدى محكمة النقض.
18 - لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين قاموا بصرف بعض المبالغ أو تزوير بعض الأوراق المضبوطة في الدعوى عجزت الاستدلالات عن الوصول إليهم، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
19 - لما كان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المضاهاة بسبب عدم القبض على هؤلاء الأشخاص واستكتابهم وعرضهم على أمينة الخزينة، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا القبض، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
20 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل.
21 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقريري لجنة النيابة العامة وقسم أبحاث التزييف والتزوير وعولت عليهما في إدانة الطاعن، بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر أو لجنة أخرى. فإنه لا تثريب عليها إن هي أغلقت دفاع الطاعن في هذا الشأن ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
22 - لما كان الثابت من محضر الجلسة....... ومدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قامت بفض الإحراز المحتوية على المستندات المزورة في حضور الطاعن الأول والمدافع عنه من ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك فإن ما يثيره الطاعن بدعوى عدم اطلاعه على المستندات المزورة لا يكون له وجه.
23 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديداً لمدى تأثير ما يدعيه الطاعن من مرض على مسئوليته الجنائية بعد أو وضحت لها الدعوى لأن الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي لا تلتزم الالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها. فإن ما ينعاه الطاعن في الخصوص لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - .... (طاعن) 2 - .... 3 - ...... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهم الأول: - 1 - بصفته موظفاً عاماً "مدير إدارة الشئون القانونية بشركة......." استولى بغير حق وبنية التملك على مبالغ وقدره سبعمائة وأربعة وخمسون ألفا وخمسمائة جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر قيمة تسويات ودية وهمية اصطنع والمتهمان الثاني والثالث وآخر مجهول كافة مستنداتها وقام بصرف مقابلها لنفسه بأسماء مزورة على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير والاستعمال التاليتين: أ - ارتكب أثناء تأديته وظيفته والمتهمان الأول والثاني وآخر مجهول تزويراً في محررات رسمية هي محاضر الشرطة المنسوب صدورها لمراكز شرطة القناطر الخيرية وقليوب وأشمون وبركة السبع وببا والتوكيلات الرسمية المنسوب صدورها المنسوب صدورها لمكاتب توثيق الظاهر والبدرشين والجيزة وشمال القاهرة بأن اصطنعها والمذكورون على غرار المحررات الصحيحة لتلك الجهات وبصموها بأختام مقلدة عليها واستعملها بأن قدمها للمختصين بجهة عمله للاحتجاج بما ورد بها وأعمال آثارها مع علمه بتزويرها. (ب) بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محررات لأحدى الشركات التي تسهم الدولة في رأس مالها (مخالصات استلام قيمة التسويات الودية الصادرة عن شركة.....) بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ووضع إمضاءات وعلامات مزورة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أثبت على خلاف الحقيقة بالمخالصات المذكورة صرف مقابلها للأسماء المدونة بها وذلك بتوقيعات وعلامات نسبها زوراً إليهم واستعملها بأن قدمها للمختصين بجهة عمله متمسكاً بصحتها ولإعمال آثارها مع علمه بتزويرها مما مكنه من الاستيلاء على قيمتها. ثانياً: بصفته سالفة الذكر اختلس استمارات التسوية الودية المبينة بالتحقيقات والمملوكة لشركة..... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته سالفة الذكر بأن تسلم الاستمارات واختلسها لنفسه بنية تملكها إخفاءً لما بها من مستندات مزورة استعملها في التسويات الودية التي تمكن بمقتضاها من انتزاع المبالغ التي استولى عليها على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهمان الثاني والثالث: أ - اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جناية الاستيلاء على أموال شركة...... المنسوبة إليه آنفاً بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن زورا معه وآخر مجهول محاضر الشرطة والتوكيلات الرسمية المبينة بالوصف أولاً باصطناعها على غرار المحررات الصحيحة الصادرة عن مراكز الشرطة ومكاتب التوثيق المنسوبة إليها وبصمها بأختام مقلدة عليها واستعملوها بأن أمد المتهم الأول بها مع علمهما بتزويرها فوقعت جنايات الاستيلاء والتزوير والاستعمال المنسوبة إليه بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ب - قلدا بواسطة الغير الأختام الخاصة بنيابات الزيتون والخليفة وروض الفرج الجزئية ولاية على المال ونيابة السيدة للأحوال الشخصية ولاية على النفس ومحكمتي جنوب القاهرة واستئناف القاهرة ونيابتي شرق القاهرة العسكرية ومأموريتي البدرشين وكفر الدوار للشهر العقاري ومكتبي توثيق الجيزة والمنيا بأن اصطنع المجهول الأختام المذكورة على غرار الأختام الصحيحة لها واستعملاها بأن بصما بها الأوراق المضبوطة بحيازتهما على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالنسبة للمتهم الأول والثالث وغيابياً للمتهم الثاني عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 112/ 1، 113/ 1، 2، 118، 119/ ب، 119 مكرر هـ، 206/ 3، 4، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع أعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: - بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريمه مبلغاً وقدره سبعمائة وأربعة وخمسون ألفاً وخمسمائة جنيه وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ إلى الجهة المجني عليها وبعزله من وظيفته عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إلى كل منهما. ثالثاً: إعدام المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن كل من المحكوم عليه الأول والأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

أولاً: طعن المحكوم عليه حسن....:
حيث إن المادة 41 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على سقوط الطعن المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة. ولما كانت العقوبة المحكوم بها على الطاعن ....... من العقوبات المقيدة للحرية، ولم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة طبقاً للثابت من الأوراق فإنه يتعين الحكم بسقوط طعنه.


ثانياً: طعن المحكوم عليه زاهر....:
حيث إن الطاعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاستيلاء على مال عام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية وأخرى مملوكة لإحدى الشركات واختلاس استمارات التسوية المبينة بالتحقيقات، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك أن البين من محاضر الجلسات والحكم أن محكمة الجنايات قد فصلت في موضوع الدعوى حال أن الاختصاص بنظرها ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها، طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1980 ولم يبين الحكم واقعة الدعوى المسندة إلى الطاعن بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم والظروف التي وقعت فيها، ولم يدلل على ارتكابه لها وطرق مشاركته فيها، وخلا من بيان مفردات المبلغ الذي دين بالاستيلاء عليه. وعول الحكم في الإدانة على تحريات مباحث الأموال العامة وأقوال ضابطي الواقعة رغم أن التحريات لا تصلح دليلاً، واستند في الإدانة على شهادة..... في شأن استلام الطاعن ملفات التسوية رغم عدم وجود سند كتابي بذلك، كما عول في الإدانة على اعتراف المحكوم عليه الثالث غيابياً بمحضر الضبط رغم أنه لم يسأل به ولم يوقع عليه وأنكره بالتحقيقات فضلاً عن أنه كان وليد إكراه وقع عليه عقب ضبطه. واتخذ الحكم من توقيع الطاعن على المخالصات التي ثبت تزويرها دليلاً ضده رغم وجود مخالصات أخرى ثبت تزويرها وقعت من آخرين، كما أن هناك أشخاصاً آخرين صرفوا بعض المبالغ المستولى عليها من خزينة الشركة المجني عليها ولم يثبت أن الطاعن شاركهم فيها بدلالة أقوال..... - أمينة الخزينة - مما كان يجب استدعاؤهم واستكتابهم وعرضهم على أمينة الخزينة المذكورة إلا أن المحكمة فصلت في الدعوى دون تدارك النقص في إجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة، وعولت المحكمة في الإدانة على المستندات التي ضبطت لديه رغم احتمال دسها عليه فضلاً عن أنها لا تقيد أنه ضالع في ارتكاب جريمتي التزوير والاختلاس. كما خلا الحكم ومحاضر جلسات المحاكمة مما يفيد اطلاع الطاعن على محتويات الإحراز محل الادعاء بالتزوير. وتمسك الدفاع عن الطاعن بعدم مسئوليته عما نسب إليه من أفعال بسبب إصابته بمرض عقلي أفقده القدرة على التصرف عن وعي كامل وبإرادة واعية، وطلب إحالته إلى الطبيب المختص ووضعه تحت الملاحظة الطبية لتقرير حالته العقلية ومدى مسئوليته عن أفعاله إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة، أن أمر إحالة الطاعن وآخرين قد صدر من نيابة الأموال العامة العليا بإحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين به، ففصلت فيها المحكمة محكمها المطعون فيه. ولما كان البين من رول جلستي....، ..... الموقع عليه من رئيس الهيئة أنه مستهل باسم محكمة أمن الدولة العليا، وهي المختصة بنظر الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه. فإن تصدير محاضر الجلسات والحكم باسم محكمة جنايات القاهرة لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي في الكتابة وزلة قلم لا تخفى، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهمها واقع الدعوى. ولما كانت العبرة في الكشف عن ماهية الحكم هي بحقيقة الواقع الذي يبين يقيناً من رول جلسة الحكم الموقع عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في الواقع من محكمة أمن الدولة العليا المختصة بنظر الدعوى المطروحة وفق القانون رقم 105 لسنة 1980 وليست باعتبارها محكمة جنايات. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات وتحريات مباحث الأموال العامة، وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، ومن تقرير اللجنة المشكلة - بقرار من النيابة العامة - لفحص أعمال الطاعن والمخالصات المضبوطة، ومن إقرار المتهم الثالث - المحكوم عليه غيابياً - بمحضر ضبط الواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وإذ كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت مادياً، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته، وأن جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات، تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من ذات القانون، ولو لم يكن هذا المال في حيازته، أو لم يكن من العاملين بالجهة التي تم له الاستيلاء على مالها، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه. وكان من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس أو الاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة. وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعن للأوراق التي أشار إليها الحكم في مدوناته، وعلى توافر جريمتي اختلاس تلك الأوراق والاستيلاء بغير حق على المال العام في حق الطاعن، بأركانهما المادية والمعنوية، وإذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً على توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين، بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق من تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه. وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس أمارات ظاهرة، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. ومن المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن الأول مع المتهمين الآخرين على ارتكاب جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على مال عام بغير حق، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. ويضحى النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن غير قويم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم أن المبلغ الذي دين المتهم الأول بالاستيلاء عليه هو بذاته المبلغ الذي ورد بأمر الإحالة بغير إضافة مبالغ أخرى تخرج مع مجموعه، وكان الطاعن لا ينازع في مقدار هذا المبلغ فإنه لا جدوى مما يثيره من أن الحكم يورد مفرداته مجزأة. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما في الدعوى الراهنة. فإن ما يثيره الطاعن في شأن تحريات الشرطة وأقوال ضابطي الواقعة وشهود الإثبات يكون محض جدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال الشهود وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة، ودفاعه بعدم ارتكاب ما نسب إليه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يدل على أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفع أي منهما بأن الإقرار المنسوب إلى المتهم الثالث قد صدر منه نتيجة إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان عدم توقيع المحكوم عليه غيابياً على محضر الضبط ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة أن التفتت عنه ولم ترد عنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شاهدة النفي.... أمينة الخزينة ثم أفصح عن عدم اطمئنانه إليها، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنها لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره من وجود متهمين آخرين قاموا بصرف بعض المبالغ أو تزوير بعض الأوراق المضبوطة في الدعوى عجزت الاستدلالات عن الوصول إليهم، طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المضاهاة بسبب عدم القبض على هؤلاء الأشخاص واستكتابهم وعرضهم على أمينة الخزينة، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا القبض، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقريري لجنة النيابة العامة وقسم أبحاث التزييف والتزوير وعولت عليهما في إدانة الطاعن، بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر أو لجنة أخرى. فإنه لا تثريب عليها إن هي أغلقت دفاع الطاعن في هذا الشأن ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة...... ومدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قامت بفض الإحراز المحتوية على المستندات المزورة في حضور الطاعن الأول والمدافع عنه من ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى عدم إطلاعه على المستندات المزورة لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض عقلي وأطرحه برد كاف وسائغ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديداً لمدى تأثير ما يدعيه الطاعن من مرض على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى لأن الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي لا تلتزم الالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20839 لسنة 66 ق جلسة 8 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 137 ص 999

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج ومحمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة. وحمد عبد اللطيف.

-------------------

(137)
الطعن رقم 20839 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". "بياناته" استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش موضوعي.
عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في رقم العقار الذي يقطن به الثاني. لا يقدح بذاته في جدية التحري.
استدلال الحكم على جدية التحريات. بقاله أن التفتيش أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدر مع كل من المتهمين وتابلوه السيارة تزيد لا يؤثر في جدية التحريات.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ماهيته؟
(4) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي.
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها تجزئة هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً للاتجار في المخدرات. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائز.
(5) تفتيش "التفتيش بإذن. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إثبات الحكم أن الضابط استصدر إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة. مفاده صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة.
التفات الحكم عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة لا يعيبه طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على إذن رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود لا يعيبه الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض
(9) إثبات "شهود" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي. علة ذلك؟
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(12) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش كفاية أن يكون مصدر الإذن مختصاً مكانياً وموقعاً عليه منه.
عدم وضوح توقيع مصدر الإذن. لا يعيبه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح.
(13) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب. محكمة الموضوع". سلطتها في تقدير الدليل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حالتي التمتع بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 مناط تحققهما؟
الفصل في مدى أثر الإخبار في تحديد أشخاص الجناة وتمكين السلطات من ضبطهم. موضوعي مثال لتسبيب سائغ لانتفاء أحقية الطاعن في الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960.
(14) مواد مخدرة. جريمة "أركانها. قصد جنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد الاتجار في المواد المخدرة واقعة مادية. تقديرها موضوعي. شرط ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعنين في جريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر.
(15) مواد مخدرة. جريمة "أركانها. قصد جنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
القصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة المخدر تحققه بالعلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(16) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(17) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. خبرة "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة. فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني لا يقدح بذاته في جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدرة مع كل من المتهمين وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بنى على تحريات جدية سبقت صدوره.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
4 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداها، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص فضلاًَ عن انعدام مصلحتهما في إثارته - لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم..... الضابط بإدارة مكافحة المخدرات دلت على أن الطاعنين يتجران في المواد المخدرة ويقومان بترويجها على عملائهما متخذين في ذلك إحدى السيارات الخاصة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما وتفتيش السيارة المذكورة فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن على غير أساس.
6 - لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط يكون بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - أخذ المحكمة بشهادة الضباط الثلاثة يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله.
11 - لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول اقتصر في مرافعته على القول "... إن البنطال المقول بضبط المخدر بجيبه الأيمن ليس به جيوب إطلاقاً وأن السيارة لم تعاينها النيابة تحققاً لوجود تابلوه أو أن له مفتاحاً ووجود سيطرة من المتهم عليه.... وبعد أن استطرد في مرافعته عاد إلى القول ".... إن الدفع باستحالة الواقعة لأن بنطلون المتهم ليس له جيوب فلا يمكن أن يتحمل المتهم قصور إجراءات التحقيق". وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول اقتصر على النعي على النيابة العامة عدم إجراء معاينة للسيارة محل الضبط وقصور إجراءات التحقيق بشأن جيب بنطاله ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
12 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح وأطرحه في قوله: "إن المقرر قانوناً طبقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ويجروا في شأنها ما يلزم من الإيضاحات والتحريات والمعاينات وعليهم إثبات جميع الإجراءات في محاضر موقع عليها منهم ترسل للنيابة العامة وبناء على ذلك يتعين أن تثبت محاضر التحريات كتابة ويوقع عليها بإمضاء من أصدرها لتبقى حجة وأساساً صالحاً لما ينبني عليها من نتائج، إلا أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً للتوقيع مكتفياً بحصوله كافياً لينم عمن أصدره ويفصح عن شخص صاحبه، ولما كان اطلاع المحكمة على التوقيع المنسوب لمحرر محضر التحريات المقدم..... كافياً في هذا الخصوص وتطمئن إلى صدوره عنه فإن النعي في هذا الشأن يكون ورد على غير أساس". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع هذا فضلاًَ عن أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره، وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحي غير مقبول.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتمتع الطاعنين بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله: "أما عن طلب إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات التي تقضى الإعفاء من العقوبة فإن نصها يقوم موجبه على أنه إذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة، وهذا يقتضي أن يكون الإخبار هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة من مرتكبي الجريمة أو أن يتضمن هذا الإخبار إضافة جديدة لمعلومات سابقة كانت لدى السلطات ويترتب على ذلك أن لا يكون الإخبار وارداً على أشخاص كان لهم شأن في توافر المعلومات التي مكنت السلطات من ضبط من قام بهذا الإخبار لأن ذلك لا يتحقق به قصد الشارع الذي هدف بتقريره ميزة الإعفاء من العقاب أن يسهم الإخبار في معاونة السلطات للتوصيل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليه في المواد 33، 34، 35 من قانون المخدرات، ولما كان ذلك، وكان الثابت محضر التحريات عن المتهمين في القضية الماثلة قد حرره المقدم..... في 6/ 10/ 1994 وصدر إذن النيابة العامة بناء عليه بضبطهما في 7/ 10/ 1994 وتم تنفيذ ذلك في ذات اليوم وفي اليوم التالي أشر وكيل النيابة على المحضر الخاص بحجز المتهمين وعرضهما عليه في 9/ 10/ 1994 حيث تولى التحقيق في الثانية عشرة والربع مساء وأدلى المذكوران بأقوالهما التي تضمنت الإخبار المراد الارتكان إليه في طلب الإعفاء من العقوبة، وكان الاطلاع على أوراق قضية الجناية رقم...... لسنة 1994 الأزبكية (..... لسنة 1994 كلي شمال القاهرة) التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لطلب المتهمين قد أظهر أن التحريات قد حررت بمعرفة النقيب...... في 8/ 10/ 1994 عن أن المتهمين 1 - .... 2 - .... 3 - .... يكونون تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة ويتخذون من فندق..... بالأزبكية مركزاً لعقد صفقاتهم وصدر إذن من النيابة العامة بضبطهم وتفتيشهم ونفذ ذلك في حوالي الثانية عشرة من مساء يوم 9/ 10/ 1994 وأسفر عن ضبط ثلاثتهم يحرز كل منهم كمية من مخدر الهيروين، والواضح مما تقدم ومن جميع الأوراق أن المتهمين في القضية الماثلة لم يذكرا شيئاً ولم يبلغا أو يخبرا أحداً بأمر من يدعى..... حتى أجرت النيابة العامة التحقيق معهما والتي بدأته في حوالي الساعة العاشرة والربع من مساء يوم 9/ 10/ 1994 بينما حرر ضابط آخر محضر التحريات عن اتجار..... ومن معه بالمواد المخدرة قبل ذلك في السابعة من مساء يوم 8/ 10/ 1994 ولم يكن المتهمان في القضية الماثلة قد أدليا بأقوالهما بالتحقيقات والتي تضمنت الإخبار الذي بان في الأوراق لأول مرة في ذلك الوقت، وقد أراد الدفاع أن يجعل المتهمين المذكورين هما مصدر التحريات في القضية الأخرى دون أن يقدم ما يسعف في ذلك، ولما كان ذلك، فإن مؤدى ما تقدم أن الإخبار عن.... قد جاء بعد علم السلطات ولم يكن القبض عليه وليد هذا الإخبار أو أثراً من آثاره، كذلك الأمر بالنسبة للأخبار عمن يدعى..... والمدعو..... فإن أقوال المتهم الثاني في هذا الشأن قد تضمنت ما يفيد أن الأول من هذين الشخصين كان السبيل إلى الثاني الذي قام اعتقاد المتهم المذكور عنه أنه أحد ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لأنه رآه في مبناها على أثر القبض عليه وكان الاقتناع يتأكد لدى المحكمة بصحة ما اعتقده هذا المتهم للأخير من أن يدعى.... هو أحد المنتمين للسلطات وأن المسمى...... هو أحد وسائله وكلاهما قد تداخل في توافر المعلومات التي ساعدت السلطات في القبض على المتهمين وضبط المخدرات بما مؤداه أن جهة الضبط كانت على بينة وعلم بهذين الشخصين اللذين وفرا لها المعلومات عن شخص المتهمين وضبطهما ومن ثم جاء الإخبار المراد الارتكان إليه في الحالتين الأول عن..... والثاني.... ومن يدعى..... خارج عن انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل، وغير محقق للغاية التي هدف المشرع إليها، بتقريره ميزة الإعفاء من العقوبة في مقابل الكشف عن الجرائم ومرتكبيها، مما يكون معه طلب الإعفاء قد جاء على خلاف الواقع والقانون. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون أخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعنين بالتمتع بالإعفاء أن شخصية المتهمين الذين أبلغ الطاعنان عنهم كانت معلومة للسلطات - على نحو ما جاء بأوراق الجناية رقم ...... لسنة 1994 الأزبكية التي أمرت محكمة الموضوع بضمها تحقيقاً لطلب الطاعنين - قبل أن يدلى الطاعنان بأية معلومات عنهم بعد ضبطهما، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
14 - لما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار لدى الطاعنين واستظهره في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار لدى المتهمين فإن المحكمة تأخذه من التحريات التي دلت على أن هذين الشخصين يتجران سوياً في مخدر الهيروين وأن لديهما كمية منه يتوليان ترويجها على عملائهما بمنطقتي النزهة ومدنية نصر والتي سطرها الضابط..... في محضره المؤرخ 6/ 10/ 1994 وصدر له إذن من نيابة شرق القاهرة الكلية بناء عليها ومما أثبته ذات الضابط في محضر الضبط المؤرخ 7/ 10/ 1994 عن ذلك وأن المتهمين أقرا له شفاهة في حضور الضابطين الآخرين باتجارهما سوياً بالمخدر المضبوط معهما وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها ومما قرره الضباط الثلاثة عن ذلك بتحقيقات النيابة العامة كما أن المحكمة تتبين هذا القصد لدى المتهمين من تجزئتهما لكمية المخدر المضبوط والتي يزيد وزنها على المائة جرام واحتفاظ كل منهما بجزء منها معه وإبقاء الكمية الأكبر في السيارة مما مؤداه إعدادهما هذه المادة لترويجها وتوزيعها على عملائهما بتجزئتها والاحتفاظ بعينة منها لعرضها على هؤلاء الأشخاص واطلاعهم عليها، وترى المحكمة قصد الاتجار أيضاً فيما قال به المتهمان بتحقيقات النيابة العامة من أن الأول منهما استجلب كمية من مخدر الهيروين وأنهى أمرها للثاني للبحث عن مشتر لها بعد أن اتفقا على ما يكون لكل منهما من حصيلة ذلك وبناء على ما حصل بينهما أخذ الثاني منهما في البحث ليجد ضالته وقدمها للمتهم الأول وتم عرض المخدر عليه وتحدد وزنه وثمنه وميقات إتمام الصفقة الذي واكبته عملية الضبط ومفاد ذلك هو إحرازهما وحيازتهما للجوهر المخدر وعرضه للبيع والبحث عن مشتر له إلى أن تم لهما ما أراداه وعقدا صفقة البيع بما يتحقق به قصد الاتجار لديهما على النحو المعرف به في القانون". وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كانت بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً.
15 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزانه مخدر، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
16 - من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.
17 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعنين هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1 - ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد. 2 - حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما لمحكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34 فقرة أولى ( أ ) وفقرة ثانية (6)، 42/ 1، 36/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وبراءتهما من التهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر "هيروين" بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه حرر في صورة غامضة مبهمة وبصيغة عامة معماة، هذا وقد تمسك دفاع الطاعنين بجلسة المحاكمة ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من سوابقهما ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما فضلاً عن خلوها من مهنة الطاعنين وعمرهما ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية وخطئها في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني بيد أن الحكم لمطعون فيه أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه واتخذ من ضبط المخدر مع الطاعنين سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن، وعول الحكم على هذه التحريات في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش في حين أنه لم يعتد بها في قضائه بتبرئة الطاعنين من تهمة تأليف تشكيل عصابي الغرض منه الاتجار في المواد المخدرة، فضلاً عن أن الطاعنين دفعاً ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة. وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يصلح لإطراحهما، هذا وقد تمسك دفاع الطاعنين بأن لواقعة الدعوى صورة أخرى تخالف الصورة التي رواها الضباط الثلاثة (شهود الإثبات) بشأن مكان الضبط حيث تم ضبطهما بدائرة...... التي تخرج عن اختصاص مصدر الإذن بما يكون معه الإذن بضبطهما وتفتيشهما باطلاً لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره، فضلاً عن تناقض أقوال هؤلاء الضباط عن كيفية توزيع أفراد الكمين الذي قام بالضبط، بيد أن المحكمة عولت على أقوالهم ملتفتة عن هذا الدفاع ولم تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بضم دفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات وبسؤال باقي أفراد القوة المرافقة للضباط وقت الضبط، كما وأن دفاع الطاعنين تمسك باستحالة حدوث الواقعة وفق ما جاء بتصوير شهود الإثبات لأن بنطال كل منهما كان خالياً من الجيوب بما لا يتصور معه أن يكون أي منهما قد احتفظ بالمخدر في جيب بنطاله بالإضافة إلى أن تابلوه السيارة لم يكن يتسع للكيس المدعي بضبطه فيه محتوياً على المخدر بيد أن المحكمة أطرحت دفاعهما دون أن تحققه بإجراء المعاينة اللازمة التي لم تقم بها النيابة العامة لملابس المتهمين أو للسيارة محل الضبط وصولاً لوجه الحق في الدعوى، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعنين ببطلان محضري التحريات والضبط وإذن التفتيش لتوقيعها بتوقيعات غير مقروءة بما لا يصح لإطراحه، كما أطرح الحكم المطعون فيه برد غير سائغ دفاع الطاعنين القائم على تمتعهما بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل لإخبارهما السلطات عن مصدر المواد المخدرة المضبوطة حيث تم ضبط المتهمين فيها وبناء على إرشادهما ولم تقم المحكمة بمواجهة شهود الإثبات بهذا الدفاع أو الاطلاع على دفتر الأحوال الخاص بضبط المتهمين الذين أرشد عنهم الطاعنان، هذا ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر قصد الاتجار في حق الطاعنين، كما لم يدلل كذلك على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين وعلمهما بكنه المادة المخدرة المضبوطة، وأخيراً فقد تساند الحكم المطعون فيه إلى الدليل المستمد من تقرير المعامل الكيماوية رغم أن الخبير أثبت قيامه بفحص المواد المضبوطة وليس تحليلها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر "هيروين" بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد سوابق الطاعنين ومصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما وسمعتهما في موطنهما ومهنة كل منهما وعمره ومحل إقامة الأول وحالته الاجتماعية والخطأ في بيان رقم العقار الذي يقطن به الثاني لا يقدح بذاته في جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد أسفر عن العثور على مادة الهيروين المخدرة مع كل من المتهمين وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداها، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة داخل البلاد متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن المتهمين ألفا تشكيلاً عصابياً الغرض منه الاتجار في الجواهر المخدرة - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص فضلاًَ عن انعدام مصلحتهما في إثارته - لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم..... الضابط بإدارة مكافحة المخدرات دلت على أن الطاعنين يتجران في المواد المخدرة ويقومان بترويجها على عملائهما متخذين في ذلك إحدى السيارات الخاصة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما وتفتيشهما وتفتيش السيارة المذكورة فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهما وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط يكون بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. ولا عليها بعد ذلك إن هي التفتت عما أبداه الطاعنان من دفاع في شأن مكان ضبطهما تأدياً من ذلك إلى القول بعدم اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالقبض والتفتيش مكانياً بإصداره ذلك أن أخذ المحكمة بشهادة الضباط الثلاثة يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول اقتصر في مرافعته على القول "... إن البنطال المقول بضبط المخدر بجيبه الأيمن ليس به جيوب إطلاقاً وأن السيارة لم تعاينها النيابة تحققاً لوجود تابلوه أو أن له مفتاحاً ووجود سيطرة من المتهم عليه..... "وبعد أن استطرد في مرافعته عاد إلى القول "... إن الدفع باستحالة الواقعة لأن بنطلون المتهم ليس له جيوب فلا يمكن أن يتحمل المتهم قصور إجراءات التحقيق". وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول اقتصر على النعي على النيابة العامة عدم إجراء معاينة للسيارة محل الضبط وقصور إجراءات التحقيق بشأن جيب بنطاله ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان محضر التحريات لتوقيع محرره عليه بتوقيع غير واضح وأطرحه في قوله: "إن المقرر قانوناً طبقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ويجروا في شأنها ما يلزم من الإيضاحات والتحريات والمعاينات وعليهم إثبات جميع الإجراءات في محاضر موقع عليها منهم ترسل للنيابة العامة وبناء على ذلك يتعين أن تثبت محاضر التحريات كتابة ويوقع عليها بإمضاء من أصدرها لتبقى حجة وأساساً صالحاً لما ينبني عليها من نتائج، إلا أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً للتوقيع مكتفياً بحصوله كافياً لينم عمن أصدره ويفصح عن شخص صاحبه، ولما كان اطلاع المحكمة على التوقيع المنسوب لمحرر محضر التحريات المقدم..... كافياً في هذا الخصوص وتطمئن إلى صدوره عنه فإن النعي في هذا الشأن يكون ورد على غير أساس". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع هذا فضلاًَ عن أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره، وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان المحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتمتع الطاعنين بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله: "أما عن طلب إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات التي تقضى بالإعفاء من العقوبة فإن نصها يقوم موجبه على أنه أن حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلاً إلى ضبط باقي الجناة، وهذا يقتضي أن يكون الإخبار هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة من مرتكبي الجريمة أو أن يتضمن هذا الإخبار إضافة جديدة لمعلومات سابقة كانت لدى السلطات ويترتب على ذلك أن لا يكون الإخبار وارداً على أشخاص كان لهم شأن في توافر المعلومات التي مكنت السلطات من ضبط من قام بهذا الإخبار لأن ذلك لا يتحقق به قصد الشارع الذي هدف بتقريره ميزة الإعفاء من العقاب أن يسهم الإخبار في معاونة السلطات للتوصيل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليه في المواد 33، 34، 35 من قانون المخدرات، ولما كان ذلك، وكان الثابت محضر التحريات عن المتهمين في القضية الماثلة قد حرره المقدم..... في 6/ 10/ 1994 وصدر إذن النيابة العامة بناء عليه بضبطهما في 7/ 10/ 1994 وتم تنفيذ ذلك في ذات اليوم وفي اليوم التالي أشر وكيل النيابة على المحضر الخاص بحجز المتهمين وعرضهما عليه في 9/ 10/ 1994 حيث تولى التحقيق في الثانية عشرة والربع مساء وأدلى المذكوران بأقوالهما التي تضمنت الإخبار المراد الارتكان إليه في طلب الإعفاء من العقوبة، وكان الاطلاع على أوراق قضية الجناية رقم....... لسنة 1994 الأزبكية (.... لسنة 1994 كلي شمال القاهرة) التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لطلب المتهمين قد أظهر أن التحريات قد حررت بمعرفة النقيب.... في 8/ 10/ 1994 عن أن المتهمين 1 - .... 2 - .... 3 - .... يكونون تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة ويتخذون من فندق.... بالأزبكية مركزاً لعقد صفقاتهم وصدر إذن من النيابة العامة بضبطهم وتفتيشهم ونفذ ذلك في حوالي الثانية عشرة من مساء يوم 9/ 10/ 1994 وأسفر عن ضبط ثلاثتهم يحرز كل منهم كمية من مخدر الهيروين، والواضح مما تقدم ومن جميع الأوراق أن المتهمين في القضية الماثلة لم يذكرا شيئاً ولم يبلغاً أو يخبرا أحداً بأمر من يدعى ...... حتى أجرت النيابة العامة التحقيق معهما والتي بدأته في حوالي الساعة العاشرة والربع من مساء يوم 9/ 10/ 1994 بينما حرر ضابط آخر محضر التحريات عن اتجار..... ومن معه بالمواد المخدرة قبل ذلك في السابعة من مساء يوم 8/ 10/ 1994 ولم يكن المتهمان في القضية الماثلة قد أدليا بأقوالهما بالتحقيقات والتي تضمنت الإخبار الذي بان في الأوراق لأول مرة في ذلك الوقت، وقد أراد الدفاع أن يجعل المتهمين المذكورين هما مصدر التحريات في القضية الأخرى دون أن يقدم ما يسعف في ذلك، ولما كان ذلك، فإن مؤدى ما تقدم أن الإخبار عن ..... قد جاء بعد علم السلطات ولم يكن القبض عليه وليد هذا الإخبار أو أثراً من آثاره، كذلك الأمر بالنسبة للأخبار عمن يدعى.... والمدعو .... فإن أقوال المتهم الثاني في هذا الشأن قد تضمنت ما يفيد أن الأول من هذين الشخصين كان السبيل إلى الثاني الذي قام اعتقاد المتهم المذكور عنه أنه أحد ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لأنه رآه في مبناها على أثر القبض عليه وكان الاقتناع يتأكد لدى المحكمة بصحة ما اعتقده هذا المتهم للأخير من أن يدعى.... هو أحد المنتمين للسلطات وأن المسمى.... هو أحد وسائله وكلاهما قد تداخل في توافر المعلومات التي ساعدت السلطات في القبض على المتهمين وضبط المخدرات بما مؤداه أن جهة الضبط كانت على بينة وعلم بهذين الشخصين اللذين وفرا لها المعلومات عن شخص المتهمين وضبطهما ومن ثم جاء الإخبار المراد الارتكان إليه في الحالتين الأول عن..... والثاني .... ومن يدعى..... خارج عن انطباق حكم الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل، وغير محقق للغاية التي هدف المشرع إليها، بتقريره ميزة الإعفاء من العقوبة في مقابل الكشف عن الجرائم ومرتكبيها مما يكون معه طلب الإعفاء قد جاء على خلاف الواقع والقانون. لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون أخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعنين بالتمتع بالإعفاء أن شخصية المتهمين الذين أبلغ الطاعنان عنهم كانت معلومة للسلطات - على نحو ما جاء بأوراق الجناية رقم.... لسنة 1994 الأزبكية التي أمرت محكمة الموضوع بضمها تحقيقاً لطلب الطاعنين - قبل أن يدلى الطاعنان بأية معلومات عنهم بعد ضبطهما، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار لدى الطاعنين واستظهره في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار لدى المتهمين فإن المحكمة تأخذه من التحريات التي دلت على أن هذين الشخصين يتجران سوياً في مخدر الهيروين وأن لديهما كمية منه يتوليان ترويجها على عملائهما بمنطقتي النزهة ومدنية نصر والتي سطرها الضابط..... في محضره المؤرخ 6/ 10/ 1994 وصدر له إذن من نيابة شرق القاهرة الكلية بناء عليها ومما أثبته ذات الضابط في محضر الضبط المؤرخ 7/ 10/ 1994 عن ذلك وأن المتهمين أقرا له شفاهة في حضور الضابطين الآخرين باتجارهما سوياً بالمخدر المضبوط معهما وبتابلوه السيارة التي كانا يستقلانها ومما قرره الضباط الثلاثة عن ذلك بتحقيقات النيابة العامة كما أن المحكمة تتبين هذا القصد لدى المتهمين من تجزئتهما لكمية المخدر المضبوط والتي يزيد وزنها على المائة جرام واحتفاظ كل منهما بجزء منها معه وإبقاء الكمية الأكبر في السيارة مما مؤداه إعدادهما هذه المادة لترويجها وتوزيعها على عملائهما بتجزئتها والاحتفاظ بعينة منها لعرضها على هؤلاء الأشخاص واطلاعهم عليها، وترى المحكمة قصد الاتجار أيضاً فيما قال به المتهمان بتحقيقات النيابة العامة من أن الأول منهما استجلب كمية من مخدر الهيروين وأنهى أمرها للثاني للبحث عن مشتر لها بعد أن اتفقا على ما يكون لكل منهما من حصيلة ذلك وبناء على ما حصل بينهما أخذ الثاني منهما في البحث ليجد ضالته وقدمها للمتهم الأول وتم عرض المخدر عليه وتحدد وزنه وثمنه وميقات إتمام الصفقة الذي واكبته عملية الضبط ومفاد ذلك هو إحرازهما وحيازتهما للجوهر المخدر وعرضه للبيع والبحث عن مشتر له إلى أن تم لهما ما أراداه وعقدا صفقة البيع بما يتحقق به قصد الاتجار لديهما على النحو المعرف به في القانون". وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كانت بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزانه مخدر، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يذكر شيئاً عما تضمنه تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعنين هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20998 لسنة 66 ق جلسة 8 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 139 ص 1033

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان ورجب فراج ومحمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة. ود/ صلاح البرعي.

---------------

(139)
الطعن رقم 20998 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قانون "تفسيره". ارتباط. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "أثر الطعن". اختلاس أموال أميرية.
النص في المادة 118 عقوبات. ماهيته؟
جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس أو المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه.
دفاع المتهم بسداد جزء من المبلغ المستولى عليه. جوهري. وجوب أن تمحصه المحكمة وترد عليه بما يبرر رفضه. إغفال ذلك استناداً إلى أن الرد لا يؤثر على قيام الجريمة وإلزامها المتهمين جميعاً برد كل المبلغ. قصور وإخلال بحق الدفاع.
حسن سير العدالة. يوجب امتداد أثر نقض الحكم للمحكوم عليه الذي لم يقبل طعنه شكلاً.
نقض الحكم في تهمة. يوجب نقضه في جميع التهم المسندة للمحكوم عليهم. ما دام قد اعتبرها مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها.

--------------
1 - لما كان الطاعن/..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى و114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى بعزل الجاني من وظيفته وتزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 132 مكرراً فقرة أولى 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله وطلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه "والبين أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس" والمستولى عليه في ذمة المتهم باختلاسه أو الاستيلاء عليه حتى الحكم عليه وكان دفاع الطاعن فيما سلف يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً ومؤثراً في تقدير عقوبة الرد مما كان يقتضي من المحكمة تمحيصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه أما وأنها لم تفعل وردت عليه محتجة بأن الرد لا يؤثر على قيام الجريمة ثم ألزمته وباقي المتهمين برد كل المبلغ دون تحقيق منها لصحة ما ذهب إليه من سداد بعضه فإنها لا تكون قد وقفت على حقيقة دفاعه ولم ترد عليه، بل وأطرحته بما لا يسوغ مما يشوب حكمها بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة للطاعن وباقي الطاعنين، بما فيهم من لم يقبل طعنه شكلاً - لحسن سير العدالة ولما هو مقرر من أن نقض الحكم في تهمة يوجب نقضه في جميع التهم المسندة إلى المحكوم عليهم ما دام أن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: المتهمان الأول والثاني - بصفتهما موظفين عموميين "الأول مدير إدارة المعادي بشركة..... إحدى وحدات قطاع الأعمال التابعة للشركة القابضة للنقل والثاني محاسب بنك... إحدى الشركات المساهمة التي تسهم فيها هيئة الأوقاف المصرية سهلاً للمتهمين الرابع والخامس الاستيلاء دون حق على البضائع المبينة الوصف بالأوراق والبالغ قيمتها ستة ملايين جنيه والمملوكة لجهة عمل المتهم الأول وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محرر منسوب لإحدى الشركات المساهمة واستعماله ارتباطاً لا يقبل التجزئة هو أنه وفي ذات الزمان والمكان سالفى الذكر اشتركا مع المتهمين الرابع والخامس وآخر مجهول بطريق الاتفاق على تزوير خطاب الضمان النهائي رقم..... المنسوب صدوره لبنك..... في 28 نوفمبر سنة 1994 بمبلغ ستة ملايين جنيه لصالح شركة مصر للتجارة كطلب شركة..... للتجارة والتوريدات والتوكيلات التجارية المملوكة للمتهمين الرابع والخامس بأن اتفقا معهم على اصطناعه فقام المتهمان الرابع والخامس بمد المتهم المجهول بالبيانات اللازم إثباتها فيه فقام الأخير باصطناعه على غرار المحررات الصحيحة الصادرة من هذه الجهة ومهره ببصمة خاتم مقلد على غرار الخاتم الصحيح لها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة واستعملا هذا المحرر المزور فيما زور من أجله بأن قدمه الثاني إلى جهة عمل الأول للاحتجاج عليها بما دون فيها على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهمان الأول والثالث - بصفتهما موظفين عموميين "الأول بصفته سالفة الذكر والثالث بصفته مدير إدارة ببنك...... إحدى وحدات قطاع الأعمال العام" شرعا في تسهيل استيلاء المتهمين الرابع والخامس دون حق على البضائع المبينة بالأوراق والبالغ قيمتها سبعة عشر مليوناً وأربعمائة وسبعون ألف جنيه. والمملوكة لجهة عمل الأول وقد أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو تدارك المسئولين بالجهة المجني عليه للأمر. وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير. في محررين منسوب صدورهما لإحدى الشركات المساهمة واستعمالهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة هو أنه وفي ذات الزمان والمكان سالفى الذكر اشتركا مع المتهمين الرابع والخامس وآخر مجهول بطريق الاتفاق على تزوير خطاب الضمان رقم.... المنسوب صدوره لبنك.... فرع الأوبرا وتعزيزه المؤرخ.... من... سنة 1995 بمبلغ عشرين مليون جنيه لصالح شركة.... كطلب شركة.... للتجارة والتوريدات والتوكيلات المملوكة للمتهمين الرابع والخامس بأن اتفقا معه على اصطناعهما فقاما المتهمان الرابع والخامس بمد المتهم المجهول بالبيانات اللازم إثباتها فيها فقام الأخير باصطناعهما على غرار المحررات الصحيحة الصادرة من تلك الجهة ومهرهما ببصمة خاتم لا يخص هذه الجهة استحصل عليه المتهم الثالث دون وجه حق واستعملا هذين المحررين المزورين فيما زورا من أجله بأن قدمهما المتهم الثالث للمتهم الأول الذي قدمهما لجهة عمله للاحتجاج عليها بما دون فيها. ثالثاً: المتهمان الرابع والخامس - 1 - اشتركا مع المتهمين الأول والثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام في البند أولاً على النحو المبين بالأوراق. 2 - اشتركا مع المتهمين الأول والثالث بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام في البند ثانياً على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: المتهم الأول - بصفته سالفة الذكر أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بارتكابه الجريمة موضوع الاتهام بالبند أولاً بما ترتب عليه أضراراً بأموال هذه الجهة بلغت ستة ملايين جنيه على النحو المبين بالأوراق. 2 - بصفته سالفة الذكر أخذ من المتهم الرابع عطية بلغت "أثنين وخمسين ألفا وخمسمائة جنيه" للإخلال بواجبات وظيفته بقبول خطاب الضمان المزور محل الاتهام بالبند أولاً دون التحقق من جهة إصداره عن صحته حسبما تفرض عليه واجبات وظيفته على النحو المبين بالأوراق. خامساً - المتهمون الثاني والرابع والخامس - اشتركوا مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة محل الاتهام بالبند رابعاً رقم (1) على النحو المبين بالأوراق. سادساً - المتهمون الأول والثاني والرابع والخامس - قلدوا بواسطة الغير خاتم إحدى الشركات المساهمة التي تسهم هيئة عامة بنصيب في مالها" بنك...." باصطناعه على غرار الخاتم الصحيح لتلك الجهة واستعملوه بأن بصموا به على المحرر المزور المبين بالتهمة أولاً على النحو المبين بالأوراق. سابعاً - المتهم الرابع - قدم للمتهم الأول "اثنين وخمسين ألفا وخمسمائة جنيه" على سبيل الرشوة موضوع الاتهام الثاني بالبند رابعاً على النحو المبين بالأوراق. ثامناً المتهم الثالث - استحصل دون وجه حق على خاتم لبنك.... المنطقة الخاصة واستعمله بأن بصم به خطاب الضمان المزور رقم..... المنسوب صدوره لبنك مصر فرع الأوبرا وتعزيزه المؤرخ 15 مارس سنة 1995 على النحو المبين بالأوراق. تاسعاً المتهمان الرابع والخامس - اشتركا مع المتهم الثالث بطريقي الاتفاق في ارتكاب الجريمة المسندة إليه بالبند ثامناً على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 ثانياً وثالثاً، 41/ أولاً، 45/ أولاً، 36/ أولاً، 46/ ثانياً، وثالثاً، 103، 104، 107 مكرراً، 111/ 6، 113/ 1 - 2، 116 مكرراً ص، 118، 119/ ب، 119 مكرراًَ، هـ، 206، 206 مكرراًَ، 207، 214 مكرراً من قانون العقوبات والمادتين 30، 32 من ذات القانون مع إعمال المادة 17 منه بالنسبة للمتهمين الأول، والثاني، الرابع بمعاقبة كل من.... و... و.... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وعزل الأول من وظيفته وتغريمه وثانيهما مبلغ خمسين ألف جنيه وبمعاقبة كل من ..... و..... بالسجن لمدة خمس سنوات وعزلهما من وظيفتهما وتغريم المتهمين جميعاً عدا الثالث مبلغ ستة ملايين جنيه وإلزامهم متضامنين برد مثل هذا المبلغ ومصادرة المحررات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن/..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
حيث إن الطعن بالنسبة لباقي الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار عمداً بأموال الجهة التي يعمل بها المتهم الأول، وتقليد أختام والاستحصال بدون وجه حق على أختام لجهات واستعمالها وتقديم رشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الدفاع عن الطاعن أعترض على كشوف الحساب المقدمة من الشركة المجني عليها لمخالفتها الحقيقة إذ أنه سدد أكثر من مليونين ونصف مليون جنيه من قيمة صفقة الستة ملايين وطلب إحالة الدعوى لمكتب الخبراء لبيان ما تم سداده فعلياً لخزينة الشركة تمهيداً لخصمه إلا أن المحكمة التفتت عن اعتراضه وطلبه وألزمته وباقي المتهمين برد المبلغ كله بالمخالفة للقانون وردت على دفاعه في هذا الشأن برد غير سائغ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن ندب خبير في الدعوى لتحديد حقيقة المبلغ واطرحه في قوله "وحيث إنه عن طلب المتهم الرابع إحالة الدعوى إلى مكتب الخبراء أو إلى أية جهة أو جهاز حسابي آخر وطلب المتهم الخامس جرد ميزانية شركة مصر للتجارة الخارجية بدعوى أنهما قاما بسداد مليونين من الجنيهات لم تعترف الشركة بها فضلاً عن أن شركة..... قامت بسداد مبالغ أخرى نيابة عنهما فإن من المقرر أنه لا أثر لرد المتهمين مقابل ما تم تسهيل الاستيلاء لهما عليه من بضائع على قيام الجرائم موضوع الاتهام لأن الظروف التي تعرض بعد قيام الجريمة لا تنفي قيامها ولا تؤثر في كيانها ويضحى طلبهم هذا عديم الجدوى متعين الرفض" لما كان ذلك، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى و114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى بعزل الجاني من وظيفته وتزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 132 مكرراً فقرة أولى 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله وطلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه "والبين أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس" والمستولى عليه في ذمة المتهم باختلاسه أو الاستيلاء عليه حتى الحكم عليه وكان دفاع الطاعن فيما سلف يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً ومؤثراً في تقدير عقوبة الرد مما كان يقتضي من المحكمة تمحيصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يبرر رفضه أما وأنها لم تفعل وردت عليه محتجة بأن الرد لا يؤثر على قيام الجريمة ثم ألزمته وباقي المتهمين برد كل المبلغ دون تحقيق منها لصحة ما ذهب إليه من سداد بعضه فإنها لا تكون قد وقفت على حقيقة دفاعه ولم ترد عليه، بل وأطرحته بما لا يسوغ مما يشوب حكمها بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة للطاعن وباقي الطاعنين، بما فيهم من لم يقبل طعنه شكلاً - لحسن سير العدالة ولما هو مقرر من أن نقض الحكم في تهمة يوجب نقضه في جميع التهم المسندة إلى المحكوم عليهم ما دام أن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة من سائر الطاعنين.