جلسة 18 من فبراير سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسين النخلاوي، إبراهيم فؤاد وأسامة محمود نواب رئيس المحكمة و د. أحمد أبو العينين .
----------------
(21)
الطعن رقم 2242 لسنة 87 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
عدم إرسال إدارة السجن العسكري الطاعن إلى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم للتقرير بالطعن بالنقض رغم إبدائه رغبته في الميعاد كتابة . عذر قهري يبرر تجاوزه ميعاد التقرير بالطعن . عدم كفايته عذراً لتقديم أسبابه بعد الميعاد . حد وأثر ذلك ؟
(3) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . إضرار عمدي . آثار . اشتراك . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " أثر الطعن " .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون ؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة . لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام . وجوب بناءها على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال .
مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استنادًا إلى القرائن ؟
عدم بيان الحكم تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعنون المثبتة لارتكابهم جرائم الاشتراك مع آخرين بطريقي الاتفاق والمساعدة في الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على القطع الأثرية والإضرار العمدي وعدم استظهاره عناصر الاشتراك وطريقته والتدليل على علمهم بما انتواه الطاعنان الأول والثاني من ارتكاب تلك الجرائم والاكتفاء بعبارات عامة مجهلة . قصور يوجب نقضه بالنسبة لهم وللذين لم يقبل طعنهم شكلاً . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(4) غرامة . قانون " تفسيره " . رد . عزل . عقوبة " تطبيقها " . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . آثار . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات . نسبية يلتزم المتهمون بها بالتضامن فيما بينهم . أساس وعلة ذلك ؟
جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه . وجوب الحكم به مع الغرامة المساوية لقيمة المال المختلس بالإضافة للعقوبات الأصلية .
تأقيت عقوبة العزل . مرهون باستعمال المحكمة للرأفة مع الحكم بالحبس . أساس ذلك ؟
معاقبة المطعون ضدهما في جريمة تسهيل استيلاء على قطع أثرية مملوكة للدولة بالسجن المشدد مع تأقيت عقوبة العزل دون تحديد مبلغ الغرامة الواجب القضاء بها ومقدار المال المستولى عليه . قصور وخطأ في تطبيق القانون . لا تملك معه محكمة النقض تصحيح التأقيت . علة وأثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعنين الأول والثالث والرابع والخامس وإن قرروا بالطعن إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم ، فيتعين الحكم بعدم قبول طعنهم شكلاً .
2- لما كان الطاعن قد تجاوز في التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب الميعاد القانوني بيد أنه تعلل بأنه كان مسجوناً بالسجن العسكري المركزي ، وأنه أبدى كتابة في الميعاد ما يفيد أنه يرغب في الطعن بالنقض على الحكم ، وذلك بموجب توكيل إداري صادر منه ومزيل بتوقيع قائد السجن العسكري وبخاتم السجن العسكري ، وكانت إدارة السجن لم تبعث به إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص ، ولم تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر السجن لتلقي رغبة الطاعن ، فإن هذا يعد عذراً قهرياً حال بينه وبين التقرير بالنقض في الميعاد ، بيد أن هذا بمجرده لا ينهض عذراً لتقديم أسبابه بعد الميعاد مادام أنه لا يدعي أنه حِيلَ بينه وبين الاتصال بمحاميه ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً .
3- لما كان الحكم قد حصّل واقعة الدعوى في قوله : ( .... تتحصل في أنه وبتاريخ .... وعقب اتفاق المتهمين كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... على سرقة القطع الأثرية الموجودة بمخزن الآثار .... بمنطقة .... والكائن بشارع .... بدائرة قسم .... توجهوا جميعاً فجراً إلى ذلك المكان بالسيارة قيادة المتهم .... ، حيث قام كل من المتهمين .... ، .... بتسلق السور وبحوزتهما عتلة حديدية لكسر الأقفال ، وتمكنوا من فتح الباب الحديدي للمخزن وسرقة القطع الأثرية الموجودة بداخله ، وحال ضبط المتهم الثالث والرابع عُثِر بحوزتهم على ثلاثة وخمسين قطعة أثرية من المسروقات ) . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيانٍ جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع العقل والمنطق والقانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم وعلى ما يبين من مدوناته لم يبين بوضوح وجلاء تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهم جرائم الاشتراك مع آخرين بطريقي الاتفاق والمساعدة في الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على القطع الأثرية المملوكة للدولة والإضرار العمدي ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نية الطاعنين مع الطاعنين الأول والثاني ـــــ واللذين قُضِي بعدم قبول طعنهما شكلاً ـــــ كما لم يورد الدليل على أن الطاعنين كانوا يعلمون علماً يقينياً بما انتواه الطاعنان الأول والثاني سالفي الذكر من ارتكاب جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار به ، وأنهم قصدوا إلى الاشتراك في هذه الجرائم وهم عالمون بها وبظروفها ، واكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعنين السادس والسابع والثامن ولباقي الطاعنين الذين قُضِي بعدم قبول طعنهم شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ، عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
4- من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان المشرع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من ذات القانون ، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم يُنَص في الحكم على خلاف ذلك ، إذ إن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم الجاني بصفة عامة دون تخصيص كما جاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقيد بأن من حُكِمَ عليه بها موظفاً عاماً أو من في حكمه ، وكان من المقرر أيضاً أن جزاء الرد يدور مع موجبه وهو بقاء المال المستولى عليه في ذمة المتهم المستولي عليه حتى الحكم عليه ، وأنه لا شأن لهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس ، وكلاهما يجب الحكم به فضلاً عن العقوبات الأصلية الواردة بالمادة 118 من قانون العقوبات ، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادة 27 من قانون العقوبات أن تأقيت عقوبة العزل رهن باستعمال المحكمة للمادة 17 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الحبس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحدد مبلغ الغرامة الواجب القضاء بها ، كما لم يبين بوضوح وتفصيل مقدار المال المستولى عليه ، فضلاً عن أنه عاقب المطعون ضدهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وقضى بتأقيت مدة العزل بالمخالفة للمادة 27 من قانون العقوبات ، بما يكون معه فوق قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يعجز هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ عن التقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها في شأن إغفال الحكم القضاء بعقوبتي الرد والغرامة ، كما أنه ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم ـــــ في شأن ما قضى به بتأقيت عقوبة العزل ـــــ قضت بنقضه ، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين المتهمين ، مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :ـــ
أولاً : المتهم الأول:ـــ بصفته موظفاً عاماً " حارس آثار خامس بوزارة الآثار " سهل لباقي المتهمين الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على عدد ستين قطعة أثرية والمبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من قانون العقوبات والمودعة عهدة مخزن الآثار .... بمنطقة .... الكائن بشارع .... وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــ بصفته سالفة الذكر أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها ضرراً جسيماً بأن ارتكب الجريمة الموصوفة بالبند السابق على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : المتهم الثاني:ـــ بصفته موظفاً عاماً " رقيب أول بـ .... " استولى بغير حق وبنية التملك على عدد ستين قطعة أثرية والمبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من قانون العقوبات والمودعة عهدة مخزن الآثار .... بمنطقة .... الكائن بشارع .... وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : المتهمين من الثالث حتى الثامن :ـــ اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجرائم الموصوفة بالبندين أولاً وثانياً بأن اتفقوا معهما على ارتكابها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 40/ أولاً وثانياً ، 41/ أولاً ، 113 /1 ، 116 مكرراً/1 ، 118 ، 118 مكرراً/ أولاً و ثالثاً و خامساً ، 119/ 1 ، 119 مكرراً/ أ ، ج من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 6 ، 32/1 ، 40 ، 42 فقرة 2 بند 1 ، 42 مكرراً/1 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم وعزل كل من المتهمين الأول .... ، والثاني .... من وظيفتهما لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة المقضي بها وألزمتهم بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً :ـــ بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليهم الأول / .... والثالث / .... والرابع / .... والخامس / .... .
حيث إن الطاعنين الأول والثالث والرابع والخامس وإن قرروا بالطعن إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم ، فيتعين الحكم بعدم قبول طعنهم شكلاً .
ثانيا :ـــ بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني / .... :
لما كان الطاعن قد تجاوز في التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب الميعاد القانوني بيد أنه تعلل بأنه كان مسجوناً بالسجن العسكري المركزي ، وأنه أبدى كتابة في الميعاد ما يفيد أنه يرغب في الطعن بالنقض على الحكم ، وذلك بموجب توكيل إداري صادر منه ومزيل بتوقيع قائد السجن العسكري وبخاتم السجن العسكري ، وكانت إدارة السجن لم تبعث به إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص ، ولم تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر السجن لتلقي رغبة الطاعن ، فإن هذا يعد عذراً قهرياً حال بينه وبين التقرير بالنقض في الميعاد ، بيد أن هذا بمجرده لا ينهض عذراً لتقديم أسبابه بعد الميعاد ما دام أنه لا يدعي أنه حِيلَ بينه وبين الاتصال بمحاميه ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً .
ثالثا :ـــ بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليهم السادس / .... والسابع / .... والثامن / .... :
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك مع آخرين في الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على قطع أثرية مملوكة للدولة والإضرار العمدي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها والظروف التي وقعت فيها ودور كل متهم فيها ، ولم يُدلِل على توافر القصد الجنائي لديهم ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم قد حصّل واقعة الدعوى في قوله : ( .... تتحصل في أنه وبتاريخ .... وعقب اتفاق المتهمين كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... على سرقة القطع الأثرية الموجودة بمخزن الآثار .... بمنطقة .... والكائن بشارع .... بدائرة قسم .... توجهوا جميعاً فجراً إلى ذلك المكان بالسيارة قيادة المتهم .... ، حيث قام كل من المتهمين .... ، .... بتسلق السور وبحوزتهما عتلة حديدية لكسر الأقفال ، وتمكنوا من فتح الباب الحديدي للمخزن وسرقة القطع الأثرية الموجودة بداخله ، وحال ضبط المتهم الثالث والرابع عُثِر بحوزتهم على ثلاثة وخمسين قطعة أثرية من المسروقات ) . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيانٍ جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع العقل والمنطق والقانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم وعلى ما يبين من مدوناته لم يبين بوضوح وجلاء تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهم جرائم الاشتراك مع آخرين بطريقي الاتفاق والمساعدة في الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على القطع الأثرية المملوكة للدولة والإضرار العمدي ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نية الطاعنين مع الطاعنين الأول والثاني ـــــ واللذين قُضِي بعدم قبول طعنهما شكلاً ـــــ كما لم يورد الدليل على أن الطاعنين كانوا يعلمون علماً يقينياً بما انتواه الطاعنان الأول والثاني سالفي الذكر من ارتكاب جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار به ، وأنهم قصدوا إلى الاشتراك في هذه الجرائم وهم عالمون بها وبظروفها ، واكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعنين السادس والسابع والثامن ولباقي الطاعنين الذين قُضِي بعدم قبول طعنهم شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ، عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
رابعاً :ـــ بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة :
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهما الأول بجريمتي تسهيل الاستيلاء على قطع أثرية مملوكة للدولة والإضرار العمدي والثاني بجريمة الاستيلاء على قطع أثرية مملوكة للدولة قد أخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه أغفل القضاء بعقوبتي الرد والغرامة وقضى بتأقيت عقوبة العزل بالمخالفة لما أوجبته المادة 118 من قانون العقوبات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان المشرع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من ذات القانون ، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم يُنَص في الحكم على خلاف ذلك ، إذ إن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم الجاني بصفة عامة دون تخصيص كما جاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقيد بأن من حُكِمَ عليه بها موظفاً عاماً أو من في حكمه ، وكان من المقرر أيضاً أن جزاء الرد يدور مع موجبه وهو بقاء المال المستولى عليه في ذمة المتهم المستولي عليه حتى الحكم عليه ، وأنه لا شأن لهذا الجزاء بالغرامة المساوية لقيمة المال المختلس ، وكلاهما يجب الحكم به فضلاً عن العقوبات الأصلية الواردة بالمادة 118 من قانون العقوبات ، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادة 27 من قانون العقوبات أن تأقيت عقوبة العزل رهن باستعمال المحكمة للمادة 17 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الحبس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحدد مبلغ الغرامة الواجب القضاء بها ، كما لم يبين بوضوح وتفصيل مقدار المال المستولى عليه ، فضلاً عن أنه عاقب المطعون ضدهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وقضى بتأقيت مدة العزل بالمخالفة للمادة 27 من قانون العقوبات ، بما يكون معه فوق قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يعجز هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ عن التقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة بوجه طعنها في شأن إغفال الحكم القضاء بعقوبتي الرد والغرامة ، كما أنه ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم ـــــ في شأن ما قضى به بتأقيت عقوبة العزل ـــــ قضت بنقضه ، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين المتهمين ، مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق