عودة إلى صفحة : المجلة وشرحها لعلي حيدر
(الْمَادَّةُ 155) الْمُثَمَّنُ الشَّيْءُ الَّذِي يُبَاعُ بِالثَّمَنِ
الْمُثَمَّنِ: مِنْ التَّثْمِينِ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى مَعَ فَتْحِ الثَّاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمُشَدَّدَةِ.
التَّثْمِينُ: بِمَعْنَى وَضْعِ الْقِيمَةِ وَالسِّعْرِ.
يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُثَمَّنِ وَالْمَبِيعِ بَلْ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (151) . فَالْمُثَمَّنُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (152) بِتَعْرِيفِ الثَّمَنِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُبَاعُ مُقَابِلَ بَدَلٍ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَإِنْ قُبِلَ لِلْبَدَلَيْنِ بَيْعٌ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا مُثَمَّنٌ. فَعَلَى ذَلِكَ يُفْهَمُ بِأَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْمُثَمَّنِ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ عُمُومٌ مُطْلَقٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَالْمُثَمَّنُ هُوَ الْمُطْلَقُ الْأَخَصُّ، فَإِذَا بِيعَ مَالٌ مَثَلًا بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَكَمَا أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمَالِ مَبِيعٌ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُثَمَّنٌ.
أَمَّا إذَا بِيعَ حِصَانٌ بِجَمَلٍ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ فَيُقَالُ لِلْحِصَانِ وَالْجَمَلِ: مَبِيعٌ، فَقَطْ. وَلَا تُطْلَقُ عَلَيْهِمَا لَفْظَةُ مُثَمَّنٍ.
هَذَا وَلَمَّا كَانَ فَهْمُ الْمَادَّتَيْنِ (252 و 253) فَهْمًا جَيِّدًا يَقْتَضِي مَعْرِفَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَنَرَى أَنْ نَأْتِيَ هُنَا بِالْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ:
الْأَعْيَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهِيَ الْأَعْيَانُ الَّتِي تَكُونُ دَائِمًا أَثْمَانًا. وَتِلْكَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَلَا يَكُونُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ إلَّا ثَمَنٌ سَوَاءٌ دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا (الْبَاءُ) وَهِيَ الْأَدَاةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُقَابِلُهُمَا فِي الْبَيْعِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ مِثْلُهُمَا أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ.
وَعَلَيْهِ لَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهَا فِي الْعَقْدِ وَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي:
وَهُوَ الْأَعْيَانُ الَّتِي تَكُونُ أَبَدًا مَبِيعَةً. وَهَذِهِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلَا مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالدُّورِ وَالْأَثْوَابِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ، وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ سَوَاءٌ دَخَلَتْ عَلَيْهَا (الْبَاءُ) أَدَاةُ الثَّمَنِ وَاسْتُعْمِلَتْ مَعَهَا أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَسَوَاءٌ اُسْتُبْدِلَتْ بِأَمْوَالٍ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ فَلَا تَتَغَيَّرُ عَنْ وَضْعِيَّتِهَا وَتَبْقَى مَبِيعًا أَبَدًا لِهَذَا فَقَدْ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً وَمَعْلُومَةً فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ صِحَّتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 200 و 203) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مُتَرَاوِحًا بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَذَلِكَ كَالْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ، الْمُتَقَارِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَسَيَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ:
1 - إذَا تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ غَيْرَ النَّقْدِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَهُنَاكَ احْتِمَالَانِ:
الْأَوَّلُ: هُوَ كَوْنُ تِلْكَ الْمِثْلِيَّاتِ مُتَعَيِّنَةً وَعَلَى ذَلِكَ فَتُعَدُّ مِنْ الْمَبِيعَاتِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُ حِنْطَتِي الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ لَكَ بِكَذَا دِينَارًا وَعَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْمِثْلِيَّاتُ تَكُونُ مَبِيعًا مُتَعَيَّنًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ الْمَبِيعِ فِيهَا.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ مُقْتَرِنَةٍ بِحَرْفِ (الْبَاءِ) أَدَاةِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ عَقْدَ سَلَمٍ وَالْمِثْلِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ (مُسْلَمٌ فِيهِ) .
وَتَجِبُ فِيهِ مُرَاعَاةُ. شَرَائِطَ السَّلَمِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْتُ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً بِكَذَا دِينَارًا فَالْحِنْطَةُ الْمَذْكُورَةُ مَبِيعٌ مُسْلَمٌ فِيهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
2 - مَتَى تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ (أَيْ كُلُّ الْأَمْوَالِ الْمِثْلِيَّةِ مَا عَدَا النَّقْدَيْنِ) بِعَيْنٍ وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ أَيْضًا:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - هُوَ كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَيِّنَةً فَتَكُونُ بِذَلِكَ ثَمَنًا كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُكَ هَذَا الْحِصَانَ بِصُبْرَةِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ بِعْتُكَ صُبْرَةَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْحِصَانِ فَالْحِنْطَةُ تَكُونُ ثَمَنًا وَالْحِصَانُ مَبِيعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ غَيْرَ مُتَعَيِّنَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ تِلْكَ الْمِثْلِيَّاتُ مَبِيعًا وَمُسْلَمًا فِيهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْفَرَسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ 2) .
3 - أَمَّا إذَا تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ مِثْلِيًّا مِنْ الْأَمْوَالِ مَا عَدَا النَّقْدَيْنِ بِأَمْثَالِهَا أَيْ بِمَالٍ مِثْلِيٍّ مِنْ نَوْعِهَا فَإِذَا كَانَ الْمُقَابِلُ (بِالْكَسْرِ) وَالْمُقَابَلُ (بِالْفَتْحِ) عَيْنًا فَيُعَدُّ الْبَدَلَانِ مَبِيعًا وَالْبَيْعُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُ هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ قَنَاطِيرَ أُرْزٍ فَالْبَدَلَانِ مَبِيعَانِ وَالْبَيْعُ بَيْعُ مُقَايَضَةٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق