الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 8 مايو 2024

الطعن 23622 لسنة 92 ق جلسة 30 / 4 / 2024 مكتب فني 74 هيئة عامة ق 1 ص 11

جلسة 30 من أبريل سنة 2024
برئاسة السيد القاضي/ حسني حسن عبد اللطيف "رئيــــس محكمة النقض"، وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، نبيل أحمد عثمان، أحمد فتحي المزين، عبد الرحيم زكريا يوسف، عبد الصمد محمد هريدي، عطية محمد زايد، عمرو محمد الشوربجي، نبيل فوزي إسكندر وأحمد لطفي علي "نواب رئيس المحكمة".
------------------
(1)
الطعن رقم 23622 لسنـة 92 القضائية "هيئة عامة"
(1- 8) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: انتهاء عقد الإيجار" "تشريعات إيجار الأماكن: الامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى: القواعد المستحدثة في ظل الحكم بعدم دستوريته، أثر صدور القانون 10 لسنة 2022". دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية". قانون "القانون واجب التطبيق: القوانين المتعلقة بالنظام العام، سريان القانون من حيث الزمان" "دستورية القوانين: أثر الحكم بعدم دستورية قانون: في مسائل الإيجار".
(1) الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية. م 49 ق المحكمة الدستورية المعدل بق 168 لسنة 1998. لازمه. امتناع المحاكم باختلاف أنواعها أو درجاتها عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية. علة ذلك.
(2) عقود الإيجار الخاضعة للقانون المدني. مؤقتة. عدم تحديد مدتها أو تعذر ذلك أو ربط انتهائها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع. لازمه. اعتبار العقد منعقدًا للفترة المعينة لدفع الأجرة. أثره. لكل من طرفيه الحق في إنهائه بالتنبيه على الآخر في الميعاد القانوني. المادتان 558، 563 مدني.
(3) م 2 ق 10 لسنة 2022. بيانها.
(4) النص التشريعي. عدم سريانه إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون برجعية أثره. أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام. سريانها على العقود التي أبرمت قبل نفاذه مادامت آثارها سارية في ظله. علة ذلك.
(5) قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى م 18 ق 136 لسنة 1981 فيما يخص عقود إيجار الأشخاص الاعتبارية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى وتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر الحكم. صدور ق 10 لسنة 2022 بمنح مهلة لا تجاوز خمس سنوات لامتداد هذه العقود تبدأ من تاريخ نفاذه. مؤداه. وجود فترة زمنية ما بين نفاذ الحكم وسريان أحكام القانون الأخير.
(6) الأثر الفوري لنفاذ الحكم بعدم دستورية م 18/1 ق 136 لسنة 1981. مؤداه. صيرورة هذا النص منعدمًا منذ نشأته. لازمه. تطبيق أحكام القانون المدني على عقود إيجار الأشخاص الاعتبارية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى فيما يتعلق بمدة العقد وتجديده وإنهائه خلال الفترة الزمنية ما بين نفاذ هذا الحكم وسريان ق 10 لسنة 2022.
(7) تنبيه المؤجر بالرغبة في إنهاء عقد الإيجار وفقًا م 563 مدني قبل سريان ق 10 لسنة 2022. اعتباره تصرفًا قانونيًا من جانب واحد. إنتاج أثره بمجرد إعلان الطرف الآخر به. مؤداه. انحلال الرابطة العقدية وانقضاء العقد وزوال الآثار المترتبة عليه. قيام العقد من بعد. لازمه. إيجاب وقبول جديدين. الحكم البات الصادر بإنهاء عقد الإيجار في هذا الخصوص. عدم إضافته شيئًا. علة ذلك.
(8) خلو ق 10 لسنة 2022 المتعلق بالنظام العام من نص يوجب سريانه بأثر رجعي على عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى المنتهية قبل العمل به. أثره. صيرورة نصوص مواد هذا القانون على غير محل بالنسبة لتلك العقود المنتهية بالتنبيه وفقًا م 563 مدني قبل نفاذه. مؤداه. لا مجال لتطبيقه. إقرار الهيئة العامة هذا المبدأ والعدول عما يخالفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المُعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998- يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدةِ الرسميةِ، وهذا الحكم مُلزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى لو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب لحق النص منذ نشأته، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص.
2- المقرر– في قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية لمحكمة النقض – أن النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار، واعتبر المدة ركنًا فيه، وأنه إذا عُقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار، أو تعذر إثبات المدة المدعاة، أو عُقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبلي غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد مُنعقدًا للفترة المعينة لدفع الأجرة، ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 سالفة البيان.
3- إذ إن نص المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 2022 والمعمول به اعتبارًا من 7/3/2022 على أنه "مع عدم الإخلال بالأسباب الأخرى للإخلاء المبينة بالمادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المُشار إليه، يكون إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى وفقًا لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 المشار إليهما بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، ما لم يتم التراضي على غير ذلك.".
4- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون –خروجًا على هذا الأصل، وفي الحدود التي يجيزها الدستور– برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام الذي تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أُبرمت قبل نفاذه مادامت آثارها مازالت سارية في ظله؛ إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليبًا لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره.
5- إذ إن المحكمة الدستورية العليا قضت في الطعن رقم 11 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 5/5/2018 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد "19" مكرر "ب" بتاريخ 13/5/2018 بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981- في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- فيما تضمنه من إطلاق عبارة " لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد..." لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى، وقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانونها، وحددت لإعمال أثر الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي 2018/2019 الحاصل بتاريخ 15/7/2019، ولما كان القانون رقم 10 لسنة 2022 - بشأن بعض الإجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى- والذي منح مُهلة لا تجاوز خمس سنوات لامتداد عقود الإيجار المُبرمة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى قبل إنهاء العقد تبدأ من تاريخ نفاذ هذا القانون، إلا أن هذا التشريع لم يصدر إلا بتاريخ 6/3/2022، وأُعمل به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 7/3/2022، ومن ثم فإن هناك فترة زمنية ما بين نفاذ حكم المحكمة الدستورية العليا وسريان أحكام هذا القانون.
6- إذ إنه إعمالًا للأثر الفوري لنفاذ حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية صدر الفقرةِ الأولى من المادة 18 سالفة البيان (من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيمِ العلاقة بين المؤجر والمستأجر)، فقد صار هذا النص معدومًا منذ نشأته، مما يتعين معه تطبيق أحكام القانون المدني الواردة بالقسم الأول من الكتاب الثاني بالفصل الأول الواردة بنصوص المواد 558، 563، 598، 599، 600 على عقود إيجار الأشخاص الاعتبارية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى وذلك فيما يتعلق بمدة العقد، وتجديده، وإنهائه خلال الفترة الزمنية سالفة البيان.
7- إذا ما وجَّه المؤجر إلى المستأجر - وقبل سريان أحكام القانون رقم 10 لسنة 2022 - التنبيه برغبته في إنهاء هذا العقد - وذلك على النحو الذي نظمته المادة 563 من القانون المدني- فإن هذا التنبيه يعد تصرفًا قانونيًّا صادرًا من جانب واحد يتضمن رغبته الصريحة في إنهاء عقد الإيجار، وهو لا يحتاج إلى قبول من وُجِّه إليه، إذ تكفي لصحته إرادة واحدة هي إرادة من وجّهه، ومن ثم فإنه يُنتج أثره بمجرد إعلان الطرف الآخر به، فتنحل بذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة، وينقضي العقد، وتزول جميع الآثار المترتبة عليه، فلا يقوم -من بعد- إلا بإيجاب وقبول جديدين، فهذا التنبيه يُنشئ مركزًا قانونيًّا جديدًا بإنهاء العقد، ويكون الحكم الصادر بإنهائه -ولو صار باتَّا- لا يضيف إلى انتهائه شيء؛ لأنه ليس حكمًا مُنشئًا لمركز قانوني لم يكن له وجود، إنما هو كاشف لهذا المركز الذي نشأ واكتمل بقوة القانون وقت إعلان هذا التنبيه؛ ومن ثم فهو حكم مقرر لإنهاء العقد.
8- إذ إنه بصدور القانون رقم 10 لسنة 2022 وما تضمنته المادة الثانية منه بامتداد عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى لمدة خمس سنوات بدءًا من تاريخ العمل به دون أن تتضمن نصوص هذا القانون نصًّا يوجب سريانه بأثر رجعي على العقود التي انتهت قبل العمل به، وإن كان هذا القانون من القوانين الاستثنائية المتعلقة بالنظام العام، وتطبق بأثر فوري على العلاقات الإيجارية التي أُبرمت قبل صدوره، بيد أنه يشترط لسريانه على تلك العقود أن تكون قائمة، ومازالت مُرتبة لآثارها حتى تاريخ بدء العمل به، ولما كان التنبيه بانتهاء العقد قبل سريان أحكام هذا القانون قد أزال وأنهى آثاره وبالأخص فيما تضمنه من مدة العقد وتجديده، بما لا يتبقى معه أي آثار مازالت سارية له، وتصير نصوص مواد هذا التشريع على غير محل لإعمالها على عقد الإيجار المنتهي قبل نفاذه، ولما تقدم فإن الهيئة تقر المبدأ الذي انتهى إلى أنه بصدور التنبيه المنصوص عليه في المادة 563 من القانون المدني قبل نفاذ القانون رقم 10 لسنة 2022، فإنه يترتب عليه انتهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى منذُ تاريخ توجيه هذا التنبيه، ومن ثم فلا مجال لتطبيق القانون سالف الذكر وإن تعلق بالنظام العام طالما لم يتضمن نصًّا يوجب سريانه بأثر رجعي بعد انتهاء عقد الإيجار، والعدول عما عداها من أحكام أخرى مخالفة في هذا الشأن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن وقائع الطعن – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن بصفته الدعوى رقم .... لسنة 2020 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 26/5/1958 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم، على سند من القول إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر استأجر الطاعن بصفته الحانوت محل النزاع والذي آلت ملكيته إليهما بموجب العقد المشهر رقم .... لسنة 2006 شمال القاهرة، وأضافا بأنه بصدور الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا رقم 11 لسنة 23 ق دستورية بشأن عدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وفوات المدة التي حددتها المحكمة لنفاذه، فقاما بالتنبيه عليه بتاريخ 5/8/2020 بعدم رغبتهما في تجديد مدة العقد وإنهائه، ولمّا لم يستجب لطلباتهما فقد أقاما الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 25 ق القاهرة، وبتاريخ 24/8/2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على دائرة المواد المدنية والتجارية – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المنعقدة بجلسة 15/1/2024 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية؛ للفصل فيها عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية التزمت فيها رأيها السابق.
وإذ ذهبت بعض الأحكام إلى إعمال نص المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 2022 الساري اعتبارًا من 7/3/2022 بأثر فوري ومباشر على المراكز القانونية القائمة، والوقائع التي لم تكن قد استقرت بحكم بات وقت العمل به ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق عليها متى امتدت آثار انقضائها حتى تاريخ صدور القانون الأول، بينما ذهبت أحكام أخرى إلى أنه بصدور التنبيه المنصوص عليه في المادة 563 من القانون المدني بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 11 لسنة 23 ق دستورية وقبل نفاذ القانون رقم 10 لسنة 2022، فإنه يترتب عليه انتهاء عقد الإيجار منذ تاريخ التنبيه، ومن ثم فلا مجال لتطبيق القانون سالف الذكر وإن تعلق بالنظام العام طالما لم يتضمن نصًّا يوجب سريانه بأثر رجعي بعد انتهاء مدة العقد.
وحيث إنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المُعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية... ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر أسبق، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر..."، يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم مُلزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى لو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب لحق النص منذ نشأته، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، كما أن النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل – وعلى ما انتهت إليه الهيئة العامة للمواد المدنية لمحكمة النقض – على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار، واعتبر المدة ركنًا فيه، وأنه إذا عُقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار، أو تعذر إثبات المدة المدعاة، أو عُقِدَ لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبلي غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد مُنعقدًا للفترة المعينة لدفع الأجرة، ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 سالفة البيان، وكان نص المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 2022 والمعمول به اعتبارًا من 7/3/2022 على أنه "مع عدم الإخلال بالأسباب الأخرى للإخلاء المبينة بالمادة (18) من القانون 136 لسنة 1981 المُشار إليه، يكون إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى وفقًا لأحكام القانونين 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 المشار إليهما بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون ما لم يتم التراضي على غير ذلك."، كما أنه من المقرر -أيضًا- أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون –خروجًا على هذا الأصل، وفي الحدود التي يجيزها الدستور– برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام الذي تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أُبرمت قبل نفاذه مادامت آثارها مازالت سارية في ظله؛ إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليبًا لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت في الطعن رقم 11 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 5/5/2018 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد "19" مكرر "ب" بتاريخ 13/5/2018 بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981- في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد..." لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى، وقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانونها، وحددت لإعمال أثر الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي 2018/2019 الحاصل بتاريخ 15/7/2019، ولما كان القانون 10 لسنة 2022 -بشأن بعض الإجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى- والذي منح مُهلة لا تجاوز خمس سنوات لامتداد عقود الإيجار المبرمة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى قبل إنهاء العقد تبدأ من تاريخ نفاذ هذا القانون، إلا أن هذا التشريع لم يصدر إلا بتاريخ 6/3/2022، وأُعمل به من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 7/3/2022، ومن ثم فإن هناك فترة زمنية ما بين نفاذ حكم المحكمة الدستورية العليا وسريان أحكام هذا القانون، وإعمالًا للأثر الفوري لنفاذ حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 سالفة البيان، فقد صار هذا النص معدومًا منذ نشأته، مما يتعين معه تطبيق أحكام القانون المدني الواردة بالقسم الأول من الكتاب الثاني بالفصل الأول الواردة بنصوص المواد 558، 563، 598، 599، 600 على عقود إيجار الأشخاص الاعتبارية للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى وذلك فيما يتعلق بمدة العقد، وتجديده، وإنهائه خلال الفترة الزمنية سالفة البيان، وعلى ذلك فإذا ما وجَّه المؤجر إلى المستأجر -وقبل سريان أحكام القانون رقم 10 لسنة 2022- التنبيه برغبته في إنهاء هذا العقد -وذلك على النحو الذي نظمته المادة 563 من القانون المدني- فإن هذا التنبيه يعد تصرفًا قانونيًّا صادرًا من جانب واحد يتضمن رغبته الصريحة في إنهاء عقد الإيجار، وهو لا يحتاج إلى قبول من وُجِّه إليه، إذ تكفي لصحته إرادة واحدة هي إرادة من وجّهه، ومن ثم فإنه يُنتج أثره بمجرد إعلان الطرف الآخر به، فتنحل بذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة، وينقضي العقد، وتزول جميع الآثار المترتبة عليه، فلا يقوم -من بعد- إلا بإيجاب وقبول جديدين، فهذا التنبيه يُنشئ مركزًا قانونيًّا جديدًا بإنهاء العقد، ويكون الحكم الصادر بإنهائه -ولو صار باتَّا- لا يضيف إلى انتهائه شيء؛ لأنه ليس حكمًا مُنشئًا لمركز قانوني لم يكن له وجود، إنما هو كاشف لهذا المركز الذي نشأ واكتمل بقوة القانون وقت إعلان هذا التنبيه؛ ومن ثم فهو حكم مقرر لإنهاء العقد، وترتيبًا على ما تقدم؛ فإنه بصدور القانون رقم 10 لسنة 2022 وما تضمنته المادة الثانية منه بامتداد عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى لمدة خمس سنوات بدءًا من تاريخ العمل به دون أن تتضمن نصوص هذا القانون نصًّا يوجب سريانه بأثر رجعي على العقود التي انتهت قبل العمل به، وإن كان هذا القانون من القوانين الاستثنائية المتعلقة بالنظام العام، وتُطبق بأثر فوري على العلاقات الإيجارية التي أُبرمت قبل صدوره، بيد أنه يشترط لسريانه على تلك العقود أن تكون قائمة، ومازالت مُرتبة لآثارها حتى تاريخ بدء العمل به، ولما كان التنبيه بانتهاء العقد قبل سريان أحكام هذا القانون قد أزال وأنهى آثاره وبالأخص فيما تضمنه من مدة العقد وتجديده، بما لا يتبقى معه أي آثار مازالت سارية له، وتصير نصوص مواد هذا التشريع على غير محل لإعمالها على عقد الإيجار المنتهي قبل نفاذه، ولما تقدم فإن الهيئة تقر المبدأ الذي انتهى إلى أنه بصدور التنبيه المنصوص عليه في المادة 563 من القانون المدني قبل نفاذ القانون رقم 10 لسنة 2022، فإنه يترتب عليه انتهاء عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى منذُ تاريخ توجيه هذا التنبيه، ومن ثم فلا مجال لتطبيق القانون سالف الذكر وإن تعلق بالنظام العام طالما لم يتضمن نصًّا يوجب سريانه بأثر رجعي بعد انتهاء عقد الإيجار، والعدول عما عداها من أحكام أخرى مخالفة في هذا الشأن.
ومن ثم فإن الهيئة -وبعد الفصل في المسألة المعروضة- عليها أن تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها؛ للفصل فيه وفقًا لما سبق، وطبقًا لأحكام القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق