باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م،
الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندررئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 74 لسنة 43
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض (الدائرة المدنية
والعمالية) بحكمها الصادر بجلسة 27/5/2021، ملف الطعن رقم 7 لسنة 89 قضائية
المقام من
1- أحمد عصام راغب العزبي
2- أيمن محمد أحمد نور الدين
3- عمرو يحيى الشيمي علي حسنين
4- باسم ملاك نجيب
5- سامح حسن نصر أحمد
6- ماجي محب ميخائيل
7- محمد محسن صوفي
8- أحمد عبد اللطيف أبو العزم
9- أحمد السعيد أحمد رمضان
10- صبا سعد زغلول أبو عنيبة
11- باسل مدحت توفيق
12- سلام إبراهيم محمد فرج
13- محمد وجدي عبد المنعم أحمد
15- هناء بدر الدين عمر
14- السعيد محمد السعيد مطاوع
ضد
1- نقيب صيادلة مصر
2- أحمد حنفي محمود
3- سيد محمد عطية نصر
---------------
الإجراءات
بتاريخ السادس والعشرين من أغسطس سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الطعن رقم 7 لسنة 89 قضائية، بعد أن قضت محكمة النقض بجلسة
27/5/2021، بوقف الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في
دستورية المادتين (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة،
فيما نصتا عليه من اختصاص القضاء العادي بنظر الطعن على قرارات التأديب الصادرة من
هيئة التأديب بنقابة الصيادلة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم الطاعن الأول في الطعن المحال مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم
دستورية النصين المحالين.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم الطاعن الأول
مذكرة بطلباته السالفة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن مجلس نقابة صيادلة القاهرة أقام أمام هيئة التأديب الابتدائية بنقابة الصيادلة الدعوى التأديبية رقم 64 لسنة 2016 ، ضد الطاعنين في الطعن المحال، وآخرين، لمساءلتهم تأديبيًّا عما نسب إليهم من قيام الطاعن الأول صاحب سلسلة صيدليات العزبي، باستعارة أسماء الطاعنين من الثاني حتى الخامسة عشرة، لتمكينه من فتح أكثر من صيدلية، وقيام الباقين ببيع أسمائهم التجارية للطاعن الأول بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، وبجلسة 26/2/2017، قررت هيئة التأديب الابتدائية معاقبتهم بإسقاط عضويتهم من النقابة؛ فطعنوا على هذا القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية بمحكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5213 لسنة 134 قضائية. وبجلسة 8/1/2019، قضت الهيئة بتأييد القرار التأديبي رقم 64 لسنة 2016 بالنسبة إلى الطاعن الأول، وتعديله بالنسبة إلى باقي الطاعنين إلى الاكتفاء بوقفهم عن مزاولة مهنة الصيدلة لمدة سنة؛ فطعنوا على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن المقيد برقم 7 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 27/5/2021، قررت المحكمة وقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما نصت عليه المادتان (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، من اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الطعن على القرارات الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية بنقابة الصيادلة، لما تراءى لها من مخالفة هذين النصين للمادة (190) من الدستور، التي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة دون غيره، هو القاضي الطبيعي لنظر المنازعات الإدارية، وذلك في ضوء ما تواتر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن النقابات المهنية تُعد من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأي من تشكيلات النقابات المختلفة، وكذا تشكيل مجالس إداراتها أو القرارات الصادرة عنها، من قبيل المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، دون غيره.
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة تنص على أن "يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديبية استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني".
وتنص المادة (57) من القانون ذاته على أنه " لمن صدر القرار ضده ولمجلس النقابة بناءً على طلب لجنة التحقيق أن يستأنف القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان القرار إلى المتهم إذا كان حضوريًّا أو من تاريخ انتهاء ميعاد المعارضة إذا كان غيابيًّا".
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن إخلال أحد أعضاء نقابة الصيادلة بواجبات مهنته أو خروجه على مقتضياتها يعتبر مخالفة تأديبية مؤاخذًا عليها قانونًا، وإسنادها إليه يتعين أن يكون مسبوقًا بتحقيق متكامل، وكلما استكمل التحقيق عناصره، وكان واشيًا بأن للتهمة معينها من الأوراق، كان عرضه لازمًا على هيئة التأديب الابتدائية المنصوص عليها بالمادة (50) من قانون إنشاء النقابة، بحسبانها الجهة التي أولاها المشرع مسئولية الفصل فيه، ونص المشرع في المادة (51) من قانون إنشاء النقابة المشار إليه، على أن يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديب استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني.
متى كان ما تقدم، وكانت هيئة التأديب الاستئنافية المشار إليها، وإن ضمت في تشكليها إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، إلا أن غلبة العنصر القضائي على تشكليها، لا يكفي وحده للتقرير بكونها من محاكم جهة القضاء العادي، على ما ذهب إليه حكم الإحالة، ذلك أن جوهر عملها وطبيعة اختصاصها بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، وفق قواعد إجرائية وموضوعية محققة للمحاكمة المنصفة، إنما يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، التي ناط بها المشرع – في حدود سلطته التقديرية – نظر أنزعة ودعاوى بعينها، وأسند إليها ولاية الفصل فيها بأحكام نهائية، وناط بالمحكمة الدستورية العليا تعيينها جهة مختصة بنظر الأنزعة التي تدخل في اختصاصها، إذا نازعتها فيه جهة قضاء أخرى أو سلبتها إياه، والاعتداد بأحكامها إذا ناقضتها أحكام نهائية صادرة عن جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي أخرى، وذلك على ما جرى به نص المادة (192) من دستور 2014، والفقرتين (ثانيًا) و(ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم يغدو تمحل حكم الإحالة بنص المادة (190) من الدستور، لنزع اختصاص هيئة التأديب الاستئنافية بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، في غير محله، ذلك الفهم الذي أنبته اعتبار هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة (51) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة، إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة ، التابعة لجهة القضاء العادي، بالمخالفة لكونها من الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بحسب التكييف الصحيح لها؛ ومن ثم فإن ما أورده حكم الإحالة المار ذكره، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل في دستورية النصين المحالين.
وحيث إنه عما أبداه الطاعن الأول في الدعوى الموضوعية، أمام هذه المحكمة، من طلب الحكم بعدم دستورية النصين المحالين، فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها، بطريقين لا يلتقيان، أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة، وثانيهما: برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام، باعتباره شكلًّا جوهريًّا في التقاضي، تغيَّا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. فإذا اتصلت الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نص قانوني، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا - وفقًا للبند (أ) من المادة (29) من قانونها – لتقول كلمتها الفاصلة في شأن دستورية النص المحال، في النطاق الذي حدده، فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى الموضوعية إلى النص المحال، الذي قضت هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى الدستورية المحالة طعنًا عليه، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه الالتفات عنه؛ ومن ثم تكون الدعوى برمتها جديرة بعدم القبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق