جلسة أول يناير سنة 1953
برياسة حضرة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن المستشارين.
---------------
(123)
القضية رقم 763 سنة 22 القضائية
(1) جرائم الجلسة.
جلسات قاضي التحقيق. حضور ممثل النيابة مع قاضي التحقيق. غير واجب قانونا. سماع طلبات النيابة فيما يتعلق بجرائم الجلسة. غير لازم إلا حيث يكون حاضرا.
(2) جرائم الجلسة.
جلسات قاضي التحقيق. حضور ممثل النيابة. يجب أن تمكنه المحكمة من إبداء أقواله, فان لم ير هو إبداء أقوال فان ذلك لا يبطل الإجراءات.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز ديرب نجم: أولا - أحدث خللا بنظام الجلسة. وثانيا - أهان بالقول والإشارة حضرة قاضي التحقيق بأن وجه إليه الألفاظ الواردة بالمحضر أثناء تأدية وظيفته, وطلبت عقابه بالمواد 72و243و244 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950. ومحكمة السنبلاوين الجزئية قضت عملا بالمواد المذكورة بتغريم المتهم مائة قرش عن التهمة الأولى وبحبسه خمسة عشر يوما عن التهمة الثانية. فاستأنف. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت أولا - بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للتهمة الأولى وثانيا - برفض الدفع ببطلان الإجراءات وبصحتها, وثالثا - بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسمائة قرش عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن قرر بالطعن في الميعاد المقرر بالقانون, وقدم في ذات اليوم تقريرا بأسباب طعنه استند فيه إلى أسباب البطلان التي تمسك بها في الاستئناف, وأن دفاعه أهدر, ولم تسمع أقوال شهوده مع تمسكه بسماعهم أمام محكمتي أول وثاني درجة, علاوة على أن ما حدث بين القاضي وبينه مرجعه إلى توتر أعصاب القاضي مما جعل وكيل النيابة يبتعد عن مجلس التحقيق للاشتغال بأعمال أخرى, ولم يثبت القاضي حضوره معه, مع أن حضوره وجوبي في جرائم القتل. ويقول الطاعن إن ما اثار القاضي هو أنه حاول بكل أدب لفت نظره إلى مواجهة الشاهد بما قاله, وذلك على أثر تكرار سؤال القاضي له وقد منع الغضب الذي تملك القاضي من فهمه لحقيقة الحال كما أوضحها هو في تقريره الذي رفعه لوزارة الداخلية, وكل ما حصل منه أنه رجاه برفق في السماح ببقائه ليقدم للنيابة, وله إن شاء المعونة اللازمة تنفيذا للتعليمات وإقرارا للأمن, ثم يضيف الطاعن أن المحكمة الاستئنافية بنت حكمها على تقرير القاضي في مذكرته عن الجناية, ولم تشأ سماع أقواله ولا الشهود؛ فحرمت الطاعن بهذا من درجة من الدرجات في استيفاء دفاعه, مع أن القاضي وعد بأنه سيتنازل علاجا لكرامة الطاعن.
وحيث إن الطاعن قدم تقريرا آخر بأسباب للطعن, إلا أن هذا التقرير قدم لقلم كتاب محكمة النقض يوم 8 ديسمبر سنة 1951. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 18 نوفمبر سنة 1951, فإن الثمانية عشر يوما التي يقبل فيها الطعن والأسباب تنتهي يوم 6 ديسمبر سنة 1951, ويكون التقرير الثاني بعد الميعاد, ولذا فان المحكمة لا تلتفت إليه إلا فيما شرح فيه البطلان الذي أثاره الطاعن في التقرير الأول. وقد استند هذا التقرير في تدعيم وجه البطلان المشار إليه إلى أنه تمسك أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان محاكمته أمام قاضي التحقيق, لأن القاضي أصدر حكمه دون سماع أقوال النيابة, فردت المحكمة بأن حضور النيابة في جلسات التحقيق اختيارى لها, ولذا فان الشأن يكون مثله في الجلسات المدنية التي يحكم فيها القاضي في جرائم الجلسة دون حاجة إلى سماع النيابة. ويقول الطاعن إن هذا الرد لا يتفق مع النظر السليم من الناحية القانونية, وعلى الأقل في مثل الدعوى الحالية, فانه متى كانت النيابة حاضرة في جلسة التحقيق كما هى الحال في هذه الدعوى, فقد أصبحت هيئة التحقيق محكمة جنائية يجب على القاضي فيها أن يسمع أقوال النيابة العمومية عملا بما فرضه القانون من سماع أقوالها في جرائم الجلسة. ويقول الطاعن إن ما قاله الحكم من أن النيابة كانت حاضرة ولم تبد قولا, هو حجة لا أثر لها على ما فرضه القانون لصالح العدالة وسلامة المحاكمة.
وحيث إنه عن البطلان الذي يقول الطاعن إنه تمسك به أمام المحكمة الاستئنافية فان الثابت بمحضر جلسة هذه المحكمة أن المدافع عنه قال إن النيابة العامة لم تكن ممثله, وإن هذا يترتب عليه بطلان الإجراءات لمخالفته لما تقضي به المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية, بينما التقرير الأول المقدم من الطاعن مؤسس على أن وكيل النيابة لم يكن بمجلس التحقيق وقت وقوع الحادث, بل كان قد غادره وانتحى ناحية أخرى في ذات الغرفة - وما يقوله الطاعن من ذلك مردود بأن المادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية التي يستند إليها واردة في الفصل الثالث من الباب الثاني الخاص بحفظ النظام في جلسات محاكم المخالفات والجنح أما نظام جلسات قاضي التحقيق فقد كفلته المادة (72) من هذا القانون التي تنص على أن لقاضي التحقيق ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة. ولما كان حضور ممثل للنيابة مع قاضي التحقيق غير واجب قانونا, وكانت المادة (72) المشار إليها لم تستوجب سماع طلبات النيابة, ولم تحل على المادة (244) بل أحالت على اختصاصات المحكمة دون تعيين, مما مفاده أنه لا محل لسماع طلبات ممثل النيابة في جرائم الجلسة إلا حيث يكون حاضرا, أما في الأحوال التي لا تكون النيابة ممثلة فيها, فان المادة (129) من قانون المرافعات تكون هى الواجبة التطبيق, وهى لا توجب سماع النيابة العامة. هذا إلى أن ما قاله الحكم من عدم ترتب البطلان على مجرد عدم إثبات سماع أقوال ممثل النيابة صحيح ايضا على أساس الثابت بالأوراق من أن النيابة كانت ممثلة في الجلسة, ذلك بأن الجوهري في هذا الشأن أن ممثل النيابة لو كان حاضرا فيجب أن تمكنه المحكمة من إبداء أقواله وتستمع إليها, بحيث إذا لم ير هو إبداء أقوال, فان ذلك لا يبطل الإجراءات, فمرجع الأمر إذن هو ما إذا كان ممثل النيابة قد حيل بينه وبين إبداء أقواله.
وحيث إنه لذلك يكون ما اثاره الطاعن بشأن عدم تمثيل النيابة العامة في محاكمته أو في عدم إثبات اقوال ممثلها في محضر محكمة أول درجة على غير أساس من القانون.
وحيث إن باقي ما أثاره الطاعن في تقريره الأول للأسباب إنما هو جدل موضوعي مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. أما ما يقوله من أنه طلب سماع شهود فلم تستجب إليه المحكمة أو أنها أخلت بدفاعه, فمردود بأن دفاع محاميه كما هو ثابت بمحضر الجلسة ليس فيه ما يؤيد ذلك.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق