جلسة 10 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت طلبه ، علاء مرسي وعلي نور الدين الناطوري نواب رئيس المحكمة ومحمد هديب .
----------------
(6)
الطعن رقم 6958 لسنة 85 القضائية
قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
تفتيش الشخص . ماهيته ؟
القبض على الشخص وتفتيشه . شرطه ؟
طلب الشاهد وهو من آحاد الناس من الطاعن إفراغ جميع محتويات ملابسه وسقوط مخدر منه . يُعد تفتيشاً محظوراً لا يتحقق به الرضا المعتبر قانوناً . مخالفة الحكم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والإعادة . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها " تتحصل فيما سُطر بالمذكرة المحررة من السيد المستشار / .... عضو المكتب الفني بهيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة وما شهد به أمام هيئة المحكمة من أنه كونه عضواً بالمكتب الفني بهيئة مفوضي الدولة مُوكل إليه متابعة أعمال السكرتارية وموظفي الهيئة وحسن انتظام العمل وفي يوم .... الساعة .... ظهراً أثناء مروره على موظفي قسم .... بالدور الثالث بمجلس الدولة تبين له غلق باب أحد الغرف من الداخل فقام بالطرق عليه ففتح له من الداخل المتهم الأول .... وأثناء دلوفه إلى الحجرة تلاحظ له انبعاث رائحة دخان وكان بداخل الحجرة مع الأول المتهم الثاني .... وكانا في حالة عدم اتزان وبدت عليهما علامات الارتباك الشديد وقام الأول .... عند مشاهدته له بإلقاء سيجارة مشتعلة على الأرض فقام بالتقاطها وبمناظرتها تبين أنها سيجارة تحوي مخدر الحشيش فطلب منهما إفراغ جميع محتويات ملابسهما فأخرج المتهم الأول مطواة قرن غزال كانت معه ووضعها على المكتب والمتهم الثاني .... أثناء إفراغه ما معه سقط من جوربه قطعة صغيرة لجوهر الحشيش المخدر فقام بالتقاطها وتحفظ على المضبوطات وتحفظ على المتهمّين بواسطة موظفّين كانا يرافقانه في جولته المرورية وتم إخطار السيد المستشار أمين عام مجلس الدولة والذي عرض سيادته الأمر على السيد المستشار/ .... الأمين العام المساعد لشئون التحقيقات بالمجلس الذي قام بالتحقيق في الواقعة وسلم المتهمين والمضبوطات والمذكرة المحررة من سيادته للشرطة ، وقد حرر محضراً بواسطة الملازم أول / .... رئيس دورية قسم .... مؤرخ .... أثبت به أنه انتقل إلى مقر مجلس الدولة الكائن بشارع .... وتقابل مع السيد المستشار / .... نائب رئيس بمجلس الدولة - الأمين العام المساعد - والذي قدم له المذكرة المقدمة من السيد الشاهد الأول وما تم ضبطه مع المتهمين ، وقد شهد النقيب / .... معاون مباحث قسم .... بتحقيقات النيابة العامة بأن تحرياته السرية دلت على صحة ما شهد به الشاهد الأول وأضافت تحرياته أن قصد المتهمان من إحرازهما للمواد المخدرة المضبوطة هو التعاطي ، وثبت من تقرير المعامل الكيماوية "1" أن بفحص السيجارة المضبوطة وجد أنها ملفوفة يدوياً وأنها سبق إشعالها وتحوي كمية من خليط التبغ وفتات مادة سمراء ثبت أنها لجوهر الحشيش المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ــــ "2" بفحص القطعة المضبوطة والملفوفة داخل ورقة مفضضة وزنت قائماً باللفافة جرام واحد واثنان وثلاثون سنتيجرام وثبت أنها لجوهر الحشيش المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ، وقد أورى تقرير المعمل التابع لمصلحة الطب الشرعي أنه بفحص عينة بول خاصة بالمتهم .... خلص إلى أن العينة تحوي نواتج تعاطي حشيش في الجسم . " واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المستشار / .... بجلسات المحاكمة وأقوال النقيب / .... بتحقيقات النيابة العامة ومما سطره الملازم أول / .... رئيس دورية قسم .... بالمحضر المحرر بواسطته ومما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي ومعمل التحليل بمصلحة الطب الشرعي ، وبعد أن أورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله في غير حالة من حالات التلبس ورد عليه بقوله : " يكفي لقيام حالة التلبس في الدعوى الماثلة بالنسبة للمتهمين أن يدخل المكتب عليهما الشاهد الأول أثناء مروره المنوط به وظيفياً لمتابعة سير العمل بهيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة فيشم رائحة دخان مخدر الحشيش ويلاحظ عليهما عدم الاتزان وحالة الارتباك الشديد ويلقي المتهم الأول .... سيجارة ملفوفة يدوياً مشتعلة كان يدخنها محاولاً التخلص منها وبها جوهر الحشيش المخدر فقام الشاهد بالتحفظ عليها . أما ما تلى ذلك هو أنه طلب من المتهمين إخراج ما يحتفظان به بملابسهما فسقط من جورب المتهم الثاني .... قطعة لجوهر الحشيش المخدر وكان ذلك أمام الشاهد الأول وتحت بصره فقام بالتحفظ عليه ، ومن هذا يتضح أنه لم يقم بتفتيش المتهمين وإنما شاهد السيجارة المضبوطة مع المتهم الأول وسقطت قطعة المخدر من جورب المتهم الثاني دونما أي تدخل أو إكراه معنوي أو مادي من الشاهد الأول في الواقعة ، أما بالنسبة لصحة الضبط فإن المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على " يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عملهم أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً للنيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي " ونصت المادة 37 من القانون ذاته أن لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وبإنزال ما تقدم على وقائع الدعوى يتضح وبجلاء أن الشاهد الأول وهو موظفاً عمومياً أثناء تأديته لعمله المنوط به وبسببه شاهد جناية إحراز مواد مخدرة متلبساً بها فتحفظ على مضبوطات ومتحصلات هذه الجريمة وقام بتسليمها إلى الملازم أول / .... رئيس دورية قسم شرطة .... لمباشرة الإجراءات القانونية في مواجهة المتهمين مما يضحى معه الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله خليقاً بالرفض " . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم أن الشاهد الأول المستشار / .... قرر بجلسات المحاكمة أنه طلب من الطاعن إفراغ جميع محتويات ملابسه وأثناء إفراغ الطاعن لها سقط من جوربه قطعة صغيرة لجوهر الحشيش المخدر فقام بالتقاطها . ولما كان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد أن الشاهد الأول قد فتش الطاعن بالفعل إذ إن تفتيش الشخص يعني البحث والتنقيب بجسمه وملابسه بقصد العثور على الشيء المراد ضبطه أيا كانت الطريقة التي تم بها التفتيش ، ولما كان القانون قد حظر القبض على أي إنسان أو تفتيشه إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، وكان لا يجوز للشاهد المذكور - وهو من آحاد الناس - أن يباشر أيا من هذين الإجراءين ، وكل ما خوله القانون إياه باعتباره من آحاد الناس هو التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة في الجرائم المتلبس بها بالتطبيق لأحكام المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية وتسليمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، وليس له أن يجري تفتيشاً على نحو ما فعل في واقعة الدعوى كما أن الثابت في الحكم على الوجه المتقدم يدل على أن سقوط المخدر من جورب الطاعن حال إفراغه محتويات ملابسه لم يكن إلا بعد انصياع الطاعن لطلب الشاهد الأول المذكور بإفراغ جميع محتويات ملابسه ، فلا يتحقق به الرضا بالتفتيش المعتبر في القانون ، ولذا فإن هذا التفتيش يكون قد وقع باطلاً ويكون ما أسفر عنه من ضبط الجوهر المخدر مع الطاعن باطلاً كذلك ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف ذلك واعتبر ما وقع من الشاهد الأول ليس تفتيشاً على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية ، واستند في إدانة الطاعن على نتيجة التفتيش الباطل ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على الوجه الصحيح وأقيم على دليل باطل ، ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أحرزا بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ( حشيش ) في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - أولاً : بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمــدة سنة وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصـــادرة المخدر المضبوط عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف . ثانياً : غيابياً بمعاقبة .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف مع إقالة الشاهد من الغرامة السابقة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه دفع ببطلان تفتيشه وما تلاه من إجراءات لحصوله بغير إذن من النيابة العامة ولوقوعه وليد إكراه معنوي تمثل في صفة القائم به الوظيفية بيد أن الحكم حصل هذا الدفع بأنه دفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه لعدم وجود إحدى حالات التلبس ورد عليه برد قاصر ومخالف للقانون ، ودون أن يستظهر رضاء الطاعن بالتفتيش والصلة بين الإكراه وفعل الطاعن ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها " تتحصل فيما سُطر بالمذكرة المحررة من السيد المستشار / .... عضو المكتب الفني بهيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة وما شهد به أمام هيئة المحكمة من أنه كونه عضواً بالمكتب الفني بهيئة مفوضي الدولة مُوكل إليه متابعة أعمال السكرتارية وموظفي الهيئة وحسن انتظام العمل وفي يوم .... الساعة .... ظهراً أثناء مروره على موظفي قسم الصادر بالدور الثالث بمجلس الدولة تبين له غلق باب أحد الغرف من الداخل فقام بالطرق عليه ففتح له من الداخل المتهم الأول .... وأثناء دلوفه إلى الحجرة تلاحظ له انبعاث رائحة دخان وكان بداخل الحجرة مع الأول المتهم الثاني .... وكانا في حالة عدم اتزان وبدت عليهما علامات الارتباك الشديد وقام الأول .... عند مشاهدته له بإلقاء سيجارة مشتعلة على الأرض فقام بالتقاطها وبمناظرتها تبين أنها سيجارة تحوي مخدر الحشيش فطلب منهما إفراغ جميع محتويات ملابسهما فأخرج المتهم الأول مطواة قرن غزال كانت معه ووضعها على المكتب والمتهم الثاني .... أثناء إفراغه ما معه سقط من جوربه قطعة صغيرة لجوهر الحشيش المخدر فقام بالتقاطها وتحفظ على المضبوطات وتحفظ على المتهمّين بواسطة موظفّين كانا يرافقانه في جولته المرورية وتم إخطار السيد المستشار أمين عام مجلس الدولة والذي عرض سيادته الأمر على السيد المستشار / .... الأمين العام المساعد لشئون التحقيقات بالمجلس الذي قام بالتحقيق في الواقعة وسلم المتهمين والمضبوطات والمذكرة المحررة من سيادته للشرطة ، وقد حرر محضرًا بواسطة الملازم أول / .... رئيس دورية قسم .... مؤرخ .... أثبت به أنه انتقل إلى مقر مجلس الدولة الكائن بشارع .... وتقابل مع السيد المستشار / .... نائب رئيس بمجلس الدولة - الأمين العام المساعد - والذي قدم له المذكرة المقدمة من السيد الشاهد الأول وما تم ضبطه مع المتهمين ، وقد شهد النقيب / .... معاون مباحث قسم .... بتحقيقات النيابة العامة بأن تحرياته السرية دلت على صحة ما شهد به الشاهد الأول وأضافت تحرياته أن قصد المتهمان من إحرازهما للمواد المخدرة المضبوطة هو التعاطي ، وثبت من تقرير المعامل الكيماوية "1" أن بفحص السيجارة المضبوطة وجد أنها ملفوفة يدوياً وأنها سبق إشعالها وتحوى كمية من خليط التبغ وفتات مادة سمراء ثبت أنها لجوهر الحشيش المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ــــــــ "2" بفحص القطعة المضبوطة والملفوفة داخل ورقة مفضضة وزنت قائماً باللفافة جرام واحد وأثنان وثلاثون سنتيجرام وثبت أنها لجوهر الحشيش المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ، وقد أورى تقرير المعمل التابع لمصلحة الطب الشرعي أنه بفحص عينة بول خاصة بالمتهم .... خلص إلى أن العينة تحوي نواتج تعاطي حشيش في الجسم . " واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المستشار / .... بجلسات المحاكمة وأقوال النقيب / .... بتحقيقات النيابة العامة ومما سطره الملازم أول / .... رئيس دورية قسم .... بالمحضر المحرر بواسطته ومما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي ومعمل التحليل بمصلحة الطب الشرعي ، وبعد أن أورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله في غير حالة من حالات التلبس ورد عليه بقوله : " يكفي لقيام حالة التلبس في الدعوى الماثلة بالنسبة للمتهمين أن يدخل المكتب عليهما الشاهد الأول أثناء مروره المنوط به وظيفياً لمتابعة سير العمل بهيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة فيشم رائحة دخان مخدر الحشيش ويلاحظ عليهما عدم الاتزان وحالة الارتباك الشديد ويلقي المتهم الأول .... أمامه سيجارة ملفوفة يدوياً مشتعلة كان يدخنها محاولاً التخلص منها وبها جوهر الحشيش المخدر فقام الشاهد بالتحفظ عليها . أما ما تلى ذلك هو أنه طلب من المتهمين إخراج ما يحتفظان به بملابسهما فسقط من جورب المتهم الثاني .... قطعة لجوهر الحشيش المخدر وكان ذلك أمام الشاهد الأول وتحت بصره فقام بالتحفظ عليه ، ومن هذا يتضح أنه لم يقم بتفتيش المتهمين وإنما شاهد السيجارة المضبوطة مع المتهم الأول وسقطت قطعة المخدر من جورب المتهم الثاني دونما أي تدخل أو إكراه معنوي أو مادي من الشاهد الأول في الواقعة ، أما بالنسبة لصحة الضبط فإن المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على " يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عملهم أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ عنها فوراً للنيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي " ونصت المادة 37 من القانون ذاته أن لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وبإنزال ما تقدم على وقائع الدعوى يتضح وبجلاء أن الشاهد الأول وهو موظفاً عمومياً أثناء تأديته لعمله المنوط به وبسببه شاهد جناية إحراز مواد مخدرة متلبساً بها فتحفظ على مضبوطات ومتحصلات هذه الجريمة وقام بتسليمها إلى الملازم أول / .... رئيس دورية قسم شرطة .... لمباشرة الإجراءات القانونية في مواجهة المتهمين مما يضحى معه الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله خليقاً بالرفض " . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم أن الشاهد الأول المستشار/ .... قرر بجلسات المحاكمة أنه طلب من الطاعن إفراغ جميع محتويات ملابسه وأثناء إفراغ الطاعن لها سقط من جوربه قطعة صغيرة لجوهر الحشيش المخدر فقام بالتقاطها . ولما كان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد أن الشاهد الأول قد فتش الطاعن بالفعل إذ إن تفتيش الشخص يعني البحث والتنقيب بجسمه وملابسه بقصد العثور على الشيء المراد ضبطه أيا كانت الطريقة التي تم بها التفتيش ، ولما كان القانون قد حظر القبض على أي إنسان أو تفتيشه إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، وكان لا يجوز للشاهد المذكور- وهو من آحاد الناس - أن يباشر أيا من هذين الإجراءين ، وكل ما خوله القانون إياه باعتباره من آحاد الناس هو التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة في الجرائم المتلبس بها بالتطبيق لأحكام المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية وتسليمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، وليس له أن يجري تفتيشاً على نحو ما فعل في واقعة الدعوى كما أن الثابت في الحكم على الوجه المتقدم يدل على أن سقوط المخدر من جورب الطاعن حال إفراغه محتويات ملابسه لم يكن إلا بعد انصياع الطاعن لطلب الشاهد الأول المذكور بإفراغ جميع محتويات ملابسه ، فلا يتحقق به الرضا بالتفتيش المعتبر في القانون ، ولذا فإن هذا التفتيش يكون قد وقع باطلاً ويكون ما أسفر عنه من ضبط الجوهر المخدر مع الطاعن باطلاً كذلك ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف ذلك واعتبر ما وقع من الشاهد الأول ليس تفتيشاً على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية ، واستند في إدانة الطاعن على نتيجة التفتيش الباطل ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على الوجه الصحيح وأقيم على دليل باطل ، ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الإدانة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق