جلسة 15 من ديسمبر سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عدلي بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود حسن رمضان، عبد العزيز إسماعيل، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.
-----------------
(392)
الطعن رقم 530 لسنة 49 القضائية
(1، 2) تزوير. دعوى "وقف الدعوى".
(1) الاحتجاج بالمحرر في دعوى. وجوب سلوك طريق الادعاء بالتزوير فيها. رفع دعوى التزوير الأصلية قبل الاحتجاج بالمحرر في الدعوى. أثره. عدم التزام الطاعن بإعادة الادعاء بالتزوير فيها.
(2) إقامة دعوى تزوير أصلية وجنحة مباشرة بالتزوير قبل رفع الدعوى التي احتج فيها الخصم بالمحرر المطعون فيه. أثره. وجوب وقف الدعوى الموضوعية لحين الفصل في أمر تزوير المحرر.
(3) حكم "الإعادة للمرافعة". دعوى.
رفض طلب إعادة الدعوى للمرافعة. هو مما تستقل به محكمة الموضوع. شرطه. عدم الإخلال بحق الدفاع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 5406 سنة 1977 مدنى كلى الإسكندرية ضد الطاعن للحكم بتمكينه من العين المؤجرة والمبينة بصحيفة الدعوى بمقولة أنه استأجرها من الطاعن بموجب عقد إيجار مؤرخ 15/ 6/ 1979 غير أنه امتنع عن تسليمها إليه فتقدم ضده بالشكوى رقم 4658 سنة 1976 إداري العطارين وفيها ادعى الطاعن أن عقد الإيجار مزور عليه فأقام دعواه. قضت المحكمة للمطعون عليه بطلباته. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 347 سنة 34 ق إسكندرية. وبتاريخ 16/ 1/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني - مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في صحيفة الاستئناف وأمام محكمة الدرجة الثانية - بسبق ادعائه بتزوير عقد الإيجار سند الدعوى كما قدم لها المستندات الدالة على إقامته دعوى الجنحة المباشرة رقم 68 سنة 1976 العطارين ودعوى التزوير الأصلية رقم 2068 سنة 1977 مدني كلي الإسكندرية من قبل رفع دعوى التمكين الماثلة وهو ما طلب من أجله فتح باب المرافعة في الاستئناف إلا أن المحكمة لم تأبه لذلك وقضت بتأييد الحكم المستأنف بمقولة عدم جدية الطاعن في ادعائه بتزوير العقد لعدم تقريره بذلك أمامها خلال الأجل الممنوح له، وأن دعوى التزوير الأصلية المرفوعة منه لا تقيدها بشيء ما دام أنه لم يسلك أمامها طريق الطعن بالتقرير به في قلم الكتاب، وهو ما يعيب الحكم إذ أن في قيام كل من دعوى - الجنحة المباشرة بتزوير العقد ودعوى التزوير الأصلية ما يكفى بذاته لقيام الادعاء بتزوير العقد دون حاجة لإعادة التقرير به من جديد بقلم كتاب محكمة الاستئناف بما كان يستوجب من تلك المحكمة وطبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات أن تقضى بوقف الدعوى لحين الفصل في دعوى التزوير الأصلية أو دعوى الجنحة المباشرة باعتبار أن الفصل في تزوير العقد مسألة أولية سابقة على الفصل في دعوى التمكين، وإذ هي لم تفعل ذلك فإن حكمها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر - وفقاً لحكم المادتين 49، 59 من قانون الإثبات أن الادعاء بالتزوير على المحررات إما أن يكون بطلب عارض يبدى أثناء الخصومة التي يحتج فيها بالمحرر - وفى أية حالة كانت عليها - وذلك بالتقرير به بقلم كتاب المحكمة التي تنظرها، أو بطريق دعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة إذا لم يكن قد تم الاحتجاج بعد بهذا المحرر، وعلى أن تتبع - في الحالين - ذات القواعد والإجراءات المنصوص عليها بشأن تحقيق الادعاء والحكم فيه، مما مفاده أن لكل من الطريقين كيانه وشروطه التي يستقل بها في مجال إبدائه - بما يمتنع معه وجه الجمع بينهما فى هذا الصدد بمعنى أنه إذا كان الاحتجاج بالمحرر قد تم فعلاً فى دعوى مقامة استناداً إليه فإن الادعاء بتزويره يكون عن طريق إبدائه كطلب عارض أثناء نظرها والتقرير به في قلم الكتاب، كما أن رفع دعوى التزوير الأصلية قبل الاحتجاج بالمحرر يكفى لقيام الادعاء بتزويره في مواجهة دعوى الاحتجاج التي ترفع بعد ذلك ودون حاجة إلى إعادة إبدائه كطلب عارض فيها. وإذ كان إبداء الادعاء بالتزوير - بأي من الطريقين السالفين ووفقاً لشروطه - كافياً بذاته لقيام الادعاء وتحقق آثاره لحين الفصل فيه، فإن مقتضى ذلك عدم جواز البت في موضوع المحرر ووجوب وقف الخصومة الأصلية فيه لحين البت في أمر تزويره، ذلك أنه وإن كان المشرع لم ير - في صدد تناوله لنصوص الادعاء بالتزوير في قانون الإثبات - داعياًًًًً للنص على وقف الدعوى بسبب الادعاء فيها بالتزوير باعتبار أنه - وعلى نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ذات موضوع الدعوى وأن السير في تحقيقه هو من قبيل المضي في إجراءات الخصومة الأصلية شأنه في ذلك شأن أية مسألة عارضة أو أية منازعة فى واقعة من وقائعهما يحتاج إثباتها إلى تحقيق ويتوقف عليها الحكم، إلا أن وقف الفصل في الموضوع الذى يجرى الاستناد فيه إلى المحرر بسبب قيام الادعاء بتزويره مقرر بحكم المادة 129 من قانون المرافعات التي تقضى بأنه "في غير الأحوال التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم. ذلك أن الفصل في الادعاء بالتزوير يعتبر مسألة أولية لازمة للحكم في الدعوى مطروح أمرها على محكمة أخرى مختصة بها كأن يكون أمر التزوير مطروحاً من قبل أمام محكمة أخرى بدعوى تزوير أصلية أو بدعوى جنائية إذ يتعين في هذه الأحوال وقف دعوى الاحتجاج بالمحرر لحين الفصل في أمر تزويره. لما كان ما تقدم وكان الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن رفق طعنه - أنه تمسك في دفاعه بصحيفة الاستئناف وأمام المحكمة الاستئنافية بسبق ادعائه بتزوير عقد الإيجار - سند الدعوى الماثلة - وذلك بدعوى الجنحة المباشرة رقم 68 سنة 1976 العطارين وبدعوى التزوير الأصلية رقم 2068 سنة 1977 مدنى كلى إسكندرية المرفوعتين منه فى هذا الشأن ضد المطعون عليه قبل قيام الأخير برفع دعواه الموضوعية الماثلة وأن هذا الادعاء ما زال منظوراً ولم يفصل فيه بعد بأى من الدعويين السالفتين، وكان من مقتضى ذلك الدفاع - لو صح - وجوب وقف الاستئناف لحين الفصل في أمر التزوير من المحكمة التي تنظره، وكان الطاعن قد قدم لمحكمة الاستئناف المستندات المؤيدة لهذا الدفاع رفق الطلب المقدم منه في 19/ 12/ 1978 لإعادة الاستئناف إلى المرافعة، أثر قرار المحكمة بحجزه للحكم لجلسة 16/ 1/ 1979، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أنه - رغم تحصيله لذلك الدفاع وهذا الطلب لم ينزل على مقتضاه بل مضى دونه إلى الفصل في موضوع الاستئناف مستنداً في ذلك إلى قوله "...... والقاعدة في هذا الشأن أنه إذا احتج بورقة في نزاع مرفوع بشأنه دعوى فإنه يتعين على من احتج عليه بتلك الورقة أن ادعى أنها مزورة أن يسلك طريق الطعن الذى رسمه القانون، وإن كان المستأنف قد سلك طريق الدعوى المبتدأة برفع دعوى تزوير أصلية على عقد الإيجار سند الدعوى الماثلة فإن هذا المسلك لا يقيد هذه المحكمة بشيء طالما أنها قد أفسحت له الطريق لاتخاذ طريق الطعن بالتزوير على العقد المذكور دون جدوى وبذا تلتفت المحكمة عن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة لهذا السبب لكونه على غير سند من القانون إذ أن الادعاء بتزوير ورقة في الدعوى هو دفاع موضوعي يتعين طرحه أمام محكمة النزاع مباشرة..." ثم تناول الحكم بعد ذلك موضوع الاستئناف بقوله "...... وحيث إن باقي ما ردده المستأنف من أسباب لا يخرج عن القول بأن عقد الإيجار سند الدعوى هو عقد مزور عليه، وكان هذا القول منه لا ينال من العقد المذكور طالما أنه لم يتخذ طريق الطعن بالتزوير عليه أمام هذه المحكمة وبذا يكون حجة عليه.، لما كان ذلك وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان تقدير مدى جدية طلب فتح باب المرافعة في الدعوى أمراً موضوعياً مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ما استخلصته وانتهت إليه في هذا الشأن سائغا ومتفقا مع القانون، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه وما استند إليه في أسبابه السالفة - تبريراً لالتفاته عن طلب فتح باب المرافعة في الاستئناف - يتنافى مع صحيح القانون فى هذا الصدد فإن الحكم يكون قد أخل بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق