جلسة 24 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي ومحمد أحمد حسن نائبي رئيس المحكمة وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.
-------------
(108)
الطعن رقم 211 لسنة 58 القضائية
تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة. شرطه: وقوعه عن إرادة وطواعية واختيار. كونه وليد إجراء غير مشروع. بطلان الدليل المستمد منه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966. والبند رقم 57 من الجدول رقم (1) بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر فقد انطوى على قصور في التسبيب، ذلك بأن رد على دفع الطاعن ببطلان القبض عليه بما لا يكفي لإطراحه.. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بينما كان رئيس وحدة مباحث قسم شرطة النزهة يمر بدائرة القسم لتفقد حالة الأمن نظراً لتكرر حوادث سرقة مصاغ السيدات باستعمال الدراجات البخارية وأثناء استيقافه الطاعن الذي كان يسرع بدراجته حاول الهرب فتمكن الضابط من اللحاق به وعندئذ ألقى لفافتين تتبعهما الضابط ببصره حتى استقرتا على الأرض ثم فضهما وتبين أنهما تحويان مخدراً فألقى القبض على الطاعن، وبعد أن أفصح الحكم عن ثبوت الواقعة على هذه الصورة من أقوال الضابط وما أسفر عنه تحليل المادة المضبوطة، حصل أقوال شاهد الإثبات في قوله أنه شهد بأنه بينما كان يقوم بالمرور بدائرة القسم لتفقد حالة الأمن ونظراً لتكرر حوادث سرقة السلاسل من السيدات باستعمال الدرجات البخارية وأثناء استيقافه للمتهم..... (الطاعن) الذي كان يسرع بدراجته البخارية حاول الهرب فتمكن من اللحاق به وعندئذ ألقى بلفافتين أرضاً تتبعهما الضابط ببصره حتى استقرتا على الأرض فقام بالتقاطهما وتبين أنهما تحويان مخدر الحشيش فقام بضبطهما والقبض على المتهم. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولها دون سبب ودون سند من القانون وأن تخلى الطاعن عن لفافتي المخدر لم يكن اختيارياً إذ تم بعد القبض عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأطرحه في قوله "وحيث إن المحكمة تطمئن إلى ما جاء على لسان شاهد الإثبات اطمئناناً يقينياً وتطرح دفاع المتهم إذ هو مجرد تهرب من التهمة وأن التخلي عن المخدر كان اختيارياً عند مجرد استيقافه". لما كان ذلك، وكان يشترط في التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد تم عن إرادة حرة وطواعية واختيار، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلاً لا أثر له، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على الدليل المستمد من تخليه عن لفافتي المخدر دون أن يمحص دفاعه وكان ما أورده الحكم رداً على دفع الطاعن في هذا الشأن - وعلى ما سلف بيانه - غير كاف لإطراحه، إذ بالإضافة إلى ما انطوى عليه من مصادرة على المطلوب، فإن ما ذكره من أن التخلي تم عند مجرد استيقاف الطاعن يتناقض مع ما أورده الحكم سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو أقوال شاهد الإثبات من أن تخلي الطاعن عن لفافتي المخدر إنما تم بعد محاولته الهرب وملاحقة الضابط له وهو ما ينبئ عن اختلال فكرة المحكمة عن واقعة الدعوى فضلاً عن أنه حجب المحكمة عن بحث أثر ملاحقة الضابط للطاعن في حرية إرادته واختياره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالتناقض فيه بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق