جلسة 25 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد محمود إبراهيم
إسماعيل نائب رئيس المحكمة ، وبحضور السادة : محمد عطيه إسماعيل ، ومحمد عبد
السلام ، وعبد الحليم البيطاش ، وأديب نصر حنين المستشارين .
-------------------
(209)
الطعن رقم 829 لسنة 31
القضائية
أسباب الإباحة . الدفاع الشرعي
. حكم "تسبيبه"
.
حق الدفاع الشرعي . تجاوز
حدوده . تقدير هذا التجاوز . وجوب الموازنة بين الاعتداء الواقع على المتهم والذى
يخوله حق الدفاع - وبين ما أتاه في سبيل هذا الدفاع . إغفال ذلك . قصور .
--------------
إذا كان الحكم لم يوازن
بين الاعتداء الذى وقع على المتهمة - والذى خوّل لها حق الدفاع الشرعي - وبين ما
أتته هي في سبيل هذا الدفاع ، فإنه إذ دانها بتهمة إحداث العاهة المستديمة
واعتبرها متجاوزة حدود حق الدفاع الشرعي دون أن يقوم بهذه الموازنة على ضوء ما
تكشف له من ظروف الدعوى وملابساتها والتقارير الطبية ، فإنه يكون قاصرا قصورا
يعيبه بما يستوجب نقضه .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا
من الطاعنة وآخرين بأنهم المتهمة الأولى "الطاعنة" : أحدثت بالمتهم
الثالث عمدا الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها
عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد بحركة وسط الأصبع الوسطى لليد اليسرى وفي نهاية
حركة ثنيه وتقليل من كفاءته على العمل بنحو 2% . والمتهم الثاني : أحدث بالمتهم
الثالث عمدا الإصابات الأخرى الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله
الشخصية مدة تزيد على العشرين يوما . والمتهمان الثالث والرابعة : أحدث بالمتهمة
الأولى عمدا الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية
مدة لا تزيد على العشرين يوما . وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة
الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 240/1 و 241/1 من قانون العقوبات . فقررت الغرفة
إحالة الدعوى إلى محكمة الجنح . وادعى المتهم الثالث مدنيا طالبا الحكم له بمبلغ
قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين الأولى والثاني متضامنين .
والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث
وبالمادة 240/1 من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 17 و 55 و 56 من ذات القانون
والمادة 340/2 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمة الأولى وبالمادة 304/1
من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمة الرابعة - أولا : بحبس المتهمة
الأولى ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من
صيرورة الحكم نهائيا . ثانيا : بتغريم المتهم الثاني خمسمائة قرش . ثالثا : بتغريم
المتهم الثالث مائتي قرش . رابعا : ببراءة المتهمة الرابعة مما أسند إليها . خامسا
: بإلزام المتهمين الأولى والثاني بأن يدفعا متضامنين للمتهم الثالث مبلغ قرش صاغ
واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية . استأنف المتهمان الأولى والثاني
هذا الحكم . والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا عملا بالمادة 402/2-3 من قانون
الإجراءات الجنائية والمادة 61 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثاني - أولا :
بعدم جواز استئناف المتهم الثاني . ثانيا : بقبول استئناف المتهمة الأولى
"الطاعنة" شكل وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . فطعنت المحكوم
عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ .
المحكمة
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في البيان ،
ذلك أنها دفعت التهمة المسندة إليها بأنه على فرض صحتها فإنها كانت في حالة دفاع شرعي
عن النفس تبيح لها رد الاعتداء الواقع عليها الأمر الذى يجعلها بمنجى من العقاب .
وقد سلم الحكم فيما أثبته من وقائع بأن المتهم الثالث محمد على شاهين اقتحم منزل
الطاعنة واعتدى عليها وقال إن ذلك يجعلها معذورة في اعتدائها عليه إلا أنه اعتبر
ما وقع منها تجاوزا لحق الدفاع الشرعي عن النفس ، مع أن الثابت من التقارير الطبية
الشرعية أن الإصابة التي وجدت بإصبع المجنى عليه تقلل من كفاءته بنسبة 2% وأنها
تحدث من لي أصبع المصاب وليس في هذا كله تجاوز من الطاعنة لحق الدفاع الشرعي .
وحيث إن الحكم الابتدائي
المؤبد بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بتاريخ 9/4/1958 أثبت
محقق البوليس في محضره أن بوليس النجدة أحضر المتهمة الأولى سيدة عبد الباسط إبراهيم
وزوجها المتهم الثاني مصطفى إبراهيم دياب والمتهم الثالث محمد على شاهين إلى قسم
بوليس الخليفة وكان المتهمان الأولى والثالث مصابين وقرر الأخير أن المتهمة الأولى
وزوجها المتهم الثاني قابلاه قبل غروب الشمس في الطريق وضرباه وأحدثا إصابته وذكر
بعد ذلك أن المتهمة الأولى أصابته في يده اليسرى وهى تحاول انتزاع خاتمين من يده
كما أصابه زوجها في رأسه وأنكر المتهمان المذكوران ما أسند إليهما قالت المتهمة
الأولى إن المتهم الثالث ضربها وأصابها في رأسها وذراعها وساقها لأنها كانت قد
حررت له مذكرة بقسم البوليس بسبب تشاجر أولادهما ، وتقدم زوجها المتهم الثاني
ببلاغ قال فيه إنه عاد إلى منزله ووجد صياحا ينبعث من داخله وشاهد المتهم الثالث
وزوجته المتهمة الرابعة يضربان زوجته المتهمة الأولى وفرت المتهمة الرابعة بينما
تمكن من إغلاق الباب على المتهم الثالث حتى جاء بوليس النجدة . وبعد أن أورد الحكم
الأدلة على أن المتهمة الأولى وزوجها ضربا المتهم الثلث وأن الأولى أصابته في أصبعه
الوسطى لليد اليسرى وأن زوجها أحدث باقي إصاباته قال "أنه بصدد تقدير العقوبة
على المتهمة الأولى (الطاعنة) فقد ثبت من شهادة عوض سيد عبد العال ومحمد وهبة أن
المتهم الثالث اقتحم منزلها وضبط بداخله مما يجعل المتهمة معذورة في اعتدائها عليه
وإن تجاوزت في ذلك حق الدفاع عن النفس الشرعي يقضى بوجوب الاكتفاء برد الاعتداء
بمثله" . ولما كان يبين مما أورده الحكم على الوجه المتقدم أنه اعتبر الطاعنة
متجاوزة حدود حق الدفاع الشرعي عن النفس لمجرد اقتحام المتهم الثالث المصاب
بالعاهة المستديمة منزلها وضبطه بداخله ، وهو تسبيب قاصر لا كفى لحمل ما انتهى
إليه الحكم من أن الطاعنة تجاوزت حقها في الدفاع . إذ لم يوازن بين الاعتداء
الواقع عليها والذى خول لها حق الدفاع الشرعي وبين ما أتته في سبيل هذا الدفاع
ورأى أنها قد تجاوزن فيه حدود ذلك الحق - لما كان ذلك ، فإن الحكم إذ دان الطاعنة
دون قيامه بهذه الموازنة على ضوء ما تكشف له من ظروف الدعوى وملابساتها والتقارير
الطبية المرفقة بالملف فإنه يكون قاصرا قصورا يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه لما تقدم يتعين
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون
ضده المصاريف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق