الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 10 فبراير 2022

الطعن 764 لسنة 31 ق جلسة 19 / 12 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 208 ص 992

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود إسماعيل، وحسين صفوت السركي، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

---------------

(208)
الطعن رقم 764 لسنة 31 القضائية

إثبات. استدلالات. مواد مخدرة.
قصد الإتجار. حرية المحكمة في تكوين عقيدتها. اقتناعها بجدية التحريات التي بنى عليها إذن التفتيش. لا يتعارض مع عدم أخذها بما تضمنته من أن المتهم يحرز المخدرات بقصد الإتجار.
ليس ما يمنع محكمة الموضوع، بما لها من سلطة تقديرية، من أن ترى في تحريات الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار، متى كانت قد بنت رأيها هذا على الاعتبارات السائغة التي أوردتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال المرخص بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و 2 و 33/ جـ و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 الملحق به - فأمرت الغرفة بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع لحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش لاستناده إلى تحريات غير جدية. والمحكمة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و 2 و 34 و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنتين وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالخطأ في الاستدلال وفى الإسناد والتناقض في التسبيب، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان الإذن الصادر بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية إذ أن منزله يقع بحارة الفرن التابعة لقسم روض الفرج وقد جاء بالتحريات أنه يقيم بمنزله بشارع الجسر وهو غير تابع لقسم روض الفرج وإنما لقسم شبرا، ورد الحكم على ذلك بأن هذا الخلاف ليس إلا خطأ ماديا لا أثر له على جدية التحريات، وهو رد ينطوي على خطأ في تطبيق القانون إذ أن التحريات مع وقوع هذا الخطأ لا يصح أن توصف بأنها جدية، هذا فضلا عن أن الحكم لم يأخذ بما جاء بهذه التحريات من أن المتهم يتجر في المخدرات الأمر الذى يدل على عدم جديتها. أما الخطأ في الإسناد فإن الحكم قد اعتمد في الإدانة على أقوال الضابط ومن كان يرافقه من رجال القوة وبالرجوع إلى أقوالهم في التحقيق يتضح وجوب خلاف بينهم في كيفية ضبط الطاعن وتفتيشه وما ضبط معه ومكانه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "غنه في 20/ 8/ 1957 بينما كان المتهم بجوار غرزة بشارع غبريال بالقرب من منزله أطبق عليه الضابط مجدى سعد مراد ومعه الصول السيد أمين صالح ومن رجال القوة عباس الجريتلي ومعوض أحمد عطيه وكان الضابط قد حصل على إذن من النيابة لضبط المتهم وتفتيشه ومنزله بعد أن أبان الضابط بمحضر تحقيق النيابة أن تحرياته دلت على إحراز المتهم للمخدرات وقد أسفرت واقعة الضبط هذه عن العثور على حافظة نقود المتهم وتحوى لفافتين بهما مخدر الحشيش ويزن 3.1 جراما" ورد الحكم على ما دفع به الطاعن من عدم جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش بقوله "إن الدفاع عن المتهم دفع ببطلان التفتيش لاستناده إلى تحريات غير جدية إلا أن المحكمة ترى فيما أثبته الضابط مجدى سعد مراد بمحضره المؤرخ 20 من أغسطس سنة 1957 من علمه من المصادر السرية ومراقبته للمتهم أنه يتجر في المواد المخدرة، وبسؤال النيابة له في تحقيق مفتوح عن هذه الوقائع، وشهادة الضابط أمامها بتأكيد تحرياته ما يرفع هذه التحريات إلى المستوى الجاد الذى يستأهل الحصول على إذن التفتيش وليس بذي أثر ما ورد بالتحريات من أن منزل المتهم يقع بشارع الجسر التابع لقسم روض الفرج بينما يذهب الدفاع إلى أن شارع الجسر إنما يقع بقسم شبرا، ذلك أن مثل هذا الخطأ المادي لو صح وقوعه لما كان له من أثر على جدية التحريات". لما كان ذلك، وكان الطاعن قد ضبط وفى حيازته المخدر بالطريق قريبا من منزله كما هو ثابت في الحكم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المتهم هو الشخص الذى كان محلا للتحريات وهو دون غيره المقصود بالتفتيش، وكانت جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هى من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد أفصحت في ردها على دفاع الطاعن عن أنها قدرت هذه التحريات ورأت أنها قد بلغت الحد الذى يكفى لإصدار الإذن وأن الخطأ في إسم الشارع الذى يقع به منزل الطاعن لا يؤثر في جدية تلك التحريات فإنه لا تجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه في صدد بيان قصد الطاعن من الإحراز قد قال "إن المحكمة لا تميل ابتداء إلى الأخذ بما جاء بشهادة الضابط من أن التحريات والمراقبة السرية دلت على إتجار المتهم في المواد المخدرة ذلك أن المحكمة لم تتثبت من مصدر هذه التحريات، كما وأن المراقبة الشخصية وإن دلت على تردد مدمني المخدرات على المتهم إلا أن ذلك لا يقطع بأن ترددهم كان للحصول على المخدر فضلا عن أن صغر وزن الحشيش المضبوط وعدم وجود شيء من معدات التغليف أو الوزن يقطع أن المتهم إنما أحرز المخدر المضبوط بقصد التعاطي". وما قاله الحكم من ذلك ليس فيه أثر للتناقض، إذ ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية أن ترى في هذه التحريات ما يسوغ إصدار الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الإتجار للاعتبارات السائغة التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من أقوال الشهود أن الضابط حين قبض على المتهم وفتشه عثر على المواد المخدرة بحافظته وكانت هذه الواقعة هي عماد الحكم بالإدانة، ولها أصل ثابت في التحقيقات التي أجرتها النيابة على ما يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها. ولما كان لا يشترط في شهادة الشهود أن ترد على الحقيقة المطلوب إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون من شأنها أن تؤدى إلى تلك الحقيقة وأن تكون الحكم قد حصل هذه الأقوال بما لا تناقض فيه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون سديدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق