جلسة 25 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد محمود إبراهيم
إسماعيل نائب رئيس المحكمة ، وبحضور السادة : محمد عطيه إسماعيل ، ومحمد عبد
السلام ، وعبد الحليم البيطاش ، وأديب نصر حنين المستشارين .
---------------
(210)
الطعن رقم 843 لسنة 31
القضائية
تفتيش .
الإذن به . يلزم أن يكون
ثابتا بالكتابة .
تنفيذه : وجود ورقة الإذن
بيد المأمور وقت التفتيش . غير لازم .
-------------------
من المقرر أن القانون لا
يشترط إلا أن يكون الإذن بالتفتيش ثابتا بالكتابة ، ولا يلزم وجود ورقة الإذن بيد
مأمور الضبط القضائي المنتدب للتفتيش وقت إجرائه .
الوقائع
اتهمت النيابة الطاعنين
بأنهم حازوا جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا .
وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و 2 و
33/جـ و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 . فقررت ذلك . وأمام محكمة
الجنايات دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان تفتيش مسكن المتهم الأول وبعدم جدية
التحريات . والمحكمة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين
بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات ،
وردت على الدفع قائلة إنه في غير محله . فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض ... الخ .
المحكمة
وحيث إن حاصل ما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه في التقريرين المقدمين منهم هو الخطأ في القانون
والقصور ، إذ رفض ما دفعوا به من بطلان إذني التفتيش الصادرين من النيابة لعدم
جدية التحريات التي بنيا عليها فقد ورد بها أن اسم الطاعن الثاني "محروس
مندور" بينما أن حقيقة اسمه "فرج محمد مندور" ، وقد دان الحكم هذا
الطاعن على أساس أن إحرازه المخدر كان بقصد الإتجار دون أن يورد الأسباب التي تبرر
ذلك ، كما انه دان الطاعن الأول على الرغم من بطلان الإذن الصادر بتفتيش مسكنه
لعدم ذكر اسمه في محضر التحريات الذى صدر بناء عليه إذن التفتيش المؤرخ 3/9/1959
والذى ألغى الإذن السابق عليه والذى كان يشتمل على اسم الطاعن المذكور ، هذا فضلا
عن بطلان التفتيش لعدم حمل ضابط مكتب المخدرات إذن التفتيش أثناء إجرائه .
وحيث إن واقعة الدعوى كما
أثبتها الحكم المطعون فيه تتحصل في أن رئيس مكتب مكافحة المخدرات انتقل مع قوة من
رجال الشرطة وقصدوا إلى مسكن الطاعن الأول لتفتيشه بناء على إذن صادر من النيابة
فأبصروا الطاعنين جالسين على سرير بالحجرة وقد أمسك أولهم بسكين يجزئ بها قطعة من
الحشيش وأمامه منضدة عليها ثلاث قطع كبيرة من الحشيش فقام الضابط بتفتيشهم فلم يجد
مع أولهم مخدرات وعثر في جيب كل من الطاعنين الثاني والثالث على لفافة من الورق
تحوى ثلاثا وأربعين لفافة طويت كل منها على قطعة من الحشيش وقد واجه الطاعنين
بالمضبوطات فأقر ثلاثتهم بحيازتهم لها بقصد الإتجار فيها . واستند الحكم في إدانة
الطاعنين إلى أقوال الشهود وتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي . لما كان
ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعنون بشأن بطلان التفتيش
بقوله "إن القول بأن الإذن الصادر من النيابة بتاريخ 3/9/1959 قد فسخ وأبطل
إذنها الصادر في 2/9/1959 هو قول غير سديد وليس له سند في القانون أو الواقع إذ أن
اسم المتهم الأول قد جاء بإذن النيابة الصادر في 2/9/1959 بضبطه وتفتيشه وتفتيش
مسكنه وقد أشار الرائد يوسف محمد خضير إلى هذا الإذن في محضره بشأن ضبط وتفتيش
المتهمين وتفتيش مسكن المتهم الأول كما أشار صراحة في هذا المحضر إلى إذن النيابة
الصادر في 3/9/1959 الخاص بضبط وتفتيش المتهمين الثاني والثالث وقد ورد اسم المتهم
الثاني في محضر التحريات المؤرخ 3/9/1959 على أنه محروس مندور وجاء اسم المتهم
الثالث على أنه احمد حسن النساج وقد انتقل رجال الضبطية القضائية لتنفيذ مقتضى
هذين الإذنين وقد ورد بهما أسماء المتهمين الثلاثة وأن كل إذن منهما قائم بذاته
ولم ينسخ أحدهما الآخر ولا يزال مفعول كل منهما ساريا وقد أقر المتهم الثاني في التحقيق
بأنه مشهور بمحروس وهذه الشهرة تكفى في حد ذاتها لسلامة الإذن الصادر بشأنه وبالتالي
إلى سلامة التحريات الخاصة به . هذا وقد قرر الشاهد يوسف خضير والكونستابل محمد
صلاح طنطاوي أن هذا المتهم بذاته هو المعنى بمحضر التحريات وصدر الإذن بشأنه ولهذا
تكون النيابة حين أصدرت إذنها بالتفتيش قد اطمأنت إلى جدية هذه التحريات وكان
إجراؤها سليما متفقا مع القانون وأن المحكمة بدورها وهي صاحبة الإشراف على ذلك تقر
النيابة فيما ذهبت إليه . أما عن القول بأن الرائد يوسف خضير لم يكن يحمل معه إذن
النيابة بتفتيش مسكن المتهم الأول فيكون دخوله هذا المسكن وتفتيشه قد وقع باطلا -
هذا الذى يثيره الدفاع لا حجية له ولا جدوى منه إذ ثبت صدور إذن النيابة بتفتيش
هذا المسكن فعلا ومن ثم يكون التفتيش قد وقع طبقا للقانون . هذا فضلا عن أن المتهم
الأول معترف في التحقيقات بوجود المخدرات في مسكنه ومن ثم فيتضح من كل هذا أن هذه
الدفوع غير جدية وغير سديدة ويتعين اطراحها ورفضها" .
وحيث إنه لما كان من
المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى
اقتنعت هذه المحكمة بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ
إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها في ذلك لتعلقه
بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضا أن الخطأ في اسم
المطلوب تفتيشه أو عدم ذكر بيان دقيق عن اسمه لا يبطل التفتيش ولا يؤثر في سلامة
الأمر الصادر به مادام الحكم قد استظهر أن الشخص الذى حصل تفتيشه هو بذاته المقصود
بأمر التفتيش فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط إلا أن يكون الإذن
بالتفتيش ثابتا بالكتابة ولا يلزم وجود ورقة الإذن بيد مأمور الضبط القضائي
المنتدب للتفتيش وقت إجرائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استخلص قصد الإتجار
بالمواد المخدرة لدى الطاعنين استخلاصا سائغا من وقائع الدعوى وأدلتها ، وكان ما
أورده في هذا الشأن يكفى الرد على دفاع الطاعن الثاني من أن إحرازه للمخدر كان
بقصد التعاطي . هذا فضلا عن أن الإتجار في الجواهر المخدرة إنما هو واقعة مادية
يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها . لما كان ما تقدم جميعه ، فإن الطاعن
برمته يكون على غير أساس . إلا أنه لما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة
1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض
الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على
واقعة الدعوى ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح للمتهم بما جاء
في نصوصه من عقوبات أخف وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون
العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين أن إحرازهم المخدر
كان بقصد الإتجار فيه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية وجعلها الأشغال الشاقة
لمدة خمس عشرة سنة وذلك بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق