جلسة 31 من مايو سنة 1967
برياسة السيد المستشار/
أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم
عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، وحسن أبو الفتوح الشربيني.
-----------------
(177)
الطعن رقم 21 لسنة 35 ق
"أحوال شخصية"
(أ) محكمة الموضوع.
"سلطتها في استنباط القرائن وتقديرها".
سلطة قاضي الموضوع في استنباط
القرائن في تحقيق أجرته سلطة قضائية أخرى. مثال.
(ب) محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير أدلة الدعوى وإطراح
محكمة الموضوع ما لا تقتنع به. عدم التزامها بإبداء أسباب ترجيح دليل على آخر.
بيان الأسباب التي اعتمدت عليها. كفايته.
---------------
1 - قاضي الموضوع - وعلى
ما جرى به قضاء محكمة النقض - حر في أن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها من وقائع
الدعوى والأوراق المقدمة له ومن أقوال شهود سمعوا في تحقيق قضائي أو إداري (1)، وإذ
كان حكم الاستجواب قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه
"وإن كان التحقيق التي أجرته محكمة أثينا بطريق الإنابة تنفيذا للحكم التي أصدرته
محكمة القاهرة الابتدائية قد تم بعد الميعاد المضروب له وبعد أن صدر الحكم
المستأنف مما يجعله منقطع الصلة بسير الدعوى في مرحلتها الابتدائية وكان الحكم الابتدائي
لم يعتمد على هذا التحقيق لصدوره قبل إجرائه إلا أن المحكمة ليست ممنوعة من أن
تستنبط من هذا التحقيق التي أجرته سلطة قضائية ما تشاء من قرائن تعينها على الفصل
في الدعوى ما دام الإثبات بالقرائن جائزا" ورأى أن يستجوب الطاعن في "الوقائع
التي وردت في أقوال هؤلاء الشهود" فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - لقاضى الموضوع أن
يأخذ في قضائه بما يرتاح إليه من أدلة الدعوى ويطرح ما لا يقتنع بصحته منها دون أن
يكون ملزما بإبداء أسباب ترجيحه دليلا على آخر ويكفيه أن يبين الأسباب التي اعتمد
عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير التي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ كريسولا صليبة
أقامت الدعوى رقم 65 لسنة 1960 القاهرة الابتدائية أحوال شخصية أجانب ضد زوجها
جورج أبستولى صليبة تصلب الحكم بتطليقها منه لخطئه وعلى مسئوليته طبقا للمادة 1442
من القانون المدني اليوناني وتقدير نفقة لها قدرها 40 ج شهريا وصدور الأمر بتوقيع
الحجز التحفظي على أمواله بما يوازى الدوطة التي قدمتها له وقدرها 1000 ج مع
إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحا لدعواها إنهما يونانيان وقد
تزوجت من المدعى عليه في 27/ 8/ 1958 أمام كنيسة القديس نقولا بالقاهرة وبعد
الزواج أساء معاملتها وتبين أنه مصاب بشذوذ جنسي أدى به إلى مطالبتها بأن تمنحه ما
لا يحل له شرعا ولما رفضت اعتدى عليها بالضرب والإهانة وفى صيف سنة 1959 سافرت معه
إلى "أثينا" وهناك ضربها وأحدث بها جرحا في أذنها وهددها بالقتل، وإذ
كان من شأن هذه المعاملة تصدع الحياة الزوجية واستحالة دوام العشرة بينهما فقد انتهت
إلى طلب الحكم لها بطلباتها. وبجلسة 4/ 5/ 1960 أقام المدعى عليه دعوى فرعية
بتطليقه من المدعية لخطئها وتحت مسئوليتها وإلزامها بأن تدفع له مبلغ ألف جنيه على
سبيل التعويض مستندا في ذلك إلى أنه سافر معها إلى اليونان في شهر أغسطس سنة 1959
ورفضت أن تعود معه وأصرت على البقاء هناك رغم إنذارها رسميا في 4/ 9/ 1959 وأنها
كانت لا ترعاه وتهمل شئون منزلها وتمنع نفسها عنه إلا إذا قدم لها الهدايا، وإزاء
إصرار الطرفين على طلب التطليق وفشل محاولة الصلح قرر رئيس المحكمة إحالة الدعوى
إلى التحقيق ليثبت كل منهما بكافة طرق الإثبات وبما فيها البينة الوقائع التي يؤسس
عليها طلباته، وإلزام الزوج بأن يؤدى للزوجة نفقة وقتية شاملة قدرها عشرة جنيهات
شهريا إلى أن يفصل في النزاع نهائيا ورفض طلب توقيع الحجز التحفظي على أمواله مع
إلزام الطالبة بمصروفاته، وفى الجلسة المحددة للتحقيق قرر الحاضر عن الزوجة أن
شهودها يقيمون في اليونان وطلب سماع شهادتهم عن طريق الإنابة القضائية. وبتاريخ
16/ 6/ 1960 حكمت المحكمة حضوريا وقبل الفصل في الموضوع بإنابة محكمة
"أثينا" باليونان لسماع شهادة كل من السيدات خريسا أسبيرو مانزو وأيلينى
كوزما سابو وصوفيا خرالمبوس مانزو وميرانزولا جورج جورفاس فيما نسبته السيدة/
كريسولا صليبة لزوجها جورج صليبة من أنه كان منذ بدء زواجها يسبها ويضربها وأنه
كان يطلب معاشرتها معاشرة غير شرعية، ولما امتنعت ازدادت معاملته لها سوءا مما أدى
إلى تصدع الحياة الزوجية تصدعا يستحيل معه دوام الحياة المشتركة وسماع شهادتين
فيما نسبه الزوج من أنها ترفض العودة للإقامة معه وأنها كانت لا ترعاه ولا تعنى به
ولا تقوم بواجبها نحوه كما كانت ممتنعة عليه، وفى 26/ 6/ 1962 أصدرت حكما آخر حددت
فيه ثلاثة شهور لإتمامه، ولعدم إجراء التحقيق في هذا الميعاد عادت وفى 26 من مارس
سنة 1963 فحكمت حضوريا وقبل الفصل في الموضوع بإنابة محكمة "أثينا"
باليونان لتنفيذ ما جاء بالحكم الصادر بجلسة 16/ 6/ 1960 على أن يتم ذلك خلال ستة
أشهر. وبتاريخ 17 مارس سنة 1964 حكمت المحكمة حضوريا (أولا) وفى الدعوى الأصلية
المرفوعة من الزوجة السيدة كريسولا صليبة برفضها وألزمتها بالمصروفات وبمبلغ
ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانيا) وفى الدعوى الفرعية المقامة من الزوج
جورج صليبة ضد زوجته كريسولا صليبة بتطليق المدعى المذكور من زوجته المذكورة لخطأ
الأخيرة وعلى مسئوليتها مع إلزامها بمصروفات هذا الشطر من الدعوى (ثالثا) وبالنسبة
لطلب الألف جنيه تعويض بإحالة الدعوى إلى إحدى الدوائر المدنية للفصل فيه.
واستأنفت السيدة/ كريسولا هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه
والحكم بتطليقها لخطأ المستأنف عليه وتحت مسئوليته ورفض الدعوى الفرعية مع إلزامه
بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 6 أحوال
شخصية سنة 81 قضائية. وبتاريخ 9/ 12/ 1964 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف
شكلا وقبل الفصل في الموضوع باستجواب المستأنف عليه في الوقائع التي تضمنها محضر
التحقيق التي أجرته محكمة أثينا وفيما جاء بأقوال شاهديه، ثم عادت وبتاريخ 10/ 3/
1965 فحكمت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف
وبتطليق المستأنفة من المستأنف عليه لخطئه وعلى مسئوليته مع إلزامه بالمصروفات عن
الدرجتين وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبرفض دعوى المستأنف عليه
الخاصة بطلب التطليق على خطأ المستأنفة وإلزامه بمصروفاتها عن الدرجتين وبمبلغ
خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب
الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن ولم يبد دفاعا
وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه على التحقيق التي أجراه قاضى محكمة أثينا، وهو
خطأ ومخالفة للقانون وبطلان في الإجراءات أثر في الحكم، لأن هذا التحقيق تم بعد انتهاء
الأجل المحدد له وبعد صدور الحكم الابتدائي وانتهاء ولاية المحكمة على النزاع ولم
يسبق إعلان الطاعن بمنطوق حكم الإنابة خلافا لما تقضى به المادتان 196 و160 من
قانون المرافعات ومع تسمك الطاعن في دفاعه ببطلان هذا التحقيق وعدم الاعتداد به
فإن المحكمة لم تأخذ به وعولت في قضائها على هذا التحقيق رغم بطلانه ودون أن تصحح ما
شابه من عيوب، ورد الحكم الصادر في 9/ 12/ 1964 بأن هذا التحقيق منقطع الصلة
بالدعوى في مرحلتها الابتدائية ومتصل بسيرها أمام محكمة الاستئناف وذهب في تبرير
مسلكه هذا إلى أنه ليس ثمة ما يمنعه من أن يستنبط من التحقيق التي أجرته سلطة
قضائية أخرى ما يشاء من القرائن التي تعينه على الفصل في الدعوى كأنه بذلك أراد أن
يستبدل بالدليل المباشر المستمد من التحقيق دليلا غير مباشر مستنبطا منه وهو ما
يعرف بتحول الإثبات في حين أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه سرد أقوال
الشهود الذين سمعوا أمام محكمة "أثينا" وانتهى إلى القول بأنه يتجه
بثقته إلى صدقها ولم يشر في أسبابه إلى الواقعة القريبة المتصلة بالواقعة البعيدة
المتعذر إثباتها وما استنبطه منها لإثبات هذه الواقعة الأخيرة وما ذلك إلا لأنه لم
يستنبط ولم يستعن بالقرائن في الإثبات وإنما عول على شهادة الشهود ونقلها كما هي ووثق
بها وفى ذلك ما يعيبه، إذ هو خلط بين الإثبات بالبينة والإثبات بالقرائن.
وحيث إن هذا السبب في غير
محله ذلك أن قاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حر في أن يستنبط
القرينة التي يعتمد عليها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة له ومن أقوال شهود سمعوا
في تحقيق قضائي أو إداري، وإذ كان ذلك، وكان الحكم الصادر في 9/ 12/ 1964 - وهو
حكم الاستجواب - قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "وإن
كان التحقيق التي أجرته محكمة أثينا بطريق الإنابة تنفيذا للحكم التي أصدرته محكمة
القاهرة الابتدائية قد تم بعد الميعاد المضروب له وبعد أن صدر الحكم المستأنف مما
يجعله منقطع الصلة بسير الدعوى في مرحلتها الابتدائية وكان الحكم الابتدائي لم
يعتمد على هذا التحقيق لصدوره قبل إجرائه إلا أن المحكمة ليست ممنوعة من أن تستنبط
من هذا التحقيق التي أجرته سلطة قضائية ما تشاء من قرائن تعينها على الفصل في الدعوى
ما دام الإثبات بالقرائن جائزا" ورأى أن يستجوب الطاعن في "الوقائع التي
وردت في أقوال هؤلاء الشهود" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور
يعيبه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني
أن الحكم المطعون فيه أطرح شهادة أنى فيلبو من أنها ذهبت لزيارة المطعون عليها في منزلها
وعند دخولها رأت شخصا غريبا في المنزل مرتديا ملابس النوم مستندا في ذلك إلى أنه
من غير المعقول أن تقدم الزوجة على الخيانة في منزل الزوجية وفى ذات البلد التي يعمل
فيه زوجها وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للثابت بالأوراق، إذ أن الطاعن لم يتهم
المطعون عليها بالخيانة الزوجية ومع افتراض أن وجود شخص غريب في المنزل خيانة
زوجية واتهم الطاعن زوجته بهذه الخيانة فإن استبعاد أقوال الشاهدة في هذا الخصوص
يقوم على استنتاج ظني خاطئ ودليل افتراضي لا وجود له وما ورد في الأوراق من شأنه
أن يجعل هذه الأقوال أقرب إلى التصديق ويرجح إقدام الزوجة على ارتكاب الخيانة
الزوجية فقد ذكرت في صحيفة دعواها أن الطاعن كان يطلب إليها أن تمنحه ما حرم الله
وقالت إنه مصاب بشذوذ جنسي ونقلت ذلك إلى أقاربها في اليونان وشهدوا به في تحقيق
محكمة "أثينا" ومثل هذه الزوجة لا يبعد أن تتجه إلى الغير لاستكمال ما
زعمته من نقص في زوجها.
وحيث إن هذا السبب مردود
بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن المحكمة "تلتفت عما
قررته شاهدة المستأنف عليه الثانية - أنى فيلبو - والتي زعمت أنها حضرت ذات يوم
بعد الزواج بشهر واحد لزيارة الزوجة ولما أن طرقت باب المنزل عدة طرقات ودخلت وجدت
شخصا غريبا يرتدى ملابس النوم في منزل الزوجية وذلك لبعد هذه الرواية عن التصديق
إذ من غير المعقول أن تقدم زوجة على الخيانة الزوجية في منزل الزوجية وفى ذات
البلد التي يعمل فيه زوجها على ما أقر بذلك في محضر الاستجواب وأن تسمح لهذا
الغريب بالبقاء مطمئنا بالمنزل مرتديا ملابس النوم" وهو استخلاص موضوعي سائغ
يستقل به قاضى الدعوى.
وحيث إن حاصل السبب
الثالث أن الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود المطعون عليها في التحقيق التي أجرته
محكمة "أثينا" مستندا في ذلك إلى أن الطاعن لم يجرحها وأقر في محضر
الاستجواب بحضور زوج شقيقة زوجته إلى مصر كما أقر بسفره إلى اليونان وأصطيافه مع
زوجته وأسرتها في لوتراكى وتركه الفندق التي كانت تقيم فيه الأسرة وبرر مسلكه برفض
الزوجة الاستحمام معه في البحر وهو أمر لا تطمئن إليه المحكمة، وهو مخالفة للثابت
في الأوراق وقصور من وجهين (أولهما) أن الطاعن جرح هؤلاء الشهود واتهمهم بالكذب
والرغبة في مجاملة زوجته وما جاء في محضر الاستجواب يؤيد هذا الاتهام (وثانيهما)
أنه لم يبين سبب عدم اطمئنانه إلى أقوال الطاعن في خصوص واقعة تركه الفندق في لوتراكى.
وحيث إن هذا السبب مردود
بأن لقاضى الموضوع أن يأخذ في قضائه بما يرتاح إليه من أدلة الدعوى ويطرح ما لا
يقتنع بصحته منها دون أن يكون ملزما بإبداء أسباب ترجيحه دليل على آخر ويكفيه أن
يبين الأسباب التي اعتمد عليها.
وحيث إن حاصل السبب
الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال وخطأ في فهم الواقع من وجوه
(أولها) أنه جرح شاهدي الطاعن لأن الشاهد الأول ذكر في أقواله أن الزوجة كانت ترغب
أن يقيم زوجها في اليونان وكانت تدخر النقود التي تأخذها منه وتعطيها لزوج شقيقتها
كلما حضر إلى مصر وهما واقعتان لم يذكرهما الطاعن، ولأنهما لم يذكرا ما رواه
الطاعن في محضر التوفيق من أنها كانت مصابة بحالة نفسية ودائمة البكاء، وهو فساد
في الاستدلال، إذ ليس من الضروري أن يذكر الخصم كل الوقائع التي يذكرها شاهده
وهناك وقائع قد يعلمها الشاهد ولا يعلمها الخصم، وإذ أن عدم ذكر الطاعن للوقائع التي
أدلى بها شاهداه لا يفيد أن رفض الزوجة العودة إلى مصر يرجع لسوء معاملة الزوج لها
(وثانيهما) أنه استخلص مما أقر به الطاعن في محضر الاستجواب قرائن على صحة دعوى
الزوجة في حين أن ما قرره في المحضر من حضور زوج شقيقة زوجته إلى مصر وسفره إلى
اليونان والاصطياف في لوتراكى وتركه الفندق والخلاف مع زوجته قبل السفر لا يؤدى
إلى ذلك (وثالثها) أنه عول على ما قرره شهود المطعون عليها من أن الطاعن اعتدى
عليها بالضرب في لوتراكى وأحدث بها جرحا في أذنها وأن الخطابات التي كانت ترسلها
إلى أمها وشقيقتها تتضمن سوء معاملته لها وهى أمور غير منتجة في إثبات مسئوليته عن
الطلاق فضلا عن كونها سماعية عن الزوجة ومن أشخاص يمتون إليها بصلة وثيقة وهم أمها
وشقيقتها وزوج شقيقتها وواقعة الضرب لم تثبت بشكوى رسمية أو تحقيق وقد أنذر الطاعن
زوجته رسميا وعلى يد محضر بالعودة إلى مصر ولو كان قد اعتدى عليها بالضرب حقيقة
لبادرت بإثبات هذا الاعتداء في محضر رسمي أو أشهدت نزلاء الفندق، وهى لم تقدم
الخطابات المنوه عنها في أقوال الشهود.
وحيث إن هذا السبب مردود
في جملته بما أورده الحكم المطعون فيه من أن والدة الزوجة قررت في التحقيق التي أجرته
محكمة أثينا "أنها لاحظت عقب الزواج أن ابنتها كانت بادية التعاسة فاعتقدت أن
ذلك مرجعه قرب سفر الأم إلى اليونان بيد أنها سرعان ما علمت من ابنتها أن زوجها قد
صفعها في أول يوم لزواجهما بمناسبة عتابها له إذ أغفل دعوة أحد من أقاربها وأنها
علمت أن الزوج يلعب الميسر ويهوى السباب والشذوذ الجنسي فكان في ذلك تفسير مظهر
الزوجة التي اتسم بالتعاسة وأضافت أنها عقب سفرها إلى اليونان تلقت عدة خطابات من
ابنتها تصور فيها خشونة الزوج واعتداءه عليها بالضرب وتطلب حضور زوج شقيقتها إلى
مصر في محاولة للإصلاح من شأن الزوج أو مساعدتها على الطلاق وسافر هذا الأخير إلى
القاهرة وتحقق من صحة شكوى الزوجة ثم حدث أن حضرت الزوجة صحبة زوجها إلى اليونان
ونزلا ضيفين في منزل زوج شقيقة الزوجة ثم توجها صحبة العائلة إلى لوتراكى غير أن
الزوج اعتدى هناك على زوجته بالضرب التي أدى إلى قطع أذنها ووجه إليها شتائم سمعها
نزلاء الفندق أصبحت معاشرة الزوجين مستحيلة وأن الزوجة لم ترفض العودة معه إلى مصر
إلا بعد أن اقتنعت أن الحياة معه لم تعد محتملة وأن حياتها مهددة بالخطر" وأن
شقيقة الزوجة قررت في التحقيق بمثل ما قررته الأم وأضافت "أنها سمعت من أختها
أن زوجها كان يدعوها إلى معاشرة غير طبيعية كما أنها سمعت من زوجها أنه شاهد
المستأنف عليه يعتدى بالضرب على زوجته وذلك أثناء زيارته للقاهرة" وأن زوج
شقيقة المستأنفة قرر في محضر التحقيق أن "المستأنف عليه اعتاد على معاملة
زوجته بخشونة منذ الأيام الأولى لزواجهما كما كان يعتدى عليها بالضرب بقسوة ودون
سبب وأنه كان يطلب إليها اصطحابه في سهراته الليلية في لعب الميسر وقد كانت الزوجة
تحتمل هذا السلوك على مضض ثم اضطرت إلى الإباحة إلى ذويها وطلبت إليه السفر إلى
مصر لمحاولة الإصلاح من شأن زوجها فاستجاب وتحقق بنفسه من صدق شكوى الزوجة وأضاف
أن زوجها اعتدى عليها بالضرب إذ رفضت مصاحبته إلى سهرة للعب الميسر وهددها بقطعة
من الزجاج إن هي أصرت على الرفض" وأنه شاهده بنفسه "يعتدى على زوجته
بالضرب في مناسبة أخرى وأضاف أنه لم يفلح في الإصلاح من شأن الزوج ولما عاد إلى
اليونان تلقى خطابا من المستأنفة تطلب إليه الرجوع إلى مصر لمعاونتها في إجراءات
الطلاق وقد اتبعته بخطاب ثان فاضطر للسفر إلى مصر وإسداء النصح للطرفين واتفق على
أن يصطافا في منزله باليونان لعل في ذلك ما يدعو لتحسين معاملة الزوج لزوجته وما
أن سافرا إليها حتى دعاهما مع باقي أفراد الأسرة لقضاء فترة في لوتراكى بالفندق
على نفقته ثم عاد الشاهد إلى أثينا لقضاء بعض الأعمال غير أنه تلقى مكالمة
تليفونية من زوجته تخبره بأنها عادت من لوتراكى بسبب فضيحة سببها المستأنف عليه
تتمثل في الاعتداء على زوجته وسبها على مرأى ومسمع من نزلاء الفندق" ثم خلص
إلى أنه يبين من أقوال شهود المستأنفة التي سمعتها محكمة أثينا "أن المستأنف
قد دأب على الاعتداء على زوجته المستأنفة بالضرب والشتم لأسباب تافهة حتى لقد
استنجدت بذويها لخلاصها منه فلما أن حضر إلى مصر زوج شقيقتها في محاولة للإصلاح
بينهما واستضافهما في منزله باليونان وأعد لهما مصيفا مع الأسرة في لوتراكى لم
يلبث الزوج أن عاود الاعتداء على زوجته وسبها على مسمع من نزلاء الفندق الأمر التي
دعاها لرفض العودة معه إلى مصر" والمحكمة تتجه بثقتها "إلى صدق هذه
الأقوال التي وردت على لسان شهود الزوجة إذ لم يجرحها المستأنف عليه بشيء
تقبله" بل إنه "في الاستجواب التي أجرته هذه المحكمة أقر بحضور زوج
شقيقة زوجته كما أقر بالسفر إلى اليونان والاصطياف في لوتراكى وأقر بترك الفندق مع
الأسرة ولم يعط لذلك تفسيرا مقبولا سوى قوله إن تصرفات زوجته هي السبب (رفض الذهاب
معه للاستحمام في البحر) وهو أمر لا تطمئن إليه المحكمة كما أقر بأنه كان على خلاف
مع زوجته من قبل الانتقال إلى اليونان" ولا ترى "فيما قرره شاهد
المستأنف عليه الأول - زوج شقيقته - من أن النزاع بين الطرفين مصدره رغبة الزوجة
في أن يصطحبها زوجها إلى اليونان في حين يفضل الزوج المعيشة في مصر من أجل عمله
وأن الزوجة لم تكن ترع شئون المنزل بل كانت تدخر النقود لتعطيها لزوج شقيقتها التي
كان يحضر من اليونان ويشترى بها البضائع، ذلك لأن المستأنف عليه في محضر محاولة
التوفيق قرر أن زوجته رفضت العودة إلى مصر حتى لقد وجه إليها إنذاره ولم يذكر أنها
كانت تبغى أن ينتقل هو للعمل في اليونان كما قرر الشاهد مما يرجح لدى المحكمة أن
رفض عودة الزوجة إلى مصر مرجعه سوء معاملة المستأنف عليه لها وهذا إلى جانب أن
المستأنف عليه لم يذكر أنها كانت تدخر النقود لتعطيها لزوج شقيقتها ذلك التي استضافه
على نفقته في اليونان كما لم يؤيد أحد من شاهدي المستأنف عليه ما رواه في محضر
محاولة التوفيق من أنها كانت مصابة بحالة نفسية ودائمة البكاء" وهى تقريرات
موضوعية سائغة وفيها الرد الكافي على ما أثاره الطاعن من جدل موضوعي صرف يستقل به
قاضى الدعوى.
(1) نقض 10/ 5/ 1951. الطعن رقم 166 لسنة 19 ق. ونقض 28/ 2/ 1952. الطعن
رقم 68 لسنة 20 ق مجموعة الربع القرن. ج 1. ص 79 ق 376 و377.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق