جلسة 19 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/
الدكتور كمال انور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح،
محمد نبيل رياض، عبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.
-------------
(210)
الطعن رقم 2696 لسنة 55
القضائية
(1)اجراءات
"اجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان اجراءات التحقيق". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاجراءات
السابقة على المحاكمة. عدم جواز ابدائه لأول مرة امام النقض. مثال:
(2)اثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الاعتراف" "حقها في تجزئة الدليل". تفتيش. بطلان.
الاعتراف. ماهيته؟ حق
المحكمة في الأخذ بالاعتراف الصادر في أي دور من أدوار التحقيق. متى اطمأنت اليه.
لمحكمة الموضوع تجزئة
الاعتراف والاخذ منه بما تطمئن اليه واطراح ما عداه.
تقدير قيمة الاعتراف الذى
يصدر اثر تفتيش باطل. موضوعي.
إثارة بطلان الاعتراف.
لأول مرة. أمام النقض. غير مقبول.
(3)رشوة.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
مدلول الاخلال بواجبات
الوظيفة في مجال الرشوة؟
جريمة الرشوة. لا يلزم
فيها ان تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة.
يكفى ان يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وان يكون الراشي قد
اتجر معه على هذا الأساس.
---------------
1 - لما كان من المقرر ان
الدفع ببطلان اجراء من الاجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز اثارته لأول مرة
امام محكمة النقض واذ كان ذلك وكان الطاعن لم يدفع امام محكمة الموضوع ببطلان
التسجيلات الصوتية والاذن بصدورهما اللذين عول عليهما ضمن ما عول عليه في ادانة
الطاعن فانه لا يقبل منه ان يثير امر بطلانها امام محكمة النقض ويكون منعاه في هذا
الصدد من بطلان التسجيلات والاذن الصادر من النيابة بضبطه وتفتيشه لابتنائه عليها
على غير أساس.
2 - من المقرر ان
الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع
كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات ولها في سبيل ذلك ان تأخذ باعتراف
المتهم في أي دور من ادوار التحقيق متى أطمأنت الى صدقه ومطابقته للواقع وان عدل
عنه في مراحل اخرى كما ان لها ان تجزئ الاعتراف فتأخذ منه ما تطمئن اليه وتطرح ما
عداه وتقدير قيمة الاعتراف من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف
الدعوى ولو كان صادرا من المتهم أثر تفتيش باطل بحيث اذا قدرت ان هذه الاقوال قد
صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الاجراء الباطل جاز لها الاخذ بها.
3 - نص الشارع في المادة
104 من قانون العقوبات التي عددت صور الرشوة على الاخلال بواجبات الوظيفة كغرض من
اغراض الرشوة وجعله بالنسبة الى الموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من اعمال
الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقييد بحيث يتسع
مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الاعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب
الى هذه الاعمال ويعد من واجبات ادائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائما ان
تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من
صور الرشوة مدلولا عاما اوسع من اعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح
والتعليمات بحيث يشمل امانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات او
امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الاخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع في النص
فاذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الاخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضروري في جريمة
الرشوة ان تكون الاعمال التي يطلب من الموظف اداؤها داخله في نطاق مباشرة بل يكفى
ان يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وان يكون الراشي قد اتجر
معه على هذا الاساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة ان يكون الموظف المرشو او الذى
عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى ان
يكون له علاقة به او يكون له نصيب من الاختصاص يسمح ايهما له بتنفيذ الغرض من
الرشوة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن في قضية الجناية.... أولا: بصفته موظفا عموميا "مساعد مهندس مجلس
مدينة دكرنس ومنتدب لوحده دموه المحلية" أ - طلب لنفسه واخذ رشوة للإخلال
بواجبات وظيفته بان طلب من.... واخذ منه مبلغ مائة وعشرة جنيهات مقابل حصوله على
اذونات صرف احدى عشر طنا من حديد التسليح بدون وجه حق - ب - اشترك بطريق التحريض
والاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي اذونات صرف
حديد التسليح المنسوب صدورها للإدارة الهندسية بمجلس مدينة دكرنس بأسماء آخرين
وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وكان ذلك بوضع
امضاءات مزورة بان حرض المجهول واتفق معه على التوقيع على تلك الاذونات بدلا من
اصحابها بما يفيد استلامهم الكميات المبينة بها وساعده على ذلك بان قدم اليه تلك
الاذونات فقام المجهول بالتوقيع عليها وتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك
الاتفاق وتلك المساعدة ثانيا: أ - بصفته سالفه الذكر اشترك بطريق المساعدة مع موظف
عمومي حسن النية هو.... رئيس الوحدة المحلية بدموه في ارتكاب تزوير في محرر رسمي
هو اذن - حديد التسليح المبين بالقيد السابق وذلك بان قدم اليه ذلك الاذن لاعتماده
ووقع له عليه فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة - ب - استعمل المحررات الرسمية
سالفة الذكر بان قدمها الى.... لصرف الكميات الثابتة بها مع علمه بتزويرها - جـ -
توصل الى الحصول على ربح من اعمال وظيفته بان ارتكب تزويرا في محررات رسمية هي
اذونات الصرف سالفة الذكر بقصد الحصول على فرق سعر كميات الحديد الثابتة بها وتمكن
بهذه الوسيلة من الحصول على مبلغ مائة وعشرة جنيهات. واحالته لمحكمة جنايات امن
الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 1، 2، 3، 41، 103، 104، 111/ 1،
115، 119/ أ، 119/ أ مكررا، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع اعمال
المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه
الفى جنيه عما اسند اليه.
المحكمة
حيث ان الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجرائم طلب واخذ رشوة والاشتراك في تزوير محرر رسمي
واستعماله والحصول على ربح من اعمال وظيفته جاء مشوبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
وتأويله والفساد في الاستدلال، ذلك ان الطاعن دفع بأنه ليس له أي دور في تحرير
الاذن الخاص بصرف الحديد او تسليمه وانه غير مختص بهذ التسليم. ومن ثم ينتفي ركن
الاختصاص الواجب توافره في جريمة الرشوة، كما أن الذي تقدم بطلب الاذن بالتسجيل
للسيد القاضي الجزئي هو عضو الرقابة الادارية حالة ان المختص بذلك هو عضو النيابة
العامة ويكون الاذن باطلا وبالتالي يبطل الاذن الصادر من النيابة بضبط وتفتيش
الطاعن لابتنائه على تحريات مستمدة من دليل باطل، هذا فضلا عن ان اقرار الطاعن
بالتحقيقات لا تعد اعترافا لان الاعتراف يجب ان يكون ناصا على ارتكاب الجريمة فضلا
عن صدوره اثر تفتيش باطل. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الاركان القانونية للجرائم التي دان بها
الطاعن واورد على ثبوتها في حقه ادلة سائغة. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان الدفع
ببطلان اجراء من الاجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز اثارته لأول مرة امام
محكمة النقض واذ كان ذلك وكان الطاعن لم يدفع امام محكمة الموضوع ببطلان التسجيلات
الصوتية والاذن بصدورهما اللذين عول عليهما ضمن ما عول عليه في ادانة الطاعن فانه
لا يقبل منه ان يثير امر بطلانها امام محكمة النقض ويكون منعاه في هذا الصدد من
بطلان التسجيلات والاذن الصادر من النيابة بضبطه وتفتيشه لابتنائه عليها على غير
اساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر
الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات
ولها في سبيل ذلك ان تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من ادوار التحقيق متى أطمأنت
الى صدقه ومطابقته للواقع وان عدل عنه في مراحل اخرى كما ان لها ان تجزئ الاعتراف
فتأخذ منه ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه وتقدير قيمة الاعتراف من شئون محكمة
الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى ولو كان صادرا من المتهم اثر تفتيش
باطل بحيث اذا قدرت ان هذه الاقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الاجراء
الباطل جاز لها الاخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف
الطاعن في قوله "ان اتفاقا تم بينه وبين المتهم الاول وبين..... مؤداه ان
يسلما الاخير اذن صرف كميات من الحديد مقابل عشرة جنيهات عن كل طن وانه تسلم مبلغ
110 جنيه من الشاهد الاول في منزله وضبط بمعرفة الشاهدين الثاني والثالث".
وكان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم في هذا الخصوص له أصله الثابت بالأوراق
وكان تقدير هذا الاعتراف من شئون محكمة الموضوع وكان يبين من مطالعة محضر جلسة
المحاكمة ان الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه
اثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما
كان ذلك، وكان نص الشارع في المادة 104 من قانون العقوبات التي عددت صور الرشوة
على الاخلال بواجبات الوظيفة كغرض من اغراض الرشوة وجعله بالنسبة الى الموظف ومن
في حكمه اسوة بامتناعه عن عمل من اعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات
الوظيفة مطلقا من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الاعمال التي يقوم
بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب الى هذه الاعمال ويعد من واجبات ادائها على الوجه
السوى الذى يكفل لها دائما ان تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على
مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما اوسع من اعمال الوظيفة التي
تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل امانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف
عن واجب من تلك الواجبات او امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الاخلال بواجبات
الوظيفة الذى عناه الشارع في النص فاذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الاخلال كان فعله
ارتشاء وليس من الضروري في جريمة الرشوة ان تكون الاعمال التي يطلب من الموظف
اداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى ان يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض
المقصود من الرشوة وان يكون اتجر على هذا الاساس، كما لا يشترط في جريمة الرشوة ان
يكون الموظف المرشو والذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل
المتصل بالرشوة بل يكفى ان يكون له علاقة به او يكون له نصيب من الاختصاص يسمح
ايهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر
اختصاص الطاعن في قوله "ان الطاعن هو الذى يقوم بإجراء معاينة المباني التي
يتقدم اصحابها للحصول على ترخيص جديد لبنائها وان الاذن بالصرف لا يصرف الا بعد
توقيعه بالاعتماد وبعد تحريره من المتهم الاول ثم اعتماده من رئيس المجلس فضلا عن
ضبطه متلبسا بتقاضيه الرشوة من الشاهد الاول "وكان - ما اورده الحكم في هذا
الخصوص يتحقق به قدر من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة كما استظهر
الحكم المطعون فيه اخلال الطاعن بواجبات الوظيفة أخذا باعترافه وما شهد به شهود
الواقعة ودان الطاعن على هذا فانه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا
صحيحا ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير اساس. لما كان ما تقدم، فان الطعن
برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق