جلسة 29 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم وعزت حنورة.
----------------
(298)
الطعن رقم 1392 لسنة 47 القضائية
(1) تأمين "تأمين إجباري". "عقد التأمين". مسئولية "المسئولية المدنية". "مسئولية تقصيرية". سيارات.
التأمين الإجباري على السيارة الخاصة. لا يشمل الأضرار التي تحدث لركابها ولا يغطي المسئولية المدنية عن الإصابات التي تقع لهم.
(2) قانون "تفسيره".
حكمة التشريع. عدم جواز اللجوء إليها إلا عند غموض النص.
(3) قانون.
إعمال أحكام القواعد العامة. مناطه. خلو القانون الخاص من تنظيم لها. مثال بشأن مسئولية شركة التأمين عند إصابة أحد ركاب السيارة الخاصة.
2 - البحث عن حكمة التشريع لا يكون إلا عند غموض للنص أو وجود لبس فيه مما يكون القاضي معه مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه.
3 - المقرر قانوناً أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القواعد العامة إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام، ولا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص. لما كان ذلك، وكانت المادة السابعة من قانون التأمين الإجباري لا علاقة لها بتحديد من يعتبر من الغير في تطبيق أحكام القانون المذكور، ذلك أنها تنص على مسئولية المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن الإصابة التي تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه إذا كانوا من غير ركابها أياً كانت السيارة، أو كانوا من الركاب في حالة السيارة الأجرة أو السيارة تحت الطلب، ولو كان صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن من أن المقصود بالغير في هذا المحال هو من لا يعتبر من الخلف العام لما كان المشرع في حاجة إلى النص سالف الذكر، هذا فضلاً عن أن صفة الخلف العام لا تقتصر على من سماهم الطاعن بل تتوافر في آخرين غيرهم كالجد والإخوة والأخوات في أحوال معينة. لما كان ذلك كذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه بصدد وثيقة التأمين الإجباري أن هذا التأمين كان عن سيارة خاصة فإن شركة التأمين - المطعون ضدها الأولى - لا تلتزم قانوناً بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاة المجني عليه الذي كان من ركاب تلك السيارة وقت وقوع الحادث.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 167 لسنة 78 م. ك الإسكندرية يطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته - في مواجهة المطعون ضده الثاني بصفته بأن يدفع له مبلغ 7389 ج و210 م ومصروفات القضية رقم 686 لسنة 61 جنح مستأنف دمنهور وقال تبياناً لذلك إنه كان يقود سيارته الخاصة ومعه المهندس.... وآخرين في طريقهم إلى السويس في مهمة رسمية خاصة بالشركة المطعون ضدها الثانية وأثناء ذلك اصطدمت السيارة قيادته بسيارة نقل مما أدى إلى إصابة المهندس المذكور بإصابات أودت بحياته وأنه قدم إلى المحاكمة الجنائية بتهمة التسبب خطأ في موته حيث ادعى ورثته مدنياً بالتعويض وقضى نهائياً بإدانته وإلزامه بالتضامن مع الشركة المطعون ضدها الثانية بأن يدفعا للورثة تعويضاً مبلغ 7200 ج مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقد أوفت الشركة المطعون ضدها الثانية بهذا المبلغ إلى الورثة ورجعت عليه به حيث أخذت في استقطاع ربع مرتبه شهرياً وإنه يحق له طلب إلزام شركة التأمين المطعون ضدها الأولى بقيمة التعويض المقضي به والمصروفات وجملة ذلك المبلغ المطالب به استناداً إلى الشركة المذكورة مؤمن لديها تأميناً إجبارياً على سيارته. وبتاريخ 28/ 1/ 1969 قضت محكمة أول درجة بسقوطها الدعوى بالتقادم وقد استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 232 لسنة 25 ق الإسكندرية طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 24/ 3/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن على الحكم المذكور بالنقض بالطعن رقم 447 سنة 40 ق وبتاريخ 19/ 3/ 1975 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية للفصل فيها من جديد. وبتاريخ 15/ 6/ 1977 قضت تلك المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى رفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره وفي بيان ذلك يقول إن المذكرة الإيضاحية لقانون المرور رقم 449 لسنة 1955 الذي وقع الحادث في ظله قد أوضحت أن المادة السادسة من القانون جاءت بمبدأ جديد هو التأمين من حوادث السيارات لصالح الغير حيث نصت على وجوب تقديم وثيقة تأمين من مالك السيارة وصادرة من إحدى هيئات التأمين التي تزاول عمليات التأمين في مصر عن مدة الترخيص على أن يكون التأمين غير محدد القيمة لصالح ركاب السيارة والغير وذلك بالنسبة لجميع أنواع السيارات عدا السيارات الخاصة والموتوسيكل فيكتفي بوثيقة تأمين لصالح الغير، والنص على هذا النحو قاطع في أن التأمين يشمل الغير بالنسبة لجميع السيارات، والأصل أن الغير قانوناً هو كل من عدا الخلف العام، وأن المادة السابعة من قانون التأمين الإجباري رقم 652 لسنة 1955 قد أفصحت عن ذات المعني فحددت المقصود بالغير بمن عدا زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه وهو الذين ينحصر فيهم معنى الخلف، وأن اللبس الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه هو الاستناد إلى الفقرة الثالثة من المادة السادسة من قانون المرور السالف الإشارة إليه والتي نصت على أن يكون التأمين عن السيارة الخاصة لصالح الغير دون الركاب ولباقي أنواع السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها بينما الملاحظ على هذا النص أنه سكت عن مواجهة حكم راكب السيارة الخاصة إذا كان من الغير وهل يشمله التأمين أم لا مما يتعين معه الرجوع إلى هدف المشرع من إصدار قانون التأمين الإجباري - وهو إيجاد هيئة تأمين تلتزم بالتعويض عن الإصابات التي تلحق بسبب السيارة، فإذا استبعد من هذا التأمين راكب السيارة الخاصة الذي لا تربطه بقائدها أو مالكها صلة قرابة تصل إلى درجة الخلف العام لأدى هذا إلى تعطيل هدف المشرع من القانون وتمشياً مع هذا المعنى نص المشرع في المادة السابعة من قانون التأمين الإجباري على أن السيارة الخاصة إذا أحدثت إصابة بزوج قائدها أو أبوية أو أبنائه إذا كانوا من غير ركابها فلا يشملهم التأمين، وأن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى أن التأمين الإجباري في السيارات الخاصة يكون لصالح الغير دون الركاب مرتباً على ذلك قضاءه برفض دعواه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور والذي وقع الحادث في ظله على أن "التأمين عن السيارة الخاصة - وهي التي عرفتها المادة الثانية من هذا القانون بأنها المعدة للاستعمال الشخصي - يكون لصالح الغير دون الركاب، ولباقي أنواع السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها" وفي المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو من أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955" وفي المادة 13 من ذات القانون على أنه "في تطبيق المادة السادسة السابق بيانها لا يعتبر الشخص من الركاب المشار إليهم في تلك المادة إلا إذا كان راكباً في سيارة من السيارات المعدة لنقر الركاب وفقاً لأحكام القانون المذكور" تدل مترابطة على أن التأمين الإجباري على السيارة الخاصة لا يشمل الأضرار التي تحدث لركابها ولا يغطي التأمين في هذه الحالة المسئولية المدنية عن الإصابات التي تقع لهؤلاء الركاب، وإذ كانت هذه النصوص واضحة جلية فهي قاطعة الدلالة على المراد منها ولا يجوز الخروج عليها أو تأويلها، ويكون البحث عن حكمة التشريع ودواعيه غير ذي محل، ذلك أن البحث عن حكمة التشريع لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه ما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، الأمر المقضي في النزاع الرهن، وكان المقرر قانوناً أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القواعد العامة إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام، ولا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص. لما كان ذلك، وكانت المادة السابعة من قانون التأمين الإجباري لا علاقة لها بتحديد من يعتبر من الغير في تطبيق أحكام القانون المذكور، ذلك أنها تنص على عدم مسئولية المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن الإصابة التي تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه إذا كانوا من غير ركابها أياً كانت السيارة، أو كانوا من الركاب في حالة السيارة الأجرة أو السيارة تحت الطلب، ولو كان صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن من أن المقصود بالغير في هذا المجال هو من لا يعتبر من الخلف العام لما كان المشرع في حاجة إلى النص سالف الذكر، هذا فضلاً عن أن صفة الخلف العام لا تقتصر على من سماهم الطاعن بل تتوافر في آخرين غيرهم كالجد أو الإخوة والأخوات في أحوال معينة. لما كان ذلك كذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه بصدد وثيقة التأمين الإجباري أن هذا التأمين كان عن سيارة خاصة فإن شركة التأمين - المطعون ضدها الأولى - لا تلتزم قانوناً بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاة المجني عليه الذي كان من ركاب بلك السيارة وقت وقوع الحادث، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم مسئولية شركة التأمين عن الأضرار التي حدثت نتيجة وفاة المجني عليه في الحادث وذلك بالاستناد إلى وثيقة التأمين فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بمخالفته والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المذكور خالف القانون وفي بيانه يقول الطاعن إن الشروط العامة لوثيقة التأمين تلزم شركات التأمين بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو عن الإصابة البدنية التي تلحق بالغير ممن كانوا من ركاب السيارة الخاصة باستثناء قائد السيارة وأبويه وأبنائه وأن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر يكون معيباً بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن الطاعن استند في دعواه إلى أنه كان مؤمناً على سيارته رقم 3658 ملاكي إسكندرية لدى الشركة المطعون ضدها الأولى بمقتضى بوليصة التأمين الإجباري رقم 15697، ولما كان المذكور لم يقدم وثيقة التأمين أو صورة رسمية منها للتدليل على ما يدعيه فإن نعيه في هذا الخصوص يكون مجرداً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 15/ 2/ 1972 - مجموعة المكتب الفني - السنة 23 ع 1 ص 168.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق