برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة وليم رزق بدوي وعضوية السادة
المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد
الرحمن فكري.
-----------
استئناف " نطاق الاستئناف . الاثر الناقل للاستئناف". إيجار " اثبات عقد الايجار". دعوى " نظر الدعوى أمام
المحكمة : الدفاع في الدعوى . وتقديم المستندات والمذكرات". دفوع " التزام محكمة الاستئناف بالفصل في الدفوع التي أثيرت أمام
محكمة أول درجة". غصب " الطرد للغصب".
إقامة محكمة أول درجة قضاءها على دفع أصلى للمدعى عليه دون بحث دفاعه الاحتياطي
. وجوب فصل المحكمة الاستئنافية في جميع أوجه الدفاع الأصلية والاحتياطية . عدم التزامها
بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة بعد إلغائها للحكم الابتدائي للفصل في الدفاع الاحتياطي
. مثال بصدد دعوى طرد للغصب ودفاع بطلب إثبات العلاقة الإيجارية .
مفاد النص في المادتين 233، 234 من قانون المرافعات - يدل على أن
المشرع قد فرق بين الطلبات الموضوعية التي يطرحها الخصوم على المحكمة و يطلبون
الحكم لهم بها وبين الأدلة والدفوع وأوجه الدفاع التي يركن إليها الخصوم في تأييد
طلبات الموضوعية أو الرد بها على طلبات خصومهم فأوجب في المادة 234 على محكمة الاستئناف
إذا خالفت محكمة أول درجة في قضائها في الطلب الأصلي أن تعيد الدعوى إلى تلك
المحكمة لتفصل في الطلب الاحتياطي الذى لم تبحثه - إذ حجبتها عن نظره إجابتها
الطلب الأصلي. ومن ثم تستنفذ ولايتها بالنسبة له وذلك حتى لا يحرم الخصوم من إحدى درجتي
التقاضي ذلك على ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات، أما الدفوع
وأوجه الدفاع فقد أطلق المشرع العنان للخصوم في إبداء ما يشاءون منها أمام محكمة
أول درجة ما دام أن حقهم في إبدائها لم يسقط، وأوجب المشرع في المادة 233 على محكمة
الاستئناف أن تتصدى للفصل في تلك الدفوع وأوجه الدفاع سواء ما أبدى منها دفاع أصلى
أو احتياطي ولا تلزم بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة إذا ما خالفت قضاءها في شأن
ما تمسك به أحد الخصوم من دفع أو دفاع أصلى. لما كان ذلك. وكان طلب الطاعن الحكم
بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدها عن الشقة موضوع النزاع أو اعتبار
هذه الشقة عوضاً أو بدلاً عن الشقة التي استأجرها منها بالعقد المؤرخ [. . . ]
يعدو - بشقيه - أن يكون دفاعاً في الدعوى التي أقامتها المطعون ضدها بطلب طرده من
تلك الشقة للغصب فإن واجب محكمة الاستئناف كان يقتضيها أن تتصدى له وتفصل فيه ولا
تلزم بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
فإنه لا يكون قد خالف القانون.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى 9528 سنة 1978 مدني شمال
القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة في الصحيفة وتسليمها إليها.
وقالت شرحاً لدعواها إنها كلفت الطاعن بإجراء بعض ترميمات في تلك
الشقة المملوكة لها إلا أنه أقام فيها واستولى على ما اشتملت عليه من منقولات بزعم
أنها أجرتها له. كما أقام الطاعن على المطعون ضدها الدعوى 4086 سنة 1979 مدني شمال
القاهرة بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينهما عن الشقة سالفة البيان، وقال
شرحاً لذلك إنه استأجر من المطعون ضدها الشقة رقم 6 بالعقار رقم 4 بشارع الظواهري
بعقد مؤرخ 25/11/1977 وإذ تبين له إنها سبق أن قامت بتأجيرها لأخرى بعقد مؤرخ
1/9/1977 فقد اتفقا على استبدال الشقة محل النزاع بهذه الشقة ولما لم يسلمها له
أقام الدعوى. أمرت المحكمة بضم الدعويين وإحالتهما إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود
حكمت برفض الدعوى الأولى، وفي الدعوى الثانية بثبوت العلاقة الإيجارية بين طرفي
النزاع.
استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 4355 لسنة 97 ق
القاهرة وبتاريخ 8/3/1983 - وبعد استجواب الطرفين – قضت المحكمة بإلغاء الحكم
المستأنف وبإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضدها، وبرفض دعوى الطاعن. طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وإذا عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بالسببين الأول والثاني منها
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق
وفي بيان ذلك يقول أن المستفاد من إقراره – في الاستجواب الذي أجرته محكمة
الاستئناف – أنه أقام في الشقة محل النزاع بناءً على اتفاق تم بينه وبين المطعون
ضدها مؤداه ألا يترك الإقامة فيها حتى تحرر له عقد إيجار عن شقة أخرى بدلاً من تلك
التي تصالحا على تنازله عن عقد استئجارها ومن ثم فهو إقرار مركب من وقائع متعددة
لا تجوز تجزئته وإذا خرج الحكم في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعبارته، ولم يعمل
أثر الاتفاق سالف البيان المعتبر – في القليل – عقداً غير مسمى بحكم العلاقة بينه
وبين المطعون ضدها، وذهب في قضائه إلى أنه أقر بأن إقامته كانت على سبيل السماح
فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن البين من استجواب المحكمة
للطاعن أنه أجاب بأن (المستأنفة سوت النزاع حول الشقة الكائنة بشارع الظواهري
صلحاً .. ولم أتخذ أي إجراءات بالعقد المؤرخ 25/11/1975..
وقالت لي انتظر شوية وأنا وقتها كنت حصلت على قرار من النيابة بفتح
الشقة محل النزاع فهي قالت لي أقعد في الشقة دي، وأقصد شقة النزاع لحد ما تفضى شقة
من الشقق المفروشة الأخرى وتبقى عقد إيجار عنها فأنا فعلاً أقمت أنا وعائلتي بشقة
النزاع من شهر يناير سنة 1978 إلى أن فوجئت بها في شهر يوليو سنة 1978 بتقديم ضدي
بلاغ في النيابة بأنني مغتصب للشقة) ثم عاد وقرر: (لما خصموها بشقة الظواهري عرضوا
عليها مبلغ كبير مقابل عدم اتخاذ إجراءات ضدهم قالت حرام عليه مستفدش بمبلغ زي دي
وقالت لي خد الشقة دي وأقصد شقة النزاع بدل منها... وأنا عرضت عليها أجرة فرفضت
وقالت أنت بتأخذ مني وال 356 قرش اللي هي أجرة الشقة اعتبرها مصاريف انتقال، ولما بدأت
الشكاوى والمنازعات أودعت على ذمتها الأجرة خزانة المحكمة) ولما كان الحكم المطعون
فيه قد حصل من هذا الذي ورد على لسان الطاعن أن شغله الشقة محل النزاع لم يكن
بديلاً عن شقة أخرى وأن إرادة الطرفين لم تنصرف إلى تأجير شقة النزاع له أو إلى
وعد بتأجيرها وإن شغله كان بصفة عرضية على سبيل الاستضافة لا يرتب له حقاً على تلك
العين يجابه به – الطاعنة – ويكون لها حق إنهاء إقامته وإخلاء الشقة". وكان
هذا الذي حصلته محكمة الموضوع مما قاله الطاعن لا يخرج عن المعنى الظاهر لعبارته
وإنما هو تحصيل سائغ تحتمله هذه العبارات وله مأخذه الصحيح فإنه لا يكون لمحكمة
النقض من سبيل عليها في هذا الخصوص ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون وبياناً لذلك يقول إنه طلب في دعواه الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينه
وبين المطعون ضدها عن الشقة موضوع النزاع بصفة أصلية واحتياطياً طلب اعتبار هذه
الشقة عوضاً عن الشقة موضوع عقد الإيجار المؤرخ 25/11/1975، وإذا ألغت محكمة
الاستئناف الحكم الابتدائي فيما قضى به لصالحه في الطلب الأصلي فقد كان يتعين
عليها طبقاً للمادة 234 من قانون المرافعات – أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة
للفصل في طلبه الاحتياطي وإذ لم تلتزم المحكمة بذلك فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة
القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 234 من قانون
المرافعات على أن: (يجب على المحكمة إذا ألغت الحكم الصادر في الطلب الأصلي أن
تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل في الطلبات الاحتياطية) وفي المادة 233 منه
على أن: (يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع
وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى) يدل على أن
المشرع قد فرق بين الطلبات الموضوعية التي يطرحها الخصوم على المحكمة ويطلبون
الحكم لهم بها وبين الأدلة والدفوع وأوجه الدفاع التي يركن إليها الخصوم في تأييد
طلباتهم الموضوعية أو الرد بها على طلبات خصومهم فأوجب في المادة 234 على محكمة
الاستئناف إذا خالفت محكمة أول درجة في قضائها في الطلب الأصلي أن تعيد الدعوى إلى
تلك المحكمة لتفصل في الطلب الاحتياطي الذي لم تبحثه – إذ حجبها عن نظره إجابتها
الطلب الأصلي – ومن ثم تستنفد ولايتها بالنسبة له وذلك حتى لا يحرم الخصوم من إحدى
درجتي التقاضي ذلك على ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات، أما
الدفوع وأوجه الدفاع فقد أطلق المشرع العنان للخصوم في إبداء ما يشاءون منها أمام
محكمة أول درجة ما دام أن حقهم في إبدائها لم يسقط، وأوجب المشرع في المادة 233
على محكمة الاستئناف أن تتصدى للفصل في تلك الدفوع وأوجه الدفاع سواء ما أبدى منها
كدفاع أصلي أو احتياطي ولا تلزم بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة إذا ما خالفت
قضاءها في شأن ما تمسك به أحد الخصوم من دفع أو دفاع أصلي. لما كان ذلك وكان طلب
الطاعن الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدها عن الشقة موضوع
النزاع أو باعتبار هذه الشقة عوضاً، أو بدلاً عن الشقة التي استأجرها منها بالعقد
المؤرخ 25/11/1977 لا يعدو وبشقيه – أن – يكون دفاعاً في الدعوى التي أقامتها
المطعون ضدها بطلب طرده من تلك الشقة للغصب فإن واجب محكمة الاستئناف كان يقتضيها
أن تتصدى وتفصل فيه برمته ولا تلزم بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة. وإذا التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب
على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق