جلسة 7 من يونيه سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين أحمد سيف الدين سابق، محمد عبد الخالق البغدادي، سليم عبد الله سليم وأمين طه أبو العلا.
--------------------
(273)
الطعن رقم 521 لسنة 40 القضائية
(1) حكم. قوة الأمر المقضي.
ثبوت أن الحكم السابق لا حجية له بين ذات الخصوم. إغفال الحكم الإشارة إليه لا يعد قصوراً.
(2) عقد. حكم.
عقد استغلال الملاحات. اشتماله على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. أثره. اعتباره عقداً إدارياً. عدم تطبيق الحكم لقواعد عقود الإذعان في القانون المدني. لا خطأ.
(3) فوائد. التزام. حكم.
المطالبة بمبلغ معلوم المقدار. المنازعة فيه وندب خبير لتحديد ما هو مستحق منه. القضاء بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. لا خطأ.
(4) دعوى. التزام. فوائد.
المطالبة بمبلغ معلوم المقدار. تعديل المدعي لطلباته في المذكرة بإضافة مبالغ أخرى. وجوب احتساب الفوائد المطالب بها عن هذه المبالغ الأخيرة من تاريخ تعديل الطلبات.
(5) حكم. استئناف. فوائد.
إغفال محكمة أول درجة الفصل في طلب الفوائد. استئناف المدعي طالباً الحكم له بها. غير مقبول. علة ذلك.
(6) نقض. نظام عام. نيابة عامة.
السبب المتعلق بالنظام العام. للنيابة أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض طالما أنه يدخل في نطاق في ما رفع عنه الطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى 4560 سنة 1953 كلي القاهرة ضد الطاعن طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 4437 جنيهاً و500 مليم وما يستجد من إيجار وإتاوات مع إلزامه بالفوائد القانونية من يوم المطالبة الرسمية حتى السداد مقابل استغلال الطاعن لملح الطعام من ملاحة إدكو مقابل جعل سنوي قدره 3315 جنيهاً وإيجار سنوي قدره 525 جنيهاً بالإضافة إلى الإتاوات النسبية والثابتة على كميات الملح وقد تأخر الطاعن في سداد المبلغ المطالب به ثم عدل المطعون ضده الأول طلباته إلى مبلغ 9960 جنيهاً و415 مليم وفائدته من تاريخ المطالبة الرسمية - وبتاريخ 26/ 11/ 1963 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكم ندبه وإذ أودع الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 2/ 4/ 1968 بإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 3813 ج و495 مليم فطعن المطعون ضده الأول على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1282 سنة 85 ق استئناف القاهرة طالباً الحكم بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بكامل طلباته كما طعن الطاعن على الحكم بالاستئناف 1266 سنة 85 ق - استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى - وضمت المحكمة الاستئنافين إلى الاستئناف 192 سنة 81 ق المرفوع من المطعون ضدهما وقضت بتاريخ 5/ 5/ 1970 في الاستئناف 1266 سنة 85 ق برفضه وفي الاستئنافين 1282 سنة 85 ق، 192 سنة 81 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 8169 ج و195 مليم وفوائده بواقع 4% سنوياً اعتباراً من 8/ 5/ 1962 حتى السداد والفوائد عن مبلغ 4437 ج و500 من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 21/ 5/ 1953 حتى السداد فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من فوائد ورفض الطعن فيما عدا ذلك وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون ضدهما دفعاً بعدم قبول الطعن بالنسبة لما فصل فيه حكم محكمة أول درجة الصادر بجلسة 26/ 11/ 1963 استناداً إلى أن ذلك الحكم إذ قضى بندب خبير في الدعوى قد أقام قضاءه على ما خلصت إليه المحكمة من وجوب محاسبة الطاعن على الاستغلال في الفترة من 19/ 6/ 1951 حتى 16/ 4/ 1955 بالنسبة للمساحة التي تسلمها والتي تعادل 62% من مساحة الملاحات مع تقدير ما إذا كان التأجير في استلام الملاحات ذا أثر على استغلال الطاعن وتقدير ثمن الملح والأدوات والمهمات المستولى عليها وهو ما مؤداه أن ذلك الحكم قد أنهى الخصومة في كثير من أجرائها بأن قرر وجود عقد صحيح منتج لآثاره وأن الطاعن يلتزم بالمبالغ المستحقة عليه وفقاً للضوابط التي أوردها الحكم، وإذ كان الطاعن لم يطعن على هذا الحكم على استقلال فإنه يكون بالنسبة له باتاً في المسائل التي فصل فيها، وإذ كان الخبير قد انتهى في تقريره إلى مسئولية الطاعن في مبلغ 3813 ج و615 مليم وكان الطاعن لا ينعى على الخبير الخطأ في احتساب المبالغ وفق الأسس التي وضعها الحكم سالف الإشارة إليه فإن ما ذهب إليه الطاعن من طلبه الحكم برفض الدعوى يكون غير مقبول بعد أن تحددت مسئوليته بالتزامه بأداء المبالغ المستحقة في قوة الاستغلال بحكم نهائي.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 أنه إذ قضى بندب خبير انتهى في أسبابه المرتبطة بالمنطوق إلى وجوب محاسبة الطاعن عن المبالغ المستحقة عليه لاستغلاله مساحة 62% من الملاحات المعهود إليه بها خلال الفترة من 19/ 6/ 1951 حتى 16/ 4/ 1955 على أن تخصم قيمة الملح والأدوات والمنشآت المستولى عليها عند استرداد الملاحات من الطاعن بالإضافة إلى قيمة ما قد يكون قد فاته من منفعة نتيجة تأخر وضع يده وإذ كانت هذه المسائل مثار نزاع بين الخصوم أمام محكمة أول درجة فإن قضاء ذلك الحكم يكون صادراً في شق من الموضوع منهياً للخصومة في شأنه ويحوز حجية بالنسبة للمسائل التي فصل فيها مما كان يجوز الطعن عليه بالاستئناف على استقلال وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق التي صدر الحكم الابتدائي في ظل حكمها ولكن حجية ذلك الحكم تقتصر على المسائل التي فصل فيها فلا تمتد الحجية إلى النتيجة التي يسفر عنها حساب المبالغ المستحقة وفق الضوابط التي وضعها لذلك، ولذا فإن قبول الطاعن لذلك الحكم فيما تضمنه من تحديد أسس محاسبة الطاعن على المبالغ المستحقة عليه يمنع من الطعن على الحكم الذي يصدر بعد ذلك متضمناً تحديد المبالغ التي يسفر عنها الحساب لخطأ فيه - وإذ كان ما تقدم وكان مناط قبول الطعن بالنقض أن يكون القضاء الموجه إليه صادراً من محكمة أول درجة وطعن عليه بالاستئناف - وإذ كان الثابت من الطعن المماثل أن أسبابه قد انصبت على قضاء الحكم الاستئنافي فيما أنشأ من قضاء وما أيد به الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1968 والذي كان الطاعن قد طعن عليه بالاستئناف دون أن تنصب تلك الأسباب على قضاء محكمة الدرجة الأولى الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 فيما تضمنه من قضاء منه في شق النزاع - فإن مؤدى ذلك ووفقاً لما تقدم أن يكون الدفع بعدم قبول الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول من أسباب الطعن بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ويقول الطاعن في تبيان ذلك أن محكمة أول درجة إذ قضت بتاريخ 26/ 11/ 1963 بندب خبير فقد طعن المطعون ضدهما على هذا الحكم على استقلال بالاستئناف 192 سنة 81 ق وأقاما استئنافهما على خطأ الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من خصم ثمن الملح بقدر 3800 ج وخصم قيمة الأدوات والمهمات المستولى عليها وطلبا إلغاء الحكم المستأنف وإلزامه بأن يدفع مبلغ 9960 ج و415 مليماً والفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد ولما قضت محكمة أول درجة بتاريخ 2/ 4/ 1968 بإلزامه بأن يدفع 3813 ج و485 مليماً طعن المطعون ضدهما على هذا الحكم بالاستئناف 1282 سنة 85 ق استناداً إلى ذات الأسباب الواردة بالاستئناف السابق 192 سنة 81 ق فدفع بعدم جواز الاستئناف 192 سنة 81 ق وبعدم جواز نظر الاستئناف 1282 سنة 85 ق لسابقة الفصل فيه بالحكم في الاستئناف السابق ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف 192 سنة 81 ق ورتب على ذلك قضاءه بقبول الاستئنافين وبذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب لوجهين:
الوجه الأول: أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بقضائه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف 192 سنة 81 ق لأن هذا الاستئناف انصب على الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 وهو حكم تمهيدي لا تنتهي به الخصومة بما لا يجوز معه استئنافه على استقلال - وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق، هذا بالإضافة إلى أن المطعون ضدهما قبلا تنفيذ الحكم بالحضور أمام الخبير طوال مباشرته المأمورية مما مؤداه عدم جواز الطعن على ذلك الحكم بالاستئناف وفق المادة 377 من قانون المرافعات السابق.
الوجه الثاني: إن الحكم المطعون فيه إذا لم يحط بالدفع الثاني المبدى منه بعدم جواز نظر الاستئناف 1282 سنة 85 ق لسابقة الفصل فيه ولم يستظهره في مدوناته وأغفل الرد عليه وقضى بقبوله فإنه يكون قاصراً التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهيه فبالنسبة للوجه الأول بشقيه فإنه من المقرر وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق أنه إذا كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير قد حسم النزاع بين طرفي الخصومة في شق من الموضوع كان مثار نزاع بينهما وأنهى الخصومة في شأنه فإنه يعتبر حكماً قطعياً ويجوز استئنافه على استقلال وإذ كان البين من مدونات الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 أنه وقد قضى بندب خبير انتهى في أسبابه المرتبطة بالمنطوق إلى وجوب محاسبة الطاعن على المبالغ المستحقة عليه لاستغلاله مساحة 62% من الملاحات المعهود إليه بها وذلك خلال الفترة من 19/ 6/ 1951 حتى 26/ 4/ 1955 مع خصم قيمة الملح والأدوات والمنشآت المستولى عليها عند استرداد الملاحات منه بالإضافة إلى قيمة ما يكون قد فاته من منفعة نتيجة لتأخير وضع يده وكانت هذه المسائل التي حسمها الحكم الابتدائي المشار إليه مثار نزاع بين الخصوم أمام المحكمة - فإن هذا القضاء يكون قطعياً - جائزاً استئنافه على استقلال عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات السابق التي صدر ذلك الحكم وأقيم الطعن عليه بالاستئناف 192 سنة 81 ق في ظل سريانها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بجواز الاستئناف المتقدم فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بهذا الوجه على غير أساس أما القول بأن هذا الاستئناف لم يكن جائزاً من ناحية أخرى لأن المطعون ضدهما كانا قد قبلاً تنفيذه بالحضور أمام الخبير طوال مباشرته المأمورية فإنه دفاع يقوم على عنصر واقعي لم يتمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
أما عن الوجه الثاني فإنه لما كان البين من مدونات الحكم الصادر فيه أو الاستئناف 192 سنة 81 ق قد انصب على الشق المنهي للخصومة في موضوع النزاع بالحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 وأن الاستئناف 1282 سنة 85 ق قد انصب على الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1968 الذي أنهى الخصومة في باقي الموضوع وكان الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 26/ 11/ 1963 جائزاً استئنافه استقلالاً على ما سلف بيانه فإنه استئناف الحكم الصادر في باقي الموضوع بعد ذلك لا يمتد إليه وهو ما مؤداه أن يكون محل كل منهما متغيراً عن الآخر وإذ كان المقرر أن حجية الشيء المقضى فيه مناطها اتحاد الخصوم والموضوع والسبب فإن مؤدى ذلك أن الحكم الصادر في موضوع الاستئناف 192 سنة 81 ق لا يجوز حجية في الاستئناف 1282 سنة 85 ق ولا يمنع الفصل فيه لاختلاف المحل في كل منهما، لما كان ذلك وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم الصادر في الدعوى السابقة بين ذات الخصوم ليست له حجية في النزاع المعروض وكان التمسك به لا يعتبر دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجع الرأي في الدعوى فإن إغفال المحكمة الإشارة إليه لا يعيب حكمها بالقصور في التسبيب أو بالإخلال بحق الدفاع ويكون هذا الوجه من النعي بدوره على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقول في بيان ذلك أنه تمسك أمام محكمة أول درجة بأن عقد النزاع هو عقد التزام وهو يعتبر من عقود الإذعان ويخضع في تفسيره وتأويله وتطبيقه للمادة 148 وما بعدها من القانون المدني وقد اعتد الحكم الابتدائي بهذا الدفاع حينما قصر المحاسبة على مساحة 62% من الملاحات وأوجب خصم قيمة الملح والأدوات المستولى عليها فضلاً عما يكون قد فات الطاعن من منفعة من جراء تأخير تسليم الملاحات وهو من الحكم الابتدائي التزام بالتطبيق القانوني السليم فلما استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم وطلبا استبعاد قيمة المنشآت والأدوات المستولى عليها إعمالاً لنص المادة 28 من العقد تمسك الطاعن بوجوب خصم هذه القيمة إعمالاً لقواعد تفسير عقد الإذعان الواردة بالمادة 151 من القانون المدني خاصة وإن الوزارة قد ارتضت خصم ثمن الملح المستولى عليه رغم أنه يخضع لحكم المادة 28 من العقد وقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يطبق القواعد الواردة في القانون المدني على عقد النزاع باعتباره عقد إذعان والتزم في قضائه بنصوص عقد النزاع التي تضمنت في البند 28 منها النص على أيلولة المنقولات والعقارات إلى الدولة دون مقابل في حالة إنهاء العقد باعتباره قانون المتعاقدين الذي يجب احترامه ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن القواعد الواردة في القانون المدني في شأن تفسير عقد الإذعان والتي أوجبت إعفاء الطرف المذعن من كل الشروط التعسفية هي قواعد متعلقة بالنظام العام ويقع باطلاً كل اتفاق على خلافها وإن أعمال قاعدة العقد شريعة المتعاقدين يقتصر تطبيقها على الأطراف المتساوية وفي العقود بين الأفراد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المتفق عليه بين أطراف الخصومة أن الوزارة المطعون ضدها قد كلفت الطاعن باستغلال ملح الطعام من ملاحة إدكو وفق الالتزامات الواردة بالعطاء المقدم منه وقد حوى العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى تكييف مثل هذا العقد بأنه عقد إداري وأورد نص البند الثامن والعشرين منه من أنه "في حالة إلغاء العقد لأي سبب من الأسباب أو انتهاء مدته تؤول إلى الحكومة ملكية جميع العقارات والمنقولات المستخدمة في استغلال منطقة العقد والتي تعتبر لازمة لسير دولاب العمل في الملاحات على أحسن وجه مما يكون مقاماً أو موجوداً داخل الملاحات وتصبح جميع تلك الأشياء ملكاً خاصاً للحكومة دون سواها من غير أن تكون ملزمة بدفع أي ثمن أو مقابل تعويض سواء لصاحب الاستغلال أو لسواه" ثم أعمل أثر هذا الشرط بعد خلوصه إلى تكييف العقد تكييفاً صحيحاً بأنه عقد إداري وأقام قضاءه في الموضوع على ما تضمنه نص البند السالف باعتباره قانون المتعاقدين دون أعمال القواعد المقررة في القانون المدني في شأن عقود الإذعان وهذا الذي ذهب إليه الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الترخيص بمثل هذا الاستغلال - واحتواء العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص مثل الشرط الوارد في البند 28 من العقد يجعل وصف هذا العقد بأنه عقد إداري وصفاً قانونياً صحيحاً، ولما كان الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدني في شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية - فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الخطأ في تحصيل الوقائع والتناقض في المنطوق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن على أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بفائدة عن المبلغ المقضى به فأنه يكون قد أخطأ في تحصيل وقائع الدعوى كما أخطأ في تطبيق القانون من وجهين: الوجه الأول: أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالفوائد من تاريخ رفع الدعوى على حكم المادة 226 من القانون المدني وهو منه خطأ في تطبيق القانون ذلك أن شرط إعمال حكم هذه المادة أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والثابت من الدعوى أن الوزارة المطعون ضدها لم تكن تعلم المبلغ المستحق لها وقت رفع الدعوى ذلك أن تحديد المبلغ اقتضى عرض الأمر على لجنة فض المنازعات فظلت الدعوى موقوفة لمدة تزيد على أربع سنوات حتى فرغت اللجنة من أعمالها ثم ظلت الدعوى متداولة لدى الخبير لمدة تزيد على ثلاث سنوات ولم يتحدد المبلغ المستحق إلا في 11/ 3/ 1967 ثم قضى به في 2/ 4/ 1968 وهو ما مؤداه أن المبلغ المطالب به لم يكن معلوم المقدار وقت الطلب بما يمتنع معه القضاء بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية لتخلف شروط المادة 226 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الوقائع وتطبيق القانون.
الوجه الثاني: إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بالفوائد عن مبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وبإلزامه بالفوائد عن مبلغ 8196 جنيهاً و195 مليماً من 8/ 5/ 1966 - حتى السداد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن مؤدى قضاء الحكم المطعون فيه أن الفائدة على مبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً تدفع مرتين فهي تستحق من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد كما تستحق من تاريخ 8/ 5/ 1962، باعتبار أن هذا المبلغ هو جزء من مبلغ 8196 جنيهاً و195 مليماً المقضى به وهو ما يؤدي إلى استحقاق الفوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لقدر الدين خلافاً لما تقضي به المادة 232 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود ذلك أن المنازعة في المبلغ المطالب به كله أو بعضه ليس من شأنها اعتبار المبلغ غير معلوم المقدار وقت الطلب وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الوزارة المطعون ضدها أقامت الدعوى بطلب الحكم بإلزام الطاعن بمبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً وفوائده من تاريخ المطالبة القضائية ثم عدلت طلباتها بمذكرتها المقدمة لجلسة 8/ 5/ 1962 إلى طلب إلزامه بمبلغ 9960 جنيهاً و415 مليماً وفائدته القانونية من تاريخ المطالبة القضائية استناداً إلى أن هذا المبلغ المطالب به يمثل مقابل الاستغلال والإيجار والإتاوات المستحقة على الطاعن عن مدة الاستغلال وفقاً للعقد المبرم بينهما والذي كان قد تضمن تحديداً للمبالغ التي تستحق كمقابل للاستغلال والإيجار والإتاوات بما يؤدي إلى اعتبار المبلغ المطالب به معلوم المقدار وقت الطلب وكانت منازعة الطاعن في استحقاق هذا المبلغ وطرح الأمر على لجنة فض المنازعات وندب خبير في الدعوى لتحديد المبلغ المستحق ليس من شأنها أن يكون المبلغ غير معلوم المقدار وقت الطلب فإن الحكم المطعون فيه إذ أسند تاريخ استحقاق الفوائد إلى يوم المطالبة القضائية ملتزماً في ذلك حكم المادة 226 من القانون المدني لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث عن الوجه الثاني من النعي فإنه في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 8169 جنيهاً و195 مليماً وفائدته بواقع 4% من 8/ 5/ 1972 حتى السداد والفوائد عن مبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 21/ 5/ 1953 حتى السداد ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الوزارة المطعون ضدها أقامت دعواها في 21/ 5/ 1953 بطلب الحكم بإلزام الطاعن بمبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً وفوائده القانونية من يوم المطالبة الرسمية حتى السداد ثم عدلت طلباتها بمذكرتها المقدمة لجلسة 8/ 5/ 1962 إلى طلب إلزامه بأن يدفع 9960 جنيهاً و415 مليماً وفائدته القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد ومؤدى ذلك أن المبلغ الذي طلبته الوزارة المطعون ضدها في طلباتها الختامية وهو 9960 جنيهاً و415 مليماً يشمل المبلغ السابق طلبه في صحيفة افتتاح الدعوى وهو 4437 جنيهاً و500 مليماً - لما كان ذلك وكان المقرر وفق المادة 226 من القانون المدني أن فائدة التأخير القانونية هي 4% تسري من تاريخ المطالبة القضائية فإن مؤدى ذلك أن تسري الفائدة القانونية التي يلتزم الطاعن بها اعتباراً من تاريخ رفع الدعوى في 21/ 5/ 1973 بالنسبة لمبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً المطالب به في صحيفة افتتاح الدعوى، واعتباراً من 8/ 5/ 1962 تاريخ تعديل الطلبات فيها بالنسبة لما جاوز هذا المبلغ من المبلغ المقضى به وهو 8169 جنيهاً و195 مليماً وإذ خالف الحكم المطعون فيه في قضائه هذا النظر وجرى في قضائه على سريان الفوائد من تاريخ 11/ 5/ 1953 حتى السداد بالنسبة لمبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً ومن تاريخ 8/ 5/ 1962 بالنسبة لكامل المبلغ المقضى به في الدعوى وهو 8169 جنيهاً و195 مليماً حتى السداد يكون قد قضى بسريان الفائدة بالنسبة لمبلغ 4437 جنيهاً و500 مليماً مرتين بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه في هذه الحدود.
وحيث إن النيابة العامة قد أضافت سبباً رابعاً لأسباب الطعن نعت فيه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقالت شرحاً لذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قبل الاستئناف المقام من الوزارة المطعون ضدها في خصوص طلب الفوائد وإذ تصدى إلى موضوع طلبها وأصدر قضاء فيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن البين من مدونات كل من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطلبات الختامية للوزارة المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة تحددت في طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 9960 جنيهاً و415 مليماً وفائدته القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية فلما قضت محكمة أول درجة بتاريخ 2/ 4/ 1968 بإلزام الطاعن بأن يؤدي مبلغ 3813 جنيهاً و495 مليماً طعنت الوزارة المطعون ضدها على هذا الحكم بالاستئناف 282 سنة 85 ق طالبة الحكم بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 9960 جنيهاً و415 مليماً وفائدته القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية - ويبين من مدونات الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1968 أن منطوقه جاء خلواً من قضاء في طلب الفوائد كما خلت أسبابه من التعرض إلى هذا الطلب والفصل فيه ومؤدى ذلك أن تكون محكمة أول درجة قد أغفلت الفصل في طلب الفوائد ولما كان إغفال محكمة أول درجة الحكم في طلب الفوائد مؤداه أن يبقى هذا الطلب معلقاً أمامها وعلاج هذا الإغفال وفقاً للمادة 193 من قانون المرافعات المقابلة للمادة 368 من قانون المرافعات السابق يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه أن كان له وجه، ومن ثم لا يجوز الطعن في الحكم بطريق الاستئناف إذ أن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم صراحة أو ضمناً ويكون استئناف الوزارة المطعون ضدها غير مقبول والحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهذا السبب يدخل في نطاق ما رفع عنه الطعن وهو متعلق بالنظام العام باعتبار أن قضاء الحكم المطعون فيه في طلب الفوائد الذي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه هو إخلال بمبدأ التقاضي على درجتين وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز مخالفتها ومن حق النيابة إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1968 موضوع الاستئناف رقم 1282 سنة 85 ق أن منطوقه جاء خلواً من أي قضاء في طلب الفوائد كما خلت أسبابه من التعرض إلى هذا الطلب والفصل فيه ومؤدى ذلك أن محكمة أول درجة قد أغفلت الفصل فيه وبذلك يبقى هذا الطلب الخاص بالفوائد على أصله معلقاً أمامها ويكون السبيل للفصل فيه الرجوع إلى نفس المحكمة لنظره والحكم فيه ومن ثم فلا يجوز الطعن في الحكم بطريق الاستئناف بسبب إغفاله الفصل في ذلك الطلب إذ أن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم المستأنف صراحة أو ضمناً ومن ثم فإن استئناف الوزارة المطعون ضدها في خصوص طلب الفوائد التي أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيها يكون غير مقبول وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل الاستئناف عن هذا الطلب وتصدى إلى موضوعه وأصدر قضاء فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وإذ كان هذا السبب يدخل في نطاق ما رفع عنه الطعن ويتعلق بالنظام العام إذ ينطوي قضاء الحكم المطعون فيه على إخلال بمبدأ التقاضي على درجتين وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها فإنه يجوز للنيابة إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من فوائد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.