جلسة 21 ديسمبر سنة 1944
برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.
---------------
(174)
القضية رقم 113 سنة 13 القضائية
تفالس:
أ - إشهار. إفلاس المدين. تصالحه مع الدائنين على أن يتخلى لهم عن جميع أمواله مقابل إبرائه من الديون. التصديق على هذا الصلح. دائن مرتهن لعقار رهنه غير المدين وفاءً لدينه. أيلولة هذا العقار إلى ملك المدين بالهبة قبل الصلح. عدم سريان الصلح على هذا الدائن الذي لم يتدخل طرفاً فيه. (المادة 318 تجاري)
ب - نزع الدائن ملكية هذا المنزل لدين سابق على حق الدائن المرتهن كان في ذمة الواهب مالكه الأصيل. لا تأثير له في موقف الدائن من التفليسة حيال الصلح مع الدائنين.
--------------
1 - إذا أشهر المدين إفلاسه وتصالح مع دائنيه على أن يتخلى لهم عن جميع أمواله مقابل إبرائه من الديون وصدق على محضر هذا الصلح أمام مأمور التفليسة، وكان أحد الدائنين لم يتدخل في هذا الصلح لأن العقار الذي رهنه له أختا المدين وفاءً لدينه قد آل إلى المدين بالهبة قبل الصلح، فإن هذا الصلح لا يسري على هذا الدائن عملاً بالمادة 318 من القانون التجاري.
2 - إنه بفرض حصول نزع ملكية المنزل المرهون لدين سابق على حق الدائن المرتهن كان في ذمة مورث الأختين الراهنتين والواهبتين فإنه لا تأثير لذلك في موقف الدائن من التفليسة حيال الصلح مع الدائنين ما دامت العين كانت في ملك المدين وقت انعقاد الصلح.
الوقائع
تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده أقام أمام محكمة طنطا الابتدائية الدعوى على الطاعن وأختيه السيدتين فاطمة وزهية محمد عقل طالباً الحكم له على الطاعن بصفته مديناً وعلى أختيه بصفتهما ضامنتين متضامنتين بمبلغ 3630 ج وفوائده بسعر 8% من تاريخ سابق على تاريخ رفع الدعوى بخمس سنوات حتى الوفاء واستند في دعواه إلى سند تاريخه 15 من يناير سنة 1931 يستحق الوفاء في 31 من ديسمبر سنة 1931 وقال إن الأختين المذكورتين رهنتا له تأميناً لهذا الدين منزلاً لهما بمقتضى عقد رسمي حرر في 21 من يناير سنة 1931 وقيد بقلم رهون محكمة الإسكندرية المختلطة في 25 من فبراير سنة 1931 وضمنتا وفاء الدين في هذا العقد بالتضامن. والطاعن طلب رفض الدعوى بناءً على أنه حصل صلح عن ديونه أمام مأمور التفليسة في 22 من يناير سنة 1935 ترك بمقتضاه جميع أمواله عدا أثاث منزله للدائنين، وصدقت محكمة الإسكندرية المختلطة على هذا الصلح في 4 من فبراير سنة 1935، وأن هذا الصلح ينفذ في حق جميع الدائنين طبقاً للمادة 318 من قانون التجارة ولو لم يشتركوا في إجراءاته. فرد المطعون ضده على هذا الدفع بأن الصلح لا يسري عليه طبقاً للمادة 318 من هذا القانون لأنه دائن مرتهن.
وفي 29 من أكتوبر سنة 1942 حكمت المحكمة للمطعون ضده بطلباته.
استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، وفي 10 من فبراير سنة 1943 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي. أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 19 من يوليه سنة 1943 فقرر الطعن فيه بطريق النقض إلخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تفسير المادة 318 من قانون التجارة إذ فسرها في حدود المعنى العام للفظي "دائن مرتهن" مع أن الرأي الصحيح هو أن هذه المادة قصدت الحالة التي يكون فيها الشيء المرهون ملكاً للمدين لا للغير، والثابت من أوراق الدعوى أن الدين كان بمقتضى سند إذني خال من أي ضمان أو كفالة من الغير فإذا ما جاء أجنبي عن هذه العلاقة وكفل المدين ورهن للدائن عقاراً لضمان الوفاء بغير تدخل من المدين كان غير ممكن وصف الطاعن بأنه مدين راهن. ثم إن انتقال ملكية العقار المرهون إلى الطاعن بعد ذلك بطريق الهبة لا يجعله في حكم المدين الراهن، وإنما يكون للدائن حق التتبع على العين المرهونة فقط. ومع ذلك فإن المنزل المرهون قد نزعت ملكيته من أجل دين على مورث الواهبتين، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انعدام الحق الموهوب وجميع آثاره، وبذلك يصبح الطاعن مديناً عادياً لا مديناً راهناً.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أيدته محكمة الاستئناف أخذاً بأسبابه قال إن المطعون ضده استند إلى "أن المادة 318 من قانون التجارة تنص على أنه لا يسري عليه محضر الصلح لأنه دائن مرتهن وقدم عقداً رسمياً محرراً أمام الموظف المختص في محكمة طنطا الابتدائية الشرعية في 21 من مارس سنة 1932 بمقتضاه وهبت المدعى عليهما الثانية والثالثة (الأختان المذكورتان) إلى أخيهما المدعى عليه الأول (الطاعن) المنزل المرهون للمدعي (المطعون ضده) واشترط في عقد الهبة أن الموهوب له مكلف بسداد الرهن الموقع على المنزل المرهون، وسجل هذا العقد في 21 من مارس سنة 1932 بسجل تصرفات المحكمة المذكورة، كما قدم المدعي خطاباً من سنديك التفليسة تاريخه 24 من يونيه سنة 1942 يفيد أنه لم يدخل في الصلح لأنه دائن مرتهن لمنزل بكفر الشيخ" ثم قال الحكم بعد ذلك "وحيث إنه ثبت من عقد الهبة السالف ذكره أن المدعى عليه الأول قبل هبة المنزل المرهون على أن يسدد دين الرهن للمدعي، وذلك قبل الحكم بالتصديق على الصلح، ولذا فقد أقر المدعى عليه الأول صراحة للمدعي بأنه دائن مرتهن للمنزل المملوك له، وهذا الإقرار جعل عقد الرهن نافذاً عليه، ويعتبر المدعى عليه الأول راهناً للمنزل من جديد للمدعي الذي يحق له قانوناً التمسك بنص المادة 318 من القانون التجاري..."
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بني على أنه كان من حق المطعون ضده عملاً بحكم المادة 318 تجاري أن لا يتدخل في الصلح بعد أن أصبح مدينه مالكاً للمنزل المرهون لضمان وفاء الدين. وهذا النظر سليم تبرره أوراق الدعوى التي استند إليها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المحكمة لا ترى بعد ذلك محلاً للتعرض إلى ما زاده الحكم المطعون فيه وهو أن المادة 318 تجاري تسري أيضاً على حالة ما إذا كان العقار مملوكاً لغير المدين - لا ترى محلاً لذلك ما دام الثابت في الدعوى هو أن العين المرهونة كانت مملوكة للمدين قبل انعقاد الصلح مع الدائنين.
وحيث إنه عن قول الطاعن إن المنزل المرهون قد نزعت ملكيته لدين سابق على حق الدائن المرتهن كان في ذمة مورث الأختين الراهنتين والواهبتين، وإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى زوال العين المرهونة وصيرورة الدائن المرتهن دائناً عادياً، فإنه على فرض صحة حصول نزع الملكية فلا تأثير لذلك في موقف المطعون ضده من التفليسة حيال الصلح مع الدائنين متى كانت العين في ملك المدين وقت انعقاد الصلح.