جلسة 14 من فبراير سنة
1993
برئاسة السيد المستشار/ محمود البنا نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس نائبي رئيس المحكمة
وعبد الله المدني وسمير مصطفى.
----------------
(21)
الطعن رقم 2863 لسنة 59
القضائية
(1) محكمة
النقض "سلطتها في الرجوع عن الحكم".
جواز رجوع محكمة النقض عن
حكمها بسقوط الطعن. متى ثبت سقوط التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل إصدار حكمها.
(2) شيك بدون رصيد. جريمة
"أركانها". مسئولية جنائية. باعث. دفوع "الدفع بالوفاء بجزء من
الشيك". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
حقيقة سبب تحرير الشيك لا
أثر له على طبيعته. شرط ذلك؟.
السبب أو الباعث لا يؤثر
على المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 عقوبات.
الدفع بالوفاء بجزء من
الشيك. لا أثر له. طالما لم يسترد من المستفيد.
(3)شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحقق القصد الجنائي في
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ
الاستحقاق.
----------------
1
- لما كان قد سبق لهذه
المحكمة أن قضت بجلسة..... بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من
أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة
التي حددت لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك
العقوبة وقضى بتاريخ 3 من مارس سنة 1987 بإيقاف التنفيذ مؤقتاً لحين الفصل في
الطعن بالنقض مما مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة
لنظر الطعن كان قد سقط عنه منذ هذا التاريخ، أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما
كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره.
2 - لما كان ما يقوله
الطاعن عن حقيقة سبب تحرير الشيك لا أثر له على طبيعته ما دام مظهره وصيغته يدلان
على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان، وكانت
المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون العقوبات لا تتأثر بالسبب أو
الباعث الذي من أجله أعطى الشيك، وكان لا يجدي الطاعن ما دفع به من أنه أوفى بجزء
من قيمة الشيك إلى المدعي بالحق المدني ما دام لم يسترد الشيك من المستفيد.
3 - من المقرر أن القصد
الجنائي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود
مقابل وفاء له من تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فيكون منعى الطاعن
في هذا الشأن على غير سند.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء
المباشر ضد الطاعن أمام محكمة جنح المطرية بوصف أنه أعطي له شيكاً لا يقابله رصيد
قائم وقابل للسحب - وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن
يؤدى له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت
غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثمائة
جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض
المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه
والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك. استأنف ومحكمة شمال
القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى
الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى
الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل
والتأييد فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي
نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
وبجلسة...... نظرت
المحكمة الطعن "منعقدة في هيئة غرفة مشورة" ثم قررت تأجيله لجلسة 31
مارس سنة 1991 وبذات الجلسة قضت المحكمة بسقوط الطعن. فتقدم الأستاذ/.......
المحامي نيابة عن المحكوم عليه بطلب للرجوع عن الحكم الصادر بجلسة 31 من مارس سنة
1991 وقد حدد له جلسة..... لنظره.
وبجلسة...... نظرت
المحكمة الطعن على ما هو مبين بالمحضر.
المحكمة
من حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 31 من
مارس سنة 1991 بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم
يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت
لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك العقوبة وقضى
بتاريخ 3 من مارس سنة 1987 بإيقاف التنفيذ مؤقتاً لحين الفصل في الطعن بالنقض مما
مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن كان قد
سقط عنه منذ هذا التاريخ، أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه
يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة 31 من مارس سنة 1991.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو
أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قد شابه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه التفت عن دفاع الطاعن بأن الشيك موضوع
الدعوى أداء ائتمان بدلالة إقرار المدعي بالحقوق المدنية بتخالصه معه عن جزء من
قيمة الشيك ووجود معاملات بينهما، ودلل الحكم على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن
بتدليل غير سائغ ملتفتاً عن دلالة المخالصة الصادرة من المدعي بالحقوق المدنية مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن أصدر شكياً على بنك التنمية والائتمان
الزراعي فرع الواحات البحرية لمصلحة المدعي بالحق المدني وبعرض الشيك على البنك
المسحوب عليه إعادة بأن الرصيد لا يسمح بالصرف. ثم حصل دفاع الطاعن من أن الشيك
حرر بضمان ثمن قطعة أرض مشتراة من المدعي بالحق المدني. ولامتناعه عن التوقيع على
عقد البيع النهائي فقد حبس عنه قيمة الشيك، ورد عليه بأن هذا الدفاع غير مقبول،
وانتهى الحكم إلى أن التهمة المسندة للطاعن ثابتة قبله من تحرير شيك لا يقابله
رصيد، وكان هذا الذي أورده الحكم صحيحاً في القانون، وكان ما يقوله الطاعن عن
حقيقة سبب تحرير الشيك لا أثر له على طبيعته ما دام مظهره وصيغته يدلان على أنه مستحق
الأداء بمجرد الاطلاع وإنه أداة وفاء لا أداة ائتمان، وكانت المسئولية الجنائية في
صدد المادة 337 من قانون العقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي من أجله أعطى
الشيك، وكان لا يجدي الطاعن ما دفع به من أنه أوفى بجزء من قيمة الشيك إلى المدعي
بالحق المدني ما دام لم يسترد الشيك من المستفيد، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم
في هذا الخصوص لا يكون له أساس، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على
توافر القصد الجنائي لدى الطاعن من علمه بأن رصيده لدى البنك المسحوب عليه لا يسمح
بصرف قيمة الشيك ومن قوله بأنه قصد عدم صرف قيمة الشيك ليحمل المدعي بالحق المدني
على التوقيع على عقد البيع النهائي، ومن طلبه - في خطاب أرسله للمدعي بالحق المدني
- أجلاً لسداد قيمة الشيك مما مؤداه علمه بعدم كفاية الرصيد، وإذ كان من المقرر أن
القصد الجنائي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم
وجود مقابل وفاء له من تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره فيكون منعى
الطاعن في هذا الشأن على غير سند. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس متعيناً رفضه موضوعاً.