(1) حكم
" بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة تؤدي
إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن
يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) إثبات
" بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إثبات الحكم أن المجني عليها قررت أن
الجيران أبلغوها بارتكاب المتهم للواقعة . لا يعيبه . ما دام أنه غير مؤثر فيما
استخلصه من نتائج .
(3) إثبات " بوجه عام " . حكم "
ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
سكوت الحكم عن
مصدر الدليل . لا يضيع أثره . ما دام له أصله الثابت في الأوراق .
(4) دفوع
" الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
عدم التزام
الحكم بالرد على الدفع ببطلان القبض . ما دام قد أقام
قضاءه على ما اطمئن إليه من أدلة الثبوت ولم يعول على
أي دليل مستمد منه .
الدفع ببطلان القبض . وجوب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد
منه . إطلاقه في عبارة مرسلة دون بيان أساسه ومقصده ومرماه . لا عيب على الحكم
التفاته عنه .
(5) إثبات " شهود
" . حكم " ما
لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تعويل الحكم في الإدانة
على أقوال ضابط الواقعة . لا يعيبه . ما دام قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءاته . علة ذلك ؟
(6) إثبات " بوجه عام " "
قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة
عليه . مطالبته الأخذ بدليل معين . غير جائز . ما لم يقيده القانون بذلك . له
الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط
في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص
ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
(7) سرقة . جريمة "
أركانها " . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . حكم " بيانات حكم الإدانة "
.
تحدث
الحكم عن فعل الاختلاس صراحة . غير لازم . استفادة توافره من وقوع السرقة .
القصد الجنائي
في جريمة السرقة . ماهيته ؟
تحدث
الحكم عن القصد الجنائي في السرقة استقلالاً . غير لازم . ما دام مستفاداً منه .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به
كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة وتعويله على أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه
عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(8)
إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود
" .
للمحكمة
الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة
الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(9)
حيازة . سرقة . قانون " تفسيره " . إثبات "
بوجه عام " . جريمة " أركانها " .
الحيازة في ذاتها . سند لملكية
المنقولات وقرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية . ما لم يقم الدليل على عكس ذلك .
المادة 976 مدني .
ثبوت أن المسروق ليس مملوكاً
للمتهم . كفايته للعقاب في جريمة السرقة . عدم الاهتداء إلى شخص مالك المسروقات . غير مؤثر في
قيام جريمة السرقة . أساس ذلك ؟
(10) إثبات " شهود " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ". حكم " ما لا يعيبه في
نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال
الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة
بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد
أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة
استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر
الدعوى واستنباط معتقدها . غير مقبول أمام محكمة النقض .
مثال .
(11) استدلالات .
إثبات " قرائن " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة
أساسية .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12)
استدلالات . إثبات " قرائن " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم
" .
ترديد التحريات لأقوال المجني عليها . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
مضي
وقت طويل في إجراء التحريات . غير لازم قانوناً . لرجل الضبط القضائي الاستعانة في
إجرائها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما
وقع بالفعل من جرائم . حد ذلك ؟
بقاء شخصية المرشد غير معروفة . لا يعيب الإجراءات .
(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " .
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بعدم
إبلاغ المصادر السرية بالواقعة وقت حدوثها . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة
. لا يصلح سبباً للطعن.
(14) دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف
" . إكراه . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان
اعتراف الطاعن بمحضر الشرطة للإكراه . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير
جائز .
(15) إثبات " اعتراف " .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
تقدير صحة الاعتراف في
المسائل الجنائية وقيمته في الإثبات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الأخذ
باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق
وإن عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت إلى صحته .
(16) دفوع " الدفع بنفي التهمة
" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفاع بنفي التهمة . موضوعي . لا
يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان
الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما مفاده أن المجني عليها أبلغت في ....
أنها اكتشفت سرقة منقولات مسكنها ، وإذ انتقلت الشرطة لمعاينة المسكن ثبت عدم وجود
الباب الخارجي للمسكن وأبواب الغرف الداخلية ، وبلاط الأرضية ، وخلو المسكن من
الأثاث والمنقولات ، ووجود آثار للعنف في محيط المسكن ، وإذ دلت التحريات أن
المتهم الطاعن - نجار مسلح – لعلمه بغياب أصحاب المسكن قام بسرقة المسكن
والمنقولات على فترات متباعدة ، فانتقل ضابط صحبة المجني عليها إلى حيث مسكن
المتهم الذي كان يقف أمام مسكنه ، وسمح للضابط والمجني عليها بالدخول فشاهدت
الأخيرة منقولاتها المبلغ بسرقتها داخل مسكن المتهم ، وبمواجهته أقر بارتكاب
الواقعة ، وعول الحكم في إدانته على ما قررته المجني عليها وما أبلغها به جيران
المسكن ، وعلى ضبط المسروقات في مسكن المتهم ، الأمر المؤيد بتحريات الشرطة ، ومن
ثم انتهى إلى عقابه على النحو الوارد بالأوراق وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على
هذه الصورة وصحة نسبتها إلى الطاعن أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ، ومن
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً
خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقاب والظروف التي وقعت فيها
، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كحال الحكم المطعون فيه - كافياً في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2- لما كان
لا يعيب الحكم إثباته أن المجني عليها قررت أن الجيران أبلغوها بارتكاب المتهم
للواقعة ، إذ لا تأثير لذلك - بفرض صحته - بعد ما أثبتته التحريات من قيام المتهم
الطاعن بارتكاب الواقعة ووجود المنقولات في مسكنه ، إذ لا تأثير لذلك على النتائج
التي استخلصها الحكم .
3- من المقرر
أنه لا تثريب على الحكم إذا لم يفصح عن مصدر بعض الأدلة لأن سكوته عن ذلك لا يضيع
أثر الدليل ما دام له أصله الثابت في الأوراق .
4- لما كان
الحكم إذ أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال المجني عليها وإقرار الطاعن في محضر
جمع الاستدلالات ، وما أسفرت عنه التحريات ، وما ثبت من معاينة الشرطة ، وتعرف المجني عليها على
المسروقات في مسكن الطاعن ، فإنه لم يَبْنِ حكمه على رأي لسواه . لما كان ذلك ،
وكان الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت ، ولم يعول على أي دليل
مستمد من القبض المدعى ببطلانه ولم يشر إليه
في مدوناته ، ومن ثم ينحسر عنه الالتزام بالرد على الدفع المبدى في هذا الشأن ،
هذا فضلاً عن أن المدافع عن الطاعن لم يبين أساس دفعه في هذا الشأن ومقصده ومرماه
، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في
عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد
عليه .
5- لما كان
الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند
قيام البطلان وثبوته ، وإذ انتهى الحكم سديداً إلى صحة إجراءات ضابط الواقعة ، فلا
تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقواله .
6- من المقرر
أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فيما
عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة
يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم
بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى
دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها
كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها
إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على
الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما
تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
7- من المقرر
أنه يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة
للتحدث عنه صراحة ، وكان القصد الجنائي هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل
بأنه يختلس المنقول المملوك للغير دون رضاء مالكه بنية امتلاكه ، ولا يشترط تحدث
الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وإذ بين الحكم واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة وكان الطاعن لا يجادل
في أن ما عول عليه الحكم له معينه الصحيح من الأوراق ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن
تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ، فإن ما
أثاره في هذا لا يكون مقبولاً .
8- من المقرر
أنه لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به دون
أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت
التي بينتها يفيد أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فاطرحتها .
9- لما كان
الأصل أن المشرع قد جعل من الحيازة في ذاتها سنداً لملكية المنقولات وقرينة على
وجود السبب الصحيح وحسن النية ما لم يقم الدليل على عكس ذلك وفقاً للفقرة الأخيرة
من المادة 976 من القانون المدني ، وكان الحكم قد التزم في قضائه هذه القواعد ،
فإنه يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ، كما أنه من المقرر أنه
يكفي للعقاب في السرقة أن يثبت بالحكم أن المسروق ليس مملوكاً للمتهم ، ذلك أن
السارق كما عرفه القانون في المادة 311 من قانون العقوبات هو كل من اختلس مالاً
منقولاً مملوكاً للغير ، كما لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم الاهتداء إلى شخص
مالك المسروقات .
10– من
المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بأقوال الشاهد ، فإن
ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وكان تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم
ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه - كحال الحكم المطعون فيه - كما أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في
الأوراق ، وإذ كان الحكم قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول مما أخذ به واطمأن
إليه من أقوال المجني عليها وضابط الواقعة وإقرار الطاعن في محضر جمع الاستدلالات
ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها وأورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه ،
فإن ما أثاره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة
محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام
محكمة النقض .
11- من
المقرر أنه للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما أثاره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي
في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يخرج عن رقابة محكمة النقض .
12- من
المقرر أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لأقوال المجني عليها لأن مفاد
ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، ولا يوجب القانون حتماً أن يمضي رجل
الضبط القضائي وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين فيما يجريه من
تحريات أو يتخذه من وسائل بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن
يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ، ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه
إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات ، كما لا
يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي
.
13- لما كان
النعي بعدم إبلاغ المصادر السرية بالواقعة وقت حدوثها هو تعييب للإجراءات السابقة
على المحاكمة مما لا يصلح سبباً للطعن .
14- لما كان
البين أن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه في محضر الشرطة للإكراه ،
ولا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
15- من
المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة
الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، وأن سلطتها مطلقة في
الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار
التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع .
16- لما كان
الدفاع بنفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد
مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
لما كان
الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما مفاده أن المجني عليها أبلغت في ....
أنها اكتشفت سرقة منقولات مسكنها ، وإذ انتقلت الشرطة لمعاينة المسكن ثبت عدم وجود
الباب الخارجي للمسكن وأبواب الغرف الداخلية ، وبلاط الأرضية ، وخلو المسكن من
الأثاث والمنقولات ، ووجود آثار للعنف في محيط المسكن ، وإذ دلت التحريات أن
المتهم الطاعن - نجار مسلح - لعلمه بغياب
أصحاب المسكن قام بسرقة المسكن والمنقولات على فترات متباعدة ، فانتقل ضابط
صحبة المجني عليها إلى حيث مسكن المتهم الذي كان يقف أمام مسكنه ، وسمح للضابط
والمجني عليها بالدخول فشاهدت الأخيرة منقولاتها المبلغ بسرقتها داخل مسكن المتهم
، وبمواجهته أقر بارتكاب الواقعة ، وعول الحكم في إدانته على ما قررته المجني
عليها وما أبلغها به جيران المسكن ، وعلى ضبط
المسروقات في مسكن المتهم ، الأمر المؤيد بتحريات الشرطة ، ومن ثم انتهى
إلى عقابه على النحو الوارد بالأوراق وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه
الصورة وصحة نسبتها إلى الطاعن أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ، ومن
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم
شكلاً خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقاب والظروف التي
وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كحال الحكم المطعون فيه - كافياً في
تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم
القانون . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم إثباته أن المجني عليها قررت أن
الجيران أبلغوها بارتكاب المتهم للواقعة ، إذ لا تأثير لذلك - بفرض صحته - بعد ما
أثبتته التحريات من قيام المتهم الطاعن بارتكاب الواقعة ووجود المنقولات في مسكنه
، إذ لا تأثير لذلك على النتائج التي استخلصها الحكم ، كما أنه لا تثريب على الحكم
إذا لم يفصح عن مصدر بعض الأدلة لأن سكوته عن ذلك لا يضيع أثر الدليل ما دام له
أصله الثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان الحكم إذ أقام قضاءه على ما استخلصه
من أقوال المجني عليها وإقرار الطاعن في محضر جمع الاستدلالات ، وما أسفرت عنه
التحريات ، وما ثبت من معاينة الشرطة ، وتعرف
المجني عليها على المسروقات في مسكن الطاعن ، فإنه لم يَبْنِ حكمه على رأي لسواه .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت ، ولم
يعول على أي دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه ولم يشر إليه في مدوناته ، ومن ثم
ينحسر عنه الالتزام بالرد على الدفع المبدى في هذا الشأن ، هذا فضلاً عن أن
المدافع عن الطاعن لم يبين أساس دفعه في هذا الشأن ومقصده ومرماه ، بل أطلقه في
عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على
بيان المراد منه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه . لما كان ذلك ،
ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك
إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ انتهى الحكم سديداً
إلى صحة إجراءات ضابط الواقعة ، فلا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقواله .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي
بناء على الأدلة المطروحة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال
التي قيده القانون فيها بذلك ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن
يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي
اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
القاضي فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن
تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال
اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون
صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن
طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات
، كما أنه من المقرر أنه يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل
الاختلاس دون حاجة للتحدث عنه صراحة ، وكان القصد الجنائي هو قيام العلم عند
الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير دون رضاء مالكه بنية
امتلاكه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون مستفاداً
منه ، وإذ بين الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة
السرقة وكان الطاعن لا يجادل في أن ما عول عليه الحكم له معينه الصحيح من الأوراق
، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن
للجريمة التي دين بها ، فإن ما أثاره في هذا لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان
لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به دون أن
تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي
بينتها يفيد أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن
المشرع قد جعل من الحيازة في ذاتها سنداً لملكية المنقولات وقرينة على وجود السبب
الصحيح وحسن النية ما لم يقم الدليل على عكس ذلك وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة
976 من القانون المدني ، وكان الحكم قد التزم في قضائه هذه القواعد ، فإنه يكون قد
طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ، كما أنه من المقرر أنه يكفي للعقاب في
السرقة أن يثبت بالحكم أن المسروق ليس مملوكاً للمتهم ، ذلك أن السارق كما عرفه
القانون في المادة 311 من قانون العقوبات هو كل من اختلس مالاً منقولاً مملوكاً للغير ، كما لا يؤثر في قيام جريمة السرقة
عدم الاهتداء إلى شخص مالك المسروقات . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال
الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها
جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد
أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته
ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه -
كحال الحكم المطعون فيه - كما أنه لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط
البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها
من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق
ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وإذ كان الحكم قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق
مقبول مما أخذ به واطمأن إليه من أقوال المجني عليها وضابط الواقعة وإقرار الطاعن
في محضر جمع الاستدلالات ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها وأورد أقوال
الشهود بما لا تناقض فيه ، فإن ما أثاره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل
إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها
مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه للمحكمة
أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما
ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما أثاره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة
الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يخرج عن رقابة محكمة النقض ، ولا ينال من صحة
التحريات أن تكون ترديداً لأقوال المجني عليها لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من
صدق تلك الأقوال ، ولا يوجب القانون حتماً أن يمضي رجل الضبط القضائي وقتاً طويلاً
في هذه التحريات ، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو يتخذه من وسائل
بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع
بالفعل من جرائم ، ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من
معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات ، كما لا يعيب الإجراءات أن تبقى
شخصية المرشد غير معروفة وألا يفصح عنها رجل الضبط القضائي . لما كان ذلك، وكان
النعي بعدم إبلاغ المصادر السرية بالواقعة وقت حدوثها هو تعييب للإجراءات السابقة
على المحاكمة مما لا يصلح سبباً للطعن . هذا إلى أن البين أن الطاعن لم يدفع
ببطلان الاعتراف المنسوب إليه في محضر الشرطة للإكراه ، ولا يقبل منه إثارة ذلك
لأول مرة أمام محكمة النقض ، كما أنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية
عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات ، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق
غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى
صحته ومطابقته للحقيقة والواقع . لما كان ذلك ، وكان الدفاع بنفي التهمة من أوجه
الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت
التي أوردها الحكم ، ومن
ثم يكون الطعن برمته مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ، وهو ما يتعين التقرير به .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ