الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 مايو 2017

الطعن 78930 لسنة 75 ق جلسة 29 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 63 ص 344

جلسة 29 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم، هاني عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة علاء البغدادي.
------------
(63)
الطعن 78930 لسنة 75 ق
(1) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم من أقول الشهود ما له صداه وأصله في الأوراق. ينتفي معه الخطأ في الإسناد. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) إثبات "خبرة". ضرب "أفضى إلى موت".
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. ليس بلازم. 
مثال.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع باستحالة حصول الواقعة". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الدفع باستحالة حصول الواقعة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.
(4) جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة إحداث الجروح عمداً. متى يتوافر؟
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رابطة السببية. ضرب "أفضى إلى موت". قصد جنائي. مسئولية جنائية.
رابطة السببية في المواد الجنائية. علاقة مادية. تقدير توافرها. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الجاني في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمداً. مسئول عن جميع النتائج المحتملة نتيجة سلوكه الإجرامي. ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله والنتيجة. 
مرض المجني عليه من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية. 
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية في جريمة ضرب أفضى إلى موت.
(6) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي. 
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه. 
تطابق أقوال الشهود والدليل الفني. ليس بلازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به. إشارتها إلى أقوالهم. غير لازم. ما دامت لم تستند إليها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. دلالته: عدم اطمئنانها لأقوالهم فاطرحتها.
(8) دعوى مدنية "مصاريفها". رسوم قضائية.
عدم سداد رسوم الدعوى المدنية لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث الصحة أو البطلان.
-----------
1 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وهما ...... له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة ومصادرة لها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
2 - لما كان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي أن "(1) وجود جرح لازم الحواف يقع بفروة الرأس بطول حوالي 4 سم يبعد عن صيوان الإذن اليمنى بحوالي 8 سم ويبعد عن الخط المنتصف للجسم بحوالي 7 سم وأعلى الحاجب الأيمن بحوالي 14 سم. (2) كدم أحمر اللون بأبعاد حوالي 2×2 سم يقع يمين فروة الرأس يقع على بعد حوالي 7 سم من الخط المنتصف للجسم ويبعد عن الحاجب الأيمن بحوالي 12 سم عدا ذلك لم نلاحظ بعموم جسد المذكور ثمة أثار إصابية حديثة أخرى. - الرأس - بتشريح فروة الرأس تبينا وجود انسكابات دموية غزيرة بالجانب الأيمن من الفروة مقابل الإصابتين الموصوفتين في الكشف الظاهري تحت بندي 1، 2 وعظام القبوة والقاعدة خالية من الكسور أو الآثار الإصابية والسحايا خالية من التكهنات أو الآثار الإصابية والمخ تبينا خلوه من الآثار الإصابية ظاهرياً مع وجود احتقان بأوعيته الدموية وانتهى التقرير الطبي الشرعي إلى إنه نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعانى منها المجني عليه" فأن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
4 - لما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من هذا التقرير وكان مؤداه أن نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فأن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه. لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً عن وقائع الدعوى كما أوردها الحكم، وهو ما تحقق في واقعة الدعوى.
5 - لما كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك، على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه تشاجر مع المجني عليه ودفعه على درج العقار هو وشقيقه قاصداً من ذلك إيذاءه وحيث إن ذلك هو السبب الأول المحرك لعوامل أخرى متنوعة تعاونت بطريق مباشر على إحداث وفاة المجني عليه كحالته المرضية المزمنة فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ومن أن مرض المجني عليه إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قديم.
6 - لما كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان يبين مما سلف أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ،فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
8 - لما كان عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ...... طاعن (2) ...... (3) ...... بأنهم: - ضربوا عمداً المجني عليه ... بأن تعدوا عليه ودفعوه على درج سلم العقار سكنهم فسقط وحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعت زوجة المجني عليه ...... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ .....، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/236 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبراءة كل من ...... 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
--------------
المحكمة
ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال الشاهدين ...... وحصل من أقوالهما ونسب إليهما أن الأول أبصر الطاعن حال دفعه المجني عليه على درج العقار وسقوطه وحدوث إصابته، وللثانية أنها شاهدت الطاعن يحمل قطعه من الحديد رغم أن أقوالهما في التحقيقات لا تساند الحكم فيما حصله منها، كما أنه لم يورد ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية بأكمله، كما أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن باستحالة وقوع الحادث حسب تصوير الشهود، كما أن وفاة المجني عليه ناتجة من حالة مرضية، هذا إلى أنه عول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة رغم وجود تعارض بينهما وبين الدليل الفني، كما أنه أعرض عن أقوال شهود النفي ولم يرد عليها. وأخيرا فقد قضى الحكم بأسبابه بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة دون سداد رسومها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وهما .... له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة ومصادرة لها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي أن "(1) وجود جرح لازم الحواف يقع بفروة الرأس بطول حوالي 4 سم يبعد عن صيوان الإذن اليمنى بحوالي 8 سم ويبعد عن الخط المنتصف للجسم بحوالي 7 سم وأعلى الحاجب الأيمن بحوالي 14 سم. (2) كدم أحمر اللون بأبعاد حوالي 2×2 سم يقع يمين فروة الرأس يقع على بعد حوالي 7 سم من الخط المنتصف للجسم ويبعد عن الحاجب الأيمن بحوالي 12 سم عدا ذلك لم نلاحظ بعموم جسد المذكور ثمة أثار إصابية حديثه أخرى. - الرأس - بتشريح فروة الرأس تبينا وجود انسكابات دموية غزيرة بالجانب الأيمن من الفروة مقابل الإصابتين الموصوفتين في الكشف الظاهري تحت بندي 1, 2 وعظام القبوة والقاعدة خالية من الكسور أو الآثار الإصابية والسحايا خالية من التكهنات أو الآثار الإصابية والمخ تبينا خلوه من الآثار الإصابية ظاهرياً مع وجود احتقان بأوعيته الدموية وانتهى التقرير الطبي الشرعي إلى إنه نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه" فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم - نقلاً - عن تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من هذا التقرير وكان مؤداه أن نتيجة لحدوث مشاجرة بين المجني عليه المتوفى إلى رحمة الله وآخرين متمثلة في التعدي عليه وإسقاطه أرضاً على درج العقار وسرعة حدوث الوفاة فإن تلك الأفعال من شأنها أن تكون قد مهدت وعجلت بحدوث الوفاة نظراً للحالة المرضية المتقدمة والمزمنة التي يعاني منها المجني عليه. ولما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك، على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه تشاجر مع المجني عليه ودفعه على درج العقار هو وشقيقه قاصداً من ذلك إيذاءه وحيث إن ذلك هو السبب الأول المحرك لعوامل أخرى متنوعة تعاونت بطريق مباشر على إحداث وفاة المجني عليه كحالته المرضية المزمنة فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ومن أن مرض المجني عليه إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة ومن ثم فأن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان يبين مما سلف أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 24469 لسنة 70 ق جلسة 29 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 62 ص 341

جلسة 29 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب، محمد سعيد وأحمد خليل نواب رئيس المحكمة.
---------------
(62)
الطعن 24469 لسنة 70 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "أسباب الطعن. تحديدها" "نطاق الطعن". نيابة عامة.
اقتصار أسباب طعن النيابة العامة على تعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إدانة أحد المحكوم عليهم وعدم تعرضها لما قضى به من براءة الباقين. يجعل طعنها بالنسبة لهم خالياً من الأسباب. أثر ذلك.
(2) نقض "نطاق الطعن" "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". نيابة عامة.
تقرير الطعن: المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم. اقتصار النيابة العامة في طعنها على قضاء البراءة الذي لا يتعلق بالمطعون ضده. أثر وأساس ذلك.
-----------
1 - لما كانت النيابة العامة وإن قررت بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة فقط، إلا أنه لما كان البين من مذكرة أسباب الطعن أنها قد اقتصرت على تعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إدانة المحكوم عليه الأول ..... وخلت كلية من إثارة أية مناعٍ تنال به قضاء الحكم ببراءة المتهمين الثلاثة المقضي ببراءتهم مما يجعل طعنها بالنسبة لهم خلواً من الأسباب ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعن النيابة العامة قبل المطعون ضدهم الثلاثة المقضي ببراءتهم شكلاً.
2 - لما كان تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان يبين من تقرير الطعن أن الطاعنة (النيابة العامة) قد اقتصرت في طعنها على ما قضى به الحكم المطعون فيه من براءة دون ما قضى به من إدانة بالنسبة للمطعون ضده المذكور – عن التهمة الثانية – وهو ما لا يجوز طبقاً لنص المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم ....... بأنهم:- (أ) شرعوا في قتل ....، .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلهما وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" حمله المتهم الأول وما أن ظفر بهما حتى أطلق عليهم المتهم الأول عدة أعيرة نارية من سلاحه الناري سالف الذكر بينما وقف الباقون على مسرح الحادث يشدون من أزره قاصدين من ذلك قتلهما فأصاب أحدها المجني عليه الأول بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركته بالعلاج وعدم إحكام الرماية بالنسبة للمجني عليه الثاني. (ب) المتهم الأول: أ- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". ب- أحرز ذخائر "عِدة طلقات" استعملها على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1، 1/26، 1/30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المواد 17، 55، 1/56 من قانون العقوبات أولاً: - بمعاقبة ..... بالحبس لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسين جنيهاً عن تهمة إحراز السلاح الناري مع مصادرته وألزمته المصاريف الجنائية وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية بعد أن عدلت القيد والوصف له بالنسبة للمتهمة الثانية بجعله أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد روسي". ثانياً: - ببراءة المتهمين جميعاً من باقي التهم
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
------------
المحكمة

أولاً: بالنسبة للمطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع:- 
لما كانت النيابة العامة وإن قررت بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة فقط، إلا أنه لما كان البين من مذكرة أسباب الطعن أنها قد اقتصرت على تعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إدانة المحكوم عليه الأول ...... وخلت كلية من إثارة أية مناع تنال به قضاء الحكم ببراءة المتهمين الثلاثة المقضي ببراءتهم مما يجعل طعنها بالنسبة لهم خلواً من الأسباب ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعن النيابة العامة قبل المطعون ضدهم الثلاثة المقضي ببراءتهم شكلاً

ثانياً: بالنسبة للمطعون ضده الأول .....:- 
من حيث إن تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان يبين من تقرير الطعن أن الطاعنة (النيابة العامة) قد اقتصرت في طعنها على ما قضى به الحكم المطعون فيه من براءة دون ما قضى به من إدانة بالنسبة للمطعون ضده المذكور – عن التهمة الثانية – وهو ما لا يجوز طبقاً لنص المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 4365 لسنة 70 ق جلسة 19 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 61 ص 336

جلسة 19 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب, النجار توفيق, أسامة درويش نواب رئيس المحكمة ومحمد خلف.
------------
(61)
الطعن 4365 لسنة 70 ق
- 1  حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى جنائية "قيود تحريكها". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية". سب. قانون "تفسيره". قذف. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وكالة.
الشكوى الشفهية أو الكتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص شرط لرفع الدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185، 274، 277، 279، 292، 293، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات. المادة 3 إجراءات جنائية. التوكيل بالشكوى. شرط صحته: أن يكون خاصاً لا عاماً. وأن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة لا توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل. اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة 3 إجراءات جنائية. قيد على حرية النيابة في تحريك الدعوى العمومية. تقدم وكيل المجني عليه بالشكوى إلى النيابة العامة بموجب توكيل رسمي عام وقضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى الجنائية. صحيح. تخصيص التوكيل العام لقضايا القذف التي ترفع من الموكل أو عليه. غير مجد. علة ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر في دعوى سب وقذف بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
- 2 حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى جنائية "قيود تحريكها". سب. قانون "تفسيره". قذف. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وكالة.
اشتراط المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون الوكيل في تقديم الشكوى عن الجرائم المنصوص عليها فيها موكلاً توكيلاً خاصاً. تطبيقها واجب. ولو خالف الأصل العام المقرر في القانون المدني. علة ذلك؟
------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بتهمتي القذف والسب في حق المجني عليه بطريق النشر وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته وفق نصوص المواد 171، 185، 302، 303، 306، 307 من قانون العقوبات، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون, وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على قوله: ".... ولما كانت هذه الجنحة قد قدمت إلى النائب العام بشكوى من وكيل المجني عليه الأستاذ/.... بموجب التوكيل العام رقم.... ومن ثم تكون الشكوى قد قدمت بالمخالفة لما نصت عليه المادة 3 أ. ج وتكون في هذه الحالة الشكوى على النحو السالف لا تكون مقبولة لمخالفتها صريح نص القانون الذي استوجب أن تكون بتوكيل خاص من المجني عليه وليس بتوكيل عام ويكون ما دفع به المتهم في مذكراته قد صادف صحيح القانون. وحيث إنه لما كان ذلك, فإن المحكمة تقضى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون". وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون ذلك أن المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة، أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185، 274، 277، 279، 292، 293، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون"، ويشترط لصحة التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً، أي أن تحدد فيه الواقعة التي تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى, ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة، ويترتب على ذلك أنه لا محل في الشكوى لتوكيل عام، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل، ذلك أن استعمال الحق في الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملاءمة الشكوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية تضع قيداً على حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية بجعله متوقفاً على تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بتلك المادة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن وكيل المجني عليه هو الذي تقدم بالشكوى إلى النيابة العامة بموجب التوكيل الرسمي العام رقم..... لسنة ..... ب توثيق........ خلافاً لما توجبه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية من اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية يكون قد أصاب صحيح القانون, ولا يغير من هذا النظر أن يكون التوكيل الصادر قبل الواقعة المطروحة قد خصص قضايا القذف التي ترفع من الموكل أو عليه، إذ لا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل.
2 - لما كان ما تثيره النيابة العامة من أن قواعد القانون المدني تبيح تخصيص نوع معين من الأعمال القانونية ولو لم يعين محل هذا العمل على وجه التخصيص ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يرجع في تفسير القانون إلى قواعد القانون العام ما دام أنه توجد نصوص خاصة لتنظيم الإجراءات في القانون الخاص باعتبار أن القانون الخاص يقيد القانون العام ويعتبر استثناء عليه وقيداً وإطاراً في تفسيره وتأويله, وكانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يكون الوكيل في تقديم الشكوى عن الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة ومنها جريمتا القذف والسب موكلاً توكيلاً خاصاً بالمعنى سالف البيان وهو نص خاص يغاير الأصل العام المقرر وفق قواعد القانون المدني فإن نص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية سالف الإشارة إليه يكون في مجال تطبيقه واجب الإعمال. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية الجناية بأنه: سب وقذف في حق.... وكيل مجلس..... بطريق النشر بأن أسند إليه أموراً لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره لدى أهل وطنه وذلك بأن حرر مقالاً بعنوان "........." نشره بجريدة... بالعدد الصادر بتاريخ... نسب إليه منه استغلاله لحصانته البرلمانية باعتباره عضواً بمجلس...... بانتهاجه أسلوب الشتم والبذاءات في المقالات الصحفية التي يحررها بجريدة... وكان ذلك بسوء نية وبغير إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه كما نعته بألفاظ تخدش الشرف والاعتبار بأن وصفه بالتيس والشتام البذيء في ذات المقال على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

------------
المحكمة

وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه على أن التوكيل الذي قدمت بناء عليه الشكوى من وكيل المجني عليه هو توكيل رسمي عام في القضايا وليس توكيلاً خاصاً وفقاً لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، في حين أن الثابت من ذلك التوكيل أنه خصص قضايا القذف التي ترفع من الموكل أو عليه مما يستفاد منه أنه توكيل خاص في تلك القضايا وإن لم يحدد واقعة معينة من تلك الوقائع، كما أن قواعد القانون المدني أباحت الوكالة الخاصة في نوع معين من الأعمال القانونية ولو لم يعين محل ذلك العمل على وجه التخصيص، ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه
وحيث إن البين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بتهمتي القذف والسب في حق المجني عليه بطريق النشر وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته وفق نصوص المواد 171، 185، 302، 303، 306، 307 من قانون العقوبات، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون, وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على قوله: ".... ولما كانت هذه الجنحة قد قدمت إلى النائب العام بشكوى من وكيل المجني عليه الأستاذ/... بموجب التوكيل العام رقم... ومن ثم تكون الشكوى قد قدمت بالمخالفة لما نصت عليه المادة 3 أ. ج وتكون في هذه الحالة الشكوى على النحو السالف لا تكون مقبولة لمخالفتها صريح نص القانون الذي استوجب أن تكون بتوكيل خاص من المجني عليه وليس بتوكيل عام ويكون ما دفع به المتهم في مذكراته قد صادف صحيح القانون. وحيث إنه لما كان ذلك, فإن المحكمة تقضى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون". وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون ذلك أن المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة، أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185، 274، 277، 279، 292، 293، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون". ويشترط لصحة التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً، أي أن تحدد فيه الواقعة التي تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى, ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة، ويترتب على ذلك أنه لا محل في الشكوى لتوكيل عام، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل، ذلك أن استعمال الحق في الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملاءمة الشكوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية تضع قيداً على حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية بجعله متوقفاً على تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بتلك المادة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن وكيل المجني عليه هو الذي تقدم بالشكوى إلى النيابة العامة بموجب التوكيل الرسمي العام رقم... خلافاً لما توجبه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية من اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية يكون قد أصاب صحيح القانون, ولا يغير من هذا النظر أن يكون التوكيل الصادر قبل الواقعة المطروحة قد خصص قضايا القذف التي ترفع من الموكل أو عليه، إذ لا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل، كما لا يغير منه ما تثيره النيابة العامة من أن قواعد القانون المدني تبيح تخصيص نوع معين من الأعمال القانونية ولو لم يعين محل هذا العمل على وجه التخصيص، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يرجع في تفسير القانون إلى قواعد القانون العام ما دام أنه توجد نصوص خاصة لتنظيم الإجراءات في القانون الخاص باعتبار أن القانون الخاص يقيد القانون العام ويعتبر استثناء عليه وقيداً وإطاراً في تفسيره وتأويله, وكانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يكون الوكيل في تقديم الشكوى عن الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة ومنها جريمتا القذف والسب موكلاً توكيلاً خاصاً بالمعنى سالف البيان وهو نص خاص يغاير الأصل العام المقرر وفق قواعد القانون المدني فإن نص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية سالف الإشارة إليه يكون في مجال تطبيقه واجب الإعمال. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 18666 لسنة 70 ق جلسة 13 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 60 ص 333

جلسة 13 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، سعيد فنجري، وعصمت عبد المعوض نواب رئيس المحكمة.
--------------
(60)
الطعن 18666 لسنة 70 ق
إتلاف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة "عقوبة تكميلية". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
عقوبة الرد الواردة بالمادة 162/ 3 مكرراً عقوبات. تكميلية. الحكم بها حتمي في جميع الأحوال دون أن يتوقف على طلب النيابة العامة. إغفالها. خطأ في تطبيق القانون. علة وأثر ذلك؟
---------------
لما كانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 162/ 3 مكرراً من قانون العقوبات – سالفة الذكر – هي عقوبة تكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله، وهى في واقع أمرها عقوبة نوعية مُراعي فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها في جميع الأحوال إذ إن الحكم بها حتمي تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها دون أن يتوقف ذلك على طلب من النيابة العامة ذلك أن من المسلم به أنه متى اتصلت المحكمة بالدعوى، فإنها تكون ملزمة بتطبيق القانون على وجهه الصحيح دون أن يتوقف ذلك على طلب النيابة العامة أو المتهم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في إدانة المطعون ضده بتوقيع عقوبة السجن والمراقبة دون إلزامه برد قيمة الأشياء التي أتلفها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن قيمة هذه الأشياء قد قدرت بمبلغ....... جنيهاً – الأمر الذي لم ينازع فيه المطعون ضده – فإنه يتعين تصحيح هذا الخطأ بإلزامه برد هذه القيمة للجهة المجني عليها "شركة كهرباء مصر العليا"، بالإضافة إلى عقوبة "السجن" والمراقبة المقضي بها.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخرين بأنه: وهو طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره (1) قام باستعراض القوة أمام المجني عليه - المتهم الثالث - وأهليته وذلك لترويعه بغرض إلقاء الرعب في نفسه وتعريض حياته للخطر وكان ذلك باستخدام مادة حارقة، وقد وقعت بناءً على تلك، الجنايتين موضوع التهمتين الثانية والثالثة، (2) أتلف عمداً أموالاً منقولة (أسلاك التيار الكهربائي) والمملوكة لشركة كهرباء مصر العليا مما ترتب عليه تعطيل مصلحة ذات نفع عام وتعريض حياة الناس للخطر. (3) تسبب عمداً في إتلاف خطوط الكهرباء سالفة الذكر مما ترتب عليه انقطاع التيار الكهربائي. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 162/ 1 مكرر، 361/ 1، 3، 375/ 1، 2 مكرر، 375/ 1 مكرراً/ أ من قانون العقوبات والمواد أرقام 95، 112/ 1، 2، 122 من القانون رقم 12 لسنة 1996 مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة العقوبة عما أسند إليه
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
--------------
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة تسببه عمداً في إتلاف خط الكهرباء المملوك لشركة مصر العليا والمرخص في إنشائه لمنفعة عامة، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يقض بإلزامه برد قيمة التلفيات التي أحدثها إعمالاً لحكم القانون مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن المادة 162/ 1، 3 مكرراً من قانون العقوبات – التي دين بها المطعون ضده – أوجبت فضلاً عن توقيع عقوبة السجن المشدد إلزام الجاني بدفع قيمة الأشياء التي أتلفها أو قطعها أو كسرها، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في إدانة المطعون ضده بتوقيع عقوبة السجن والمراقبة فقط، دون أن يلزمه برد قيمة الأشياء التي أتلفها واستند في ذلك إلى أن النيابة العامة لم تشر في قرار الاتهام إلى عجز الفقرة الأخيرة من المادة 162/ 3 مكرراً التي تنص على عقوبة الرد. لما كان ذلك، وكانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 162/ 3 مكرر من قانون العقوبات – سالفة الذكر – هي عقوبة تكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله، وهي في واقع أمرها عقوبة نوعية مُراعي فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها في جميع الأحوال إذ أن الحكم بها حتمي تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها دون أن يتوقف ذلك على طلب من النيابة العامة ذلك أن من المسلم به أنه متى اتصلت المحكمة بالدعوى، فإنها تكون ملزمة بتطبيق القانون على وجهه الصحيح دون أن يتوقف ذلك على طلب النيابة العامة أو المتهم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في إدانة المطعون ضده بتوقيع عقوبة السجن والمراقبة دون إلزامه برد قيمة الأشياء التي أتلفها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن قيمة هذه الأشياء قد قدرت بمبلغ..... جنيهاً – الأمر الذي لم ينازع فيه المطعون ضده – فإنه يتعين تصحيح هذا الخطأ بإلزامه برد هذه القيمة للجهة المجني عليها "شركة كهرباء مصر العليا"، بالإضافة إلى عقوبة "السجن" والمراقبة المقضي بها.

الطعن 16118 لسنة 71 ق جلسة 6 / 7 / 2008 مكتب فني 59 ق 59 ص 326

جلسة 6 من يوليو سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي, علي شكيب, حسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وعزمي الشافعي.
--------------
(59)
الطعن 16118 لسنة 71 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لا قصور. 
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها. 
مثال.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
لمحكمة الموضوع تكوين اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل. متى اطمأنت إليه. حد ذلك؟ 
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً. 
تقدير الدليل. موضوعي. متى اطمأنت المحكمة إليه. 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) بطلان. تسجيل المحادثات "دفوع" الدفع ببطلان إذن التسجيل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلـى تمام التسجيلات بناءً على الإذن رداً عليه. 
إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل. لزومه. عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح به.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان القبض". قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم يكن دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
(5) تفتيش "إذن التفتيش .إصداره". تلبس .دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة. قبض. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". نيابة عامة
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع ببطلان القبض لكون الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة. ما دام قد ورد في عبارة مرسلة مجهلة. 
التلبس يجيز الضبط والتفتيش دون استصدار إذن من سلطة التحقيق. أساس ذلك؟ 
انعقاد جريمة الوساطة في الرشوة بالاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمُبَلِّغ. إثبات الاتفاق. تحققه بتسلم المبلغ. 
المراد من الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة: ضبط المتهم إثر تسلمه مبلغ الرشوة.
------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في خلال الفترة من ... وحتى ... عرض المتهم .... مبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل الرشوة على موظف عمومي هو ... رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى ... للبحوث والعلاج للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بالتغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات الغذائية المميزة التي يقدمها للمرضى بالمستشفى المذكور ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة وقد عرض المتهم .... على المتهم ... الوساطة لدى الموظف المذكور في تلك الجريمة" وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة وما جاء بالعقد المبرم بين .... للبحوث والعلاج والمتهم .... ومن اعتراف المتهم المذكور بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومنها تقرير خبير الأصوات بالإذاعة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأدلة الثبوت كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق كما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمأنت إلى ما انتهت إليه، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وبصحة تصوير شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وكان الحكم قد أورد أن التسجيلات قد تمت بعد صدور إذن النيابة العامة بها، بما مفاده أنها حصلت خلال الأجل المصرح به، وكان الطاعن لا يجادل في ذلك، فإنه لا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدوناته تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - فإنه لما كان ما ورد بمحضر الجلسة على لسان المدافع عن الطاعن من أن الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة وأن المتهم الثاني - الطاعن - لم يكن موجوداً في هذه الواقعة وأن الطاعن قبض عليه بواسطة شخص غير مأذون له فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه هذا بالإضافة إلى أن حالة التلبس بذاتها لا تستلزم إذناً من سلطة التحقيق لإجراء القبض والتفتيش إذ أن هذه الحالة تخول مأمور الضبط القضائي - متى كان له حق إيقاع القبض على المتهم - تفتيش شخصه ومنزله كما هو المستفاد من المادتين 46/1، 47 من قانون الإجراءات الجنائية, فالأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة لم يقصد به المعنى الذي ذهب إليه الدفاع وهو أن يكون الضبط مقيداً بقيام حالة التلبس كما هو معرف به في القانون، وواقع الحال أنه إنما قصد بهذا الأمر ضبط المتهم على إثر تسلمه مبلغ الرشوة المتفق عليه بينه وبين المبلغ، وهو ما حدث فعلاً مع المتهم الأول - المحكوم عليه الآخر في الدعوى - وقيام المتهم الثاني - الطاعن - بالتوسط له على النحو الذي أورده الحكم ذلك بأن جريمة الوساطة في عرض الرشوة قد انعقدت بذلك الاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمبلغ ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتسلم المبلغ, وهو ما هدفت إليه النيابة العامة بالأمر الذي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى لا يكون مقبولاً.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة كلا من 1- ... 2- ..... ( طاعن ) بأنهما:- المتهم الأول: عرض رشوة على موظف عام "رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى .... وذلك للإخلال بعمل من أعمال وظيفته بأن قدم له مبلغ ألف وخمسمائة جنيه نظير التغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات التي يقدمها لمرضى المستشفى ولكن الموظف العام لم يقبل الرشوة على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: توسط في جريمة الرشوة محل التهمة الأولى. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 105 مكرراً، 109 مكرراً، 109 مكرراً ثانياً/3، 110 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وتغريمه مائتي جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوط
فطعن الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الوساطة في عرض رشوة على موظف عام لم تقبل منه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم خلا من الأسباب التي بنى عليها ولم يبين أركان الجريمة التي دانه بها ومؤدى التسجيلات الصوتية التي استند إليها في قضائه بالإدانة خاصة وأن الدفاع عن الطاعن دفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم ذكره في مراحل التسجيلات المختلفة وبعدم معقولية الواقعة وعدم تصور حدوثها، هذا إلى أن المدافع عن الطاعن تمسك ببطلان التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر غير سائغ مغفلاً إثبات ساعة صدور الإذن، والتفت إيراداً ورداً عن دفعه ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس المشترطة بالإذن الذي صدر لضبط أي من المتهمين حال تقديم أي منهما للرشوة بعد أن تم ضبط المحكوم عليه الأول, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في خلال الفترة من ... وحتى ... عرض .... مبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل الرشوة على موظف عمومي هو ..... رئيس قسم المتابعة للشركات المتعاقدة بمستشفى ..... للبحوث والعلاج للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بالتغاضي عن المخالفات المتعلقة باشتراطات تغليف الوجبات الغذائية المميزة التي يقدمها للمرضى بالمستشفى المذكور ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة وقد عرض .... على .... الوساطة لدى الموظف المذكور في تلك الجريمة" وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير خبير الأصوات بالإذاعة وما جاء بالعقد المبرم بين .... للبحوث والعلاج والمتهم .... ومن اعتراف المتهم المذكور بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومنها تقرير خبير الأصوات بالإذاعة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم عند تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأدلة الثبوت كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما أنه من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمأنت إلى ما انتهت إليه، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه وبصحة تصوير شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وكان الحكم قد أورد أن التسجيلات قد تمت بعد صدور إذن النيابة العامة بها، بما مفاده أنها حصلت خلال الأجل المصرح به، وكان الطاعن لا يجادل في ذلك، فإنه لا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدوناته تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض لحصوله بواسطة شخص غير مأذون له ولعدم توافر حالة التلبس وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض, ومن ناحية أخرى، فإنه لما كان ما ورد بمحضر الجلسة على لسان المدافع عن الطاعن من أن الإذن صدر لضبط المتهمين حال تقديم أي منهما لمبلغ الرشوة وأن المتهم الثاني - الطاعن - لم يكن موجوداً في هذه الواقعة وأن الطاعن قبض عليه بواسطة شخص غير مأذون له فقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة مما لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه، هذا بالإضافة إلى أن حالة التلبس بذاتها لا تستلزم إذناً من سلطة التحقيق لإجراء القبض والتفتيش إذ أن هذه الحالة تخول مأمور الضبط القضائي - متى كان له حق إيقاع القبض على المتهم - تفتيش شخصه ومنزله كما هو المستفاد من المادتين 46/1، 47 من قانون الإجراءات الجنائية, فالأمر الصادر من النيابة العامة بضبط المتهم متلبساً بجريمة الرشوة لم يقصد به المعنى الذي ذهب إليه الدفاع وهو أن يكون الضبط مقيداً بقيام حالة التلبس كما هو معرف به في القانون، وواقع الحال أنه إنما قصد بهذا الأمر ضبط المتهم على إثر تسلمه مبلغ الرشوة المتفق عليه بينه وبين المبلغ، وهو ما حدث فعلاً مع المتهم الأول - المحكوم عليه الآخر في الدعوى - وقيام المتهم الثاني - الطاعن - بالتوسط له على النحو الذي أورده الحكم ذلك بأن جريمة الوساطة في عرض الرشوة قد انعقدت بذلك الاتفاق الذي تم بين عارض الوساطة في الرشوة والمبلغ ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتسلم المبلغ, وهو ما هدفت إليه النيابة العامة بالأمر الذي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.