برئاسة السيد القاضي/ حسن يحيى فرغل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمود محمد محيي الدين، ثروت نصر الدين إبراهيم، محمد أيمن سعد الدين
ومصطفى عبد الفتاح أحمد نواب رئيس المحكمة.
----------
- 1 دعوى "الصفة في الدعوى: تمثيل الدولة
في التقاضي، صاحب الصفة في تمثيل مصلحة الشهر العقاري".
تمثيل الدولة في التقاضي. ماهيته. من فروع النيابة القانونية عنها.
الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. الاستثناء. إسناد صفة
النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير وتكون
له عندئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي بينها القانون.
إن المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع
من النيابة القانونية فيها والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة
بوزارته باعتباره القائم على تنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها إلا إذا أسند
القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير
الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي بينها القانون.
- 2 دعوى "الصفة في الدعوى: تمثيل الدولة
في التقاضي، صاحب الصفة في تمثيل مصلحة الشهر العقاري".
مصلحة الشهر العقاري والتوثيق. ماهيتها. إحدى الوحدات الإدارية
التابعة لوزارة العدل. تمثيلها في التقاضي لوزير العدل. أثره. الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الثاني بصفته غير جائز لرفعه على غير ذي صفة.
إذ كانت مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي إحدى الوحدات الإدارية
التابعة لوزارة العدل تختص بتوثيق وشهر المحررات والعقود وتقدير الرسوم المستحقة
على ذوي الشأن لقاء ذلك ولم يخول القانون رئيسها سلطة تمثيلها أمام القضاء ادعاء
واختصاما ومن ثم يكون تمثيلها في التقاضي لوزير العدل بما تنعدم معه صفة المطعون
ضده الثاني بصفته ويكون الطعن بالنسبة له غير جائز لرفعه على غير ذي صفة.
- 3 شركات "الشخصية المعنوية
للشركة".
الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع
الأعمال العام. اعتبارها من أشخاص القانون الخاص. م 1/ 2 من مواد إصدار ذلك
القانون و م 1/1 من ذلك القانون.
إن النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من مواد إصدار القانون
رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام. على عدم سريان أحكام قانون
هيئات القطاع العام وشركاته والصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على شركات قطاع
الأعمال العام. الشركات القابضة والشركات التابعة لها. والنص في المادة 1 من الباب
الأول من القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف الذكر" يدل على أن القانون رقم 203
لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام قد اعتبر الشركات الخاضعة لأحكامه من
أشخاص القانون الخاص.
- 4 رسوم "رسوم التوثيق والشهر: شهر
المحررات التي تكون شركات قطاع الأعمال طرفاً فيها".
خضوع الشركة الطاعنة لأحكام ق 203 سنة 1991. اعتبارها أشخاص القانون
الخاص وليست من وحدات القطاع العام. أثره. عدم خضوع تقدير الرسوم النسبية المستحقة
على شهر المحررات التي تكون طرفاً فيها لحكم م 22 ق رسوم التوثيق والشهر. النعي
بالخطأ في تطبيق القانون. على غير أساس.
إذ كانت الشركة الطاعنة هي إحدى الشركات الخاضعة لهذا القانون الأخير
وبالتالي فإنها تعتبر من أشخاص القانون الخاص وليست من وحدات القطاع العام، فلا
يخضع من ثم تقدير الرسوم النسبية المستحقة على شهر المحررات التي تكون طرفاً فيها
لحكم المادة 22 من قانون رسوم التوثيق والشهر، الأمر الذي يكون معه النعي على غير
أساس.
- 5 رسوم "رسوم التوثيق والشهر: رسوم
الشهر العقاري التكميلية: التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري التكميلية".
الشهر العقاري. عدم جواز إصداره قراراً بتقدير الرسوم التي لم يتم
أداؤها عقب تمام الشهر. الاستثناء. أن يكون هناك خطأ مادي أو غش. الخطأ المادي.
مقصوده. الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير. المواد
21، 25، 26 ق 6 لسنة 1991 بتعديل بعض أحكام القرار بق 70 لسنة 1944. عدم اتساعه
للأخطاء الناجمة عن تطبيق قاعدة قانونية غير صحيحة أو خطأ في تكييف الطبيعة
القانونية للعقد أو الإلمام بالوقائع. جواز تدارك الشهر العقاري لمثل هذه الأخطاء.
سبيله. دعوى بالطرق المعتادة دون إصداره أمر تقدير. علة ذلك. عدم جواز إحلال الأمر
محل صحيفة الدعوى وإجراءات رفعها. الغش. ماهيته. فعل عمدي يتوخى به مرتكبه أن يغم على
صاحب الشأن إدراك الحقيقة وابتناء قراره عليها. أثر وقوعه. فساد التصرف. لمصلحة
الشهر العقاري اتخاذ إجراءاتها للتوصل إلى حقيقة ما هو مستحق وفقاً للقانون.
أن المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد القرار بقانون رقم 70 لسنة
1964 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 1991 أن المشرع لم يكتف في المادة 21 منه بوضع
قواعد محددة لتقدير قيمة الأموال وإبطال نظام التحري. بل أراد أيضاً أن يُحد من
المطالبات اللاحقة لعملية الشهر عن طريق أوامر التقدير للرسوم التكميلية فنص في
المادة (25) على أن "يكون للدولة – ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة
الخطأ المادي والغش – حق امتياز على الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة
لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون" وفي المادة (26) على ما يلي "يصدر
بتقدير الرسوم التي لم يتم أداؤها والمشار إليها في المادة السابقة أمر تقدير من
أمين المكتب المختص ويعلن هذا الأمر ...." فدل بذلك على أنه لم يعد من سلطة
أمين مكتب الشهر العقاري المختص بعد تمام الشهر أن يصدر قراراً بتقدير الرسوم التي
لم يتم أداؤها إلا في حالتي الخطأ المادي أو الغش دون سواهما. والمقصود بالخطأ
المادي هو الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير ولا يتسع
المجال للأخطاء الناجمة عن تطبيق قاعدة قانونية غير صحيحة أو خطأ في تكييف الطبيعة
القانونية للعقد أو الإلمام بالوقائع وإنما سبيل تدارك مثل هذه الأخطاء أن يقوم
الشهر العقاري ذاته برفع دعوى بالطرق المعتادة وليس إصدار أمر تقدير الذي لا يتصور
أن يحل ذلك محل صحيفة الدعوى وإجراءات رفعها. أما الغش فهو – على ما أفصحت عنه
المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 6 لسنة 1991 – الفعل العمدي الذي يتوخى به مرتكبه
أن يغم على صاحب الشأن إدراك الحقيقة التي ينبني عليها قراره سواء كانت هذه
الحقيقة أمر واقع أو أمر قانوني وهو إذا وقع فإنه يفسد التصرف ويجيز للمصلحة بناء
على ذلك أن تتخذ إجراءاتها للتوصل إلى حقيقة ما هو مستحق وفقا لأحكام القانون
وتطالب به باعتباره لم يؤد إليها.
- 6 رسوم "رسوم التوثيق والشهر: رسوم
الشهر العقاري التكميلية: التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري التكميلية".
قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد أمر التقدير المتظلم على المحرر المشهر
في ظل ق 70 لسنة 1964 المعدل بق 6 لسنة 1991 استناداً لتقرير الخبير المندوب في
الدعوى من وجود أخطاء محاسبية في احتساب الرسوم دون تضمن الحكم والتقرير بيان عما
إذا كانت هذه الأخطاء ناتجة عن غش أو خطأ مادي. قصور.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد أمر التقدير المتظلم منه والمتضمن
رسوماً تكميلية على المحرر الذي تم شهره في ظل القانون رقم 70 لسنة 1964 بعد
تعديله بالقانون رقم 6 لسنة 1991 وذلك بالنسبة لمبدأ الالتزام على مجرد الأخذ بما
انتهى إليه الخبير المندوب في الدعوى من وجود أخطاء محاسبية في احتساب الرسوم، دون
أن يتضمن الحكم والتقرير الذي عول عليه ما يدل على أن هذه الأخطاء ناتجة عن غش أو
خطأ مادي، مما يجيز لمكتب الشهر العقاري المختص إصدار أمر تقدير الرسوم التكميلية
موضوع النزاع، وهو ما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون.
- 7 دعوى "شروط قبول الدعوى:
المصلحة". دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بعدم دستورية القوانين".
المصلحة الشخصية التي يقرها القانون. مناط قبول الدعوى والدفع. إعمال
الدفع بدستورية نص تشريعي بعد القضاء بعدم دستوريته على النزاع المطروح. لازمه. أن
يكون النص هو الواجب التطبيق على النزاع. مخالفة ذلك. أثره. عدم قبول الدفع. مفهوم
المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية. تحديده بإقامة المدعي
الدليل على أن ضرر مباشر قد وقع وأن يكون مرده النص التشريعي المطعون عليه. عدم
تطبيق النص على المدعي. أثره. إنتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. علة ذلك. قضاء
المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه مع إحالة موضوع النزاع إلى محكمة الاستئناف
المختصة. أثره. عدم الجزم بالنص القانوني الذي ستطبقه المحكمة المحال إليها على
موضوعها. إبداء الدفع بعدم دستورية الفقرتين 7، 9 م 21 ق 70 لسنة 1964 المعدل. غير
مقبول.
أن المصلحة الشخصية المباشرة القائمة التي يقرها القانون هي مناط قبول
الدفع – كما هي مناط قبول الدعوى – وإذ كانت المصلحة التي يستهدفها الدفع بعدم
دستورية نص تشريعي هي عدم إعماله – بعد القضاء بعدم دستوريته – على النزاع
المطروح، فإن لازم ذلك أن يكون هذا النص بعينه هو الواجب التطبيق على ذلك النزاع،
وتخلف ذلك يستتبع حتماً عدم قبول الدفع، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في
قضائها، والذي جرى على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى
الدستورية إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين يحددان مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع
الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما بعضاً لا ينفي تكاملهما،
وبدونهما مجتمعين لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تباشر رقابتها على دستورية
القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعي. وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص
التشريعي المطعون عليه. الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به ويتعين أن يكون هذا
الضرر مباشراً، ومستقلا بعناصره، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس
ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى
النص التشريعي المطعون عليه، فإن لم يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلاً أو كان
من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي
يدعيها لا يعود عليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية. ذلك أن النص
التشريعي في هذه الصور جميعاً، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها
مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها. لما كان
ذلك. وكانت المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه مع إحالة موضوع النزاع إلى
محكمة الاستئناف المختصة، وهو ما لا يتأتى معه الجزم بمآل الحكم في الدعوى بعد
الإحالة، ولا الجزم بالنص القانوني الذي ستطبقه المحكمة المحال إليها على موضوعها،
الأمر الذي يكون معه إبداء الدفع حاليا بعدم دستورية الفقرتين 7، 9 من المادة 21
من القانون سالف البيان. أيا كان وجه الرأي فيه. غير مقبول.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن مكتب الشهر العقاري والتوثيق بدمنهور أصدر أمر برقم ... لسنة ......
بتقدير مبلغ 371093 جنيه قيمة رسوم تكميلية مستحقة على الشركة الطاعنة عن المحرر
المشهر رقم ..... في .../ .../ 1998، وإذ لم يلق قبولاً منها فأقامت عنه التظلم
رقم ... لسنة .... مدني محكمة دمنهور الابتدائية طالبة الحكم بإلغائه تأسيساً على
أن القيمة الواردة بالمحرر مثار النزاع هي القيمة الفعلية للعقار محله وبالتالي
فإن الرسوم النسبية المحصلة عنه نهائية مما يحول دون المطالبة برسوم تكميلية. ندبت
المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلغاء أمر التقدير المتظلم منه واعتباره
كأن لم يكن وبراءة ذمة الشركة الطاعنة فيما يجاوز مبلغ 368017 جنيه. استأنفت
الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية
دمنهور" بالاستئناف رقم ... لسنة .. ق والتي قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت
الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن
بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته لرفعه على غير ذي صفة وأبدت الرأي في الموضوع
برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها
التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده
الثاني بصفته في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تمثيل الدولة في
التقاضي هو فرع من النيابة القانونية فيها والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة
في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره القائم على تنفيذ السياسة العامة للحكومة
فيها إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة
إدارية معينة إلى غير الوزير فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وفي الحدود التي
بينها القانون، وإذ كانت مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي إحدى الوحدات الإدارية
التابعة لوزارة العدل تختص بتوثيق وشهر المحررات والعقود وتقدير الرسوم المستحقة
على ذوي الشأن لقاء ذلك ولم يخول القانون رئيسها سلطة تمثيلها أمام القضاء ادعاءً
واختصاماً ومن ثم يكون تمثيلها في التقاضي لوزير العدل بما تنعدم معه صفة المطعون
ضده الثاني بصفته ويكون الطعن بالنسبة له غير جائز لرفعه على غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن - بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته - استوفى أوضاعه
الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه
الثاني من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون
وتأويله وفي بيانهما تقول إن مؤدى نص المادة 22 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن
رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 94 لسنة 1980 أنها اعتدت في تقدير
الرسوم على العقود التي تكون الدولة أو إحدى وحدات الحكم المحلي أو إحدى الهيئات
العامة أو وحدات القطاع العام طرفاً فيها بالقيمة الموضحة في تلك المحررات، الأمر
الذي كان يتعين معه تقدير الرسوم المستحقة عن شهر محررها موضوع النزاع على أساس
القيمة المثبتة به دون غيرها باعتبارها كشركة من شركات قطاع الأعمال العام تجري
عليها الأحكام الخاصة بوحدات القطاع العام في مفهوم نص المادة 22 سالفة البيان،
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة
الأولى من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام -
على عدم سريان أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته والصادر بالقانون رقم 97
لسنة 1983 على شركات قطاع الأعمال العام - الشركات القابضة والشركات التابعة لها -
والنص في المادة 1 من الباب الأول من القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف الذكر على أن
"يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح
الوزير المختص ... وتأخذ الشركة القابضة شكل الشركة المساهمة وتعتبر من أشخاص
القانون الخاص ويحدد القرار الصادر بتأسيسها اسمها ومركزها الرئيسي ..."يدل
على أن القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام قد اعتبر الشركات
الخاضعة لأحكامه من أشخاص القانون الخاص. لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة هي
إحدى الشركات الخاضعة لهذا القانون الأخير وبالتالي فإنها تعتبر من أشخاص القانون
الخاص وليست من وحدات القطاع العام، فلا يخضع من ثم تقدير الرسوم النسبية المستحقة
على شهر المحررات التي تكون طرفاً فيها لحكم المادة 22 من قانون رسوم التوثيق
والشهر، الأمر الذي يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني والسبب
الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حين أيد
الأمر الصادر من مصلحة الشهر العقاري - بالنسبة لمبدأ الإلزام - استناداً إلى نص
المادتين 25، 26 من القانون رقم 70 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 1991
اللتين أجازتا إصدار أمر برسوم تكميلية بعد شهر المحررات في حالتي الخطأ المادي
والغش، دون أن يبين من أسبابه أو بتقرير الخبير المندوب في الدعوى الذي عول عليه
في قضائه مواضع الخطأ المادي أو دلائل الغش التي اعتمدتها مبرراً لهذا القضاء
وملتفتاً عن دفاعها بانتفائهما وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن مفاد القرار بقانون رقم 70 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة
1991 أن المشرع لم يكتف في المادة 21 منه بوضع قواعد محددة لتقدير قيمة الأموال
وإبطال نظام التحري. بل أراد أيضاً أن يُحد من المطالبات اللاحقة لعملية الشهر عن
طريق أوامر التقدير للرسوم التكميلية فنص في المادة (25) على أن "يكون للدولة
- ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادي والغش - حق امتياز على
الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون
"وفي المادة (26) على ما يلي "يصدر بتقدير الرسوم التي لم يتم أداؤها
والمشار إليها في المادة السابقة أمر تقدير من أمين المكتب المختص ويعلن هذا الأمر
..." فدل بذلك على أنه لم يعد من سلطة أمين مكتب الشهر العقاري المختص بعد
تمام الشهر أن يصدر قراراً بتقدير الرسوم التي لم يتم أداؤها إلا في حالتي الخطأ
المادي أو الغش دون سواهما. والمقصود بالخطأ المادي هو الخطأ الحسابي المحض أو ما
يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير ولا يتسع المجال للأخطاء الناجمة عن تطبيق
قاعدة قانونية غير صحيحة أو خطأ في تكييف الطبيعة القانونية للعقد أو الإلمام
بالوقائع وإنما سبيل تدارك مثل هذه الأخطاء أن يقوم الشهر العقاري ذاته برفع دعوى
بالطرق المعتادة وليس إصدار أمر تقدير الذي لا يتصور أن يحل ذلك محل صحيفة الدعوى
وإجراءات رفعها. أما الغش فهو - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 6
لسنة 1991 - الفعل العمدي الذي يتوخى به مرتكبة أن يغم على صاحب الشأن إدراك
الحقيقة التي ينبني عليها قراره سواء كانت هذه الحقيقة أمر واقع أو أمر قانوني وهو
إذا وقع فإنه يفسد التصرف ويجيز للمصلحة بناء على ذلك أن تتخذ إجراءاتها للتوصل
إلى حقيقة ما هو مستحق وفقاً لأحكام القانون وتطالب به باعتباره لم يؤد إليها. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد أمر التقدير المتظلم منه والمتضمن رسوماً
تكميلية على المحرر الذي تم شهره في ظل القانون رقم 70 لسنة 1964 بعد تعديله
بالقانون رقم 6 لسنة 1991 وذلك بالنسبة لمبدأ الالتزام على مجرد الأخذ بما انتهى
إليه الخبير المندوب في الدعوى من وجود أخطاء محاسبية في احتساب الرسوم، دون أن
يتضمن الحكم والتقرير الذي عول عليه ما يدل على أن هذه الأخطاء ناتجة عن غش أو خطأ
مادي، مما يجيز لمكتب الشهر العقاري المختص إصدار أمر تقدير الرسوم التكميلية
موضوع النزاع، وهو ما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون. مما يعيبه
ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث إن الطاعنة تدفع بالسبب الرابع بعدم دستورية نص الفقرتين 7، 9 من
المادة 21 من القانون رقم 70 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 1991 تأسيساً
على أن ما تضمنتاه من قواعد لتحديد قيمة العقار التي تتخذ أساساً لتقدير قيمة
الرسوم النسبية المستحقة على شهر المحررات يعتبر امتداداً لنظام التحري، واعتداداً
بضريبة الأرض الفضاء المقضي بعدم دستوريتها.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أن المصلحة الشخصية المباشرة
القائمة التي يقرها القانون هي مناط قبول الدفع. كما هي مناط قبول الدعوى. وإذ
كانت المصلحة التي يستهدفها الدفع بعدم دستورية نص تشريعي هي عدم إعماله - بعد
القضاء بعدم دستوريته - على النزاع المطروح، فإن لازم ذلك أن يكون هذا النص بعينه
هو الواجب التطبيق على ذلك النزاع، وتخلف ذلك يستتبع حتماً عدم قبول الدفع، وهو ما
أكدته المحكمة الدستورية العليا في قضائها، والذي جرى على أن مفهوم المصلحة
الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين
يحددان مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن
بعضهما بعضاً لا ينفي تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز للمحكمة الدستورية
العليا أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعي -
وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضرراً
واقعياً قد لحق به ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً، ومستقلاً بعناصره، ممكناً
إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً.
ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإن لم
يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان
قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود عليه، فإن المصلحة
الشخصية المباشرة تكون منتفية. ذلك أن النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق
للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى
الدستورية، عما كان عليه عند رفعها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد قضت بنقض الحكم
المطعون فيه مع إحالة موضوع النزاع إلى محكمة الاستئناف المختصة، وهو ما لا يتأتى
معه الجزم بمآل الحكم في الدعوى بعد الإحالة، ولا الجزم بالنص القانوني الذي
ستطبقه المحكمة المحال إليها على موضوعها، الأمر الذي يكون معه إبداء الدفع حالياً
بعدم دستورية الفقرتين 7، 9 من المادة 21 من القانون سالف البيان - أياً كان وجه
الرأي فيه - غير مقبول.