الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 يناير 2015

الطعن 21761 لسنة 67 ق جلسة 13 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 120 ص 530

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

------------------

(120)
الطعن رقم 21761 لسنة 67 القضائية

(1) إضرار عمدي. تربح. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمتا الإضرار العمدي والحصول للغير بدون حق على ربح أو منفعة من الوظيفة. عمدية. القصد الجنائي فيها. مناط تحققه؟
عدم استظهار الحكم القصد الجنائي في جريمتي الحصول للغير على ربح بدون حق والشروع في الإضرار العمدي وبيانه اتجاه إرادة المتهم للحصول على ربح أو منفعة للغير وإلحاق الضرر بأموال الجهة التي يعمل بها. قصور. لا يغير من ذلك اعتبار الجرائم المسندة للطاعن مرتبطة ومعاقبته بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي التزوير في محررات رسمية واستعمالها. علة ذلك؟
(2) اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في الجريمة يتم دون مظاهر محسوسة يمكن الاستدلال به عليه. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وقرائن الحال.
(3) إثبات "قرائن". اشتراك. جريمة "أركانها". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات الاشتراك بالقرائن. مناطه: ورود القرينة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في حد ذاتها مع صحة الاستنتاج وسلامته.
(4) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. تربح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. عدم استظهار الحكم عناصر الاشتراك وطريقته والأدلة الدالة عليه. واتخاذه من مجرد تمسك الطاعنين بالمستندات المزورة وكونهما صاحبي المصلحة في التزوير ومحاولة الحصول على الربح. قصور. علة ذلك؟

-----------------
1 - لما كانت جريمة محاولة الحصول للغير بدون حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال الوظيفة جريمة عمدية يشترط لتوافر القصد الجنائي فيها علم الموظف أن من شأن فعله تحقيق ربح أو منفعة وأن ذلك بدون حق واتجاه إرادته إلى إتيان هذا الفعل وإلى الحصول على الربح أو المنفعة، كما أن جريمة الإضرار العمدي أيضاً جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الموظف إلى إلحاق الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأفراد ومصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة مع علمه بذلك فيجب أن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الموظف العام أراد هذا الضرر وعمل من أجل إحداثه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعن باستظهار القصد الجنائي في جريمتي محاولة الحصول للغير على ربح بدون حق من عمل من أعمال وظيفة الطاعن الأول والشروع في الإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، وخلت مدوناته من بيان اتجاه إرادة الطاعن الأول إلى الحصول على الربح أو المنفعة للغير. واتجاه هذه الإرادة إلى إلحاق الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، ولم يقم الدليل على توافر هذا القصد الجنائي في حق الطاعن من واقع أوراق الدعوى، بل اكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يغير من هذا أن يكون الحكم قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن الأول بها جرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها، وأن العقوبة التي أوقعها على الطاعن تدخل في الحدود المقررة قانوناً لجريمتي التزوير في المحررات الرسمية واستعمالها اللتين دين بهما الطاعن، ذلك أن الحكم قضى بعقوبة الغرامة وهي عقوبة غير مقررة لأي من جريمتي التزوير والاستعمال ولا تحمل إلا على جريمة محاولة الحصول للغير على الربح التي دين بها الطاعن.
2 - لما كان من المقرر أن الاشتراك في الجريمة يتم غالباً دون مظاهر محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ولها أن تستقي عقيدتها في ذلك من قرائن الحال.
3 - لما كان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو التحريض أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع العقل والمنطق فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون.
4 - لما كان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة وإذ كان الحكم لم يستظهر عناصر اشتراك الطاعنين الآخرين في الجرائم التي دان الطاعن الأول بها وطريقته ولم يبين الأدلة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها وكان مجرد تمسك الطاعنين بالمستندات المزورة، وكونهما صاحبي المصلحة في التزوير وفي محاولة الحصول على الربح لا ينصب على واقعة الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تلك الجرائم ولا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعنين الآخرين فيها، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة بما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم: - المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً "مأمور ضرائب بمأمورية ضرائب...." التابعة لوزارة المالية اختلس أوراقاً لجهة عمله هي مذكرة تقدير الأرباح ونموذج 18 ضرائب وإخطار علم الوصول المرفق بالملف رقم....... والمخصص عن نشاط المتهم الثاني ومذكرة تقدير الأرباح ونموذج 18 و19 ضرائب وإخطار علم الوصول المرفق بالملف رقم..... والمخصص عن نشاط المتهم الثالث والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات المكان والزمان وبصفته السالفة ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية لجهة عمله هي مذكرة تقدير الأرباح ونموذجي 18 و19 ضرائب المرفقين بملفي المتهمين الثاني والثالث وكان ذلك بطريق الاصطناع وتقليد التوقيعات وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن اصطنع مذكرتي تقدير الأرباح ونموذجي 18 ضرائب سالفة البيان على غرار الصحيح منها ووضع عليها توقيعات نسبها زوراً لمأموري الضرائب المختصين بفحص تلك الملفات ومراجعتها وهم ..... و.... و.... و..... وأثبتت بنموذج 19 ضرائب المرفق بملف المتهم الثاني بيانات وعبارات تتفق وتلك التي ضمنها المحررات التي اصطنعها بملف المتهم الثاني - خلافاً للحقيقة - واستعمل المحررات المزورة سالفة الذكر كل فيما زور من أجله بأن أرفقهما بملف المتهمين الثاني والثالث لدى جهة عمله وقدمهما للمختصين بها احتجاجاً بما ورد بها مع علمه بتزويرها. ثانياً: بصفته السالفة حاول أن يحصل للمتهمين الثاني والثالث: على ربح من عمل من أعمال وظيفته دون وجه حق بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة الأولى قاصداً منها إنقاص الضرائب المستحقة على نشاطهما بمقدار 44218.720 للمتهم الثاني و24747.200 للمتهم الثالث وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: بصفته السالفة شرع في الإضرار عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها وذلك بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة الأولى بنية إضاعة الضرائب المستحقة على نشاط كل من المتهمين الثاني والثالث بمقدار 68965.920 وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبط الواقعة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. المتهمان الثاني والثالث: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الأول على ارتكاب الجنايات موضوع الاتهامات أولاً وثانياً وثالثاً وذلك بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن أمداه بالبيانات المتعلقة بملفاتهما الضريبية فوقعت الجرائم السالفة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وعلى النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة جنايات........ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 45/ 1، 46/ 1، 115، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرر، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ، 211، 212، 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وعزل الأول من وظيفته وتغريم كل منهم مبلغ ثمانية وستين ألف وتسعمائة وخمسة وستون جنيهاً وتسعمائة وعشرين مليماً وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبات المقضي بها.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن الأستاذ/ ...... المحامي عن الطاعنين الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض. كما طعن الأستاذ/ ..... المحامي عن الطاعن الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهم بجرائم التزوير في محررات رسمية واستعمالها ومحاولة الحصول لغيره بدون حق على ربح من أعمال وظيفته والشروع في الإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها ودان الآخرين بالاشتراك في هذه الجرائم قد شابه القصور في التسبيب. ذلك أنه لم يستظهر القصد الجنائي في هذه الجرائم ولم يدلل على توافره في حق الطاعن الأول، ولم يدلل على توافر الاشتراك في حق الطاعنين الآخرين بأي طريق من طرق الاشتراك بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يجمل في أن الطاعن الأول يعمل مأموراً للضرائب بمأمورية ضرائب مرسى مطروح وقد أراد إنقاص مبلغ الضريبة المستحقة على نشاط الطاعنين الآخرين فاتفق معهما على تزوير المرفقات المودعة بملفاتهما الضريبية وساعداه بأن أمداه بالبيانات المتعلقة بملفاتهما، فقام باصطناع مذكرتي تقدير الأرباح ونموذجي 19 ضرائب ووضع عليها توقيعات نسبها زوراً لمأموري الضرائب المختصين بفحص تلك الملفات ومراجعتها، وأثبت بنموذج 19 ضرائب المرفق بملف المتهمين بيانات وعبارات تتفق وتلك المحررات التي اصطنعها والتي تضمنت تقديراً للضريبة المستحقة على المتهمين الآخرين مخالفاً للواقع وكان من شأنها إنقاص الضريبة المستحقة على أرباحهما بمبلغ 68965.920 وكان ذلك بنية إضاعة هذا المبلغ على جهة عمله، واستدل الحكم على ثبوت الواقعة على الصورة المتقدم بيانها في حق الطاعنين بأدلة استمدها من أقوال مدير عام ومأموري ضرائب مرسى مطروح وما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وما أقر به الطاعن الأول بالتحقيقات، وحصل أقوال مدير عام الضرائب بما مفاده أن الطاعن الأول تسلم ملفي الطاعنين الآخرين وكان مرفقاً بالملف الأول مذكرة تقدير الأرباح عن الأعوام من 1984 حتى 1988 ونموذج 18 ضرائب وإخطار بعلم الوصول ومرفقاً بالملف الثاني مذكرة تقدير الأرباح عن نفس الأعوام ونموذجي 18 و19 ضرائب وإخطار بعلم الوصول، وقد تبين له عند فحص الطعنين المقدمين منهما أن الملفين ينطويان على أوراق مصطنعة تتضمن تقديراً وربطاً للضرائب يخالف الحقيقة وما تم فحصه من قبل وأن تلك الأفعال التي ارتكبت كان من شأنها إنقاص الضريبة المستحقة على الطاعنين الآخرين بالقدر السالف بيانه، وحصل أقوال باقي الشهود بما يتفق ومضمون ما أورده من أقوال الشاهد الأول وأن مأموري الضرائب المعزو إليهم التوقيع على الأوراق المزورة لم يوقعوا عليها، كما أورد فحوى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بما مفاده أن الطاعن الأول هو المحرر لعبارات مذكرتي تقدير الأرباح ونماذج 18 و19 ضرائب وهو المحرر للتوقيعات المنسوب صدورها إليه أسفل لفظ المأمور بنموذج 19 ضرائب ملف المتهم الثاني وأن المأمورين الذين نسبت إليهم التوقيعات على النماذج المذكورة لم يوقعوا عليها كما أورد الحكم أن الطاعن الأول أقر بالتحقيقات بأنه قام بالتوقيع على نموذج 19 ضرائب الخاص بملف المتهم الثاني، لما كان ذلك، وكانت جريمة محاولة الحصول للغير بدون حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال الوظيفة جريمة عمدية يشترط لتوافر القصد الجنائي فيها علم الموظف أن من شأن فعله تحقيق ربح أو منفعة وأن ذلك بدون حق واتجاه إرادته إلى إتيان هذا الفعل وإلى الحصول على الربح أو المنفعة، كما أن جريمة الإضرار العمدي أيضاً جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي وهو إرادة الموظف إلى إلحاق الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأفراد ومصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة مع علمه بذلك فيجب أن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الموظف العام أراد هذا الضرر وعمل من أجله إحداثه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعن باستظهار القصد الجنائي في جريمتي محاولة الحصول للغير على ربح بدون حق من عمل من أعمال وظيفة الطاعن الأول والشروع في الإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها وخلت مدوناته من بيان اتجاه إرادة الطاعن الأول إلى الحصول على الربح أو المنفعة للغير، واتجاه هذه الإرادة إلى إلحاق الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، ولم يقم الدليل على توافر هذا القصد الجنائي في حق الطاعن من واقع أوراق الدعوى، بل اكتفى في ذلك بعبارات مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يغير من هذا أن يكون الحكم قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن الأول بها جرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بالعقوبة المقرر لأشدها، وأن العقوبة التي أوقعها على الطاعن تدخل في الحدود المقررة قانوناً لجريمتي التزوير في المحررات الرسمية واستعمالها اللتين دين بها الطاعن، ذلك أن الحكم قضى بعقوبة الغرامة وهي عقوبة غير مقررة لأي من جريمتي التزوير والاستعمال ولا تحمل إلا على جريمة محاولة الحصول للغير على الربح التي دين بها الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في الجريمة يتم غالباً دون مظاهر محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ولها أن تستقي عقيدتها في ذلك من قرائن الحال، إلا أنه من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو التحريض أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها لا يتجافى مع العقل والمنطق فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون، وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة وإذ كان الحكم لم يستظهر عناصر اشتراك الطاعنين الآخرين في الجرائم التي دان الطاعن الأول بها وطريقته ولم يبين الأدلة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها وكان مجرد تمسك الطاعنين بالمستندات المزورة وكونهما صاحبي المصلحة في التزوير وفي محاولة الحصول على الربح لا ينصب على واقعة الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تلك الجرائم ولا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعنين الآخرين فيها، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 13179 لسنة 63 ق جلسة 16 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 121 ص 536

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ البشري الشوربجي ورجب فراج نائبي رئيس المحكمة وعوض خالد ومحمد عبد العال.

-----------------

(121)
الطعن رقم 13179 لسنة 63 القضائية

طرق عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجال إعمال المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 84 لسنة 1968؟
اقتصار الحكم المطعون فيه على الإحالة إلى محضر ضبط الواقعة دون تحديد نوع الطريق وما إذا كان طريقاً إقليمياً يدخل في حدود المدن والقرى أم من الطرق السريعة الداخلة في تلك الحدود. وإغفاله إيراد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة. مخالفاً بذلك. حكم المادة 310 إجراءات. قصور.

------------------
لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 بشأن الطرق العامة، قد حددت أنواع الطرق العامة وقسمتها إلى طرق سريعة وطرق رئيسية وطرق إقليمية، ونصت المادة الثانية منه على أنه: - تسري أحكام هذا القانون على جميع الطرق عدا ما يأتي: ( أ ).. (ب) الطرق الإقليمية الداخلة في حدود المدن والقرى التي لها مجالس مدن أو مجالس قروية. أما الطرق السريعة والرئيسية الداخلة في تلك الحدود فتسري عليها أحكام هذا القانون (ج).. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في تسبيبه على الإحالة إلى محضر الواقعة دون أن يحدد نوع الطرق أو يعرض لما إذا كان من الطرق الإقليمية الداخلة في حدود المدن والقرى, فلا تسري عليه أحكام القانون المطبق، أم الطرق السريعة والرئيسية الداخلة في تلك الحدود فتسري عليه أحكام هذا القانون، فإنه بذلك يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة كما أغفل إيراد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفاً في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بني عليها، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه تعدى على الطريق العام المبين بالأوراق بأن أقام عليه مباني بدون إذن من الجهة المختصة بذلك - وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 6، 13/ 4، 15 من القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 ومحكمة جنح.... قضت حضورياً بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وتكاليف رد الشيء لأصله والإزالة، استأنف ومحكمة..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على الطريق العام بإقامته مباني عليه بدون إذن من الجهة المختصة، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 بشأن الطرق العامة، قد حددت أنواع الطرق العامة وقسمتها إلى طرق سريعة وطرق رئيسية وطرق إقليمية، ونصت المادة الثانية منه على أنه: - تسري أحكام هذا القانون على جميع الطرق عدا ما يأتي: ( أ ).. (ب) الطرق الإقليمية الداخلة في حدود المدن والقرى التي لها مجالس مدن أو مجالس قروية. أما الطرق السريعة والرئيسية الداخلة في تلك الحدود فتسري عليها أحكام هذا القانون.. (ج).. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في تسبيبه على الإحالة إلى محضر الواقعة دون أن يحدد نوع الطريق أو يعرض لما إذا كان من الطرق الإقليمية الداخلة في حدود المدن والقرى، فلا تسري عليه أحكام القانون المطبق، أم من الطرق السريعة والرئيسية الداخلة في تلك الحدود، فتسري عليه أحكام هذا القانون، فإنه بذلك يكون قد أغفل بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة كما أغفل إيراد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة مخالفاً في ذلك حكم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بني عليها، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 20106 لسنة 60 ق جلسة 19 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 122 ص 538

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

----------------

(122)
الطعن رقم 20106 لسنة 60 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحريض الطاعن على تزوير مخالصة موثقة بادعاء المتهمة أمام الشهر العقاري بأنها الدائنة وتقديم هذه المخالصة للمحكمة وقضاؤها بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها. يوفر جريمة الاشتراك في التزوير والاستعمال.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما عداه في حق متهم آخر ولا تناقض في ذلك.
(3) إثبات "بوجه عام". تزوير "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم عدم إيراده مضمون المخالصة محل التزوير وخلو الأوراق منها أو صورتها. غير مقبول. ما دام قد أورد إطلاع المحكمة على دفتر التوثيق بالشهر العقاري ومحضر الجلسة المقدم به صورة المخالصة مع الاطلاع على أصلها.
(5) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
لا يشترط لثبوت جريمة الاشتراك بالتحريض في ارتكاب جريمة تزوير ذهاب المحرض إلى الشهر العقاري مع من ادعت أنها الدائنة.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود".
طلب المدافع سماع أقوال شاهده. إثبات المحكمة بمحضر الجلسة اكتفاء النيابة والدفاع بتلاوة أقوال شاهدين آخرين وترافع الدفاع في الموضوع وطلب البراءة أصلياً واحتياطياً استعمال الرأفة. مفاده: تنازله عن سماع أي شاهد.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(8) نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن بوجود متهمين آخرين لم يتم محاكمتهما. غير مجد. ما دام اتهامها لا يحول دون مساءلته عن الجريمتين اللتين دين بهما.

----------------
1 - حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن - وهو محام - حرض على تزوير مخالصة موثقة عن دين بطريقة ادعاء إحدى المحكوم ببراءتهم أمام الشهر العقاري بأنها الدائنة وأنها استملت حقوقها ثم سلم الطاعن هذه المخالصة المزورة لزميل له ليقدمها إلى محكمة الجنح المستأنفة في قضية تبديد مما حدا بالمحكمة المشار إليها بعد مطابقتها لصورة المخالصة المقدمة إليها على أصلها أن تقضي بإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها على المدين وكيل الطاعن وهو ما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
2 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادق في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن بها فلا يعيبه من بعد أن يقضي ببراءة المتهمين الآخرين تأسيساً على عدم اطمئنانه إلى توافر القصد الجنائي لديهم للأسباب التي أوردها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
3 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه وكان القانون لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده من أقوال موظف الشهر العقاري واعتراف المتهمين الثانية والثالث والرابع المقضي ببراءتهم ما يفيد ارتكاب الطاعن لما أسند إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان ما أورده الحكم من الاطلاع على دفتر التوثيق بمكتب الشهر العقاري بالفيوم عن محضر التصديق رقم 1765/ ج بتاريخ 15 مايو 1989 ومطالعة محضر جلسة الجنح المستأنفة في قضية التبديد عن تقديم صورة المخالصة مع الاطلاع على أصلها ما يحقق مراد الشارع من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وما يفيد إثبات وجود الصورة للمخالصة المزورة فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - من المقرر أنه لا يشترط في ثبوت جريمة الاشتراك بالتحريض ذهاب الطاعن إلى الشهر العقاري مع من ادعت أنها الدائنة.
6 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن مدافع وإن طلب في مستهل الجلسة سماع أقوال.... إلا أنه بعد ذلك أثبت في محضر الجلسة اكتفاء النيابة والدفاع بتلاوة أقوال الشاهدان الرابع والخامس ثم ترافع الدفاع عن الطاعن في الموضوع وطلب البراءة أصلياً واحتياطياً استعمال الرأفة مما يفيد تنازله عن سماع أي شاهد ومن ثم فإن نعي الطاعن بخصوص ذلك يكون على غير أساس.
7 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم فيما سجله على لسان..... أنه لم يسدد الدين موضوع قضية التبديد المحرر بشأنه المخالصة المزورة محل الدعوى المطروحة إذ أن هذه الواقعة الفرعية - بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها - ليست ذات أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها - وعلى ما هو واضح من سياقه على ما ثبت للمحكمة من مطالعة دفتر التوثيق بمكتب الشهر العقاري بالفيوم لمحضر التصديق رقم...... بتاريخ 15 مايو 1989 وما شهد به كل من..... الموثق بمكتب الشهر العقاري و.... وأقوال المتهمين الثالث والرابع والمحامي.... ومطالعة الدعوى رقم.... لسنة 1989 جنح مستأنف الفيوم بالإضافة إلى أقوال...... سيما وأن الحكم أثبت على لسان الأخير أنه سدد المبلغ موضوع قضية التبديد خزانة المحكمة في حضور الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون قويماً.
8 - ما يثيره الطاعن من ظهور أدلة جديدة على تزوير كتابي الجدول وأمين السر لجلسة الجنح المستأنفة في أوراق رسمية لا يجديه. طالما، أن اتهام هذين الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمتين اللتين دين بهما، فإن منعاه في هذا الخصوص لا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم اشتركوا بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو..... الموثق بالشهر العقاري بالفيوم في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو المخالصة رقم 1765/ ج الصادرة من مكتب التوثيق المذكور في 15 من مايو سنة 1989 بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته مع علمهم بتزويرها بأن قام المتهم الأول بتحريض المتهمة الثانية على المثول أمام الموظف سالف الذكر والتسمي أمامه باسم..... صاحبة الدين المستحق في ذمة...... موضوع الحكم الصادر في الجنحة رقم...... سنة 1988 مركز الفيوم والإقرار لها بتخالصها عن ذلك الدين كما حرض المتهم الثالث على المثول أمام ذات الموظف لمصادقتها على ذلك وصادقها عليه أيضاً المتهم الرابع وأثبت الموظف ذلك فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة. ثانياً: استعمل المحرر المزور سالف البيان بأن قدمه بواسطة محام آخر حسن النية إلى سكرتير الجلسة المختص في القضية رقم...... سنة 1989 جنح الفيوم للاحتجاج به مع علمه بتزويره. وإحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 و41 و213 و214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17 و30 و32 من ذات القانون أولاً بحبس المتهم "الطاعن" سنة واحدة مع الشغل ومصادرة المبالغ المضبوطة. ثانياً: ببراءة المتهمين الثانية والثالث والرابع مما نسب إليهم فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد. ذلك أنه تناقض إذ قضى ببراءة المتهمين الثانية والثالث والرابع رغم إثباته اشتراكهم في الجريمة واتفاقهم عليها مع الطاعن، ولم يورد مؤدى أقوال الشهود على نحو يفيد ثبوت ارتكاب الطاعن للجريمة، ولم يورد مضمون المخالصة محل التزوير والتي خلت الأوراق منها أو صورتها، وأعرض الحكم عن دلالة عدم توجه الطاعن إلى مصلحة الشهر العقاري وما جاء بأقوال المتهم في دعوى التبديد من سداد قيمة الدين مما ينفي الباعث على تزوير المخالصة، والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن المتمثل في طلب سماع شهادة جمالات السيد عاشور وضم سجلات الشهر العقاري وحصلت المحكمة خطأ عدم سداد الدين مع ما هو ثابت من سداده. هذا إلى أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه تبين للطاعن أن ثمة تزويراً من كاتبي الجلسة والجدول في جنحة التبديد المستأنفة بهدف النيل منه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن - وهو محام - حرض على تزوير مخالصة موثقة عن دين بطريقة ادعاء إحدى المحكوم ببراءتهم أمام الشهر العقاري بأنها الدائنة وأنها استلمت حقوقها ثم سلم الطاعن هذه المخالصة المزورة لزميل له ليقدمها إلى محكمة الجنح المستأنفة في قضية تبديد مما حدا بالمحكمة المشار إليها بعد مطابقتها لصورة المخالصة المقدمة إليها على أصلها أن تقضي بإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها على المدين وكيل الطاعن وهو ما يتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادق في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن بها فلا يعيبه من بعد أن يقضي ببراءة المتهمين الآخرين تأسيساً على عدم اطمئنانه إلى توافر القصد الجنائي لديهم للأسباب التي أوردها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه وكان القانون لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده من أقوال موظف الشهر العقاري واعتراف المتهمين الثانية والثالث والرابع المقضي ببراءتهم ما يفيد ارتكاب الطاعن لما أسند إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من الاطلاع على دفتر التوثيق بمكتب الشهر العقاري بالفيوم عن محضر التصديق رقم 1765/ ج بتاريخ 15 مايو 1989 ومطالعة محضر جلسة الجنح المستأنفة في قضية التبديد عن تقديم صورة المخالصة مع الاطلاع على أصلها ما يحقق مراد الشارع من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وما يفيد إثبات وجود الصورة للمخالصة المزورة فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في ثبوت جريمة الاشتراك بالتحريض ذهاب الطاعن إلى الشهر العقاري مع من ادعت أنها الدائنة وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن مدافع الطاعن وإن طلب في مستهل الجلسة سماع أقوال.... إلا أنه بعد ذلك أثبت في محضر الجلسة اكتفاء النيابة والدفاع بتلاوة أقوال الشاهدان الرابع والخامس ثم ترافع الدفاع عن الطاعن في الموضوع وطلب البراءة أصلياً واحتياطياً استعمال الرأفة مما يفيد تنازله عن سماع أي شاهد ومن ثم فإن نعي الطاعن بخصوص ذلك يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم فيما سجله على لسان.... أنه لم يسدد الدين موضوع قضية التبديد المحرر بشأنه المخالصة المزورة محل الدعوى المطروحة إذ أن هذه الواقعة الفرعية - بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها - ليست ذات أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها - وعلى ما هو واضح من سياقه على ما ثبت للمحكمة من مطالعة دفتر التوثيق بمكتب الشهر العقاري بالفيوم لمحضر التصديق رقم 1765 بتاريخ 15 مايو 1989 وما شهد به كل من....... الموثق بمكتب الشهر العقاري و... وأقوال المتهمين الثالث والرابع والمحامي..... ومطالعة الدعوى رقم 2347 لسنة 1989 جنح مستأنف الفيوم بالإضافة إلى أقوال..... سيما وأن الحكم أثبت على لسان الأخير أنه سدد المبلغ موضوع قضية التبديد خزانة المحكمة في حضور الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من ظهور أدلة جديدة على تزوير كاتبي الجدول وأمين السر لجلسة الجنح المستأنفة في أوراق رسمية لا يجديه طالما، أن اتهام هذين الشخصين فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمتين اللتين دين بهما، فإن منعاه في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20205 لسنة 67 ق جلسة 20 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 123 ص 544

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نائبي رئيس المحكمة ومنصور القاضي ومصطفى حسان.

----------------

(123)
الطعن رقم 20205 لسنة 67 القضائية

(1) سرقة. ارتباط. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام الارتباط".
الارتباط الوارد في المادة 32/ 2 عقوبات. شرطه. انتظام الجرائم في خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع.
تقدير قيام الارتباط. موضوعي. قيام المتهمون بسرقة أشخاص مختلفين وفي أماكن وظروف مختلفة. مؤداه. عدم قيام الارتباط.
اختلاف الحق المعتدى عليه مفاده: اختلاف السبب.
طلب الطاعن ضم الطعن لطعون أخرى منظورة أمام دوائر مغايرة. غير مجد. متى اختلف الحق المعتدى عليه في كل منها.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
(3) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة "سرقة بإكراه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الحكم مؤدى اعتراف الطاعن بارتكابه جريمة سرقة بالإكراه. ينحسر معه النعي عليه بالقصور.
مثال لتسبيب كاف لمؤدى اعتراف الطاعن في جريمة سرقة بالإكراه.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". اعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حصول المرافعة في قضيتين مرة واحدة. يبيح للمحكمة الاستناد في حكمها إلى ما ثبت لها في القضية التي أثبتت فيها المرافعة.
تعويل الحكم على اعتراف الطاعن في دعوى منظورة بذات الجلسة. لا يعيبه. ما دامت مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم.
(7) إثبات "خبرة" "اعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالقصور بشأن اعتراف الطاعن وتقدير فحص السلاح. غير مقبول. ما دام يعول على دليل مستمد منهما.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكم بأقوال شاهد. مفاده. إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(9) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل في تقدير الدليل. موضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
(10) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(11) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. رداً عليه.

----------------
1 - لما كان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وإذ كانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه تشير إلى أن الجرائم التي قارفها الطاعنون قد وقعت على أشخاص مختلفين وفي تواريخ وأمكنة وظروف مختلفة وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منها في كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجرائم موضوع الدعوى الراهنة وبين الجرائم الأخرى موضوع الدعاوى المشار إليها بأسباب الطعن والتي كانت منظورة معها في الجلسة التي صدر فيه الحكم المطعون فيه، كما يفيد - كذلك - أن السبب في كل من هذه الدعاوى والدعوى التي صدر فيها أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية مختلف لاختلاف الحق المعتدى عليه في كل منهما، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد ويضحي طلب الدفاع عن الطاعنين أمام هذه المحكمة ضم هذا الطعن إلى الطعون الأخرى المنظورة أمام دوائر مغايرة غير مجد.
2 - لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم، إذ لم يورد في مدوناته ما يفيد توافر الارتباط بين الجرائم التي قارفها الطاعنون في كل من الدعاوى المشار إليها - على خلاف ما ذهب إليه الطاعنون - ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مضمون اعتراف الطاعن الثاني في قوله: (وجاء باعتراف المتهم...... بتحقيقات النيابة العامة في الدعوى رقم.... لسنة 1996 جنايات.... والتي أطلعت عليها المحكمة والتي نظرت وتداولت أمام هذه المحكمة مع هذه الدعوى أنه قرر بخصوص هذه الدعوى بالصحيفة رقم 42 تحقيقات نيابة عامة وما بعدها أنه وباقي المتهمين ارتكبوا هذه الواقعة وسرقوا حافظة نقود المجني عليه وأنه احتفظ بها في مسكنه وأنها هي التي تم ضبطها بمسكنه)، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - بياناً لفحوى اعتراف الطاعن المذكور يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، بما تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص غير سديد.
4 - من المقرر إن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال باقي الضباط الذي شاركوا في إجراء التحريات والضبط وأقوال من سئلوا في المحضر المشار إليه في أسباب الطعن والتي لم يعول على أي منها ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون ولا محل له.
5 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلب ضم المحضر رقم..... لسنة 1996 إداري قسم....، فلا يجوز - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة في 26 من مارس سنة 1997 أن المحكمة رأت نظر هذه الدعوى مع الدعاوى المطروحة أمام دائرة أخرى، فحدد لنظرها جلسة 19 من مايو سنة 1997 أمام الدائرة التي تنظر الدعاوى المماثلة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم.... لسنة 1996 جنايات..... نظرت مع الدعوى الراهنة واطلعت عليها المحكمة وعلى ما أثير فيها من دفاع، بما يفيد أن الدعوى سالفة الذكر كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم، ومن ثم فلا يعيب الحكم تعويله على اعتراف الطاعن الثاني بتحقيقات النيابة العامة في تلك الدعوى، لما هو مقرر من أنه إذا نظرت قضيتان أمام المحكمة في وقت واحد وحصلت المرافعة في القضيتين مرة واحدة وأثبتت في إحداهما، فإنه لا ضير على المحكمة إذ هي استندت في حكمها في الأخرى إلى ما ثبت لها في القضية التي أثبت فيها المرافعة مما جعلها تطمئن إلى الأخذ بالدليل المقدم فيها.
7 - لما كان الحكم لم يعول على تقرير السلاح أو اعتراف الأول في الدعاوى المشار إليها في أسباب الطعن، فإن النعي عليه في شأن هذين الدليلين لا يكون مقبولاً.
8 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات التي حصلتها بما لا تناقض فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان اعتراف الطاعن الثاني، فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
11 - لما كان من المقرر إن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع سالف الذكر رداً سائغاً في إطراحه، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً: ( أ ) شرعوا في قتل....... عمداً بأن أطلق المتهم الأول عياراً نارياً من سلاحه الناري "فرد" قاصداً من ذلك قلته بينما وقف الباقون على مسرح الجريمة يشدون من أزره فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وتلتها جناية أخرى هي أنه بذات الزمان والمكان سالفي البيان سرقوا حافظة النقود المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليه وكان ذلك ليلاً بالطريق العام بإحدى وسائل النقل البرية وبالإكراه الواقع عليه بأن أوقفوا السيارة قيادته عنوة وأشهروا أسلحة في وجهه فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا من الاستيلاء على المسروقات الأمر المنطبق عليه نص المادة (315) من قانون العقوبات ب - اتلفوا عمداً السيارة المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة...... على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الأول: أ - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد" ب – أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات...... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 314، 315، 361/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق به مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً باعتبار التهمة المسندة إليهم سرقة بالإكراه ليلاً بالطريق العام مع حمل سلاح والإتلاف عمداً. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم جميعاً بجريمتي السرقة بإكراه ليلاً وبالطريق العام مع حمل سلاح ظاهر، والإتلاف عمداً، ودان الطاعن الأول كذلك بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أنهم تمسكوا بارتباط الجريمة موضوع الدعوى المطروحة بالجرائم موضوع الدعاوى الأخيرة المنظورة بالجلسة، وبطلان أمر الإحالة لصدوره في كل من هذه الدعاوى على حدة، وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في دعوى مماثلة، غير أن الحكم أطرح هذه الدفوع بما لا يتفق وصحيح القانون، وبعد أن أورد في مدوناته ما يفيد توافر الارتباط بين الدعاوى جميعها عاد ونفى ذلك، وعول على اعتراف الطاعن الثاني دون أن يورد مضمونه، ولم يشر إلى أقوال باقي الضباط الذين شاركوا في إجراء التحريات والضبط الذين تناقضت أقوالهم مع أقوال زملائهم شهود الإثبات حول ظروف ضبط الطاعنين، كما التفت عما ورد على لسان من سئلوا في المحضر الإداري رقم.... لسنة 1996 قسم..... من أن رجال الشرطة أخذوا منهم مبالغ مالية نسبوا كذباً ضبطها مع الطاعنين، ولم تصرح المحكمة لهم بضم ذلك المحضر، كما اعتمد الحكم على اعتراف الطاعن الثاني وتقرير فحص السلاح واستقى هذين الدليلين من دعوى أخرى، واستند إلى أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها فيما بينها وبين تحريات الشرطة بشأن الحالة التي كان الطاعنون عليها وقت الحادث وعددهم وكيفية التعرف عليهم، وعول على اعتراف الاثنين الأول منهم رغم كونه وليد إكراه، وأطرح برد غير سائغ الدفع ببطلان القبض عليهم وتفتيشهم لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بإجرائهما، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الثاني بتحقيقات النيابة العامة في الدعوى رقم.... لسنة 1996 جنايات..... ومما جاء بمعاينة النيابة العامة للسيارة رقم...... نقل....... وما أثبت بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية، وتعرف المجني عليه على الحافظة الجلدية المضبوطة وعلى الطاعن الأول، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين بتوافر الارتباط بين الجناية موضوع الدعوى المطروحة والجنايات أرقام....، ....، ....، لسنة 1996.... وبطلان قرار الإحالة لصدوره في كل منها على حدة، وبانقضاء الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعوى رقم.... لسنة 1996 جنايات.... وأطرح هذا الدفاع بقوله: (وحيث إنه عن طلب الدفاع بضم الدعاوى سالفة الذكر ونظرها كدعوى واحدة وتطبيق جريمة العقوبة الأشد بقالة أنه ينظمها جميعاً مشروع إجرامي واتفاق جنائي واحد تفرعت عنه تلك الدعاوى وأنه كان يجب أن يشملها أمر إحالة واحد عملاً بالمادة 214 إجراءات جنائية - فإن هذا الطلب مردود ذلك أن جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها بالمادة 48 عقوبات هي جريمة مستقلة بذاتها عن الجريمة المزمع تنفيذها - ويشترط قيام الارتباط القانوني الذي لا يقبل التجزئة بين تلك الجرائم حتى يقضي فيها على ضوء نص المادة 32 عقوبات وأن ما أوردته المادة 32 عقوبات خاصة في فقرتها الثانية غير متوافر في الدعاوى الأربع سالفة الذكر لأنها لم تكن نتيجة فعل واحد فضلاً عن أنها غير مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة إذ أن كل دعوى منها مختلفة عن الأخرى في أشخاص المجني عليهم ومكان وزمان ارتكابها ومن ثم فإن طلب الدفاع بضم الدعاوى سالفة الذكر لبعضها يكون قد جانب صحيح القانون - ويكون الدفع ببطلان أمر الإحالة في هذه الدعوى قد جانب صحيح القانون أيضاً - وعن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه في الدعوى..... لسنة 1996 ج...... فإنه مردود أيضاً ذلك أنه وكما سلف فإن كل دعوى لها ذاتيتها المستقلة عن الأخرى ولها أدلتها وطرق إثباتها المختلفة وليس صحيحاً في القانون أن الأمر بألا وجه في دعوى مستقلة له حجية في دعوى أخرى طالما أن الدعويين غير مرتبطتين ارتباطاً لا يقبل التجزئة عملاً بالمادة 32 عقوبات بما تلتفت معه المحكمة عن ذلك الدفع)، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه رداً على دفوع الطاعنين سالف الإشارة إليها يتفق وصحيح القانون لما هو مقرر من أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وإذ كانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه تشير إلى أن الجرائم التي قارفها الطاعنون قد وقعت على أشخاص مختلفين وفي تواريخ وأمكنة وظروف مختلفة وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منها في كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد ولا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجرائم موضوع الدعوى الراهنة وبين الجرائم الأخرى موضوع الدعاوى المشار إليها بأسباب الطعن والتي كانت منظورة معها في الجلسة التي صدر فيه الحكم المطعون فيه، كما يفيد - كذلك - أن السبب في كل من هذه الدعاوى التي صدر فيها أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية مختلف لاختلاف الحق المعتدى عليه في كل منها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد ويضحي طلب الدفاع عن الطاعنين أمام هذه المحكمة ضم هذا الطعن إلى الطعون الأخرى المنظورة أمام دوائر مغايرة غير مجد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما برئ منه الحكم، إذ لم يورد في مدوناته ما يفيد توافر الارتباط بين الجرائم التي قارفها الطاعنون في كل من الدعاوى المشار إليها - على خلاف ما ذهب إليه الطاعنون - ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص بدعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مضمون اعتراف الطاعن الثاني في قوله: (وجاء باعتراف المتهم...... بتحقيقات النيابة العامة في الدعوى رقم.... لسنة 1996 جنايات..... والتي أطلعت عليها المحكمة والتي نظرت وتداولت أمام هذه المحكمة مع هذه الدعوى أنه قرر بخصوص هذه الدعوى بالصحيفة رقم 42 تحقيقات نيابة عامة وما بعدها أنه وباقي المتهمين ارتكبوا هذه الواقعة وسرقوا حافظة نقود المجني عليه وأنه احتفظ بها في مسكنه وأنها هي التي تم ضبطها بمسكنه)، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - بياناً لفحوى اعتراف الطاعن المذكور يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة بما تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر إن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بشأن التفاته عن أقوال باقي الضباط الذين شاركوا في إجراء التحريات والضبط وأقوال من سئلوا في المحضر المشار إليه في أسباب الطعن والتي لم يعول على أي منها ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلب ضم المحضر رقم..... لسنة 1996 إداري قسم......، فلا يجوز - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة في 26 من مارس سنة 1997 أن المحكمة رأت نظر هذه الدعوى مع الدعاوى المطروحة أمام دائرة أخرى، فحدد لنظرها جلسة 19 من مايو سنة 1997 أمام الدائرة التي تنظر الدعاوى المماثلة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم..... لسنة 1996 جنايات...... نظرت مع الدعوى الراهنة واطلعت عليها المحكمة وعلى ما أثير فيها من دفاع، بما يفيد أن الدعوى سالفة الذكر كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم، ومن ثم فلا يعيب الحكم تعويله على اعتراف الطاعن الثاني بتحقيقات النيابة العامة في تلك الدعوى، لما هو مقرر من أنه إذا نظرت قضيتان أمام المحكمة في وقت واحد وحصلت المرافعة في القضيتين مرة واحدة وأثبتت في إحداهما، فإنه لا ضير على المحكمة إذا هى استندت في حكمها في الأخرى إلى ما ثبت لها في القضية التي أثبت فيها المرافعة مما جعلها تطمئن إلى الأخذ بالدليل المقدم فيها.
لما كان ذلك، وكان الحكم لم يعول على تقرير السلاح أو اعتراف الأول في الدعاوى المشار إليها في أسباب الطعن، فإن النعي عليه في شأن هذين الدليلين لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم - استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات التي حصلتها بما لا تناقض فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان اعتراف الطاعن الثاني، فإنه لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر إن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع سالف الذكر رداً سائغاً في إطراحه، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 825 لسنة 61 ق جلسة 2 / 11 / 1999 مكتب فني 50 ق 124 ص 553

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة ومحمد سامي إبراهيم.

--------------

(124)
الطعن رقم 825 لسنة 61 القضائية

قانون "تفسيره". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الأمر الصادر من قاضي التحقيق في مواد الجنح والمخالفات. استئنافه أمام محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة. قرارها في ذلك. نهائي. المادة 167 إجراءات.
عدم جواز الطعن بالنقض إلا في الأحكام الصادرة في موضوع الدعوى. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959.
العبرة في تحديد ماهية القرار. هي بحقيقة الواقع. لا بما تذكره المحكمة عنه.

----------------
لما كانت المادة 167 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 قد نصت على أن يرفع الاستئناف في الأمر الصادر من قاضي التحقيق في مواد الجنح والمخالفات إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة، كما نصت فقرتها الأخيرة على أن تكون القرارات الصادرة من غرفة المشورة في جميع الأحوال نهائية. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص، لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد حرص على تسمية ما يصدر من محكمة الجنح المستأنفة في غرفة مشورة في الطعون المرفوعة إليها في الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق والنيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في مواد الجنح والمخالفات قرارات لا أحكاماً واعتبر هذه القرارات نهائية، فإن الطعن فيها بطريق النقض يكون غير جائز ولا يغير من ذلك أن تكون غرفة المشورة قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم. إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه.


الوقائع

تقدم الطاعن "المدعي بالحقوق المدنية" بشكوى إلى قسم شرطة...... قيد برقم .... لسنة..... إداري..... ضد المطعون ضدهم بوصف أنهم في غضون عام.... قاموا بالاستيلاء على مبالغ نقدية مبلغ أربعين مليون جنيه كان قد حولها الطاعن عن طريق البنوك من دولة الكويت بأسماء المتهمين وقد تسلموا بعض منها نقداً وذلك بغرض توظيفها وردها إليه مع أرباحها إلا أنهم قد اتفقوا فيما بينهم على اختلاس هذه الأموال وعائدها. والنيابة العامة قررت حفظ الشكوى إدارياً. استأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا القرار أمام محكمة جنح مستأنف مصر القديمة والمذكورة "منعقدة في غرفة المشورة" قررت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن البين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن أتهم المطعون ضدهم بجريمتي النصب واغتصاب توقيعاته وبعد تحقيق أجرته النيابة العامة انتهت إلى قيد الأوراق برقم شكوى وحفظها - وهو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، فطعن عليه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - أمام محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة وبتاريخ.... أصدرت قرارها بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الأمر المطعون فيه فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا القرار بطريق النقض، لما كان ذلك، وكانت المادة 176 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 170 لسنة 1981 قد نصت على أن يرفع الاستئناف في الأمر الصادر من قاضي التحقيق في مواد الجنح والمخالفات إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة، كما نصت فقرتها الأخيرة على أن تكون القرارات الصادرة من غرفة المشورة في جميع الأحوال نهائية. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص، لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد حرص على تسمية ما يصدر من محكمة الجنح المستأنفة في غرفة مشورة في الطعون المرفوعة إليها في الأوامر الصادرة من قاضي التحقيق والنيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في مواد الجنح والمخالفات قرارات لا أحكاماً واعتبر هذه القرارات نهائية، فإن الطعن فيها بطريق النقض يكون غير جائز ولا يغير من ذلك أن تكون غرفة المشورة قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم، إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه لما كان ما تقدم، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36/ 2 من القانون سالف الذكر.

الطعن 21459 لسنة 67 ق جلسة 9/ 11 / 1999 مكتب فني 50 ق 126 ص 559

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وسلامة أحمد عبد المجيد وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(126)
الطعن رقم 21459 لسنة 67 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها".
جريمة الرشوة. تمامها بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. رشوة. إثبات. "تسجيل الأحاديث". دفوع "الدفع ببطلان التسجيل".
للنيابة العامة إصدار الأمر بإجراء التسجيلات في جناية الرشوة. المادتان 3، 7/ 2 من القانون 105 لسنة 1980 والمادة 95 إجراءات.
إطراح الحكم المطعون فيه الدفع ببطلان إذن التسجيل من وكيل نيابة. لا خطأ.
(3) رشوة. إثبات "تسجيل الأحاديث". مأمورو الضبط القضائي.
إذن تسجيل الأحاديث. لمأموري الضبط القضائي تنفيذه بما يكفل تحقيق الغرض منه دون التزام طريقة معينة في ذلك التنفيذ. حد ذلك؟
(4) إثبات "تسجيل الأحاديث". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". رشوة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بشأن استماع مأمور الضبط القضائي للأحاديث المسجلة. غير مقبول ما دامت الأحاديث المسجلة مأذون بتسجيلها ورأي أن الاستماع ضروري لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره.
(5) إثبات "تسجيل الأحاديث". دفوع "الدفع ببطلان إذن التسجيل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن ببطلان الإذن بتسجيل الأحاديث. غير منتج. ما دام أن الحكم استند في إثبات التهمة إلى أدلة ليس هو بينها.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالضبط والتفتيش. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أقوال الشهود وصلتها بالتسجيلات المدعى ببطلانها. موضوعي.
(8) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الخبير. ما دامت وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(10) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق الاتهام. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) استدلالات. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم".
مهمة مأموري الضبط القضائي وفق أحكام المادة 21 إجراءات. حدها؟
(12) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة عرض الرشوة. ما لا يؤثر في قيامها؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر جريمة الرشوة في حق الطاعن.

-----------------
1 - جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله.
2 - إن الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت على أنه: "ويكون للنيابة العامة - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها - سلطات قاضي التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا". كما نصت المادة الثالثة من القانون ذاته على أن "تختص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات". أيضاً فقد نصت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر". ومفاد النصوص المتقدمة أن القانون خول للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق - في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة - موضوع الدعوى الجنائية الماثلة - لما كان ذلك، وكان الحكم قد التزم هذا النظر في رده وإطراحه للدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لصدوره عن وكيل النيابة يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - من المقرر قانوناً أن لمأموري الضبط القضائي - إذا ما صدر إليهم إذن من النيابة العامة بتسجيل الأحاديث - في الجرائم التي يجيز فيها القانون للنيابة العامة إصدار مثل ذلك الإذن كالشأن في جريمة الرشوة عملاً بالمادة 7/ 2 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة - أن يتخذوا ما يرونه كفيلاً بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا في ذلك طريقة معينة ما داموا لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون.
4 - إذ كان تسجيل الأحاديث في هذه الدعوى مأذوناً به قانوناً، فلا تثريب على مأمور الضبط إن هو استمع إلى الأحاديث المسجلة ما دام أنه قد رأى أن ذلك الاستماع ضروري لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره.
5 - إن ما يثره الطاعن من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة في 9/ 6/ 1996 ومن ثم لم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن.
6 - إن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة - حسبما يبين من مدونات حكمها - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن ضبط الطاعن وتفتيشه الصادر في 11/ 6/ 1996، وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشاهد عضو الرقابة الإدارية باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها الحكم ولم يعول عليها في قضائه، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت بأن هذه الأقوال تمت منهم بغير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها جاز لها الأخذ بها.
8 - إن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
9 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - إن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها.
11 - إن مهمة مأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الطاعن حرة غير معدومة.
12 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره. وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغ وطلب منه مبلغ الرشوة وقدمه إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة، وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغ هو الذي خلق الجريمة لا يكون صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه موظفاً عمومياً (مدير المكتب الفني وإدارة تحضير المشروعات بمديرية الطرق والنقل بمحافظة...) طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ ألفي جنيه من ..... و.....المكلفان بالإشراف والتنفيذ لمشروع تحسين شبكة الصرف الصحي بمنقطة عزبة العرب وذلك على سبيل الرشوة نظير قيامه بإجراء المعاينة اللازمة واستخراج تصريح بدء العمل في هذا المشروع على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى - بمذكرتي أسباب طعنه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع بأنه أغفل دفاع الطاعن بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لخلو الأوراق من طلب الرشوة من جانبه، ودفع الطاعن ببطلان إذن التسجيل لصدوره عن وكيل النيابة وليس عن القاضي الجزئي، كما دفع ببطلان التسجيلات وما تلاها من إجراءات لعدم معرفة من أجراها وكيفية إجرائها، وانتهاك مأمور الضبط نطاق الإذن بالتسجيل بأن استمع إلى الأحاديث المسجلة إلا أن الحكم رد على ذلك بما لا يتفق وصحيح القانون، ودفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بضبطه وتفتيشه لأنه صدر بناء على إذنها الأول المؤرخ 9/ 6/ 1996 بتسجيل الأحاديث ولابتنائه على تحريات غير جدية ورد الحكم على هذا الدفع بما لا يصلح رداً، وعول الحكم - من بين ما عول عليه - على أقوال الشاهد عضو الرقابة الإدارية التي تضمنت معلومات استقاها من تسجيل الحديث التليفوني الذي جرى بين الطاعن والموظف المبلغ في حين أنه لم يستند إلى الدليل المستمد من التسجيل بعد أن دفع الطاعن ببطلانه وهو ما ينسحب أثره على شهادة من أجراه فيما استقاه من معلومات نقلاً عنه مما لا تصلح معه أقواله سند للإدانة، ولم تجب المحكمة الطاعن لطلبه استدعاء الخبير الذي قام بإجراء التسجيلات لمناقشته، كما استند الحكم في قضائه إلى أقوال الشهود رغم عدم صحتها وقصد بها تلفيق الاتهام للطاعن، وخلق الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة طلب وأخذ رشوة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود، هي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه إن الطاعن بصفته موظفاً عمومياً - مدير المكتب الفني بمديرية الطرق والنقل بمحافظة...... - والمختص بإجراءات استخراج تصاريح الحفر في الطرق طلب وأخذ من شاهدي الإثبات الأول والثاني مبلغ ألفي جنيه لتسهيل إجراءات استخراج تصريح بدء أعمال الحفر في مشروع تحسين شبكة الصرف الصحي بمنطقة...... وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله، وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت على أنه: "ويكون للنيابة العامة - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها - سلطات قاضي التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا" كما نصت المادة الثالثة من القانون ذاته على أن: "تختص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات". أيضاً فقد نصت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر" ومفاد النصوص المتقدمة أن القانون خول للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق - في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة - موضوع الدعوى الجنائية الماثلة - لما كان ذلك، وكان الحكم قد التزم هذا النظر في رده وإطراحه للدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لصدوره عن وكيل النيابة يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن لمأموري الضبط القضائي - إذا ما صدر إليهم إذن من النيابة العامة بتسجيل الأحاديث - في الجرائم التي يجيز فيها القانون للنيابة العامة إصدار مثل ذلك الإذن كالشأن في جريمة الرشوة عملاً بالمادة 7/ 2 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة - أن يتخذوا ما يرونه كفيلاً بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا في ذلك طريقة معينة ما داموا لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون. لما كان ذلك، وكان تسجيل الأحاديث في هذه الدعوى مأذوناً به قانوناً، فلا تثريب على مأمور الضبط إن هو استمع إلى الأحاديث المسجلة ما دام أنه قد رأى أن ذلك الاستماع ضروري لاستكمال إجراءاته وهو على بينة من أمره، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم، ومع ذلك فإن ما يثيره الطاعن من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة في 9/ 6/ 1996 ومن ثم لم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن - على نحو ما فعل بأسباب سائغة - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة - حسبما يبين من مدونات حكمها - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن ضبط الطاعن وتفتيشه الصادر في 11/ 6/ 1996، وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشاهد... عضو الرقابة الإدارية باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها الحكم ولم يعول عليها في قضائه، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت بأن هذه الأقوال تمت منهم بغير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - جاز لها الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن استدعاء الخبير الذي قام بإجراء التسجيلات لمناقشته، وأطرحه لكونه غير مجد لعدم استناد المحكمة إلى هذه التسجيلات في تكوين عقيدتها وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض مناقشة خبير التسجيلات، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء، فإن منعى الطاعن يكون في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن عضو الرقابة الإدارية الذي ندبته النيابة العامة لضبط واقعة عرض الرشوة قد انتقل إلى المكان الذي تحدد لتقديمها نفاذاً للاتفاق الذي تم بين المبلغ والطاعن، وبعد أن تيقن من تسليم المبلغ ألقى القبض عليه، وكان من مهمة مأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الطاعن حرة غير معدومة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره، وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغ وطلب منه مبلغ الرشوة وقدمه إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة، وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغ هو الذي خلق الجريمة لا يكون صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 22691 لسنة 60 ق جلسة 9 / 11 / 1999 مكتب فني 50 ق 125 ص 556

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك نائبي رئيس المحكمة وفؤاد نبوي ومحمد سعيد.

--------------

(125)
الطعن رقم 22691 لسنة 60 القضائية

(1) خيانة أمانة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم بأسبابه أنه لم يقم لديه دليل على ارتكاب المطعون ضده للجريمة. كفايته لتأييد حكم البراءة. لا يغني عن ذلك النعي بعدم اطلاع المحكمة على تقرير الخبير المقدم في دعوى مدنية الثابت به أن السند موقع على بياض في جريمة خيانة الأمانة المؤثمة بالمادة 340 عقوبات. ما دامت الجريمة لا تتصل بهذا التوقيع.
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". إعلان.
اشتراط إعلان المدعي بالحقوق المدنية لشخصه قبل الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية وجوب التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر دعواه. تحقق هذه العلة. أثره؟

----------------
1 - حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد ضمن أسبابه أنه لم يقم لديه دليل على أن المطعون ضده تسلم من الطاعن الورقة الموقعة من الأخير على بياض والتي زعم الطاعن أن المطعون ضده ملأ بيانات المديونية فيها بأكثر من مديونية الطاعن للمطعون ضده، فإنه بحسب الحكم المطعون فيه ذلك لتأييد حكم البراءة من جريمة خيانة الأمانة المؤثمة بالمادة 340 من قانون العقوبات، ولا يغني في ذلك نعي الطاعن بأن المحكمة لم تجبه إلى طلب ضم الدعوى المدنية المرفق فيها السند المقال بأنه موقع على بياض ولا ما أثبته الخبير في هذه الدعوى من أن التوقيع على بياض، لأن الجريمة لا تتصل بهذا التوقيع ولكن بزعم تغيير الحقيقة ممن استؤمن على الورقة.
2 - الحكمة من اشتراط إعلان المدعي بالحق المدني لشخصه قبل الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر دعواه وهو ما يتوافر في الدعوى محل الطعن والتي أقامها الطاعن بإعلان منه للمطعون ضده بالجلسة فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً، إذ أن قضاء محكمة أول درجة باعتبار الطاعن تاركاً لدعواه لتخلفه عن حضور الجلسة التي أعلن بها خصمه، ولا يغير من الأمر حضور الطاعن بوكيله بالجلسات أمام محكمة ثاني درجة ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بأنه ائتمنه على ورقة على بياض فخان الأمانة على النحو المبين بصحيفة الإدعاء المباشر وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304 إجراءات ببراءة المتهم، استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة المنيا الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم المستأنف القاضي باعتباره تاركاً لدعواه وببراءة المطعون ضده قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، وعابه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن تخلفه عن الحضور أمام محكمة أول درجة كان بسبب عدم إعلانه بالجلسة، وأعرضت المحكمة عن طلبه ضم الدعوى رقم..... مدني كلي بندر ملوي الذي أثبت تقرير الخبير فيها أن الإيصال موقع على بياض. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد ضمن أسبابه أنه لم يقم لديه دليل على أن المطعون ضده تسلم من الطاعن الورقة الموقعة من الأخير على بياض، والتي زعم الطاعن أن المطعون ضده ملأ بيانات المديونية فيها بأكثر من مديونية الطاعن للمطعون ضده، فإنه بحسب الحكم المطعون فيه ذلك لتأييد حكم البراءة من جريمة خيانة الأمانة المؤثمة بالمادة 340 من قانون العقوبات، ولا يغني في ذلك نعي الطاعن بأن المحكمة لم تجبه إلى طلب ضم الدعوى المدنية المرفق فيها السند المقال بأنه موقع على بياض، ولا ما أثبته الخبير في هذه الدعوى من أن التوقيع على بياض، لأن الجريمة لا تتصل بهذا التوقيع ولكن بزعم تغيير الحقيقة ممن أستؤمن على الورقة. لما كان ذلك، وكانت الحكمة من اشتراط إعلان المدعي بالحق المدني لشخصه قبل الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية هي التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر دعواه، وهو ما يتوافر في الدعوى محل الطعن والتي أقامها الطاعن بإعلان منه للمطعون ضده بالجلسة فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً، إذ أن قضاء محكمة أول درجة باعتبار الطاعن تاركاً لدعواه لتخلفه عن حضور الجلسة التي أعلن بها خصمه، ولا يغير من الأمر حضور الطاعن بوكيله بالجلسات أمام محكمة ثاني درجة، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 21737 لسنة 67 ق جلسة 10 / 11 / 1999 مكتب فني 50 ق 129 ص 580

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة وعثمان متولي.

---------------

(129)
الطعن رقم 21737 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) وقاع أنثى بغير رضاها. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن القوة في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها. مناط توافره؟
انتهاز الطاعن إصابة المجني عليها بتخلف عقلي وعدم إدراكها لخطورة أفعالها ومواقعتها. كفايته لتحقيق جريمة مواقعة أثنى بغير رضاها.
سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل. لا يضيع أثره. ما دام له أصل ثابت في الأوراق. مؤدى ذلك؟
(3) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً خاصاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(5) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام".
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقة أو في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال لتسبيب غير معيب لتزيد غير مؤثر في منطق الحكم واستدلاله في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها.
(6) حكم "بيانات الديباجة".
إشارة الحكم إلى مادة القانون الذي أخذ المتهم بها. كفايته بياناً لنص القانون الذي حكم بموجبه.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
اكتفاء دفاع الطاعن بتلاوة أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات. لا إخلال بحق الدفاع.

-----------------
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى يكون في غير محله.
2 - أن ركن القوة في جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها، سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذه مقصده وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة, أو بانتهاز فرصة فقدانها شعورها واختيارها لجنون أو عاهة في العقل، وكان الحكم قد أثبت بأدلة الإثبات التي اطمأنت إليها والتي لا يماري الطاعن في أن لها معينها الصحيح بالأوراق، أن الطاعن انتهز فرصة معاناة المجني عليها من تخلف عقلي وعدم إدراكها لخطورة أفعالها واستدرجها إلى غرفة أعلا سطح المنزل وحسر عنها ملابسها وقام بمواقعتها، وهو ما تتوافر به جريمة مواقعة أثنى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة، ولا تثريب على الحكم إن هو لم يفصح عن مصدر ما استقاه في هذا الخصوص، لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى قصور في التدليل على توافر عدم رضاء المجني عليها وعدم بيانه مصدر الدليل الذي استقى منه عدم توافر هذا الرضاء يكون غير سديد.
3 - لما كان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا يستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومع ذلك رد الحكم على هذا الدفع رداً كافياً في إطراحه، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها, وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير قسم الأمراض النفسية بمستشفى المنصورة الجامعي أن المجني عليها تعاني نم تخلف عقلي متوسط محدود الإدراك ولا تستطيع أن تتبصر خطورة أفعالها أو حماية نفسها من المخاطر، إلا أن ذاكرتها تمكنها من التعرف على الزمان والمكان والأشخاص، ثم أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في هذا الصدد لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه من أن مواقعة الطاعن للمجنى عليها خمس مرات يتحقق به تكرار استعمالها - ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة وإطراح دفع الطاعن على ما يحمله، وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها، هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في هذا الشأن هو من العلم العام، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه أشار إلى المادة 267/ 1 من قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بها، فإن ذلك يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بموجبه بما يحقق حكم القانون.
7 - لما كان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذ ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات بل اكتفى صراحة بأقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه واقع...... بغير رضاها بأن استغل نقص قدرتها العقلية وإدراكها المحدود وعدم تبصرها بخطورة أفعالها فطرحها أرضاً ونزع عنها ملابسها وأولج قضيبه في فرجها. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته - بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن لم يحط بواقعة الدعوى، ولم يدلل تدليلاً كافياً على عدم رضاء المجني عليها، ولم يبين مصدر الدليل الذي استقى منه ذلك، وأطرح الدفع بشيوع التهمة ركوناً إلى أقوال المجني عليها وهي بلهاء وإلى أن مواقعتها عدة مرات يعني تكرار استعمالها وهي مسألة فنية كان يتعين على المحكمة الاستعانة فيها بأهل الخبرة، لم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، والتفت عن طلبه مناقشة شهود الإثبات، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما أثبته تقرير الطب الشرعي وتقرير قسم الأمراض النفسية بمستشفى المنصورة الجامعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن القوة في جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها، سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذه مقصده وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة, أو بانتهاز فرصة فقدانها شعورها واختيارها لجنون أو عاهة في العقل، وكان الحكم قد أثبت بأدلة الإثبات التي اطمأنت إليها والتي لا يماري الطاعن في أن لها معينها الصحيح بالأوراق، أن الطاعن انتهز فرصة معاناة المجني عليها من تخلف عقلي وعدم إدراكها لخطورة أفعالها واستدرجها إلى غرفة أعلا سطح المنزل وحسر عنها ملابسها وقام بمواقعتها، وهو ما تتوافر به جريمة مواقعة أثنى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة، ولا تثريب على الحكم إن هو لم يفصح عن مصدر ما استقاه في هذا الخصوص، لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى قصور في التدليل على توافر عدم رضاء المجني عليها وعدم بيانه مصدر الدليل الذي استقى منه عدم توافر هذا الرضاء يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا يستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومع ذلك رد الحكم على هذا الدفع رداً كافياً في إطراحه، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها, وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير قسم الأمراض النفسية بمستشفى المنصورة الجامعي أن المجني عليها تعاني من تخلف عقلي متوسط محدود الإدراك ولا تستطيع أن تتبصر خطورة أفعالها أو حماية نفسها من المخاطر، إلا أن ذاكرتها تمكنها من التعرف على الزمان والمكان والأشخاص، ثم أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في هذا الصدد لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً - مما لم يكن بحاجة إليه من أن مواقعة الطاعن للمدني عليها خمس مرات يتحقق به تكرار استعمالها - ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة وإطراح دفع الطاعن على ما يحمله، وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها، هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في هذا الشأن هو من العلم العام، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أشار إلى المادة 267/ 1 من قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بها، فإن ذلك يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بموجبه بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذ ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة، أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات بل اكتفى صراحة بأقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21736 لسنة 67 ق جلسة 10 / 11 / 1999 مكتب فني 50 ق 128 ص 572

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نائبي رئيس المحكمة ومنصور القاضي ومصطفى المتولي.

-------------------

(128)
الطعن رقم 21736 لسنة 67 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم من الاعتراف ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 إجراءات. كفايته بياناً لمؤدي الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره. ما دام له أصل ثابت في الأوراق.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بنص الاعتراف وظاهره. لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء. الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره لا يتوافر به حق الدفاع الشرعي.
مجرد تحريض المجني عليه أحد بنيه على إطلاق النار على الطاعن. لا تقوم به حالة الدفاع الشرعي. طالما لم يحاول الاعتداء عليه أو غيره.
(6) قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة القتل العمد.

---------------
1 - لما كان الحكم قد حصل إقرار الطاعن الأول بما يجمل في أنه علم بإشاعة مقتل شقيقه الطاعن الثاني فأسرع إلى مكان الواقعة حاملاً بندقيته الخرطوش وعمرها بأربع طلقات منتوياً قتل الفاعل فقابل المجني عليهما وأطلق عليهما الأعيرة النارية بنية إزهاق روحهما، وكان ما أورده الحكم في ذلك كافياً في بيان مضمون الاعتراف ويحقق مراد الشارع الذي أوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مضمون الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
2 - لما كان ما أورده الحكم فيما تقدم من إقرار الطاعن الأول بأنه أطلق النار على المجني عليهما بنية إزهاق روحهما له سنده من أقوال الطاعن المذكور بتحقيقات النيابة العامة - حسبما يبين من المفردات المضمومة - فلا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر هذا الإقرار لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق ويكون النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن على غير أساس.
3 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ من إقرار الطاعن الأول ما يتعلق بقيامه بإطلاق النار على المجني عليهما بنية إزهاق روحهما دون باقي قوله من أن إطلاقه النار كان بعد أن حرض المجني عليه الأول أحد بنيه على قتله فإنه يكون سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقع ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل.
4 - لما كان الحكم قد أورد مضمون شهادة الشاهد الأول بما مفاده أن الطاعن الأول قام بإطلاق عدة أعيرة نارية أصابت والده المجني عليه وأن الطاعن الثاني ضربه بالبلطة في رأسه وأن الأول أطلق عليه عياراً نارياً أصابه في صدره وبطنه وضربه الثاني بالبلطة في رأسه، وحصل مضمون أقوال الشاهد الثاني بما مفاده أن تحرياته قد دلت على حدوث الواقعة على النحو الذي أورده في بيانه لأقوال الشاهد الأول، ثم حصل مضمون اعتراف الطاعن الأول بما يجمل في قيامه بإطلاق أعيرة نارية على المجني عليهما، وأورد أنه ثبت من تقرير الصفة التشريحية إصابة المجني عليه الأول بعدة جروح نارية رشية بالصدر والفخذ الأيمن من عيار ناري خرطوش، وإصابته بجروح رضية بالجبهة والشفة العليا والساق اليمنى، كما أورد أنه ثبت من التقرير الطبي الشرعي إصابة المجني عليه الثاني - الشاهد الأول - إصابة رشية خرطوش بيمين كل من الصدر والبطن وإصابته بجروح قطعية بفروة الرأس وهي ناشئة عن آلة صلبة ذات نصل حاد، لما كان ذلك وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهم مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين وإقرار الطاعن الأول - على نحو ما سلف بيانه - لا يتعارض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعنان من دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس وإطراحه بقوله... وإذ كان ما سبق وكان ما ادعاه المتهم الأول قد جاء قولاً مرسلاً لم يقرره أحد سواه فضلاً عن عدم معقوليته ومجافاته العقل والمنطق إذ لو صح ما ادعاه لأطلق النار على مصدر الخطر..... المدعى بأنه كان يحمل سلاحاً حتى يرد الفعل المتخوف منه لا أن يطلق النار فوراً على شخص المجني عليهما اللذين لم يصدر منهما ما يمكن اعتباره فعلاً يخشى منه يخول له رده بإطلاق النار عليه، كما أن المتهم كان نيته الاعتداء لا رد الاعتداء إذ أقر أنه صمم على قتل من ضرب شقيقه وذلك فور خروجه من مسكنه متوجهاً إلى مكان الواقعة، كما أن ما قررته..... من أن الطرفين هجما على بعضهما إثر وصول المتهم الأول فقامت معركة بينهما مما يعني حسبما قررت أن كلاً من الطرفين كان يقصد الاعتداء وإيقاع الضرب على كل منهما بالآخر مما تنتقي معه حالة الدفاع الشرعي. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - سائغاً وكافياً في الرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان الطاعنان لا يجادلان في أن قدوم أولهما إلى مكان الحادث كان بعد أن تمت واقعة الاعتداء على الثاني وأنه لم يحدث من المجني عليهما ثمة اعتداء أو محاولة اعتداء على الطاعنين أو سواهما وقت أن بادر الطاعن الأول بإطلاق النار عليهما، وكان تحريض المجني عليه الأول لأحد بنيه بإطلاق النار على الطاعن الأول - بفرض صحته - لا تقوم به حالة الدفاع الشرعي التي تبرر إطلاق النار على المجني عليهما طالما لم تبدر منهما محاولة اعتداء على الطاعن أو غيره، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق الطاعنين بقوله "وإذ كان الثابت مما أقر به المتهم الأول وثبت من أدلة الإثبات سالفة البيان أن المتهم توجه إلى مكان الواقعة حاملاً لسلاح ناري قاصداً قتل من اعتدى على شقيقه وبالفعل عمر سلاحه بأربع طلقات صوبها جميعاً على المجني عليهما في مقتل ولم يتركهما إلا بعد أن فرغت ذخيرته وسقط المجني عليهما أرضاً فاقدي القوة والمقاومة، كما أن المتهم الثاني تواجد على مسرح الواقعة حاملاً لسلاح قاتل "بلطة" أصاب بها المجني عليهما في مقتل وفي أكثر من موضع بالنسبة للمجني عليه الأول الأمر الذي يقطع بتوافر نية إزهاق روح المجني عليهما بما لدى المتهمين ولا يقدح في ذلك حدوث الواقعة أثر غضب أو أثر مشادة لأنه كما هو معروف فإن الغضب لا ينفي نية القتل كما أنها تقوم أثر مشادة وقتية، كما لا يقدح فيما سبق حدوث وفاة المجني عليه نتيجة الإصابة النارية لأن قصد مساهمة المتهم الثاني مع الأول قائم ومتوافر لوقوع الواقعة نتيجة لاتفاق مسبق نشأ لحظة الواقعة الأمر المستفاد من الصلة بين المتهمين وكونهما شقيقين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذهما فانهالا سوياً على المجني عليهما ضرباً بالأعيرة النارية والبلطة بقصد إزهاق روحهما انتقاماً منهما بسبب إصابة المتهم الأخير فأحدثا بهما الإصابات التي أودت بحياة المجني عليه الأول مما يعتبر كلاً منهما مسئولاً عن النتيجة التي حدثت بصرف النظر عن الإصابة التي أحدثها كل منهما، ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت قصد القتل لدى الطاعنين فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين المتهمان بأنهما: قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعد لذلك سلاحين "بندقية خرطوش وبلطة" وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول أعيرة نارية من سلاحه المرخص له وانهال عليه الثاني بالبلطة في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرعا في قتل....... عمداً بأن أطلق عليه الأول أعيرة نارية من السلاح الناري سالف البيان وانهال عليه الثاني بالبلطة في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قلته فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. المتهم الثاني: أحرز بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض "بلطة" وأحالتهما إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى كل من المجني عليه الثاني وأرملة الأول عن نفسها وبصفتها قبل المتهمين بإلزامهما أن يؤديا لهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزامهما بأن يدفعا لكل من المدعيين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانهما بجريمة القتل العمد المقترن بجناية شروع في قتل عمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين مضمون اعتراف الطاعن الأول بطريقة وافية وأغفل ما قرره من أنه أطلق النار على المجني عليهما بعد أن حرض أولهما نجله على قتله، وأورد في تحصيله لهذا الاعتراف أن أطلق النار عليهما بينة إزهاق روحهما مع أن أقواله لا تساند الحكم فيما حصله منهما، كما أن ما عول عليه الحكم من مضمون الدليل القولي يتناقض مع ما أورده من فحوى الدليل الفني في بيان عدد إصابات المجني عليه وموضعها في جسمه والأداة المستخدمة في إحداثها، وأطرح الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق الطاعن الأول بما لا يسيغ إطراحه، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر نية القتل في حقهما، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أقر به الطاعن الأول وما ثبت من التقارير الطبية الشرعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل إقرار الطاعن الأول بما يجمل في أنه علم بإشاعة مقتل شقيقه الطاعن الثاني فأسرع إلى مكان الواقعة حاملاً الخرطوش وعمرها بأربع طلقات منتوياً قتل الفاعل فقابل المجني عليهما وأطلق عليهما الأعيرة النارية بنية إزهاق روحهما، وكان ما أورده الحكم في ذلك كافياً في بيان مضمون الاعتراف ويحقق مراد الشارع الذي أوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مضمون الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم من إقرار الطاعن الأول بأنه أطلق النار على المجني عليهما بنية إزهاق روحهما له سنده من أقوال الطاعن المذكور بتحقيقات النيابة العامة - حسبما يبين من المفردات المضمومة - فلا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر هذا الإقرار لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق ويكون النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ من إقرار الطاعن الأول ما يتعلق بقيامه بإطلاق النار على المجني عليهما بنية إزهاق روحهما دون باقي قوله من أن إطلاقه النار كان بعد أن حرض المجني عليه الأول أحد بنيه على قتله فإنه يكون سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقع ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مضمون شهادة الشاهد الأول بما مفاده أن الطاعن الأول قام بإطلاق عدة أعيرة نارية أصابت والده المجني عليه وأن الطاعن الثاني ضربه بالبلطة في رأسه وأن الأول أطلق عليه عياراً نارياً أصابه في صدره وبطنه وضربه الثاني بالبلطة في رأسه، وحصل مضمون أقوال الشاهد الثاني بما مفاده أن تحرياته قد دلت على حدوث الواقعة على النحو الذي أورده في بيانه لأقوال الشاهد الأول، ثم حصل مضمون اعتراف الطاعن الأول بما يجمل في قيامه بإطلاق أعيرة نارية على المجني عليهما، وأورد أنه ثبت من تقرير الصفة التشريحية إصابة المجني عليه الأول بعدة جروح نارية رشية بالصدر، والفخذ الأيمن من عيار ناري خرطوش، وإصابته بجروح رضية بالجبهة والشفة العليا والساق اليمنى، كما أورد أنه ثبت من التقرير الطبي الشرعي إصابة المجني عليه الثاني - الشاهد الأول - إصابة رشية خرطوش بيمين كل من الصدر والبطن وإصابته بجروح قطعية بفروة الرأس وهي ناشئة من آلة صلبة ذات نصل حاد. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهم مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين وإقرار الطاعن الأول - على نحو ما سلف بيانه - لا يتعارض مع ما نقله من تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعنان من دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس وإطراحه بقوله "وإذ كان ما سبق وكان ما ادعاه المتهم الأول قد جاء قولاً مرسلاً لم يقرره أحد سواه فضلاً عن عدم معقوليته ومجافاته العقل والمنطق إذ لو صح ما ادعاه لأطلق النار على مصدر الخطر..... المدعى بأنه كان يحمل سلاحاً حتى يرد الفعل المتخوف منه لا أن يطلق النار فوراً على شخص المجني عليهما اللذين لم يصدر منهما ما يمكن اعتباره فعلاً يخشى منه يخول له رده بإطلاق النار عليه، كما أن المتهم كان نيته الاعتداء لا رد الاعتداء إذ أقر أنه صمم على قتل من ضرب شقيقه وذلك فور خروجه من مسكنه متوجهاً إلى مكان الواقعة، كما أن ما قررته.... من أن الطرفين هجما على بعضهما أثر وصول المتهم الأول فقامت معركة بينهما مما يعني حسبما قررت أن كلاً من الطرفين كان يقصد الاعتداء وإيقاع الضرب على كل منهما بالآخر مما تنتفي معه حالة الدفاع الشرعي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - سائغاً وكافياً في الرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكان الطاعنان لا يجادلان في أن قدوم أولهما إلى مكان الحادث كان بعد أن تمت واقعة الاعتداء على الثاني وأنه لم يحدث من المجني عليهما ثمة اعتداء أو محاولة اعتداء على الطاعنين أو سواهما وقت أن بادر الطاعن الأول بإطلاق النار عليهما، وكان تحريض المجني عليه الأول لأحد بنيه بإطلاق النار على الطاعن الأول - بفرض صحته - لا تقوم به حالة الدفاع الشرعي التي تبرر إطلاق النار على المجني عليهما طالما لم تبدر منهما محاولة اعتداء على الطاعن أو غيره، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر توافر نية القتل في حق الطاعنين بقوله "وإذ كان الثابت مما أقر به المتهم الأول وثبت من أدلة الإثبات سالفة البيان أن المتهم توجه إلى مكان الواقعة حاملاً لسلاح ناري قاصداً قتل من اعتدى على شقيقه وبالفعل عمر سلاحه بأربع طلقات صوبها جميعاً على المجني عليهما في مقتل ولم يتركهما إلا بعد أن فرغت ذخيرته وسقط المجني عليهما أرضاً فاقدي القوة والمقاومة، كما أن المتهم الثاني تواجد على مسرح الواقعة حاملاً لسلاح قاتل "بلطة" أصاب بها المجني عليهما في مقتل وفي أكثر من موضع بالنسبة للمجني عليه الأول الأمر الذي يقطع بتوافر نية إزهاق روح المجني عليهما بما لدى المتهمين ولا يقدح في ذلك حدوث الوقعة أثر غضب أو أثر مشادة لأنه كما هو معروف فإن الغضب لا ينفي نية القتل كما أنه تقوم أثر مشادة وقتية، كما لا يقدح فيما سبق حدوث وفاة المجني عليه نتيجة الإصابة النارية لأن قصد مساهمة المتهم الثاني مع الأول قائم ومتوافر لوقوع الواقعة نتيجة لاتفاق مسبق نشأ لحظة الواقعة الأمر المستفاد من الصلة بين المتهمين وكونهما شقيقين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها فانهالا سوياً على المجني عليهما ضرباً بالأعيرة النارية والبلطة بقصد إزهاق روحهما انتقاماً منهما بسبب إصابة المتهم الأخير فأحدثا بهما الإصابات التي أودت بحياة المجني عليه الأول مما يعتبر كلاً منهما مسئولاً عن النتيجة التي حدثت بصرف النظر عن الإصابة التي أحدثها كل منهما، ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت قصد القتل لدى الطاعنين فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.