الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

الطعن 1 لسنة 23 ق جلسة 17 / 3 / 1953 مكتب فني 4 ج 2 نقابات ق 3 ص 279

 

جلسة 17 مارس سنة 1953

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وسليمان
ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل المستشارين.

-------------

(3)

الطعن رقم واحد سنة 23 قضائية

)أ) نقابة. أطباء. انتخاب.

قيام أعضاء اللجنة المشرفة على عملية الانتخاب بوضع قواعد تحدد كيفية إبداء الناخب صوته بما يكفل سرية الانتخاب. إذاعة هذه القواعد على الأعضاء قبل البدء في عملية الانتخاب. لا عذر لمن لم يلاحظ هذه القواعد من الناخبين.
(ب) نقابة. أطباء. انتخاب.

وضع قاعدة من مقتضاها إلغاء العلامة المصطلح عليها إذا كانت موضوعة على الخط الفاصل بين اسمين. لا عيب.
(ج) نقابة. أطباء. انتخاب.

وضع قاعدة من مقتضاها إبطال كل ورقة بها شطب أو علامة غير المصطلح عليها. لا خطأ.
(د) نقابة. أطباء. انتخاب.

وضع قاعدة تتضمن اعتبار الجزء من القائمة الخاصة بكل فئة من المرشحين ورقة قائمة بذاتها. لا خطأ.
(هـ) نقابة. أطباء. انتخاب.

وضع قاعدة تتضمن إلغاء كل ورقة يوجد بها طبع من الحبر ناشئ من طي الورقة قبل أن يجف مدادها. قاعد تعسفية لا محل لها.

--------------

1 - لما كان قانون نقابات المهن الطبية رقم 62 لسنة 1949 واللائحة الداخلية لهذه النقابات لم يبينا كيفية انتخاب أعضاء مجلس النقابة بمعرفة الجمعية العمومية وكان لا بد من تنظيم هذه العملية ووضع ضوابط لها رأى أعضاء اللجنة المختارون من مجلس النقابة للإشراف على عمليتي الانتخاب والفرز وضع قواعد تحدد كيفية إبداء الناخب صوته بما يكفل سرية الانتخاب مسترشدين في ذلك بالأحكام العامة لقوانين الانتخاب وكانت اللجنة قد حرصت على إذاعة هذه القواعد بين الأعضاء الناخبين قبل البدء في عملية الانتخاب وذلك بطبعها بأعلا قوائم الانتخاب الموزعة عليهم لكي يعلمها الجميع ويعملوا بها، وكانت هذه القواعد المطبوعة تتضمن أن يضع الناخب علامة (×) على يسار خمسة من أسماء المرشحين المراد انتخابهم من الأطباء المقيدين منذ أكثر من خمس عشرة سنة وأن يضع هذه العلامة على يسار اسمين فقط من المرشحين المقيدين لأقل من خمس عشرة سنة، كما تتضمن تنبيه الناخبين إلى الأحوال التي يتعين فيها إلغاء الصوت وهي حالة زيادة العدد المنتخب على المطلوب وحالة وضع علامة (×) في غير الخانة المخصصة لها وحالة وضع أية علامة مميزة لشخص الناخب ولم يثبت أن اعتراضاً أثير في الجمعية على هذه القواعد بدليل أن معظم الناخبين قد اتبعوها لما كان ذلك فإنه لا عذر لمن لم يتبع هذه التعليمات من الناخبين بحجة أنه لم يقرأها وهي بعد قواعد تكفل سرية الانتخاب.
2 - لا محل للاعتراض على القاعدة التي وضعتها اللجنة المشرفة على عملية انتخاب نقابة المهن الطبية التي من مقتضاها إلغاء علامة (×) إذا كانت موضوعة على الخط الفاصل بين اسمين من المرشحين ذلك لأن وضع العلامة في هذا المكان لا يمكن معه معرفة أيهما اختاره الناخب.
3 - إذا كانت اللجنة المشرفة على الانتخاب قد وضعت قاعدة من مقتضاها إبطال كل قائمة بها شطب أو وضع علامة غير علامة (×) فإنه لا محل للاعتراض على هذه القاعدة ذلك أن وجود شطب في القائمة أو أية علامة غير العلامة المصطلح عليها مما يتعارض مع سرية الانتخاب وبالتالي يسوغ إبطال صوت الناخب في القائمة المشوبة بهذا العيب.
4 - لا محل للاعتراض على القاعدة التي تقضي باعتبار الجزء من القائمة الخاص بكل فئة من الأطباء ورقة قائمة بذاتها إذ يبرر هذا النظر أن عملية الفرز بالنسبة إلى كل من الفئتين من الأطباء مستقلة عن الأخرى.
5 - القاعدة التي وضعتها اللجنة المشرفة على الانتخاب والتي تتضمن إلغاء كل قائمة يوجد فيها طبع من الحبر هي قاعدة تعسفية ولا مبرر لها إطلاقاً إذ لا تقتضيها رعاية سرية الانتخاب ذلك أن الطبع ليس من عمل الناخب فلا يصح بحال اعتباره علامة مميزة لشخصه وإنما هو ناشئ من طي القائمة قبل أن يجف مداد العلامات فيها فتطبع هذه العلامات في المواضع المقابلة لها وقد يحصل هذا الطبع أمام أسماء بعض المرشحين ومن السهل في معظم الحالات كشف العلامات الأصلية من العلامات المطبوعة.


الوقائع

في 15 من فبراير سنة 1953 قدم إلى هذه المحكمة تقرير. موقع عليها بإمضاءات خمسة وعشرين طبيباً ومصدق على إمضاءاتهم جميعاً بمكتب توثيق القاهرة مشفوعاً بشهادة موقع عليها من سكرتير نقابة المهن الطبية تفيد أنهم من الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية بتاريخ 6 من فبراير سنة 1953 واشتركوا في الانتخاب - يتضمن الطعن في انتخاب نصف أعضاء مجلس نقابة الأطباء البشريين بدلاً من الذين انتهت مدة عضويتهم بمجلس الإدارة وهو الانتخاب الذي تم في 6 من فبراير سنة 1953 وطلبوا الحكم ببطلان نتيجة الفرز وبتصحيح هذه النتيجة على أساس إعادة فرز الأوراق الملغاة وكذلك بطلان ما ترتب على هذه النتيجة الخاطئة للفرز من انتخاب.
وفي 22 من فبراير سنة 1953 أودعت النقابة محضر الجمعية العمومية وأوراق الانتخاب.
وبجلسة 3 من مارس سنة 1953 المحددة لنظر هذا الطعن سمعت المحكمة أقوال مستشار الرأي لوزارة الصحة ووكيل النقابة ومحاميه ومحامي الطاعنين ثم قررت التأجيل مع استمرار المرافعة ليوم 10 من مارس سنة 1953 واستدعاء دكتور..... رئيس اللجنة التي أشرفت على عمليتي الانتخاب والفرز لسؤاله عن بعض المسائل التي ترى المحكمة استيضاحها تنويراً للدعوى.
وفي 9 من مارس سنة 1953 أودع مستشار إدارة الرأي لوزارة الصحة مذكرة دفع فيها بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الشق الثاني من طلبات الطاعنين، كما قدم حافظة بالمستندات.
وبجلسة 10 من مارس سنة 1953 سألت المحكمة الدكتور...... فيما رأت لزومها لاستيضاحه؛ ثم سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة حيث صمم وكيلا الطاعنين على الطلبات كما صمم مستشار الرأي على ما جاء بالمذكرة المقدمة منه وطلب الحاضر عن النقابة رفض الطعن؛ وأرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتي:


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال مستشار الرأي لوزارة الصحة بمجلس الدولة ووكيل النقابة ومحاميه والوكيلين عن الأعضاء مقدمي الطعن وسماع أقوال الدكتور....... رئيس اللجنة التي أشرفت على عمليتي الانتخاب والفرز وبعد المداولة.
من حيث إنه بتاريخ 15 من فبراير سنة 1953 قرر خمسة وعشرون من الأطباء أعضاء نقابة الأطباء البشريين الذين حضروا جمعيتهم العمومية المنعقدة في 6 من فبراير سنة 1953 واشتركوا في الانتخابات فيها - قرروا طعنهم في نتيجة فرز قوائم انتخاب نصف أعضاء مجلس النقابة بدلاً ممن انتهت مدة عضويتهم طالبين الحكم ببطلانها وبتصحيح هذه النتيجة على أساس إعادة فرز الأوراق الملغاة وبطلان الانتخابات المترتبة على النتيجة الخاطئة للفرز.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقاً للمادة 51 من القانون رقم 62 لسنة 1949 بإنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن الطبية.
ومن حيث إن الطاعنين بنوا طعنهم على الأسباب الآتية:
"1 - اشترطت لجنة الانتخاب أن توضع علامة (×) على يسار خمسة من أسماء المرشحين المراد انتخابهم عن المقيدين لأكثر من 15 سنة أما المرشحون عن المقيدين لأقل من 15 سنة فتوضع علامة (×) على يسار اسم اثنين من المراد انتخابهم. والقانون لا يشترط وضع علامة (×) بالذات ولا وضع أي علامة معينة وكان يجب على اللجنة أن تذيع بين الناخبين قبل بدء عملية الانتخاب الطريقة التي رأتها للتأشير أمام أسماء المنتخبين ولكنها اكتفت بكتابة هذه الملحوظة على ورقة الانتخاب ولم يقرأها كثير من الناخبين بسبب اشتداد الزحام على عملية الانتخاب فوضعوا علامات مختلفة أمام أسماء المرشحين المراد انتخابهم كعلامة (ر) أو علامة (< - ) بل إن بعض الناخبين كتب علامة (×) منحرفة قليلاً عن الاسم المراد انتخابه ثم أراد أن يؤكد أنه يقصد انتخاب هذا الاسم بالذات فمد سهماً أو خطأ إلى ناحية الاسم. ولكن اللجنة ألغت كل الأوراق التي فيها هذه العلامات مع أنها لا يمكن اعتبارها علامة مميزة أو دالة على شخص الناخب ومع أن المفروض في الانتخاب أنه تعرف لإرادة الناخب بشكل واضح وسليم وأنه لمما يتنافى مع ذلك أن يقال إنه لو وضع الناخب علامة (ر) أو غيرها أمام اسم المرشح فإن ذلك يكون مدعاة لإلغاء كل ورقة الانتخاب.
2 - إن اللجنة المكلفة بالإشراف على عملية الانتخاب قد اجتمعت في الساعة الثانية عشر والنصف مساء من يوم الانتخاب حتى الساعة الثالثة إلا ربع من نفس اليوم (كما هو ثابت من محضر اجتماعها المؤرخ في 6 فبراير سنة 1953) وقررت وضع قواعد فيما يختص بإلغاء الأوراق. واجتماع اللجنة المذكورة لهذا الغرض وهو وضع قواعد لإلغاء الأوراق - مخالف للقانون لأن مهمة اللجنة قانوناً قاصرة على الإشراف على عملية الانتخاب مقيدة في ذلك بنصوص القانون رقم 62 لسنة 1949 فإن خرجت عن هذه النصوص وأعطت لنفسها حقوقاً كان تصرفها باطلاً وبالتالي يكون باطلاً كل ما بني على هذا التصرف الباطل.
3 - نبهت لجنة الانتخاب كتابة في أعلا ورقة الانتخاب بإلغاء الصوت في حالة زيادة العدد المنتخب عن المطلوب أو في حالة وضع العلامة (×) في غير الخانة المخصصة لها وفي حالة وضع علامة مميزة لشخصية الناخب. وظاهر من مراجعة الأوراق الملغاة أن كل ورقة فيها علامة غير علامة (×) أو فيها علامة (×) مكررة مرتين أو وصلت علامة (×) إلى الاسم المراد انتخابه بسهم أو خط ألغيت كلها ولو جاز الإلغاء في هذه الحالة للزم أن ينصب على إلغاء الصوت المعطى للشخص الذي وضعت أمام اسمه العلامة المخالفة وحده أما بقية أسماء المرشحين فما كان يجوز للجنة أن تلغي الأصوات المعطاة لهم لأنها أصوات صحيحة ومستوفاة لشروط اللجنة.
4 - ألغيت بعض الأوراق لأن الناخبين عندما وضعوا علامة (×) بالحبر وأعطوها للمندوب المشرف على وضع الأوراق في الصندوق طواها المندوب قبل أن تجف بعض العلامات تماماً فانطبعت شيئاً ما في الجهة المقابلة وظاهرة بجلاء أن هذا حادث من عدم تجفيف الحبر أو من استعمال قلم الحبر الجاف في الكتابة وكل من شاهد الورقة يستطيع أن يميز بسهولة بين العلامة الأصلية والعلامة المطبوعة وما كان للجنة والحالة هكذا أن تلغي هذه الأوراق.
5 - ألغيت بعض الأوراق لأن الناخب وضع أمام اسم أحد المرشحين علامتي (×) بدلاً من علامة واحدة فألغيت جميع الورقة لذلك مع أنه كان يجب أن يقتصر الإلغاء - إذا كان ذلك جائزاً - على الاسم الذي وضعت أمامه العلامتان وحده.
6 - ألغيت إحدى الأوراق لأن الناخب وهو يكتب علامة (×) مر بالقلم على أحد الضلعين مرتين وليس في ذلك ما يدعوا للإلغاء بأي حال وإذا جاز الإلغاء رغماً عن ذلك فكان يجب أن يقتصر على العلامة غير المقبولة وحدها ولا تلغى كل الأصوات التي في الورقة كما فعلت اللجنة.
7 - وضعت اللجنة - بعد انتهاء عملية الانتخاب وانصراف الناخبين - شروطاً تعسفية وقواعد غير قانونية لإلغاء أوراق الانتخاب، ومن القواعد الجديدة التي أتت بها اللجنة: - أ - إن كل شطب يلغي الورقة (ب) إن أي علامة غير (×) تلغى - جـ - إن أي كشط أو طبع من الحبر في غير محلة يلغي الورقة وهذه القواعد والشروط باطلة كما سلف بيانه في البند 2 ونضيف إلى ذلك أنها تعسفية باطلة لأنها وضعت بعد انتهاء عملية الانتخاب وانصراف الناخبين الذين لم يعلموا بها ولأن اللجنة كان من الواجب عليها أن تتقيد بالقواعد التي كتبتها في أعلا ورقة الانتخاب وليس لها أن تضيف عليها فإن فعلت كان تصرفها باطلاً.
8 - نتج عن اتخاذ اللجنة قواعد لم تكن معروفة لدى الناخبين أن ألغيت مائة ورقة واثنين من فئة المرشحين لأكثر من 15 سنة كما ألغيت 36 ورقة من فئة المرشحين لأقل من 15 سنة. وظاهر من نتيجة الانتخاب أن الفرق في عدد الأصوات التي حصل عليها المرشحون الذين انتخبوا والذين لم ينتخبوا يتراوح بين صوتين وثلاثة أصوات مع أن بعض من لم ينتخبوا ألغيت له أصوات كثيرة بسبب القواعد التي سبق بيان بطلانها والتي وضعتها اللجنة تعسفاً ولو جمعت له هذه الأصوات لجعلته في أوائل المنتخبين ولا شك أنه لو فرزت أوراق الانتخاب على أساس قانوني لتغيرت نتيجة الانتخاب ولكن بعض الذين لم ينجحوا في مقدمة المنتخبين - يظهر مما تقدم أن نتيجة الانتخابات التي أعلنت لم تكن صحيحة وأن تصحيحها يترتب عليه تغيير النتيجة وإنجاح بعض من لم ينجحوا".
تلك هي أسباب الطعن.
ومن حيث إنه لما كان قانون نقابات المهن الطبية رقم 62 لسنة 1949 واللائحة الداخلية لهذه النقابات لم يبينا كيفية انتخاب أعضاء مجلس النقابة بمعرفة الجمعية العمومية وكان لا بد من تنظيم هذه العملية ووضع ضوابط لها رأى أعضاء اللجنة المختارون من مجلس النقابة للإشراف على عمليتي الانتخاب والفرز. وضع قواعد تحديد كيفية إبداء - الناخب صوته بما يكفل سرية الانتخاب مسترشدين في ذلك بالأحكام العامة لقوانين الانتخاب وقد حرصت اللجنة على إذاعة هذه القواعد بين الأعضاء الناخبين قبل البدء في عملية الانتخاب وذلك بطبعها بأعلا قوائم الانتخاب الموزعة عليهم لكي يعلمها الجميع ويعملوا بها وتتضمن هذه القواعد المطبوعة أن يضع الناخب علامة (×) على يسار خمسة من أسماء المرشحين المراد انتخابهم من الأطباء المقيدين منذ أكثر من خمس عشرة سنة وأن يضع هذه العلامة على يسار اسمين فقط من المرشحين المقيدين لأقل من خمسة عشرة سنة. كما تتضمن تنبيه الناخبين إلى الأحوال التي يتعين فيها إلغاء الصوت وهي حالة زيادة العدد المنتخب على المطلوب وحالة وضع علامة (×) في غير الخانة المخصصة لها وحالة وضع أية علامة مميزة لشخص الناخب ولم يثبت أن اعتراضاً أثير في الجمعية العمومية على هذه القواعد وقد اتبعها معظم الناخبين بدليل أن الذين حضروا منهم وأعطوا أصواتهم بلغ عددهم 1015 ولم تلغ لجنة الفرز سوى 102 صوتاً أعطيت للمرشحين من الفئة الأولى و36 صوتاً أعطيت للمرشحين من الفئة الثانية فلا عذر لمن لم يتبع هذه التعليمات بحجة أنه لم يقرأها وهي بعد قواعد تكفل سرية الانتخاب. ولما تبينت اللجنة المشار إليها عند الشروع في عملية فرز الأصوات أن عدداً من الناخبين وضعوا علامة (×) على يمين أو يسار أسماء المراد انتخابهم من المرشحين في غير الخانة المخصصة لذلك رأت أن ليس في إعطاء الصوت بهذه الكيفية ما يتنافى مع سرية الانتخاب فأجازت هذه الأصوات ولا عليها في ذلك - ووضعت قواعد أخرى متممة ومفسرة للقواعد المطبوعة في أعلا قوائم الانتخاب لتهتدي بها في اعتماد أو عدم اعتماد الأصوات وهذه القواعد هي:
أولاً: تلغى كل علامة (×) يكون موضعها على الخط.
ثانياً: أي شطب يلغي الورقة.
ثالثاً: أي علامة غير (×) تلغي الورقة.
رابعاً: إذا وضعت علامة (×) على الرقم المسلسل أو أمام الاسم وفي الخانة المخصصة تعتمد الورقة.
خامساً: إذا وضعت علامة (×) على الرقم فقط تعتمد.
سادساً: أي كشط أو طبع من الحبر في غير محله يلغي الورقة. سابعاً: يعتبر الجزء الخاص بكل فئة من الأطباء ورقة مستقلة.
ومن حيث إن القاعدة الأولى لا وجه للاعتراض عليها لأن وضع علامة (×) على الخط الفاصل بين اسمين من المرشحين لا يمكن معه معرفة أيهما اختاره الناخب. وقد تبين من مراجعة قوائم الانتخاب الملغاة لهذا السبب أن اللجنة طبقت هذه القاعدة على القوائم أرقام 207 - 756 - 964 ولم تلغ فيها سوى العلامة الحائرة بين اسمين دون باقي العلامات الموضوعة في مكانها والتي تعين أسماء المرشحين المراد انتخابهم على وجه اليقين لا كما يعيبه عليها الطاعنون بأنها كانت في جميع الأحوال تلغي القائمة كلها لمجرد وجود علامة (×) واحدة بين اسمين.
ومن حيث إنه لا وجه كذلك للاعتراض على القاعدتين الثانية والثالثة ذلك أن وجود شطب في القائمة أو أية علامة غير العلامة المصطلح عليها مما يتعارض مع سرية الانتخاب وبالتالي يسوغ إبطال صوت الناخب في القائمة المشوبة بهذا العيب.
ومن حيث إنه لا مبرر كذلك للاعتراض على القاعدتين الرابعة والخامسة إذ فيهما تخفيف ولا يتعارض العمل بهما مع سرية الانتخاب وهما مع ذلك ليسا محل نعي من الطاعنين وتطبيقاً لهاتين القاعدتين اعتمدت اللجنة عدداً من القوائم التي أثبتت فيها علامة (×) سواء على يمين أسماء المرشحين أو على يسارها ما عدا القائمة رقم 331 التي ألغيت بدون مبرر وقد اعتمدتها المحكمة.
ومن حيث إنه لا وجه كذلك للاعتراض على القاعدة السابعة التي تقضي باعتبار الجزء من القائمة الخاص بكل فئة من الأطباء ورقة قائمة بذاتها إذ يبرر هذا النظر أن عملية الفرز بالنسبة إلى كل من الفئتين من الأطباء مستقلة عن الأخرى وهذه القاعدة ليست محل نعي من الطاعنين.
ومن حيث إن القاعدة السادسة التي تتضمن إلغاء كل قائمة يوجد فيها طبع من الحبر وهي موضوع نعي الطاعنين في السبب الرابع من أسباب طعنهم. هذه القاعدة تعسفية ولا مبرر لها إطلاقاً إذ لا تقتضيها رعاية سرية الانتخاب ذلك أن الطبع ليس من عمل الناخب فلا يصح بحال اعتباره علامة مميزة لشخصه وإنما هو ناشئ من طي القائمة قبل أن يجف مداد العلامات فيها فتنطبع هذه العلامات في المواضع المقابلة لها وقد يحصل هذا الطبع أمام أسماء بعض المرشحين ومن السهل في معظم الحالات كشف العلامات الأصلية من العلامات المطبوعة وقد راجعت المحكمة القوائم التي ألغيت لهذا السبب فتبين أن عددها تسع وثلاثون قائمة وأن قائمتين منها فقط يصعب تمييز العلامات الأصلية فيها من العلامات المطبوعة وهما القائمتان رقما 633 و979 أما باقي القوائم فمن السهل بمجرد النظر كشف العلامات (×) الأصلية من العلامات المطبوعة وبالتالي معرفة المختارين من المرشحين وهذه القوائم ما كان يصح إلغاؤها بسبب الطبع وحده وأرقامها هي 77 و104 و149 و159 و190 و265 و317 و354 و417 و448 و450 و464 و509 و539 و557 و566 و568 و569 و591 و598 و601 و615 و624 و642 و649 و758 و759 و766 و774 و810 و830 و863 و916 و919 و947 و1007 و1015 ومنها القوائم أرقام 591 و649 و810 ألغي الصوت فيها بالنسبة للمرشحين المقيدين لأكثر من خمس عشرة سنة أم بالنسبة إلى المقيدين لأقل من ذلك ومنها القوائم أرقام 159 و39 و830 ألغيت الأصوات فيها بالنسبة للمرشحين لأقل من خمس عشرة سنة وباقي القوائم ألغيت بالنسبة للمرشحين المقيدين لأكثر من خمس عشرة سنة.
ومن حيث إنه مما لاحظته المحكمة أيضاً من فحص قوائم الانتخاب أن لجنة الفرز لم تجر على وتيرة واحدة في اعتماد القوائم التي وضع الناخبون فيها علامة (×) مكررة سواء على يمين أم على يسار أسماء المرشحين فقد تبين أن اللجنة اعتمدت في الغالب من هذه القوائم ما وضعت فيه علامة (×) مكررة باطراد وعلى نسق واحد أمام أسماء جميع المختارين من المرشحين وأبطلت منها جملة ما خالف ذلك فيما عدا القائمتين رقمي 402 و788 اللتين اعتمدتهما اللجنة على خلاف القاعدة المذكورة. ولما كان قد وضح للمحكمة أن سبب تكرار هذه العلامات في بعض القوائم هو أن عدداً من الناخبين بعد أن سجلوا أصواتهم بوضع علامة (×) في غير الخانة المخصصة لها أمام أسماء كل أو بعض من أرادوا انتخابهم تنبهوا إلى ما ورد بالتعليمات المدونة في رأس القائمة فكرروا العلامة بوضعها في الخانة المعدة لها دون إجراء أي شطب أو كشط ودون وضع أية علامة أخرى خلاف علامة (×) في القائمة فإنه لا يكون في عملهم هذا ما يتعارض مع سرية الانتخاب وبالتالي يتعين اعتماد علامة (×) الموضوعة في الخانة المخصصة لها في قوائم الانتخاب سواء تكررت في القائمة على نسق واحد بالنسبة إلى جميع المختارين من المرشحين أم لم تتكرر على أن اللجنة نفسها لم يستقر رأيها على أن عدم تكرار هذه العلامة على نسق واحد بالنسبة إلى جميع المختارين يعتبر علامة مميزة من شأنها الإخلال بسرية الاقتراع بدليل أنها اعتمدت القائمتين رقمي 402 و788 السابق الإشارة إليهما مع أن تكرار علامة (×) لم يحصل فيهما باطراد وعلى نسق واحد وانبنى على هذا النظر وجوب اعتماد خمس وعشرين قائمة منها 19 قائمة خاصة بالمرشحين من المقيدين لأكثر من خمس عشرة سنة وخمس قوائم خاصة بالمرشحين لأقل من خمس عشرة سنة وقائمة ألغيت بالنسبة إلى الفئتين في حين أنه يجب اعتماد الأصوات التي أعطيت في هذه القوائم. وأرقام التسع عشرة قائمة الخاصة بالمرشحين من الفئة الأولى هي 14 و120 و185 و191 و200 و226 و243 و345 و361 و526 و577 و627 و707 و862 و950 و953 و955 و966 و998 وأرقام القوائم الخمس الخاصة بالمرشحين من الفئة الثانية هي الآتية: 114 و508 و794 و801 و941 ورقم القائمة التي ألغتها اللجنة بالنسبة إلى الفئتين هو 305.
ومن حيث إنه بتصحيح نتيجة الفرز وفقاً للقواعد التي اعتمدتها المحكمة على ما سبق بيانه تكون الأصوات الصحيحة التي نالها كل مرشح من الأطباء المقيدين لأكثر من خمس عشرة سنة بحسب ترتيب أسمائهم في قوائم الانتخاب هي كما يلي:............
ويبين من ذلك أن الخمسة الذين حصلوا على أكثر الأصوات من هذه الفئة بحسب ترتيبهم تبعاً لعدد ما نالوه من الأصوات هم:..........
وهذه النتيجة رغم الاختلاف في عدد الأصوات التي نالها كل مرشح تتفق مع النتيجة التي انتهت إليها لجنة الفرز فيما عدا الخامس ذلك أن اللجنة أعلنت انتخاب الدكتور....... عضواً بمجلس النقابة عن الفئة الأولى على اعتبار أنه الخامس في الترتيب بحسب عدد الأصوات التي نالها وعددها 271 صوتاً بحسب نتيجة فرزها بينما نال الدكتور......... بحسب نتيجتها 269 صوتاً في حين أنه بحسب التصحيح الذي أجرته المحكمة على ما سبق بيانه نال الأول 286 صوتاً بينما نال الثاني 287 صوتاً وكان يجب إعلان انتخاب هذا الأخير ومن ثم يتعين الحكم ببطلان انتخاب الأول منهما على أن يحل محله الثاني في عضوية مجلس النقابة وهو الدكتور السالف الذكر لأنه هو الخامس في الترتيب بين المرشحين بحسب عدد الأصوات الصحيحة التي نالها.
ومن حيث إنه بتصحيح عملية الفرز وفقاً للقواعد السابق بيانها بالنسبة للمرشحين من الأطباء المقيدين لأقل من خمس عشرة سنة تكون الأصوات الصحيحة التي نالها كل منهم بحسب ترتيب أسمائهم في قوائم الانتخاب هي كما يلي:
ويبين من ذلك أن الاثنين اللذين حصلا على أكثر من الأصوات هما الدكتور..... والدكتور...... إذ نال الأول 217 صوتاً ونال الثاني 205 صوتاً وهذه النتيجة تتفق والنتيجة التي انتهت إليها لجنة الفرز مع اختلاف يسير في عدد الأصوات التي نالها كل مرشح.
ومن حيث إنه لما سبق بيانه يتعين الحكم ببطلان انتخاب خامس المنتخبين لعضوية مجلس النقابة عن الأطباء البشريين المقيدين لأكثر من خمس عشرة سنة وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات.


الطعن 1 لسنة 23 ق جلسة 2 / 2 / 1953 مكتب فني 4 ج 2 نقابات ق 2 ص 267

جلسة 5 من فبراير سنة 1953

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وسليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل المستشارين.
-------------
(2)
الطعن رقم 1 سنة 23 القضائية

 (أ ) نقابة. مهندسين.

نقابة المهن الهندسية. الأعضاء الذين تتكون منهم الجمعية العمومية. متى يكون انعقاد الجمعية العمومية صحيحاً (المواد 2 و5 و6 من القانون رقم 89 لسنة 1946).
(ب) نقابة. مهندسين.

نقابة المهن الهندسية. انتخاب. تقرير أعضاء الجمعية العمومية انفضاضها على أثر حصول هرج وانصراف بعض الأعضاء. استمرار من بقي من الأعضاء رغم ذلك في عملية الانتخاب. بطلان الانتخاب.

------------

(1) قصد الشارع من المادة الخامسة من القانون رقم 89 لسنة 1946 تنظيم كيفية تكوين الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية وبيان من لهم حق التصويت فيها فنص على أنها تتكون من المهندسين المشار إليهم في الفقرة "أ" من المادة الثالثة ومن نصف مجموعهم من المهندسين فالمهندسين تحت التمرين والمهندسين المساعدين المشار إليهم في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الثالثة على النحو والترتيب المبين بالمادة الخامسة فإذا ما دعي الأعضاء لتكوين الجمعية العمومية على هذا الأساس وحضر الاجتماع مائتا عضو على الأقل من أية فئة كانت دون تخصيص كان الاجتماع صحيحاً إذ هذا هو مدلول المادة السادسة التي لم تشترط لصحة انعقاد الجمعية العمومية حضور نسبة معينة من كل فئة بل اقتصرت على تحديد العدد الأدنى للأعضاء الحاضرين الذين يصح الانعقاد بحضورهم وهو مائتا عضو على الأقل، فإذا لم يتوافر هذا العدد تدعى الجمعية العمومية إلى اجتماع آخر ويكون اجتماعها التالي صحيحاً أياً كان عدد الحاضرين. أما ما يتحدى به المهندسون من الفئة "أ" من أن الأخذ بهذا النظر يسلبهم ما يميزون به بمقتضى المادة الخامسة من أغلبية عددية فمردود بأنهم دعوا إلى حضور الجمعية العمومية على أساس النسبة المذكورة، فإذا كانوا قد تخلفوا عن الحضور فإنهم هم الذين فرطوا فيما خولهم القانون من أغلبية عددية في تكوين الجمعية العمومية. على أن الأخذ بالرأي المخالف يجعل عقد الجمعية رهيناً بمشيئة أعضاء الفئات المختلفة، فإذا عنّ لفريق الفئة "أ" أو لفريق الفئتين "ب وج" تعطيل انعقادها تخلفوا عن حضورها فيتعذر انعقادها مهما بلغ عدد الأعضاء الحاضرين من الفريق الآخر كما يستتبع الأخذ بالرأي المخالف حرمان بعض أعضاء الفئات من حضور الجمعية العمومية وبالتالي حرمانهم مما خولهم القانون من حق في التصويت لمجرد تخلف عدد من الفريق الآخر عن الحضور، وفي ذلك مخالفة لنص القانون الذي خول حق التصويت لجميع أعضاء النقابة من الفئة "أ" ولنصف مجموعهم من الفئتين "ب وج" على النحو السابق بيانه فلا يحل لأعضاء أحد الفريقين أن يعطل بفعله هذا الحق بالنسبة لعدد من الفريق الآخر.
 (2)إذا كان الثابت بمحضر اجتماع الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية أنه تقرر انفضاضها على أثر حصول هرج بين الأعضاء وانصراف من انصرف منهم بسبب ذلك فإنه لا يجوز لبعض الأعضاء المضي في عملية الانتخاب وتكون هذه العملية وقعت باطلة.


الوقائع

في 12 من يناير سنة 1953 قدم إلى هذه المحكمة تقرير موقع عليه من 67 مهندساً ومذيل بإشارة موقع عليها بإمضاء سكرتير نقابة المهن الهندسية تفيد أنهم من الأعضاء الذين ثبت حضورهم الجمعية العمومية المنعقدة في يوم الجمعة 26 من ديسمبر سنة 1952 وأن توقيعاتهم صحيحة يتضمن الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية وما اتخذ فيها من قرارات بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1952 وفي 22 من يناير سنة 1953 قدمت مذكرة مصحوبة بفتوى لمستشار النقابة من المهندس..... عضو المجلس الأعلى لنقابة المهن الهندسية المنتخب عن أعضاء الفقرتين ب وج، وفي 26 منه قدمت مذكرة من حضرة المهندس...... نقيب المهندسين مصحوبة بصورة أخرى من الفتوى المشار إليها.
وبجلسة 27 من يناير سنة 1953 المعينة لنظر هذا الطعن حضر المهندس........ وطلب قبول تدخله في الخصومة فدفع حضرة مستشار الرأي والمهندس....... أحد الأعضاء الطاعنين بعدم قبول هذا التدخل فحكمت المحكمة برفض تدخله واستبعاد الأوراق المقدمة منه ثم سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة تكليف حضرة النقيب تقديم السجلات المقيدة فيها أسماء أعضاء النقابة من أرباب المهن الهندسية والكشف الذي أثبت فيه أسماء من حضروا انعقاد الجمعية العمومية إن وجد وتذاكر الانتخاب لمن أعطوا أصواتهم، وحددت لنظر الطعن جلسة الاثنين 2 من فبراير سنة 1952 وفيها قدمت الأوراق المطلوبة واطلعت عليها المحكمة وكذا حضرة مستشار الرأي بعد أن قضت المحكمة حرز بطاقات الانتخاب ثم سمعت المرافعة وسألت سكرتير النقابة فيما رأت لزوماً لاستيضاحه، وقد صمم الوكيل عن مقدمي الطعن على بطلان الانتخابات للأسباب المبينة بتقرير الطعن وانضم إليه كل من حضرة مستشار الرأي ووكيل النقابة وطلب حضرة النقيب رفض الطعن كالمبين بمحضر الجلسة وأرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتي:


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال مستشار الرأي لوزارة الأشغال بمجلس الدولة ونقيب النقابة ووكيلها والوكيل عن الأعضاء مقدمي الطعن وسماع أقوال سكرتير النقابة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن محصل الوقائع إنه في يوم 12 من يناير سنة 1953 قدم المهندس...... مساعد مفتش عام الخزانات بوزارة الأشغال طعناً مسبباً في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية المنعقدة في 26 من ديسمبر سنة 1952 موقعاً عليه من سبعة وستين عضواً من المهندسين المنصوص عليهم في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1946 الخاص بنقابة المهن الهندسية وهم جميعاً من أعضاء هذه النقابة المقيدين بسجلاتها وقد ثبت حضورهم الجمعية العمومية المطعون في صحة انعقادها. وفي جلسة 27 من يناير سنة 1953 المحددة لنظر الطعن حضرة كل من مستشار الرأي لوزارة الأشغال ونقيب المهندسين وأحد وكيل النقابة وأحد الأعضاء مقدمي الطعن ثم حضر المهندس...... بوصفه نائباً عن أعضاء النقابة ممن نص عليهم بالفقرتين (ب وج) من المادة الثالثة من القانون المذكور وطلب سماع أقواله فحكمت المحكمة بعدم قبول تدخله. ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعنين نعوا في طعنهم على الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية المنعقدة في 26 من ديسمبر سنة 1952 بطلان انعقادها لمخالفته للقانون إذ تستوجب المادة الخامسة من القانون رقم 89 لسنة 1946 أن تؤلف الجمعية العمومية من المهندسين المشار إليهم في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة من القانون المذكور وهم الحاصلون على بكالوريوس في الهندسة من إحدى الجامعات المصرية وباقي من نصت عليهم هذه الفقرة، ونصف مجموعهم ممن نص عليهم في الفقرة (ب) من المادة المذكورة وهم المهندسون والمهندسون تحت التمرين الحاصلون على دبلوم مدرسة الهندسة التطبيقية العليا على النحو المبين بها وممن نصت عليهم الفقرة (ج) من المادة المذكورة وهم المهندسون والمهندسون المساعدون الحاصلون على دبلوم مدرسة الفنون والصناعة ودبلوم مدرسة الفنون الجميلة قسم العمارة على النحو المبين بها، ولما كانت هذه النسبة لم تراع في انعقاد الجمعية العمومية إذ كان مجموع عدد الحاضرين حسب تعداد الأصوات التي حضرت عند الانتخاب 727 مهندساً من الفقرة ( أ ) و1100 من المهندسين المنصوص عليهم بالفقرتين (ب وج) فيكون انعقادها قد عاره البطلان.
ومن حيث إن مستشار الرأي لوزارة الأشغال أبدى رأيه بالموافقة على ما جاء بسبب الطعن معارضاً ما جاء بفتوى سابقة للمستشار القانوني للنقابة صادرة في 10/ 1/ 1950 وقد قدم النقيب صورة منها إلى هذه المحكمة وتتحصل في أن النسبة الواردة في الفقرة الأولى من المادة الخامسة مشترطة في تكوين الجمعية العمومية فقط لا في صحة انعقادها كما أبدى النقيب رأيه بالموافقة على فتوى المستشار القانوني للنقابة، أما وكيل النقابة الحاضر بالجلسة، فقد أبدى رأيه بالموافقة على ما جاء بطعن الطاعنين وتمسك الحاضر عن الطاعنين بما جاء بسبب الطعن.
ومن حيث إن الشارع إنما قصد من المادة الخامسة تنظيم كيفية تكوين الجمعية العمومية لنقابة المهن الهندسية وبيان من لهم حق التصويت فيها، فنص على أنها تتكون من المهندسين المشار إليهم في الفقرة ( أ ) من المادة الثالثة، ومن نصف مجموعهم من المهندسين فالمهندسين تحت التمرين والمهندسين المساعدين المشار إليهم في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الثالثة على النحو والترتيب المبين بالمادة الخامسة، فإذا ما دعي الأعضاء لتكوين الجمعية العمومية على هذا الأساس وحضر الاجتماع مائتا عضو على الأقل من أية فئة كانت دون تخصيص كان الاجتماع صحيحاً إذ هذا هو مدلول المادة السادسة التي لم تشترط لصحة انعقاد الجمعية العمومية حضور نسبة معينة من كل فئة، بل اقتصرت على تحديد العدد الأدنى للأعضاء الحاضرين الذين يصح الانعقاد بحضورهم وهو مائتا عضو على الأقل فإذا لم يتوافر هذا العدد تدعى الجمعية العمومية إلى اجتماع آخر ويكون اجتماعها التالي صحيحاً أياً كان عدد الحاضرين. أما ما يتحدى به المهندسون من الفئة ( أ ) من أن الأخذ بهذا النظر يسلبهم ما يميزون به بمقتضى المادة الخامسة من أغلبية عددية فمردود بأنهم دعوا إلى حضور الجمعية العمومية على أساس النسبة المذكورة كما يؤخذ من الكتاب المقدم إلى هذه المحكمة من النقيب فإذا كانوا قد تخلفوا عن الحضور فإنهم هم الذين فرطوا فيما خولهم القانون من أغلبية عددية في تكوين الجمعية العمومية على أن الأخذ بالرأي المخالف يجعل عقد الجمعية رهيناً بمشيئة أعضاء الفئات المختلفة فإذا عنّ لفريق الفئة ( أ ) أو لفريق الفئتين (ب وج) تعطيل انعقادها تخلفوا عن حضورها فيتعذر انعقادها مهما بلغ عدد الأعضاء الحاضرين من الفريق الآخر كما يستتبع الأخذ بالرأي المخالف حرمان بعض أعضاء الفئات من حضور الجمعية العمومية وبالتالي حرمانهم مما خولهم القانون من حق في التصويت لمجرد تخلف عدد من الفريق الآخر عن الحضور وفي ذلك مخالفة لنص القانون الذي خول حق التصويب لجميع أعضاء النقابة من الفئة ( أ ) ولنصف مجموعهم من الفئتين (ب وج) على النحو السابق بيانه فلا يحل لأعضاء أحد الفريقين أن يعطل بفعله هذا الحق بالنسبة لعدد من الفريق الآخر.
ومن حيث إن الطاعنين تمسكوا بالجلسة بسبب آخر للطعن وليس في القانون ما يمنع من ذلك بعد أن استوفى الطعن شكله بتقديمه مسبباًً في الميعاد وفقاً للمادة 20 ومحصل هذا السبب أنه حصل هرج عندما انعقدت الجمعية العمومية كان من أثره أن انفضت الجمعية ثم أجريت عملية الانتخاب بعد انفضاضها. وقد حدث أثناء هذا الهرج أن اعتدى بعض الأعضاء على بعضهم اعتداءً بلغ من العنف مبلغاً لم ير كثير من الأعضاء تفاديه إلا بالانصراف من مكان الاجتماع دون إعطاء أصواتهم وأن هذا مبطل لعملية الانتخاب.
ومن حيث إن مستشار الرأي قد استند في تحدثه عن هذا السبب إلى ما ثبت بمحضر جلسة الجمعية العمومية وقد قرر وكيل النقابة أمام المحكمة أنه أثناء الهرج حصل اعتداء بالضرب من الأعضاء بعضهم على بعض ومزقت ملابسهم وقال إن بعض الأعضاء اضطروا إلى الانصراف من مكان الاجتماع دون تصويت، مما يبطل الاجتماع وإن كان قد فاز منه بانتخابه وكيلاً وكذلك قرر العضو الحاضر عن الطاعنين بالجلسة أما النقيب فنفى أن ما حدث من هرج قد أثر على عملية الانتخاب، لأن الأعضاء الذين دخلوا مكان الاجتماع هم بأنفسهم الذين أعطوا أصواتهم سوى اثنين واستند إلى ما بالنقابة من كشوف حصر فيها عدد الحاضرين من الأعضاء بمكان الاجتماع غير أنه قرر في الجلسة الثالثة أنه تبين له عدم وجود كشوف في النقابة بحصر الأعضاء عند دخولهم إلى مكان الاجتماع وأيده في ذلك وكيل النقابة والنائب عن الطاعنين.
ومن حيث إن النقابة أرسلت إلى هذه المحكمة محضر الجمعية العمومية المطعون في صحة انعقادها وقد جاء في نهايته بعد أن أثبتت فيه موافقة الجمعية على بعض القرارات في مستهل انعقادها "وهنا حدث هرج بين الأعضاء فانفضت الجمعية العمومية وأخذ الأعضاء طريقهم إلى صناديق الانتخاب" وظاهر من هذا الذي ثبت بالمحضر أن الجمعية كانت قد انفضت قبل إجراء عملية الانتخاب، وذلك على أثر ما قام بين الأعضاء من هرج وصفه وكيل النقابة بأنه اشتد حتى بلغ من العنف مبلغاً أدى إلى الاعتداء بالضرب وإيقاع الأذى من الأعضاء بعضهم على بعض ولذلك بارح من مكان الاجتماع كثيرون من الأعضاء تفادياً لما قدم يمسهم من سوء ولم يثبت أن الجمعية اتخذت قراراً باستمرار الانعقاد بعد حصول هذا الهرج، وانصراف من انصرف من الأعضاء. وقد حاولت المحكمة على غير جدوى حصر عدد الذين انصرفوا من مكان الاجتماع على أثر الهرج دون اشتراكهم في عملية الانتخاب ذلك بأنه ثبت من الأقوال التي أدلى بها من حضروا بالجلسة لدى المحكمة أنه لم يجر حصر عدد الوافدين على مكان الاجتماع عند حضورهم ولم يكن يطلب من بعضهم تذاكر الدعوة عند دخولهم إلى مكان الاجتماع حتى كان يمكن بمقارنة عدد من حضر فعلاً من الأعضاء بعدد من أعطوا أصواتهم الوصول إلى معرفة عدد من انصرفوا دون تصويت كما ثبت من أقوال سكرتير النقابة الذي سمعت المحكمة أقواله أن عدداً كبيراً من الحاضرين من الأعضاء انصرف على أثر حصول الهرج وانفضاض الجمعية العمومية دون تصويت منهم في الانتخاب وقرر مثل ذلك وكيل النقابة والمهندس الحاضر عن الطاعنين بصرف النظر عما وجه لطريقة دعوة الأعضاء لحضور الجمعية العمومية من نقد إذ قال وكيل النقابة أنها كانت ترسل لكل عضو ممن دعوا داخل غلاف مفتوح وقد تصل أو لا تصل، فإنه قد اتضح للمحكمة مما سلف بيانه إن عملية الانتخاب لنقابة المهن الهندسية التي تمت في 26 من ديسمبر سنة 1952 بمقر النقابة كانت باطلة رغم أن عدد تذاكر الدعوة التي أمكن جمعها من بعض الحاضرين من أعضاء النقابة ممن خولهم القانون حق التصويت بدل على أن عدد الحاضرين كان يزيد على النصاب الذي يصح به انعقاد الجمعية العمومية وفقاًً للمادة السادسة من قانون النقابة أما سبب البطلان فلأنه ما كان يجوز لبعض الأعضاء بعد أن تقرر انفضاض الجمعية العمومية على أثر حصول الهرج على ما هو ثابت بمحضر اجتماعها وبعد انصراف من انصرف من الأعضاء بسبب ذلك ما كان يجوز لهم المضي في عملية الانتخاب ومن ثم يكون البطلان مقصوراً على هذه الانتخابات دون انعقاد الجمعية العمومية ودون ما اتخذته من قرارات قبل التقرير بانفضاضها.

الطعنان 195، 323 لسنة 21 ق جلسة 17 / 2 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 91 ص 686

جلسة 17 من فبراير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

----------
(91)
القضيتان رقما 195 و323 سنة 21 القضائية

)أ) نقض. طعن.

اقتصار الطاعن في تقرير طعنه على طلب نقض الحكم وتطبيق القانون. كفايته. طلب الفصل في الموضوع أو إحالة القضية إلى دائرة أخرى. تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
)ب) شرط. شرط تهديدي. عقد. مسئولية. تعويض.

استخلاص المحكمة أن الشرط الوارد في العقد هو شرط تهديدي. من حقها عدم إعمال هذا الشرط وتقدير التعويض وفقا للقواعد العامة.
)ج) شرط. شرط جزائي. تعويض. مسئولية. عقد. وفاء.

الواقعة محكومة بالقانون المدني القديم. ثبوت أن المدين نفذ بعض الأعمال التي التزام بها ولم ينفذ البعض الآخر. التقصير جزئي. حق المحكمة في تخفيض التعويض الاتفاقي. المادة 123 مدنى قديم.

--------------

1 - متى كان الطاعن قد طلب في تقرير طعنه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع نقض الحكم وتطبيق القانون، فان مفاد ذلك أنه طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الواردة بتقرير الطعن، وهو الطلب الأساسي الذى يتقدم به الطاعن لدى محكمة النقض، وهو في ذاته كاف للإفصاح عن قصده، وأما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى أو إعادة القضية إلى دائرة أخرى لتفصل فيها من جديد، فان المحكمة تنظر فيه من تلقاء نفسها وتنزل في شأنه حكم القانون غير مقيدة بطلبات طرفي الخصومة في هذا الخصوص.
2 - متى كانت المحكمة قد اعتبرت في حدود سلطتها الموضوعية وبالأدلة السائغة التي أوردتها أن الشرط الوارد في العقد هو شرط تهديدي، فان مقتضى ذلك أن يكون لها أن لا تعمل هذا الشرط وأن تقدر التعويض طبقا للقواعد العامة.
3 - إذا كانت واقعة الدعوى محكومة بالقانون المدني القديم، وكان المدين قد نفذ بعض الأعمال التي التزم بها وتخلف عن تنفيذ بعضها الآخر، فيعتبر تقصيره في هذه الحالة تقصيرا جزئيا يجيز للمحكمة أن تخفض التعويض المتفق عليه إلى الحد الذى يتناسب مع مقدار الضرر الحقيقي الذى لحق الدائن. ولا محل للتحدي بظاهر نص المادة 123 من القانون المدني القديم، ذلك أن مجال إنزال حكم هذا النص أن يكون عدم الوفاء كليا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنتين والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 751 سنة 1949 القاهرة الابتدائية على المطعون عليهم وآخرين وقالتا بيانا لها إن المطعون عليه الأول اتفق معهما في 10 من يوليه سنة 1946 على تنفيذ أعمال مقاولة بمنزلهما الواقع في شارع همدان رقم 4 بالجيزة وفقا لما هو وارد في عقد الاتفاق وشروط العمل، ومن هذه الشروط أن جميع الأعمال الخاصة بالنجارة تكون من الخشب الموسكي البتن الجديد، وتعهد المطعون عليه الأول بالتسليم في 25 من سبتمبر سنة 1946 بحيث إذا تأخر عن ذلك يكون ملزما بتعويض مقداره 10 جنيهات عن كل يوم ويكون مسئولا عن كل الأضرار التي تترتب عن جراء التأخير عن الميعاد المحدد واشترط أن يكون للطاعنتين الحق في حالة التأخير - في الحجز على العدد والأدوات والمواد التي تكون موجودة بالعمارة أو ما يكون مملوكا للمقاول في أعمال أخرى سواء أكانت للحكومة أو لغيرها. فلما خالف المطعون عليه معظم التعهدات أقامتا عليه دعوى إثبات الحالة رقم 277 سنة 1947 مستعجل القاهرة، وقد ندبت المحكمة فيها خبيرا للانتقال إلى العين محل النزاع وإثبات جميع الأعمال التي قام بها المقاول وبيان ما إذا كانت قد تمت طبقا للعقود المبرمة بين الطرفين وللشروط والأوضاع المتفق عليها، وما تم زائدا أو ناقصا أو مخالفا لها، وتحديد قيمة كل ذلك، فباشر الخبير مأموريته وأثبت في تقريره جملة مخالفات ترتب عليها تأخير المطعون عليه الأول في التسليم في الميعاد المحدد، وطلبتا الحكم لهما بمبلغ 5414.092 جنيها على سبيل التعويض، وهو عبارة عن إيجار المدة من 25 من سبتمبر سنة 1946 إلى أول فبراير سنة 1948 وهو اليوم الذى تسلمت فيه الحكومة المنزل، وذلك بواقع 75 جنيها شهريا، وعن مبلغ 484.096 جنيها وما يستجد وهو ما تكبدتاه بسبب عقد مقاولة جديد، وعن مبلغ 4930 جنيها التعويض المنصوص عليه في عقد الاتفاق بواقع 10 جنيه يوميا، وعن 100 جنيه دفعت إلى محمد سليمان وبول لازاريوس المهندسين لمراقبة العمل - وفى 11 من مارس سنة 1948 أثناء سير الدعوى قدمت الطاعنتان طلبا إلى رئيس المحكمة لتقدير دينهما والإذن لهما بتوقيع الحجز التحفظي تحت يد المعلن إليهم من الثاني إلى الخامس (الطاعنتان وبنك مصر ورفاعي أبو العلا والبنك الأهلي) على ما يكون للمطعون عليه الأول، فصدر الأمر بتوقيع الحجز وفاء لمبلغ 5414.092 جنيها نظير المصاريف الاحتمالية، تظلم المطعون عليه من هذا الأمر، وأقام الدعوى رقم 885 سنة 1948 القاهرة الابتدائية، وفى 29 من مارس سنة 1948 قضت المحكمة بإلغائه. وفى 21 من أبريل سنة 1948 استصدرت الطاعنتان أمرا آخر مسببا بتوقيع الحجز تحت يد المدعى عليهم مع تقدير دينهما بمبلغ 1700 جنيه، فرفع المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1575 سنة 1948 متظلما من هذا الأمر وفى 23 من يونيه سنة 1948 قضت المحكمة برفض تظلمه. وبصحيفة معلنة في 25 من مارس سنة 1948 أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1435 سنة 1948 القاهرة الابتدائية على الطاعنتين وقال بيانا لها إنه قام بكل ما هو مطلوب منه طبقا للشروط المحررة بين الطرفين، وكان الباقى منها بعض أعمال بسيطة إلا أن الطاعنتين نازعتاه مستعينتين في ذلك باستعمال الحق المخول لهما في الشروط الخاصة بوقف بعض الأعمال، وفى طلب أعمال إضافية وأقامتا عليه دعوى إثبات الحالة رقم 277 سنة 1947 مستعجل القاهرة، وعند نظر الاستئناف رقم 192 سنة 1947 ندبت المحكمة الخبير عبد الحليم حلمي، فلما قدم تقريره، اعترض على هذا التقرير وطلب ندب خبير آخر في الدعوى وطلب الحكم له بمبلغ 6033.448 جنيها وهو عبارة عن قيمة الأعمال التى قام بها ومقدارها 2514.948 جنيها وقيمة مواد البناء التي استولت عليها الطاعنتان بصفتهما حارستين ومقدارها 424.210 جنيها وريع المهمات والأدوات والأخشاب من أول يناير سنة 1947 حتى آخر مارس سنة 1948 بخلاف ما يستجد بواقع 30 جنيها شهريا حتى التسليم، 1000 جنيه تعويضا نظير فسخهما عقد المقاولة و1644.400 جنيها ثمن الأدوات والمهمات والأخشاب فقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 1435 سنة 1948 إلى الدعوى رقم 571 سنة 1948 وفى 17 من مارس سنة 1949 قضت المحكمة في الدعوى رقم 751 سنة 1948 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعنتين مبلغ 835 جنيها وتثبيت الحجز المتوقع تحت يد باقي المدعى عليهم بالنسبة إلى هذا المبلغ، وفى الدعوى رقم 1435 سنة 1948 بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 361.012 جنيها فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 565 سنة 66 ق القاهرة كما استأنفته الطاعنتان وقيد استئنافهما برقمي 652 سنة 66 و236 سنة 67 ق القاهرة، وفى 11 من ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة في موضوع الاستئنافات الثلاثة بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى رقم 751 سنة 1948 وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعنتين مبلغ 475.750 جنيها والمصروفات المناسبة عن الدرجتين و800 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما وتثبيت الحجز التحفظي تحت يد باقي الخصوم وفاءا لهذا المبلغ، وبالنسبة إلى الدعوى رقم 1435 سنة 1948 وبإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون عليه مبلغ 60.562 جنيها وأن تسلماه أدواته ومهماته المبينة بتقرير الخبير عبد الحليم حلمي، وإلا فتلزمان بدفع قيمتها ومقدارها 300.450 جنيه مع إلزامهما بالمصروفات المناسبة لذلك عن الدرجتين و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فقررت الطاعنتان الطعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 195 و323 سنة 21 ق.
ومن حيث إن المحكمة قررت بجلسة المرافعة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول.
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع في الطعن رقم 195 سنة 21 ق أولا - بعدم قبوله لأن التعاقد الذى أسس عليه طرفا الخصومة دعواهما إنما انعقد بين المطعون عليه والطاعنتين بصفتهما الشخصية وبصفتهما حارستين على المنزل موضوع النزاع وناظرتي وقف على جزء منه. والحكم المطعون فيه أورد في خصوص الاستئناف رقم 565 سنة 66 ق أنه رفع من المطعون عليه الأول على الطاعنتين بصفتهما المذكورة إلا أن الطاعنتين رفعتا هذا الطعن بصفتهما الشخصية فقط. وثانيا - ببطلان الطعن لعدم اشتمال التقرير على بيان طلبات الطاعنتين، ذلك لأن المادة 429 من قانون المرافعات توجب اشتمال التقرير على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن. وقد اقتصرت الطاعنتان في طلباتهما الختامية على طلب نقض الحكم وتطبيق القانون، دون أن تفصحا عن قصدهما من ذلك. وقد أتت وجوه الطعن مطلقة غير محددة مما يتعذر معه التكهن بما تقصده الطاعنتان حتى تستطيع المحكمة أن تقول كلمتها فيها.
ومن حيث إن هذين الدفعين مردودان: أولا - بأنه يبين من الحكم الابتدائي الصادر في 17 من مارس سنة 1949 أن الدعوى رقم 751 سنة 1948 رفعت من الآنستين جليلة هانم وكلفراح هانم إمام على المطعون عليهم وآخرين ثم أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 1435 سنة 1948 على الطاعنتين وطلب فيها الحكم بإلزامهما بمبلغ 6033.558 جنيها من ذلك 424.210 جنيها قيمة المون التي استولتا عليها بصفتهما حارستين واستعملتاها في شؤونهما كما تصرفتا في البعض الآخر. فقضت المحكمة في الدعوى الأولى بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع لهما مبلغ 825 جنيها، وفى الدعوى الثانية قضت للمطعون عليه الأول بإلزام الطاعنتين بمبلغ 361.012 جنيها فرفع المطعون عليه الأول استئنافه على الطاعنتين بصفتهما الشخصية وبصفتهما حارستين قضائيين وناظرتي وقف على المنزل رقم 4 شارع همدان بالجيزة، أما الطاعنتان فقد استأنفتا هذا الحكم بنفس الصفة التي رفعتا بها دعواهما والحكم المطعون عليه إذ صدر في موضوع الاستئناف بتعديل المبلغ المحكوم به لم يغير من صفات الخصوم التي صدر بها الحكم الابتدائي. والطاعنتان إذ قررتا الطعن بطريق النقض بصفتهما الشخصية مجردة من أي صفة أخرى، فإنما كان ذلك وفقا لما جاء بمنطوق الحكمين الابتدائي والاستئنافي، وبالصفة التي اتصفا بها في جميع مراحل النزاع ولم يعترض عليها المطعون عليه الأول في أية مرحلة منها. ومردودان. ثانيا - بأنه يبين من تقرير الطعن أن الطاعنتين طلبتا قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم وتطبيق القانون. ومفاد ذلك أنهما طلبتا نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الواردة بتقرير الطعن، وهو الطلب الأساسي الذى يتقدم به الطاعن لدى محكمة النقض وهو في ذاته كاف للإفصاح عن قصدهما، وأما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى أو إعادة القضية إلى دائرة أخرى لتفصل فيها من جديد فإن المحكمة تنظر فيه من تلقاء نفسها وتنزل في شأنه حكم القانون، غير مقيدة بطلبات طرفي الخصومة في هذا الخصوص. وأما النعي على أسباب الطعن أنها جاءت مبهمة غير محددة، فإن محل ذلك عند الرد على السبب الرابع، وأما باقي أسباب هذا الطعن فإنها واضحة البيان محددة الغرض الذى تهدف إليه الطاعنتان من تعييب الحكم في خصوصها.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 195 سنة 21 و323 سنة 31 ق استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه في الطعن الأول في أربعة أسباب، وفى الطعن الثاني في ثلاثة أسباب.
ومن حيث إن السبب الأول من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بالتعويض للطاعنتين كما نصت عليه الاتفاقات المحررة بينهما وبين المطعون عليه أخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن المادة (215) من القانون المدني نصت على أنه إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه... ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، ونصت المادتان (223 و225) من القانون المدني الجديد، على أنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض الاتفاقي، فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إلا إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما - وعلى الرغم من صراحة هذه النصوص فان محكمة ثاني درجة أخطأت في تطبيقها وتأويلها، وقدرت التعويض بمبلغ 475 ج و57 م تقديرا اجتهاديا، مع أن المتعاقدين اتفقا على تقدير التعويض في حالة التأخير في التسليم بمبلغ عشرة جنيهات يوميا. وقد أثبت الخبير حصول الغش من جانب المطعون عليه. كما ثبت ذلك من قضية الجنحة ومن مذكرته المقدمة منه للخبير في 22 من أبريل سنة 1947.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قدر التعويض عن الضرر الذي لحق الطاعنتين بسبب تأخر المطعون عليه في إتمام العملية، وفى التسليم بمبلغ 431 ج و250 م استند في ذلك إلى أن هذا المبلغ يساوى نصف الإيجار المتفق عليه بينهما وبين وزارة المعارف في أحد عشر شهرا ونصف، ثم أضاف إليه مبلغ 44 ج و500 م قيمة ما أتلفه المقاول وعماله بالمنزل كما أثبته الخبير في تقريره. وقرر الحكم أن في هذا التقدير كل الكفاية عما أصاب الطاعنتين من ضرر وما فاتهما من كسب بسبب تقصير المطعون عليه ومخالفته لشروط العقد، وهو يعتبر تقديرا مناسبا إذا ما قورن بقيمة المقاولة وبقيمة الأعمال التي أتمها وقدرها الخبير بمبلغ 828 ج و62 م تسلم منها 800 ج كما هو مسلم به من الطرفين. ثم قرر الحكم أن ما تطالب به الطاعنتان على سبيل التعويض ممثلا في الغرامة المتفق عليها ومقدارها 10 ج عن كل يوم من أيام التأخير، هو طلب غير متناسب مع مقدار الضرر الحقيقي فضلا عن أن الغرامة كشرط جزائي تخضع لتقدير المحكمة ما دام التقصير المنسوب إلى المتعهد تقصيرا جزئيا. وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه. ذلك أنه متى كانت المحكمة قد استظهرت من الأدلة التي أوردتها والسابق بيانها أن تقدير التعويض في عقد الاتفاق بمبلغ عشرة جنيهات يوميا في حالة تأخير المطعون عليه التسليم في الميعاد المحدد هو شرط جزائي مبالغ فيه، ولا يتفق مع الضرر الذى لحق الطاعنتين، ولأن التقصير الحاصل من المطعون عليه الأول هو تقصير جزئي إذ أنه أتم بعض الأعمال التي قدرها الخبير بمبلغ 828 ج و62 م ولم يكن قد تسلم من قيمتها إلا مبلغ 800 ج، ثم قدرت التعويض على أساس نصف الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين وبين وزارة المعارف، لأنهما كانتا تنتفعان بالدور الأول في المنزل في المدة المحكوم بالتعويض عنها. وهو تقدير موضوعي ومقام على أسس صحيحة تبرر القضاء به. وأما تمسك الطاعنتين بأن المحكمة خالفت القانون إذ لم تعمل الشرط المنصوص عليه في عقد الاتفاق، فمردود بأنه متى كان الواضح من وقائع الدعوى أن المطعون عليه الأول قد نفذ بعض الأعمال التي التزم بها، وتخلف عن تنفيذ بعضها الآخر، فيعتبر تقصيره في هذه الحالة تقصيرا جزئيا، يجيز للمحكمة أن تخفض التعويض إلى الحد الذي يتناسب مع مقدار الضرر الحقيقي الذي لحق الطاعنتين. ولا محل للتحدي بظاهر نص المادة 123 من القانون المدني القديم الذى يحكم واقعة الدعوى، ذلك أن مجال إنزال حكم هذا النص أن يكون عدم الوفاء كليا، أما إذا كان عدم الوفاء جزئيا - كما هو الشأن في الدعوى، فلا مجال للتذرع بحكم هذه المادة. على أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت في حدود سلطتها الموضوعية وبالأدلة السائغة التي أوردتها أن الشرط الوارد بالعقد هو شرط تهديدي ومن مقتضى ذلك أن يكون لها أن لا تعمل هذا الشرط، وأن تقدر التعويض طبقا للقواعد العامة.
ومن حيث إن السبب الثاني من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان إذ خالف الثابت في الأوراق وأخذ بدفاع المطعون عليه الأول وهو طلب تخفيض التعويض إلى نصف الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين ووزارة المعارف بمقولة إنهما وأخاهما عباس كانوا ينتفعون بالدور الأول، في حين أن الطاعنتين قدمتا وثيقة رسمية وهى مستخرج رسمي يثبت أن الشقة الغربية من الدور الأرضي كانت خالية من السكن من 21/ 6/ 1944 لغاية 28/ 2/ 1945 ومن 1/ 11/ 1945 لغاية ديسمبر سنة 1946، وهذه المدة تدخل ضمن المدة التي قالت المحكمة إنها كانت مشغولة بالسكن. يضاف إلى ذلك أن المحكمة خالفت حكم المادة 391 من القانون المدني الجديد التي تنص على أن الورقة الرسمية حجة على الكافة بما دون فيها. ويتحصل السبب الأول من الطعن الثاني في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان من ثلاثة وجوه: الأول - أن المحكمة إذ قررت أن الطاعنتين اعترفتا ولو ضمنا بشغل أخيهما عباس إحدى الشقتين أخطأت في الإسناد ذلك أنهما لم تقرا شيئا من ذلك ولو ضمنا، بل قدمتا الدليل الرسمي على أن الشقة التي كان يسكنها أخوهما عباس كانت خالية ومرفوعا عنها العوائد في تلك المدة، وهذا خطأ يؤثر في النتيجة التي انتهى اليها الحكم - والوجه الثاني أنه إذا جاز التسليم بما أورده الحكم عن انتفاع الطاعنتين بالشقة التي كانت تقيمان فيها فإن هذا القول لا يعتبر دليلا على شغل الشقة الأخرى لأن وجودهما في شقتهما نهارا لا ينفى أن الشقة الأخرى كانت خالية. ومن ثم يكون الحكم قاصرا في إقامة الدليل على إفادة الطاعنتين من الدور الأول. والوجه الثالث - إن الطاعنتين قدمتا أدلة رسمية على أن إيجار الدور الأول ثمانية جنيهات ونصف شهريا. ولكن المحكمة بدلا من تخفيض هذه الأجرة وفقا للمادة 570 من القانون المدني الجديد لأن المالكتين كانتا تقومان بإجراء إصلاحات بالمنزل، فإنها رفعت الإيجار إلى مبلغ 27 جنيها ونصف جنيه بحجة أنهما وأخاهما ينتفعون بنصف المبنى ولا يجوز اعتبار الاتفاق الحاصل بين الطاعنتين ووزارة المعارف على إيجار المنزل جميعه بعد إخلائه تماما دليلا على أن الدور الأول كان يؤجر بواقع نصف الأجرة المتفق عليها.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن التعويض المستحق للطاعنتين هو 431 جنيها و250 مليما أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنهما قررتا في مذكرتهما المقدمة إلى المحكمة أنهما كانتا تقيمان بالمنزل نهارا للإشراف، وأن إحدى الشقتين كانت لأخيهما عباس بأربعة جنيهات، وخلصت إلى أن في هذا القول اعترافا ضمنيا بأنهما كانتا تنتفعان بالدور الأول، وأضافت بأن ذلك ثابت أيضا من الأوراق والإعلانات وصحف الدعاوى المنضمة رقم 2039 سنة 1947 و277 سنة 1947 مستعجل مصر، 2951 سنة 1947 الجيزة، إذ وجهت أوراق الإعلانات الخاصة بتلك الدعاوى منهما وإليهما باعتبار محل إقامتهما هو المنزل رقم 4 شارع همدان بالجيزة، وقد ثبت من محاضر أعمال الخبير وجودهما دائما بالمنزل أثناء انتقالاته للمعاينة وحضورهما شخصيا وتوقيعهما على المحاضر رغم وجود من يمثلهما، كما استند الحكم إلى أن الدور الأول كان تام البناء عند التعاقد وكانت المقاولة خاصة بتنفيذ الأعمال الناقصة بالدور الثاني، وهذا لا يحول دون انتفاعهما بالدور الأول، وأنه متى كان الثابت أن المنزل مكون من دورين وأن الطاعنتين كانتا تنتفعان بالدور الأول منه خلال المدة التي احتسب عنها التعويض، فإن العدالة تقضى بقصر التعويض على ما يساوى نصف مبلغ الإيجار المتفق عليه مع وزارة المعارف وهو 75 جنيها شهريا بصرف النظر عن الإيجار الذى تزعمه الطاعنتان وهذا الذى استند إليه الحكم المطعون فيه من أدلة وقرائن سليمة تكفى لدحض ادعاء الطاعنتين بخلو الدور الأول في المدة المحكوم عنها بالتعويض، ولا محل لتعييب الحكم إذ استخلص من مذكرة الطاعنتين اعترافهما الضمني بانتفاعهما بالدور الأول، فانه استخلاص سليم ويتأدى من أقوالهما الواردة بتلك المذكرة وأما تمسك الطاعنتين بالشهادة الصادرة من مصلحة الأموال المقررة في 2 من مارس سنة 1948 والتي ورد بها أن الشقة الغربية بالدور الأول كانت خالية من أول يونيه سنة 1944 إلى 28 من فبراير سنة 1945 ومن أول نوفمبر سنة 1945 إلى ديسمبر سنة 1946 وبالشهادة الثانية المحررة في 17 من مايو سنة 1951 والموصوفة بأنها بدل فاقد وهى عن خلو هذه الشقة من أول يوليه سنة 1947 إلى 31 من ديسمبر سنة 1947 لإثبات عدم انتفاعهما بالدور الأول في المدة المحكوم عنها بالتعويض فمردود بأنه فضلا عن أن المدة الواردة بالشهادة الأولى والتي تدخل ضمن المدة المحكوم عنها بالتعويض هي ثلاثة شهور فقط من أكتوبر سنة 1946 إلى ديسمبر سنة 1946، وأن الشهادة الثانية محررة بعد صدور الحكم المطعون فيه، وليس في الأوراق المقدمة من الطاعنتين ما يدل على أن الشهادة الأصلية كانت مقدمة إلى محكمة الموضوع. فضلا عن ذلك، فإن هاتين الشهادتين الصادرتين بناء على طلب من الطاعنة الأولى لا تدحضان الأدلة والقرائن التي استند إليها الحكم المطعون فيه في إثبات انتفاعهما بالدور الأول، والمستمدة من المذكرة المقدمة منهما لمحكمة الموضوع ومن التصرفات الصادرة منهما شخصيا واعتبار أن المنزل المذكور هو محل إقامتهما كما هو ثابت من إعلان أوراق الدعاوى المشار اليها. وأما ما تنعاه الطاعنتان على الحكم من أنه قدر إيجار الدور الأول بمبلغ 37.5 جنيها شهريا عن المدة التي قضى عنها بالتعويض، في حين أنهما قدمتا ما يدل على أن حقيقة الإيجار ثمانية جنيهات ونصف، فمردود بأن المحكمة لم تكن في صدد تحديد مقدار الإيجار في تلك المدة، وإنما كانت في صدد تقدير التعويض، وقد ثبت هذا التقدير على أساس الإيجار المتفق عليه بين الطاعنتين ووزارة المعارف، وهو تقدير موضوعي مقام على أسباب صحيحة.
ومن حيث إن السبب الثالث من الطعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض للطاعنتين بالمصروفات التي أنفقتاها بصفتهما حارستين وحاجزتين على الأدوات والمهمات تأسيسا على أنهما قبلتا الحراسة بغير أجر، وإنه لم يكن ثمة مبرر لنقلها إلى مكان آخر، قد خلط بين أجر الحراسة وبين المصروفات التي صرفت لصيانة الأشياء الموضوعة تحت الحراسة عن طريق الحجز. ويتحصل السبب الثاني عن الطعن رقم 323 سنة 21 في أن الطاعنتين طلبتا أمام محكمة الاستئناف الحكم لهما بمبلغ 189 جنيها و880 مليما قيمة ما أنفقتاه بصفتهما حارستين على أدوات وأخشاب ومون للمطعون عليه الأول لتخزينها وتأمينها ضد الحريق ونقل وغير ذلك، لأنه بعد أن انتهى المقاولون من إتمام العملية اضطرنا إلى نقل هذه الأشياء لمخازن الاستيداع العمومية لحفظها والتأمين عليها من الحريق لتتمكنتا من تسليم المبنى خاليا إلى وزارة العدل، وقد أوقعتا عليها بعد نقلها حجزا تحفظيا تحت يدهما وفاء لبعض مطلوباتهما إلا أن المحكمة لم تجب هذا الطلب تأسيسا على أن حراسة الطاعنتين كانت بغير أجر ونتيجة للحجز الموقع منهما، ولم يكن هناك ما يبرر نقلها لأى مكان آخر. وفى هذا القول خطأ في الإسناد وفى تطبيق القانون وفى التسبيب لأن أوامر الحجز صدرت للطاعنتين في 22 من ابريل سنة 1948 بعد إتمام المبنى ونقلها إلى مخازن الاستيداع الذي تم في 29 من أكتوبر سنة 1947، وليس صحيحا أن الحجز وقع على الأشياء الموجودة بالمنزل. ولا يؤثر على حقهما في طلب ما أنفقتاه في حفظ وصيانة الأشياء الموجودة تحت حراستهما قبولهما الحراسة دون أجر.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذين السببين مقبول، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أن الطاعنتين طلبتا أمام محكمة أول درجة إلزام المطعون عليه الأول ودائرة أسعد باسيلي "باشا" متضامنين بمبلغ 5414 جنيها و92 مليما وقد بينتا عناصر التعويض التي يتكون منها هذا المبلغ، على ما سلف بيانه في وقائع الدعوى، فلما صدر الحكم الابتدائي في الدعوى رقم 751 سنة 1948 بإلزام المطعون عليه الأول بمبلغ 825 ج، استأنفت الطاعنتان هذا الحكم وطلبتا الحكم لهما بمبلغ 5414.792 جنيها قيمة التعويض وفرق المقاولة، وبمبلغ 133 ج مع ما يستجد من ثمن التخزين والتأمين ضد الحريق. والحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الطلب الأخير استند إلى أن المحكمة لا ترى محلا لإلزام المطعون عليه الأول بأجر حراسة الأدوات أو تخزينها بمخزن خاص، لأن حراسة الطاعنتين عليها جاءت نتيجة للحجز المتوقع منهما وكانت بغير أجر، وفى نفس المنزل الذي تقوم فيه العمارة، فلم يكن هناك ما يبرر نقلها لأي مكان آخر. ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 192 سنة 1947 في 23 من ديسمبر سنة 1946 بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1946 في القضية رقم 277 سنة 1947 مستعجل مصر فيما قضى به من تعيين الطاعنتين حارستين بغير أجر على جميع الأدوات والمهمات والسقالات والمؤن على اختلاف أنواعها والموجودة بالمنزل، وكان الثابت أن أمر الحجز قد صدر في 21 من أبريل سنة 1948 بناء على طلب الطاعنتين أي بعد تعيينهما حارستين، لما كان ذلك يكون الحكم إذ أسس قضاءه برفض طلب الطاعنتين على أن الحراسة كانت نتيجة للحجز الموقع منهما، وكانت بغير أجر، أخطأ في الاسناد وخالف الثابت في الأوراق. ولا يغنى في هذا الصدد قول الحكم إنه لم يكن هناك ما يبرر نقل الأدوات الموقع عليها الحجز إلى مكان آخر دون أن يبحث ما إذا كانت الطاعنتان قد اضطرتا إلى نقل هذه الأدوات بسبب تسليمهما المنزل إلى وزارة العدل. على أنه لا يبين من الأوراق ما إذا كانت الطاعنتان قد سبق لهما طرح هذا الطلب أمام محكمة أول درجة أم أنه طلب جديد قدم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز قبوله وفقا لنص المادة 411 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن السبب الرابع من الطعن الأول يتحصل في أن محكمة ثاني درجة إذ حملت الطاعنتين رسوما غير ملزمتين بها في حين أن المطعون عليه هو الملزم بها أخطأت في تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول، ذلك أن الطاعنتين لم توردا في هذا الوجه من الطعن أي بيان يحدده ويكشف عن المقصود منه كشفا وافيا ينفى عنه الغموض بحيث يستظهر منه العيب الذى تعزوه الطاعنتان إلى الحكم وأثره في قضائه - ولا يغنى عن ذلك ما ورد في المذكرة الشارحة إذ هي لا تقوم مقام التقرير فيما أوجب القانون أن يشتمل عليه.
ومن حيث إن السبب الثالث من الطعن الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب ببطلان جوهري من وجهين، الأول أنه كان ضمن طلبات الطاعنتين الحكم لهما بمبلغ 484.096 جنيها قيمة فرق المقاولة وهو ما أنفقتاه زيادة عما كان يجب عليهما دفعه لو أن المقاولة تمت بمعرفة المطعون عليه الأول وبالأثمان المتفق عليها، وقد قدمت الطاعنتان إثباتا لحقهما في المطالبة بهذا المبلغ تقرير الخبير المرافق لقضية إثبات الحالة رقم 192 سنة 1947 مستعجل بالقاهرة، وقد ثبت منه أن الأعمال التي لم يتمها المطعون عليه الأول تقدر بمبلغ 831.356 جنيها، كما قدمتا شروط المقاولة بين الطاعنتين والمطعون عليه الأول وشروط المقاولة بينهما وبين المقاول السيد خليل وشريكه كوستي باميزاكى وإيصالا بمبلغ 508 جنيها تسلمه المقاولان المذكوران من قيمة أجرهما وشروط ومخالصة من الأسطى واصف مليكة الذى قام بإصلاح النجارة التي أجراها المطعون عليه الأول ووجدت غير مطابقة للشروط وقيمة ذلك 50 جنيها، كما قدمتا عطاءات المقاولين الذين تقدموا للقيام بالعملية بأسعار تزيد عما قدره خبير إثبات الحالة، وتقريرا من مهندسهما الذى أشرف على العملية بين فيه قيمة الفروق بين الأسعار المتفق عليها مع المطعون عليه الأول وبين الأسعار التي تمت بها العملية. ومحكمة أول درجة لم تنكر حق الطاعنتين في طلب فرق المقاولة، إلا أنها رفضت الحكم بها تأسيسا على أنهما لم تقدما من المقاولين الذين اتفقتا معهم على إجراء الناقص من الأعمال، ما يدل على مقدار هذه التكاليف لمعرفة ما إذا كانت قد تكلفت 831.356 جنيها كما ذكر الخبير أم إنها تكلفت أزيد من ذلك. فاستأنفت الطاعنتان الحكم الابتدائي وقدمتا كشفا ببيان الأعمال التي حصرها الخبير والتي لم يقم بها المطعون عليه الأول ويبين منه أنهما قامتا بالعملية نظير مبلغ 867 جنيها و372 مليما أي بزيادة 26 جنيها و66 مليما عما قدره الخبير، كما قدمتا المستندات المؤيدة له. إلا أن محكمة ثاني درجة لم تتعرض للمستندات التي قدمتها الطاعنتان، فإذا جاز لها أن تحيل إلى أسباب الحكم المستأنف في حالة اقتناعها بصحتها، إلا أنه لا يجوز لها ذلك إذ استبد الخصوم لديها على أوجه دفاع جديدة ومستندات جديدة تخرج في جوهرها عما قدم لدى محكمة أول درجة. ويتحصل الوجه الثاني في أن محكمة أول درجة المؤيد حكمها لأسبابه خالفت الثابت في الأوراق. ذلك أنها توهمت أن مبلغ 831 جنيها و256 مليما الواردة في تقرير الخبير هو عبارة عن تكاليف المقاولة بالأسعار الواردة بالاتفاق المحرر بين الطاعنتين والمطعون عليه الأول، في حين أن الثابت في تقرير الخبير أن هذا المبلغ عبارة عن التكاليف بأسعار السوق وقت المعاينة وثابت من هذا التقرير بيان الأعمال الناقصة من المقاولة وأثمانها بسعر السوق، ومن هذا التقرير يمكن للمحكمة إذا لم تر اعتماد المستندات المقدمة إليها أن تستخلص فرق المقاولة بحساب الكميات والأمتار والمكعبات مع الأسعار الواردة بشروط الاتفاق، ثم طرح الناتج من المبلغ السابق.
ومن حيث إن هذا السبب في محله ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إذ قضى برفض طلب الطاعنتين الحكم لهما بمبلغ 484 جنيها و96 مليما وهو مقدار ما ادعتا أنهما أنفقتاه في عقد مقاولة جديدة زيادة عما كان متفقا عليه بينهما وبين المطعون عليه الأول، استند إلى أن الطاعنتين لم تقدما من المقاولين الذين اتفقتا معهم لإجراء الناقص من الأعمال ما يدل على مقدار التكاليف لمعرفة إن كانت قد تكلفت 831 جنيها و356 مليما كما قرر الخبير المنتدب طبقا للشروط المحررة بين الطرفين، أم أنها تكلفت أزيد كما تدعى الطاعنتان، وإنما قدمتا ورقة من مهندسيهما وخطابات من مقاولين لم يقوموا بالعملية وأن المحكمة لا تستطيع ندب خبير لبحث ذلك لمضى الزمن واختلاط المعالم، الأمر الذى سلمت به الطاعنتان في مذكرتهما التكميلية ولما كان الثابت أن الطاعنتين إذ استأنفتا الحكم الابتدائي قدمتا أمام محكمة ثاني درجة مستندات تقول إنها صادرة من المقاولين الذين أتموا العملية ووارد بها المبالغ التي تدعيان أنهما أنفقتاها في إتمام العملية التي كان ملتزما بها المطعون عليه الأول، مضافا إلى ذلك ما ورد بكشف المهندس القائم بالإشراف على العملية والمؤرخ في 10 من مارس سنة 1948 والمبين به الفرق الذى تكلفته الطاعنتان زيادة عن المتفق عليه مع المطعون عليه الأول - لما كان ذلك لزاما على المحكمة أن تقول كلمتها في هذه المستندات التي لم تكن مقدمة أمام محكمة أول درجة، لتقضى عن بينة في طلب الطاعنتين - أما وهى لم تفعل فيكون حكمها قد عاره قصور مبطل له مما معه نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النعي على الحكم المطعون فيه في السبب الثالث من الطعن الأول والسببين الثاني والثالث من الطعن الثاني في محله مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص ورفضه فيما عدا ذلك.