الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 أبريل 2020

دستورية الأثر المباشر للمادة 44 خدمة عسكرية وعدم انطباقها على العاملين المعينين قبل العمل بالقانون 152 لسنة 2009

الدعوى رقم 14 لسنة 34 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثاني عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 34 قضائية " دستورية ".

المقامة من
1 – محمد محمد أحمد محمـــود
2 – محمد أحمد حسين محمــد
3 – خليل على خليل إبراهيــــم
4 – محمد أحمد عباس علــــى
5 – إبراهيم محمد إبراهيم سليمان
6 – إبراهيم محمد إبراهيم محمـد
7 – محمود محمد محمود مطاوع
8 – حمدى رمضان عبد العزيز الرحمانى
9 – أحمد خضرى نعمــــــان
ضــــد
1 – رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2 – رئيس مجلس الشعب (النــواب حاليًا)
3 – رئيس مجلس الوزراء
4 – وزيــــــر العـــــــدل
5 – شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية

الإجـراءات
بتاريخ الحادى عشر من فبراير سنة 2012، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 فيما تضمنه من التفرقة بين العاملين غير المؤهلين المعينين بعد تاريخ العمل بذلك القانون، والعاملين المعينين قبل العمل به.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1069 لسنة 2011 عمال كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد الشركة المدعى عليها الأخيرة، بطلب الحكم أصليًّا: بأحقيتهم في ضم مدة خدمتهم العسكرية كاملة، وما يترتب على ذلك من احتسابها في الأقدمية والعلاوات، وإلزام الشركة بالفروق المالية المستحقة لهم. واحتياطيًّا: إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا أو التصريح لهم باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، قولاً منهم إنهم من العاملين بالشركة المدعى عليها الأخيرة غير الحاصلين على مؤهلات دراسية، وعينوا بالشركة قبل العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 في 28/12/2009، ولهم مدة خدمة عسكرية لأكثر من ثلاث سنوات، وأن النص المطعون فيه عصف بحقوقهم وحرمهم من ضم مدة خدمتهم العسكرية، وتضمن تفرقة وتمييزًا غير مبرر بين العاملين المؤهلين وغير المؤهلين المعينين بعد العمل به، والعاملين غير المؤهلين المعينين قبل العمل بأحكامه، بأن احتسب مدة الخدمة العسكرية للفئة الأولى، وما يترتب على ذلك من تمييز تلك الفئة عنهم في الأقدمية والعلاوات والترقيات، رغم تماثل مراكزهم القانونية وكونهم جميعًا قد أدوا الخدمة العسكرية في خدمة الوطن، بما يتصادم ومبدأ المساواة الذى كفله الدستور. وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعون بعدم دستورية نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 فيما تضمنه من التفرقة بين العاملين غير المؤهلين المعينين بعد تاريخ العمل بهذا القانون، والعاملين المعينين قبل العمل به. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعين برفع الدعوى الدستورية طعنًا على هذا النص، فقد أقاموا دعواهم المعروضة.

      وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 152 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980، - مقروءةً في ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 30/7/2011 في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية" - تنص على أن "يستبدل بنصوص المواد ...... (44) .... من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 النصوص الآتية: مادة (44):" تعتبر مدة الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية الحسنة بما فيها مدة الاستبقاء بعد إتمام مدة الخدمة الإلزامية العاملة لجميع المجندين مؤهلين كانوا أو غير مؤهلين الذين يتم تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام كأنها قضيت بالخدمة المدنية وتحسب هذه المدة في الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة.
      وتحدد تلك المدة بشهادة من الجهة المختصة بوزارة الدفاع، ولا يجوز الاستناد إلى الأقدمية المترتبة على تطبيق هذه المادة بالنسبة إلى المجندين غير المؤهلين للطعن على قرارات التعيين والترقية التى تمت قبل أول يناير 2010".
وتنص المادة الرابعة من هذا القانون على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به    اعتبارًا من اليوم التالى لتاريخ نشره". وقد نُشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 52 (مكرر) بتاريخ 27/12/2009.
      وحيث إن الواضح من استعراض نصوص القانون رقم 152 لسنة 2009 المشار إليه، أن إعمال أحكام المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية بعد تعديله بذلك القانون، في شأن ضم مدة الخدمة العسكرية للمجندين غير المؤهلين الذين يتم تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، يكون – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بأثر فورى مباشر على المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون في 28/12/2009، اليوم التالى لتاريخ نشــر القانون رقم 152 لسنة 2009 في الجريدة الرسمية، طبقًا لنص المادة الرابعة من هذا القانون.

وحيث إن من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، هى التى تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح، وذلك في ضوء طلبات رافعها، وبعد استظهار حقيقة أبعادها، ومراميها، دون تقيد بمبانيها.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ارتباطها عقلاً بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعون من العاملين بالشركة المدعى عليها الأخيرة – وهى من شركات قطاع الأعمال العام – غير الحاصلين على مؤهلات دراسية، وأدوا الخدمة العسكرية، وعينوا بالشركة في تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 في 28/12/2009. وكانت رحى النزاع الموضوعى تدور حول أحقيتهم في ضم مدة خدمتهم العسكرية، وما يترتب على ذلك من آثار، واعتبارها كأنها قُضيت بالخدمة المدنية، وحسابها في الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة، وكان النص المطعون فيه وهو الحاكم لقواعد ضم مدة الخدمة العسكرية للمجندين غير المؤهلين، قد قصر الحق في ضم مدة الخدمة العسكرية على المعينين منهم اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 دون غيرهم، وحرم بذلك فئة المجندين غير المؤهلين المعينين قبل ذلك التاريخ، من ضم مدة خدمتهم العسكرية، واعتبارها كأنها قُضيت بالخدمة المدنية، واحتسابها في الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة. ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة والمصلحة فيها يتحددان بالطعن على النص المشار إليه فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على المجندين غير المؤهلين المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل به، دون المجندين غير المؤهلين المعينين قبل هذا التاريخ، دون غيرها من الأحكام التى تضمنها النص المطعون فيه.
      وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التى يجب أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التى تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضهـا البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التى وجهها المدعون للنص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - تندرج، تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعى، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه، الذى مازال قائمًا ومعمولاً به، في ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر سنة 2014.
      وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه – في حدود النطاق المتقدم – إخلاله بمبدأ المساواة، المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور، وذلك لتضمنه تمييزًا غير مبرر بين المجندين غير المؤهلين المعينين اعتبارًا من 28/12/2009 تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 152 لسنة 2009، والمجندين غير المؤهلين المعينين في تاريخ سابق على التاريخ المشار إليه، في شأن ضم مدة الخدمة العسكرية، واحتسابها في الأقدمية، واستحقاق العلاوات المقررة.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوى من ثمَّ على مخالفة لنص المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا، وغير مستند من ثمَّ إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة المواطنين جميعًا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعى قد ينطوى على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء من خلال الأعباء التى يُلقيها على البعض أم من خلال المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التى ينظم بها المشرع موضوعًا معينًا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التى توخى تحقيقها بالوسائل التى لجأ إليها، منطقيًا، وليس واهيًا أو واهنًا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
      وحيث إن المشرع قد حرص بمقتضى التعديل الذى ضمنه القانون رقم 152 لسنة 2009 على معالجة أوجه القصور التي أسفر عنها تطبيق نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية المشار إليه قبل تعديله بموجب ذلك القانون، وما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا بقرارها الصادر بجلسة 7/5/1988 في طلب التفسير رقم 2 لسنة 8 قضائية "تفسير"، من سريان أحكام هذا النص على المجندين الحاصلين على مؤهلات دراسية دون غيرهم، منظورًا في كل ذلك إلى أن الدفاع عن الوطن وحماية أرضه - طبقًا لنص المادة (86) من الدستور الحالي ويقابله نص المادة (58) من الدستور الصادر سنة 1971 – شرف وواجب مقدس، وأن التجنيد إجباري، ومن أجل ذلك كان أداء الخدمة العسكرية والوطنية – على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 – عملاً وطنيًّا لا يجــــوز أن يُضار بسببه الموظف أو العامل، بما استوجب – على ما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 152 لسنة 2009 المشار إليه – توحيد المعاملة بين المجندين سواء أكانوا مؤهلين أو غير مؤهلين، وذلك عند ضم مدة الخدمة العسكرية للخدمة المدنية، وحسابها في الأقدمية، واستحقاق العلاوات المقررة، وعلى ذلك إذا ما استحدث المشرع تنظيمًا جديدًا لضم مدة الخدمة العسكرية، غايته تحقيق تلك الأهداف، ووضع للانتفاع بهذه المعاملة ضوابط وشروط تتحدد بها المراكز القانونية المخاطبة بأحكامها، التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، وجب إعمال مبدأ المساواة بين من توافــــرت في حقهم هذه الشـروط، فإذا انتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط في بعضهم دون البعض الآخر، كان لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم التمتع بالحقوق التى كفلها القانون لهم، ويدخل في تلك الشروط تحديد النطاق الزمنى لسريان القاعدة القانونية، الذى يُعد أحد أهم العناصر المحددة للمراكز القانونية الداخلة في نطاق تطبيق تلك القاعدة، والمكونة للبناء القانوني لها، إذ الأصل في تطبيق القاعدة القانونية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها تسرى على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القانونية القديمة من تاريخ إلغائها، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين – القديم أو الجديد – تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده، وعلى ذلك فإن المشرع قد حدد بمقتضى نص المادة الرابعة من القانون رقم 152 لسنة 2009 السالف الذكر، تاريخ العمل بالأحكام الموضوعية الحاكمة لضم مدة الخدمة العسكرية التي تضمنها النص المطعون فيه، باليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 28/12/2009، معتمدًا في ذلك الأثر الفوري المباشر للعمل بتلك الأحكام، إنفاذًا للأصل المقـرر بمقتضى نص المادة (225) من الدستور الحالي - وتقابلها المادة (187) من الدستور الصادر سنة 1971 - التي بموجبها لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وقصر بذلك دائرة المستفيدين من أحكامه على المجندين غير المؤهلين المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل به، دون المعينين في تاريخ سابق على التاريخ المذكور، الذين يتخلف في حقهم أحد العناصر المحددة للمراكز القانونية الداخلة في نطاق الدائرة التي يعمل خلالها هذا النص، والتي يتساوى أصحابها أمام القانون، فإن مقتضى إعمال مبدأ المساواة بينهم يكون منتفيًا لعدم التماثل في المراكز القانونية بينهم، ليغدو التنظيم الذى أتى به المشرع وضمنه النص المطعون فيه داخلاً تقريره في نطاق الدائرة التي يجيز فيها الدستور للمشرع أن يُباشر سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق لمواجهة مقتضيات الواقع، وهي الدائرة التي تقع بين حدى الوجوب والنهى الدستوريين، وذلك كله بمراعاة أن الاختــلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضـوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحـل الزمنيـة المختلفة، لا يُعد – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – إخلالاً بمبدأ المساواة الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني الخاضع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد حائل دون التطور التشريعي، ولتغدو المراحل الزمنية التي مر بها التنظيم القانوني الحاكم لضم مدة الخدمة العسكرية انتهاءً بالنص المطعون فيه، والتي اختلف فيها مسلك المشرع عند معالجته لها، وتحديد ضوابط وقواعد ضمها، تمثل في جملتها تصنيفًا وتقسيمًا تشريعيًّا انتهجه المشرع استجابة لمقتضيات واقعية وقانونية، تُعد مبررًا وأساسًا موضوعيًّا لتقرير هذا التنظيم، يتأبى معه المقارنة لإعمال مبدأ المساواة في شأنها، لتضحى قالة مخالفة النص المطعون فيه - فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على المجندين غير المؤهلين المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 152 لسنة 2009 المشار إليه في 28/12/2009، دون المعينين منهم قبل هذا التاريخ - لمبدأ المساواة الذى كفلته المادتان (4، 53) من الدستور في غير محله، خاصة مع الوضع في الاعتبار أن تقرير تلك الحقوق للمعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون المذكور، لا يشكل في الوقت ذاته مساسًا بالمراكز القانونية المستقرة لغيرهم من العاملين وحقوقهم المكتسبة، التي صارت لصيقة بأصحابها وفقًا لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج بها في مواجهة الكافة كأثر لنفاذ هذه الأحكام، بعد أن وضع النص المطعون فيه في فقرته الأخيرة قيدًا على ضم مدة الخدمة العسكرية، بمقتضاه لا يجوز الاستناد للأقدمية المترتبة على تطبيق هذا النص بالنسبة للمجندين غير المؤهلين للطعن على قرارات التعيين والترقية التي تمت قبل 1/1/2010، والذى يقرر قاعدة قانونية تستهدف – كما تقدم – استقرار المراكز القانونية والحقوق المكتسبة بمقتضى قرارات صدرت صحيحة في وقت لم يكن لهؤلاء العاملين فيه حق في أقدميات يسمح بالطعن في القرارات المذكورة.
      وحيث إن النص المطعون فيه – في النطاق المتقدم – لا يخالف أي نص آخر في الدستور.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين بالمصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

قانون محاكم الاسرة يقتصر على تنظيم القواعد الإجرائية دون الموضوعية


الدعوى رقم 5 لسنة 34 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثاني عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 34 قضائية " دستورية ".
المقامة من
.......
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2 – رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3 – رئيس مجلس الشورى (الشيوخ)
4 – رئيس مجلس الــــوزراء
5 – وزيــر العــــدل
6 –......


الإجراءات
      بتاريخ السادس عشر من يناير سنة 2012، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004 بإصدار قانون إنشاء محاكم الأسرة، لمخالفته نص المادتين 194، 195 من الدستور التى توجب عرض القوانين المكملة للدستور على مجلس الشورى، وكذا مخالفة المواد (2، 40، 41، 68، 151، 156، 166، 167، 175) وغيرها من مواد الدستور.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمـة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الأخيرة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم 87 لسنة 2010 أسرة أول طنطا، أمام محكمة طنطا الابتدائية، بغية الحكم بأن يؤدى لها نفقة زوجية بأنواعها اعتبارًا من 1/8/2010، وتدوولت الدعوى بالجلسات حيث أقرت المذكورة بطلاقها طلقة رجعية، وعدلت طلباتها في الدعوى بأن يؤدى المدعى لها نفقة زوجية بأنواعها اعتبارًا من 1/8/2010، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ الطلاق وحتى انتهاء عدتها شرعًا. وبجلسة 18/1/2011، قضت المحكمة بإلزام المدعى بأن يؤدى نفقة زوجية لها بأنواعها مقدارها خمسمائة جنيه شهريًا اعتبارًا من 1/8/2010، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ الطلاق الحاصل في 17/11/2010 وحتى انتهاء عدتها شرعًا. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليها الأخيرة، طعنت عليه بالاستئناف رقم 694 لسنة 61 قضائية، أمام محكمة استئناف طنطا، طلبًا للحكم بتعديل الحكم المستأنف وبزيادة المفروض لها من نفقة إلى الحد الذى يتناسب ودخل المدعى. كما طعن المدعى على الحكم ذاته، بالاستئناف رقم 752 لسنة 61 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بتخفيض النفقة المفروضة. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثانى للاستئناف الأول للارتباط ، قدم المدعى بجلسة 11/12/2011 مذكرة، ضمنها دفع بعدم دستورية كامل أحكام قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرضه على مجلس الشورى، والمواد ( 2 ، 6/1، 9/1، 11، 14) من القانون ذاته، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية بشأن المواد الواردة بمذكرة دفاعه، فأقام الدعوى المعروضة.      

وحيث إن المدعى ينعى على كامل أحكام قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، عدم عرض مشروعه على مجلس الشورى، حال كونه من القوانين المكملة للدستور، وأن نص المادة (14) من القانون ذاته حظرت الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية لمحاكم الأسرة، بالمخالفة لنص الفقرة (5) من المادة (14) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981. وأن نص الفقرة الأولى من المادة (2)، والمادة (11) من ذلك القانون أوجبت إشراك عنصرين غير قضائيين (خبيرين) في تشكيل محكمة الأسرة، فضلاً عن عدم وجود جدوى من تقديم طلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية، كشرط لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة، لكون القرار الذي يصدر من تلك المكاتب ليس له قوة السند التنفيذي. ومن جانب آخر، يخالف ذلك القانون أحكام الشريعة الإسلامية، برفع سن الحضانة عن الحدود الشرعية، بالمخالفة لرأى الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء. وخلص المدعى من ذلك إلى مخالفة ذلك القانون لنصوص المواد (2 و40 و41 و68 و151 و156 و166 و167 و175 و194 و195) من دستور سنة 1971.
وحيث إنه عما نعى به المدعى من عدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرض مشروعه على مجلس الشورى، رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، فمردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل فيما يُدَّعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية في الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يُعد قضاءً في موضوعها، منطويًّا لزومًا على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور، ومانعًا من العودة إلى بحثها مرة أخرى، ذلك أن العيوب الشكلية، بالنظر إلى طبيعتهـا لا يتصــور أن يكون بحثها تاليًّا للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة من ثَمَّ أن تتحراها بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محددًا في إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دومًا؛ إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأى مطاعن موضوعية.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق أن عُرض عليها الرقابة على دستورية عدد من نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه، فقضت في الدعوى رقم 24 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بجلسة 6 إبريل سنة 2014، برفض الطعن بعدم دستورية نص المادة (14) منه، فيما ورد بها من حظر الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من الدوائر الاستئنافية لمحاكم الأسرة. كما قضت في الدعوى رقم 56 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 11 أبريل سنة 2015، برفض الطعن على نص عجز الفقرة الأولى من المادة (2)، فيما أوجبته أن يكون أحد الخبيرين امرأة. كما قضت في الدعوى رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 9 مايو سنة 2015، برفض الطعن على نص المادتين (2/1، 11) منه، بشأن مشاركة خبيرين في تشكيل محاكم الأسرة. فإن قضاء هذه المحكمة في تلك الدعاوى – وقد صدر في شأن مدى توافق نصوص تلك المواد، والأحكام الموضوعية في الدستور – يكون متضمنًا لزومًا تحققها من استيفاء نصوص ذلك القانون لأوضاعه الشكلية، إذ لو كان الدليل قد قام على تخلفها، لامتنع عليها أن تفصل في اتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور الموضوعية، ومن ثم فإن الادعاء بصدور هذا القانون على خلاف الأوضاع الشكلية التى تطلبها نص المادة (195) من دستور سنة 1971 الذى صدر في ظله، يكون قائمًا على غير أساس، حريًّا بالالتفات عنه.

      وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكـم الصادر في المسألة الدستوريــــة، لازمًا للفصـــل في الطلبات الموضوعيــــة المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت رحى الخصومة الموضوعية تدور حول استئناف كل من المدعى والمدعى عليها الأخيرة للحكم الصادر بفرض نفقة زوجية لها، واعتبارها نفقة عدة من تاريخ طلاقها حتى انتهاء عدتها شرعًا. وكان المدعى قد حصر مناعية الموضوعية على نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه في نص الفقرة الأولى من المادة (2)، والفقرة الأولى من المادة (6)، والفقرة الأولى من المادة (9)، والمادتين ( 11 ، 14) منه على نحو ما سلف ذكره.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق – على ما سلف بيانه - أن حسمت أمر دستورية الفقرة الأولى من المادة (2)، والمادة (11) من القانون المشار إليه، وذلك بحكمها الصادر في الدعوى رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 9/5/2015، وقضى فيها برفض الدعوى، وقد نُشر الحكم بالجريدة الرسمية العدد (20 مكرر ب) بتاريخ 20/5/2015، كما سبق أن حسمت أمر دستورية المادة (14) من القانون ذاته، وذلك بحكمها الصادر في الدعوى رقم 24 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بجلسة 6/4/2014، الذى قضى برفض الدعوى، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد (16 مكرر ب) بتاريخ 20/4/2014. إذ كان ذلك، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم، ونصى المادتين (48 ، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضائها في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها بما لا يجوز معه أية رجعة إليها، الأمر الذى تكون معه الخصومة بالنسبة لهذه النصوص غير مقبولة.
وحيث إنــــه فيما يتعلق بما نعاه المدعى بشأن الفقرة الأولى من المادتين (6 ، 9) من القانون المشار إليه، بوجوب اللجوء إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة، وعدم جدوى القرار الذى يصدر عنها لأنه ليس له قوة السند التنفيذي، فإن الفصل في دستوريتهما لن يرتب أي انعكاس على طلباته المطروحة في الدعوى الموضوعية، ذلك أن المدعى في الدعوى الدستورية لم يكن هو المدعى في الدعوى الموضوعية في مقدمة المرحلة الأولى للتقاضي، بل كان المدعى عليه فيها، والالتزام المشار إليه قد وقع على الزوجة المدعية فيه، ومن ثم فلا يوجد ثمة ضرر قد لحق به من جراء هذيـن النصين. ومن جانب آخر، فإن ما نعــاه من أن القرارات التي تصدر من مكتب تسوية المنازعات الأسرية ليست لها قوة السندات التنفيذية، فهو نعى لا ينصرف إلى مخالفة أحكام الدستور، كما أن تلك المكاتب لا يصدر منها قرارات، وغاية الأمر أنه إذا تم الصلح بين أطراف النزاع، في كافة جوانبه أو جزء منه، يثبت ذلك في محضر يوقع منهم، ويلحق بمحضر الجلسة التي تم فيها، وتكون له قوة السندات واجبة التنفيذ، في حدود ما تم الصلح فيه. فضلاً عن أن ذلك الأمر غير واجب الإعمال في الدعوى الموضوعية، إذ لم تتم تسوية النزاع بينه وبين المدعى عليها الأخيرة وديًا عند العرض على مكتب تسوية المنازعات الأسرية، مما تنتفى معه مصلحته في الطعن عليهما.

وحيث إنه فيما نعاه المدعى بمخالفة نصوص القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه، لأحكام الشريعة الإسلامية، في شأن تحديد سن الحضانة، فهو منعى لا يعود إلى نصوص القانون المطعون فيه، الذى يقتصر على تنظيم القواعد الإجرائية دون الموضوعية، وقد انتظمت أحكام المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المعدلة بالقانونين رقمي 100 لسنة 1985 و4 لسنة 2005، مسألة تحديد سن حضانة الصغير والصغيرة، فضلاً عن أن الدعوى الموضوعية هي دعوى مطالبة بنفقة، ومن ثم فلا توجد ثمة مصلحة للمدعى في النعي على القانون المشار إليه في هذا الشأن.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل أنه متى أقيمت الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا دخلت في حوزتها، لتهيمن عليها وحدها، ولا يجوز من ثَمَّ لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي أن تنقض قرارها الصادر بإحالة مسألة دستورية إليها، أو أن تنحى الدفع الفرعي المثار أمامها بعد تقديرها لجديته، بل يجب عليها أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية باعتباره فاصلاً في موضوعها، كاشفًا عن صحة النصوص المطعون فيها أو بطلانها، بما مؤداه أنه – فيما عدا الأحوال التي تنتفى فيها المصلحة في الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستوريـة العليا، أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقًا لقواعد قانون المرافعات، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التي يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية أو قرارها بالإحالة مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن النصوص ذاتها التي قام عليها الدفع أو انبنى عليها قرار الإحالة، فإن على محاكم الموضوع –على اختلاف درجاتها- أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان قضاؤها نكولاً من جانبها عن التقيد بنص المادة (192) من الدستور الحالي التي تخول المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتسليطًا لقضاء أدنى على قضاء أعلى بما يناقض الأسس الجوهرية التي يقوم التقاضي عليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة استئناف طنطا، ولئن استمرت في نظر الاستئنافين، وقضت فيهما بتأييد الحكم المطعون فيه، وكان يتعين عليها – بعد تقديرها جدية الدفع بعدم الدستورية وتصريحها للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية المعروضة – أن تتربص قضاء هذه المحكمة في المسألة الدستورية، فإن حكمها في موضوع الاستئنافين لا يناقض في أثره ما انتهى إليه الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة.

فلهــذه الأسبــاب
            حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 4683 لسنة 58 ق جلسة 14/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 199 ص 1314


جلسة 14 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي إسحق نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.
----------------
(199)
الطعن رقم 4683 لسنة 58 القضائية

(1) تزوير "تزوير أوراق رسمية". موظفون عموميون.
مناط رسمية الورقة أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها أو يتدخل في تحريرها أو التأشير عليها.
(2) موظفون عموميون. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الموظف العمومي في حكم المادتين 211، 213 عقوبات. هو كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي نيط به أداؤه.
عدم تسوية الشارع في باب التزوير بين الموظف العام والشخص المكلف بخدمة عامة.
(3) قانون "تفسيره". أحوال شخصية. موظفون عموميون. إثبات "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". 
اختصاص الموثقين المنتدبين الذين يعينون بقرار من وزير العدل. قصره على عقود الزواج والطلاق دون غيرها من المحررات والعقود. أساس ذلك؟
قيام الموثق المنتدب بتحرير محضر الخطبة. لا يصبغه بالصيغة الرسمية. أثر ذلك: عدم اعتباره من الأوراق الرسمية. ولو كانت شريعة الجهة التي يتبعها الموثق قد خولته عقد الخطبة أو أن يكون العمل قد جرى على تحرير محضر بها. متى كانت القوانين واللوائح لا تخوله ذلك أو تخلع عليه صفة الموظف العمومي في هذا المقام. أساس ذلك؟

-----------------------
1 - من المقرر أن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية أو يتدخل في تحريرها أو التأشير عليها وفقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من جهته الرسمية.
2 - إن الموظف العمومي المشار إليه في حكم المادتين 211، 213 من قانون العقوبات هو كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي نيط به أداؤه سواء كان هذا النصيب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية من الدولة أو السلطة التنفيذية أو القضائية يستوي في ذلك أن يكون تابعاً مباشرة إلى تلك السلطات أو أن يكون موظفاً بمصلحة تابعة لإحداها، ولم يسو الشارع في باب التزوير بين الموظف العام والشخص المكلف بخدمة عامة الذي يكلف ممن يملك التكليف بالقيام بعمل عارض من الأعمال العامة ولو أراد الشارع التسوية بينها في باب التزوير لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادتين 111، 119 من قانون العقوبات.
3 - لما كان القانون رقم 629 لسنة 1955 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق - والذي صدر بعد إلغاء جهات القضاء الملي بمقتضى أحكام القانون رقم 462 لسنة 1955 - قد نص في المادة الثالثة منه على أن: "تلغى أقلام التوثيق بالمحاكم الشرعية كما تلغى عملية التوثيق بالمجالس الملية وتحال إلى مكتب التوثيق جميع المضابط والسجلات والدفاتر المتعلقة بها". كما جرى نص المادة الثالثة من القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق المعدلة بأحكام القانون رقم 629 لسنة 1955 المشار إليه على أن: "تتولى المكاتب توثيق جميع المحررات وذلك فيما عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة ويتولى توثيق عقود الزواج والطلاق بالنسبة إلى المصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة موثقون منتدبون يعينون بقرار من وزير العدل - ويضع الوزير لائحة تبين شروط التعيين في وظائف الموثقين المنتدبين واختصاصاتهم وجميع ما يتعلق بهم". مما مفاده أن الشارع قصر اختصاص الموثقين المنتدبين الذين يعينون بقرار من وزير العدل على توثيق عقود الزواج والطلاق دون غيرها من المحررات والعقود وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 629 لسنة 1955 فيما أوردته من أنه "كما رُئيا تنظيم توثيق عقود الزواج بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدي الملة بوضع نظام مماثل لنظام المأذونين، فجعل الاختصاص في توثيق عقود الزواج كموثقين منتدبين يكون لهم إلمام بالأحكام الدينية للجهة التي يتولون التوثيق فيها وعلى أن لا يمس ذلك التوثيق الإجراءات الدينية - ونص المشروع على أن يصدر بشأن هؤلاء الموثقين المنتدبين قرار من وزير العدل ينظم كيفية تعيينهم واختصاصاتهم وتأديبهم على النحو المتبع في شأن المأذونين "وفيما أوردته من أنه: وقد استتبع ذلك تعديل المادة 3 من قانون التوثيق بجعل الاختصاص لهذه المكاتب يتناول جميع المحررات عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمصريين المسلمين فهذه يستمر المأذونون في توثيقها كما نص على أن توثيق الزواج والطلاق فيما يتعلق بالمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة يقوم به موثقون منتدبون بقرار من وزير العدل......" ويؤكد هذا التفسير أن قرار وزير العدل بلائحة الموثقين المنتدبين - والذي صدر تطبيقاً لأحكام المادة الثالثة من القانون رقم 629 لسنة 1955 نص في المادة 15 منه على أنه: "لا يجوز للموثق المنتدب أن يوثق غير عقود الزواج والرجعة والطلاق والتصادق على ذلك الخاصة بالأشخاص المصريين المتحدي الطائفة والملة التابعين للجهة الدينية التي يقوم بالتوثيق لها". كما نص في المادة 18 على أن: يكون لدى كل موثق منتدب دفتران أحدهما لقيد الزواج والمصادقة عليه وما يتعلق بكل ذلك، الآخر لقيد الطلاق، ويتسلم هذين الدفترين من المحكمة التابع لها، وبعد انتهاء أي دفتر يسلمه إلى المحكمة فوراً بإيصال......". كما توالت باقي نصوصه على تنظيم عملية توثيق عقود الزواج والطلاق - في الأحوال التي تسمح بها شريعة الجهة الدينية التي يتبعها الموثق المنتدب - دون أن تتعرض من قريب أو بعيد لتوثيق محاضر الخطبة - ومن ثم فإن قيام الموثق المنتدب بتحرير محضر الخطبة لا يصبغه بالصيغة الرسمية ولا يعد بالتالي من الأوراق الرسمية التي قصدها الشارع بالحماية بمقتضى نص المادتين 211، 213 من قانون العقوبات ما دام أن تحريره إياها يخرج عن نطاق اختصاصه وصفته كموثق منتدب طبقاً لأحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 629 لسنة 1955 وقرار وزير العدل بلائحة الموثقين المنتدبين، ولا يقدح في سلامة هذا النظر أن تكون شريعة الجهة التي يتبعها الموثق المنتدب قد خولته عقد الخطبة أو جرى العمل على تحرير محضريها ما دامت القوانين واللوائح لم تخوله ذلك ولم تخلع عليه صفة الموظف العام في هذا المقام وهو المعنى الذي يستفاد من نص المادتين العاشرة والحادية عشر من قانون الإثبات فيما نصت عليه الأولى من أن: "المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه. فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم". وما نصت عليه الثانية من أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أن أمور قام بها محررها في حدود مهمته.....". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر محضر الخطبة من الأوراق الرسمية ودان الطاعنة بجناية الاشتراك مع موظف عمومي حسن النية في تزويره، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه، وإذ كانت الواقعة كما هي مبينة بأمر الإحالة - ودون حاجة إلى تحقيق - لا تعتبر جناية أو جنحة مما يدخل في اختصاص محكمة الجنايات طبقاً لنص المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه يتعين وعملاً بنص المادة 382 من القانون ذاته القضاء بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى. وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة ما دام الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار الأركان اللازمة لتوافر جريمة التزوير في محرر عرفي وبالأخص ركن الضرر وهو ما يقتضى استظهاره تحقيقاً موضوعياً يخرج عن اختصاص محكمة النقض، ويعجزها أن تقول كلمتها في مدى تأثيم الواقعة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية رقم...... بأنها أولاً: اشتركت بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو القمص...... كاهن كنيسة..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر خطوبتها من...... حال تحريره المختص بوظيفته بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمها بتزويرها بأن أقرت أمامه بخلوها على خلاف الحقيقة من الموانع الشرعية وأنها قبطية أرثوذكسية من أبناء الكنيسة في حين أنها مسلمة، فوقعت الجريمة بناء على هذه المساعدة. وأحالتها إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30/ 3، 41، 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالسجن لمدة عشر سنوات عما أسند إليها، وإلزامها بأن تدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاشتراك مع موظف عمومي حسن النية في تزوير محرر رسمي قد شابه خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتبر محضر الخطبة عن المسيحيين ورقة رسمية إذ حررها موظف عمومي هو الكاهن في حين أنه غير مكلف قانوناً بتوثيق الخطبة ولا يعتبر من الموظفين العموميين في هذا الخصوص. وما قام به مجرد عمل ديني محض مما يخرج المحرر من نطاق الأوراق الرسمية، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنة المسيحية الديانة كانت قد أشهرت إسلامها منذ عام 1975 وإن ظلت متظاهرة بين ذويها بأنها على دينها وأنها اتفقت مع...... - المدعي بالحقوق المدنية - والمسيحي الديانة على الزواج وبتاريخ 23 من يناير سنة 1986 حرر القمص...... كاهن كنيسة ماري جرجس بـ...... محضر الخطبة بعد أن أقرت الطاعنة أمامه بخلوها من الموانع الشرعية وبأنها مسيحية الديانة أرثوذكسية الملة على خلاف الحقيقة، كما حصل الحكم أقوال الكاهن المذكور من أنه يختص بتحرير محاضر الخطبة وأنها من الأوراق الرسمية، معولاً على ذلك فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنة بجريمة الاشتراك مع موظف عمومي حسن النية في ارتكاب جريمة تزوير في أوراق رسمية لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها وإعطائها الصيغة الرسمية أو يتدخل في تحريرها أو التأشير عليها وفقاً لما تقضي به القوانين أو اللوائح أو التعليمات التي تصدر إليه من جهته الرسمية، وكان الموظف العمومي المشار إليه في حكم المادتين 211، 213 من قانون العقوبات هو كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء العمل الذي نيط به أداؤه سواء كان هذا النصيب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية من الدولة أو السلطة التنفيذية أو القضائية، يستوي في ذلك أن يكون تابعاً مباشرة إلى تلك السلطات أو أن يكون موظفاً بمصلحة تابعة لإحداها، ولم يسو الشارع في باب التزوير بين الموظف العام والشخص المكلف بخدمة عامة الذي يكلف ممن يملك التكليف بالقيام بعمل عارض من الأعمال العامة ولو أراد الشارع التسوية بينها في باب التزوير لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادتين 111، 119 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 629 لسنة 1955 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق - والذي صدر بعد إلغاء جهات القضاء الملي بمقتضى أحكام القانون رقم 462 لسنة 1955 - قد نص في المادة الثالثة منه على أن "تلغى أقلام التوثيق بالمحاكم الشرعية كما تلغى عملية التوثيق بالمجالس الملية وتحال إلى مكتب التوثيق جميع المضابط والسجلات والدفاتر المتعلقة بها". كما جرى نص المادة الثالثة من القانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق المعدلة بأحكام القانون رقم 629 لسنة 1955 المشار إليه على أن: "تتولى المكاتب توثيق جميع المحررات وذلك فيما عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة ويتولى توثيق عقود الزواج والطلاق بالنسبة إلى المصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة موثقون منتدبون يعينون بقرار من وزير العدل - ويضع الوزير لائحة تبين شروط التعيين في وظائف الموثقين المنتدبين واختصاصاتهم وجميع ما يتعلق بهم". مما مفاده أن الشارع قصر اختصاص الموثقين المنتدبين الذين يعينون بقرار من وزير العدل على توثيق عقود الزواج والطلاق دون غيرها من المحررات والعقود وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 629 لسنة 1955 فيما أوردته من أنه "كما رُئيا تنظيم توثيق عقود الزواج بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدي الملة بوضع نظام مماثل لنظام المأذونين، فجعل الاختصاص في توثيق عقود الزواج كموثقين منتدبين يكون لهم إلمام بالأحكام الدينية للجهة التي يتولون التوثيق فيها وعلى أن لا يمس ذلك التوثيق الإجراءات الدينية - ونص المشروع على أن يصدر بشأن هؤلاء الموثقين المنتدبين قرار من وزير العدل ينظم كيفية تعيينهم واختصاصاتهم وتأديبهم على النحو المتبع في شأن المأذونين. "وفيما أوردته من أنه: وقد استتبع ذلك تعديل المادة 3 من قانون التوثيق بجعل الاختصاص لهذه المكاتب يتناول جميع المحررات عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمصريين المسلمين فهذه يستمر المأذونون في توثيقها كما نص على أن توثيق الزواج والطلاق فيما يتعلق بالمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة يقوم به موثقون منتدبون بقرار من وزير العدل....." ويؤكد هذا التفسير أن قرار وزير العدل بلائحة الموثقين المنتدبين - والذي صدر تطبيقاً لأحكام المادة الثالثة من القانون رقم 629 لسنة 1955 نص في المادة 15 منه على أنه: "لا يجوز للموثق المنتدب أن يوثق غير عقود الزواج والرجعة والطلاق والتصادق على ذلك الخاصة بالأشخاص المصريين المتحدي الطائفة والملة التابعين للجهة الدينية التي يقوم بالتوثيق لها". كما نص في المادة 18 على أن: يكون لدى كل موثق منتدب دفتران أحدهما لقيد الزواج والمصادقة عليه وما يتعلق بكل ذلك، والآخر لقيد الطلاق، ويتسلم هذين الدفترين من المحكمة التابع لها، وبعد انتهاء أي دفتر يسلمه إلى المحكمة فوراً بإيصال.....". كما توالت باقي نصوصه على تنظيم عملية توثيق عقود الزواج والطلاق - في الأحوال التي تسمح بها شريعة الجهة الدينية التي يتبعها الموثق المنتدب - دون أن تتعرض من قريب أو بعيد لتوثيق محاضر الخطبة - ومن ثم فإن قيام الموثق المنتدب بتحرير محضر الخطبة لا يصبغه بالصيغة الرسمية ولا يعد بالتالي من الأوراق الرسمية التي قصدها الشارع بالحماية بمقتضى نص المادتين 211، 213 من قانون العقوبات ما دام أن تحريره إياها يخرج عن نطاق اختصاصه وصفته كموثق منتدب طبقاً لأحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 629 لسنة 1955 وقرار وزير العدل بلائحة الموثقين المنتدبين، ولا يقدح في سلامة هذا النظر أن تكون شريعة الجهة التي يتبعها الموثق المنتدب قد خولته عقد الخطبة أو جرى العمل على تحرير محضرها ما دامت القوانين واللوائح لم تخوله ذلك ولم تخلع عليه صفة الموظف العام في هذا المقام وهو المعنى الذي يستفاد من نص المادتين العاشرة والحادية عشر من قانون الإثبات فيما نصت عليه الأولى من أن: "المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه. فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم" "وما نصت عليه الثانية من أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته.....". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر محضر الخطبة من الأوراق الرسمية ودان الطاعنة بجناية الاشتراك مع موظف عمومي حسن النية في تزويره، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه، وإذ كانت الواقعة كما هي مبينة بأمر الإحالة - ودون حاجة إلى تحقيق - لا تعتبر جناية أو جنحة مما يدخل في اختصاص محكمة الجنايات طبقاً لنص المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه يتعين وعملاً بنص المادة 382 من القانون ذاته القضاء بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى. وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة ما دام الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار الأركان اللازمة لتوافر جريمة التزوير في محرر عرفي وبالأخص ركن الضرر وهو ما يقتضى استظهاره تحقيقاً موضوعياً يخرج عن اختصاص محكمة النقض، ويعجزها أن تقول كلمتها في مدى تأثيم الواقعة، مع إلزام المطعون ضده "المدعي بالحقوق المدنية" المصاريف المدنية.

الطعن 5601 لسنة 58 ق جلسة 20/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 203 ص 1348


جلسة 20 من ديسمبر لسنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابي ومحمود عبد العال وأمين عبد العليم.
--------------------
(203)
الطعن رقم 5601 لسنة 58 القضائية

 (1)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات. واجب.
اختصاص المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية دون غيرهم. بالمرافعة أمام محكمة الجنايات المادة 377 إجراءات.
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها".
كفاية حضور محام موكلاً أو منتدباً مع المتهم بجناية.
 (3)محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوصي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
عدم جواز النعي على الحكم بقالة أن المحامي المنتدب لم يوفق في الدفاع عن المتهم.

------------------
1 - من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات.
2 - المراد بما اقتضاه القانون من أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام موكلاً كان أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجود الدفاع.
3 - لما كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره وهو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ما ينعى به الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لعدم توفيق المحامي المنتدب في الدفاع عنه لكونه غير ملم بوقائع الدعوى لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار عقاراً مخدراً (ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34 ( أ )، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 - المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند رقم 93 من الجدول الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر "ميثامفيتامين" بقصد الاتجار قد شابه البطلان وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحامي الذي ندبته المحكمة للدفاع عن المتهم غير مختص بالمرافعة أمام محكمة الجنايات لأنه غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، هذا فضلاً عن أنه لم يبد دفاعاً حقيقياً في الدعوى واقتصر في مرافعته على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة مع المتهم مما يدل على عدم إلمامه بوقائع الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولم ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة....... أن محكمة الجنايات انتدبت الأستاذ/....... المحامي للدفاع عن المتهم، وهو الذي شهد المحاكمة وقام بالدفاع عنه، ولما كان الطاعن يذهب في وجه نعيه إلى أن ذلك المحامي غير مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات، وكان من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات. وكان يبين من الاطلاع على الجدول العام للمحامين أن المحامي العام الذي ندبته المحكمة وقام بالدفاع عن الطاعن مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية - لأنه مقيد ابتدائي في...... تحت رقم...... - ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حضر وقرر أنه ليس لديه محام فندبت المحكمة الأستاذ/....... المحامي للدفاع عنه فقبل ولم يرد بمحضر الجلسة ما يفيد أن الطاعن اعترض على حضور المحامي المنتدب - وبعد أن اطلع على ملف الدعوى ترافع فيها على الوجه المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن، وكان المراد بما اقتضاه القانون من أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام موكلاً كان أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجوه الدفاع، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ما ينعى به الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لعدم توفيق المحامي المنتدب في الدفاع عنه لكونه غير ملم بوقائع الدعوى لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.