بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 19-03-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 40 لسنة2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. أ. ا. ل. ا. ش.
مطعون ضده:
س. ل. ش.
ت. د. ا. ل. ش. ..
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/355 استئناف تنفيذ تجاري بتاريخ 18-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر / رفعت هيه ، وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 948 لسنة 2023 منازعة موضوعية تنفيذ شيكات ضد الطاعنة بطلب الحكم لها برفض التنفيذ وإلغاء كافة الإجراءات، واحتياطيًا ندب خبير لبحث عناصر النزاع.وذلك على سند من القول حاصله أن الطاعنة أقامت التنفيذ رقم 19175 لسنة 2023 شيكات بموجب الشيك المسحوب على مصرف عجمان بقيمة 8,000,000 درهم، وقد تم وضع الصيغة التنفيذية على ذلك الشيك، على الرغم من أنه كان من بين شيكات أخرى موقعة على بياض ومستندات فقدت من أحد العاملين بالشركة الذي استلمها في عام 2019، وأنها حررت بلاغ بذلك برقم 3823 لسنة 2023، مما لا يحق معه للطاعنة استعمال ذلك الشيك لثبوت ضياعه منها وعدم وجود سبب له، فكانت الدعوى.وبتاريخ 9-7-2024 حكمت المحكمة في منازعة تنفيذ موضوعية برفض المنازعة.استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 355 لسنة 2024 تنفيذ تجاري، وتدخلت المطعون ضدها الثانية انضماميًا للمطعون ضدها الأولى في الاستئناف، وطلبت الحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا ببطلان السند التنفيذي موضوع التنفيذ رقم 19175 لسنة 2023 تنفيذ شيكات لعدم سلوك الطاعنة الطريق الذي رسمه القانون بقيد دعوى موضوعية بشأن العلاقة الأصلية المحرر من أجلها الشيك، واختصام الشركات المتعاقدة معها، ولانتفاء صفة المطعون ضدها الأولى في هذا التعاقد، وبالتالي انتفاء صفتها بالوفاء بتلك المديونية، وإلغاء الصيغة التنفيذية عن الشيك رقم 000008 المسحوب على مصرف عجمان بقيمة 8,000,000 درهم لفقدان صلاحيته كسند تنفيذي، ولانتفاء محل وسبب الشيك لأنه انتقل لحيازة الطاعنة بشكل غير قانوني وغير مشروع، وبإلغاء كافة إجراءات التنفيذ، واحتياطيًا ندب لجنة من الخبراء لبحث عناصر النزاع. ندبت المحكمة لجنة ثنائية، وبعد أن أودعت تقريرها دفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لوجود شرط التحكيم، وبعدم اختصاص محاكم دبي مكانيًا وولائيًا بنظر الاستئناف، وانعقاد الاختصاص للقضاء الإنجليزي، وبتاريخ 18-12-2024 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإلغاء إجراءات التنفيذ، وحفظ ملف التنفيذ رقم 19175 لسنة 2023 تنفيذ شيكات، طعنت الطاعنة في هذا القضاء بطريق التمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ13-1-2025بطلب نقضه ، وقدم محامى المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعه التمس في ختامها رفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنه رفض الدفع بوجود شرط التحكيم وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء إجراءات التنفيذ تأسيسًا على تنازلها عن حقها في التمسك بشرط التحكيم، وأنه ثبت من تقرير الخبرة أن الشيك سند التنفيذ محل منازعة مما يفقده صلاحيته كسند تنفيذي، على الرغم من أن اتفاقية إيجار السفينة "أونيكس 1" المؤرخة 25-4-2020 قد نصت على خضوع الاتفاقية للقانون الإنجليزي، وأنه يتم تحديد أي نزاع ينشأ عن أو فيما يتعلق بهذه الاتفاقية بها من قبل المحكمة العليا الإنجليزية في لندن، وعندما لا يتجاوز المبلغ المطالب به من قبل الطرفين 1,100,000 درهم إماراتي باستثناء الفوائد فإن أي نزاع ينشأ يحال إلى التحكيم الفردي في سنغافورة، وكذلك نصت اتفاقية إيجار السفينة "سمورف" المؤرخة 8-3-2023 على أنه في حالة حدوث أي نزاع يحال إلى نيويورك، وبالتالي فإن الاختصاص ينعقد للقضاء الإنجليزي وليس للقضاء الإماراتي، كما أن الخبرة لم تحتسب إيجار السفينة عن فترة عقد الإيجار، ولم تطبق شروط وأحكام الاتفاقية الموقعة من الطرفين وفقًا لقواعد المحاسبة الدولية الموحدة، كما أنها لم تطبق أحكام القانون الإنجليزي، وهو الأمر الذي يدل على ضرورة إحالة النزاع إلى التحكيم لحل المسألة عن طريق خبير بالقانون الإنجليزي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي مردود- ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن النص بالفِقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم على أنه "يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفع في موضوع الدعوى، ..."، بما مُفاده أنه يتعين على الطرف الذي يتمسك بمنع المحكمة من السير في الدعوى لوجود شرط التحكيم، أن يعترض على لجوء خصمه إلى القضاء للمطالبة بما يدعيه من حق رغم الاتفاق على شرط التحكيم قبل إبدائه أي طلب أو دفع في موضوع الدعوى.وأن من المقرر أيضاًأنه ولئن كان يجوز للخصم أن يتنازل عن التمسك بشرط التحكيم صراحة أو ضمنًا، إلا أنه يشترط في هذا التنازل الضمني أن يكون بفعل أو إجراء يكشف عنه بجلاء ويدل على العزوف عنه بما لا يدع مجالًا للشك في اتجاه إرادته إلى التنازل عن ذلك الشرط، وترك الحق في التمسك به، وأن استخلاص هذا التنازل أو نفيه هو من سلطة محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها بلا معقب عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق. وأن من المقرر كذلك أن الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم لا يلزم إلا أطرافه، وبالتالي لا يسري على غيرهم، فإذا تعدد المدعى عليهم وكان بعضهم دون الباقين هم من وافقوا على شرط التحكيم الوارد في العقد موضوع النزاع المبرم مع المدعي، وكانت المطالبة في الدعوى تتعلق بهذا العقد، فإن حسن سير العدالة يقتضي عدم تجزئة النزاع ويتعين نظره أمام جهة واحدة هي المحكمة باعتبارها صاحبة الولاية العامة في نظر أي دعوى بحسب الأصل، وأن التحكيم هو طريق بديل لفض المنازعات لا يجبر عليه الخصوم، إلا أن مجال تطبيق هذه القاعدة أن يكون المدعى عليه غير الطرف في اتفاقية التحكيم خصمًا حقيقيًا.وان من المقرر أيضاًأنه إذا توافرت في النزاع المعروض على محاكم دبي أي من الحالات المحددة لاختصاصها بنظره طبقًا لقانون الإجراءات المدنية، فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص، كما لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة قواعده لتعلقها بالنظام العام.وأنه ولئن كان الشيك المصرفي الذي يرده البنك المسحوب عليه في تاريخ استحقاقه دون صرف لغلق الحساب أو لعدم وجود رصيد أو لعدم كفايته يعتبر سندًا تنفيذيًا، ولحامله طلب تنفيذه كليًا أو جزئيًا بالطرق الجبرية على أن تتبع في شأن طلب التنفيذ ومنازعة المنفذ ضده فيه الأحكام والإجراءات والقواعد الواردة في قانون الإجراءات المدنية، إلا أن ذلك لا يمنع المنفذ ضده من المنازعة الموضوعية على سند من عدم توافر شروط اعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا لعدم المقابل أو لزوال السبب وعدم تحققه أو لعدم مشروعية سبب تحريره أو للحصول عليه بطرق غير مشروعة أو أن طالب التنفيذ قد أخل بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي نشأ عنها الشيك أو لأنه شيك ضمان، ويقع على عاتق المنفذ ضده الذي يدعي خلاف الثابت في الأصل إقامة البينة والدليل على ما يدعيه بإثبات عدم وجود سبب أو مقابل للشيك أو أنه متحصل عليه بطرق غير مشروعة أو أن سببه قد زال ولم يتحقق أو أن طالب التنفيذ قد أخل بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي نشأ عنها الشيك أو أنه شيك ضمان أو بإثبات بالوفاء بالالتزام الأصلي أو لغير ذلك من الأسباب التي بثبوتها يفقد الشيك وصفه كسند تنفيذي، وأن استخلاص ثبوت ذلك من عدمه مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها متى كان استخلاصها سائغًا وله أصله الثابت بالأوراق.لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء إجراءات التنفيذ، وحفظ ملف التنفيذ رقم 19175 لسنة 2023 تنفيذ شيكات تأسيسًا على أنه قد ثبت من تقرير الخبرة أن الشيك سند التنفيذ هو نتيجة تعاملات تجارية بين الطاعنة والخصم المتدخل -المطعون ضدها الثانية- وأن المطعون ضدها الأولى قد سددت مبالغ مالية لصالح الطاعنة نيابة عن الخصم المتدخل، وأن السيد/محمد رفيق معيدين بلاركودي الموقع على الشيك سند التنفيذ هو مدير وشريك بنسبة (49%) في الشركتين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضدها الثانية، وأن إجمالي المترصد في ذمة الخصم المتدخل لصالح الطاعنة مبلغ 476,629.40 درهمًا، وأنه تبين لدى الخبرة الحسابية عدم أحقية الطاعنة بقيمة الشيك المحرر من المطعون ضدها الأولى لصالحها والمسحوب على مصرف عجمان بمبلغ 8,000,000 درهم. وقد خلص الحكم مما سبق إلى أن الشيك موضوع الدعوى الصادر من حساب المطعون ضدها الأولى والمحرر إلى الطاعنة غير مستحق الأداء، وأن المبالغ المترصدة نتيجة العلاقة المشار إليها في ذمة الخصم المتدخل لصالح الطاعنة أقل بكثير من قيمة الشيك سند التنفيذ، وأن المطعون ضدها الأولى كانت تسدد مبالغ لصالح الطاعنة نيابة عن الخصم المتدخل، وهو الأمر الذي يتطلب بحثًا موضوعيًا لبيان ما إذا كان هناك إخلال من قبل أحد الأطراف، ومدى استحقاق الشيك من عدمه، وهو ما يفقد الشيك سند التنفيذ صلاحيته ليكون سندًا تنفيذيًا بما لا يجوز معه وضع الصيغة التنفيذية عليه، ورتب الحكم على ذلك قضاءه المتقدم، وذلك بعد أن رفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لوجود شرط التحكيم ولانعقاد الاختصاص للقضاء الإنجليزي وفقًا للاتفاقيتين موضوع الدعوى المبرمتين بين الطاعنة والخصم المتدخل، على سند من أن المطعون ضدها الأولى محررة الشيك ليست طرفًا في هاتين الاتفاقيتين، وأنها غير ملزمة بما ورد بها، فضلًا عن أن الطاعنة قد تنازلت ضمنيًا عن حقها بالتمسك بشرط التحكيم وببنود هاتين الاتفاقيتين بقيدها للتنفيذ في مواجهة المطعون ضدها الأولى أمام محاكم دبي للمطالبة بقيمة الشيك. وهو من الحكم تسبيب سائغ له أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لكل حُجة مخالفة، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى واستخلاص توافر الشروط اللازمة لاعتبار الشيك سندًا تنفيذيًا من عدمه واستخلاص تنازل الخصم عن التمسك بشرط التحكيم صراحة أو ضمنًا من عدمه وتقدير الأدلة والمستندات، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. فضلًا عن أن البين من الأوراق أن الطاعنة قد ناقشت موضوع الدعوى بعد تدخل المطعون ضدها الثانية في الاستئناف بمذكرتها المقدمة منها بتاريخ 2-9-2024، وذلك قبل إبدائها للدفع بعدم قبول الاستئناف لوجود شرط التحكيم واختصاص القضاء الإنجليزي بنظر الدعوى بمذكرتها المقدمة منها بتاريخ 9-12-2024، كما أن النزاع الراهن المعروض على محاكم دبي قد توافر فيه معيار لاختصاصها بنظره طبقًا لقانون الإجراءات المدنية، وبالتالي فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص، كما لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة قواعده لتعلقها بالنظام العام الأمر الذى يضحى معه النعي برمته يكون على غير أساس لما تقدم ? يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى مع مصادرة مبلغ التأمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق