بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-03-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 35 لسنة2025 طعن تجاري
طاعن:
ش. ن. ل. ذ. و. م. ا. ع. ا. خ. ع. ا. ا. ع. ا.
مطعون ضده:
م. ع. ح. ا.
ش. ا. ا. ا. ا. ل. ا. ش. م. ل.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/129 أمر على عريضة تحكيم بتاريخ 09-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر -أحمد محمد عامر- والمداولة حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعنة قيدت العريضة رقم 129 لسنة 2024 أمر على عريضة تحكيم ضد المطعون ضدهما وطلبت في ختامها الحكم بعزل المطعون ضده الثاني المحكم المعين من قِبل مركز دبي للتحكيم الدولي محكمًا عن الشركة المحتكم ضدها -المطعون ضدها الأولى- ومن ثم مخاطبة مركز دبي للتحكيم الدولي لاختيار محكم جديد عن المحتكم ضدها طبقًا لمنطوق الحكم الصادر عن محكمة تمييز دبي في الطعن بالتمييز رقم 1219 لسنة 2023 تجاري دبي ليكون بجانب المحكم المعين عنها وبمخاطبة مركز دبي للتحكيم الدولي لاختيار رئيس لهيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية رقم AA240004 دبي. وذلك تأسيساً علي إنه بموجب الاتفاقية المبرمة بينها وبين المطعون ضدها الأولى تلاقت إرادتيهما على إحالة النزاعات الناشئة بينهما عن تنفيذها إلى التحكيم بهيئة ثلاثية، فيقوم كل منهما باختيار محكم عنه ثم يقوم المحكمان باختيار الثالث رئيسًا للهيئة، وقد لجأت الطاعنة من قبل إلى قيد العريضة رقم 127 لسنة 2022 أمر على عريضة تحكيم، ثم طعنت على الحكم الصادر فيها أمام محكمة التمييز في الطعن رقم 1219 لسنة 2023 تجاري بتعيين المحكم المختص بمركز دبي الدولي للتحكيم كمحكم عن المطعون ضدها الأولى ليقوم بجانب المحكم المعين من جانبها د. شعبان رأفت أحمد عبد اللطيف مدير إدارة الشؤون القانونية بغرفة التجارة والصناعة بالشارقة والمؤسسات التابعة بتعيين المحكم الثالث للفصل في النزاع القائم بين الطرفين بشأن وثيقة التأمين المبرمة بينهما. وتنفيذًا لذلك الحكم تمت مخاطبة مركز دبي للتحكيم الدولي لتنفيذه فقام بتسمية المطعون ضده الثاني كمحكم إلا أن المركز أورد فيه تعيينه باعتباره محكماً فردًا، وبمخاطبته قرر أن ذلك تم عن طريق الخطأ وأنه تم تعيين المحكم باعتباره عضوًا في هيئة التحكيم تنفيذًا لحكم محكمة التمييز المشار إليه، ورغم ذلك فإن المطعون ضده الثاني امتنع عن تنفيذ ذلك التكليف وخاطب الطاعنة باعتباره المحكم الفرد وطلب أتعاب مقدارها 1,500000 درهم رغم إبلاغه بذلك الخطأ وبأنه عضو في هيئة وليس محكمًا منفردًا، ومن ثم قيدت العريضة. وبتاريخ 9/12/2024 حكمت المحكمة برفض الطلب. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 8/1/2025 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها الأولي مذكرة بدفاعها -في الميعاد- طلبت فيها رفض الطعن ، قدم محامي المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاعه -في الميعاد- طلبت فيها رفض الطعن ، وقدمت الطاعنة مذكرة تكميلية -بعد الميعاد- . وحيث أنه لما كان النص في الفقرة الأولي من المادة 16 من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 المعنونة "إنهاء مهمة المحكم" على أنه"1. إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها، أو انقطع عن أدائها بما يؤدى إلى تأخير غير مبرر في إجراءات التحكيم أو أهمل قصدًا العمل بمقتضى اتفاق التحكيم رغم إعلانه بكافة وسائل الإعلان والتواصل المعمول بها في الدولة، ولم يتنح أو لم يتفق الأطراف على عزله، جاز للجهة المعنية بناءً على طلب أي من الأطراف وبعد سماع أقوال ودفاع المحكم إنهاء مهمته، ويكون قرارها في هذا الشأن غير قابل للطعن عليه."، يدل على أن القرار غير القابل للطعن عليه هو الصادر من الجهة المعنية -الجهة المفوَضة بالتحكيم أو المحكمة- بإنهاء مهمة المحكم، أما القرار الصادر بغير ذلك فيكون قابلًا للطعن فيه، ذلك أن حظر الطعن المشار إليه حسب صريح عبارة النص السالف ذكرها يقتصر على قرار الجهة المعنية الصادر بإنهاء مهمة المحكم، ولا يتسع إلى الحكم الصادر برفض طلب إنهاء مهمته الذى يظل قابلًا للطعن عليه بالطرق المقررة قانونًا، ومن ثم يكون الطعن الماثل جائزًا. و حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية. و حيث إن الطعن أقيم علي سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه برفض طلبها تأسيساً علي أن المطعون ضده الثاني حينما علم بتعيينه محكمًا فردًا بطريق الخطأ خاطب المحكم المرشح من قبل الطاعنة لترشيح رئيس للهيئة دون أن تتضمن أقواله ما يفيد وجود أي تعنت أو امتناع عن أداء المهمة، في حين أن المطعون ضده الثاني تعمد التغافل حتى يحصل مبلغ الأتعاب الذي حدده كمحكم منفرد بما يؤثر على حياده وعلى نحو مخالف لحكم محكمة التمييز في الطعن رقم 1219 لسنة 2023 تجاري بتعيين محكم، وكان عليه أن يرسل خطابًا الى مركز دبي للتحكيم الدولي يطلب فيه تعديل تعيينه عضوًا بهيئة التحكيم وليس محكمًا فردًا لكي يتوافق مع حكم محكمة التمييز المشار إليه وهو ما لم يحدث مما يدل على عدم حياده. كما أنه بإقراره قد اجتمع مع المحكم المعين من قِبل الطاعنة بتاريخ 26/8/2024 أي بعد أكثر من شهر من تاريخ الخطاب المرسل اليه من مركز دبي للتحكيم الدولي في 23/7/2024 ، كما استند الحكم في قضائه إلى أن محاكم دبي غير مختصة بنظر الطلب على ما قاله من أن المحكمة بموجب الحكم السابق لم تقم بتسمية المحكم وإنما تم ذلك عن طريق مركز دبي للتحكيم الدولي وهو ما يسري على الطلب الثاني بشأن تسمية رئيس هيئة التحكيم، مع أن الثابت من مراحل التداعي ان دور المركز هو تعيين محكم عن المحتكم ضدها الأولى طبقًا لمنطوق الحكم الصادر عن محكمة دبي في الطعن بالتمييز رقم 1219 لسنة 2023 تجاري، فلم يكن أمام الطاعنة من سبيل إلا أن تلجأ لمحاكم دبي، خاصة وأن رسالة مركز دبي للتحكيم المتضمنة انتهاء دور المركز بمجرد تعيين المحكم من شأنها أن تغل يد المركز عن تعيين رئيس لهيئة التحكيم ، الا أن الحكم المطعون عليه لم يقض بعزله -المطعون ضده الثاني- مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في الفقرة الأولي من المادة 16 من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 المعنونة "إنهاء مهمة المحكم" على أنه"1. إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها، أو انقطع عن أدائها بما يؤدى إلى تأخير غير مبرر في إجراءات التحكيم أو أهمل قصدًا العمل بمقتضى اتفاق التحكيم رغم إعلانه بكافة وسائل الإعلان والتواصل المعمول بها في الدولة، ولم يتنح أو لم يتفق الأطراف على عزله، جاز للجهة المعنية بناءً على طلب أي من الأطراف وبعد سماع أقوال ودفاع المحكم إنهاء مهمته، ويكون قرارها في هذا الشأن غير قابل للطعن عليه."، يدل على أنه يلزم لتدخل الجهة المعنية -الجهة المفوَضة بالتحكيم أو المحكمة- لإنهاء مهمة المحكم وعزله توفر عدة شروط، أولها: أن تتوفر أسباب تبرر عزل المحكم ومنها تعذر قيامه بمهمته أو عدم مباشرته لها أو انقطاعه عن أدائها لأسباب صحية أو اجتماعية أو وجود مانع قانوني أو فعلي يمنعه من مباشرة عمله، أو ثبوت تعمده الإهمال في العمل بمقتضى اتفاق التحكيم رغم إعلانه قانونًا، أو استخفافه بمهمته، أو تأخره عن إصدار الحكم بغير مبرر. وثانيها : أن يكون من شأن تحقق أي من الأسباب المشار إليها حدوث تأخير غير مبرر في إجراءات التحكيم، على نحو قد يضر بمصالح الأطراف، ويخضع تقدير ذلك للجهة المعنية. وثالثها : أن يرفض المحكم التنحي اختيارًا على الرغم من توفر الأسباب الموجبة لذلك. ورابعها : عدم اتفاق الطرفين على عزله رغم تحقق موجبات العزل. وخامسها : أن يطلب أحد الطرفين من الجهة المعنية عزل ذلك المحكم. فإذا توفرت هذه الشروط يجوز للجهة المعنية -بعد سماع أقوال ودفاع المحكم- أن تقرر عزله في ضوء ما تقدره على نحو موضوعي وبأسباب سائغة من أنه ليس في صالح خصومة التحكيم الإبقاء عليه. وحيث إنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المقصود باستقلال المُحَكَم، هو عدم ارتباطه بأية رابطة تبعية، أو مادية، أو اجتماعية، أو مهنية مع أحد أطراف النزاع أو وكلائهم من شأنها أن تؤثر في قراراته. أما المقصود بحياد المحكم فهو عدم انحيازه إلى جانب طرف أو ضد طرف، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في احتمال الميل تجاه أحد الطرفين ? the real danger of bias ?، أو يثير شكوكًا مبررة ? justifiable doubts ? في هذا الشأن. ومن المقرر أيضاً أنه يجب إيراد سبب الطعن على الدعامة الأساسية التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه والتي لا يستقيم له قضاء بدونها، أما تعييبه فيما استطرد إليه تزيدًا ويصح قضاؤه بدونه فيكون غير منتج وبالتالي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات التي قدمتها الطاعنة لمحكمة الموضوع أنه بتاريخ 23/7/2024 أرسل مركز دبي للتحكيم الدولي بريدًا إلكترونيًا للأطراف ومن بينهم الطاعنة أنه تم تعيين المطعون ضده الثاني كمحكم فرد بناءً على قرار المحكمة وأنه كان قد وافق بتاريخ 17/7/2024 على هذا التعيين وزود المركز بموافقته وبإعلان الحيدة والاستقلال، وأنه نظرًا لعدم اتفاق الطرفين على تطبيق قواعد المركز فينتهي دور المركز عند هذا الحد بعد أن يقوم المركز بإحالة الأوراق والمستندات إلى المحكم حتى يقوم بالتواصل مع الأطراف مباشرة والاتفاق معهم على إجراءات التحكيم وتكاليفه. وأنه في ذات اليوم اعترض محامي الطاعنة في بريد إلكتروني أرسله إلى مركز التحكيم بما يفيد أن التعيين على هذا النحو يخالف منطوق حكم محكمة تمييز دبي. وبتاريخ 24/7/2024 أرسل مركز التحكيم بريدًا إلكترونيًا للأطراف أبلغهم خلاله بأنه تم إعلام الأستاذ/ محمد الغتيت بالمنطوق الصحيح لحكم محكمة تمييز دبي وأنه قبِل أن يتم تعيينه على أساس أنه محكم معين عن الطرف المقابل. وأنه بتاريخ 30/7/2024 أرسل المحكم عن الطاعنة بريدًا إلكترونيًا إلى المطعون ضده الثاني ذكر فيه أن الأخير أرسل بريدًا إلكترونيًا للأطراف باعتباره محكمًا منفردًا على الرغم من تعيينه كمحكم عن المطعون ضدها الأولى، واختتم رسالته بطلب تحديد موعد لاجتماع مشترك لاختيار رئيس هيئة التحكيم. وفي ذات التاريخ 30/7/2024 رد المطعون ضده الثاني على الرسالة الأخيرة بأنه بعد أن اتضحت حقيقة الأمور فإن الطرفين سيعملان على تعيين رئيس لهيئة التحكيم. وأنه بتاريخ 28/8/2024 أرسل مركز التحكيم رسالة بريد إلكتروني إلى المحكمين والطرفين يستفسر فيها عما إذا كان المحكمان قد توصلا إلى اتفاق على اختيار رئيس هيئة التحكيم، وفي حال عدم اتفاقهما يمكن للمركز تعيين رئيس لهيئة التحكيم بموجب اتفاق خطي من الطرفين أو بموجب حكم من محاكم دبي، وفي الحالتين ينبغي على الأطراف تسديد مبلغ عشرة آلاف درهم كرسم تعيين لرئيس هيئة التحكيم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنة على سند من أن الثابت بالأوراق أن الخطاب الذي صدر ابتداءً من مركز دبي للتحكيم الدولي إلى المطعون ضده الثاني تضمن إبلاغه بتعيينه كمحكم فرد، وكان ذلك على سبيل الخطأ المادي من المركز، وأن المطعون ضده الثاني أورد في مذكرته الجوابية ردًا على هذه العريضة أنه بمجرد علمه بهذا الخطأ قام بمخاطبة المحكم المرشح من قبل الطاعنة لترشيح رئيس للهيئة دون أن تتضمن أقواله ما يفيد وجود أي تعنت أو بوادر امتناع عن أداء المهمة، ولم تتوافر أي من الحالات المقررة بموجب المادة المذكورة لقبول طلب إنهاء مهمته. وإذ كان هذا الذي خلُص إليه الحكم سائغًا بما له أصل ثابت بالأوراق ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكان هذا وحده كافيًا لحمل قضاء الحكم في هذا الخصوص، لا سيما في ظل غياب أي أساس قانوني لطلب عزل المحكم أو عدم حياده بانحيازه وميله للطرف الآخر في التحكيم. ولا يعيب الحكم من بعد ما استطرد إليه من أنه كان يجب اللجوء إلى المركز بطلب إنهاء مهمة المحكم أو لتسمية رئيس لهيئة التحكيم، مما يعتبر تزيدًا يستقيم الحكم بدونه إذ ليس من شأنه أيًا عن وجه الرأي فيه أن يغير من الأساس الذي أقام عليه قضاءه، ومن ثم فإن النعي برمته لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بُغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماه للمطعون ضده الثاني مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق